×?°تأثير التلفزيون على الأطفال×?°
هل مشاهدة التلفزيون ضرر يؤذي الطفل ؟ أم أنه قد يوسع مداركه ؟ جرت مؤخراً دراسة علمية حول
هذا الموضوع ، للتعرُّف على الفوائد والأضرار في ظاهرة إدمان الأطفال على
مشاهدة برامج هذا الجهاز السحري .
فهل هذا الانغماس الكلي للأطفال يعوقُ نموَّهم ، بسبب حرمانهم من الحركة النشطة اللازمة لهم ،
في هذه المرحلة من النمو ؟ ، وهل يؤثر على جهازهم العصبي ؟ أم لا ؟
وتزداد المشكلة في أن كثير من الأمهات يعتمِدْنَ على التلفزيون - كبديل للمربِّيات - لإلهاء الأطفال
عن متاعب تكون أكثر ضرراً أثناء انشغال الأمهات في أعمالهن المنزلية .
تقول باحثة إنجليزية : إننا نشاهد كل برامج الأطفال الصباحية ، ووقت الظهيرة ، وفي المساء ،
ولكننا لا نقدر أن نتصور ماذا ستفعل الأم لو لم يكن عندها مثل هذا الجهاز ؟
وحتى الأطفال الرُضَّع يستمتعون بكل الحركات ، والألوان ، والأصوات الناجمة عن هذا الجهاز ،
كما أنهم يتفاعلون معها لأن لهم القدرة على ملاحظة كل ما يقدم إليهم من أحداث وألوان .
لكل مرحلة برنامج :
ولكن هل يدرك الأطفال الصغار ما يدور في جهاز التلفزيون من أحداث ؟ يقول أحد الباحثين :
حتى الأطفال الصغار يُدرِكون أدَقَّ الأحداث ، ولكن قد تتفاوَتْ من مرحلة إلى أخرى .
فالأطفال من سِنِّ ستة أشهر ، وحتى سنة يُحِبّون مشاهدة الأحداث المتكررة في برامج التلفزيون ،
وعلى هذا فتُعتبر إعلانات التلفزيون المختلفة مع تكرارها البرنامج المفضل لدى هذه المرحلة من العمر .
أما الأطفال في سِنِّ عامين ، فيبدءون بإدراك الخط العام للقصص الصغيرة ، والأطفال بين العامين
والثلاثة أعوام ، تكون لديهم البديهة الجَيِّدة لتفهم الوضع الإجمالي حولهم .
والأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة ، أي في سِنِّ الرابعة من العمر ، تكون لديهم القدرة على جمع
كثير من الأحداث في آنٍ واحد ، دون ترتيب لما يسمعونه أو يشاهدونه .
لذلك يمكنك مساعدة طفلك في ربط أحداثِ التلفزيون ، ما بين الماضي والحاضر ، والتحرك معه
من حدث إلى آخر ، ومن مشهدٍ إلى مشهد .
فك الألغاز :
يجب متابعة الطفل في تفهُّم الأحداث ، ومساعدته في التفاعل معها ، وبالصورة الصحيحة .
إن التحول من شكلٍ ومشهدٍ إلى آخر يجب الوقوف أمامه ، وترجمته للطفل أولاً بأول ،
حتى تصل المعلومة إلى ذهنه ، وإلى خياله ، بالصورة الصحيحة دون خلط ، فمثلاً ، قصص الأطفال ،
نرى أنها مُكتَظَّة بالأحداث ، كما أنها تنتقل من حدث إلى حدثٍ بسرعة خاطفة .
وهذا التفسير ، أو ما نطلق عليه كلمة ( الترجمة ) هو شيء مُهِم ، لأن الأطفال يحتاجون إلى تعلم
الفن التكتيكي لمشاهدة أحداث التلفزيون ، كي يستوعبون مثل هذا التغير .
أما مُدَّة مشاهدة الطفل لجهاز التلفزيون فإنها تختلف من مرحلة إلى أخرى ، فالطفل في سِنِّ الرابعة
من العمر ، قد يشاهد التلفزيون أربع ساعات يومياً ، أما الأطفال الصغار فقد يشاهدونه اكثر من ذلك .
تأثير التلفزيون :
في مؤتمر دولي للطفل ، أقيم في إحدى جامعات ( لندن ) ، تَحدَّث أحد الباحثين الذين حضروا ،
بأن لديه طفل يبلغ من العمر سنة واحدة حيث قال : إن جهاز التلفزيون مُشكلة كبرى ،
بمعنى أن له من السَّلبية والخطورة ما يؤذي الطفل .
والبعض الأخر من الباحثين يركّزون على الأطفال أنفسهم ، وعلاقاتهم بالتلفزيون ،
وعندما نبدأ في وصفِ ، أو تسجيلِ ما يدور في عقل الطفل حول هذا الجهاز ،
فسوف نجد أن عقله مملوء بأشياء قد لا نتخيلها .
فالأطفال الرُّضَّع يتحوَّلون إلى جهاز التلفزيون باعتبار أن فيه قوة خَلاقة ، خَفيَّة ، مجهولة ،
تكمن في حركة الأشخاص داخله ، فالطفل من ابن يومين ، وحتى سن الست سنوات ،
يبدأ في رؤية مثل هذا العمل الإعجازي ، ويبدأ في التفكير مليّاً ويتساءل : ما الذي على الشاشة ؟
ومن أين جاء ؟
ويقول أحد الخبراء في ( لندن ) : إن الأطفال في سن 12 شهرا يقلِّدون ما يشاهدونه أو يسمعونه
على شاشة التلفزيون ، ولكن أيُّهما أكثر ضرراً : أشعة التلفزيون ، أم ضوء الفلورسنت ؟
سُئل أحد أطباء العيون عن تأثير مشاهدة التلفزيون على إبصار الطفل ، فقال :
إنه من الطبيعي على الأم أن تقول انه من الخطورة الكبرى مشاهدة الطفل للتلفزيون مدة طويلة ،
وخصوصاً إذا شاهده عن قرب ، وذلك خوفاً على مدى إبصاره .
ولكن الجواب الأصوب هو : إن الأطفال الرُّضَّع والصغار منهم سوف لا يتضرَّرُون من هذا وذاك ،
بسبب تركيزهم المحدود ، فكلما اقترب الشخص من الشاشة ، كلما تكيَّفَت العضلات المحيطة بالعين
لمراقبة التلفزيون ، وكلما بعد الشخص عن الشاشة كلما قلت درجة تَكيُّف العين .
والأطفال لهم درجة كبيرة من التكيُّف لأشعة التلفزيون ، وليست هناك أي مشكلة ،
ومن ناحية أخرى نجد أن الأمَّهات يَكُنَّ قَلِقَات تجاه انبعاث أشعة ضارَّة من الجهاز .
فيقول أحد الخبراء المتخصصين في طِبِّ العيون : إنه بعد كل القياسات التي تم إجراؤها ،
تبيَّن أن الأشعة الخارجة من التلفزيون تعتبر ضئيلة جداً ، إذا ما قيست بالأشعة الخارجة
من ضوء الفلورسنت ، أو الشمس .
ويرى المتخصصون أن هناك واجباً على أولياء الأمور تجاه أطفالهم ، خاصة الأمهات ،
إذ عَليهِنَّ اتِّباع بعض الإرشادات التي يمكن تلخيصها بما يأتي :
الأول :
اختاري البرنامج التلفزيوني طِبقاً لعمر طفلك ، فالأطفال يحبون الألوان الفاتحة ، والحركة ، والصوت ،
كما أن الأطفال الصغار يميلون إلى القصص البسيطة ، والأشياء التي تتناسب مع ظروف حياتهم المعيشية .
الثاني :
اختاري برامج تلفزيونية متنوِّعة ، مثل برامج الرسوم المتحركة ، أو برامج مُسلِّية أخرى ،
فكل هذه البرامج وُضِعت خِصِّيصاً للأطفال في سِنِّ الرابعة .
الثالث :
عندما تشاهدين مع طفلك برنامجاً تلفزيونياً ، حاولي أن تساعديه في أن يتفاعل حِسِّياً مع ما يشاهده
على الشاشة ، وحاولي أن توضِّحي له علاقة ما يقدِّمه التلفزيون بحياتنا اليومية .
الرابع :
لا تشعري بالذنب تجاه استخدامك لجهاز التلفزيون ، واعتباره الجهاز الذي يلهي طفلك بعيداً عنك ،
عندما تؤدِّين أي عمل خاص بك ، من حين لآخر ، ولكن ضعي طفلك أمام التلفزيون عندما تقرئين مثلاً .
الخامس :
لا تشاهدي كل البرامج التلفزيونية الخاصَّة بك ، بدون برنامج مُسَلٍّ يناسب طفلك ويناسبك .
السادس :
إذا لم تكوني بجوار طفلك أثناء مشاهدته التلفزيون ، فحاولي أن تقدمي له البرنامج الذي يساعده ،
وينمِّي ذاكرته ، وقدرته العقلية .
السابع :
حاولي أن تساعدي طفلك كي يكون ناقداً لما يراه ، واختاري له البرامج التي تناسبه .
التلفزيون والعنف :
هل يزيد التلفزيون من عنف طفلك ، عندما يشاهد فِيلماً فيه القتل ، وسفك الدماء ؟!
ألا يعتبر هذا الفيلم حقيقة تؤثِّر في حياته بصورة عكسية ؟ وتقلب هدوءه إلى ثورة ؟ وتزيد من عُنفه ؟
حيث يُقلِّد ما يسمعه أو يشاهده ؟
يقول أحد الباحثين : إن الأطفال عندما يشاهدون فيلماً فيه الإجرام ، وسفك الدماء ، لا ينقلونه إلى
وُجدانهم بصورة أوتوماتيكية ، على أنهم سَفَّاحون ، أو سفَّاكون للدماء ، ويجب أن نسأل أطفالنا :
هل يفصلون بين الواقعية والمزاح ؟ .
ويقول هذا الباحث : إن ابني - وهو ابن اثني عشر شهراً - يعرف جيداً بين المباراة الكرويَّة ، والحقيقة،
فالعنف تجاه الكُرَة في الملعب ، يختلف عن العنف تجاه الإنسان نفسه .