ثلاثون وصية نبوية للعروسين ليلة الزفاف
الوصية الأولي : دعاء المدعويين للزوج و الزوجة
الوصية بدعاء المدعويين للزوج والزوجة يستحب أن يقوم المدعوون بالدعاء للزوجين كما ورد في السنة
النبوية، وذلك ليلة الزفاف، وما بعدها.
يروي أبو هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان، إذا تزوج، قال: (( بارك الله لك، وبارك عليك،وجمع بينكما في خير )) حديث صحيح . أخرجه أحمد (2/38 ) ، وأبو داود (2130 ) ، والترمذي (1097) ، وابن ماجة (708) ، والدارمي (2/ 134 ) ، وابن حبان (1284 ) ، والحاكم (2/ 183 ) و صححه وأقره الذهبي .
((رفَّأ )) بفتح الراء، وتشديد الفاء معناه : دعا له، والرفاء : الإلتئام والإتفاق، والبركة والنماء .
وقد كان أهل الجاهلية يقولون لمن تزوج : بالرفاء والبنين، فجاء الإسلام بالدعاء للزوج بالبركة ، وقدمها الإسلام على هذا الدعاء
الجاهلي لما فيه من التنفير عن البنات، والتقدير لبغضهن في قلوب الرجال لكونه من دأب الجاهلية.
وقد بدأ النبي عليه الصلاة والسلام بقوله : (( بارك الله لك )) أي بارك الله لك في هذا الأمر، ثم ترقى منه، ودعا لهما،
(( وبارك عليك )) لأن المراد في الذراري والنسل، لأنه المطلوب بالتزوج، وحسن المعاشرة، والموافقة، والاستمتاع بينهما على المطلوب
الأول هو النسل، وهذا تابع.
الوصية الثانية : الدعاء للمتزوج ليلة الزفاف
الوصية بالدعاء للمتزوج ليلة الزفاف
ثبت في السنة النبوية الوصية بالدعاء للمتزوج، واستحباب القيام بذلك. والدعاء للمتزوج يكون بالبركة، وأما الدعاء بدعاء الجاهلية (بالرفاء والبنين) فقد نهى الشرع الإسلامي عن ذلك.
روي أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرةٍ، فقال : (( ماهذا )) . قال : إني تزوجت إمرأة على وزن نواةٍ من ذهب.
. قال عليه الصلاة والسلام : (( بارك الله لك )) حديث صحيح أخرجه البخاري (7/85 )، ومسلم (1426 ) ، والترمذي (1100 ) ، والنسائي (6/ 128 ) ، وابن ماجة (1907 ) , عبد الرزاق ( 10457) ، والدارمي ( 2/ 143 ) ، والبيهقي (7/80/148 ) في سننه الكبرى
تزوج ابن عوف، ورؤي عليه أثر الصفرة يعني الزعفران، وقد ثبت في الصحيح من السنة النبوية النهي عن التزعفر للرجال، وكذا النهي عن اَلخُلوق لأنه شعار النساء، وقد نهي الرجال عن التشبه بالنساء.
فهلا تمسكنا بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم بلدعاء للعروسين في ليلة الزفاف بالبركة ؟
هذا ما أرجوه، وهذا ما أتمناه.
الوصية الثالثة : اللهو المباح في ليلة الزفاف
من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للعروسين في ليلة الزفاف كما ورد في السنة النبوية : اللهو المباح.
تروي عائشة – رضي الله عنها – أنها زفَّت إمرأة إلى رجلٍ من الأنصار، فقال نبي الله : "يا عائشة، ما كان معكم لهو؟، فإن الأنصار يعجبهم اللهو " حديث صحيح . أخرجه البخاري (5162 ), الحاكم (2/ 184) , والبيهقي ( 7 / 288 ) في سننه الكبرى
وفي روايةٍ أخرى : أن النبي قال : (( مافعلت فلانة؟ )) ليتيمةٍ كانت عندها.
فقالت أهديناها إلى زوجها، فقال: (( هل بعثتم معها جارية تضر ب الد ف وتغني )) .
قالت: ماذا تقول؟قال:" تقول :
أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم
لولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم
لولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم حديث حسن لغيره . رواه الطبراني في الأوسط كما في المجمع ( 4/ 289 ) وسنده فيه ضعف ، وله شواهد عن أنس بن مالك ، وجابر ، وابن عباس ، وعائشة رضي الله عنهم .
وتقول الرُّبيع بنت معوذ – رضي الله عنها - : جاء رسول الله فدخل علي صبيحة بُنِيَ بي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، فجعلن
جويريات يضربن بدفًّ لهن، ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر، إلى أن قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في الغد .فقال عليه الصلاة والسلام: (( دعي هذا، وقولي الذي كنت تقولين)) حديث صحيح أخرجه البخاري ( 4001) ، ( 5147) وأبو داود ( 4922) وابن ماجة ( 1897 ) ، البغوي ( 2265 ) في شرح السنة ، والبيهقي ( 7/ 289 ) وأخرجه ابن سعد (8/477) في طبقاته ، وأحمد ( 2/ 360 ) بلفظ : "أما هذا فلا تقولوه " وأخرجه الترمذي (1096 ) بلفظ " اسكتى عن هذا وقولي الذي كنتِ تقولين " .
((بُنِيَ بي )) : البناء هو الدخول بالزوجة، وبيَّن ابن سعد في الطبقات الكبرى ( 8 /447 )أنها تزوجت حينئذٍ إياس بن البكير، وأنها ولدت له محمد بن إياس.
(( كمجلسك )) أي : مكانك، وهو محمو ٌل على أن ذلك كان من وراء حجاب، أو كان قبل نزول آية الحجاب، أو جاز النظر للحاجة أو عند الأمن من الفتنة.
قال ابن حجر العسقلاني : والأخير هو المعتمد، والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها وهو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام بنت ملحان في دخوله
عليها ، ونومِه عندها وتَفْلِيتها رأسه، ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية.
وجوز الكرماني أن تكون الرواية : (( مجَلسَك )) بفتح اللام، أي :جلوسك ولا إشكال فيهافتح الباري ( 9/ 203 )
(( يندُبْن )) من النُّدْبه بضم النون، وهي ذكر أوصاف الميت بالثناء عليه، وتعديد محاسنه بالكرم والشجاعة ونحوها، وهو مما يهيج الشوق
إليه، والبكاء عليه.ويؤخذ من هذه الوصية النبوية :إعلان النكاح، وضربُ الدف فيه مستحب.
جواز سماع الضرب بالدف صبيحة العرس.
حرمة نسبة علم الغيب لأحدٍ من المخلوقين.
إقبال الإمام إلى العرس، وإن كان فيه لهو ما لم يخرج عن حد اُلمباح.جواز مدحِ الرجل في وجهه ما لم يخرج إلى ما ليس فيه.
للعروسين في ليلة الزفاف، سائلا ربي المزيد من التوفيق
الوصية الرابعة : الإعلان و الضرب بالدف
الوصية بالاعلان والضرب بالدف
ومن وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للعروسين في ليلة الزفاف:
(( الإعلان والضرب بالدف )) . يقول عبد الله بن الزبير – رضي الله عنهما – قال رسول الله : " أعلنوا النكاح " حديث صحيح أخرجه أحمد (5/4 ) والبزار والطبراني في الكبير كما في المجمع (289/4) وقال الهيثمي رجال أحمد ثقات وأخرجه ابن حبان (147/6 ) والحاكم (97/2 ) وصححه وأقره الذهبي
أي : أظهروه إظهارًا للسرور، وتفرقًة بينه وبين غيره من المآدب،
وهذا نهي عن زواج السر.والمراد بالإعلان إذاعته، وإشاعته بين الناس، وقد يكون ذلك عن طريق الضرب بالدف، ففيه إعلان عن وجود عرسٍ في هذه الدار.
ولذا يقول أبو بلج يحيى بن سَليم : قلت لمحمد بن حاطب : تزوجت امرأتين ما كان في واحدةٍ منهما صوت، يعني دفًا .فقال محمد بن حاطب رضي الله عنه : قال رسول الله
"فصل مابين الحلال والحرام الصوت، والدف في النكاح " حديث صحيح أخرجه أحمد (418/3) 259/ 4) والترمذي (1088) والنسائي (127/6 ( وابن ماجة (1896) وسعيد بن منصور (629) في سننه والحاكم (184/2) وصححه وأقره الذهبي والطبراني (242/ 19) في الكبير والبيهقي (298/7) في سننه الكبرى (( فصل )) يعني الفاصل، أو الفارق، أو المميز .
والمعنى : أن الفرق بين النكاح الجائز وغيره : الإعلان ، والإشهار .فالصوت أي الذكر والتشهير، والدف أي ضربه، فإنه يتم به الإعلان.
قال العلامة البغوي رحمه الله :إعلان النكاح واضطراب الصوت به، والذكر في الناس كما يقال :فلان ذهب صوته في الناس ، وبعض الناس يذهب به إلى السماع، وهذا
خطأ. يعني السماع المتعارف بين الناس الآن .
وقال المباركفوري : الظاهر عندي – والله أعلم – أن المراد بالصوت ههنا الغناء المباح، فإن الغناء المباح بالدف جائز في العرس، يدل عليه حديث الربيع بنت معوذ الآتي في الباب تحفة الاحواذي (209/4) للمبارآفوري
ولكن بقي السؤال : من الذي يضرب بالدف، أرجال أم نساء ؟ ومتى يضرب بالدف ؟وهل لهذا الدف من هيئةٍ خاصة ؟
في البدء أقول : الأحاديث النبوية في الباب تقتضي تخصيص الدف بالإباحة لكن في العرس، والأعياد، على أن تقتصر الإباحة على الدف الذي يشبه الغربال، ولا يلحق به الطارات ذات الصلاصل و الجلاجل
لما فيها من مخالفة الشرع الحنيف .
فإن الطارات المذكورة مما جرت به عادة المخانيث، والفساق،واُلمجان لاستعمالها، و ْ تحرم كالمزامير والأوتار كشف القناع (ص 82 )لأبي العباس القرطبي
وقال ابن عقيل الحنبلي :شرع ضرب الدف في النكاح غذاء الألباب (151/1 ) للسفاريني وبالنظر إلى كلام أهل العلم نجد أن الذي يجوز له الضرب بالدف هن النساء، وليس للرجال الضرب به بحالٍ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : النساء هن اللواتي كن يعين في ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ويضربن بالدف، وأما الرجال فلم يكن ذلك فيهم، بل كان السلف يسمون الرجل المغني مخنثًا لتشبهه بالنساء لاستقامة (277/1) لابن تيمية .
وقال أيضًا رحمه الله :ّلما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء، كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثًا، ويسمون الرجال المغنين مخانيثًا، وهذا مشهور في كلامهم الفتاوى ( 566/565/11)لابن تيمية
وقال العلامة الحلِيمي : ضرب الدف لا يحل إلا للنساء، لأنه في الأصل من أعمالهن شعب الإيمان (283/4) للبيهقي
وهكذا نجد أن الوصية بالضرب بالدف إنما يراد بها النساء، وذلك في بيوتهن إعلانًا وإظهارًا لعقد النكاح، وإدخالا للفرح والسرور على الزوجين .
ونكمل المسير مع وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للعروسين في ليلة الزفاف، والله تعالى يهدينا إلى الصواب
وقفة مع اللهو في ليلة الزفاف
وقفة مع اللهو في ليلة الزفاف
مما ينبغى التنبيه عليه في ليلة الزفاف أن وصية الرسول عليه الصلاة والسلام بإباحة اللهو لا تعني الوقوع في المحرمات .
ومن ذلك استعمال المعازف مع الغناء بذكر ما يغضب الله من ذكر النساء وجمالهن ، وعشقهن ، ولعل الحديث النبوي التالي يوضح ذلك النهي .يروى أبو مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الْحِرَ ، والحرير والخمر والمعازف " حديث صحيح أخرجه البخاري (5590 ) وأبو داود (4039 ) والطبراني (3417 ) في الكبير والبيهقي ( 10 / 221 ) في سننه الكبرى. .
الْحِرَ : هو الفرج ، والمعنى يستحلون الزنا .
المعازف : هى الآت الملاهي أو الآت اللهو ولا ينبغي لنا أن ننسى قول رب العالمين " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ" (سورة لقمان آيه 6) سورة لقمان :6
فقد سُئل بن مسعود رضي الله عنه عن هذه الآية الكريمة فقال : هو الغناء والاستماع إليه خبر صحيح أخرجه الحاكم (2/411 ) وصححه وأقره الذهبي والطبري ( 21/ 39 ) في تفسيره
وروى عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – أن رسول الله قال : (( إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت مزمارٍ عند نعمةٍ ،وصوت رنةٍ عند مصيبةٍ )) حديثٌ حسنٌ . أخرجه الترمذي ( 1011 )، والبيهقي (4/ 69 ) في سننه الكبرى وله شواهد.
فكيف يستجيز العارف إباحة ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه صوتًا أحمق فاجرًا، وجعله والنياحة التي لعن فاعلها أخوين ؟!وأخرج النهي عنهما مخرجًا واحدًا، ووصفهما بالحمق والفجور
. وصفًا واحدًا ! إغاثة اللهفان ( 1/ 273 ) لابن القيم
وقد أبان النبي صلى الله عليه وسلم أن الغناء بالمعازف ليس من اللهو المباح عندما قال ( كل شيءٍ يلهو به الرجل فهو باطل إلا تأديبه فرسه، ورميه بقوسه، وملاعبته أهله ) حديثٌ صحيحٌ . أخرحه أبو داود (2496 ) ، والنسائي ( 222/6) والترمذي ( 1688) وابن مماجة ( 2811 ) وأحمد ( 4/ 146، 148 ) والدارمس ( 2/ 205 ) في سننه .
وفي حديثٍ آخر قال عليه الصلاة والسلام : (( كل شيءٍ ليس من ذكر الله فهو لغو وسهو ، إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعليمه السباحة)) حديث صحيح أخرجه النسائي ( 52 )( 53) في عشرة النساء ، والطبراني ( 1785 ) في الكبير و الأوسط كما في المجمع ( 6/ 269 ) .
مشي الرجل بين الغرضين :الغرض مرمى السهم ، والمراد مشيه لجمع السهام المرمى بهما ، أو المبارزة للقتال .
تأديبه فرسه :أي تعليمه إياه بالركض والجَولانِ على نية الغزو.
ملاعبته أهله :أي المزاح معهن بالمباح، والفرح والسرور،
وللمؤمن أسوة وقدوة في الرسول صلى اله عليه وسلم المثل الكامل والأسوة الحسنة للرجال في عشرة النساء، فلقد كان ألين الناس بهن، وأشفق الناس عليهن، ويفرحهن، ويؤانسهن، ويدخل السرور إلى قلوبهن .فقيام الزوج المسلم بمؤانسة زوجته، وملاعبتها، والسعي في ممازحتهابغير باطلٍ، وإدخال السرور إلى قلبها، وذلك حتى ترفرف السعادة على دارهما.
الوصية الخامسة : الوصية بالإمتنان لذهاب النساء و الصبيان
من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للعروسين فى ليلة الزفاف: الأمتنان لذهاب النساء والصبيان إلى العرس. يروى أنس بن مالك – رضى الله عنه – فيقول: أبصر النبى صلى الله عليه وسلم نساءً وصبياناً مقبلين من عرس, فقام ممتنا, فقال: (( اللهم أنتم من أحب الناس إلى )) حديثٌ صحيحٌ. أخرجه البخاري ( 5180 ) ، ومسلم ( 1948 ) ، وأحمد (3/176).
(( فقام ممتناً)) : أى قام قياما قويا, مأخوذ من المنة بضم الميم, وهى القوة, أى قام إليهم مسرعاً مشتداً فى ذلك فرحاً بهم.
وقال أبو مروان بن السراج: ورجحه القرطبى أنه من الإمتنان, لأن من قام النبى صلى الله عليه وسلم وأكرمه بذلك فقد امتن عليه بشىء لا أعظم منه.
قال: ويؤيده قوله بعد ذلك : (( أنتم أحب الناس إلى ))
وقال العلامة القابس : قوله : (( ممتنًا )) يعني متفضلا عليهم بذلك، فكأنه قال : يمتن عليهم بمحبته. وجاء في روايةٍ أخرى: ((متينًا)) أي: قام قيامًا مستويًا منتصبًا طويلا.
(( اللهم )) يقع هذا اللفظ للتبرك أو للاستشهاد بالله في صدقه. فيا أيها الزوج قم ممتنًا لمن جاءك من الرجال والصبيان. ويا أيتها الزوجة أسرعي ممتنة لمن جاءتك من النساء والبنات.
الوصية السادسة : الوصية بحسن العشرة مع الزوجة
من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للعروسين في ليلة الزفاف : حسن العشرة من الزوج لزوجته . فمعاملة الزوج لزوجته تظهر من أول ليلة، فإذا أحسن، وعطف، ورفق بها, فهذا عنوان لمسيرة الحياة القادمة
يقول الله تعالى: (( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً))
سورة النساء 19
فلتبدأ حياتك الزوجية ليلة الزفاف بالدعاء لك ولها بالبركة، وإظهار التودد والرفق إلى زوجتك، فأنت الراعي المسؤول عن امرأته كما في وصية الرسول صلى الله عليه وسلم (( كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، فالإمام راعٍ، ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولةٌ عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده، وهو مسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في مال أبيه وهو مسؤولٌ عن رعيته، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته )) حديث صحيح أخرجه البخارى (2/6) , 3/196) , ومسلم (1829), واحمد (3/54).
والعشرة هي المخالطة والممازجة، وقد اتصف الزوج المثالي بحسن العشرة . وحسن العشرة من الزوج المثالي لزوجته تنعكس بالصفاء على البيت فيسوده الهدوء ، والشعور بالطمأنينة .
وهذا بدوره يؤدي إلى الاستقرار والوفاق والتعاون مما يعين بدوره على تماسك أركان البيت ، ويجعل الأبناء يشبون في جو عائليٍ مستقر فالزوج المثالي يحسن عشرة زوجته انطلاقًا من قوله عز وجل (( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)) سورة النساء 19
والزوج المثالى يحسن عشرة زوجته انطلاقًا من قوله عليه الصلاة والسلام : (( اتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمان الله،واستحللتم فروجهن بكلمة الله )) حديث صحيح اخرجه مسلم (1218) , واحمد (3/313) , وابن خزيمة (2809) , وابن حبان (3/9)
وكلمة الله التى بها شرع النكاح، وكانت العلاقة بين الرجل والمرأة قوله عز وجل (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء)) سورة النساء 3
الوصية السابعة: الوصية بحق الزوج على زوجته
أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام الزوجات بالقيام بحق الأزواج، ويبدو ذلك جليًا في أحاديث كثيرة.: فيروي أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لا يصلح لبشرٍ أن يسجد لبشرٍ ، ولو صلح لبشرٍ أن يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها )) : وتروي عائشة – رضي الله عنها – أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم
أي الناس أعظم حقًا على المرأة ؟
قال عليه الصلاة والسلام : (( زوجها )) .حديث صحيح اخرجه احمد (3/158) , والنسائى (265) فى عشرة النساء, والبزار كما فى مجمع الزوائد (9/4)
.قلت : فأي الناس أعظم حقًا على الرجل ؟ قال : ((امه)) حديث صحيح اخرجه احمد (3/158), واالنسائى(266) فى العشرة والبزار كما فى المجمع (9/4) وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير حفص ابن اخى انس وهو ثقة
وفي هذا بيان كثرة حقوقه عليها، وعجزها عن القيام بشكرها ، وفي هذا غاية المبالغة لوجوب إطاعة المرأة في حق زوجها، فإن السجدة لا تحل لغير الله ، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يجعل من الأسباب التي يتوقف عليها دخول المرأة إلى الجنة، هو طاعة زوجها .
يقول عليه الصلاة والسلام : (( إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت )) حديث صحيح اخرجه احمد (1/191), وابن حبان (4151) وأبو نعيم (6/308) فى الحلية , وابن عدى (3/993) فى الكامل عن ابن عوف , وابى هريرة رضى الله عنهما.
الوصية الثامنه: الوصية بحق الزوجة على زوجها
كما أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام بحق الزوج على زوجته،فقد أوصى كذلك بحق الزوجة على زوجها، وقد ورد ذلك في السنة النبوية .
يروي أبو هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ((اللهم إني أحرج حق الضعيفين : اليتيم، والمرأة )) حديث حسن. اخرجه النسائى( 276) , (268) فى عشرة النساء , وابن ماجه (1281), وأحمد (2/439) , والحاكم (1/63) وصححه
أحرج : أحرم , وأضيق
ويقول معاوية بن حيدة – رضي الله عنه – قلت: يا رسول الله ، ماحق زوجة أحدنا عليه ؟
فقال عليه الصلاة والسلام : (( أن يطعمها إذا طعم ، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبح ، ولا يهجر إلا في البيت )) حديث صحيح أخرجه أحمد (4/447) , وأبو داود (2142) , والنسائى (269) فى العشرة , وابن ماجه (1850) , والحاكم (2/187 , 188) وصححه , وقره الذهبى
لايقبح: أي: لايسمعها المكروه، ولايشتمها بأن يقول : قبحك الله . لا يهجر إلا في البيت : أي لا يهجرها إلا في المضجع .
وهذه هي جملة أهم حقوق الزوجة على زوجها :
1 – الإطعام والكسوة .
2 – تعليمها العلم الشرعي وإعانتها في طلبه .
3 – المحافظة على شعورها .
4 – الإعفاف وتلبية نداء الغريزة .
5 – مؤانسة الزوجة وحسن العشرة .
6 – عدم تتبع عورتها والتجسس عليها .
7 – تحمل أذاها والصبر عليها .
8 – المحافظة على مالها الخاص .
9 – الوفاء من الزوج لزوجته .
15- عدم الهجر في غير البيت .
11 – العدل والقسمة بين الزوجات .
12 – الخروج إلى المسجد وغيره .
13 – حضانة الأبناء عند الفراق .
14 – الخلع عند البغض والكراهية .
15 – التزين والتجمل للزوجة .
16 – عدم الضرب في الوجه .
17 – مقام المطلقة في البيت حتى تنقضي عدتها .
18 – الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان .
الباب الثاني من وصايا الرسول للعروسين :
1 – وصية النساء بترك الزينة الممنوعة .
2 – احذري لبس الباروكة .
3 – احذري الوشم على جلدك .
4 – احذري النمص والتنمص والتفلج .
5– الوصية بالمرح والمودة قبل الجماع .
6 – الوصية بتحسين النية قبل المعاشرة .
7 – الوصية بالملاعبة قبل المواقعة .
8 – الوصية بوضع اليد على رأس الزوجة .
9 – الوصية بصلاة ركعتين بالزوجة .
الوصية التاسعة: وصية النساء بترك الزينه الممنوعه
ينبغي لكل من الزوجين أن يتجمل للآخر بما يحببه فيه ، ويقوي العلاقة بينهما لكن في حدود ما أباحته شريعة الإسلام دون ما حرمته .احذري لبس الباروكة : ومن الزينة المنهي عنها في سائر الأيام وخصوصًا ليلة الزفاف : لبس
( الباروكة ) . وقد بدأ لبس الباروكة في غير المسلمات ، واشتهرن بلبسه والتزين به، حتى صار من علامان المميزة لهن ، ثم سرى هذا الأمر إلى النساء المسلمات، فلبس المرأة المسلمة إياها ، وتزينها اولو لزوجها ليلة
زفافها هو من التشبه بالكافرات . وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك بوصيته قائلا : (( من تشبه بقومٍ فهو منهم )) حديث صحيح أخرجه أبو داود (4012) وأحمد (2/92250) وأبن أبى شيبة (5/322) فى مصنفة , وإبن عبد البر (6/80) فى التمهيد
ويروي سعيد المقبري – رحمه الله – فيقول : رأيت معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – على المنبر ، ومعه في
يده كبة من كبب النساء من شعرٍ ، فقال : ما بال المسلمات يضعن مثل هذا ؟! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( أيما امرأة زادت في شعرها ما ليس منه، فإنه زور تزيد فيه )) حديث صحيح اخرجه النسائى (8/144,145) والطبرانى (800) (19/345) فى الكيير وله ضاهد عند مسلم (14/109) شرح النووى , ومتابعة عند أحمد (4/101)
احذرى الوشم على جلدك
يوصي الرسول عليه الصلاة والسلام النساء قائلا : (( لعن الله الواشمة والمستوشمة )) حديث صحيح انظر السابق
أتدرين من الواشمة ؟ الواشمة من الوشم ، وهو أن تغرز المرأة ظهر كفِّها أو معصمها بإبرة حتى تدميه، ثم تقوم بحشوه بالكحل فيخضر ، أو تجعل في وجهها من قبيل ذلك .
وأما المستوشمة : هي التي تسأل وتطلب أن يفعل ذلك بها . ولقد أجمع أهل العلم على حرمة ذلك، وذلك لشديد الوعيد والتهديد النبوي
احذرى النمص والتنمص والتفلج
فلتحذر كل زوجة مسلمة أن تكون من النامصات، أو من المتنمصات ، أو من المتفلجات ، فكل هؤلاء دخلن تحت لعنة الله تعالى. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (( لعن الله المتنمصات ، والمتفلِّجات للحسن ، المغيرات لخلق الله )) . فبلغ ذلك امرأًة من بني أسد يقال لها : أم يعقوب فجاءت، فقالت : إنه قد بلغني أنك لعنت كيت وكيت ؟!
،فقال عبد الله بن مسعود : ومالي لا ألعن من لعن رسول الله ومن هو في كتاب الله . فقالت أم يعقوب : لقد قرأت ما بين اللوحين ، فما وجدت فيه ما تقول ؟!!: فقال : لئن كنت قرأتِه ، لقد وجدتِه ، أما قرأتِ (وما آتاكُم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) سورة الحشر 7قالت : بلى . قال : فإنه قد نهى عنه قالت : فإني أرى أهلك يفعلونه قال : فاذهبي فانظري ، فذهبت فلم تر من حاجتها شيئًا ، فقال : لو كانت كذلك لم نجامعها حديث صحيح اخرجه البخارى (5931) الى اخر الايه فقط , ومسلم (2125)
وقد تسألين : وما المقصود بالنامصة والمتنمصة والمتفلجة ؟ أما النامصة فهي التي تفعل ذلك ، والمتنمصة هي التيي فعلا ذلك . والنمص هو نتف الشعر من الوجه على العموم . وقيل : هو نتف شعر الحاجبين على الخصوص ، وذلك بملقطٍ أو غيره حتى يصير دقيقًا حسنًا . وأما المتفلجات فهن النساءُ اللواتي يعالجن أسنان بعدما كبرن في السن ، حتى يكون لها تحدد ورقٌة وبياض ، فكأن أصحاب سن صغيرة، فيخدعن المرء في ذلك . فلتحذر كل زوجة تلك الزينة المنهي عنها في الشرع الحنيف
ونكمل المسير مع وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للعروسين في ليلة الزفاف
تزين الزوجه بالزينه المباحة
لم تزل عادُة الناس أن تتزين الزوجة لزوجها في ليلة زفافها ،ويطلقون على ذلك مسمى (( تجلية العروس)) وقد اجتليت أم المؤمنين عائشُة – رضي الله عنها – عند أبويها قبل أن يدخلا الرسول عليه الصلاة والسلام ، ويجدر بالمرأة التي تجلي لعروس أن تحسن عرض محاسنها بما يسر زوجها، وتحسن خضابها
تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين ، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين قالت : َفَقدمنا المدينَة فوعكت شهرًا فوفى شعري جميمًة ، فأتتني أم رومان ، وأنا على أرجوحة ، ومعي صواحبي ، فصرخت بي فأتيتها ، وما أدري ما تريد بي فأخذت بيدي ، فأوقفتني على الباب، فقلت هه هه حتى ذهب
نفسه، فأدخلتني بيتًا ، فإذا نسوٌة من الأنصار، فقلن : على الخير والبركة وعلى خير طائرٍ .
فأسلمتني إليهن ، فغسلن رأسي وأصلحنني ، فلم يرعنِي إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى ، فأسلمنني إليه أخرجه مسلم (1422)
الوصية العاشرة : الوصية بالمرح والمودة قبل الجماع
من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للأزواج في ليلة الزفاف الوصية بالمرح والمودة قبل الجماع فيستحب من الزوج المسلم في ليلة الزفاف أن يتودد إلى زوجته، ويتعامل معها بالمرح مظهرًا السرور بنعمة الفوز بتلك الزوجة .
وفي نفس الوقت يسعى الزوج جاهدًا في إبعاد الخوف عن نفسها، ويكون ذلك عن طريق الملاطفة، بالقول والفعل فمن القول أن يناديها بألقابٍ تحبها ، أو بأحسن أسمائها، ويداعبها ببعض الكلمات في إطار المزاح المباح .
ومن الملاطفة بالفعل أن يقدم الزوج شيئًا من الشراب إلى زوجته،
وقد حدث ذلك في عهد الرسول فتروي أسماء بنت يزيد بن السكن ، فتقول رضي الله عنها إني قنيت 1 عائشة – رضي الله عنها – لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية أخرى 2، قالت : كنت صاحبة عائشة التي هيأتها،
وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة ثم جئته فدعوته لجلوتها 3 ، فجاء فجلس إلى جنبها ، فأتى بعسٍ إناء – فيه لبن فشرب ، ثم ناولها فخفضت رأسها واستحيت قالت أسماء بنت عميس رضي الله عنها : وقلت لها : خذي من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت فانتهرا فشربت شيئًا ثم قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ((أعطي تربك )) 4 قالت أسماء : فقلت يا رسول الله ، بل خذه فاشرب منه ، ثم ناولنيه. قالت : فجلست، ثم وضعته على ركبتي، ثم طفقت أديره ، وأتبعه بشفتي لأصيب منه شرب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لنسوة عندي : ((ناوليهن)) فقلن : لا نشتهيه فقال عليه الصلاة والسلام : (( لا تجمعن جوعًا وكذبًا )) 5
فمن خلال الموقف يتجلى لنا وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بإدخال السرور والبهجة على قلب الزوجة بالأفعال والأقوال ونكمل المسير مع وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للعروسين في ليلة الزفاف، ومن الله تعالى العون والسداد
____________________________
1 قَنَّيتُ : قمت بتزيين
2-هي رواية أسماء بنت عميس رضي الله عنها
3. جلوتها : الماشطة للعروس تقوم جلوها يعني عرضها على زوجها مجلوَّة يعني مزينة .
4. حديثٌ صحيحٌ . أخرجه ابن ماجه ( 3298 ) ، وأحمد ( 6 /438 ، 452، 453، 367 ) و الحميدي ( 459 )
آخر تعديل بواسطة المشرف: