مفهوم محبة النبي صلى الله عليه وسلم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
نعلم أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان، والأحاديث في ذلك كثيرة جداً، ولكن
لا بد من التنبيه على أمر هام يخطئ في فهمه كثير من الناس، وهو مفهوم محبة النبي صلى الله عليه
وسلم هل هي مجرد ذكره باللسان؟ وإقامة المواليد والخرافات؟ أم أن هناك شيئاً آخر.
إن مفهوم محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- تقتضي تحقيق المتابعة له، وموافقته في حب ما يحب
وبغض ما يبغض، فمن أحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- محبة صادقة من قلبه، أوجب له ذلك أن يحب
ما يحبه الرسول ويكره ما يكرهه، وأن يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض، فإن عمل بجوارحه
شيئاً يخالف ذلك؛ بأن ارتكب بعض ما يكرهه الرسول، أو ترك ما يحبه مع وجوبه والقدرة عليه، دل ذلك
على نقص محبته الواجبة عليه، فجميع المعاصي إنما تنشأ في تقديم هوى النفس على محبة الله
ورسوله، وبهذا وصف الله المشركين في كتابه، فقال:{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[القصص: 50].
أخي! كيف تعرف هل تحب الرسول صلى الله عليه وسلم أم أنك لا تحبه؟
إن هناك دلائل وحقائق لحب النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه:
أولاً: تقديم محبة النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وأوامره على من سواه، وتعظيم ذلك، بدءاً من
المحبة القلبية وتمنّي رؤيته وصحبته، وانتهاءً بالعمل بشريعته ظاهراً وباطناً، عن محبة وشوق، كا قال
صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))[رواه
البخاري (15)، ومسلم (44).]، ويتجلى هذا الحب إذا تعارض مع أحمد هذه المحبوبات ما أحبه الله
ورسوله ورضيه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: سلوك الأدب معه: ويتحقق بالآتي:
1. الثناء عليه بما هو أهلهلقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ علي))[
رواه أحمد والترمذي والنسائي والحاكم وصححه الألباني]، وقال: ((رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلِّ
علي))[رواه أحمد (3545)، والترمذي (7451)].
2. الإكثار من ذكره،والتشوق لرؤيته، وتعداد فضائله، وخصائصه، ومعجزاته، ودلائل نبوته، وتعريف الناس بسنته، وتعليمهم إياها.
3. التأدب عند ذكره: فلا يذكر باسمه مجرداً، فلا يقال (محمد) فقط، بل يوصف بالنبوة أو الرسالة، ولهذا كان يناديه الصحابة بـ(يا نبي الله) أو (يا رسول الله).
4. الأدب في مسجده وكذا عند قبره، وترك اللغط ورفع الأصوات.
5. توقير حديثه: إذا سمع الإنسان حديث رسول الله يحترمه ويستمع إليه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا
أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}[الحجرات: 2].
6. : تصديقه فيما أخبر به.
ثالثاً: اتباعه وطاعته والاهتداء بهديه:
فالأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله أنها للاتباع والعمل؛ لقوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي
رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ..}[الأحزاب: 21]، وقال: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن
كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء: 59].
وقد قال صلى الله عليه وسلم مبيناً وجوب اتباعه والاقتداء به: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))[ رواه البخاري
(605)]. وقال: ((لتأخذوا مناسككم[رواه مسلم (1297)]، وقوله: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة
ضلالة)[رواه الإمام أحمد (17145)، وأبو داود (4609) والترمذي (2676)، وصححه الألباني].
خامساً: التحاكم إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا المحك والاختبار العصيب؛ لأنه بذلك يتبين
مدى كسر النفس لهواها، واتباع الحق المبين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا نعلم أنه لا إيمان
لمن لم يحتكم إلى شريعته، ويسلم له تسليماً، كما قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا
شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[النساء: 65]. وهنا يتضح لنا زيف
كثير من الادعاءات التي يدندن بها أهل البدع اليوم، من دعوى حبهم للرسول وتعظيمه، بماذا؟ باللسان
فقط، أو بإقامة الموالد وغيرها، مع أنهم في الواقع مخالفون لسنته كل المخالفة! وإذا قيل لأحدهم اتبع
سنته عند التشاجر والاختلاف {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}[النساء: 61] ولهذا فضح الله
المنافقين بقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن
يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا}[النساء: 60].
رابعاً: الذب عنه وعن سنته وزوجاته وأصحابه الكرام:
ما أعظم أن يكون الإنسان جندياً من جنود الله يسخره على الظلمة الذين يطعنون في نبيه صلى الله عليه
وسلم وينالون من شخصه الكريم، ومن لوازم محبة الرسول: الدفاع عنه والذب عن سنته. والدفاع عنه
صلى الله عليه وسلم يقتضي أموراً:
1. الدفاع عن أصحابه:لأن الأمة أجمعت على أن جميعهم ثقات عدول كما قال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}[الفتح:
18]. وقال: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا
مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ..}[الفتح: 29]، وذلك يتم بمحبتهم والترضي
عنهم، والاهتداء بهديهم كما قال: ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها
بالنواجذ..))، ولم يخالف إلا الروافض لعنهم الله من الشيعة الذين أبغضوا أصحاب محمد! وهذه الفرقة
والطائفة هم أقبح كفراً من اليهود والنصارى؛ لأن أولئك يعظمون أصحاب أنبيائهم، وهؤلاء طعنوا فيهم،
وبالتالي يعد هذا طعناً في الإسلام.
2. الذب عن زوجاته: الطاهرات العفيفات الكريمات، والرد على من انتهك حرمة الرسول من الروافض
الملاعين، الذين لا زالوا يمشون على خطى عبد الله بن أبي بل وأقبح! فهم لا يألون جهداً في الحط من
نسائه، وخاصة أم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها، مع أن الله برأها بصريح القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ
جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي
تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النــور: 11] الآيات.
خامساً: الدفاع عن سنته ونشرها: قال صلى الله عليه وسلم: ((فليبلغ الشاهد الغائب))[رواه البخاري
(1652)، ومسلم (1679)]، وقال: ((نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع فرب مبلغ أوعى من
سامع))[رواه الترمذي (2657) وصححه الألباني]، وقال: ((بلغوا عني ولو آية))[ رواه البخاري (3274)].
إن المبتدعة وإن زعموا أنهم يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يحبون نشر سنته، بل ويسعون
لكتمانها إرضاء لشهواتهم، أو أتباعهم وساداتهم، أو تقليداً لمن لا يستحق التقليد.
بهذا العرض السريع لمفهوم محبة النبي صلى الله عليه وسلم يتضح لنا: أن المحبة للنبي صلى الله عليه
وسلم ليست دعوى باللسان أو شعائر معينة يذكر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم كالمولد ونحوه،
ولكنها أعمال واتباع وانقياد وحب ووفاء. إن هؤلاء الزاعمين لمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ليعملون
في موالدهم ومناسباتهم أشياء تخالف سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، فهل بعد هذا يعقل الشاردون
ويعودون إلى رشدهم.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. والحمد لله رب العالمين.
منقول
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
نعلم أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان، والأحاديث في ذلك كثيرة جداً، ولكن
لا بد من التنبيه على أمر هام يخطئ في فهمه كثير من الناس، وهو مفهوم محبة النبي صلى الله عليه
وسلم هل هي مجرد ذكره باللسان؟ وإقامة المواليد والخرافات؟ أم أن هناك شيئاً آخر.
إن مفهوم محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- تقتضي تحقيق المتابعة له، وموافقته في حب ما يحب
وبغض ما يبغض، فمن أحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- محبة صادقة من قلبه، أوجب له ذلك أن يحب
ما يحبه الرسول ويكره ما يكرهه، وأن يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض، فإن عمل بجوارحه
شيئاً يخالف ذلك؛ بأن ارتكب بعض ما يكرهه الرسول، أو ترك ما يحبه مع وجوبه والقدرة عليه، دل ذلك
على نقص محبته الواجبة عليه، فجميع المعاصي إنما تنشأ في تقديم هوى النفس على محبة الله
ورسوله، وبهذا وصف الله المشركين في كتابه، فقال:{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[القصص: 50].
أخي! كيف تعرف هل تحب الرسول صلى الله عليه وسلم أم أنك لا تحبه؟
إن هناك دلائل وحقائق لحب النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه:
أولاً: تقديم محبة النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وأوامره على من سواه، وتعظيم ذلك، بدءاً من
المحبة القلبية وتمنّي رؤيته وصحبته، وانتهاءً بالعمل بشريعته ظاهراً وباطناً، عن محبة وشوق، كا قال
صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))[رواه
البخاري (15)، ومسلم (44).]، ويتجلى هذا الحب إذا تعارض مع أحمد هذه المحبوبات ما أحبه الله
ورسوله ورضيه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: سلوك الأدب معه: ويتحقق بالآتي:
1. الثناء عليه بما هو أهلهلقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ علي))[
رواه أحمد والترمذي والنسائي والحاكم وصححه الألباني]، وقال: ((رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلِّ
علي))[رواه أحمد (3545)، والترمذي (7451)].
2. الإكثار من ذكره،والتشوق لرؤيته، وتعداد فضائله، وخصائصه، ومعجزاته، ودلائل نبوته، وتعريف الناس بسنته، وتعليمهم إياها.
3. التأدب عند ذكره: فلا يذكر باسمه مجرداً، فلا يقال (محمد) فقط، بل يوصف بالنبوة أو الرسالة، ولهذا كان يناديه الصحابة بـ(يا نبي الله) أو (يا رسول الله).
4. الأدب في مسجده وكذا عند قبره، وترك اللغط ورفع الأصوات.
5. توقير حديثه: إذا سمع الإنسان حديث رسول الله يحترمه ويستمع إليه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا
أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}[الحجرات: 2].
6. : تصديقه فيما أخبر به.
ثالثاً: اتباعه وطاعته والاهتداء بهديه:
فالأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله أنها للاتباع والعمل؛ لقوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي
رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ..}[الأحزاب: 21]، وقال: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن
كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء: 59].
وقد قال صلى الله عليه وسلم مبيناً وجوب اتباعه والاقتداء به: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))[ رواه البخاري
(605)]. وقال: ((لتأخذوا مناسككم[رواه مسلم (1297)]، وقوله: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة
ضلالة)[رواه الإمام أحمد (17145)، وأبو داود (4609) والترمذي (2676)، وصححه الألباني].
خامساً: التحاكم إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا المحك والاختبار العصيب؛ لأنه بذلك يتبين
مدى كسر النفس لهواها، واتباع الحق المبين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا نعلم أنه لا إيمان
لمن لم يحتكم إلى شريعته، ويسلم له تسليماً، كما قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا
شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[النساء: 65]. وهنا يتضح لنا زيف
كثير من الادعاءات التي يدندن بها أهل البدع اليوم، من دعوى حبهم للرسول وتعظيمه، بماذا؟ باللسان
فقط، أو بإقامة الموالد وغيرها، مع أنهم في الواقع مخالفون لسنته كل المخالفة! وإذا قيل لأحدهم اتبع
سنته عند التشاجر والاختلاف {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}[النساء: 61] ولهذا فضح الله
المنافقين بقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن
يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا}[النساء: 60].
رابعاً: الذب عنه وعن سنته وزوجاته وأصحابه الكرام:
ما أعظم أن يكون الإنسان جندياً من جنود الله يسخره على الظلمة الذين يطعنون في نبيه صلى الله عليه
وسلم وينالون من شخصه الكريم، ومن لوازم محبة الرسول: الدفاع عنه والذب عن سنته. والدفاع عنه
صلى الله عليه وسلم يقتضي أموراً:
1. الدفاع عن أصحابه:لأن الأمة أجمعت على أن جميعهم ثقات عدول كما قال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}[الفتح:
18]. وقال: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا
مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ..}[الفتح: 29]، وذلك يتم بمحبتهم والترضي
عنهم، والاهتداء بهديهم كما قال: ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها
بالنواجذ..))، ولم يخالف إلا الروافض لعنهم الله من الشيعة الذين أبغضوا أصحاب محمد! وهذه الفرقة
والطائفة هم أقبح كفراً من اليهود والنصارى؛ لأن أولئك يعظمون أصحاب أنبيائهم، وهؤلاء طعنوا فيهم،
وبالتالي يعد هذا طعناً في الإسلام.
2. الذب عن زوجاته: الطاهرات العفيفات الكريمات، والرد على من انتهك حرمة الرسول من الروافض
الملاعين، الذين لا زالوا يمشون على خطى عبد الله بن أبي بل وأقبح! فهم لا يألون جهداً في الحط من
نسائه، وخاصة أم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها، مع أن الله برأها بصريح القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ
جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي
تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النــور: 11] الآيات.
خامساً: الدفاع عن سنته ونشرها: قال صلى الله عليه وسلم: ((فليبلغ الشاهد الغائب))[رواه البخاري
(1652)، ومسلم (1679)]، وقال: ((نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع فرب مبلغ أوعى من
سامع))[رواه الترمذي (2657) وصححه الألباني]، وقال: ((بلغوا عني ولو آية))[ رواه البخاري (3274)].
إن المبتدعة وإن زعموا أنهم يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يحبون نشر سنته، بل ويسعون
لكتمانها إرضاء لشهواتهم، أو أتباعهم وساداتهم، أو تقليداً لمن لا يستحق التقليد.
بهذا العرض السريع لمفهوم محبة النبي صلى الله عليه وسلم يتضح لنا: أن المحبة للنبي صلى الله عليه
وسلم ليست دعوى باللسان أو شعائر معينة يذكر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم كالمولد ونحوه،
ولكنها أعمال واتباع وانقياد وحب ووفاء. إن هؤلاء الزاعمين لمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ليعملون
في موالدهم ومناسباتهم أشياء تخالف سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، فهل بعد هذا يعقل الشاردون
ويعودون إلى رشدهم.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. والحمد لله رب العالمين.
منقول