chevalierx
:: عضو منتسِب ::
- إنضم
- 9 أكتوبر 2008
- المشاركات
- 52
- نقاط التفاعل
- 17
- النقاط
- 3
الحمد لله حمدا لاتحده حروف ولا يضاهيه كلام والصلاة والسلام على محمدٍ المصطفى خير الأنام.
منقول لفائدة
.. قد تمر ببعضنا أوقات تفتر فيها الهمم وتنكسر العزائم،
ووالله ما هذا من شيم المسلمات،
لذا أحببت أن أشارككن قصصا.... صويحباتها رياحين معاصرات،
ضحين بالأوطان والأهل وهجرن بلاد الكفر ليأتين إلينا في بلاد الإسلام،
لا لعمل أو سياحة،
بل فقط لتعلم القرآن واللغة العربية والإقامة في بلد يُصدح فيه بالأذان
خمس مرات يوميا بفضل الله،
وأمست كل منهن راتعةً في رياض الأنس بقرب الرحمان
مكتسيةً بلباس التقوى، ساجدةً على بساط الطاعة
لتذوق السعادة الحقة لأول مرة في حياتها
والحمد لله.
يا أسعد الناس في دين وفي أدب
بلا جمان لا عقد لا ذهب
بل بالتسابيح كالبشرى مرتلة
كالغيث كالفجر كالإشراق كالسحب
في سجدة ، في دعاء ، في مراقبة
في فكرة بين نور اللوح والكتب
في ومضة في سناء الغار جاد بها
رسول ربك للرومان والعرب
فأنت اسعد كل العالمين بما
في قلبك الطاهر المعمور بالقرب
د.عائض القرني
إن شاء الله نتشارك قصصهن، لنقتدي بهن وندعو لهن
عسى أن يجمعنا ربنا بهن في جنات النعيم.
راضيــــــــــــــــــــــــة
مازال وجهها الهادئ يسكن ذكرياتي، بالرغم من مضي قرابة العام على آخر اتصال بيننا،
انجليزية من أصل بنجلاديشي، تناهز الثالثة والسبعين من عمرها وهي جدة للعديد من الأحفاد والحفيدات.
تعيش في لندن وزوجها وأولادها، وبعض من تزوج منهم انتقلوا إلى بلاد أخرى بعيدا عنها.
وفي لندن... لم تكن تحتاج للتعامل مع الإنجليز كثير تعامل، حيث أن زوجها وأبناؤها يكفونها ذلك
لذا فلغتها الإنجليزية ضعيفة جدا، وكذا لغتها العربية، واللغة الوحيدة التي تتقنها هي لغتها الأم،
لغة دولة بنجلاديش.
قضت عمرها بين العناية ببيتها وأولادها، ليمضي العمر وتنتبه لقرابة ذبول زهرته، وهي لا تعرف كيف تقرأ كتابها،
القــــــــــــــــــــــــــــــرآن الكـــــــــــــــــــــــــــــــريم.
فبدأت في المجئ إلى مصر هي وزوجها لطلب العلم فيها،
قاموا بشراء منزل، وجعلا يحاولان الحضور إليه على فترات،
يقضيها كل منهما في الذهاب لتعلم اللغة العربية وكيفية تلاوة القرآن الكريم.
ولكنها لم تكن تحقق التقدم الذي تنشده، لقلة الوقت الذي يقضيانه في مصر، فعزما أن يحضرا
سويا ويقيما فترة طويلة نسبيا، يتمكنا فيها من إتقان النطق بالعربية وتلاوة القرآن،
وكان ذلك أول لقائي بها في تلك الفترة، حيث كنت معلمتها، وسبحان من يجمع الناس على غير موعد،
سبحان الله.
كانت راضية تقطن بعيدا عن دار تعليم القرآن، وكانت لضعف لغتها العربية تخشى من ركوب
أي من وسائل المواصلات، لكيلا تتعرض لما لا تحب من مواقف، وكان زوجها طاعنا في السن ولا يكاد
يخرج من المنزل، وبسبب كل ما سبق كانت تقوم بقطع الطريق من بيتها لدار القرآن وحيدة مشيا على قدميها،
لتأتي في موعدها تماما، مرتدية نقابها، وكانت لا تأبه لحر أو برد،
ولا لألم ركبتيها وقدميها بسبب السن والطريق الطويل،
كانت مستعدة لبذل كل جهد في سبيل قراءة كتاب الله بالطريقة الصحيحة،
وكانت تتوقع أن ما بقي لها من عمر لن يتسع لحفظ كتاب الله،
فقط كانت تريد أن تقرأه بما يرضي الله، متمثلة بأمره سبحانه:
"ورتل القرآن ترتيلا".
ذات مرة كانت هناك سورة صعب عليها نطق العديد من كلماتها، بسبب العجمة التي صاحبتها عمرا طويلا،
وظللنا نحاول ونحاول، حتى انسابت دموعها، لتسر لي بعربيتها البسيطة أنها تحب القرآن حبا شديدا
وهي هنا فقط من أجل أن تقرأه، وأن كثيرا ممن حولها نعتنها وزوجها بالجنون، فالكثير ممن حولهم
لا يفهم كيف يمكن أن تنفق وزوجها كل هذا المال، وكيف يسافرا تلك المسافة الطويلة،
وهما في سنهما الكبيرة هذه لمجرد تعلم قراءة القرآن،
كيف يمكن أن يعيشا وحدهما وهما في حاجة لمن يخدمهما، كيف تترك ابنة لها مريضة بمرض نفسي بسبب
وفاة ابنها وتطليق زوجها لها، كيف تتركها في رعاية الغير وتأتي فقط لتعلم القرآن؟؟؟
ثم استطردت: استودعت ابنتي ربها، وجئت لأستدرك ما ضاع من عمري هباءا واحتسبت وحدتي وزوجي
في سبيل الله، وفي الحقيقة نحن في سعادة ما بعدها سعادة، نجلس سويا في المساء بعد انصراف الشيخ الذي
يُقرأهُ ليصحح لي التلاوة، فهو أفضل مني كثيرا.
سبحان الله، حبب إليها كتابه، وجمعها وزوجها على تلاوته، وآمل أن الله قد أراد بهما خيرا.
بعد ذلك وتقديرا لظروف راضية، استطاعت الدار توفير معلمة لتذهب إليها في منزلها، وكانت المرة الأخيرة
التي سمعت فيها صوتها، حيث اتصلت لتسلم علي، وتسألني عن سبب تأخر معلمتها الجديدة عليها،
وبعد ذلك انتظمت أمورها بفضل الله.
أسأل الله أن يأجرها ويتقبلها وييسر لها تلاوة كتابه والعمل به، ويبارك لها في ذريتها، ويجزيها عني خيرا،
فقد تعلمت منها الكثير، والحمد لله رب العالمين
صفيـــــّـــــــــــــــــــة
البعض منا يظن أنه يعاني في حياته ويتشكى من مشاكله وكأنه لا يوجد من يقاسي غيره،
وفي الغالب تكون مشاكله لا تذكر ولا تقارن بما يلاقيه إخوة وأخوات له في الإسلام،
أقصى أماني كل منهم أن يعيش حياتكِ بحلوها وحتى مُرّها أختي الحبيبة،
وأنا في سبيل التدليل على ذلك أدعوكِ لقراءة قصة: صفية، فهلا لبيتِ دعوتي؟.
صفية أخت صومالية، من بلد إسلامي يعاني شظف العيش
ولا يكاد أهله في معظمهم يجدون الطعام، بل يستبدلونه في كثير من الأحيان بتراب الأرض،
أقسم لكنّ ... يأكلون تراب الأرض.
لم تتعلم صفية ككثير من بنات الصومال،
وتزوجت في سن صغيرة ومن ثم أنجبت ابنتها الوحيدة
وكان ذلك من قرابة الخمس عشرة عاما مضت،
كان زوجها فقيرا وبعد اندلاع الحرب ازداد فقرا،
وباتوا لا يجدون الطعام .... فكانوا يأكلون التراب أحيانا كثيرة،
إلى أن خرج زوجها يوما ولم يعد، ويغلب على الظن أنه قُتل،
رحمه الله حيا أو ميتا.
انتقلت صفية هي ووالدتها وابنتها لكفالة عمها والذي لم يلبث إلا أن قُتل أيضا،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كانت الأحوال تزداد سوءا كل يوم، والحرب مشتعلة،
والناس يموتون في كل وقت ومكان،
ولم تجد صفية بدا من النزوح هي وابنتها وأمها إلى ليبيا الحبيبة،
لتصاب هناك بآلآم حادة في معدتها، ليخبروها في المستشفى
أن التراب الذي كانت تأكله كون ما يشبه الحجر في معدتها مما يستوجب
إجراء عملية جراحية لنزعه، وتم عمل العملية لها،
ومن ثم نزحت ورفقتها إلى السودان الحبيبة، لتصاب بألم شديد بعد فترة تكتشف معه
أن كليتها قد سرقت في العملية التي أجرتها في ليبيا،
وهي الآن تعيش بكلية واحدة، لاجزى الله من سرق كليتها خيرا.
وبالطبع أترك لكن تخيل كيف كانت حياتها كلاجئة فقيرة ضعيفة.
بعد ذلك ومنذ ثمانِ سنوات أتت صفية إلى مصر،
وبدأت في توطين نفسها على الحياة فيها
وشجعها أن أهل الخير استأجروا لها منزلا صغيرا تعيش فيه مع أمها وابنتها
وكانوا أيضا يساعدونها بمال من أجل الطعام والشراب وإلحاق ابنتها بمدرسة حكومية،
والحمد لله على نعمائه.
وكان أن تعودت والدتها على الخروج لشراء طلباتهم البسيطة، إلى أن خرجت يوما ولم تعد،
وقد كانت معتادة ألا تأخذ معها جواز سفرها كإثبات لشخصيتها، وما تظنه صفية أنه ربما قد صدمتها عربة مسرعة لتقتلها ويدفنها الناس بعد أن لم يستطيعوا الاستدلال عليها،والله أعلم.
في خلال رحلة الألم والجوع والتشرد، اصيبت ابنة صفية بفقر دم شديد، ولا يكاد يمر عليها شهر إلا وتدخل المستشفى لنقل الدم لها، جزى الله أهل الخير الذين يتكفلون بعلاجها خير الجزاء.
في رحلة صفية، لم يفارقها قرآنها يوما، كانت تنظر إليه فتشعر بالنور يغمر قلبها،
وكانت يداها تلامس حروفه وتحلم بأن تتعلم تلك الحروف التي تكون كلماته،
لتستطيع أن تقرأ تلك الكلمات فيطمئن قلبها بمخاطبة ربها لها.
ولصدق نيتها ولا أزكيها على الله وهو أعلم بها يسر الله لها من يدلها على دار تعليم القرآن،
فأتت من فورها لتقدم أوراقها مخبرة المسؤولات أنها فقيرة لا تملك المال لتدفعه،
بل فقط تعادههنّ على الإلتزام في التعلم، وكان أن قُبلت صفية،
وبالفعل هي غاية في الإلتزام والانضباط ولله الحمد،
ولا تكاد تتغيب إلا عند دخول ابنتها المستشفى،
فكل منهما كل الأهل بالنسبة للأخرى.
صفية الآن في مرحلة تعلم الحروف، وبالطبع تجد صعوبة كبيرة،
فقد تخطت الثلاثين من عمرها ولم تتعلم من قبل،
ولكنها تحاول بجد شديد وتخبرنا دوما أنها لو نظرت إلى المصحف
واستطاعت تمييز الباء من التاء (كناية عن التفريق بين الحروف وبعضها)
لما طلبت من دنياها شيئا آخر،
صفية يا حبيبات فقدت البلد والأهل والزوج والمال والصحة،
ولكنها لم تفقد يوما إيمانها بربها وتعلقها بكتابه،
ولم تفقد صفاء نفسها وبراءة روحها وتوقد الأمل في الله والذي يشع من عينيها،
كذا لو رأيتِ ابتسامتها الراضية لن تنسيها ابدا ما حييتِ.
أسأل الله لكِ صفية سعادةً ما بعدها شقاء، وهناءًا بلا انتهاء،
وأن يرزقكِ ربي حسن تلاوة كتابه والعمل به،
وأن يجعله رفيقكِ وحاديكِ إلى فردوسهِ الأعلى،
وأن يرزقكِ رفقة الأحبة محمدا صلى الله عليه وسلم وصحبه،
وأن يبارك في ابنتكِ ويمن عليها وعليكِ بالصحة والعافية،
وأن يجزيكِ ويأجركِ أجر الصابرين، بغير حساب.
شُكْرى
قد تبدأ إحدانا حياتها بعد زواجها بعمل فرح كبير صاخب،
وقد تذهب بعده في رحلة مع زوجها يفرطان فيها في الكثير من واجبات ومستحبات دينهم،
بل إن البعض قد يخلع حجابه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
فتكون الأخت قد بدأت حياتها بمعصية ربها.
لكن البعض يبدأ بدايةً مختلفةً تماما،
فتعالي حبيبتي لتتعرفي على: شُكْرى،
وكيف بدأت وزوجها حياتهما المباركة بإذن الله تعالى.
شُكْرى فتاة مغربية منتقبة، في العشرينيات من عمرها،
لا تختلف ملامحها عن الكثيرات من بنات العرب،
قمحية اللون، هادئة الملامح،
جاءت إلى الدار طالبة أن تأخذ درسا في أحكام التلاوة لورش
على أن لاتزيد الفترة الكلية لتعلم الأحكام عن إسبوعين لأنها ستسافر إلى المغرب بعد ذلك،
فكان أن استعنّا بالله ووضعنا خطة لتحقيق هذا وبدأت شكرى في تلقي الدروس.
وبالطبع كانت تتعب كثيرا لأننا اضطررنا لضغط الدروس،
بحيث كانت تأخذ عدة أحكام في المرة الواحدة مما يرهق ذهنها،
بالإضافة إلى أنها أخبرتني أن ركوبها الطويل لوسائل النقل يصيبها بالدوار الشديد
وهي تقطن في مكان بعيد عن الدار والطريق يأخذ وقتا طويلا في عربة الأجرة
لازدحام الطرق دائما في مصر، وبالرغم من ذلك تحضر في موعدها تماما
تدافع الدوار وما يتبعه من شعور بالقيئ، أعزكن الله،
وتبذل قصارى جهدها، تقبل الله منها،
وعندما سألتها لماذا لاتجلسين في مصر فترة أطول
ليسهُل الأمر عليكِ؟ أجابتني ... وكانت المفاجأة!!!!!
شكرى يا حبيبات، أخبرتني بأنها عروس لم يمض على زواجها سوى إسبوعين،
وكانت وزوجها مازالا في شهر عسلهما،
ولأن زوجها حين خطبها كان يعرف بأنها تحفظ القرآن،
ولكنها لم توفق في المغرب لدراسة أحكام التجويد،
فوعدها زوجها بأن تكون هديته لها بعد البناء أن يأتي بها إلى مصر لتتعلم
أحكام التجويد لورش، ويأخذ هو دروسا يتذكر بها بعض أحكام اللغة العربية التي نسيها
في نفس الوقت!!!!!!
شكرى فرحت بذلك جدا وكان أن حدث بفضل الله وجاءا إلى مصر بالرغم
من معارضة أهليهما الشديدة لاضطراب الأحوال بمصر منذ الثورة حتى الآن،
لدرجة أن والدتها قالت لها لا تذهبي لتموتي يابنتي، ولكن شكرى لم تخف
بل قالت لها يا أمي الحبيبة، أنتِ تعرفين كم أحب كتاب ربي،
وهي فرصتي وفرحتي الحقة في تعلم أحكامه في مصر،
وإن مت فسيكون في سبيل الله إن شاء الله،
فوافقت أمها بعد عناء ودعت لهما بالحفظ والبركة والسلامة،
لتطير شكرى وزوجها إلى مصر على جناح الشوق لكتاب الله.
شكرى أخبرتني أيضا بأنهما عندما يعودا للمغرب لن يلبثا سوى فترة قصيرة
ثم يسافر زوجها حيث عمله في انجلترا ولن يأخذها معه بل ستجلس مع أهله،
وهم يبعدون عن بيت أهلها بقرابة الست ساعات من السفر بالعربة،
وعندما قلت لها ولم لا تجلسي عند أهلك، قالت لي أن هذا في المغرب عيب ولا يصح،
كما أنها تتقرب لربها بطاعة زوجها وفعل ما يسعده، ومنه جلوسها مع أهله.
شكرى العروس الهادئة، وافقت أن يكون شهر عسلها في سبيل الله بل وسعت لذلك،
مع علمها بأنها ستحرم من زوجها بعد عودتهما بعد ذلك ما لا يقل عن العام،
حيث عطلته القادمة،
ولم تتذمر أو تعترض بل كانت تقدر، وتتكلم عن زوجها بكل امتنان وفخر،
أسأل الله أن يبارك لهما ويبارك عليهما ويجمع بينهما في خير .
أنهت شكرى تعلم الأحكام ببركة الله تعالى، على وعد بأن تعلم غيرها بإذن الله
وكانت سببا في تشجيعي على تدوين تلك الأحكام في مذكرة، كانت سببا في نفع العديد
من الأخوات بعدها، هنا في منتدانا وفي غيره،
لكن الوريقات التي أعطيتها إياها كانت بخط اليد،
حيث لم أكن قد كتبتها على الكمبيوتر وقتها لضيق الوقت،
وأنا على موعد معها على سكايب إن شاء الله لنواصل ما بدأنا.
عادت شكرى إلى المغرب بعد أن تبادلنا الهدايا البسيطة،
أعطتني هديتها قائلة: خذيها لتتذكريني بها،
وهي لا تعرف أنها أصبحت راسخة في ذاكرتي، وجزء من ذكرياتي لا يُنسى أبدا بإذن الله.
أسأل الله أن يبارك فيكِ شكرى وفي زوجكِ الفاضل وأن يرزقكما الذرية الصالحة
الحاملة لكتابه الناصرة لدينه، وأن يؤتيكما في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة
ويقيكما عذاب النار، وأن يجزيكِ عني وعن كل من ستقرأ حكايتكِ
وعن كل من ستقتدي بكِ خير الجزاء،
والحمد لله كل الحمد أن جعلني أقابلكِ في رحلتي.
سامـــــيــــــــــــــة
كثيرات من أخواتنا المتزوجات لا تنفك تتحدث إحداهن عن أنها ما تزوجت زوجها
إلا لله وفي الله، ولكن كم منا حقا تصدق في هذا؟
تعالي معي حبيبتي لتتعرفي على سامية وترين بنفسك
كيف يكون الزواج حقا في الله،
فهلمي بنا.
سامية أخت فرنسية من أصل جزائري،
نشأت في فرنسا لتعبر فترة الطفولة إلى مرحلة الشباب
ولم تكن تعرف عن دينها سوى الإسم،
فلم تكن ترتدي حجابا ولا تصلي فرضا، وكذلك والدتها
وإخوتها وأخواتها عدا أخيها الأكبر فقد كان شابا أيضا
ولكنه بدأ في الانتظام في صلاته والحمد لله،
وكانت سامية تراه وتتعجب وقد كانت علاقتها به قوية جدا وكان هو مثلها الأعلى وخاصة
أن والدها كان متوفيا منذ زمن، رحمه الله وأموات المسلمين رحمة سابغة واسعة.
كان إيقاع حياة سامية يسير على تلك الوتيرة حتى تعرفت بمدرستها
وهي بالمرحلة الثانوية على أخوات فرنسيات أيضا ولكنهن من أصل مغربي،
محجبات ملتزمات، ولم يكن الحجاب ممنوعا في فرنسا وقتها،
وبدأن في الكلام معها عن الحجاب وأنه فرض على المسلمات البالغات،
وكان أن تعجبت سامية أيما تعجب،
وهرعت لتسأل أخيها الحبيب عن هذا الأمر،
ليخبرها بأنه يعلم صحة هذا الأمر،
وجعل يمدها بالمحاضرات المسجلة والكتب التي تؤكد كلامه،
والتي كانت خطوتها الأولى على طريق الإلتزام، والحمد لله رب العالمين.
ومن ثم بدأت سامية في التفكير في ارتداء الحجاب وأخبرت والدتها بتفكيرها
لتثور الوالدة ثورة عارمة وتحول حياتها إلى سلسلة من الشجارات
والخصامات والإهانات المتتالية،
وسبحان الذي ثبت تلك الفتاة الصغيرة
والتي لم تتجاوز ربيعها السادس عشر على موقفها،
سبحانه جل في علاه الذي نقل سحرة فرعون في لحظة من قاع الكفر لقمة الإيمان،
سبحانه الذي ما إن يلامس طعم الإيمان به شغاف القلوب حتى تحلق في سماء
اليقين في رحمته سبحانه، ولا ترضى بغير الأنس به بديلا،
ولا تجد في نعيم الدنيا مجتمعا له عديلا،
سبحان الله.
ارتدت سامية الحجاب وتركت كل المغريات حولها في باريس
عاصمة النور كما يقولون عنها وجعلت تصادق الفتيات الملتزمات
وتترك غيرهن من الكافرات أو العاصيات
ورويدا رويدا كونت لنفسها مجتمعا من الأخوات اللواتي كن يرتقين بها نحو ما يرضي ربها،
إلى أن دعيت في أحد الأيام لفرح في بيت إحدى رفيقاتها،
وهناك قابلتها ... تلك السيدة الفرنسية الجزائرية اللطيفة الرقيقة،
وبدأت في تجاذب أطراف الحديث معها وانشغلت بها عن صديقتها وأهلها،
ومر الوقت معها سريعا، لتعلم من صديقتها بعد فترة أن لهذه السيدة
ابنا يبلغ الثانية والعشرين من عمره، ملتزم وهو يبحث عن عروس،
وقد اختارت أمه سامية لتكون زوجته،
ورأته سامية ووافقت من فورها بعد أن وعدها بأنه سيعلمها دينها ويأخذ بيديها نحو ربها،
وأيضا لما لاحظت من بدو سمت الإلتزام على هيئته واكتساء وجهه باللحية
التي أصبحت محببة إلى نفسها بعد أن علمت أنها من هدي خير الأنام،
المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وبالطبع عارضت أمها وبذلت كل ما تستطيع لمنع تلك الزيجة،
وكالعادة وقف أخوها الحبيب بجوارها واستمات وتحمل وسامية وخطيبها
الكثير من أفعال أمهم وصبروا وصبروا وصبروا حتى تمت الزيجة بفضل الله،
وبعد زواجها بإسبوعين ارتدت سامية النقاب
وكان عمرها وقتها تسعة عشر عاما.
بعد الزواج وجدت سامية في زوجها كل ما كانت تحلم به وزيادة من إيمان والتزام
وأصبح هو معلمها وصديقها وزوجها وحبيبها،
وكان لا يدخر وسعا في التقرب وزوجته لربه،
ولا يترك بابا فيه خير لدينه أو لغيره من المسلمين حتى يسارع في إتيانه،
مشركا زوجته التي كانت تزداد انبهارا وتعلقا به في كل يوم،
وللحق فإن ما أسمعه عن هذا الزوج يجعلني ألحقه بمن سعمت عن أفضالهم
وخيريتهم من الصحابة والتابعين ولا أزكيه على الله،
أسأل الله أن يرزق كل بنات المسلمين بالأزواج الصالحين.
بعد فترة قصيرة رزقت سامية بأولى بناتها وهي كوثر وبعدها بفترة رزقت بحفصة ثم زكرياء،
ووقتها بدأ الزوجان في الشعور بأن المجتمع في فرنسا
لا يساعد أبدا على تنشئة أولادهما كما يتمنيان،
فعزما بعد الاستخارة على الحضور إلى مصر، وكان أن فعلا،
والتحق كل منهما بمكان ليدرس فيه دينه ويتعلم أكثر عن سننه وواجباته،
وعن كيفية تلاوة القرآن الكريم، ليس هما فقط، بل وكوثر ايضا،
حيث كان كل من حفصة وزكرياء مازال صغيرا جدا.
وبعد مضي بعض الوقت قامت الحكومة المصرية قبل الثورة بطرد زوجها من مصر،
حيث كان المكان الذي يدرس فيه دينه مغضوبا عليه من قبل تلك الحكومة
وبالرغم من أن سامية وأولادها لم يطردوا إلا أنها أصرت على الرحيل مع زوجها
وتوجها إلى الجزائر بأطفالهما،
ولكنهما لم يوفقا هناك في حياتهما فكان أن اتخذا قرارا صعبا جدا
وهو أن تعود سامية بالأولاد إلى مصر وتواصل هي دراستها للقرآن وكذا كوثر،
وإخوتها أيضا حيث كانا قد أصبحا في سن يمكنهما من البدء في حفظ القرآن الكريم، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا بالنسبة لزوجها،
وأتت سامية إلى مصر بدون زوجها ولم تضيع وقتا وعادت للالتحاق بدار القرآن
وقد قابلتها في تلك الفترة،
لتواصل وكوثر ابنتها حفظهما للقرآن وليبدأ كل من حفصة وزكرياء رحلتهما في حفظ كتاب الله.
تحملت سامية الكثير والكثير وحيدة غريبة بدون زوجها
وظلت علاقتها به لسنوات فقط عبر الهاتف أو شبكة النت،
ولم تتذمر يوما بل اجتهدت وبذلت فوق ما تستطيع
حتى ختمت كوثر في هذه الفترة حفظ القرآن الكريم ولله الفضل والمنة،
أما سامية فكان أن تعرضت لسحر وهي صغيرة يعيقها
بشكل كبير في الحفظ ولكنها تصر وتحاول حتى الآن، وأسأل الله أن ييسر لها.
قامت الثورة في خلال هذه الفترة وتغير النظام الحاكم للبلاد،
واستطاع زوج سامية العودة إلى مصر مرة أخرى بعدها
ومنّ الله على الأسرة الطيبة بالاجتماع بعد طول فراق
ورزقهما الله بعد قليل بآخر بناتهما (غنية) والتي تسمت باسم جدتها لأبيها،
وهي الآن لم تكمل بعد عامها الأول، والحمد لله رب العالمين.
عاد زوج سامية لسابق عهده من من دراسة دينه، والسير في حوائج غيره،
فهو يساعد أخا أو يسير في حاجة أرملة أو مطلقة، أو يساهم في التفريج عن مكروب،
أو ينفق على فقير، وغير ذلك كثير،
وسامية تسانده في كل هذا ولم تتسخط يوما ولم تقل له أبدا اجلس معنا ودعك من الآخرين
بل كانت تحتسبه في سبيل الله بالرغم من حبها له وشوقها لقربه،
ليس هذا فقط .... بل وافقت على زواجه من أخرى شيشانية أرملة
لأخ نحتسبه من الشهداء بإذن الله في الحرب ضد الروس،
تكبر هذه المرأة زوج سامية بقرابة السبعة عشر عاما، ولها من الأولاد خمسة،
تزوجها بموافقة سامية ليكفل أولادها،
ولا أخفيكن كم تحترق سامية بنار الغيرة لمكانة زوجها منها،
ولكنها تحتسب وتردد دوما: أنا ما فعلت ذلك إلا لله،
ولم تخبر أحدا من أهله أو أهلها عدا أخيها فقط،
لأنهم سيرفضون ذلك رفضا باتا، أسأل الله أن يصبركِ ويأجركِ سامية ويجزيكِ خير الجزاء.
الآن يتجهز زوج للذهاب للجهاد في سوريا الحبيبة،
وسامية تسانده في ذلك ولا تمنعه كغيرها من النساء اللواتي يمنعن أزواجهن،
وعندما أبديت تعجبي من موقفها أجابتني قائلة:
أنا لم أتزوجه إلا في الله ولله، وإن استشهد في الحرب وأصبح ميتا بالنسبة للناس،
فسيظل حيا في قلبي للنهاية،
وسأواصل رحلتي مع أولادي حتى يكونوا جميعا من حملة القرآن
مسلمين صالحين بإذن الله،
لأعود وأجتمع بزوجي في الجنة إن قدر الله لنا ذلك،
وإني لطامعة في رحمة ربي.
أتعبتِ الزوجات من بعدكِ يا سامية،
أسأل الله أن يرزقكِ وزوجكِ فردوس الجنة الأعلى،
وأن يبارك في ذريتكما وأن يحسن ختامكم وأن يجزيكما عنا خير الجزاء.
حليمـــة
الهجرة إلى الله وترك الذنوب والمعاصي،
كثيرات منا يتمنينها وكثيرات يحاولن في ذلك،
ولكن كم منا تصدق حقا في هجرتها؟
تعالي حبيبتي وأختي في الله لتتعرفي على حليمة
ولتتعلمي كيف تكون الهجرة الحقة إلى الله رب العالمين.
فتاة فرنسية يافعة جمالها يأخذ الألباب،
ثرية، تحيا مع والديها الذين يحبانها كأشد ما أحب والدان ابنتهما الوحيدة،
يعيشون في ألمانيا حيث يعمل الأب،
وكانت فتاتنا تشغل وقتها في العديد من الأمور ومنها الدخول على النت،
وفي هذه الفترة بدأت في التعرف على الإسلام، ولم أستطع التحقق من قصة إسلامها
وما عرفته أنها أسلمت رغما عن أهلها وتسمت بحليمة،
وتزوجت بشاب المفروض أنه مسلم!!!
غير أنه قد تبين انتمائه إلى فئة ضالة وهي فئة القاديانيين أعاذنا الله منهم.
وبعد الزواج تكشف لها الوجه السيئ لزوجها، كان يهينها ويضربها ويسيئ
إليها بشتى الطرق، والغريب أنها لم تنفر من الإسلام بالرغم مما لاقته من زوجها !!!
وهنا بدأت أمها في التدخل والضغط عليها لتعود للنصرانية،
بدعوى أن الإسلام سيئ، وأبلغ دليل هو زوجها.
والعجيب أن حليمة كانت تدافع عن دينها بكل قوة وتجادل أمها بالحسنى وتقول لها
أننا لا نحكم على الدين بتصرفات بعضا من أهله، ولكن هيهات لأمها أن تقتنع،
وقد كانت للنهاية من أشد المعادين للإسلام .... أسأل الله لها الهداية.
تطلقت حليمة بعد عناء، ثم فرت من أهلها بألمانيا وجاءت لمصر مهاجرة بدينها
آملة في رحمة ربها، وقد كانت صديقة لها فرنسية مسلمة قد سبقتها للمجيئ لأرض مصر،
وقد دعت حليمة للمجيئ.
ارتدت حليمة النقاب، وظلت تتنقل بين بيوت الأخوات،
وكان أن وافقت على أن تكون زوجة ثانية لزوج إحدى أخواتها في الله،
إلا أن الغيرة ما لبثت أن نشبت أظفارها في قلب الزوجة الأولى،
مما دفع الزوج ليطلق زوجته الثانية حليمة.
في هذه الفترة كانت حليمة تجاهد في دراسة اللغة العربية،
وتلاوة القرآن الكريم، وكانت لا تدخر وسعا في ذلك، وقد تقدمت بشكل كبير بفضل الله.
وعلى الجانب الآخر لم تكل أمها يوما في مطالبتها بالعودة عبر الاتصالات الهاتفية،
وكانت تسلط السفارة الفرنسية لاستدعاء حليمة كل فترة ومحاولة إقناعها بالعودة،
بدون أن يكون هناك صدى لتلك المحاولات في نفس حليمة،
بالرغم من وحدتها وعنائها وعدم استقرارها.
واصلت حليمة حياتها، وفي كل يوم كانت تعمل على التقرب لربها،
والتعرف على دينها وكانت تشعر أن العمر لن يطول بها، فكانت تغتنم كل فرصة
وتعمل على التجارة مع ربها في كل لحظة،
تشتري الجنة بوقت وجهد وصبر على الأذى، وما أكسبها من تجارة.
وبعد مرور سنوات عليها في مصر، تعرف زوج سامية بطلة قصتنا السابقة،
تعرف على أخ تونسي، وكان هذا الأخ يبحث عن عروس ملتزمة،
وكانت سامية صديقة لحليمة، فعرضت عليها الأمر،
وكان رد فعل حليمة غريبا، إذ قالت لسامية لابد أن أرسل له ورقة بها بعض الأمور
وأضمن قرائته لها قبل أن أقابله، إلى الآن لم تعرف سامية مالذي كان مكتوبا في تلك الورقة،
ولكنها تذكر أن الأخ التونسي تعجب كثيرا عندما قرأها، وطلب أن يقابلها للرؤيا الشرعية،
وتمت المقابلة في بيت سامية، ولم ترض حليمة فيها أن ترفع نقابها ليراها الخاطب!!!
وبعد مرور إسبوع على تلك المقابلة كانت حليمة عروسا في بيت زوجها التونسي.
الحمد لله، أستقرت حليمة أخيرا في بيتها، ليس هذا فقط،
بل إن زوجها أحبها حبا شديدا،
لدرجة أنه كان يخاصم كل من علم عنهم أنهم آذوا حليمة قبل زواجه بها،
وكان أصدقاؤه من الرجال يتعجبون منه، ويقولون له: هذه أمور نساء لا شأن لك بها،
وبعد فترة وجيزة رزق الله حليمة بالحمل،
ولكنه كان حملا جد صعب لم يمر فيه يوم إلا بصعوبة وبتعب شديد،
ومع ذلك لم تُرَ حليمة يوما إلا حامدة شاكرة راضية،
وتمت فترة الحمل ورزقت حليمة ببنت آية في الجمال والرقة كأمها الغالية،
ولكن الله استرد وديعته، الطفلة الوليدة بعد فترة وجيزة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وصبرت حليمة كعادتها وصبر زوجها ورضيا بقضاء ربهما واستودعا فلذة كبديهما
لتكون لهما فرطا على باب الجنة بإذن الله تعالى.
وخلال هذا لم تتوقف سفارة فرنسا عن استدعاء حليمة كل فترة
لتتأكد من معاملة زوجها لها، وللمحاولة معها لتتركه وتعود لأهلها،
بإيعاز من أمها طبعا، وهي كالصخرة لا تلين ولا تضعف مهما كانت الضغوطات
أو المغريات، ضاربة المثل لغيرها ممن ولدن مسلمات، ولكنهن ومع أول فتنة
يسقطن فيها ويضعفن أمامها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
واصلت حليمة وزوجها حياتهما في طاعة الله وفي جواره مستمسكين بدينه،
ومرت الأيام ورزقت حليمة بالحمل مرة أخرى، وكان الأمر شاقا جدا عليها،
وما فتئت توصي زوجها إن هي ماتت في ولادتها أن يدفنها في مدافن المسلمين
وألا يمكن أهلها من الحصول على جسدها، وكان هو يحاول منعهامن قول هذا الكلام
ولكنها كانت تصر عليه.
مرت شهور الحمل منهكة لحليمة مستنزفة أنفاسها، وهي صابرة،
وكانت طوال فترة الحمل تتردد على المستشفى بشكل متكرر
ممتثلة لأمر رسولنا صلى الله عليه وسلم بالتداوي، وبعد انقضاء فترة الحمل
رزقت بابنتها الثانية، وكانت أيضا صورة من أمها، وسبحان المبدع وتبارك الله أحسن الخالقين.
ازداد تعب حليمة بعد الولادة وظلت تقاوم آلآمها طيلة شهر كامل
وبعده وبعد طول عناء وصبر على ابتلاءات لا يتحملها بشر، صعدت روح حليمة لبارئها
تاركة خلفها زوجا محبا مكلوما ووليدة لم تتعرف على ملامح والدتها
وأخوات ومعلمات فجعن فيها، أسأل الله أن يتغمدكِ برحمته يا غالية ويجعل مثواكِ
فردوس الجنة الأعلى.
كان أن يسر الله لزوج حليمة أخا مصريا مكنه من دفن زوجته بليل،
بحيث لا تستطيع السفارة الحصول على جسدها كما أوصت،
وعندما علمت السفارة بوفاتها أرسلت في طلب زوجها،
وبلغوا عنه السلطات بتهمة قتل زوجته،
وخاف مسؤولوا المستشفى التي كانت تعالج فيها حليمة على أنفسهم من المسائلة،
فقاموا بإخفاء أوراق علاج حليمة والدالة على شدة مرضها قبل الوفاة،
ليسجن زوجها لفترة، ولكن الله رزقه طبيبا من أطباء المستشفى صاحب ضمير حي
استطاع الحصول على أوراق حليمة، وقدمها للسلطات لتفرج عنه بعد التأكد
من أن مرض حليمة هو الذي أفضى لموتها، رحمها الله، لكنهم رحلوه خارج مصر
وللأسف رفضوا أن يأخذ معه ابنته بضغط هائل من السفارة، تمهيدا لإعطائها لأم حليمة
في فرنسا، أسأل الله أن يجمع بين ابنة حليمة وأبيها عاجلا غير آجل،
اللهم آمين.
حليمة لم تخلع غطاء رأسها يوما أمام أي من الأخوات، كانت فقط ترفع نقابها أمامهن،
ومنذ بضعة أيام رأتها إحدى الأخوات في رؤيا، تقف في مكان جميل، شعرها ذهبي طويل
منسدل ناعم وترتسم على وجهها ابتسامة رائعة، فكان أن طارت الأخت فرحا في الرؤيا
وقالت لحليمة: ألم تموتي يا غالية؟
فالتفتت لها مبتسمة وقالت: أنا لا أموت.
حليمة ذاق قلبها طعم الإيمان به وتقلبت روحها في نعيم الأنس بقربه سبحانه،
فلم تلق بالا لألم أو عذاب،
أسأل الله أن يجزيكِ حليمة بكل لحظات الصيام والقيام وتلاوة القرآن والألم والصبر
والمرض خير الجزاء، أسأل الله أن يرحمكِ ويحسن إليكِ وييسر حسابكِ وييمن كتابك،
وأن يرد ابنتكِ إلى أبيها عاجلا غير آجل، وأن ينبتها نباتا صالحا،
وأن يجعلها من حملة القرآن الكريم العاملين به.
* عسى ان تكون لهذه قصص قلوب صاغية
نقلتها لتوعبة لاغير و شكري يكون بعمل بها لوجه الله لا غير
منقول لفائدة
.. قد تمر ببعضنا أوقات تفتر فيها الهمم وتنكسر العزائم،
ووالله ما هذا من شيم المسلمات،
لذا أحببت أن أشارككن قصصا.... صويحباتها رياحين معاصرات،
ضحين بالأوطان والأهل وهجرن بلاد الكفر ليأتين إلينا في بلاد الإسلام،
لا لعمل أو سياحة،
بل فقط لتعلم القرآن واللغة العربية والإقامة في بلد يُصدح فيه بالأذان
خمس مرات يوميا بفضل الله،
وأمست كل منهن راتعةً في رياض الأنس بقرب الرحمان
مكتسيةً بلباس التقوى، ساجدةً على بساط الطاعة
لتذوق السعادة الحقة لأول مرة في حياتها
والحمد لله.
يا أسعد الناس في دين وفي أدب
بلا جمان لا عقد لا ذهب
بل بالتسابيح كالبشرى مرتلة
كالغيث كالفجر كالإشراق كالسحب
في سجدة ، في دعاء ، في مراقبة
في فكرة بين نور اللوح والكتب
في ومضة في سناء الغار جاد بها
رسول ربك للرومان والعرب
فأنت اسعد كل العالمين بما
في قلبك الطاهر المعمور بالقرب
د.عائض القرني
إن شاء الله نتشارك قصصهن، لنقتدي بهن وندعو لهن
عسى أن يجمعنا ربنا بهن في جنات النعيم.
راضيــــــــــــــــــــــــة
مازال وجهها الهادئ يسكن ذكرياتي، بالرغم من مضي قرابة العام على آخر اتصال بيننا،
انجليزية من أصل بنجلاديشي، تناهز الثالثة والسبعين من عمرها وهي جدة للعديد من الأحفاد والحفيدات.
تعيش في لندن وزوجها وأولادها، وبعض من تزوج منهم انتقلوا إلى بلاد أخرى بعيدا عنها.
وفي لندن... لم تكن تحتاج للتعامل مع الإنجليز كثير تعامل، حيث أن زوجها وأبناؤها يكفونها ذلك
لذا فلغتها الإنجليزية ضعيفة جدا، وكذا لغتها العربية، واللغة الوحيدة التي تتقنها هي لغتها الأم،
لغة دولة بنجلاديش.
قضت عمرها بين العناية ببيتها وأولادها، ليمضي العمر وتنتبه لقرابة ذبول زهرته، وهي لا تعرف كيف تقرأ كتابها،
القــــــــــــــــــــــــــــــرآن الكـــــــــــــــــــــــــــــــريم.
فبدأت في المجئ إلى مصر هي وزوجها لطلب العلم فيها،
قاموا بشراء منزل، وجعلا يحاولان الحضور إليه على فترات،
يقضيها كل منهما في الذهاب لتعلم اللغة العربية وكيفية تلاوة القرآن الكريم.
ولكنها لم تكن تحقق التقدم الذي تنشده، لقلة الوقت الذي يقضيانه في مصر، فعزما أن يحضرا
سويا ويقيما فترة طويلة نسبيا، يتمكنا فيها من إتقان النطق بالعربية وتلاوة القرآن،
وكان ذلك أول لقائي بها في تلك الفترة، حيث كنت معلمتها، وسبحان من يجمع الناس على غير موعد،
سبحان الله.
كانت راضية تقطن بعيدا عن دار تعليم القرآن، وكانت لضعف لغتها العربية تخشى من ركوب
أي من وسائل المواصلات، لكيلا تتعرض لما لا تحب من مواقف، وكان زوجها طاعنا في السن ولا يكاد
يخرج من المنزل، وبسبب كل ما سبق كانت تقوم بقطع الطريق من بيتها لدار القرآن وحيدة مشيا على قدميها،
لتأتي في موعدها تماما، مرتدية نقابها، وكانت لا تأبه لحر أو برد،
ولا لألم ركبتيها وقدميها بسبب السن والطريق الطويل،
كانت مستعدة لبذل كل جهد في سبيل قراءة كتاب الله بالطريقة الصحيحة،
وكانت تتوقع أن ما بقي لها من عمر لن يتسع لحفظ كتاب الله،
فقط كانت تريد أن تقرأه بما يرضي الله، متمثلة بأمره سبحانه:
"ورتل القرآن ترتيلا".
ذات مرة كانت هناك سورة صعب عليها نطق العديد من كلماتها، بسبب العجمة التي صاحبتها عمرا طويلا،
وظللنا نحاول ونحاول، حتى انسابت دموعها، لتسر لي بعربيتها البسيطة أنها تحب القرآن حبا شديدا
وهي هنا فقط من أجل أن تقرأه، وأن كثيرا ممن حولها نعتنها وزوجها بالجنون، فالكثير ممن حولهم
لا يفهم كيف يمكن أن تنفق وزوجها كل هذا المال، وكيف يسافرا تلك المسافة الطويلة،
وهما في سنهما الكبيرة هذه لمجرد تعلم قراءة القرآن،
كيف يمكن أن يعيشا وحدهما وهما في حاجة لمن يخدمهما، كيف تترك ابنة لها مريضة بمرض نفسي بسبب
وفاة ابنها وتطليق زوجها لها، كيف تتركها في رعاية الغير وتأتي فقط لتعلم القرآن؟؟؟
ثم استطردت: استودعت ابنتي ربها، وجئت لأستدرك ما ضاع من عمري هباءا واحتسبت وحدتي وزوجي
في سبيل الله، وفي الحقيقة نحن في سعادة ما بعدها سعادة، نجلس سويا في المساء بعد انصراف الشيخ الذي
يُقرأهُ ليصحح لي التلاوة، فهو أفضل مني كثيرا.
سبحان الله، حبب إليها كتابه، وجمعها وزوجها على تلاوته، وآمل أن الله قد أراد بهما خيرا.
بعد ذلك وتقديرا لظروف راضية، استطاعت الدار توفير معلمة لتذهب إليها في منزلها، وكانت المرة الأخيرة
التي سمعت فيها صوتها، حيث اتصلت لتسلم علي، وتسألني عن سبب تأخر معلمتها الجديدة عليها،
وبعد ذلك انتظمت أمورها بفضل الله.
أسأل الله أن يأجرها ويتقبلها وييسر لها تلاوة كتابه والعمل به، ويبارك لها في ذريتها، ويجزيها عني خيرا،
فقد تعلمت منها الكثير، والحمد لله رب العالمين
صفيـــــّـــــــــــــــــــة
البعض منا يظن أنه يعاني في حياته ويتشكى من مشاكله وكأنه لا يوجد من يقاسي غيره،
وفي الغالب تكون مشاكله لا تذكر ولا تقارن بما يلاقيه إخوة وأخوات له في الإسلام،
أقصى أماني كل منهم أن يعيش حياتكِ بحلوها وحتى مُرّها أختي الحبيبة،
وأنا في سبيل التدليل على ذلك أدعوكِ لقراءة قصة: صفية، فهلا لبيتِ دعوتي؟.
صفية أخت صومالية، من بلد إسلامي يعاني شظف العيش
ولا يكاد أهله في معظمهم يجدون الطعام، بل يستبدلونه في كثير من الأحيان بتراب الأرض،
أقسم لكنّ ... يأكلون تراب الأرض.
لم تتعلم صفية ككثير من بنات الصومال،
وتزوجت في سن صغيرة ومن ثم أنجبت ابنتها الوحيدة
وكان ذلك من قرابة الخمس عشرة عاما مضت،
كان زوجها فقيرا وبعد اندلاع الحرب ازداد فقرا،
وباتوا لا يجدون الطعام .... فكانوا يأكلون التراب أحيانا كثيرة،
إلى أن خرج زوجها يوما ولم يعد، ويغلب على الظن أنه قُتل،
رحمه الله حيا أو ميتا.
انتقلت صفية هي ووالدتها وابنتها لكفالة عمها والذي لم يلبث إلا أن قُتل أيضا،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كانت الأحوال تزداد سوءا كل يوم، والحرب مشتعلة،
والناس يموتون في كل وقت ومكان،
ولم تجد صفية بدا من النزوح هي وابنتها وأمها إلى ليبيا الحبيبة،
لتصاب هناك بآلآم حادة في معدتها، ليخبروها في المستشفى
أن التراب الذي كانت تأكله كون ما يشبه الحجر في معدتها مما يستوجب
إجراء عملية جراحية لنزعه، وتم عمل العملية لها،
ومن ثم نزحت ورفقتها إلى السودان الحبيبة، لتصاب بألم شديد بعد فترة تكتشف معه
أن كليتها قد سرقت في العملية التي أجرتها في ليبيا،
وهي الآن تعيش بكلية واحدة، لاجزى الله من سرق كليتها خيرا.
وبالطبع أترك لكن تخيل كيف كانت حياتها كلاجئة فقيرة ضعيفة.
بعد ذلك ومنذ ثمانِ سنوات أتت صفية إلى مصر،
وبدأت في توطين نفسها على الحياة فيها
وشجعها أن أهل الخير استأجروا لها منزلا صغيرا تعيش فيه مع أمها وابنتها
وكانوا أيضا يساعدونها بمال من أجل الطعام والشراب وإلحاق ابنتها بمدرسة حكومية،
والحمد لله على نعمائه.
وكان أن تعودت والدتها على الخروج لشراء طلباتهم البسيطة، إلى أن خرجت يوما ولم تعد،
وقد كانت معتادة ألا تأخذ معها جواز سفرها كإثبات لشخصيتها، وما تظنه صفية أنه ربما قد صدمتها عربة مسرعة لتقتلها ويدفنها الناس بعد أن لم يستطيعوا الاستدلال عليها،والله أعلم.
في خلال رحلة الألم والجوع والتشرد، اصيبت ابنة صفية بفقر دم شديد، ولا يكاد يمر عليها شهر إلا وتدخل المستشفى لنقل الدم لها، جزى الله أهل الخير الذين يتكفلون بعلاجها خير الجزاء.
في رحلة صفية، لم يفارقها قرآنها يوما، كانت تنظر إليه فتشعر بالنور يغمر قلبها،
وكانت يداها تلامس حروفه وتحلم بأن تتعلم تلك الحروف التي تكون كلماته،
لتستطيع أن تقرأ تلك الكلمات فيطمئن قلبها بمخاطبة ربها لها.
ولصدق نيتها ولا أزكيها على الله وهو أعلم بها يسر الله لها من يدلها على دار تعليم القرآن،
فأتت من فورها لتقدم أوراقها مخبرة المسؤولات أنها فقيرة لا تملك المال لتدفعه،
بل فقط تعادههنّ على الإلتزام في التعلم، وكان أن قُبلت صفية،
وبالفعل هي غاية في الإلتزام والانضباط ولله الحمد،
ولا تكاد تتغيب إلا عند دخول ابنتها المستشفى،
فكل منهما كل الأهل بالنسبة للأخرى.
صفية الآن في مرحلة تعلم الحروف، وبالطبع تجد صعوبة كبيرة،
فقد تخطت الثلاثين من عمرها ولم تتعلم من قبل،
ولكنها تحاول بجد شديد وتخبرنا دوما أنها لو نظرت إلى المصحف
واستطاعت تمييز الباء من التاء (كناية عن التفريق بين الحروف وبعضها)
لما طلبت من دنياها شيئا آخر،
صفية يا حبيبات فقدت البلد والأهل والزوج والمال والصحة،
ولكنها لم تفقد يوما إيمانها بربها وتعلقها بكتابه،
ولم تفقد صفاء نفسها وبراءة روحها وتوقد الأمل في الله والذي يشع من عينيها،
كذا لو رأيتِ ابتسامتها الراضية لن تنسيها ابدا ما حييتِ.
أسأل الله لكِ صفية سعادةً ما بعدها شقاء، وهناءًا بلا انتهاء،
وأن يرزقكِ ربي حسن تلاوة كتابه والعمل به،
وأن يجعله رفيقكِ وحاديكِ إلى فردوسهِ الأعلى،
وأن يرزقكِ رفقة الأحبة محمدا صلى الله عليه وسلم وصحبه،
وأن يبارك في ابنتكِ ويمن عليها وعليكِ بالصحة والعافية،
وأن يجزيكِ ويأجركِ أجر الصابرين، بغير حساب.
شُكْرى
قد تبدأ إحدانا حياتها بعد زواجها بعمل فرح كبير صاخب،
وقد تذهب بعده في رحلة مع زوجها يفرطان فيها في الكثير من واجبات ومستحبات دينهم،
بل إن البعض قد يخلع حجابه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
فتكون الأخت قد بدأت حياتها بمعصية ربها.
لكن البعض يبدأ بدايةً مختلفةً تماما،
فتعالي حبيبتي لتتعرفي على: شُكْرى،
وكيف بدأت وزوجها حياتهما المباركة بإذن الله تعالى.
شُكْرى فتاة مغربية منتقبة، في العشرينيات من عمرها،
لا تختلف ملامحها عن الكثيرات من بنات العرب،
قمحية اللون، هادئة الملامح،
جاءت إلى الدار طالبة أن تأخذ درسا في أحكام التلاوة لورش
على أن لاتزيد الفترة الكلية لتعلم الأحكام عن إسبوعين لأنها ستسافر إلى المغرب بعد ذلك،
فكان أن استعنّا بالله ووضعنا خطة لتحقيق هذا وبدأت شكرى في تلقي الدروس.
وبالطبع كانت تتعب كثيرا لأننا اضطررنا لضغط الدروس،
بحيث كانت تأخذ عدة أحكام في المرة الواحدة مما يرهق ذهنها،
بالإضافة إلى أنها أخبرتني أن ركوبها الطويل لوسائل النقل يصيبها بالدوار الشديد
وهي تقطن في مكان بعيد عن الدار والطريق يأخذ وقتا طويلا في عربة الأجرة
لازدحام الطرق دائما في مصر، وبالرغم من ذلك تحضر في موعدها تماما
تدافع الدوار وما يتبعه من شعور بالقيئ، أعزكن الله،
وتبذل قصارى جهدها، تقبل الله منها،
وعندما سألتها لماذا لاتجلسين في مصر فترة أطول
ليسهُل الأمر عليكِ؟ أجابتني ... وكانت المفاجأة!!!!!
شكرى يا حبيبات، أخبرتني بأنها عروس لم يمض على زواجها سوى إسبوعين،
وكانت وزوجها مازالا في شهر عسلهما،
ولأن زوجها حين خطبها كان يعرف بأنها تحفظ القرآن،
ولكنها لم توفق في المغرب لدراسة أحكام التجويد،
فوعدها زوجها بأن تكون هديته لها بعد البناء أن يأتي بها إلى مصر لتتعلم
أحكام التجويد لورش، ويأخذ هو دروسا يتذكر بها بعض أحكام اللغة العربية التي نسيها
في نفس الوقت!!!!!!
شكرى فرحت بذلك جدا وكان أن حدث بفضل الله وجاءا إلى مصر بالرغم
من معارضة أهليهما الشديدة لاضطراب الأحوال بمصر منذ الثورة حتى الآن،
لدرجة أن والدتها قالت لها لا تذهبي لتموتي يابنتي، ولكن شكرى لم تخف
بل قالت لها يا أمي الحبيبة، أنتِ تعرفين كم أحب كتاب ربي،
وهي فرصتي وفرحتي الحقة في تعلم أحكامه في مصر،
وإن مت فسيكون في سبيل الله إن شاء الله،
فوافقت أمها بعد عناء ودعت لهما بالحفظ والبركة والسلامة،
لتطير شكرى وزوجها إلى مصر على جناح الشوق لكتاب الله.
شكرى أخبرتني أيضا بأنهما عندما يعودا للمغرب لن يلبثا سوى فترة قصيرة
ثم يسافر زوجها حيث عمله في انجلترا ولن يأخذها معه بل ستجلس مع أهله،
وهم يبعدون عن بيت أهلها بقرابة الست ساعات من السفر بالعربة،
وعندما قلت لها ولم لا تجلسي عند أهلك، قالت لي أن هذا في المغرب عيب ولا يصح،
كما أنها تتقرب لربها بطاعة زوجها وفعل ما يسعده، ومنه جلوسها مع أهله.
شكرى العروس الهادئة، وافقت أن يكون شهر عسلها في سبيل الله بل وسعت لذلك،
مع علمها بأنها ستحرم من زوجها بعد عودتهما بعد ذلك ما لا يقل عن العام،
حيث عطلته القادمة،
ولم تتذمر أو تعترض بل كانت تقدر، وتتكلم عن زوجها بكل امتنان وفخر،
أسأل الله أن يبارك لهما ويبارك عليهما ويجمع بينهما في خير .
أنهت شكرى تعلم الأحكام ببركة الله تعالى، على وعد بأن تعلم غيرها بإذن الله
وكانت سببا في تشجيعي على تدوين تلك الأحكام في مذكرة، كانت سببا في نفع العديد
من الأخوات بعدها، هنا في منتدانا وفي غيره،
لكن الوريقات التي أعطيتها إياها كانت بخط اليد،
حيث لم أكن قد كتبتها على الكمبيوتر وقتها لضيق الوقت،
وأنا على موعد معها على سكايب إن شاء الله لنواصل ما بدأنا.
عادت شكرى إلى المغرب بعد أن تبادلنا الهدايا البسيطة،
أعطتني هديتها قائلة: خذيها لتتذكريني بها،
وهي لا تعرف أنها أصبحت راسخة في ذاكرتي، وجزء من ذكرياتي لا يُنسى أبدا بإذن الله.
أسأل الله أن يبارك فيكِ شكرى وفي زوجكِ الفاضل وأن يرزقكما الذرية الصالحة
الحاملة لكتابه الناصرة لدينه، وأن يؤتيكما في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة
ويقيكما عذاب النار، وأن يجزيكِ عني وعن كل من ستقرأ حكايتكِ
وعن كل من ستقتدي بكِ خير الجزاء،
والحمد لله كل الحمد أن جعلني أقابلكِ في رحلتي.
سامـــــيــــــــــــــة
كثيرات من أخواتنا المتزوجات لا تنفك تتحدث إحداهن عن أنها ما تزوجت زوجها
إلا لله وفي الله، ولكن كم منا حقا تصدق في هذا؟
تعالي معي حبيبتي لتتعرفي على سامية وترين بنفسك
كيف يكون الزواج حقا في الله،
فهلمي بنا.
سامية أخت فرنسية من أصل جزائري،
نشأت في فرنسا لتعبر فترة الطفولة إلى مرحلة الشباب
ولم تكن تعرف عن دينها سوى الإسم،
فلم تكن ترتدي حجابا ولا تصلي فرضا، وكذلك والدتها
وإخوتها وأخواتها عدا أخيها الأكبر فقد كان شابا أيضا
ولكنه بدأ في الانتظام في صلاته والحمد لله،
وكانت سامية تراه وتتعجب وقد كانت علاقتها به قوية جدا وكان هو مثلها الأعلى وخاصة
أن والدها كان متوفيا منذ زمن، رحمه الله وأموات المسلمين رحمة سابغة واسعة.
كان إيقاع حياة سامية يسير على تلك الوتيرة حتى تعرفت بمدرستها
وهي بالمرحلة الثانوية على أخوات فرنسيات أيضا ولكنهن من أصل مغربي،
محجبات ملتزمات، ولم يكن الحجاب ممنوعا في فرنسا وقتها،
وبدأن في الكلام معها عن الحجاب وأنه فرض على المسلمات البالغات،
وكان أن تعجبت سامية أيما تعجب،
وهرعت لتسأل أخيها الحبيب عن هذا الأمر،
ليخبرها بأنه يعلم صحة هذا الأمر،
وجعل يمدها بالمحاضرات المسجلة والكتب التي تؤكد كلامه،
والتي كانت خطوتها الأولى على طريق الإلتزام، والحمد لله رب العالمين.
ومن ثم بدأت سامية في التفكير في ارتداء الحجاب وأخبرت والدتها بتفكيرها
لتثور الوالدة ثورة عارمة وتحول حياتها إلى سلسلة من الشجارات
والخصامات والإهانات المتتالية،
وسبحان الذي ثبت تلك الفتاة الصغيرة
والتي لم تتجاوز ربيعها السادس عشر على موقفها،
سبحانه جل في علاه الذي نقل سحرة فرعون في لحظة من قاع الكفر لقمة الإيمان،
سبحانه الذي ما إن يلامس طعم الإيمان به شغاف القلوب حتى تحلق في سماء
اليقين في رحمته سبحانه، ولا ترضى بغير الأنس به بديلا،
ولا تجد في نعيم الدنيا مجتمعا له عديلا،
سبحان الله.
ارتدت سامية الحجاب وتركت كل المغريات حولها في باريس
عاصمة النور كما يقولون عنها وجعلت تصادق الفتيات الملتزمات
وتترك غيرهن من الكافرات أو العاصيات
ورويدا رويدا كونت لنفسها مجتمعا من الأخوات اللواتي كن يرتقين بها نحو ما يرضي ربها،
إلى أن دعيت في أحد الأيام لفرح في بيت إحدى رفيقاتها،
وهناك قابلتها ... تلك السيدة الفرنسية الجزائرية اللطيفة الرقيقة،
وبدأت في تجاذب أطراف الحديث معها وانشغلت بها عن صديقتها وأهلها،
ومر الوقت معها سريعا، لتعلم من صديقتها بعد فترة أن لهذه السيدة
ابنا يبلغ الثانية والعشرين من عمره، ملتزم وهو يبحث عن عروس،
وقد اختارت أمه سامية لتكون زوجته،
ورأته سامية ووافقت من فورها بعد أن وعدها بأنه سيعلمها دينها ويأخذ بيديها نحو ربها،
وأيضا لما لاحظت من بدو سمت الإلتزام على هيئته واكتساء وجهه باللحية
التي أصبحت محببة إلى نفسها بعد أن علمت أنها من هدي خير الأنام،
المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وبالطبع عارضت أمها وبذلت كل ما تستطيع لمنع تلك الزيجة،
وكالعادة وقف أخوها الحبيب بجوارها واستمات وتحمل وسامية وخطيبها
الكثير من أفعال أمهم وصبروا وصبروا وصبروا حتى تمت الزيجة بفضل الله،
وبعد زواجها بإسبوعين ارتدت سامية النقاب
وكان عمرها وقتها تسعة عشر عاما.
بعد الزواج وجدت سامية في زوجها كل ما كانت تحلم به وزيادة من إيمان والتزام
وأصبح هو معلمها وصديقها وزوجها وحبيبها،
وكان لا يدخر وسعا في التقرب وزوجته لربه،
ولا يترك بابا فيه خير لدينه أو لغيره من المسلمين حتى يسارع في إتيانه،
مشركا زوجته التي كانت تزداد انبهارا وتعلقا به في كل يوم،
وللحق فإن ما أسمعه عن هذا الزوج يجعلني ألحقه بمن سعمت عن أفضالهم
وخيريتهم من الصحابة والتابعين ولا أزكيه على الله،
أسأل الله أن يرزق كل بنات المسلمين بالأزواج الصالحين.
بعد فترة قصيرة رزقت سامية بأولى بناتها وهي كوثر وبعدها بفترة رزقت بحفصة ثم زكرياء،
ووقتها بدأ الزوجان في الشعور بأن المجتمع في فرنسا
لا يساعد أبدا على تنشئة أولادهما كما يتمنيان،
فعزما بعد الاستخارة على الحضور إلى مصر، وكان أن فعلا،
والتحق كل منهما بمكان ليدرس فيه دينه ويتعلم أكثر عن سننه وواجباته،
وعن كيفية تلاوة القرآن الكريم، ليس هما فقط، بل وكوثر ايضا،
حيث كان كل من حفصة وزكرياء مازال صغيرا جدا.
وبعد مضي بعض الوقت قامت الحكومة المصرية قبل الثورة بطرد زوجها من مصر،
حيث كان المكان الذي يدرس فيه دينه مغضوبا عليه من قبل تلك الحكومة
وبالرغم من أن سامية وأولادها لم يطردوا إلا أنها أصرت على الرحيل مع زوجها
وتوجها إلى الجزائر بأطفالهما،
ولكنهما لم يوفقا هناك في حياتهما فكان أن اتخذا قرارا صعبا جدا
وهو أن تعود سامية بالأولاد إلى مصر وتواصل هي دراستها للقرآن وكذا كوثر،
وإخوتها أيضا حيث كانا قد أصبحا في سن يمكنهما من البدء في حفظ القرآن الكريم، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا بالنسبة لزوجها،
وأتت سامية إلى مصر بدون زوجها ولم تضيع وقتا وعادت للالتحاق بدار القرآن
وقد قابلتها في تلك الفترة،
لتواصل وكوثر ابنتها حفظهما للقرآن وليبدأ كل من حفصة وزكرياء رحلتهما في حفظ كتاب الله.
تحملت سامية الكثير والكثير وحيدة غريبة بدون زوجها
وظلت علاقتها به لسنوات فقط عبر الهاتف أو شبكة النت،
ولم تتذمر يوما بل اجتهدت وبذلت فوق ما تستطيع
حتى ختمت كوثر في هذه الفترة حفظ القرآن الكريم ولله الفضل والمنة،
أما سامية فكان أن تعرضت لسحر وهي صغيرة يعيقها
بشكل كبير في الحفظ ولكنها تصر وتحاول حتى الآن، وأسأل الله أن ييسر لها.
قامت الثورة في خلال هذه الفترة وتغير النظام الحاكم للبلاد،
واستطاع زوج سامية العودة إلى مصر مرة أخرى بعدها
ومنّ الله على الأسرة الطيبة بالاجتماع بعد طول فراق
ورزقهما الله بعد قليل بآخر بناتهما (غنية) والتي تسمت باسم جدتها لأبيها،
وهي الآن لم تكمل بعد عامها الأول، والحمد لله رب العالمين.
عاد زوج سامية لسابق عهده من من دراسة دينه، والسير في حوائج غيره،
فهو يساعد أخا أو يسير في حاجة أرملة أو مطلقة، أو يساهم في التفريج عن مكروب،
أو ينفق على فقير، وغير ذلك كثير،
وسامية تسانده في كل هذا ولم تتسخط يوما ولم تقل له أبدا اجلس معنا ودعك من الآخرين
بل كانت تحتسبه في سبيل الله بالرغم من حبها له وشوقها لقربه،
ليس هذا فقط .... بل وافقت على زواجه من أخرى شيشانية أرملة
لأخ نحتسبه من الشهداء بإذن الله في الحرب ضد الروس،
تكبر هذه المرأة زوج سامية بقرابة السبعة عشر عاما، ولها من الأولاد خمسة،
تزوجها بموافقة سامية ليكفل أولادها،
ولا أخفيكن كم تحترق سامية بنار الغيرة لمكانة زوجها منها،
ولكنها تحتسب وتردد دوما: أنا ما فعلت ذلك إلا لله،
ولم تخبر أحدا من أهله أو أهلها عدا أخيها فقط،
لأنهم سيرفضون ذلك رفضا باتا، أسأل الله أن يصبركِ ويأجركِ سامية ويجزيكِ خير الجزاء.
الآن يتجهز زوج للذهاب للجهاد في سوريا الحبيبة،
وسامية تسانده في ذلك ولا تمنعه كغيرها من النساء اللواتي يمنعن أزواجهن،
وعندما أبديت تعجبي من موقفها أجابتني قائلة:
أنا لم أتزوجه إلا في الله ولله، وإن استشهد في الحرب وأصبح ميتا بالنسبة للناس،
فسيظل حيا في قلبي للنهاية،
وسأواصل رحلتي مع أولادي حتى يكونوا جميعا من حملة القرآن
مسلمين صالحين بإذن الله،
لأعود وأجتمع بزوجي في الجنة إن قدر الله لنا ذلك،
وإني لطامعة في رحمة ربي.
أتعبتِ الزوجات من بعدكِ يا سامية،
أسأل الله أن يرزقكِ وزوجكِ فردوس الجنة الأعلى،
وأن يبارك في ذريتكما وأن يحسن ختامكم وأن يجزيكما عنا خير الجزاء.
حليمـــة
الهجرة إلى الله وترك الذنوب والمعاصي،
كثيرات منا يتمنينها وكثيرات يحاولن في ذلك،
ولكن كم منا تصدق حقا في هجرتها؟
تعالي حبيبتي وأختي في الله لتتعرفي على حليمة
ولتتعلمي كيف تكون الهجرة الحقة إلى الله رب العالمين.
فتاة فرنسية يافعة جمالها يأخذ الألباب،
ثرية، تحيا مع والديها الذين يحبانها كأشد ما أحب والدان ابنتهما الوحيدة،
يعيشون في ألمانيا حيث يعمل الأب،
وكانت فتاتنا تشغل وقتها في العديد من الأمور ومنها الدخول على النت،
وفي هذه الفترة بدأت في التعرف على الإسلام، ولم أستطع التحقق من قصة إسلامها
وما عرفته أنها أسلمت رغما عن أهلها وتسمت بحليمة،
وتزوجت بشاب المفروض أنه مسلم!!!
غير أنه قد تبين انتمائه إلى فئة ضالة وهي فئة القاديانيين أعاذنا الله منهم.
وبعد الزواج تكشف لها الوجه السيئ لزوجها، كان يهينها ويضربها ويسيئ
إليها بشتى الطرق، والغريب أنها لم تنفر من الإسلام بالرغم مما لاقته من زوجها !!!
وهنا بدأت أمها في التدخل والضغط عليها لتعود للنصرانية،
بدعوى أن الإسلام سيئ، وأبلغ دليل هو زوجها.
والعجيب أن حليمة كانت تدافع عن دينها بكل قوة وتجادل أمها بالحسنى وتقول لها
أننا لا نحكم على الدين بتصرفات بعضا من أهله، ولكن هيهات لأمها أن تقتنع،
وقد كانت للنهاية من أشد المعادين للإسلام .... أسأل الله لها الهداية.
تطلقت حليمة بعد عناء، ثم فرت من أهلها بألمانيا وجاءت لمصر مهاجرة بدينها
آملة في رحمة ربها، وقد كانت صديقة لها فرنسية مسلمة قد سبقتها للمجيئ لأرض مصر،
وقد دعت حليمة للمجيئ.
ارتدت حليمة النقاب، وظلت تتنقل بين بيوت الأخوات،
وكان أن وافقت على أن تكون زوجة ثانية لزوج إحدى أخواتها في الله،
إلا أن الغيرة ما لبثت أن نشبت أظفارها في قلب الزوجة الأولى،
مما دفع الزوج ليطلق زوجته الثانية حليمة.
في هذه الفترة كانت حليمة تجاهد في دراسة اللغة العربية،
وتلاوة القرآن الكريم، وكانت لا تدخر وسعا في ذلك، وقد تقدمت بشكل كبير بفضل الله.
وعلى الجانب الآخر لم تكل أمها يوما في مطالبتها بالعودة عبر الاتصالات الهاتفية،
وكانت تسلط السفارة الفرنسية لاستدعاء حليمة كل فترة ومحاولة إقناعها بالعودة،
بدون أن يكون هناك صدى لتلك المحاولات في نفس حليمة،
بالرغم من وحدتها وعنائها وعدم استقرارها.
واصلت حليمة حياتها، وفي كل يوم كانت تعمل على التقرب لربها،
والتعرف على دينها وكانت تشعر أن العمر لن يطول بها، فكانت تغتنم كل فرصة
وتعمل على التجارة مع ربها في كل لحظة،
تشتري الجنة بوقت وجهد وصبر على الأذى، وما أكسبها من تجارة.
وبعد مرور سنوات عليها في مصر، تعرف زوج سامية بطلة قصتنا السابقة،
تعرف على أخ تونسي، وكان هذا الأخ يبحث عن عروس ملتزمة،
وكانت سامية صديقة لحليمة، فعرضت عليها الأمر،
وكان رد فعل حليمة غريبا، إذ قالت لسامية لابد أن أرسل له ورقة بها بعض الأمور
وأضمن قرائته لها قبل أن أقابله، إلى الآن لم تعرف سامية مالذي كان مكتوبا في تلك الورقة،
ولكنها تذكر أن الأخ التونسي تعجب كثيرا عندما قرأها، وطلب أن يقابلها للرؤيا الشرعية،
وتمت المقابلة في بيت سامية، ولم ترض حليمة فيها أن ترفع نقابها ليراها الخاطب!!!
وبعد مرور إسبوع على تلك المقابلة كانت حليمة عروسا في بيت زوجها التونسي.
الحمد لله، أستقرت حليمة أخيرا في بيتها، ليس هذا فقط،
بل إن زوجها أحبها حبا شديدا،
لدرجة أنه كان يخاصم كل من علم عنهم أنهم آذوا حليمة قبل زواجه بها،
وكان أصدقاؤه من الرجال يتعجبون منه، ويقولون له: هذه أمور نساء لا شأن لك بها،
وبعد فترة وجيزة رزق الله حليمة بالحمل،
ولكنه كان حملا جد صعب لم يمر فيه يوم إلا بصعوبة وبتعب شديد،
ومع ذلك لم تُرَ حليمة يوما إلا حامدة شاكرة راضية،
وتمت فترة الحمل ورزقت حليمة ببنت آية في الجمال والرقة كأمها الغالية،
ولكن الله استرد وديعته، الطفلة الوليدة بعد فترة وجيزة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وصبرت حليمة كعادتها وصبر زوجها ورضيا بقضاء ربهما واستودعا فلذة كبديهما
لتكون لهما فرطا على باب الجنة بإذن الله تعالى.
وخلال هذا لم تتوقف سفارة فرنسا عن استدعاء حليمة كل فترة
لتتأكد من معاملة زوجها لها، وللمحاولة معها لتتركه وتعود لأهلها،
بإيعاز من أمها طبعا، وهي كالصخرة لا تلين ولا تضعف مهما كانت الضغوطات
أو المغريات، ضاربة المثل لغيرها ممن ولدن مسلمات، ولكنهن ومع أول فتنة
يسقطن فيها ويضعفن أمامها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
واصلت حليمة وزوجها حياتهما في طاعة الله وفي جواره مستمسكين بدينه،
ومرت الأيام ورزقت حليمة بالحمل مرة أخرى، وكان الأمر شاقا جدا عليها،
وما فتئت توصي زوجها إن هي ماتت في ولادتها أن يدفنها في مدافن المسلمين
وألا يمكن أهلها من الحصول على جسدها، وكان هو يحاول منعهامن قول هذا الكلام
ولكنها كانت تصر عليه.
مرت شهور الحمل منهكة لحليمة مستنزفة أنفاسها، وهي صابرة،
وكانت طوال فترة الحمل تتردد على المستشفى بشكل متكرر
ممتثلة لأمر رسولنا صلى الله عليه وسلم بالتداوي، وبعد انقضاء فترة الحمل
رزقت بابنتها الثانية، وكانت أيضا صورة من أمها، وسبحان المبدع وتبارك الله أحسن الخالقين.
ازداد تعب حليمة بعد الولادة وظلت تقاوم آلآمها طيلة شهر كامل
وبعده وبعد طول عناء وصبر على ابتلاءات لا يتحملها بشر، صعدت روح حليمة لبارئها
تاركة خلفها زوجا محبا مكلوما ووليدة لم تتعرف على ملامح والدتها
وأخوات ومعلمات فجعن فيها، أسأل الله أن يتغمدكِ برحمته يا غالية ويجعل مثواكِ
فردوس الجنة الأعلى.
كان أن يسر الله لزوج حليمة أخا مصريا مكنه من دفن زوجته بليل،
بحيث لا تستطيع السفارة الحصول على جسدها كما أوصت،
وعندما علمت السفارة بوفاتها أرسلت في طلب زوجها،
وبلغوا عنه السلطات بتهمة قتل زوجته،
وخاف مسؤولوا المستشفى التي كانت تعالج فيها حليمة على أنفسهم من المسائلة،
فقاموا بإخفاء أوراق علاج حليمة والدالة على شدة مرضها قبل الوفاة،
ليسجن زوجها لفترة، ولكن الله رزقه طبيبا من أطباء المستشفى صاحب ضمير حي
استطاع الحصول على أوراق حليمة، وقدمها للسلطات لتفرج عنه بعد التأكد
من أن مرض حليمة هو الذي أفضى لموتها، رحمها الله، لكنهم رحلوه خارج مصر
وللأسف رفضوا أن يأخذ معه ابنته بضغط هائل من السفارة، تمهيدا لإعطائها لأم حليمة
في فرنسا، أسأل الله أن يجمع بين ابنة حليمة وأبيها عاجلا غير آجل،
اللهم آمين.
حليمة لم تخلع غطاء رأسها يوما أمام أي من الأخوات، كانت فقط ترفع نقابها أمامهن،
ومنذ بضعة أيام رأتها إحدى الأخوات في رؤيا، تقف في مكان جميل، شعرها ذهبي طويل
منسدل ناعم وترتسم على وجهها ابتسامة رائعة، فكان أن طارت الأخت فرحا في الرؤيا
وقالت لحليمة: ألم تموتي يا غالية؟
فالتفتت لها مبتسمة وقالت: أنا لا أموت.
حليمة ذاق قلبها طعم الإيمان به وتقلبت روحها في نعيم الأنس بقربه سبحانه،
فلم تلق بالا لألم أو عذاب،
أسأل الله أن يجزيكِ حليمة بكل لحظات الصيام والقيام وتلاوة القرآن والألم والصبر
والمرض خير الجزاء، أسأل الله أن يرحمكِ ويحسن إليكِ وييسر حسابكِ وييمن كتابك،
وأن يرد ابنتكِ إلى أبيها عاجلا غير آجل، وأن ينبتها نباتا صالحا،
وأن يجعلها من حملة القرآن الكريم العاملين به.
* عسى ان تكون لهذه قصص قلوب صاغية
نقلتها لتوعبة لاغير و شكري يكون بعمل بها لوجه الله لا غير