وقفات من تاريخ الجزائر المجيد
بداية سأتطرق في هذا الموضوع إلى تاريخ الجزائر من العصر الحجري بما يقارب 500 ألف سنة قبل الميلاد إلى الوقت الحالي أي 2009 .. وسأحاول جميع المعلومات من هنا وهناك حتى تتوضح الرؤية لأن التاريخ يتطلب كتبا وكتب وهذا الموضوع هو عبارة عن اختصار لبعض المراحل
بداية
الشعب الجزائري شعب مقاوم وأبي فقد برهن على ذلك منذ عصور ما قبل الميلاد إلى الفتح الإسلامي إلى الحقبة الاستعمارية الفرنسية وقد قام هذا الشعب بأعظم ثورة في القرن العشرين وقد استمدت عظمتها من قوة إيمان شعبها بحقهم في الحرية والعيش الكريم .فضحوا بأجود ما يملكون من الغالي والنفيس فلا يسعني إلى أن انقل إليكم مقولات شهدائنا العظام .
فقول الشهيد أحمد زبانة و هو أمام المقصلة
" أنني مبتهج بأن أكون أوّل من يصعد الى المقصلة، فبنا أو بدوننا ستحيا الجزائر... ليس من عادتنا أن نطلب، بل من عادتنا أن ننتزع، و سننتزع منكم حريتنا ان عاجلا أو آجلا"
و قال الشهيد سي الحواس : " انني لا أخاف على الجزائر من العدوّ بقدر ما أخاف عليها من الذي يبثه العدوّ،...اننا نحارب بكل سلاح، بالمؤامرات و الدسائس و الأكاذيب و المدافع و القنابل و مع ذلك سنصمد و نمضي و ننتصر بحول الله"
قال الشهيد محمد العربي بن مهيدي :"اننا سننتصر لأنّنا نمثّل قوة المستقبل الزّاهر، و أنتم ستهزمون لأنّكم تريدون وقف عجلة التاريخ الذي سيسحقكم... لأنكم تريدون التشبث بماض استعماري متعفّن حكم عليه العصر بالزّوال، و لئن متّ فانّ هناك آلاف الجزائريين سيأتون بعدي لمواصلة الكفاح من أجل عقيدتنا"
من 500.000 ألف سنة قبل الميلاد ( العصر الحجري ) إلى 646 بعد الميلاد
كما تبينه البقايا المكتشفة في تـيغنيف بالغرب الجزائري, يعود تواجد الإنسان بالجزائر إلى حوالي 500.000 سنة و دلت الأحفوريات التي عثر عليها في الجزائر (طاسيلي والهقار) على تواجد الإنسان قبل أزيد من 500,000 سنة (العصر الحجري) وحسب الأحفوريات التي عثر عليها فقد شهد ذلك الوقت تطورا كبيرا قبل أن يندثر وسأترككم مع بعض الصور من كهوف التاسيلي
وتتكون كهوف تسيلي من مجموعة من تشكيلات الصخور البركانية والرملية الغريبة الشكل والتي تشبه الخرائب والأطلال، وتعرف باسم "الغابات الحجرية". وتوجد الكهوف فوق هضبة مرتفعة تبلغ 500 م فوق سطح البحر ، يجاورها جرف عميق في منطقة تتواجد بها نسبة كبيرة من الكثبان الرملية المتحركة.
كيف تم الإكتشاف
في الواقع أن سبب يعود إلى الرحالة ( بربنان ) الفرنسى الذي اكتشف في عام 1938م كهوفا اعتبرها علماء الآثار من أعظم وأغرب ماتم كشفه. ثم كانت الزيارات في عام 1956م.. عندما قام الرحالة ( هنري لوت ) برفقة مجموعة كبيرة من العلماء بزيارة الكهوف وتصويرها فوتوغرافياً
تتنوع الصور الموجودة بين صور لعمليات رعي الأبقار وسط مروج ضخمة، وصور لخيول، ونقوش لانهار وحدائق غناء، وحيوانات برية، ومراسم دينية، وبعض الآلهة القديمة. ولكن لو اقتصر الأمر علي ذلك، لما كان هذا الكشف بالأهمية نفسها التي يحظى بها الآن، وذلك لان هناك رسومات أخري أهم وأخطر تظهر مجموعة من البشر يرتدون ملابس رواد الفضاء، وملابس أخري شفافة غير مألوفة، إضافة إلي لوحات لسفن الفضاء، و طائرات غريبة الشكل، وأناس يسبحون وسط هذه الطائرات داخل مدينة ضخمة شديدة التطور
كما ذكِر عن لغز كهوف التاسيلي ؛ فإن فيها رسوماً غريبة ، منها الصورالبشرية لحاضرنا المعاصر ذات البعد التطوري – الغير معروف كيف عُرِف –
أما النوع الآخر فهو رسم لصورة جني أو غول – وربما مخلوق فضائي –وهي كما تبدو كهيئة الإنسان ؛ ولكن برأس عريض الرقبة ؛ فيه عين أو أعينوسطية وجانبية ! ، لذلك لايمكن القول أن ذلك رسم إنسان أو خطأ في رسم موقعالأعين من ذلك الرأس الشبحي ! .
ورسم – نقش – آخر لجسم إنسان يشير بإحدى يديه للأعلى أو البعيد ، واليدالأخرى للأسفل تمسك بعصاة أو ما شابهها ، إلا أن رأس هذه الهيئة البشريةعلى شكل دائرة أو " قرص شعاعي " ، وفي وسطه دائرتين مركزيتين تحيطبها " دوائر صغيرة جانبية " عددها 12 دائرة ! ، وقد يكون شكلاً رمزياً لشيءغير بشري ، أو مخلوقاً فضائياً غريب السمات ! ، وربما دل عدد دوائر رأسهعلى عدد الساعات النهارية أو الليلية ، أو شهور السنة ؛ بالرغم من وجود تساؤل آخرعن معرفة شعب بشري لنظام الساعات والشهور قبل 20 ألف سنة أو أكثر ! .
وهز هذا الاكتشاف الأوساط العلمية هزا.. وتفجرت علامات استفهام ودهشة لا حصر لها.. وصنعت تلك الرسوم ما يعرفه علماء الآثار باسم : لغز كهوف تاسيلي.. فجائت إحدى النظريات لتطلق إفتراضاً أن لغز جبال تاسيلي ماهو إلا
" رمزاً أثرياً " من متعلقات القارة الإفتراضية المفقودة المعروفة بإسم " أتلانتس " ! ،على أساس أن أحد سكانها رسم ونقش رسوم ونقوش جبال تاسيلي الكهفية ؛ في رسالة أثرية للحضارات التي سوف تجيئ بعدها ؛ عن مدى التطور والتقدم الحضاري الذيوصل إليه شعب أتلانتس ! .فجاء آخر بما يناقض هذه النظرية بحجة أن " موقع " قارة أتلانتس الإفتراضي يقعفي المحيط الأطلسي ( المُسمى بإسمها ) بين الجُرف القاري لقارة أمريكا الشماليةوالجُرف القاري لشمال غرب قارة أفريقيا ( سواحل المملكة المغربية والصحراء الغربية ) ، وهو بعيد نوعاً عن موقع جبال تاسيلي الصحراوية ! .
ولكن هنالك " ثغرة " في النظرية المعارضة للإفتراض النظري الأول ! ، فمعنىوجود تطور وتقدم لحضارة ما يمكـّنها من إشعار حضارات أخرى عنها في أماكنومواقع مختلفة " قريبة أو بعيدة " ؛ كما هو ممكن الآن لحضارات الأرض المتطورة !! .
وإذا كانت رسوم الطائرات والأطباق الفضائية تخص أتلانتس ؛ ألا يعني ذلك إستطاعةأحد سكانها العبور بواسطة "إحداها " عبر المحيط إلى الصحراء ويعود أدراجه ؟! .
(2) – ثم ظهرت نظرية ثانية في الأفق ؛ يتلخص معناها أن لغز جبال تاسيلي منصنع " مخلوقات فضائية كوكبية " ؛ زارت عالمنا الأرضي منذ الماضي البعيد ؛ووضعت لنا " شاهد زيارتها " في تلك الرسوم والصور الجدارية الكهفية ؛ التي فيهاما يدل " علينا " – آنذاك – وما يدل " عليها " ( الرسوم الغريبة ) !! .
فإن كان ذلك كذلك فهذا يعني – حسب الإفتراض النظري الثاني – أن هذه المخلوقاتالفضائية الزائرة لها الآن من التقدم والتطور أكثر من " عشرة أضعاف " ما نحن عليهالآن على أعتاب القرن الواحد والعشرين ! ، وهذا بشكل تقريبي متواضع !! .
(3) – ثم نظرية ثالثة تقارب الأولى ، برزت لتقول أن هنالك " شعباً أرضياً ما "وصل إلى مرحلة متقدمة ومتطورة من التقدم العلمي والتقني ، حتى سجل عنهمن ذلك شيئاً في لغز جبال تاسيلي ، إلا أنه اضمحل واندثر وانقرض " لسبب ما "وانقطعت صلته الحضارية ببقية الحضارات التي حولها في الصحراء الكبرىوالنصف الشمالي للقارة الإفريقية شمال خط الإستواء ! .
وهذا التصور النظري الثالث هو بمنطق النظرية الأولى هنا ؛ وإن اختلف عنهفي عدم وجود قارة مفقودة بعيدة .
ولاحظوا معي هاته الصورة يذهب بعض الؤرخين أن البربر أبناء عم العرب و الفنيقين .قدموا كمهاجرين من آسيا عبر مصر وليبيا .وأنهم من مازيغ بن كنعان بن حـام بن نـوح عليـه السلام. وهناك من يقول أن البربر ساميون من أنساب العرب .فقد روى الطبري أنهم من نسل نقشان أو /نفسان/بن إبراهيم عليه السلام وهناك ما يرى أنهم من ولد النعمان بن حمير بن سبأ.فهم اذن عرب .فرقة أخرى تقول أنهم حاميون وقد دلت الآثارالقديمة التي إكتشفت في بلاد الجزائر أن هذه الأرض كانت مأهولة في العصر الحجري بأقوام غير العنصر البربري .أما الذي إستوطن كامل شمال إفريقيا منذ عصور قديمة جدا لم يستطيع البحث إكتشاف مجاهلها. و الأمازيغ هم "قوم أشراف"يدعون أنفسهم " الأمازيغ" أي السادة الأحرار لا يتحملون الخضوع لسلطان ولا يرضخون إلا للقوة وعلى مضض وقد دل التحليل اللغوي أن "الأمازيغية "مثل "الجبابلية "أو" الشلحية "هي لهجات قديمة متفرعة عن كتلة لغوية واحدة .هي كتلة العروبة .فالبربرية أو الأمازيغية سواء على مستوى المفردات أو على مستوى النحو أو على مستوى تركيب الجملة هي فرع من شجرة الأم وهي اللغة العربية وحاول الكتاب الغربيون .منهم الإستعماريون أن يرجعوا أصل البربر إلى سكان ضفاف بحر إيجي لينسبوهم إلى العرق الجرماني و ليبرروا بذلك إحتلال فرنسا للجزائر .وحينما إستولى الرومان على هذه البلاد أطلقوا على سكان شمال إفريقيا لقب "البرابرة " لأنهم لا يفهمون لغتهم اللاتينية
وهذاالرجل .. الذى بالصورة .. لاحضوا انه يقود مركبة ... غريبه الشكل .. لها محركات ... و**** .... والنار تظهر من خلف المركبه .... كأنه رجل فضاء يقود مركبه فضائيه بدائيه !!!!!!
وتظل كهوف تاسيلى من ألغاز العالم التى لم نجد لها أى تفسير ... ويتطلب الحديث عن كهوف الطاسيلي مواضيع كثيرة لذا فسننتقل للمراحل الأخرى من تاريخ الجزائر
وتطورت حضارات إنسانية بدائية مختلفة في الشمال: حضارة إيبيرية-مغاربية (13،000-8,000 ق.م) حسبما دلت عليه الآثار التي تم العثور عليها بالقرب من تلمسان، تلتها حضارة قفصية (نسبة إلى الفترة التي قامت فيها حضارات مشابهة في قفصة بتونس-7،500 إلى 4،000 ق.م-) بالقرب من قسنطينة، بالإضافة إلى حضارات أخرى في مناطق متفرقة الصحراء.
وبعد ذلك أتت الحقبات القرطاجية، الرومانية و المملكات النوميدية
كانت شرشال مدينة فينيقية تسمى ب(إيول) وأزدهرت المدينة في عهد القرطاجيين ويعتقد الكثير من العلماء أن شرشال كانت مستعمرة مصرية في منتصف الألف الثانية ق.م(1500 ق.م) ربما قبل العهد الفينيقي وذلك يعود لأكتشاف تمثال مصري في شرشال عليه خرطوشة الفرعون تحتمس الأول(1493-1482 ق.م) موجود في متحف المدينة وهو تمثال منحوت من البازلت الأسود وجلسته جلسة الألوهية مصرية .
تقع مدينة شرشال المطلة على البحر الأبيض المتوسط بنحو 90 كم غرب مدينة الجزائر وهي عاصمة ولاية تيبازة
بعض الصور من شرشال وتيبازة
حيث في سنة 1250 قبل الميلاد وقاموا بتأسيس هيبون ( عنابة حاليا أي بونة ) وأوتيك
وفي سنة 510 قبل الميلاد معاهدة بين روما وقرطاجة، روما تعترف بالسيطرة التجارية لقرطاجة على غرب البحر الأبيض المتوسط
وبين سنة 348 و 306 قبل الميلاد كانت هناك معاهدات تجارية بين روما وقرطاج
وبين سنة 201 و 149 قبل الميلاد نشبت الحروب البونيقية
الحروب البونيقية هي سلسلة من ثلاث حروب دارت بين روما و قرطاج . و هي تعرف باسم البونيقية لأن اللفظ اللاتيني لكلمة قرطاجي كان بونيكي Punici .
وكان السبب الرئيسي للحروب البونيقية هو تصادم المصالح بين الإمبراطوريتين القرطاجية والرومانية الآخذتان في التوسع. اهتم الرومان في البداية بالتوسع في صقلية، والتي كانت تقع تحت سيطرة القرطاجيين. في بداية الحرب البونيقية الأولى كانت قرطاج هي القوة المهيمنة على البحر المتوسط بإمبراطورية بحرية متوسعة، في حين كانت قوة روما آخذة في الاستيلاء السريع على السلطة في إيطاليا. بحلول نهاية الحرب البونيقية الثالثة، وبعد مقتل مئات الآلاف من جنود الجانبين استولى الرومان على إمبراطورية قرطاج وهدموا المدينة، لتصبح الإمبراطورية الرومانية أقوى دولة في غرب البحر الابيض المتوسط. تزامن ذلك مع نهاية الحروب المقدونية وهزيمة الإمبراطور السلوقي أنتيوكوس الثالث العظيم في الحرب الرومانية السورية وإبرام (معاهدة أباميا ، 188 قبل الميلاد) في شرقي البحر المتوسط، مما أدى إلى بروز روما بوصفها القوة المهيمنة في البحر المتوسط وأقوى مدينة في العالم القديم. كانت تلك نقطة التحول التي أدت إلى مرور الحضارة المتوسطية القديمة من أفريقيا إلى أوروبا عبر روما.
أصل البربر أوالأمازيغ:
الجزائـر من نومـــيديا إلــى نهــــاية الاحــــتلال البزنطـــي
وقبل التطرق إلى المراحل سأقوم بطرح تعريفات مبسطة لبعض ملوك الآمازيع وأبطالها
الملك ماسينيسا
(202 ق.م - 184 ق.م ) يعتبر واحدا من أشهر ملوك الأمازيغ القدماء. كان ملكا على مملكة نوميديا الأمازيغية من غرب ليبيا شمال وشرق المغرب الأقصى حالي عاصمتها سيرتا وتعرف اليوم بقسنطينا). تميز عهده بالإزدهار والقوة وتحالف مع الإمبراطورية الرومانية القوية ضد الفنيقيين . كما تميز بطول فترة حكمه وتعدد انتصاراته وانجازاته.
تمّ العثور على نصّ منقوش على الحجارة باللّغتين الأمازيغية -البونية - القرطاجية بالموقع الأثري و التّاريخي بدقة و احتفظ بها في متحف باردوو يذكر هذا النص نسب ماسينيسان: الملك ماسينيسان (202 ق.م. - 148 ق.م.) ابن الملك غيان المتوفّي سنة 206 ق.م. ابن زكلسان اشّفط - صاحب السلطة التنفيذية - في دقة و هو "ماسينيسان" والد الملكين:غولوسا ومكيبسا و من أشهر أحفاده يوغرطة.
يذكر الجغرافي الإغريقي سترابون أنّ الرومان يكنّون تقديرا خاصاً لماسينيسا، بسبب خصاله و يستطرد مؤكّدا أنه أول من أدخل النوميديين للحضارة و بعث النّشاط الفلاحي و علّمهم مهنة القتال المنظم و قضى على عادات قطّاع الطّرق.
و يحتفظ الموقع الأثري و التّاريخي بدقّة بضريح مرمّم لأمير من النّميديين : الضّريح اللوبي - البوني.
و تؤكّد القرائن المقنعة : الكتابات النصية الأساسية اللوبية أنّ دقّة القريبة من تبرسق الحالية كانت مقرّا لإقامة الأمراء النوميديين و منهم "ماسينيسا
ضريح ماسينيسا بالخروب بولاية قسنطينة
الملك صيفاقس
يعد الملك صيفاقس Syphax أو سيفاقس أو سيفاغس أو سفك عند ابن خلدون من الملوك الأمازيغيين الأوائل الذين عملوا على توحيد ساكنة تامازغا إلى جانب الملك ماسينيسا و الملك باگاBaga والملك فيرمينا . وقد عاش الملك صيفاقس في القرن الثالث قبل الميلاد. وينتمي إلى الأسرة المازيسولية التي كان موطنها نوميديا الغربية. وقد صار ملكا لها، واتخذ سيگا عاصمة له أو ما يسمى الآن في الجزائر بعين تيموشونت. وهناك مملكة أخرى تقابلها في الشرق تسمى ماسولة التي ينتمي إليها ماسينيسا ويفصلها عن الأولى نهر شليف الحالي، وتمتد في حدودها الترابية حتى قرطاجنة بتونس. وبتعبير آخر، هناك نوميديا الشرقية أو ماسولة، ونوميديا الغربية أو مازيسولة. وسيدخل صيفاقس في حروب طاحنة مع ملك ماسينيسا الموالي للروم ستنتهي بانتصار ماسينيسا وحلفائه الروم الذين قتلوه سنة 203 قبل الميلاد.
ضريح الملك سيفاكس
الملك يوغرطة
يعد يوغرطة من أهم أبطال المقاومة الأمازيغية الذين وقفوا في وجه الحكومة الرومانية الجشعة التي أرادت إذلال نوميديا وتقسيمها، بعد أن وحدها الملك ماسينيسا ووسع نفوذها شرقا وغربا وجنوبا. وقد استطاع الملك يوغرطة بحنكته العسكرية أن ينظم جيشا أمازيغيا مدربا، وأن يقوم بإصلاحات اقتصادية واجتماعية قصد التصدي للمحتل الروماني الذي أعد سدا أمنيا عتيدا لحماية المركزية الرومانية في إفريقيا الشمالية ضد الثورات التحررية الأمازيغية المقاتلة.
ولكن مقاومة يوغرطة ستؤثر بشكل سلبي على سياسة روما بعد أن ذاقت القوات الرومانية الغازية مرارة الهزائم المتكررة على أبواب نوميديا ، لكن مقاومة يوغرطة لن تدوم طويلا لكي يقتل هذا الملك الأمازيغي الشهم خيانة وغدرا على يد الرومان سنة 106 قبل الميلاد.
وسنحاول في هذه الدراسة التعريف بيوغرطة وبأهم منجزاته الإصلاحية داخل مملكته مع ذكر أهم المراحل التي عرفتها مقاومته ونتائجها المباشرة وغير المباشرة.
من هو يوغرطــــة أو يوغرثن ؟
تعني كلمة يوغرطة أو يوگرتن أو يوجيرتن Jugurtha في المعجم الأمازيغي أكبر القوم سنا، وقد تعني أيضا الملك أو كبير الأسرة أو القوم أو العشيرة أو القبيلة أو الجد الأكبر أو الرجل الكبير المحترم.
هذا وقد ولد يوغرطة المازيلي بنوميديا سنة 118 قبل الميلاد ، وهو سليل أسرة ماسينيسا الحاكمة، ومن ملوك قبائل نوميديا، تولى الحكم بعد وفاة ميسبسا(148-118قبل الميلاد) الذي وسّع التجارة الداخلية والخارجية بين مملكة نوميديا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط.
وهناك من يذهب إلى أن يوغرطة ” ابن غير شرعي لماستانا بعل بن ماسينيسا، ألحقه عمه الملك” ميكيوسا” بابنيه” أذربعل” و”هيمسعال ” وجعله شريكا لهما في عرشه. وبعد وفاة” ميكيوسا” حارب يوغرطة ابني عمه وتخلص منهما بالقتل على التوالي، وانفرد بالملك”.
وقد اشتهر يوغرطة بين أقرانه بالشجاعة والهيبة والوقار والذكاء وحب العمل وممارسة الصيد والفروسية حتى امتلك موهبة في مجال الحرب والتنظيم العسكري. وكان معروفا بتفوقه في مجال السباق داخل حلبات الفروسية والمبارزة العسكرية، وأصبح بعد ذلك قائدا عسكريا محنكا وكون جيشا أمازيغيا ليدافع عن سيادة نوميديا مذكرا جيشه دائما بالهوية الأمازيغية وبضرورة الدفاع عن راية الوطن والوقوف بكل شراسة في وجه الرومان المتوحشين الذين لايريدون من الأمازيغيين سوى استغلالهم واستلابهم ونهب ثرواتهم وممتلكاتهم وإخضاعهم رقا وذلا.
نوميـــــــــــــــــــــــــــديا
نوميديا هي مملكة امازيغية قديمة قامت في غرب شمال افريقيا ممتدة من غرب تونس الحلية لتشمل الجزائر الحالية وجزء من المغرب الحالي, وكانت تسكنها مجموعتين كبيرتين, احداهما تسمى: المازيليون, في الجهة الغربية من مملكة نوميديا, وهم قبيلة تميزت بمحالفة الرومان والتعاون في ما بينهم ضد قرطاج, اما القبيلة الأخرى فكانت تسمى بالمسايسوليون وهم على عكس المازيليين كانوا معادين لروما متحالفين مع قرطاج وكان موطنهم يمتد في المناطق الممتدة بين سطيف والجزائر العاصمة ووهران الحالية. وكان لكل قبيلة منهما ملك يحكمها اذ حكم ماسينيسا/ماسينيزا على القبيلة المزيلية في حين حكم سيفاكس على المسايسوليين.
تاريخ تأسيس نوميديا.
لا يعرف تاريخ تأسيس مملكة نوميديا على وجه التحديد, فبعض المصادر القديمة سواء المصرية الفرعونية او اللاتينية اشارت الى وجود ملوك امازيغ في شمال افريقيا, بحيث تروي بعض الروايات الأسطورية او التأريخية ان الأميرة الفنيقية أليسا المعروفة بديدو ابتسمت باغراء لأرضاء الملك الأمازيغي النوميدي يارباس ليسمح لها بالأقامة في مملكته, وهو ما رواه المؤرخ اللاتيني يوستينيوس نقلا عن غيره. كما اشارت بعض المصادر اللاتينية ان كلا من الملكين الأمازيغيين: يارباس ويوفاس رغبا في التزوج بالأميرة الفينيقية أليسا, كما اشار الشاعر فيرخيليوس الى ان يارباس كان يفرض زواجه على أليسا كما كان يقدم القرابين لأبيه جوبيتر-آمون في معابده الباهرة ليحقق له امنيته. غير ان هذه الأساطير ليست دقيقة فالأستاذ محمد شفيق يتساءل عما اذا كان المقصودون هنا هم زعماء القبائل. وحسب الأستاذ نفسه فأنه من المحقق انه كان هناك ملوك للأراضي النوميدية, وان جل المؤرخين يعتقدون ان أيلماس هو المؤسس لمملكة نوميديا, وللأشارة فان الملك ماسينيسا الذي ينتمي الى اسرة أيلماس كان يطالب باسترداد اراضي اجداده في حربه ضد قرطاج ومملكة موريطانيا الطنجية (شمال المغرب) مدعوما بروما.
نوميديا في عهد ماسينيسا.
يعتبر ماسينيسا اشهر الملوك النوميديين, اذ تميز بقدراته العسكرية بحيث تمكن من هزم خصمه الأمازيغي سيفاكس, كما تمكن من هزم حنبعل القرطاجي اعظم الجنيرالات التاريخيين, في معركة زاما بتونس الحالية سنة 202 قبل الميلاد. ولربما لأسباب عاطفية تكمن في تزوييج القرطاجيين خطيبته : صوفونيسا لخصمه المسايسولي سيفاكس, رافعا شعاره الشهير: افريقيا للأفارقة, متحالفا مع روما, عاملا على تأسيس دولة امازيغية قادرة على مواجهة التحديات الخارجية. وفي عهده برزت نوميديا في ميادين عسكرية وثقافية متبعا التقاليد الأغريقية في ما يتعلق بالطقوس الملكية, ومتبنيا الثقافة البونيقية في الميادين الثقافية. كما جهز الأساطيل ونظم الجيش وشجع على الأستقرار وتعاطي الزراعة وشجع التجارة الشيء الذي جعله يعتبر ابرز الملوك الأمازيغ القدماء.
نوميديا بعد ماسينيسا ماسينيسا الذي بلغ من الكبر عتيا لم يأخذ بالحسبان المطلوب القوة الرومانية ، كما انه لم ينظم امور الملك, فبعد وفاته قامت صراعات بين ابنائه لحيازة العرش, فتدخل الرومان ووزعوا حكم نوميديا التي اصبحت الخطر القادم بعد انهيار قرطاج, على ثلاثة من ابائه, ونصبوا مسيبسا حاكما لنوميديا وعمل على مد جسور العلاقات الودية مع روما, في حين جعل اخوه غيلاسا قائدا للجيش, بينما جعل الأخ الثالث: ماستانابال القائد الأعلى في مملكة نوميديا, غير ان ميسيسا سينفرد بالملك بعد وفاة اخوته في وقت مبكر .
نوميديا بعد ميسيبسا.
بعد وفاة ميسيبسا سيندلع ايضا صراع بين أبنائه وهم: هيامبسل واذر بعل وابن أخيه يوغرطا الذي هو حفيد لماسينيزا, وعلى غرار التجربة الأولى عملت روما على التدخل لتوزيع مملكة نوميديا قصد إضعافها غير ان يوغرطا تميز بقوميته على غرار جده ماسينيسا حالما بإنشاء مملكة نوميدية امازيغية قوية, بعيدة عن تأثير القوة الرومانية.
نوميديا في عهد يوغرطا بعد الصراع بين ابناء ميسيبسا تمكن يوغرطا من القضاء عليهم, ومن مدينته سيرطا التي اختارها كمنطلق لحروبه ضد الرومان كبد روما خسائر كبيرة في جنودها حتى بدا وكأن الفوز سيكون لا محال من نصيب يوغرطا, غير انه وحسب الروايات المتداولة قام احد ملوك موريطانيا الأمازيغ التي وجدت في منطقة المغرب الحالي وهو بوشوس غدر به في فخ روماني, وبذلك تم القبض عليه وسجن الى تمكن منه الموت
نوميديا بعد هزيمة يوغرطا بعد هذه الهزيمة اصبحت شمال افريقيا غنيمة في يد الرومان, وبدل جعلها عمالة تابعة لروما, نصبوا ملوكا امازيغا على شرط قيامهم بمد روما بالثروات الأفريقية, وبذلك تم تقسيم مملكة نوميديا الى ثلاثة مماليك, استأثر فيها بوشوس بالجزء الغربي جزاء عمالته, في حين حصل غودا على الجزء الشرقي, اما ماستانونزوس فقد حصل على الجزء الأوسط من مملكة نوميديا الموزعة.
نوميديا في عهد يوبا الأول بعد خلفاء بوشوس الذين تميزوا باقامات علاقات ودية مع روما, ظهر ملك امازيغي نوميدي آخر, وهو حفيد ليوغرطا وكان اسمه يوبا الأول. هذا الآخير حلم على نهج اجداده يوغرطا وماسينيزا لبناء دولة امازيغية نوميدية مستقلة تكفيهم التدخلات الأجنبية. وفي سنة 48 قبل الميلاد بدت الفرصة سانحة لتحقيق هذا المأرب, ذلك ان صراعا قام بين بومبيوس وسيزر حول حكم روما. واعتقد يوبا الأول ان النصر سيكون حليفا لبوميوس وراهن على حلف بينهما غير ان النصر كان مخالفا لتوقعات يوبا الأول وتمكن سيزر من هزم خصمه بومبيوس. ففي سنة 48 قبل الميلاد تمكن الجنود الرومان وجنود كل من بوشوس الثاني وبوغود الثاني من تحقيق نصر مدمر ضد جيوش يوبا الأول وبومبيوس. وعلى الرغم من تمكن يوبا الأول من الفرار الى انه انتحر بطريقية فريدة دعا فيها احد مرافقيه من القادة الرومان الى مبارزة كان الموت فيها حليفا لكل منهما .
نوميديا كمقاطعة رومانية
بعد هزيمة يوبا الأول فقدت نوميديا استقلالها السياسي, وكانت نهايتهاعام 46 ق.م بعد مرور مائة سنة على ذكرى قرطاجةسنة 146 ق.م وبهذا دخلت نوميديا فترة جديدة وهي فترة الحكم الروماني.
سياسة روما وتعيين يوبا الثاني. يوبا الثاني هو ابن يوبا الاول.ولد عام 50 ق م .تبناه- يوليوس قيصر-وسماه يوبا إحياء لوالده أعطاه تربية رومانية ليكون في المستقبل صديقا للرومان .ولما توفي –يوليوس- وخلفه –أغسطس قيصر- اعتنى به هو الآخر ثم سلمه لآخته – اكطافية- زوجة انطونيوس- فملأت قلبه بحب الرومان فنشا رومانيا في روحه وسلوكه . تلقى العلوم والفنون في معاهد روما فنبغ في التاريخ والجغرافيا والعلوم الإنسانية...الخ. لقد اجلسه الرومان الدين ربوه على عرش آبائه بعد ان تم تزويجه من كليوباترة سيليني ) القمر( ابنة كليوباترة الملكة المصرية الشهيرة. لجعل إخلاصه للرومان متواصلا كما اتخذ من مدينة –يول - )شرشال( عاصمة له وكان يعيش في جو-هيليني- .اهمل يوبا ثاني رعيته ورماها في حماة العبودية من جهة .ومن جهة أخرى أراد ان يغرس فيها حب الرومان وثقافته لكن الثقافة تتنافى مع العبودية-, فلم يكن يدرك قيمة بلاده وقيمة رعيته ...-. لقد كان وضع البرابرة في عهد الاحتلال يرثى له مثله في دلك مثل أحفاده في الاحتلال الفرنسي .
ثورة تاكفريناس (17م-24م):
كان تاكفريناس س ضابطا في الجيش الروماني .فتحركت فيه عزة النفس بالرغم من رغد العيش وترفه الذي كان يعيشه في ظل الرومان .وهو يشاهد قومه كيف يستغلون و يستبعدون الأمر الذي د فعه إلى التمرد وإعلان الثورة على الاحتلال الروماني .
انطلق من الأوراس بعد أن أعد العدة ودرب أنصاره هناك .معلنا ثورته عام 17م التي عمت تقريبا جميع بلاد المغرب من موريتانيا غربا إلى طرابلس شرقا .وقد كبد تاكفريناس الرومان عدة هزائم .هددت وجودهم في المنطقة ودفعتهم إلى تعبئة كل قوا تهم .وبينما كان تكفرينا س في شرق سور الغزلان .فجاءته قوات رومانية موريتانية .فدافع تاكفريناس دفاع الأبطال حتى سقط في ميدان القتال عام 23م.لتخمد بذلك ثورته .وتندلع ثورات أخرى للتخلص من الاحتلال الروماني.
*حكم بطليموس 23م-40م):
خلف بطليموس والده يوبا الثاني .وقد ذهب في زيارة ودية إلى روما في عهد الإمبراطور كاليقولا (37م-41م)"المعتوه الأحمق".وكان بطليموس قد ارتدى ثيابا فاخرة تفوق لباس الإمبراطور .فحقد عليه وأمر في الحال بإعدامه.عام 40م.وبموته انتهت مملكة موريتانيا .وحولت إلى ولايتين رومانيتين باسم موريتانيا القيصرية .وموريتانيا الطانجية .وبذلك سيطر الرومان على الشمال الإفريقي كله من طرابلس إلى طانجة . أما البلاد الداخلية فلم يتعدى نفوذهم إليه كثيرا واستمرت كمراكز .لانطلاق المقاومة الشعبية .حيث قامت ثورة أهالي وقبائل جبال بابور ما بين سكيكدة وقسنطينة عام 253م ولم تنته هذه الثورة في 262م .لتبدأ ثورات أخرى ببلاد القبائل الحالية من عام 269م إلى 298م.وفي عام 372م تبدأ ثورة النوميدي "ضد الرومان بجهات جرجرة لتستمر حتى عام 375م.
بعص الآثار الرومانية
تيمقاد : مدينة تيمقاد مدينة أثرية رومانية كانت تسمّى THAMUGADI بُنيت سنة 100ميلادي في عهد تراجان ، و كانت في بداية الأمر تلعب دورًا دفاعيًا لتصبح فيما بعد مركزًا حضاريًا .
و هي مدينة كاملة بمختلف مرافقها ، بنيت على هيئة شبه مربّع طول أضلاعه 354×324م . بنيت بشكل لوحة شطرنج بواسطة طريقين رئيسيين شمال – جنوب CARDO MAXIMUS) ) و شرق – غرب (DOCUMANUS MAXIMUS) ثم طرق فرعية موازية للطريقين السابقين . و تشكّل عند تقاطعهما مربّعات طول أضلاعها 20م خصّصت لبناء المنازل . و مع مرور الوقت ازداد عدد سكان المدينة ، فهدمت الأسوار التي كانت تحيط بالمدينة ، و بنيت بها أحياء جديدة بشكل خاص في الجهة الشرقية للمدينة .
و مما يجعل مدينة تيمقاد مدينة فريدة من نوعها في العالم ، أنها لا تزال تحتفظ بتصميمها الأولي ، و بكل مرافقهاالعامة ممّا يجعلها المثال النموذجي للمدينة الرومانية .
تيمقاد الجزائرية·· مدينة تزهو على جبال الأوراسبعض الصور
التدهور الروماني وانتشار الديانة المسيحية:
كان الرومان وثنيين يعبدون الأوثان ويأهلون ا لشمس وغيرها من الأصنام لقد كانوا غارقين في ظلمات الإشراك بالله سبحانه وتعالى عما يشركون .ولما جاء الدين المسيحي أصبح لهم أنصار كما أصبح لهم أعداء .فما كادت روما تعشق الديانة المسيحية وتجعلها دينا رسميا .عام 312م.حتى أخذا البربر ينفرون من ذلك الدين ويأتمرون بأمر راهب بربري يدعى دونات الغربي .أو "دوناتوس"الذي أسس مذهبا إنشق عن الكنيسة المسيحية الموالية للحكم الروماني .وقد ظهرت الحركة الدوناتية سنة 313م.وكان ظاهرها دينيا وباطنها سياسيا .ترمي إلى تحرير المغرب من ظلم الرومان وجبروتهم .كان اليونانيون قد تعرضوا إلى مطاردة الرومان الذين اعتبروهم خارجين عن القانون.فالتف حولهم جميع المعارضين للسلطة الرومانية.
*نهاية الاحتلال الروماني:
كان دونات قد ألف جندا ظاهره نصرة المذهب الدوناتي. وباطنه تحطيم السلطان الروماني .فزرع هذا الجند بذور الثورة في كل بلاد المغرب .وكان النظام الاستعماري الروماني أكبر أسباب هذا ا لهيجان . انهزم الدوناتيون في عدة مواقع أمام الجند الروماني عبارة عن قلاقل وفتن و مذابح لا نهاية لها .وكان الوالي العام الروماني يومئذ يدعى الكونت"يونيفاس"وهو متزوج من إمراة وندالية قد خشي عزله من طرف سلطة روما .فأعلن عصيانه و انفصاله عنها عام 429م .واستقدم الو ندال الجرمانين المستقرين بإسبانيا .حيث زحفوا على إفريقيا عام 429م .بعد أن اتفق مع الوندال ليتركوا له الاحتفاظ بمملكة إفريقيا مقابل التنازل لهم عن بلاد الأقصى وأرض الجزائر.وهكذا انتهى الاحتلال الروماني للبلاد الذي استمر قرابة ستة قرون .لم يستفد منها البربر سوى البؤس والشقاء والتعذيب والتقتيل والتشريد .في حين عاش الرومان عيشة البذخ والترف .
نوميديا أثناء الاحتلال الوندالي
اصل الوندال:
الوندال قبائل من أصل جرماني كانت تقطن شمال أوروبا حول بحر البلطيق.بدأت تنتشر في جنوب ألمانيا خلال القرن الخامس ميلادي ثم تقدمت إلى بلاد غالية "فرنسا"ووصلت الى اسبانيا عام 409م.عندما اشتدت المؤامرات الداخلية ضد بونيفاس عام 422 م
كان الحاكم الروماني على افريقيا في مدينة سبتة قد كانت حكومته بعزله عام 427م فعصى امرها و استنجد بالوندال الذين كانوا يحكمون اسبانيا فلبوا طلبه وعبروا مضيق جبل طارق الى افريقيا عام 429م بقيادة "جزريق"حيث كان عدد جموعهم حوالي ثمانين الفا من بينهم خمسة عشر الف جندي ونزلت على الشواطئ المغربية بنواحي الغزوات لتواصل زحفهاشرقا فأتت على الأخضرواليابس أثناء زحفها حيث قامت بقطع الأشجار وإتلاف المزروعات وتقتيل الأبرياء من النساء و الأطفال والشيوخ ورجال الدين. وفي هذه المدة كان القديس أوغستين يسعى الى الصلح بين بونيفاس و الحكومة الرومانية بروما .فطلب بونيفاس بعد ان اعادتهروما الى ولايته من الوندال الرحيل عن افريقيا فاعلنوا عليه الحرب وهزموه وحاصروه حتى اخرجوه منها سنة431م
التوسع الوندالي و الحماية الرومانية:
استولى الوندال على نوميديا وما يليها غربا واتخذوا بونة عاصمة مملكتهم.ولماينست روما من استرجاع مستعمراتهاعن طريق الحرب .جنحت للسلم مع الوندال فعقدت مع جزريق صلحا يقصي بالإعتراف بحماية الرومان عليهم ووقف نفوذالوندال عند حدود نوميديا شرفا ووضع هنريك بن رهينة عندها .ولكن لم يحترموا هذا الإتفاق طويلا.بل اغتنموا فرصة انشغال الرومان بمحاربة القوط وشنوا حملة كبيرة على مدينة قرطاجنة واستولوا عليها عام 439م ونقلوا اليها عاصمتهم واسسوادولة وراثية تداول الحكم عليها ستة ملوك :جزريق (429م-477)واخرهم جليمار (531-م534م) وقد استطاع الوندال ان يستولوا على جزر البليار وسردينيا وكورسيكا وصقلية.واحتلوا روما لمدة 15يوما عام 455م ثم رحلواعنها.
الثورات الشعبية:
قامت ثورات بربرية عديدة تطالب بتحرير البلاد .في الوقت الذي نشبت فيه خلافات بين الوندال انفسهم على السلطة .حيث كثرت الدسائس والمؤمرات ضد كل حاكم. لقد تبين للبرابرة ان الوندال مثل الرومان في القسوة والوحشة والاستغلال.وشملت الثورات.جميع المناطق من موريطانياغربا الى طرابلس شرقا .
وقد حاول جليمار –دون جدوى- القضاء على تلك الثورات الأهلية .في الوقت الذي قدم فيه الروم البيزنطيون الذين يعتبرون أنفسهم الوارث الشرعي للدولة الرومانية الى حرب جليمار .حيث استولوا على قرطاجنة عام 533م وظل جليمار يجمع الوندال ويحاول التحصن بالحبال الى ان استسلم الى الروم عام534م.وباستسلامه انتهى الاحتلال الوندالي الذي استغرق بالبلاد ما يزيد عن قرن .لم يترك من ورائه سوى الهدم وسفك الدماء ليخلفه كذلك في سياسة القتل و التدمير احفادالرومان .الذي لا يذكر لهم البرابرة سوى هذه الصور المظلمة القاتمة التي تعود اليهم من جديد.
وبين 533 إلى 646 م بيليساريوس، جنرال جستنيان الأول البيزنطي، يقضي على الوندال، و يلحق المنطقة بروما الشرقية.
مراحل الفتح الإسلامي إلى 767بعد الميلاد إلى 1830 بعد الميلاد
الفتح الأول:
لما تولى عثمان رضي الله عنه الخلافة امر اخاه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن ابي سرح العامري الذي كان ولاه واليا على مصر عام26هـ خلفا لعمرو بن العاص.
ان يتهيأ لفتح إفريقيا .وفعلا اذن له بذلك في شهر محرم من عام 27هـ (تشرين الأول)عام647م.
خرج عبدا لله بن ابي سرح من مصر الى افريقية في عشرين الفا من المجاهدين .وكان في جيشه من وجوه الصحابة اهل الشجاعة والتضحية في سبيل الله.مثل عبد الرحمان بن ابي بكر.ومروان بن الحكم.وعبد الله بن الزبيروعبدالله بن جعفروعبدالله بن عباس وعقبة بن نافع وعبد الله بن عمروابوذؤيب الهذلي. التقى المجاهدون بجرجير الذي خرج من سبيطلة بمائة وعشرين ألفا من الروم والبربردارت المعركة بين الفريقين حيث قتل جرجيرعلى يد عبدالله بن الزبير.واندفع المسلمون إلى عاصمة سبيطلة ففتحوها ثم إلى قفصة ثم إلى قصر الأجم. وعلى إثرهذا الإنتصار الكبيرطلب الأفارقة من أبي سرج الصلح مقابل دفع جزية سنوية فخرج عنهم وعاد إلى مصر بغنائم كثير.
الفـــــــتح الثــــــــانــــــي:
عندما إستشهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ووقعت الفتنة الكبرى.نفض البرابرة الصلح عام 33هـ (645م)في حين تكالب الروم على البلاد الإسلامية.فأرسل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه معاوية بن حديج الكندي لفتح إفريقيا عام 45هـ (666م) بجيش قوامه عشرة آلآف مجاهد منهم بعض الصحابة وكبار القادة مثل:عبد اللهبن عمر بن الخطاب وعبدالله بن الزبيروعبد الملك بن مروان .وتم فتح جربة قرب خليج قابس وسوسة وبيروت وغزيت صقلية ثم رحل ابن حديج إلى مصر .إثر هذه المراحل الستكشافية.تبدأ مرحلة التأسيس و الإستقرارونشر الدين الإسلامي
الفتح الثالث:
ولاية عقبة بن نافع الفهري : في عام50هـ(670م)أرسل معاوية بن أبي سفيان .عقبة بن نافع الفهري إلى إفريقية فتوسع في الفتح وقام بتأسيس مدينة القيروان التي صارت قاعدة للجيوش الإسلامية وعاصمة لإفريقية ومركز للعلم و الحضارة في العالم الإسلامي .
أثناء ذلك فصل معاوية بن أبي سفيان ولاية أفريقية عن ولاية مصر فآرق ابن حديج على مصر وولي افريقية عقبة بن نافع الفهري الذي عمل على إخضاع البربر وتثبيت الفتح و الاستقرار إلى أن تم استدعاؤه إلى المشرق عام55هـ (675م).
ولاية أبي المهاجر دينار:واصل أبو المهاجر دينار الفتح .فأسس أسوة بعقبة مدينة أخرى إلى جانب القيروان سماها "تكروان"ثم اتجه بعد ذلك إلى الجهات الغربية حبث الجزائر الحالية ومر بمدينة بسكرة ونواحيها وقاتل بعض رؤساء القبائل واتخذ مدينة ميلة مركز للعمليات العسكرية .ثم تقدم إلى تلمسان حيث حفر عددامن الآبار للشرب و السقي ما تسمى إلى اليوم "عيون أبي المهاجر".
وكان من أمراء البربر أميرا يدعى كسيلة .الذي كانمن الموالين للروم .حيث عرض عليه أبو المهاجر الإسلام فرفض الإستجابة كان كسيلة قد جمع جموعه من البربر و الروم فاصطدم جيشه بالفاتحين المسلمين بقيادة أبي المهاجر دينار.فاسفرهذا الاصطدام عن انتصار ساحق للمسلمين وهزيمة منكرة لقبيلة "أوربة"ولقائدها كسيلة الذي وقع أسيرا في يد المسلمين .بالرغم من تفوق جيش كسيلة في العدة والعدد وفي قرية من مراكز الإمداد.مما يبين بجلاء وعد الله الذي لايخلف الميعاد.قوله تعالى (إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم )).
كان كسيلة قد أضهر الإسلام.فقبل أبو مهاجر ذلك منه وكان يستصحبه في حله وترحاله.
ولاية عقبة بن نافع مرة ثانية : لما تولى يزيد بن معاوية الخلافة أعاد تولية عقبة بن نافع على ولاية أفريقية عام 62هـ (682م).قام بتجنيد بناء مدينة القيروان التي استخلف عليها زهير بن قيس البلوي.واتجه إلى المناطق الغربية لمواصلة الفتح ونشر دعوة الإسلام .وصحب معه أبا مهاجر وصديقه كسيلة مقيدين .كما يذكر بعض المؤرخين كما كان موقفه تجاههما صارما مثلما يذكر البعض الآخر.
استطاع عقبة بن نافع أن يفتح باغاية قرب خنشلة وحارب الروم في قلعة لامبيس وأخرج الروم والفرنجة من الحصون والقواعد التي كانوا يملكونها و التي كانوا يشنون منها الغارات على المسلمين لقد قام بمسح عام وواسع لمعظم مناظق المغرب الأوسط و الأقصى حتى طنجة.حيث لم يبق أمامه إلامياه المحيط الأطلسي.فقيل إنه اقتحمها بفرسه ورفع يده إلى السماء بأعلى صوته قائلا:<اللهم فأشهد أني قد بلغت ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل في سبيلك حتى لا يعبد أحد دونك >ولم يقف عند هذا الحد بل اخذ يتوسع في الفتح حتى اقتحم إقليم السوس الأقصى وأخضع المصادمة في جبل درن.
وبدأت الدعوة الإسلامية تنتشرحيث بدأ الناس يقبلون عليها بصدر رحب بعدما آمنوا واقتنعوا بما جاءت به من رحمة و هداية و عدالة وأخوة ومساوات بين الناس.حيث لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.أي أن عنصر المفاضلة في الإسلام ليس المال و الجاه أو الأصل وإنما هو التقوى.
استشهاد عقبة بن نافع ومن معه من أصحابه :لما توالت الهزائم على الروم والبربر.لجأ من بقى منهم إلى الحصون و المعاقل التي لم يتم محاصرتها .وبعد فتح طنجة .اعتزم عقبة الرجوع إلى القبروان فأمر جنده أ ن يسبقه هناك ولم يبق معه إلا حوالي ثلاثمائة من أصحابه وفيهم أبو مهاجر دينار .واتجه بهم نحو "تهودة"في بلادالزاب جنوب جبال أوراس قريبا من بسكرة كان كسيلة يضطغن على عقبة .فاحتال في مراسلة الروم لانتهاز الفرصة لقتل عقبة وأصحابه فلحق بهم جيش كثيف من الروم والبربر.فاستشهد عقبة ومن معه جميعا في أواخر سنة 63هـ (683م).
ولا شك أن خيانة كسيلة وردته أدت إلى هذه المجزرة الرهيبة التي هي في الحقيقة شهادة في سبيل الله عزوجل.إنما طبيعة المنافقين تظل هي نفسها في كل زمان ومكان كلما أتيحت لهم الفرصة خدعوا وغدروا بالمسلمين.
لقد ضحى عقبة بن نافع وأصحابه بحياتهم في سبيل إرساء قواعد الإسلام في هذه البلاد.فحق أن يعدوا في قوائم الشهداء الأبرار كشهداء بدرو أحد بيد أن كسيلة لم يجن شيئا لصالحه وإنما كان المستفيد الأول هم حلفاؤه من الروم الذين أخذوا في كسب المواقع الجديدة وتحصين مراكزهم.
في هذه الأثناء كان كسيلة قد وصل إلى القيروان عام64هـ(684م)وإستولى عليها و أخرج منها زهير بن قيس البلوى الذي تراجع إلى برقة.
ولاية زهير بن قيس البلوى :وبدون ترددعين الخليفة عبد الملك بن مروان زهير بن قيس البلوى عام69هـ (689م) وأمده بجيش كامل العدة جهزها من مصر وأختارله أمهر القادة في فن القتال
سار زهير إلى القيروان فإذا كسيلة قد جمع جيوش كثيفة من الروم والبربر الموالين له ونشبت المعركة فقتل كسيلة وإنهزمت جيوشه على كثرة عددها.وآثر زهير الرجوع إلى برقة فأغار الروم على سواحل برقة بأسطول كبير مشحون بجيوش كثيفة وأكثروا هنالك القتل و الأسر و النهب ووافق تلك الغارة وصول زهير بن قيس فدخل المعركة منجدا .ولكن الروم من الكثرة بحيث لم تكن المعركة ن\متكافئة .فاستشهد زهير وكثرون ممن كانوا معه عام69هـ (689م) وكان استشهاد زهير في الفجيعة كمقتل عقبة من قبل.
ولاية حسان بن النعمان:بدأ الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان يولي أهمية مباشرة ـــ بعد استشهاد زهير ـــ لشؤون أفريقية.فجهز جيشا ضخما بقيادة حسان بن النعمان وعين رجالا أكفاء كقادة ومسؤولين عن هذا الجيش الذي قدر عدده بأربعين ألفا دخل حسان أفريقية عام74هـ(693م)ومضى يسترد مدنها واحدة تلو الأخرى فدخل القيروان ثم إلى قرطاجة فحاصرها وقاتل الروم الذي كانوا متحصنين بها وهدم أسوارها وخربها فلم يبق أي أمل إلا الفرار منها فتم فتحها .كما أنزل بهم الهزيمة بمدينة بنزرت التونسية و كذا بباجة في حين فرت البقية إلى مدينة بونة (عنابة)الجزائرية.
كان البربر قد اجتمعوا بعد مقتل كسيلة على امرأة من بني جروة من البتر التي اتخذت مقرها بجبل الأوراس اسمها "دهيا" وتعرف بالكاهنة لادعائها معرفة الأمور الغيبية الأمر الذي يفسر ربما التفاف الناس من حولها لاحتجاب الحق عن بصرهم وخلو قلوبهم من الإيمان بالله عزوجل. ولسوء رأي المرأة.كانت قد اضطهدت الكثير من النصارى و الأفارقة.حيث خرج ضدها الكثير مستغثين بالمسلمين .ولما علمت بقدوم حسان اتجهت نحوة بلدة باغاية وعسكرت بها ثم انتقلت إلى بلدة مسكيانة.أما حسان فقد عرج على الشمال الشرقي عبر وادي مسكيانة بين العين البيضاء وتبسة وجرت معركة كبيرة انتهت بتراجع حسان وجيوشه نحو برقة .حيث كاتب الخليفة عبد الملك بما حصل فرد عليه بأن ينتظر هناك حتى تصل تعليمات أخرى جديدة وخلال هذا الانتظار قامت الكاهنة .ظنا منها أن المسلمين .إنما قدموا من أجل الأموال والغنائم .بتخريب المدن وقطع الزرع و الشجر.وتطبيق سياسة إحراق الأراضي فكان هذا العمل التخريبي قد زاد من سخط البرابرة عليها وعلى تصرفاتها الحمقاء .وغاب عن ذهنها أن الفتح الإسلامي إنما جاء استجابة للباعث الروحي بهدف نشر الدعوة الإسلامية وعمل الكاهنة لا تأثير له على هذا الباعث ((الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا)).
لقد باتت كل الأسباب مهيأة للمسلمين لتحقيق الإنتصار على الكاهنة بعد وصول المدد من الشام عام81هـ(700م).فرحب البرابرة بالفاتحين بعدما ذاقوا كل أنواع الظلم الذي مارسته الكاهنة ضدهم و كذا الروم من قبلهم .وجد حسان في مطاردة الكاهنة التي تخلى عنها أكثر قومها حيث استطاع أن يقضي عليها ومن بقى معها في جبل الأوراس في موضع عرف فيما بعد ببئر الكاهنة .
وكان مقتلها عام 82هـ (701م).ثم أمن حسان البربر فأرسى قواعد النظام الإسلامي في هذا البلد بعد أن أطلع الناس على فضائله ومبادئه القائمة على أساس الأخوة و العدالة و المساواة ولافرق بين عربي وأعجمي لا بالتقوى .ثم بعد ذلك توجه إلى العناية بالعمران فأعاد بناء القيروان وشجع الناس على البناء فاتسعت بذلك المدينة وصارت تستقطب الناس من كل النواحي.
ولاية موسى بن نصير: أوفد الوليد بن عبد الملك القائد الإسلامي موسى بن نصير .بعد أن تم استدعاء حسان عام 85هـ (704م).
فقام بفتح زغوان بتونس ثم فتح عاصمة الزاب "طبنة" وأخضع قبائل هوارة وزناتة وكتامة .ثم اتجه نحوالمغرب الأقصى فوصل طنجة وكان لا يزال فيها بولبان الذي كان حاكما على مدينة سبتة .حيث شجعه على فتح الأندلس لقلب الحكم هناك بهدف اعادة صهره غطيشة الملك المخلوع وازالة الملك من لذريق وحزبه .غير انه قد غاب عن ذهنه أ، الفاتحين المسلمين إنما خرجوامن بلادهم للجهاد في سبيل الله ولم يكونوا ليجعلوا من دينهم أو من أنفسهم وسيلة لتحقيق أغراض قوم آخرين "لأن الذين اشتروا الآخرة بد نياهم لا يمكن أن يبيعوا آخرتهم برد الدنيا إلى غيرهم".
الجزائر في ظل الحكم الإسلامي مابين 767 ميلادي و 1556 ميلادي
المملكة الرستمية مابين 776 و 909 ميلادي
تاهرت/تيهرت (اليوم: تيارت).
مؤسس السلالة، عبد الرحمن بن رستم (ذو أصول فارسية) كان منذ 758 م واليا على القيروان من قبل الخوارج. فر بعد عودة ولاة العباسيين إليها إلى تاهرت، تمت مبايعته إماما على الجماعة (776-784 م). أتم الرستميون السيطرة على مناطق وسط الجزائر أثناء عهد ابنه عبد الوهاب (784-823 م) ثم وضع نفسه نفسه تحت حماية الأمويين حكام الأندلس. الشيء الذي مكنه من إقامة علاقات جيدة (تجارية) مع الأندلس. توطدت الدولة و ساد الاستقرار في عهد أبو سعيد الافلح (823-868 م) ثم أبو حاتم ويسف (868-894 م) من بعده. أصبحت تاهرت عاصمة الخوارج الثقافية و الفكرية في الشمال الإفريقي. سنة 908 م قام الداعية الشيعي أبو عيبد الله الشيعي صاحب الفاطميين بالقضاء على دولتهم. تحول بقايا الإباضيين نحو الجنوب الجزائري، واستقروا في منطقة وادي ميزاب، من أهم مدنهم اليوم غرداية.
المملكة الفاطمية بين 908 و 972 ميلادي
الفاطميون سلالة مسلمة شيعية، تنتسب للفرقة الإسماعيلية من الشيعة، حكمت تونس، ومصر، والشام وعلى فترات في ليبيا و الجزائر، والمغرب والجزيرة العربية و صقلية وكان لها نفوذ قوي ببلاد النوبة عبر إمارة الكنوز، بين عامي 909 و1171 م.
يرجع غالبا الفاطميون لقبهم الى ((فاطمة بنت محمد عبد الله)) رسول الإسلام، انتسابهم لأهل البيت عن طريق الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق، يرى غالب المؤرخين أن نسبهم كان منحولاً بفعل الحملة التي شنّها العباسيون ضدّهم، لوقف انتشار دعوتهم في البلدان التي كانت خاضعة للخليفة العباسي في بغداد.
المؤسس عبيد الله المهدي (909-934 م) نجح صاحب دعوته في القضاء على دولة الأغالبة و حمله إلى السلطة، معتمدا في ذلك على كثرة جموع قبيلته كتامة البربرية، ثم اختطّ مدينة المهدية بتونس وجعل منها عاصمة له، إلا أن الفاطميين وحلفاءهم بعد ذلك زحفوا إلى المشرق وااسسوا القاهرة مع رابع خلفاء الفاطميين المعز لدين الله الفاطمي ، ولم يتبق منهم في المغرب إلا القليل. استولى الفاطميون على شرق الجزائر، ثم تونس، ثم ليبيا ثم صقلية التي بقيت في حكمهم حتى 1061 م. سنة 969 م استولى المعز (953-975 م) على مصر وبنى مدينة القاهرة. بقيادة جوهر الصقلي.
حكم الزيريين من 972 إلى 1148 ميلادي
الزيريون او بنو زيري ، : سلالة امازيغية من قبيلة صنهاجة الامازيغية حكمت في شمال إفريقيا :تونس و شمال الجزائر مابين 971-1152م.
كان بنو زيري و كبيرهم "زيري بن مناد" من أتباع الفاطميين منذ 935م. تولى الأخير سنة 971م الحكم في قلعة آشير (الجزائر). تمتع ابنه من بعده بلكين بن زيري (971-984 م) باستقلالية أكبر عندما حكم بلاد تونس و الشمال الجزائري (شرق اليلاد ابتداءا من قسنطينة)، تمكن من أن يمد في دولته غربا حتى سبتة. دخل الزيريون بعدها في صراع مع أبناء عمومتهم.
حكم الحماديين من 1007 إى 1152 ميلادي
الحماديون، بنو حماد، الصنهاجيون: سلالة أمازيغية حكمت في الجزائر، مابين 1007/15-1152 م.
المقر: القلعة: 1015-1090 م، بجاية: منذ 1090 م.
الحماديون فرع من الزيريين حكام إفريقية. أسس دولتهم حماد بن بلكين (1007-1028 م) تولى عمل آشير (في الجزائر) من قبل بنو أعمامه الزيريين حكام تونس. بنى مقره القلعة عام 1007 م ثم أعلن الدعوة العباسية سنة 1015 م واستقل بالحكم. إلا أنه لم يتم الاعتراف بدولته إلا بعد حروب كثيرة خاضها ابنه القايد (1028-1054 م) مع الزيريين. اعترف هؤلاء في النهاية باستقلال دولة الحماديين.
في عهد بلكين (1055-1062 م) توسعت الدولة إلى حدود المغرب (مع دخول فاس)، ثم في عهد الناصر (1062-1088 م) بلغت تونس والقيروان، كما امتدت أطراف الدولة جنوبا في الصحراء. قاد هؤلاء الأمراء حركة عمرانية كبيرة كما بلغت الدولة في عهدهما منذ سنة أوجها الثقافي. منذ 1104 م و مع دخول أعراب بنو هلال (مع سليم ورباح) المنطقة، وتزايد ضغطهم على الدولة الحمادية، انحسرت رقعة الدولة إلى المنطقة الساحلية. سقط آخر الحماديين يحيى (1121-1151 م) بعد دخول الموحدين بجاية سنة 1152 م.
حكم الموحدين 1121 إلى 1235 ميلادي
تأسست الدولة على يد قبيلة مصمودة من المغرب وزناتة من الجزائر,لكن سرعان ما اطاحت زناتة بمصمودة واستأثرت بالحكم بدعم من حكام الدولة, أطلق عليهم تسمية "الموحدين" لكون أتباع هذه المدرسة كانوا يدعون إلى توحيد الله توحيدا قاطعا مما جعلهم ينكرون أسماء الله الحسنى باعتبارها أسماء لصفات مادية و هو الحق سبحانه ليس كمثله شيء فكانوا يذكرون الله بإسمه المفرد الله . قاد محمد بن تومرت (1080-1130 م)، وبعده عبد المؤمن بن علي الذي ينحدر من صلبه أمراء الموحدين، أتباع حركة دينية متشددة، وكان يدعوا إلى تنقية العقيدة من الشوائب. أطلق بن تومرت عام 1118 م الدعوة لمحاربة المرابطين واتخذ من قلعة تنمل -على جبال الأطلس - مقرا له. استطاع خليفته عبد المؤمن (30/1133-1163 م)(ينحدر من قبيلةالكومة من تلمسان) أن يستحوذ على السلطة في المغرب (سقوط مراكش عام 1146 م) و من تم على كامل إفريقية (حتى تونس وليبيا عام 1160 م) و الأندلس (1146-1154 م).و بعد نجاح عبد المومن بن علي في اقامة دولته بأفريقية اتجه إلى الاندلس و عمل على تقويتها و صد هجمات القشتاليين عنها.و لكنه توفى عام 1163م ليتولى ابنه يوسف مكانه فاستكمل سياسة أبيه، ووطّد نفوذه في الأندلس، وبعث إليها بالجيوش وتقوية إماراتها.أقام الخليفة "يوسف بن علي"المشروعات في إشبيلية، مثل بناء القنطرة على نهر الوادي الكبير، و جامع إشبيلية الأعظم عام (567 هـ= 1172م)، ثم أتمّ ابنه المنصور مئذنته الكبيرة سنة 1188م، ولا تزال هذه المئذنة قائمة وتعرف باسم "لا خيرا لدا" ويبلغ ارتفاعها 96 مترًا. وفي إحدى غزواته في الاندلس سنة (579 هـ= 1183م) أصيب بسهم عند أسوار شنترين، فرجع إلى مراكش مصابًا، و مات بها.
وبلغت الدولة أوجها في عهد أبو يعقوب يوسف السابق ذكره (1163-1184 م) ثم أبو يوسف يعقوب المنصور (1184-1199 م) و الذى تلقب بالمنصور و عمل على النهوض بالمغرب و الاندلس علميا و ثقافيا و كان قائدا ماهرا و سياسى قدير استطاع عقد الصلح مع ممكلة قشتالة و لكن نقضهم للصلح اضطرته لقتالهم في موقعة الارك مع بناء العديد من المدن الجديدة وتشجيع الثقافة والحياة الفكرية (ابن رشد، ابن طفيل). وقعت بعد ذلك معركة الأرك عام 1195 م والتي انتصر فيها الموحدون على الملوك النصرانيين. في عهد الناصر (1199-1213 م) تم القضاء على العديد من الثورات في إفريقية،و بعد موقعة الارك عقدت هدنة بين ملك قشتالة الفونسو الثامن و المسلمين و لكن الفونسو استغل الهدنة في تقوية بلاده و محالفة امراء النصارى و حين وجد نفسه مستعدا اغار على بلاد جيان وبياسة وأجزاء من مرسية فاضطر الملك الناصر "محمد بن يعقوب" الذي خلف والده المنصور إلى الذهاب إلى الاندلس لغزو قشتالة فعبر البحر و ذهب إلى اشبلية لتنظيم جيشه و منها اتجه إلى قلعة "شلطبرة" إحدى قلاع مملكة قشتالة و استولى عليها بعد حصار 8 شهور و لكن الملك الفونسو الثامن دعا البابا أنوسنت الثالث" بروما إلى اعلان الحرب الصليبية ضد الاندلس و كان من نتاج ذلك ان اجتمع للاسبان 124553 مقاتل انطلقو ليستولوا على حصن رباح و الارك و غيرها و قام المسلمون بجمع جيش مماثل و التقى الجيشان عند حصن العقاب إلا أن الموحدين تلقوا هزيمة قاسية على يد النصرانيين في معركة حصن العقاب (1212 م) - لم تقم للمسلمين بعد هتعرضوا لحملات المرينيين، ثم فقدوا السيطرة على المغرب وانتهى أمرهم سنة 1269 م بعد أن قضى عليهم المرينيون نهائياً.
حكم الزيانيين من 1235 إلى 1556 ميلادي
الزيانيون، بنو زيان أو بنو عبد الواد سلالة بربرية زناتية حكمت في غرب الجزائر بين 1236 و 1554 م. مقرهم تلمسان. وفي رواية أخرى أنهم من نسل القاسم بن محمد بن عبد الله بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر جد الشرفاء الأدارسة.
شغلت الدّولة الزيانية إقليم المغرب الأوسط (اقليم دولة الجزائر حاليا)، و عمل حكامها بدءًا بجدّهم يغمراسن بن زيان على توسيع حدودها و تثبيت قواعدها و ضم القبائل إلى سلطتهم. [1] وتمكن يغمراسن من التوسع غربًا، و صار الحد الفاصل بينه و بين دولة بني مرين بالمغرب الأقصى وادي ملوية، كما امتدّ نفوذه إلى مدينة وجدة وتاوريرت وإقليم فجيج في الجنوب الغربي.
حدودها كانت تمتد من تخوم بجاية و بلاد الزاب شرقا إلى وادي ملوية غربًا، و من ساحل البحر شمالاً إلى إقليم توات جنوبًا، و بقيت هذه الحدود في مد وجزر بسبب هجمات بني مرين غربًا و بني حفص شرقًا و كانت العاصمة مدينة تلمسان.
لم تكن حدود الدّولة الزيانية ثابتة و مستقرّة، بل كانت بين مد وجزر تبعًا للظروف السياسية و الأخطار الخارجية، و كانت لا تتجاوز في بعض عهودها أسوار العاصمة تلمسان، مثلما حصل أيام الحصار المريني لها سنة 699 هـ إلى 706 هـ/1299 – 1307م، بل اختفت معالمها نهائيا عندما هاجمها أبو الحسن المريني سنة 737 هـ/1337م، إلى غاية إحيائها من جديد على يد أبي حمو موسى الثاني سنة 760 هـ/1359م.
يرجع أصل بنو عبد الواد أو بنو زياد إلى قبيلة زناتة البربرية التي استقرت شمال الصحراء الكبرى ثم هاجرت في حدود القرن الحادي عشر إلى شمال الجزائر.
كان بنو عبد الواد من أنصار الموحدين، نقل هؤلاء إليهم إدارة مدينة تلمسان. بعد سقوط الموحدين إستقل أبو يحي يغمراسن بن زيان (1236-1283 م) بالحكم تمكن بعدها من وضع قواعد لدولة قوية، في عهده ثم خلفاءه من بعده أصبحت تلمسان مركزاً لنشر الثقافة و مركزاً تجاريا أيضاًً. تأرجح بنو عبد الواد بعد ذلك بين وصاية المرينيين أصحاب المغرب تارة ثم الحفصيين أصحاب تونس تارة أخرى، والذين أجبروهم مرات عدة في القرنين الـ13 و الـ14 م على التنحي. ثم انتهى بهم الحال إلى أن وقعو تحت سيطرة المرينيين. أعيد إحياء سلطة الدولة و بلغت الثقافة أعلى درجاتها في عهد أبو حمو الثاني (1359-1389 م)، قبل أن يقعو مرة أخرى تحت سيطرة الحفصيين. منذ 1510 م و بسبب التهديد الإسباني وضع بنو عبد الواد أنفسهم تحت حماية الأتراك (الذين استولوا على مدينة الجزائر عام 1516 م بأيدي عروج بربروسة). سنوات 1552-1554 م يستولي الأتراك على غرب الجزائر بعد عزل آخر سلاطين بني عبد الواد.
السيطرة العثمانية مابين 1518 و 1830 ميلادي
دخل الإسبان على الجزائر من وهران سنة 1504 بقيادة غونزالو سيسنيروز، كاردينال الملوك الكاثوليك، فاستنجد سكان بجاية و جيجل بالاخوة عروج، حيث قاما، باربروسة عروج وخير الدين، بوضع بلاد الجزائر تحت سيادة الدولة العثمانية، وجعلا من سواحل البلاد قاعدة لعملياتهم البحرية على الأساطيل المسيحية.
بلغت هذه النشاطات ذروتها سنة 1600 م، (أطلق على مدينة الجزائر اسم دار الجهاد).
تعرضت مدينة الجزائر خلالها، لهجوم الملك شارل الخامس في 1535 بعد سيطرته على مدينة تونس، التي لم تدم طويلا.
في سنة 1827 م قام الداي حسين (حاكم الجزائر) بإهانة القنصل الفرنسي. بعد حصار طويل قامت فرنسا باحتلال الجزائر سنة 1830م.
الآن سنقوم بالدخول في مراحل الحكم العثماني من 1534 إلى 1587 ميلادي عرفت هذه المرحلة بحكم البايات حيث تداول 23 بايا عن الحكم
معركة بروزة سنة 1538 ميلادي
معركة بروزة أو بريفيزا معركة وقعت في 4 جمادى الأولى 945 هـ/28 سبتمبر 1538 م وفيها انتصر الأسطول العثماني على تحالف أوروبي (الحلف المقدس ). دارت المعركة بالقرب من ميناء بريفيزا Preveza في غرب اليونان.
كانت المعركة معركة هائلة تحركت لها أوروبا استجابة لنداء البابا في روما فتكونت حملة صليبية من 600 سفينة تحمل نحو ستين ألف جندي من إسبانيا والنمسا والبندقية، ويقوده قائد بحري من أعظم قادة البحر في أوروبا هو أندريا دوريا من جنوة. أما القوات العثمانية فتكونت من 122 سفينة تحمل اثنين وعشرين ألف جندي.
التقى الأسطولان في بروزة وفاجأ بارباروسا خصمه قبل أن يستعد للقتال، فتفرقت سفنه من هول الصدمة، وهرب القائد الأوروبي من ميدان المعركة التي لم تستمر أكثر من خمس ساعات والتي حسمت لمصلحة العثمانيين.
أثار هذا النصر الفزع والهلع في أوروبا، وأعاد للبحرية العثمانية هيبتها في البحر المتوسط، في الوقت الذي استقبل فيه السلطان سليمان القانوني أنباء النصر بفرحة غامرة، وأمر بإقامة الاحتفالات في جميع أنحاء دولته
من 1587 إلى 1659 وعرفت هذه المرحلة بحكم الباشوات حيث توالى 40 باشا على الحكم
من 1659 إلى 1671 وعرفت هذه المرحلة حكم الآغوات حيث تداول على الحكم 4 آغواتوهم:
خليل آغا (1659-1660)
رمضان آغا (1660-1661)
شعبان آغا (1661-1665)
علي آغا (1665-1671)
من 1671 إلى 1710 وعرفت هذه المرحلة حكم الداي باشات حيث تداول 11 دايا على الحكم وهم
الحاج محمد (1671-1681)
بابا حسن (1681-1683)
الحاج حسين باشا المسمى "ميتسو مورتو" (1683-1688)
إبراهيم خوجة (1688)
الحاج شعبان (1686-1695)
الحاج احمد (1695-1698)
حسن شاوش المسمى قارا بارلي (1698-1700)
الحاج مسطفى (1700-1705)
حسين خوجة (1705-1707)
محمد بقطاش (1707-1710)
... وتميزت أيضا بمقاومة الجزائر للهجمات الفرنسية و الإنجليزية (1678،1680،1682 ،1688)
من 1710 إلى 1830 .. وعرفت هذه المرحلة حكم الدايات وتداول 18 دايا الحكم
الهجوم الإنجليزي عام 1816 وقنبلة المحروسة الجزائر العاصمة
أما الدايات الذين تداولوا على الحكم فهم
دالي إبراهيم (1710)
علي شاوش (1710-1718)
محمد بن حسن (1718-1724)
كرد عبدي (1724-1732)
بابا إبراهيم (1732-1745)
إبراهيم كوشوك (1745-1748)
محمد بن بكر (1748-1754)
بابا علي المسمى "بو-اصبع" (1754-1766)
محمد بن عثمان خوجة (1766-1791)
حسن (1791-1798)
مصطفى باشا (1798-1805)
احمد خوجة (1805-1808)
علي الغسال (1808-1809)
الحاج علي (1809-1815)
محمد خزناجي (1815)
عمر اغا (1815-1817)
علي بن احمد المسمى "علي خوجة" أو "علي لوكو" (1817-1818)
وختاما
الداي حسين باشا (1818-1830)
هو حسين بن الحسن آخر دايات الجزائر,ولد في مدينة أزمير التركية حوالي عام 1773 كان أبوه ضابطا في سلاح المدفعية ولهذا كان ميالا إلى العمل العسكري تلقى تكوينا خاصا وبعدها أرسل إلى القسطنطينية لمزاولة دراسته في مدرسة خاصة كجندي بسيط. كما أنه مارس تجارة التبغ في إحدى مراحل شبابه حتى أنه لقب باسم خوجة التي تعني بالعثمانية تاجر.بعدها تدرج في العسكرية من درجة جندي بسيط إلى متخصص في المدفعية وكان على دراية كبيرة بفنون الحرب كما اشتهر منذ صغره بميولاته الدينية فكان على قدر كبير من الثقافة الإسلامية كحفظه للقرآن والتزامه بأحكام الشريعة المحمدية .
بعد ذلك سمحت له الظروف من التجنيد في ميليشيا الجزائر كجندي في الحامية العثمانية ,ونظرا لتدينه الكبير كان محل احترام السكان وهذا ما أهله أن يكون إماما إلى أن نصبه الداي عمر باشا أمينا للإيالة وأعطاه إدارة كل أملاك الدولة باعتباره خوجة الخيل و أصبح بعدها عضوا في الديوان . لقد اعترف القنصل الأمريكي وليام شلر بالجزائر ما بين 1816 و1824 ,أن الداي حسين كان محترما جدا من طرف الرعية وعلى أخلاق عالية ,ومن الشهادات كذلك حوله أنه لايصدر أي حكم إلا بالعودة إلى العلماء .
كان توليه الحكم في الجزائر بناء على وصية من الحاكم السابق عمر باشا قبل وفاته في فبراير عام1818 وكان صهر عمر باشا السيد الحاج مصطفى بن مالك هو الذي أخبر الداي حسين بالوصية أمام جمع كبير من الأعيان والعلماء. بعد ذلك تمت مبايعته من طرف الوزراء و الأعيان والعلماء والأشراف وشاع الخبر بين الناس فاستحسنوه وكان ذلك في 1 مارس 1818 ليتم بعدها مراسلة الباب العالي رسميا وكان الرد بالقبول من طرف السلطان العثماني محمود الثاني الذي أرسل فرمان التعيين.
وبهذا التعيين الرسمي باشر الداي حسين مهامه في بناء إيالة الجزائر من خلال تنظيم الإدارة وإصلاح الجيش خاصة الأسطول البحري حيث بنى دارا لصناعة السفن وزودها بكل الاحتياجات الضرورية ،كما عرفت الحياة الاقتصادية تحسنا ملحوظا إلى جانب اهتمامه بالحياة الثقافية والاجتماعية. هذه القوة المتنامية دفعت الدول الأوروبية للتفكير في ضرب الجزائر وتحطيم قوتها بعد ضعف الدولة العثمانية وبذلك كانت الجزائر الدولة العربية المستهدفة في حوض المتوسط وبذلك كانت فرنسا سباقة في احتلالها الجزائر عام 1830 وهو ما أدى بالداي حسين إلى اختيار منفاه فمكث في مدينة ليفورن الإيطالية ثلاث سنوات مابين 1830 و1833 وبعدها استقر نهائيا في الإسكندرية ابتداء من سبتمبر 1833 إلى غاية عام 1838 تاريخ وفاته
آخر تعديل: