حجــــــرة فــي الصَبَّــــاط
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إيهٍ .. يا لمة الخير .... لا اعلم مالذي حملني من هناك الى هنا على جناحي حرف هجرته منذ زمن بعيد ولم اعد اجد له في قلبي زاوية يأوي اليها ليرتاح من وعثاء السفر ولفح الهجير في صحراء الخلوات بعيدا عن هذا العالم الذي يغلي من حولنا .. ولو اني ذكرت لاحدكم انني منذ زمن لم اقرا صحيفة ولا كتبت حرفا ينغص علي عيشي وخلوتي ولا شاهدت تلفازا .. ما وجدت من بين جمعكم الكريم ثلة تصدقني
وقد عدت هذا المساء اتهادى بين اثنين بعد ان عانيت من الم اشتد بي عندما صار ظل كل شيئ مثله
وفي يدي حمل بعير .... من ادوية يقول واصفُها انها تخفف الالم ولا ترفعه ..، ومن يدري لعل في كلامه بعض الصدق الذي لا يملك من هو في مثل حالي الا ان يصدقه .. ويقول ايضا ان هناك حصوة اوحصوتين في الكلية اليمنى ... وان الامر بسيط ولله الحمد والمنة ..
ومع مرارة الالم .. وشدته فقد لاحت على محياي ابتسامة تعجبت لها الممرضة وهي تغرس حقنتها في جسدي .. كان الأولى ان اصرخ او اتأوه .. او شيئ يرادف هذا او ذاك .. فكانت الابتسامة كالفاصلة التي لم يحسن كاتبٌ ان يختار لها مكانا بين سطوره ، وان كنت ازعم قبل هذا الألم وقبل هذا اليوم انني اختار بعناية مواقع الفواصل على السطور ..، وقد وقع في نفسي ان الممرضة تود لو تعرف سر تلك الابتسامة .. فاجبتها من غير سؤال تخمينا وقلت : الحمد لله ان الحصوة في الكلية .. وليست في ( الصّبَّاط ) .. ..مع اني الى غاية يومنا هذا لا اعرف كيف اجد تفسيرا منطقيا للحصوة او الحجرة التي في الصباط .. والمثل يوشك ان يكون سائرا بين الناس في مجالسهم .. حتى صار حكمة من حكم العامة يتوكأ عليها كل ذي بال يهم به ولا يدركه ..
والحصوة او الحجرة في الصباط لها حكاية كبيرة في اوطاننا
فما من امر ذا شأن الا وله حجرة وصبَّاط .. وما اكثر ما يعاني البسطاء من تلك الحجرة التي في الصبَّاط حتى اني لاعتقد جازما ان المواطن البسيط يتمنى لو انه يقطع المسافة بين حقه وباطله حافيا مجانبا لتلك الحجرة التي تعكر عليه صفو حياته ..
يبدو ان الدواء قد أثَّر على تفكير ويوشك ان يكون حجرة في صبَّاط عقلي واخشى ان يفهمني قارئ على غير الوجه الذي اردته او قصدته .. واعترف انني لم اجد ما يمكن ان استهل به مشاركتي في لمة الخير سوى هذه الكلمات على استحياء مني
فإن وجدت لها شيئا من الرضى في القلوب فلله الحمد والمنة وان كانت الاخرى فلتكن حجرة جديدة في صبّاط خَلِقٍ .. يحتاج الى تغيير سريع في زمن اصبح تغيير الحذاء فيه أو الصبَّاط يكلف الكثير الكثير وربما اصعب من تغيير ممالك الارض كلها ..
حياكم الله
بقلم حافي القدمين
سراي علي بن احمد / مدينة الجلفة