كتب الاستاذ : عبد العالي رزاقي
ما حدث في أول ماي 2013م بملعب 5 جويلية يحمل مؤشرات خطيرة حول ما آل إليه الوضع في الجزائر، فرفض قيادة المولودية الصعود إلى المنصة لاستلام الأوسمة ليس تنكرا لسيادة الدولة وإنما استخفافا بالشعب الجزائري الذي تمثله كأس الجمهورية، فهل بدأ الصراع العلني حول من يخلف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؟
.
استرجاع رمزي "الجبهة والمولودية"
يعتقد الكثير من المراقبين أن"جبهة التحرير الوطني" استخدمتها السلطة في عهدي الأحادية والتعددية حتى صارت"منديلا" لمسح أوساخ من يحكم في الجزائر، فباسمها حكم الجميع وما زالوا يحكمون البلاد، وهو ما دفع مجموعة من الشخصيات الوطنية إلى المطالبة بإحالتها على الأرشيف عبر "لائحة وطنية" لجمع التوقيعات والدعوة إلى حماية هذا الإرث التاريخي للثورة الجزائرية وحفظه في الأرشيف، مثلما حفظ شعار "جيش التحرير الوطني"، فهل سيبادر الرياضيون المؤسسون للمولودية، التي كانت هي الأخرى من دعائم الثورة، إلى حفظها من عبث الفساد المالي والأخلاقي لمن يتولون قيادتها اليوم.
سمعت مواطنا يعلق على ما حدث بالقول: "لو كان الرئيس في الجزائر لما تجرأ أحد على الإساءة إلى الدولة الجزائرية"، لكنني استغربت أن تتفاوض السلطة مع من يسيء إلى الدولة وتدفع له مكافآت من خزينتها.
هناك أكثر من قراءة لرفض طاقم المولودية الصعود إلى المنصة، لعل أهمها هي القول بأن هذا الموقف المهين هو رسالة لأصحاب القرار بأن خليفة الرئيس بوتفليقة لن يكون الوزير الأول، عبد المالك سلال، الذي قامت أطراف في السلطة بتلميع صورته منذ توليه رئاسة الحكومة، رغم أن الرئيس لم يستقبله أثناء تعيينه رئيسا لها.
والقراءة الثانية هو أن هناك أطرافا في السلطة رفضت وجود صورة الرئيس في الملعب أثناء تسليم كأس الجمهورية للفريق الفائز بها الذي يموّله أحد المقربين من الرئيس، وبالتالي فانسحاب المولودية من التتويج يدل على إصرار أصحاب القرار على بقاء ّ"ملف" سوناطراك مفتوحًا، باعتبار أنها هي التي تموّل هذا الفريق الذي أساء إلى الشعب الجزائري.
ما حدث يؤكد حقيقة واحدة وهي أن الولاء في الجزائر لم يعد للوطن وإنما بات مرتبطا بالأشخاص، وما دام هناك من يطالبون بـ"عهدة رابعة" لرئيس غاب عن العرس بسبب ما وصفته السلطة بـ"الوعكة الصحية"، فمن الطبيعي أن يكون هذا السلوك سيد "الفرجة الرياضية" التي تحوّلت إلى عمل سياسي ليس له علاقة بالرياضة.
فما أحوجنا إلى ميثاق أخلاقي للرياضة، وميثاق شرف لممتهنيها حتى يكون الخروج عنهما مدانا من الجميع ولا يحتاج إلى قراءات أو تأويلات سياسية، ولا يكفي العقاب أو الاعتذار وإنما إعادة النظر في مفهوم الرياضي المحترف الذي يحمل أكثر من جنسية، لو كان أعضاء فريق المولودية يملكون حسًا وطنيًا لما تجرأ أحد على تسييرهم كالقطيع لخدمة مصالح غيرهم.
.
رسالة بو تفليقة المشفرة
الكثير من المتتبعين للشأن الجزائري اعتبروا ما قامت به السلطة في الإعلان عن مرض الرئيس ونقله إلى الخارج هو بمثابة تحول جديد في طريقة التعامل مع الشعب الجزائري، لكن العارفين بالشأن الداخلي يرون غير ذلك، فالسلطة لم تغيّر في سلوكها، وإنما المناسبة اقتضت ذلك، فالسلطة استخدمت عام 2005م الشاب مامي لينقل رسالة الرئيس إلى الشعب الجزائري، وليس غريبا أن يتحوّل هذا الناطق الرسمي إلى"سجين" بسبب فضيحة أخلاقية دفعت ثمنها سفارة الجزائر في باريس، وبعد ذلك استعملت السلطة نفسها اللاعب الفرنسي، زين الدين زيدان، بعد أن وضعت طائرة رئاسية في خدمته، واليوم استخدمت أحد الأطباء المختصين بمنح تأشيرات المعالجة في الخارج، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يكون وزير الصحة ناطقا رسميا في الإعلان عن الوضعية الصحية للرئيس.
لو كانت السلطة في الجزائر تفكر في صحة المواطن لما نقلت رؤساء الجزائر وأعضاء من حكومتها والتابعين لهم للعلاج في الخارج، بينما تقوم الإذاعات المحلية بالقيام بدور المتسول لجمع التبرعات لمعالجة المساكين، وإذا كنت مخطئا فاسألوا أهم صحفي قدم خدمات لهؤلاء المساكين، وهو سليم سعدون وغيره؟..
أغلب من عالجوا في الخارج لم يطل الله في عمرهم، ونأمل أن يطيل الله في عمر رئيسنا حتى لا تصبح هذه المقولة حكمة.
ماذا لو قامت الدولة بإنشاء مستشفيات في مستوى "فال دوغراس"، فالأطباء موجودون في جميع دول العالم، ويمكن ان يقوموا بعمليات جراحية عن بعد أو إحضارهم إذا ما اقتضى الأمر ذلك؟ أعتقد أن المال موجود والأجهزة الطبية يمكن استيرادها، يبقى السؤال هل هناك إرادة سياسية في الجزائر بأن يكون الطب في متناول الجميع دون اللجوء إلى تهريب المال العام تحت غطاء المعالجة في الخارج؟
حملت رسالة الرئيس إلى الشعب الجزائري الكثير من المعاني، فهو يقول "عز علي أن يلزمني ما ألم بي من عارض صحي مستشفى خارج الوطن وأغيب لأول مرة عن الشعب الجزائري وهو مقبل على إحياء عيد العمال والاحتفال بنهائي كأس الجمهورية والكأس العسكرية لكرة القدم"، بمعنى أنه خاطب ثلاث فئات من المجتمع الجزائري، وهم العمال والجمهور الرياضي والمؤسسة العسكرية، لكن هذه الفئات لم تحمل صوره أثناء الاحتفال مما يجعلنا نتساءل: هل بدأ البحث عن خليفة له؟.
يبدو أن أنصار العهدة الرابعة بدؤوا يتراجعون، في انتظار أن تعطى لهم الأوامر للالتفاف حول مرشح السلطة القادم، فمن يكون هذا المرشح؟
.
المرشحون المحتملون للرئاسيات
أغلب المرشحين المحتملين سيكونون من طاقم "رؤساء حكومات سابقين" والآراء تختلف حول هؤلاء المرشحين، فهناك المتخوف من معارضة الأسرة الثورية، وهناك المتخوف من نخبوية المترشح، وهناك المتخوف من رفض المؤسسة العسكرية له، والحقيقة أن أغلب رؤساء الحكومات السابقين - باستثناء أحمد بن بيتور - ينتظرون الإشارة من أصحاب القرار لينطلقوا في السباق، غير أن ما يدور في الكواليس يكاد يكون محصورا في شخصين هما رئيس مجلس الأمة والمكلف بوزارة الدفاع.
وفي انتظار عودة الرئيس وإحالة الدستور على البرلمان يبقى الكل يترصد الجديد.
ما حدث في أول ماي 2013م بملعب 5 جويلية يحمل مؤشرات خطيرة حول ما آل إليه الوضع في الجزائر، فرفض قيادة المولودية الصعود إلى المنصة لاستلام الأوسمة ليس تنكرا لسيادة الدولة وإنما استخفافا بالشعب الجزائري الذي تمثله كأس الجمهورية، فهل بدأ الصراع العلني حول من يخلف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؟
.
استرجاع رمزي "الجبهة والمولودية"
يعتقد الكثير من المراقبين أن"جبهة التحرير الوطني" استخدمتها السلطة في عهدي الأحادية والتعددية حتى صارت"منديلا" لمسح أوساخ من يحكم في الجزائر، فباسمها حكم الجميع وما زالوا يحكمون البلاد، وهو ما دفع مجموعة من الشخصيات الوطنية إلى المطالبة بإحالتها على الأرشيف عبر "لائحة وطنية" لجمع التوقيعات والدعوة إلى حماية هذا الإرث التاريخي للثورة الجزائرية وحفظه في الأرشيف، مثلما حفظ شعار "جيش التحرير الوطني"، فهل سيبادر الرياضيون المؤسسون للمولودية، التي كانت هي الأخرى من دعائم الثورة، إلى حفظها من عبث الفساد المالي والأخلاقي لمن يتولون قيادتها اليوم.
سمعت مواطنا يعلق على ما حدث بالقول: "لو كان الرئيس في الجزائر لما تجرأ أحد على الإساءة إلى الدولة الجزائرية"، لكنني استغربت أن تتفاوض السلطة مع من يسيء إلى الدولة وتدفع له مكافآت من خزينتها.
هناك أكثر من قراءة لرفض طاقم المولودية الصعود إلى المنصة، لعل أهمها هي القول بأن هذا الموقف المهين هو رسالة لأصحاب القرار بأن خليفة الرئيس بوتفليقة لن يكون الوزير الأول، عبد المالك سلال، الذي قامت أطراف في السلطة بتلميع صورته منذ توليه رئاسة الحكومة، رغم أن الرئيس لم يستقبله أثناء تعيينه رئيسا لها.
والقراءة الثانية هو أن هناك أطرافا في السلطة رفضت وجود صورة الرئيس في الملعب أثناء تسليم كأس الجمهورية للفريق الفائز بها الذي يموّله أحد المقربين من الرئيس، وبالتالي فانسحاب المولودية من التتويج يدل على إصرار أصحاب القرار على بقاء ّ"ملف" سوناطراك مفتوحًا، باعتبار أنها هي التي تموّل هذا الفريق الذي أساء إلى الشعب الجزائري.
ما حدث يؤكد حقيقة واحدة وهي أن الولاء في الجزائر لم يعد للوطن وإنما بات مرتبطا بالأشخاص، وما دام هناك من يطالبون بـ"عهدة رابعة" لرئيس غاب عن العرس بسبب ما وصفته السلطة بـ"الوعكة الصحية"، فمن الطبيعي أن يكون هذا السلوك سيد "الفرجة الرياضية" التي تحوّلت إلى عمل سياسي ليس له علاقة بالرياضة.
فما أحوجنا إلى ميثاق أخلاقي للرياضة، وميثاق شرف لممتهنيها حتى يكون الخروج عنهما مدانا من الجميع ولا يحتاج إلى قراءات أو تأويلات سياسية، ولا يكفي العقاب أو الاعتذار وإنما إعادة النظر في مفهوم الرياضي المحترف الذي يحمل أكثر من جنسية، لو كان أعضاء فريق المولودية يملكون حسًا وطنيًا لما تجرأ أحد على تسييرهم كالقطيع لخدمة مصالح غيرهم.
.
رسالة بو تفليقة المشفرة
الكثير من المتتبعين للشأن الجزائري اعتبروا ما قامت به السلطة في الإعلان عن مرض الرئيس ونقله إلى الخارج هو بمثابة تحول جديد في طريقة التعامل مع الشعب الجزائري، لكن العارفين بالشأن الداخلي يرون غير ذلك، فالسلطة لم تغيّر في سلوكها، وإنما المناسبة اقتضت ذلك، فالسلطة استخدمت عام 2005م الشاب مامي لينقل رسالة الرئيس إلى الشعب الجزائري، وليس غريبا أن يتحوّل هذا الناطق الرسمي إلى"سجين" بسبب فضيحة أخلاقية دفعت ثمنها سفارة الجزائر في باريس، وبعد ذلك استعملت السلطة نفسها اللاعب الفرنسي، زين الدين زيدان، بعد أن وضعت طائرة رئاسية في خدمته، واليوم استخدمت أحد الأطباء المختصين بمنح تأشيرات المعالجة في الخارج، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يكون وزير الصحة ناطقا رسميا في الإعلان عن الوضعية الصحية للرئيس.
لو كانت السلطة في الجزائر تفكر في صحة المواطن لما نقلت رؤساء الجزائر وأعضاء من حكومتها والتابعين لهم للعلاج في الخارج، بينما تقوم الإذاعات المحلية بالقيام بدور المتسول لجمع التبرعات لمعالجة المساكين، وإذا كنت مخطئا فاسألوا أهم صحفي قدم خدمات لهؤلاء المساكين، وهو سليم سعدون وغيره؟..
أغلب من عالجوا في الخارج لم يطل الله في عمرهم، ونأمل أن يطيل الله في عمر رئيسنا حتى لا تصبح هذه المقولة حكمة.
ماذا لو قامت الدولة بإنشاء مستشفيات في مستوى "فال دوغراس"، فالأطباء موجودون في جميع دول العالم، ويمكن ان يقوموا بعمليات جراحية عن بعد أو إحضارهم إذا ما اقتضى الأمر ذلك؟ أعتقد أن المال موجود والأجهزة الطبية يمكن استيرادها، يبقى السؤال هل هناك إرادة سياسية في الجزائر بأن يكون الطب في متناول الجميع دون اللجوء إلى تهريب المال العام تحت غطاء المعالجة في الخارج؟
حملت رسالة الرئيس إلى الشعب الجزائري الكثير من المعاني، فهو يقول "عز علي أن يلزمني ما ألم بي من عارض صحي مستشفى خارج الوطن وأغيب لأول مرة عن الشعب الجزائري وهو مقبل على إحياء عيد العمال والاحتفال بنهائي كأس الجمهورية والكأس العسكرية لكرة القدم"، بمعنى أنه خاطب ثلاث فئات من المجتمع الجزائري، وهم العمال والجمهور الرياضي والمؤسسة العسكرية، لكن هذه الفئات لم تحمل صوره أثناء الاحتفال مما يجعلنا نتساءل: هل بدأ البحث عن خليفة له؟.
يبدو أن أنصار العهدة الرابعة بدؤوا يتراجعون، في انتظار أن تعطى لهم الأوامر للالتفاف حول مرشح السلطة القادم، فمن يكون هذا المرشح؟
.
المرشحون المحتملون للرئاسيات
أغلب المرشحين المحتملين سيكونون من طاقم "رؤساء حكومات سابقين" والآراء تختلف حول هؤلاء المرشحين، فهناك المتخوف من معارضة الأسرة الثورية، وهناك المتخوف من نخبوية المترشح، وهناك المتخوف من رفض المؤسسة العسكرية له، والحقيقة أن أغلب رؤساء الحكومات السابقين - باستثناء أحمد بن بيتور - ينتظرون الإشارة من أصحاب القرار لينطلقوا في السباق، غير أن ما يدور في الكواليس يكاد يكون محصورا في شخصين هما رئيس مجلس الأمة والمكلف بوزارة الدفاع.
وفي انتظار عودة الرئيس وإحالة الدستور على البرلمان يبقى الكل يترصد الجديد.
آخر تعديل: