آخر اللَّحظات في حياة خاتم الرِّسالات

akram-h

:: عضو مُشارك ::
إنضم
1 مارس 2013
المشاركات
161
نقاط التفاعل
21
النقاط
7
بسم الله الرحمن الرحيم
في صبيحة الاثنين لعشرة أيّام خلَت من مرض النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أو أكثـر قليلاً، خرج عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه من عند رسول اللّه فتلقّاه النّاس يسألون عن حال رسول اللّه، فقالوا: يا أبا الحسن، كيف أصبح رسول اللّه؟ فقال: أصبحَ بحمد اللّه بارِئًا.
لقد أصبح هَمّ النّاس حال رسول اللّه، لا يكادون يبرحون عن داره، ولا ينصرفون إلى أشغالهم، فلمّا قيل لهم ذلك انصرف النّاس مستبشرين، ثمّ ما هي إلاّ سويعات حتّى حضره الأجل، وحانَت ساعة وفاته، وعنده ناس من قرابته، فأخَذَ يُنازِع الموت ويواجه سكراته، روى البخاري عن أنس قال: لمّا ثقل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جعل يتغشّاه فقالت فاطمة: وَاكَرَبَ أبَاهُ، فقال لها: ''ليس على أبيك كَرَبٌ بعد اليوم''.
ومع شدّة هذه اللّحظات، وعُسر الموت والنّزعات، كان لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتلفّظ بأهمّ الوصايا والتّنبيهات، فعن أم سلمة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه كان عامة وصية نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند موته: ''الصّلاة، الصّلاة، وما ملكت أيمانُكُم''، حتّى جعل نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يُلجْلِجُها في صدره وما يفيض بها لسانه، رواه أحمد.

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتكلَّف أن يُوصِي أمّته بالصّلاة لمنزلتها في الإسلام، حرصًا وإشفاقًا على أُمّتِه، ويُجهد نفسه لتُرحَم أُمّتُه، يُكابد المرض وسكرات الموت حتّى ما يقدر على الإفصاح، لكنّه في الرَّمَق الأخير يُوصي بالصّلاة الّتي هي عماد الدِّين، أن الزموها واهتمّوا لشأنها ولا تغفلوا عنها، وما ملكت أيمانُكم؛ أي ولا تهملوا ما كسبت أيديكم من المال فأدُّوا زكاتها، ويُحتمل، أيضًا، الوصية بالخدم والرّقيق من الإماء والعبيد، بأن يُحسن إليهم، كما تحتمل هذه الوصية طلب العناية بالنِّساء، اللاتي هنّ تحت عصمة الأزواج، فيَا له من ناصح أمين ومعلّم عظيم.

كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مستندًا إلى عائشة رضي اللّه عنها فقالت: رأيتُ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء، فيُدخل يده في القدح ثمّ يمسح وجهه بالماء، ثمّ يقول: ''اللّهمّ أعنّي على سَكرات الموت''. وكان من آخر أفعاله أنّه استاك بسواك.
وجاء في صحيح البخاري، عن عائشة رضي اللّه عنها كانت تقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يُدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: ''لا إله إلاّ اللّه؛ إنّ للموت سكرات''، ثمّ نصب يده - أي أقامها ورفعها مشيرًا بها إلى الأعلى- فجعل يقول: ''في الرّفيق الأعلى''، حتّى قُبِض ومالت يده. فصلّى اللّه عليك يا رسول اللّه؛ عِشتَ طيِّبًا ومِتَّ طيِّبًا، ويَحشُرك اللّه يوم القيامة في المقام عنده محمودًا.


*
المصدر: الجزائر الشيخ بشير شارف
* إمام مسجد الرّحمن - براقي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top