المقامة الاصفهائية

إنضم
8 فيفري 2013
المشاركات
782
نقاط التفاعل
1,049
النقاط
51
العمر
25
حدثنا عيسى بن هشام قال : كنت بأصفهان أعتزم المسير الى الري فحللتها حلول الفي . اتوقع القافلة كل لمحة . و اترقب الراحلة كل صبحة . فلما حم ما توقعته . نودي للصلاة نداء سمعته . و تعين فرض الاجابة . فانسللت من بين الصحابة اغتنم الجماعة ادركها . و اخشى فوت القافلة اتركها . لكني استعنت ببركات الصلاة على وعثاء الفلاة فصرت الى اول الصفوف . و مثلت للوقوف . و تقدم الامام الى المحراب . فقرأ فاتحة الكتاب بقراءة حمزة . مدة و همزة . و بي الغم المقيم المقعد في فوت القافلة . و البعد عن الراحلة . واتبع الفاتحة الواقعة و انا اتصلى نار الصبر و اتصلب و اتقلى على جمر الغيظ و اتقلب . و ليس الا السكوت و الصبر او الكلام و القبر . لما عرفت من خشونة القوم في ذلك المقام . ان لو قطعت الصلاة دون السلام . فوقفت بقدم الضرورة الى انتهاء السورة . و قد قنطت من القافلة . و ايست من الرحل و الراحلة . ثم حنى قوسه للركوع .بنوع من الخشوع . و ضرب من الخضوع . لم اعهده من قبل . ثم رفع راسه و يده . و قال سمع الله لمن حمده و قام حتى ما شككت انه قد قام .ضرب بيمينه و اكب لجبينه . ثم انكب لوجهه . و رعت راسي انتهز فرصة فلم ار بين الصفوف فرجة .. فعدت للسجود . حتى كبر للقعود . و قام الى الركعة الثانية . فقرا الفاتحة و القارعة قراءة استوفى بها عمر الساعة و استنزف ارواح الجماعة . فلما فرغ من ركعهتيه . و اقبل على التشهد بلحيته . و مال الى التحية بأخدعيه . و قلت قد سهل الله المخرج . و قرب الفرج . قام رجل و قال : من كان منكم يحب الصحابة و الجماعة فليعرني سمعه ساعة . قال عيسى ابن هشام : فلزمت ارضي صيانة لعرضي . فقال : حقيق علي ان لا اقول غير الحق و لا اشهد الا بالصدق . قد جئتكم ببشارة من نبيكم لكني لا اؤديها حتى يطهر الله هذا المسجد من كل نذل يجحد نبوءته . قال عيسى ابن هشام : فربطني بالقيود . و شدني بالحبال السود . ثم قال : رأيته صلى الله عليه و سلم في المنام كالشمس تحت الغمام . و البدر ليل التمام . يسير و النجوم تتبعه و يسحب الذيل و الملائكة ترفعه . ثم علمني دعاء اوصاني ان اعلم ذلك امته . فكتبته على هذه الاوراق بخلوق و مسك . و زعفران و سك . فمن استوهبه مني وهبته و من رد علي ثمن القرطاس اخذته .
قال عيسى ابن هشام : فلقد انثالت عليه الدراهم حتى حيرته و خرج فتبعته متعجبا من حذقه بزرقه و تمحل رزقه . و هممت بمسألته عن حاله فأمسكت . و بمكالمته فسكت . و تأملت فصاحته في وثاحته و ملاحته في استماحته . و ربطه الناس بحيلته . و اخذه المال بوسيلته . و نظرت فاذا هو ابو الفتح الاسكندري . فقلت : كيف اهتديت الى هذه الحيلة فتبسم و أنشأ يقول :
الناس حمر فجوز *** و ابرز عليهم و برز
حتى اذا نلت منهم *** ما تشتهيه ففروز

بديع الزمان الهمداني
 
رد: المقامة الاصفهائية

السلام عليكم

مقامات في القمة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top