[FONT="]بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أما بعد
اليوم ستغطي فترة مهمة من تاريخ الجزائر وهي فترة الخلافة العثمانية
سيتم تقسيم الموضوع على أكثر من رد تفاديا للحشو المعلوماتي وتسهيلا على القارئ
[/FONT]
[FONT="] الغزو الاسباني لسواحل الجزائر : [/FONT] [FONT="]كان لضعف دولة بني زيان تأثير سيئ على الوضع العام في الجزائر حيث انقسمت هذه الدولة إلى دويلات و إمارات متقاتلة فيما بينها منها : [/FONT] [FONT="]- الإمارة الحفصية في قسنطينة [/FONT] [FONT="]- إمارة جبل كوكو في بلاد القبائل[/FONT] [FONT="]- إمارة بني جلاب بتقرت و وادي ريغ [/FONT] [FONT="]- إمارة الثعالبة بجزائر بني مزغنة و متيجة [/FONT] [FONT="]- إمارة دواودة بالحضنة و منطقة الزاب .. إلخ [/FONT] [FONT="]- هذا التفكك دفع الأسبان و شجعهم على القيام بغزو الموانيء [/FONT]
[FONT="]و السواحل الساحلية للجزائر حيث مهد للأسبان لذلك بحركة جوسسة واسعة ، إذ كلف [/FONT][FONT="]الكاردينال كازيميناس[/FONT][FONT="] شخصا يسمى [/FONT][FONT="]( لوراندو باديا ) [/FONT][FONT="]بمهمة التجسس في مملكة تلمسان الزيانية و ذهب متنكرا في زي تاجر مسلم بصحبة التاجر البندقي [/FONT][FONT="]( جيرونيمو فينال )[/FONT][FONT="] و بقيا قرابة السنة في جمع المعلومات و رسم خريطة تضم المدن الجزائرية و أهم الموانيء ، و بعد إنجاز هذه المهمة قدما هذه الوثائق للملك الاسباني و كافأهم مكافأة كبيرة [/FONT] [FONT="]- انطلاقا من هذه الوثائق و المعلومات المهمة جهّز [/FONT][FONT="]الملك الاسباني فرديناند حملة[/FONT][FONT="] عسكرية اسند قيادتها إلى[/FONT][FONT="](دون دييغو فرنانديز )[/FONT][FONT="] و ذلك في سبتمبر عام 1505 م .[/FONT] [FONT="]ُكلفت هذه الحملة بالهجوم على المرسى الكبير الذي كان يستقر به عدد كبير من مسلمي الأندلس المطرودين ، فهجم [/FONT][FONT="]( دون دييغو ) [/FONT][FONT="]في 09 سبتمبر 1505 م على المرسى الكبير و ارتكب الأسبان مجازر دامية ضد المسلمين و أبلى سكانها مقاومة كبيرة و استمرت المعارك أياما إلى غاية سقوطها في أيدي الأسبان .[/FONT] [FONT="]- كرر الأسبان محاولة ثانية فجهّزوا حملة جديدة خرجت من قرطاجنة بإسبانيا يوم 16 ماي 1509 بقيادة [/FONT][FONT="]الكاردينال كازيميناس[/FONT][FONT="] ، و وصلت هذه الحملة إلى وهران يوم 19 ماي 1509 و فرضت حصار على سواحل المدينة و نتيجة خيانة بعض الضعفاء و بعض اليهود سقط المرسى الكبير في أيدي الأسبان و أصبحت حدودوهران و المرسى الكبير تحت الهيمنة الاسبانية ، بعد هذا النجاح عيّن الأسبان أحد القراصنة المسمى [/FONT][FONT="]( بيدروا نافاروا )[/FONT][FONT="] حاكما عاما على المرسى الكبير و مملكة بني زيان بتلمسان التي استسلمت لاحقا .[/FONT] [FONT="]- لم يكتفي الأسبان بالمرسى الكبير و بتلمسان بل أخذوا يتحرشون بمدن أخرى مثل مدينة بجاية التي كانت خاضعة لأمير حفصي تابع لإمارة قسنطينة الحفصية يسمى [/FONT][FONT="]عبد الرحمان الحفصي[/FONT][FONT="] و الذي كان ينافسه أخوه [/FONT][FONT="]عبد الله[/FONT][FONT="] في الحكم .[/FONT] [FONT="]فشنّ الأسبان حملة كبيرة يوم 05 جانفي 1510 م و احتلوها بعد أن فتكوا بأهلها و دروا الكثير من الآثار و المعالم الإسلامية ، و لم تتوقف حملاتهم عند هذا الحد فاتجهوا شرقا و احتلوا مدينة عنابة و القالة في 1510م و توجه الأسبان نحو السواحل التونسية لإسقاط بعض مدنها ، لكن السلطان الحفصي قدم للأسبان ضرائب و أتاوات عنوانا للخضوع و الاستسلام .[/FONT][FONT="]بعد هذه الحملات المتتابعة من وهران و المرسى الكبير و بجاية و عنابه و القالة و خضوع أغلبها للهيمنة الاسبانية توجس سكان مدينة الجزائر من الخطر القادم و خافوا من مهاجمة الأسبان لمدينتهم بين حين و آخر فوجّه سكان مدينة الجزائر وفدا من الأعيان إلى [/FONT][FONT="]بيدروا نافاروا[/FONT][FONT="] الذي تعهد ( الوفد ) بإطلاق سراح الأسرى و دفع ضريبة مالية للحامية الاسبانية الموجودة ببجاية ، مقابل ألا يتعرض الأسبان لمدينة الجزائر ، بل أكثر من ذلك توجه وفد من الجزائر إلى مدريد عام 1511 م و تنازل عن الجزر الساحلية الشرقية المقابلة لمدينة الجزائر ليقيموا عليها حصونهم و مراكزهم ، أسس الأسبان بإحدى الجزائر حصنا كبيرا يسمى صخرة الجزائر ، كل ذلك التنازل مقابل ألا يتعرض الأسبان بهجوماتهم لمدينة الجزائر .
[FONT="]- أمام تنامي خطر القوة الاسبانية على السواحل الجزائرية أرادت بعض المدن الجزائرية أن تشتري السلم و الأمان من الأسطول الأسباني حيث قدّم سكان مستغانم و تنس فروض الطاعة و الولاء للأسبان بوهران .[/FONT]
[FONT="]أمام هذا الوضع أصبحت أهم المدن الساحلية الجزائرية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب تحت هيمنة الأسبان .
[/FONT] [FONT="]بروز الإخوة بربروس[/FONT][FONT="] :
[/FONT] [FONT="] ينتمي الأتراك إلى القبائل الأولى التركمانية التي اتخذت من الغزو أسلوبا لها ، تعتبر أواسط آسيا هي موطنهم الأصلي ( أذربيجان ) ، اتجهوا غربا إلى شبه جزيرة آسيا الصغرى ( الأناضول ) ، استقروا بها و كونوا نواة دولـتـهم بـها في نهاية القرن 13 م ( 1288 م ) على حساب أراضي الدولة البيزنطية ، و من هناك عبروا بحر مرمرة و مضيق البوسفور و الدردنيل ، رمى الأتراك بكل ثقلهم في شرق أوربا و أطاحوا بعاصمة الدولة البيزنطية و سقطت على أيديهم القسطنطينية عام 1453 م في عهد [/FONT][FONT="]السلطان محمد الثاني ( الفاتح )[/FONT][FONT="] ، و اتخذها العثمانيون عاصمة لهم ، ثم أخذوا يوسعون حدود دولتهم في كل الاتجاهات .
[/FONT]
[FONT="]امتلك العثمانيون أساطيل بحرية تجوب مختلف البحار و امتاز البحارة الأتراك بالشجاعة و القوة و كان من بين هؤلاء البحارة الذين جابوا عرض البحر المتوسط [/FONT][FONT="]الإخوة بربروس ( عروج و خير الدين – خسرف - و إسحاق )[/FONT][FONT="] ، كان أبوهم يدعى [/FONT][FONT="]يعقوب بن يوسف الفخارجي[/FONT][FONT="] امتهن التجارة على سواحل اليونان و زيادة على أبنائه الثلاث كان له ولد يسمى [/FONT][FONT="]محمد إلياس [/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]- ولد أشهر الإخوة بربروس [/FONT][FONT="]([/FONT][FONT="]عروج ) [/FONT][FONT="]حوالي 1473 م بجزيرة مادلي و [/FONT][FONT="]خير الدين[/FONT][FONT="] في العام الموالي ، كانا يبيعان الفخار لأبيهم في سواحل تونس و الجزائر ، و في إحدى المرات وقع [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] أسيرا و بيع عبدا بجزيرة رودس ، و في أثناء توجهه إلى مصر كمجدف في سفينة تحمل أسرى مسلمين و جرى إفتدائهم بالمال ، بعد ذلك فرّ [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] من ذلك المركب و تعرّف على شخص يدعى [/FONT][FONT="]علي بوراس[/FONT][FONT="] في الاسكندرية ، اشتغل معه في بيع و نقل الأخشاب بواسطة السفن ينقلونها من ميناء إلى آخر ، و في إحدى المرات اعترض طريقهم قراصنة جنويون و أحرقوا سفينتهم و لم يبقى له سوى العودة إلى الأناضول و تحديدا ( أداليا ) ، تعرّف هناك [/FONT][FONT="]بالأمير قرقود[/FONT][FONT="] شقيق سلطان الدولة العثمانية [/FONT][FONT="]السلطان سليم الأول[/FONT][FONT="] فأكرمه و جهّز له سفينة للجهاد في البحر الأبيض المتوسط ضد القراصنة المسيحيين الذين كانوا يعترضون كل السفن بما فيها سفن الحجيج ، ساقته الظروف إلى جزيرة جربةجنوب تونس عام 1504 م ، لحق به أخواه [/FONT][FONT="]خير الدين و إسحاق[/FONT][FONT="] و أصبحت لهم مجموعة من السفن و بنوا العديد من المستودعات هناك ، اتفق الجميع مع [/FONT][FONT="]الأمير الحفصي ( أبي عبد الله محمد علي )[/FONT][FONT="] بأن يجعل جربة مركزا لأسطولهم و يفتح أمامهم الموانئ التونسية عند الضرورة مقابل الخُمس ( 1/5 ) من غنائم البحر ، فأخذوا يجاهدون ضد القراصنة المسيحيين ابتداء من 1506 و خاصة البرتغال و الأسبان . و لما كانت جزيرة جربة بعيدة عن ميدان الجهاد في غرب المتوسط نتيجة كثرة هجمات الأسبان طلبوا من الأمير تغيير مركزهم نحو شمال تونس إلى حلق الواد .[/FONT]
[FONT="]- ابتداء من عام 1512 م سطع نجم الإخوة الأتراك و أصبح الناس يسمعون عن انتصاراتهم على الأسبان و في شواطئ الأندلس .[/FONT]
[FONT="]- كما اتصل بهم علماء و أعيان بجاية و حتى أمير قسنطينة [/FONT][FONT="]أبو بكر الحفصي[/FONT][FONT="] و استصرخوهم للنجدة و طرد الأسبان من بجاية و سواحلها ، فلبى الإخوة بربروس رغبتهم ، و اتجهوا نحو بجاية ، لكنهم فشلوا في حملتهم هذه بسبب تحصينات الأسبان ، و أثناء هذا الهجوم جُرح [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] و استعصى جرحه مما أضطر القائمين عليه بقطع ذراعه .[/FONT]
[FONT="]- أَثََـر هذا الانهزام على [/FONT][FONT="]عروج [/FONT][FONT="]و أدرك أيضا أن تمركزه في شواطئ تونس ( حلق الواد ) كان بعيدا عن ساحة المعركة لذلك قرر مساعدوه ضرورة البحث عن موقع آخر يساعدهم في إدارة المعارك على أن يكون هذا الموقع المختار في السواحل الجزائرية و قريبا من مدينة بجاية التي أحكم الأسبان قبضتهم عليها ، و كان من بين المواقع المقترحة منطقة جيجل ، كأحسن موقع قريب من بجاية و ذلك بسبب صعوبة التضاريس و التحصينات الطبيعية ، و معرفة بعض الأتراك بهذه المدينة .[/FONT]
[FONT="]- و في هذه الأثناء كانت مدينة جيجل تحت سيطرة قراصنة جنويين ، و لما علم أهالي مدينة جيجل بالأخوة بربروس و مكانتهم بعثوا لهم بريدا يحمل في محتواه الاستنجاد لطرد القراصنة من مدينة جيجل فلبى [/FONT][FONT="]عروج و خير الدين[/FONT][FONT="] طلب أهالي جيجل و قدما على رأس قوة بحرية تجاوزت 500 بحار و نجحوا في طرد قراصنة جنوة سنة 1514 و أصبحت بذلك جيجل تحت نفوذ [/FONT][FONT="]عروج و خير الدين[/FONT][FONT="] ، و أمام هذا الانتصار تحققت رغبة [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] في الاقتراب من شواطئ الجزائر و تم بذلك نقل مركز قيادتهم العسكرية من حلق الواد بسواحل تونس إلى جيجل على السواحل الجزائرية و أصبحت بذلك بجاية المستعصية على مرمى حجر من قواتهم .[/FONT]
[FONT="]استرجاع بجاية :[/FONT]
[FONT="]بعدما استقر [/FONT][FONT="]عروج و خير الدين[/FONT][FONT="] في مدينة جيجل و أسسا بها قاعدة بحرية كانت لا تزال مظاهر الاضطهاد تنقل عبر الأخبار و الروايات و كانت القشتالة ( سكان شبه جزيرة أيبيريا ) يلاحقون في عرض البحر المتوسط الأسر الفارّة من الأندلس نتيجة محاكم التفتيش الني نصبت هناك ، لذلك عمل الإخوة بربروس على مساعدة الموريسكيين و نقل أسرهم و عتادهم من شواطئ إسبانيا نحو شواطئ شمال إفريقيا ( المغرب ، الجزائر ، تونس ، طرابلس الغرب ) ، و لم يكتفي الإخوة بربروس بهذه[/FONT]
[FONT="]الأعمال بل هاجموا جزر غرب البحر المتوسط ( جزر البليار ) ، و تم أسر أكثر من ستة آلاف أسير إسباني انتقاما من بطش الأسبان بالأندلسيين .[/FONT]
[FONT="]- نظرا لسلوك و أخلاق و نجاحات [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] ، فقد بايعه سكان مدينة جيجل أميرا عليهم و طلب منه شيوخ القبائل و أمير إمارة جبل كوكو بزعامة [/FONT][FONT="]أحمد بن القاضي[/FONT][FONT="] ، و أصبح بذلك عروج يتمتع بسلطة كبيرة و تأييد من سكان و أعيان مدينة جيجل و ضواحيها .[/FONT]
[FONT="]- جهّز [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] حملة عسكرية لاسترجاع بجاية و حاصرها قرابة ثلاثة أشهر و كان ذلك دون فائدة و ذلك في نهاية 1514 م ، و اضطر إلى رفع الحصار لكنه أعاد محاولة جديدة مطلع عام 1515م بواسطة قوة كبيرة ، لكن قلة الذخيرة و نفاذ المخزون الموجود و امتناع الأمير الحفصي بتونس عن تزويده بالذخيرة جعله يتراجع بعدما أسر 300 اسباني .[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]- لكن إرادة [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] لم تتوقف عند هذا الحد فبعث بأحد مساعديه إلى الباب العالي إمداد بالسلاح و الذخيرة فبعث له من هناك بحوالي 14 سفينة و أكثر من 100 مجدف من المهرة و كمية كبيرة من الأسلحة و الذخيرة و كان ذلك جراء الهدية التي قدمها عروج إلى الباب العالي بعد فتح جيجل .[/FONT]
[FONT="]الانتقال إلى الجزائر :[/FONT]
[FONT="] تحوّل الحصن الذي أنشأه الأسبان قبالة مدينة الجزائر في 1510 م إلى وكر و مكان للجوسسة و التخريب ، حيث اتخذه الأسبان مركزا لعملياتهم العسكرية لسلب أموال الجزائريين ، و نتيجة هذه الأوضاع المزرية ذهب جمع من سكان مدينة الجزائر إلى مدينة جيجل عام 1516م و شكا هذا الوفد أوضاعه[/FONT][FONT="] لعروج[/FONT][FONT="] و بطش الأسبان بسكان مدينة الجزائر فأخذ [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] مطلبهم هذا محمل الجد ، لذلك قرر [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] نجدة سكان مدينة الجزائر ، و قدم هذا الوفد راجعا إلى الجزائر في انتظار تلبية مطالبهم .[/FONT]
[FONT="]جهّز عروج قوة عسكرية و قاد أخوه [/FONT][FONT="]خير الدين[/FONT][FONT="] حملة ثانية في نفس الاتجاه و التقيا على مشارف مدينة الجزائر و استقبلهما سكان مدينة الجزائر استقبالا كبيرا و شرعا في الحال في قذف الحصن الاسباني بمدافعهما . في تلك الأثناء اتجه [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] إلى شرشال التي كان يحكمها شخص تركي اسمه [/FONT][FONT="]قارة حسن[/FONT][FONT="] فقضى عليه و سيطر على المدينة و عاد إلى الجزائر و هناك بايعه السكان أميرا للجهاد .[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="] - بعد مبايعة [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] أميرا للجهاد ، أثار ذلك حفيظة و حقد أعيان و وُجهاء مدينة الجزائر ، و لعل أبرز هؤلاء [/FONT][FONT="]سالم التومي[/FONT][FONT="] الذي رأى في تلك المبايعة تراجعا لمكانته و نفوذه و مركزه في مدينة الجزائر ، بل و حتى أتباعه رأوا في ذلك توقيفا لمصالحهم و امتيازاتهم لأن السلطة كانت بأيديهم فحاولوا التآمر ضده و أشاعوا في أوساط الناس أن [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] و إخوانه غرباء و دخلاء و لا يحق لهم أن يحكموا السكان .. لم تجد تلك الدعوى التي أطلقها [/FONT][FONT="]سالم التومي[/FONT][FONT="] آذانا صاغية لدى سكان الجزائر ، بل زادوا تمسكا [/FONT][FONT="]بعروج[/FONT][FONT="] نظير نجاحاته لذا فكر في حبك مؤامرة ضده و هي محاولة تسميمه ، ففي إحدى المرات قدّم [/FONT][FONT="]زوج ابنة سالم التومي[/FONT][FONT="] طعاما[/FONT][FONT="] لعروج و مجموعة من أتباعه[/FONT][FONT="] ، و وضعوا له في طعامه سم ( صمغ ) الخشب ( كان يستعمل آنذاك في صناعة السفن و يجلب من مدينة صقلية ) ، لكن [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] تفطن للمؤامرة و قبض على [/FONT][FONT="]سالم التومي[/FONT][FONT="] و صهره و اغتاله [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] في منزله ، و في رواية أخرى وسط الحمام .[/FONT]
[FONT="]بعد قضاء [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] على هذه المؤامرة سارع في نسج علاقات اجتماعية في أوساط الجزائريين ، و جمّع أهالي الجزائر في ساحة التوت و خطب وسط تلك الجموع بأنه لا يرغب في أن يكون حاكما جائرا أو ظالما لكل فئات الجزائريين ، و أنه تنازل عن القيادة لصالح من تراه تلك الجموع أهلا لها ، فتعالت الأصوات في تلك الساحة تدعوه للبقاء أميرا للجهاد بديار الجزائر
[FONT="]اعتبر الأسبان وجود [/FONT][FONT="]عروج و خير الدين[/FONT][FONT="] في الجزائر خطرا يهدد وجودهم و مصالحهم ، ليس في الجزائر وحدها بل في شمال إفريقيا لذلك عزم الأسبان على مقاومتهم و طردهم فتحالف الأسبان مع أمير تنس و استمالوا إليهم أتباع [/FONT][FONT="]سالم التومي[/FONT][FONT="] المغتال و بعض زعماء القبائل المجاورة ، و وجهوا حملة كبيرة انطلاقا من وهران بقيادة [/FONT][FONT="]( دييغو دوفيرا )[/FONT][FONT="] ، و صلت الحملة إلى الجزائر أواخر سبتمبر 1916 و نزلت قرب باب الواد ، فتركهم [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] ينزلون في البر و شرع في مناوشتهم لاستنزاف قواتهم ، و اغتنم فرصة تقهقرهم و هبوب رياح قوية ، فزحف بجيشه عليهم و أغرق سفنهم و قتل و اسر الكثير منهم ، فكانت هزيمة كارثية بالنسبة للأسبان ، و إثر ذلك خرج الناس فرحين مبتهجين من ديارهم و ذبحوا الولائم ابتهاجا بعروج و جنوده .
[/FONT] [FONT="]هذا الانتصار على الأسبان دفع سكان المدن المجاورة كالبليدة و المدية و دلس و مليانة و جزء من بلاد القبائل إلى مبايعة [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] أميرا عليهم ، و كانت هذه الحملة الناجحة هي التي فتحت أبواب النجاح لعروج و بداية توسع نفوذه في الجزائر .[/FONT] [FONT="]و لما كان موقف أمير تنس متعاونا مع الأسبان قرر [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] الانتقام منه و ذهب على رأس قوة كبيرة و اقتحم المدينة في جوان 1517 و قتله و اسر أسرته و طرد الأسبان من تنس ، كما أقدم في هذه الأثناء على تقسيم مملكته الجديدة إلى قسمين : قسم شرقي مركزه دلس يشرف عليه أخوه [/FONT][FONT="]خير الدين[/FONT][FONT="] ، و قسم غربي مركزه الجزائر يحكمه بنفسه .[/FONT] [FONT="]أُعتبر هذا التقسيم بدايات التنظيم الإداري في الجزائر ، لأنه قسم مناطق النفوذ إلى منطقتين ، و كل منطقة لها حاكمها ، و هذا قصد تسهيل التدخلات العسكرية و حماية الحدود ، و وضع المناطق غير الآمنة تحت حراسة الجنود العثمانيين .[/FONT] [FONT="]تلمسان تستنجد :[/FONT] [FONT="]بينما كان [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] في مدينة تنس ينظم شؤونها ، قدم إليه وفد من تلمسان يشكوا إليه أوضاعهم المزرية ، و تهديد الأسبان لهم ، بسبب ضعف أمراء بني زيان نظرا لصراعهم على السلطة. في هذه الظروف قام [/FONT][FONT="]أبو أحمد الثالث[/FONT][FONT="] بالاستيلاء على العرش بتلمسان بالقوة ، و طرد ابن أخيه [/FONT][FONT="]أبا زيان الثالث[/FONT][FONT="] و وضعه في السجن ، و نتيجة هذا الوضع استنجد و طلب التعاون مع الأسبان
[/FONT] [FONT="]لبّى [/FONT][FONT="]عروج [/FONT][FONT="]رغبة الوفد و استخلف أخاه عروج على الجزائر و اتجه إلى تلمسان و في طريقه مر على قلعة بني راشد ( قرب معسكر ) فوضع بها حامية تركية كبيرة بقيادة أخيه [/FONT][FONT="]إسحاق[/FONT][FONT="] من أجل حماية مؤخرة الجيش و واصل زحفه إلى تلمسان و استطاع بسهولة التغلب على [/FONT][FONT="]أبو أحمد الثالث[/FONT][FONT="] المتآمر مع الأسبان و دخل عروج تلمسان و أطلق سراح [/FONT][FONT="]أبا زيان الثالث[/FONT][FONT="] و أجلسه على عرشه من جديد ، لكن هذا السلطان خاف من هيمنة [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] و حاول أن يغتاله ، مما أدى بعروج إلى إلقاء القبض عليه و اغتياله .[/FONT] [FONT="]أما [/FONT][FONT="]أبو أحمد الثالث[/FONT][FONT="] فقد فر إلى وهران لطلب النجدة من الأسبان ، و تعاون الأسبان معه و شنوا حملة كبيرة على قلعة بني راشد و احتلوها و قتلوا صاحبها ( [/FONT][FONT="]إسحاق[/FONT][FONT="] في جانفي 1518 ) ، و واصل الأسبان سيرهم نحو تلمسان و فرضوا عليها حصارا كبيرا مما أضطر عروج أن يعتصم بقلعة المشور ثم غادرها ليلا لكن الأسبان تفطنوا لخروجه و تبعوا مسيرته ليلا و اغتالوه في منطقة سهلية بين المالح و زاوية سيدي موسى ، و أخذوا رأسه إلى اسبانيا ( مدريد ) ، و جندت لهذا الغرض فرق جابت معظم المدن الاسبانية زاهية برأس [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] كما أرسلوا جلبابه الذي كان يلبسه إلى كنيسة القديس جيروم .[/FONT] [FONT="]إلحاق الجزائر بالدولة العثمانية [/FONT] [FONT="] بعد مقتل [/FONT][FONT="]عروج و إسحاق[/FONT][FONT="] لم يبقى إلا [/FONT][FONT="]خير الدين [/FONT][FONT="]وحيدا[/FONT] [FONT="]
[/FONT] [FONT="]، فأصبحت الأخطار تهدده من كل جانب ، ففي الداخل كثر معارضوه و تمرد عليه [/FONT][FONT="]أحمد بن القاضي[/FONT][FONT="] أمير إمارة كوكو ، و تمردت عليه مدينة شرشال و تنس و تواطأ ضده بنو زيان في تلمسان ، و ازدادت أطماع الأسبان في ملكه و تقاعس أمير تونس الحفصي على تقديم يد المساعدة [/FONT][FONT="]لخير الدين[/FONT][FONT="] ، بل أكثر من ذلك حي لما سمع الأمير الحفصي مقتل [/FONT][FONT="]عروج[/FONT][FONT="] عقد مجلس حرب لتوسيع نفوذه داخل الأراضي الجزائرية ، أما أخطار الخارج فكانت واضحة من الأسبان لأنهم كانوا لا يزالون يحتلون مدنا ساحلية ، أمام هذا الوضع قرر [/FONT][FONT="]خير الدين[/FONT][FONT="] مغادرة الجزائر ليستأنف الغزو ضد قراصنة البحر ، و ترك الجزار على حالها ، لكن عقلاء و أعيان الجزائر ألحوا عليه بالبقاء . بعد تفكير طويل استغرق أسابيع تفطن [/FONT][FONT="]خير الدين[/FONT][FONT="] إلى فكرة سياسية و هي محاولة ربط الجزائر مع الدولة العثمانية حتى تصبح لها حماية الإمبراطورية العثمانية [/FONT] [FONT="]هذه الفكرة تدل على حنكة [/FONT][FONT="]خير الدين[/FONT][FONT="] و دهائه السياسي لأن الجزائر في هذه الظروف بالذات لا تستطيع أن تحمي نفسها من الزحف الأسباني بينما الدولة العثمانية قادرة على دعم سلطتها و تمدها بالرجال و السلاح .[/FONT] [FONT="] أمام هذه الفكرة التي استحسنها أعيان مدينة الجزائر و بعد أن شاورهم في الرأي أرسل [/FONT][FONT="]خير الدين [/FONT][FONT="]وفدا من أعيان الجزائر إلى الباب العالي في زيارة [/FONT][FONT="]السلطان سليم الأول[/FONT][FONT="] ، و لأن السلطان لم يكن موجودا في الأستانة استقبلهم الصدر الأعظم ، بينما السلطان كان لا يزال منتشيا بفتح مصر ، و إثر عودته عُرضت عليه الفكرة فأستحسنها و أرسل إلى [/FONT][FONT="]خير الدين[/FONT][FONT="] و عينه بوجوده حاكما للجزائر برتبة بيلرباي ( أمير الأمراء ) و بعث له بحامية انكشارية تعدادها 2000 جندي مزودة بـ 12 مدفع و سفنا محملة بالذخائر ، و أذن له بتجنيد المتطوعين ليساعدوه في الحرب ، و بذلك دخلت الجزائر تحت نفوذ الدولة العثمانية و أصبحت إيالة من إيالاتها ، و أكسبها ذلك حماية و حصانة من التهديدات الخارجية منذ نهاية 1518 – 1519 أصبحت الجزائر جزءا من هذه الإمبراطورية منذ تعيين [/FONT][FONT="]خير الدين[/FONT][FONT="] بيلرباي .
[/FONT] [FONT="]- تحالف خير الدين مع قوى إسلامية ( أعيان مدينة الجزائر ) للدفاع عن سلطته و نفوذه ، و توجه وفد جزائري منهم إلى الباب العالي الذي استجاب بتحميله فرمانا ( مرسوم ) بتعيين خير الدين بيلرباي ، و أرسلت له حامية انكشارية و اسلحة و ذخيرة و أذنت له بفتح باب المتطوعين ، و بذلك ( 1518 – 1519 ) أصبحت الجزائر إيالة عثمانية .[/FONT] - [FONT="]رأي في إلحاق الجزائر بالدولة العثمانية :[/FONT] 1 [FONT="]- هناك من يقول أن سببه خير الدين لميولاته نحو أصوله و دولته الأم .[/FONT] [FONT="]– و منهم من يقول أن أعيان الجزائر هم من اقترح ذلك بدليل سفر وفد منهم نحو الاستانة ، لكننا نقف موقفا عادلا بين الرأيين[/FONT] خير الدين بربروس
[FONT="]عهد البيلربايات 1518 – 1587 :[/FONT] [FONT="] تم فيه تعيين خير الدين بيلر باي بموجب فرمان أمضاه السلطان ( سليم الأول ) و اتخذ من مدينة الجزائر مركزا لحكمه . كما عيّن خير الدين أحمد بن القاضي حاكم جبل كوكو ( على بعد 18 كلم عن الأربعاء نايت ايراثن ) حاكما على بلاد القبائل و ناحيتها الشرقية .[/FONT] [FONT="]و قد حيكت ضد خير الدين مؤامرات من قبل الدولة المرينية و كذا الدولة الحفصية ، و حتى الاسبان نظموا حملات عسكرية كبيرة و ضخمة قادها البحار دييغو مونكاد و نزلت الحملة بواد الحراش في أوت 1519 و لكنها منيت بهزيمة كبيرة ، فقد فيها الاسبان معظم قواتهم و أسلحتهم ، و كان من بين أسباب هزيمتهم تأخر إمدادات الزيانيين .[/FONT] [FONT="]كما كان لهذه الهزيمة تأثير كبير على الوجود الاسباني شمال افريقيا ، كما أن الحفصيين و الزيانيين استعملوا الدسائس ، و استمالوا إليهم ابن القاضي و حاولوا استمالة بعض الأعيان أمثال ابن علي محمد و حاولوا دفعهم للثورة ضد خير الدين .[/FONT] [FONT="]و بدعم من الحفصيين ثار ابن القاضي في وجه خير الدينو نجح في البداية في أن يلحق هزيمة به و يقطع عليه خط الرجعة إلى الجزائر التي استولى عليها ابن القاضي فاضطر خير الدين أن يتراجع و ينسحب إلى قاعدته البحرية القديمة بجيجل لمدة 6 سنوات ( 1521 – 1527 ) و ظل طيلة هذه الفترة يحارب الاسبان .[/FONT] [FONT="]- لقد عانى سكان مدينة الجزائر كثيرا من ظلم و جور ابن القاضي خاصة في ميدان جباية الضرائب ، نتيجة لذلك راسلوا خير الدين و استنجدوا به ، و سرعان ما ضعفت سلطة ابن القاضي و تفرق الناس من حوله نتيجة سياساته التعسفية ، ثم ما لبث أن عاد خير الدين للجزائر عام 1527 و استعاد سلطته و نفوذه بل و مدهما إلى جبهات كثيرة وقضى على أعداء الداخل و الخارج ، و أسقط الحصن الاسباني الشهير في 16 ماي 1529 و ردم البحر و شكل رصيف طويل أصبح يشكّل جزءً من ساحل الجزائر . و كان طرد الاسبان نقطة تحول في مدينة الجزائر و شكل صدمة للأسبان لذلك قرروا الانتقام من خير الدين .[/FONT] [FONT="]خير الدين و الأسبان :[/FONT] [FONT="]بعد طرد خير الدين للاسبان من الحصن المقابل للجزائر قرروا إعداد و تجهيز حملات عسكرية ضد الجزائر و موانئها ، فأمر الملك الاسباني بتجهيز حملة عسكرية ضد الجزائر و منح أموالا طائلة لأحد أكبر القراصنة ( أندري دوريا – مدينة ميلانو ) الايطالي الأصل الذي كان يتقاضى مبالغ طائلة من كنائس أوربا و بعض الملوك مقابل الأعمال العسكرية .[/FONT] [FONT="]- نجح أندري دوريا في الدخول لشرشال و ألحق بها خرابا كبيرا و نكّل بأهلها و هدّم بعض المساجد و نهب الأموال ... [/FONT] [FONT="]- و أمام زحف خير الدين اضطر الأسبان للتراجع ، و لعب سكان شرشال دورا بوقوفهم إلى جانب خير الدين الذي نجح في طرد ( دوريا ) من شرشال .[/FONT] [FONT="]- أمام هذا النجاح استدعاه السلطان إلى القسطنطينية عام 1535 و عيّنه وزيرا للحربية و قائدا لأساطيل الجيش العثماني ، و خلف مكانه حسن آغا [/FONT] [FONT="]- ظن الأسبان أن رحيل خير الدين سيسهل عليهم احتلال الجزائر فرموا بثقلهم و استنزفوا قواتهم و احتلوا العديد من موانئ تونس ، و في أثناء توجه خير الدين بسفينة ، شارك في الصراع ضدهم و بعد أن تأكدوا من رحيله أعدوا حملة عسكرية استغرق تجهيزها 6 اشهر و أطلق عليها ( ليبارتوا ) و قادها الملك الاسباني شارلوكان ( شارل الخامس ) .[/FONT] [FONT="]نزلت هذه الحملة بحسين داي يوم 23/10/1541 و رغم تعداد هذه الحملة و كثرة اسلحتها إلا أن تعاون الأهالي و بسالة الفرق الانكشارية تصدت لهجومات هذه الحملة و بقي الاسبان يترقبون إمكانية النزول على الشواطئ عدة ايام إلا أن شجاعة الحاميات العسكرية الجزائرية وقف سدا منيعا أمام هذه الحملة و تعرض الأسبان لهزيمة كبيرة و عادوا خائبين ، و اعتبر هذا بمثابة التجربة الأولى لاختبار قوة البيلرباي الجديد حسن آغا .[/FONT] [FONT="]- استغل حسن آغا هذا المنصب ليوسع نفوذه و يمد سيطرته بإتجاه العديد من مناطق الجزائر الداخلية فوصلت سيطرته إلى غاية بسكرة و الزيبان .[/FONT] [FONT="]- بعد أن جزم الاسبان أن الجزائر المحروسة أصبحت مستعصية عليهم حولوا أنظارهم و جهودهم إلى سواحل الجزائر اتلغربية و تحديدا إمارة بني زيان المنهارة بتلمسان ، و أخذوا يتدخلون في شؤونها الداخلية و حاولوا تجنيد أميرها الزياني عبد الله ضد شقيقه أحمد ، و لكن حملتهم التي جهزت بألف مقاتل أُبيدت عن آخرها قرب عين تيموشنت 1543 ، و رغم هزيمتهم عاودا الكرة في العام الموالي 1544 و اقتحموها و نهبوا خزائنها و وضعوا المصاحف في طريق جيادهم و نصبوا فيها حليفهم عبد الله الزياني [/FONT] [FONT="]- أمام هذا الموقف المشين للإسلام ثار السكان ضد الأمير عبد الله و طردوه من القصر و طالبوا بعودة أخيه أحمد .[/FONT] [FONT="]- لم تكن الجزائر محل أطماع اسبانيا وحدها ، بل حاول السعديون احتلال تلمسان و ضم أجزاء من الحدود الغربية تحت سيطرتهم ، حيث أرسل السلطان محمد المهدي السعدي حملة عسكرية من مراكش معظم جنودها من عبيد البخاري ، حيث احتلوا تلمسان مدة من الزمن ، و لكن البيلرباي حسن قاوم هذا الغزو و أعدّ فيالقه العسكرية ، و توجه بهم صوب تلمسان ، فأوقع بهم هزيمة قرب مستغانم و زحف نحو تلمسان و طرد القوات السعدية منها ، و نصّب على عرشها الحسن الزياني سنة 1592 ، و بذلك انضمت تلمسان و ضواحيها إلى حظيرة الدولة الجزائرية الحديثة .[/FONT] [FONT="]إرساء دعائم الدولة الجزائرية العثمانية :[/FONT] [FONT="]بعدما أُلحقت تلمسان بنفوذ الدولة الناشئة ، رغم ذلك كان الوضع لا يزال هشا في الغرب الجزائري و تحديدا بتلمسان و وهران ، فكان لبقاء هذه الأماكن بعيدا عن مركز الدولة يعتبر في حد ذاته نقطة ضعف قد تشجع الاسبان على التدخل في هذه المناطق .[/FONT] [FONT="]- استخلف صالح رايس حسن آغا الذي حكم ما بين 1552 – 1556 ، و هو أحد رفاق خير الدين ، فبعد أن وسع فتوحاته نحو الجنوب و سيطر على تقرت و ورقلة ، جهز حملة عسكرية أخرى كبيرة ضد الأشراف السعديين بفاس ، الذين كانوا متآمرين مع الاسبان ضد الأتراك بالجزائر ، و في طريقه مر بتلمسان و عزل أميرها الحسن الزياني ، نظرا للشبهات التي كانت تحوم حول علاقته الوثيقة بالأسبان و تآمره معهم ، و بتنحية الحسن الزياني انتهت فترة حكم الزيانيين بتلمسان نهائيا ، و ألحقت بقايا هذه الدولة بالسلطة التركية بالجزائر ، و بذلك وضع صالح رايس حد لهذه الدويلة ، و قطع بذلك آمال الاسبان في إمكانية احتلالها .[/FONT] [FONT="]- و لم يكتفي صالح رايس بهذا فقام بطرد الاسبان من بجاية بعد كر و فر طويل نجح في إعادتها ، و بذلك توسع نفوذ الدولة التركية إلى ما وراء بجاية ، و لكن حلم صالح رايس في استرجاع وهران من أيدي الاسبان تأجل سنوات طويلة و سرعان ما أدركته المنية عام 1556 ، و بذلك فقدت الجزائر أحد حكامها الذين اشتهروا بالدفاع عن وحدة أراضيها .[/FONT] [FONT="]تأسيس و إنشاء نواة الإدارة العثمانية في الجزائر :[/FONT] [FONT="]كان للجهود التي بذلها صالح رايس تأثير في مستقبل الجزائر حيث وسع نفوذ السلطة نحو الكثير من المناطق في مختلف الجهات الشرقية و الغربية ، و منذ ذلك الحين بدأت ترتسم معالم الحدود السياسية و مناطق نفوذ الدولة العثمانية ، حيث تجدر الإشارة إلى أن البيلرباي الثاني للجزائر ( حسن آغا ) خلال ولايته للجزائر ( الأولى و الثانية ) سعى لتنظيم الإدارة الجزائرية فقسم الجزائر إلى أربع ( 4 ) مناطق ( بايلك ) [/FONT] [FONT="]1 – بايلك الجزائر[/FONT][FONT="] : مركزه مدينة الجزائر ( دار السلطان ) ، و هو مركز وجود مختلف السلطات و الحاميات العسكرية ، و وجود القناصل الأجانب .[/FONT] [FONT="]2 – بايلك الشرق[/FONT][FONT="] : مقره قسنطينة ،و يعتبر من أهم البايلك ، له حدود جغرافية واسعة حتى حدود تونس ، يحكم البايلك باي يعين من دار السلطان .[/FONT] [FONT="]3 – بايلك التيطري[/FONT][FONT="] : من أوسع البايلك مساحة ، عاصمته المدية ، و تصل حدوده أحيانا إلى الصحراء .[/FONT] [FONT="]4 – بايلك الغرب[/FONT][FONT="] : مركزه مازونة ، ثم تحول لمعسكر ثم وهران بعد تحريرها عام 1792 ، و من أهم البايلك نظرا لموقعه و حدوده المفتوحة مع دويلات المغرب الأقصى .[/FONT] [FONT="]- منذ ذلك التاريخ بدأت شخصية الجزائر تتضح حدودها ، و أصبح لقادتها و أسطولها دورا في أحداث البحر المتوسط .[/FONT] [FONT="]فحسن باشا شارك في الحصار ضد جزيرة مالطا ثم أستدعي إلى القسطنطينية مثل أبيه لتولي منصب قيطان البحرية العثمانية ، فخلفه في حكم الجزائر البيلرباي علج علي 1568 – 1571 ، و كان علج علي أحد رفاق خير الدين و كان ضمن القادة الكبار الذين شاركوا و خاضوا المعركة الشهيرة في اليونان ( معركة ليبانتوا ) في البلقان عام 1571 ، و كان الوحيد الذي نجا بأسطوله و أنقذ الكثير من المراكب العثمانية ، مما جعل السلطان يكلفه بإعادة تنظيم الأسطول ، كما اشترك علج علي مع سنان باشا و عرب أحمد في طرد الأسبان من تونس عام 1574 ، و أصبحت بذلك تونس نيابة تركية تابعة للدولة العثمانية .[/FONT]
[FONT="]خصائص و مميزات فترة البيلربايات : [/FONT] [FONT="]يتسم عهد البيلربايات و فترة حكمهم بخصائص عديدة يتمثل أهمها في : [/FONT] [FONT="]– [/FONT][FONT="]معظم الحكام الأوائل ( البيلربايات ) من طائفة رياس البحر ، حيث كان أغلبهم من رفاق خير الدين ، و امتهن معظمهم أعمال البحر ، كما أن السلطان العثماني هو الذي يعين أو يوافق على البيلرباي ، أو بالأحرى يقبل اقتراح الرياس ، بحكم أن الجزائر إيالة تابعة للدولة العثمانية .[/FONT] [FONT="]– [/FONT][FONT="]كانت روابط رياس البحر بالسلطان العثماني روابط قوية ، يتولون تنفيذ أوامره و تعليماته ، و حكم بعضهم لفترات طويلة .[/FONT] [FONT="]– [/FONT][FONT="]امتاز بعضهم بالقدرة و الكفاءة فنقلوا إلى الأستانة بطلب من السلطان ليتولوا مناصب هامة في الدول مثل قبطان باشا ( وزير الحربية ) ، أمثال خير الدين و حسن أغا و علج علي [/FONT] [FONT="]– [/FONT][FONT="]ركز معظمهم في أعمالهم على مواجهة المسيحيين خاصة الاسبان في البحر المتوسط و تصفية جيوبهم في بعض المناطق الداخلية و الموانئ ، و قدموا يد المساعدة لمسلمي الأندلس الفارين من بطش المسيحيين ، و بذلوا جهودا كبيرة في هذا المجال .[/FONT] [FONT="]– [/FONT][FONT="]معظمهم امتازوا بالشخصية و السلطة و النفوذ ، ما أتاح لهم فرصة السيطرة على مناطق خارج الجزائر مثل تونس و طرابلس الغرب ( ليبيا ) ، فبحكم تعيينهم بفرمان ( مرسوم ) من طرف السلطان تولوا تعيين باشاوات في تونس و طرابلس الغرب .[/FONT] [FONT="]– [/FONT][FONT="]نجح معظمهم في إدارة مختلف جبهات الصراع الخارجية ضد اسبانيا مثلا و الداخلية كمعارضة ابن القاضي و بعض أعيان الجزائر لسلطتهم ، و لعل اشهر هءلاء البيلربايات خير الدين و ابنه حسن باشا و صالح رايس و علج علي و حسن فنزيانو ... [/FONT] [FONT="]– [/FONT][FONT="]أبرز نجاح لبيلربايات هذا العهد أنهم وحّدوا الجزائر تحت سلطة واحدة ، و تحقيق الوحدة السياسية و الترابية ، لأن معظمهم اهتم بمد نفوذه و سيطرته على كل الجهات من الجزائر ، و قضوا على كل المؤامرات و السلطات المناوئة لحكمهم ، مثل الدولة الزيانية بتلمسان ، و الحفصية بقسنطينة و عنابة ، و إمارة جبل كوكو بالقبائل [/FONT] [FONT="]و يعتبر البيلرباي صالح رايس بطل تحقيق هذه الوحدة السياسية و الترابية للجزائر ، فهو الذي مد نفوذ الأتراك حتى وصلت إلى الواحات بالجنوب و فرضت الطاعة بالقوة .[/FONT]
رموز قيام الحكم العثماني في الجزائر خير الدين بربروس
وثيقة طلب أهل الجزائر الانضواء تحت راية الخلافة العثمانية
"المكتوب الوارد من قاضي الجزائر وخطيبها وفقهائها وأئمتها وتجارها
وأمنائها وعامة أهلها.
بعد الدعاء لمقام السلطان
العالي بالنصر والسعادة والهداية إلى العمل الصالح أكتب إليكم عن الأحداث الواقعة
في مدينةالجزائر .
إن مقامكم العظيم له من الحظوة القصوى والإحترام الرفيع
عندنا خصوصا بعدما ذاع صيتكم وذُكرت أيّامكم ، ونحن نشعر بالفخر والإعتزاز معلنين
ولاءنا لكم انطلاقا من ثقتنا العالية بكم وهذا هو شعورنا سواء كان ظاهرا أم باطنا،
وننتظرأوامركم السامية لنا، وكونوا مطمئنين أننا لا نشعر تجاهكم إلا بالتوقير
والتعظيم، ومتمنين لمقامكم الشريف العزة والسّؤدد، وموقفنا هذا نابع من عاداتنا
وتقاليدنا فيتبجيل كافة المؤمنين من أولياء الله المؤيّدين بنصره والمظفرين في
إلحاق الهزيمة بالكفار كما وردت لنا الأنباء بذلك ، ونفصل إليكم الوضع على
النحوالتالي:
بعد أن استولت الطائفة الطاغية على الأندلس انتقل شرّها إلى
قلعة وهران ومن ثم خططت للإستيلاء على سائر البلاد وحصلت على موطئ قدم في بجاية
وطرابلس أما مدينتنا الجزائر فقد بقيت بعيدة عن دينهم ولكنها أصبحت كالغريب وسط
هؤلاء، وضيق علينا أهل الكفر من كل جانب وماكان منّا إلا أن استنفرنا كافة جهودنا
ولجأنا إلىالله الناصر المعين، ولكنّنا قمنا بدراسة الموقف من عدة وجوه خصوصا بعد
أن طلبت الطائفة الطاغية منا أن ندخل تحت ذمّتها، وقد اضطررنا أن نقبل الصلح مع
الكفار بعداشتداد وطأة المحنة علينا وخوفنا على أنفسنا وعلى حريمنا وأولادنا من
السبي وأموالنا من السلب ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
بعد هذه الضائقة
جاءالكفار واستولوا على وهران وبجاية وطرابلس، ومن ثمّ قصدوا إلينا بسفنهم
للاستيلاء على مدينتنا وايقاعنا في حبائل أسرهم وتفريق شملنا، إلا أن قدوم أوروج بك
مع نفر من المجاهدين في سبيل الله وحماة أهل الدين والمسلمين غيّرالأمر، وقد فرحنا
بقدومه واستقبلناه بكل إكرام خصوصا أن هذا المدد قد حررنا من عقدة الخوف بفضل الله
تعالى ، وكان المشار إليه أوروج بك قد قدم على باجة إحدى المدن التونسية قبل قدومه
إلينا ، وقصده من ذلك تحريرها من دنس الكفار ودعم إخوانناالمسلمين فيها، وقام
بمحاصرة قلعتها بمعاونة المجاهد الفقيه الصالح أبو العباس أحمدبن القاضي، وقاما
بتوجيه ضربات ساحقة للكفار عن طريق هدم القلعة وبثّ الخوف في صفوف الأعداء، وهكذا
استطاعا الدخول إلى القلعة على مرأى من الكفّار، وكانت هناك مجموعة من المجاهدين
استطاعت أن تسيطر على أحد أبراج القلعة وهكذا دخلوها عنوة، وقد فر ّ بعض الكفار
والبعض الآخر قتل في انتظار نار جهنم التي أعدها الله للكفار. وقد قاتل المجاهدون
ضد الكفار قتالا عظيما وأبدوا مشاهد مثيرة من البسالة والإقدام ليلا ونهارا من شروق
الشمس حتى غروبها .
وقد قدم إلينا المشار إليه أوروج بك في قلة من أصحابه
ليكونوا عونا لنا في قتالنا ضد أعداء الدّين وهذا هو السبب بالذات الذي حررنا من
عقدة الخوف من الأعداء .
وقد نال المشار إليه أوروج بك مرتبة الشهادة في
معركة تلمسان وحل محله في قيادة المجاهدين شقيقه أبو التّقى خير الدين،وكان خير خلف
لأننا لم نعهده إلاّ متبعا للشرع الشريف وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ولم
يثبت عليه إلا التّعظيم لمقامكم ودأبه على الجهاد لإعلاء كلمة الله،وبذلك نال محبة
الجميع واحترامهم ، وكيف لا ينالها وهو أتى بقلب سليم ونية صادقة للجهاد في سبيل
الله . مقدما عليه بكل بسالة وإقدام، مضحيا براحته منفذا لأمر الله تعالى بالجهاد
ومنطلقا من عقيدة إيمانية كأنها كوكب وهاج .
وأودأن أعلمكم أن خير الدين قد
نوى زيارتكم إلا أن أعيان البلدة المذكورة قد رجوه بالتخلي عن فكرة الزيارة حاليا
لعدم زوال خطر النصارى الكفار، وبدلا منه اتفقنا على ارسال العالم الفقيه سيد أبو
العباس أحمد بن علي بن أحمد وأرسلناه إلى حضرتكم فعلا، ويحمل منا رسالة ولاء
لمقامكم الرفيع، واعلم ياسيدي أن اقليم بجاية وأهالي الشرق والغرب في خدمتكم ، وأن
ما حدث في هذه الديار قد تم شرحه لكم في هذه الرسالة.
الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية للجزائر خلال العهد العثماني 1707-1827م
د. محمد مكحلي [1]
قسم التاريخ- كلية الآداب و العلوم الإنسانية- جامعة الجيلالي اليابس / سيدي بلعباس / الجزائر
تقديم:
بتعيين خير الدين بيلرياي " أصبحت الجزائر إحدى الولايات الثلاث للإمبراطورية العثمانية وأصبح لبايلر باي الجزائر بمقتضى هذا التعيين حق التصرف المطلق في الجزائر مع الإشراف على إقليمي تونس و طرابلس، لكن هذا الإشراف لم يدم طويلا فقد ألغى العثمانيون نظام البايلر باي سنة 1588م خوفا من أن يفكر هؤلاء الولاة في الإنفصال فأصبحت الجزائر ولاية عادية يعين على رأسها باشا تغيره الأستانة كل ثلاث سنوات[2].
لم يهتم الباشوات بشؤون الرعية بل انصرف همهم إلى جمع اكبر قسط من الأموال في انتظار مدة الولاية، وبذلك انتقلت السلطة من أيديهم إلى ضباط الجيش الذين بدأ نفوذهم يتعاظم تدريجيا مع بداية سنة 1659م، وأصبح حكام الجزائر العثمانية يعينون من بينهم ضابطا برتبة أغا كحاكم فعلي على الولايات غير أن هذه المرحلة لم تطل مدتها و ذلك لأن الأغا لم يكن يستقر في منصبه أكثر من شهرين نتيجة للتنافس الشديد بين الضباط على الحكم[3].
فكانت الجزائر خلال الفترة من 1518-1671م إيالة عثمانية تتلقى المساعدة المالية و العسكرية من الخلافة و قد اهتم الحكام في هذه المرحلة بتوحيد الجزائر سياسيا و ذلك بالقضاء على الإمارات المستقلة وإخضاعها لسلطة مركزية مقرها مدينة الجزائر كما وجهوا جهودهم لتحرير موانئ البلاد من السيطرة الإسبانية وفرض سيطرة الأسطول على الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط.
مع بداية سنة 1671م دخلت الجزائر مرحلة جديدة تميزت بتولي طائفة رياس البحر السلطة، و هم ضباط البحر الذين نصبوا نظاما جديدا يتمثل في تعيين حاكم للبلاد يلقب بالداي.
و قد التزم الدايات بحفظ الإرتباط مع الدولة العثمانية باعتبارها خلافة إسلامية، لكنهم سلكوا سياسة مستقلة فيما يتعلق بالشؤون الخاصة للبلاد ، فالداي هو الذي :
§ يعقد الإتفاقيات الدولية
§ يستقبل البعثات الدبلوماسية ( القناصل)
§ يعلن الحرب و يبرم معاهدات السلام
لما استقر نظام الدايات تكون في مدينة الجزائر ديوان مستقل هو أشبه بمجلس الوزراء، فهناك وكيل الخرج المختص بشؤون البحرية، و البيت مالجي المختص بالشؤون المالية و رئيس أمين مدينة الجزائر و خوجة الخيل الذي كان يشكل حلقة إتصال بين الجزائريين و الحكومة.
مخطط للنظام السياسي و الإداري للجزائر العثمانية في عهد الدايات
و قسمت الجزائر من الناحية الإدارية إلى أربعة أقاليم رئيسية هي:
1- دار السلطان: كانت تضم مدينة الجزائر و ضواحيها
2- بايلك الغرب: كانت عاصمته مازونة ثم معسكر و أخيرا وهران بعد جلاء الإسبان عنها عام 1792م
3- بايلك التيطري، ضم المناطق الوسطى و مناطق جنوب دار السلطان و كانت عاصمته المدية.
4- بايلك الشرق: يقع من شرقي من دار السلطان و بايلك التيطري كان أكبر المقاطعات و الأقاليم ، و كانت عاصمته قسنطينة.
كانت هذه المقاطعات مقسمة إلى قيادات و على رأس كل منها شيخ قبيلة و كان الجهاز الإداري جهازا لامركزيا حيث أن اية علاقة للحكومة برعاياها كانت علاقة غير مباشرة، تعتمد على استعمال الزعماء المحليين لجمع الشرائب و فرض الأمن يمكن استنتاج أهم الخصائص التي ميزت الدولة الجزائرية أنذاك كمايلي:
1- لم يعد تعيين رجال الحكم قائم على الإنتخاب من طرف ممثلي الشعب فلم يكن النظام السياسي ملكيا وراثيا ولكنه لم يرتق إلى نظام جمهوري..
2- حافظ النظام الإداري على التقسيمات القبلية و الزعامات المحلية فلم تتبلور الصفة العصرية للدولة[4].
3- لم تختلف وضعية الجزائر كما كانت عليه لقبه العالم الإسلامي و لكنها كانت مختلفة كما كان يحدث و العالم الأوربي الذي تكونت فيه دول ذات حكومات مركزية أخذت تتأهب لفرض سيطرتها على العالم[5].
الحياة الإجتماعية و الإقتصادية:
عند دراسة أوجه النشاط الإقتصادي و الحياة الإجتماعية للجزائر العثمانية يلاحظ الطابع الزراعي و الرعوي الذي تمركز أساسا في الارياف و أطراف المدن هذا في حين أن الحواضر تكاد تنفرد بالنشاط الحرفي لو لا وجود قدر قليل من نشاط حرفي متواضع يهدف إلى تلبية الضرورات المنزلية و يقوم على الإكتفاء الذاتي في الأرياف. و إلى جانب ذلك لعبت التجارة الخارجية و الداخلية دورا مهما داخل البنية الإقتصادية للمجتمع الجزائري عموما و البنية الحضرية بشكل خاص[6].
لقد هيمن النشاط الإقتصادي في الأرياف الجزائرية و بخاصة النشاط الزراعي و الرعوي[7]، و فيما يخص أشكال الإنتاج، فإنها كانت موزعة على أربعة مجالات طبيعية تتمثل في المرتفعات الجبلية و التلال و السهوب و أطراف الحواضر تشكل في مجملها كلا إجتماعيا و إقتصاديا يمز الريف الجزائري والإمتدادات الريفية التابعة للحواضر.
بالرغم من تنوع هذه المناطق التي تنتحل هذا النمط من العيش فإن الإنتماء إلى الجماعة العمرانية (Communauté) يشكل الشرط الضروري لاستمرار الحياة الإجتماعية ففي كنف هذا التجمع تتحقق ملكية العضو لشروط العمل و الإنتاج أي أن إنتماء الفرد للجماعة شرط تحقيق وجوده فهي تتوسط العلاقة فيما بينه و بين الأرض و وسائل العمل، و هكذا فإن العائلة الممتدة تشرف في المرتفعات الجبلية و بشكل نسبي على الملكية الصغيرة التي تعتبر مجالها واضحا و بين حرائق الجيران و هي (أي الأسرة الممتدة) تمثل الأسرة النووية ( الصغيرة) وجودها ضمنها[8].
و تعتبر "التويزا" « Touiza » أكثر اشكال التضامن القروي شهرة و هي كثيرا ما تجد الفرصة للظهور في أراضي الأوقاف و يلاحظ أن الأب أو الأخ الأكبر في كل أسرة هو الذي يمثل أفراد أسرته في احتفالات القرية و ينوب عنها في التجمعات التي تعقد في المسجد[9].
و من أجل تأمين إعادة انتاجها فإن الأسرة تضيف إلى أنشطتها المعروفة بعض الصناعات الحرفية المرتبطة باستغلالها و التي أحيانا ما يوجه بعضها نحو السوق. أم الملكية غير المنقولة التي تتحقق من خلال الهيبة أو الميراث فرغم كونها ملكية خاصة إلا أنها تبقى تندرج تحت استحواذ العائلة.
إن وضعية الأراضي الزراعية في الجزائر خلال العهد العثماني أصبحت تتصف بمظاهر الصراع الخفي و الإحتكاك المستمر بين أسلوبين من الإنتاج، و نمطين من المعيشة مختلفين أحدهما يرتكز على الإرتباط بالأرض و حيازتها و الأخر يمتهن الرعي و العزوف عن خدمة الأرض[10].
و هكذا لم يبق من الأقاليم المحتفظة بطابعه الزراعي المتمسكة بتقاليده الفلاحية سوى فحوص المدن الكبرى و بلاد القبائل ، و شمال قسنطينة و التيطري و سهل متيجة و سهل غريس[11].
و الجدير بالملاحظة أن العثمانيين قد عملوا جاهدين على الإحتفاظ بالأوضاع السائدة، فأبقوا في غالب الأحيان ملاك الأراضي و أقروا العشائر المتعاملة معهم على الأراضي التي
ت استحوذوا عليها بغية الحصول على تأييد شيوخ القبائل و مساندة رؤساء الزوايا لهم و لم يهتموا بصفة خاصة إلا بما تذره الأرض من إنتاج و ما توفره من جبايات[12].
إن التطور الذي انتهت إليه وضعية الأرض من ناحية الإنتاج لم يكن نتيجة لسياسة معينة من طرف الحكام العثمانيين و إنما كان نتيجة تحول بطيء فرضته الأحوال الإقتصادية و ساهمت فيه الأوضاع الإجتماعية و تسببت فيه حاجة الحكام إلى موارد البلاد "إثر تزايد" الضغط الأوربي على السواحل و إنفتاح البلاد على التجارة الأوربية.
لقد نتج عن كثرة المطالب المالية وقلة الجبايات على الأراضي الزراعية وتعدد المغارم،إهمال الزراعة و تحول قسم من السكان من الإشتغال بالفلاحة إلى مزاولة حرفة الرعي وفي بعض الأحيان اضطر المزارعون إلى الثورة على الحكام و قد انعكس هذا الوضع على الحياة السياسية[13]، إذ أن تحول السلطة إلى الدايات أدى إلى تضررالزراعة، وتحول كثير من الأراضي المنتجة للحبوب إلى ملكيات للبايلك أو مزارع مشاعة بين أفراد القبائل الحليفة "قبائل المخزن" أو العشائر الخاضعة "قبائل الرعية" بعد أن انقطع سيل الهجرة الأندلسية، و تسببت الحملات العسكرية التي كانت تنطلق من مراكز البايلك لجمع الضرائب و أخذ المغارم في الحلاق أضرار فادحة بأهالي الريف و غالبا ما تمكن المحلة أو الفرقة العسكرية مدة طويلة قد تصل على ستة أشهر تتحول أثناءها الأرياف و توجب الضرائب و يعاقب العقاب الممتنعون فمحلة بايلك الشرق تنطلق من قسنطينة و تنقسم إلى فيلقين أحدهما يجوب الهضاب العليا و التل الجنوبي و الأخرى تقصد مناطق التل الشمالية المتاخمة لساحل البحر، أما محلة بايلك البيطري فتتوجه من مدينتي الجزائر والمدية نحو سهل عريب و بني سليمان و البرواقية، بينما محلة بايلك الغرب تخرج من مازونة أو معسكر نحو سهول غريس و وادي مينا وجهات السرسو و تاهرت[14].
وبظهور دايات أقوياء وأكفاء و استقرار نظام الحكم على توسع أراضي الدولة بمواطن العشائر التي ثم إخضاعها،في الوقت الذي استقرت في أوضاع الملكيات المشاعة، وبدأ قسم من الملكيات الخاصة يتحول بفحوص المدن إلى أوقاف أهلية يعود ربحها بعد انقراض عقب محبسها على المؤسسات الدينية و المشاريع الخيرية.
كما هو الحال بفحوص مدن الجزائر و البليدة و القليعة[15].
وبعد مـوت الـداي محمد عثمان باشا تولى مقاليد الحكم الداي باشا حسان (1791-1798مـ) و الداي مصطفى باشا (1798-1805مـ) اللذان انتهجا سياسة جديدة، قوامها تصدير المزيد من المحاصيل الزراعية إلى خارج البلاد عن طريق الشركات الأوربية و المحتكرين اليهود أمثال بكري و بوشناق ، في الوقت الذي كانت فيه البلاد معرضة للمجاعة نتيجة القحط الذي أضر بالزراعة في السنوات التالية 1788 و 1779 و 1800 و 1807م و1816 و 1819[16]، ويلاحظ أن السماسرة اليهود كانوا يصدرون كميات كبيرة من الحبوب أثناء هذه الفترة.
ففي عام 1793م و مثل على ذلك تم شحن مائة سفينة من ميناء وهران قدرت حمولتها بـ 75000 قتطار من القمح و 6000 قنطار من الشعير مما تسبب في حدوث اضطرابات في جهاز الحكم فاغتيل ستة دايات من مجموع ثمانية في مدة قصيرة[17].
لقد أدى الضغط المتزايد على الأرياف إلى قلة الإنتاج و إهمال الزراعة وإعلان العصيان و حدثت سلسلة من الثورات في جميع الجهات مثل منطقة جرجرة (1804-1810-1823م) و شمال قسنطينة (1804م) و الغرب الجزائري (1803-1809م) و مناطق النمامشة و الأوراس ، ووادي سوف( 1818-1823).
و قد شملت الثورات مناطق الحبوب حيث أعلنت التيجانية العصبان سنة 1818 م، هذا في الوقت الذي كان فيه الصراع محتدما مع حكام تونس من 1806م إلى غاية 1817[18]، مما أدى إلى هجرة جزء من السكان هربا من الإنتقام و تجنب لبطش الحملات العسكرية، و لم يعد الحكام يسيطرون بالفعل إلا على سدس أراضي التل الخصبة حبس بعض التقديرات[19]، حيث اصبحت ملكيات أو الدولة هي السائدة في الأرياف في الوقت الذي تركزت فيه الملكيات الخاصة بالمناطق الجبلية الممتنعة عن الحكام، و الملكيات المشاعة في السهوب الداخلية حيث تربى المواشي ولا تزرع الأرض إلا من أجل الحصول على الضروري من الأقوات و نظرا لهذه الأوضاع السيئة و الظروف الصعبة فقد فقد الفلاح الجزائري الرغبة في العمل حتى أنه، في سنة 1786م لم يجد ملاك الأراضي بسهل عنابة الخصيب من يقوم بحصاد حقولهم فاضطروا إلى التنازل عن نصف الإنتاج لمن يقوم بحصـاد القمح بعد أن تخوف كثير من الفلاحين من انتشار الوباء و فاضطروا إلى قبول الحصول على خمس المحصول بينما استحوذ عمال البايلك و الملاك المقيمون بالمدن على أربعة أخماس المحصول بدون مجهود و عليه فقد تقلصت الأراضي الزراعية وتناقصت المساحات المستغلة حتى أصبحت عشية الإحتلال الفرنسي 1830م لا تتجاوز359040 هكتارا[20].
أما النظام الجبائي المطبق على الأراضي الفلاحية فإنه لم يخرج في أساسه عن مبدأ الجباية في الإسلام[21]، و حاول الحكام رفع الإنتاج الزراعي بالإلتجاء إلى الحملات العسكرية لإرغام السكان على تقديم المزيد من المحاصيل الزراعية وباحتكار تجارة الحبوب و تسخير الفلاحين بالأرياف لخدمة أراضي الدولة لإنتاج المزيد من المحاصيل، و قد أنشأوا لهذا الغرض العديد من المظاهر العامة في مراكز الحاميات، و أقيمت المطاحن الهوائية بالقرب من المدن حيث كان قياد البايلك يكلفون بإحصاء المحاصيل الزراعية، و مراقبة مواشي البايلك، و تحديد مقدار الضرائب التي كانت تتقاضاه الدولة عن تلك المحاصيل و المواشي.
لقد شهد النشاط الصناعي خلال فترة الدراسة 1707-1827 ثلاثة اشكال من النشاط وهي الشكل الحرفي للإنتاج و شكل البايلك للإنتاج (التابع للسلطة أو البايلك) والشكل السابق للتصنيع « Forme pré facturière »
1- الشكل الحرفي للإنتاج:
يظهر هذا النموذج من خلال الصناعة المنزلية فقد أدى إلى تطور إنتاجية النشاط الزراعي الرعوي إلى بدايات لتخصيص جزء من سكان الريف في بعض الصناعات مثل صناعة الأحذية و اللباس أو بعض عمال الحرارة مع بقائهم في بعض الأحيان مرتبطين بالنشاط الزراعي الرعوي كما كان الأمر في المرتفعات الجبلية.
بعد إزدهار النشاط التجاري توسيع التجارة و اتساع المدن خلال اندماج التشكيلة الإجتماعية في المجال الإقتصادي للخلافة العثمانية نشطت الصناعات وامتدت حتى أصبحت لا يخلو إقليم من الأقاليم من بعضها[22].
و كانت هذه الحرف تستجيب للمتطلبات المحلية للمدن أو المناطق المجاورة وكان بعضها يصدر إلى الخارج، كما كانت هذه الحرف تعرف تنظيما اجتماعيا محكما و توزيعا اجتماعيا للعمل له قواعده و حدوده فكل فـرقة كـانت لـها نقاباتها أي أن هذه الصناعات التقليدية لها تنظيمات مهنية حيث كان لمختلف الحرف فكان تنظيمات للدباغين الإسكافيين لصانعي البرادع وتنظيمات لحائكي الصوف و القطن و الحرير و المطرازين و الصباغين البراميا وللنجارين و للحدادين و لصانعي الأسلحة و صانعي المجوهرات[23].
و كذلك كان لكل حرفة نظامها الخاص و مسؤولها الذي يشرف عليها الذي يطلق عليه "الأمين" أو "النقيب" و كان ينتخب يختار بأغلبية أصوات الحرفيين و هو يلتزم بالدفاع عن ممثليه أما السلطات و يعتبر النقيب إضافة إلى إشرافه على البيع والشراء الأمر و الموجه للتعاونية وفق قواعد العزف و هو أيضا يراقب جودة المنتوج و يفك النزاعات التي نشأ بين المعلم و الصناع أو بين رؤساء الورشات ويقوم بتعليم المبتدئين أصول الحرفة و العمل.
و من الناحية الإجتماعية كان النشاط الحرفي يشهد تمايزا اجتماعيا يستند في أغلبه إلى العامل العرقي فكل حرفة كانت خاضعة لجماعة عرقية كما كان لكل حرفة شاركها فيهود الجزائر و قسنطينة مثلا كانوا يحتكرون الصناعات الخاصة بالمعادن الثمينة في الوقت الذي كانت فيه السلطة تحتكر بعض البضائع و المشاغل و كانت عملية الإحتكار التي تمارسها السلطة العثمانية عاملا في إعاقة و منع تطور الحرفيين الأثرياء إلى شكل صناعي أكثر تطورا[24].
و عليه فالسلطة العثمانية و الجزائر كانت تحتكر جزءا من النشاط الصناعي مثل صناعة السفن و مسابك المدافع و مطاحن الدقيق و المحاجر وهذه الصناعات الإستخراجية كانت تمثل مجموعة الضروريات التي تستند إليها قوة البايلك[25]،وقد أدى هذا الوضع إلى تدعيم سلطة الداي الإقتصادية و السياسية على هذا النحو و احتكار الدولة للتجارة الخارجية و كذا اشتداد المنافسة الأوروبية للمنتجات المحلية إلى إفشال تحول البرجوازية الجزائرية إلى برجوازية تحويلية على غرار البرجوازية الأوربية التي وضعت الحرف تحت تصرفها و لم تضيق عليها مجال الإستثمار في هذا المجال.
إن المتمعن في هرم القوة في المجتمع يلاحظ على رأسه الأقلية التركية الحاكمة التي استأثرت بمقاليد الحكم والصناعات الكبرى، و تستحوذ على 1,5 مليون هكتار من الملكية العقارية إلى جانب ما تدر عليها عوائد الضرائب و التجارة و حسب البعض فإن السيطرة التركية بلغت ذورة شرعيتها مع ظهور فكرة الحدود و السيادة الإقليمية[26] و ذلك منذ القرن السادس عشر (16مـ) وقد تمكنت بعد فترة وجيزة من تكوين جيش بحري مكنها من السيطرة على غرب البحر الأبيض المتوسط حيث استمرت هذه السيطرة زهاد ثلاثة قرون و بفضلها عاشت الجزائر إلى غاية مطلع القرن التاسع عشر (19): يذكر أجيرون شارل روبير « Agéron Charles Robert » أن مدينة الجزائر اشتهرت بمحاربتها إلى حد أن سبع دول كانت تدفع للداي حربه منتظمة كما كانت هناك ثماني دول منها إنجلترا يقدم إليه الهدايا النقدية و العينية حتى تتجنب التعرض لقرصانها[27].
و قد أورد يحيي بوعزيز[28] نقلا عن "هنري فارو" مبلغ ما تدفعه دول أوربا و مدنها للجزائر من الضرائب و صنفها على النحو التالي:
§ الولايات المتحدة، هولندا، البرتغال، نابولي، السويد، النرويج، الدانمارك، تدفع ضريبة كل عامين .
§ الدانمارك و النرويج و السويد، تدفع ضرائب أخرى في شكل اسلحة و حبال وصواري و دخيرة البارود و رصاص و حديد تقدر قيمتها بمبلغ 25 ألف فرنك.
§ إسبانيا و فرنسا و إنجلترا و هانوفر و سردينيا و الطوسكان و دافوس والبندقية تدفع هدايا دورية للدايات و الباشوات و أعضاء الديوان عند إبرام المعاهدات و تعيين القناصل لها بالجزائر.
§ هامبورغ و بريم تدفعان أدوات الحرب و التمونيات الحربية النمسا و روسيا لا تدفعان الضرائب و لكن تدفعان أموالا طائلة لفداء أسراها الكثيرين بالجزائر و يضيف أيضا نقلا عن ليون فالبير « Leon Valiber » تسيء من التفصيل عن ما تدفعه دول أوربا إلى الجزائر .
§ مملكة الصقيليتين:تدفع مبلغ 44 ألف بياستير سنويا منها 24 ألف نقد والباقي في شكل بضائع.
§ ممكلة الطوسكان :تدفع 23 ألف بياشر كلها قدم حددت قنصلها بالجزائر
§ مملكة سردينيا :تدفع مبلغا كبيرا من المال كلما جددت قنصلها بالجزائر .
§ البرتغال تدفع نفس ما تدفع نفس ما تدفعه الصقليتان
§ إسبانيا : تدفع مبالغ مالية كلما حددت قنصلها
§ النمسا تدفع هدايا دورية مباشرة و عن طريق الدولة العثمانية
§ إنجلترا تدفع 600 جنيه إسترلينن كلما جددت قنصلها
§ هولندا تدفع نفس مبلغ إنجلترا
§ أمريكا تدفع نفس مبلغ بريطانيا
§ هانوفر، بريم الألمانيتان: تدفعان مبالغ مالية كبيرة كلما حددت قناصلها.
§ السويد و الدانمارك تدفعان مبالغ مالية كبيرة سنوية في شكل مواد حربية قيمتها 400 بياستر.
أدت القوة العسكرية على الخارجي كذا الداخلي إلى تحول المجموعة العسكرية تدريجيا إلى وضع شبه إقطاعي[29] في الداخل و استنادا إلى هذه الشرعية راحت هذه القوى تدعم نفوذها بواسطة بعض الشرائح الإجتماعية في مواجهة قوة القبائل التي لا تعترف بالولاء الديني و لا تدفع الضرائب إلا تحت أسنة الرمــاح و من بين هذه الشرائح الإجتماعية الكراغلة[30] و الذين يرون أنهم ينتمون إلى العائلات الكبيرة «Les familles des grandes tentes» و إلى جانب الكراغلة نجد الأندلسين الموريسكيين المطرودين من الاندلس الذين لعبوا دورا هاما في إعادة إحياء النشاط الحرفي و إلى جانب هؤلاء نجد القبائل التابعة للسلطة و تدعى قبائل المخزن التي تلعب دور الشرطي أما القبائل المنشقة و هي يستغل أٍراضي البايلك و يتمتع بتفويضها بجباية الضرائب من القبائل الأخرى[31].
لقد كشفت عملية التداول التجاري عن وجود تبادل سلعي بسيط و تداول سلعي لراسمال وقد عرفت الجزائر نموذجين لهذا الشكل الأخير للتجارة (التداول السلعي ) يتمثلان في تجارة القوافل الكبرى و التجارة مع أوربا.
تبين عملية التبادل السلعي البسيط الداخلي عن وجود تقسيم نسبي للعمل بين المدن و القرى، يقتصرغالبا على المقايضة سواء بالنسبة للتبادل الحاصل بين الشمال و الجنوب (تمور-مقابل حبوب) أو ذلك الذي يتم بين السهول و المناطق حيث تتم مقايضة الخضار و الفواكه و الزيت و منتجات الحرف مقابل الحبوب بينما يدل النوع الثاني من أشكال التجارة على توافر الصلات بين إفريقيا و أوربا.
و منذ القرن التاسع عشر بدأت الحرف و مختلف الانشطة التقليدية الجزائرية و العهد العثماني و معها الإقتصاد الحضري في التدهور لصالح المنتجات الأوربية ثم لم يقتصر الأمر على الحواضر حين إمتد هذا التأثير إلى داخل الأرياف[32] .ابو احسان 2008-01-01, 11:35
أ-الوضع الصحي:
1- إنتشار الأمراض و الأوبئة:
شهدت الجزائر العثمانية تقهقرا إقتصاديا و اضمحلالا اجتماعيا واكبه سوء الأحوال الصحية و المعاشية خلال القرنين الرابع عشر (14مـ) والخـامس عشر (15مـ) بعد الحروب الطويلة و ما نجم عنها من خراب للمدن و عمال يقول ناصر الدين سعيدوني اصبحت دلس و هنين مجرد خرائب[33] ثم ما لبثت. أن تحسنت أوضاع البلاد طيلة القرن السادس عشر (16) و النصف الاول من القرن السابع عشر بعد قدوم الموريسكيين واستقرارهم بالجهات الساحلية يستصلحون أراضيها ويعمرون مدنها و قراها وتوسع عمران مدن الجزائر و دلس و تنس و شرشال والقليعة و البليدة و عنابة وقسنطينة و وهران و تلمسان و مستغانم و قلعة بني راشد و مازونة و المدية ومليانة و زمورة و غيرها و انتشرت إلى القرى والعمارة الريفية القريبة منها[34] .
لم يطل هذا التحسن كثيرا إذ عرفت البلاد ركودا اقتصاديا و انكماشا عمرانيا طيلة النصف الثاني من القرن السابع عشر (17مـ) و النصف الأول من القرن الثامن عشر (18مـ) بعد ذلك ساءت الأوضاع الإقتصادية و أقفرت الأرياف والمدن من سكانها و تكاثرت الأعراض و الأوبئة الفتأكة مما أثر سلبا على حالة السكان الصحية و المعاشية و ترك آثارا سيئة على أوضاعهم الإجتماعية[35].
إبتداءا من أواخر القرن الثامن عشر (18مـ) تضاءل عدد سكان المدن وتناقص سكان الأرياف مما تسبب في ضعف قوة الأوجاق[36] أدى هذا الوضع إلى تناقص عدد التجار و قدرة الحرفيين و الصناع و إفتقار الأرياف إلى اليد العامة الزراعية.
و الظاهر أن ذلك التدهور يرجع إلى إنتقال العدوى و إنتشار الأمراض من الأقطار المجاورة بسبب صلة الجزائر ببلدان البحر الابيض المتوسط و انفتاحها على أقاليم السودان و علاقتها التجارية مع أوربا و ارتباطها الروحي بالمشرق الإسلامي[37].
مما ساعد على إنتشار هذه الأمراض واستيطانها في البلاد انتشار المستنقعات بالسهول الساحلية وحول المدن الكبرى وبالرجوع إلى المعلومات التي أكـدها كل من هايدو « Haédo » و شاو « Show » و لوجي دوتاسي « Laugy Detassy » أو شالر « Shaler ».
تستنج أن الأدوية و العقاقير المحضرة كانت غير متوفرة و حتى الصيدلية الوحدة لمدينة الجزائر كانت لا تتوفر إلا على بعض العقاقير و الحشائش و كان الباش خراح "القائم" عليها يجهل مواصفاتها و فوائدها الطبية[38].
الطاعون:
شكل الطاعون أخطر مرض عانت منه كل الفئات الإجتماعية بالجزائر خلال العهد العثماني، كما تعرضت إلى ضرباته الحادة كل العناصر الاجنبية المقيمة بالبلاد لقد تكرر ظهوره في شكل تواتر حلقات متعاقبة مع الأوبئة المستوطنة بالمنطقة تسببت في إنهيار ديمغرافي و أدت إلى تدهور الوضع الصحي الذي اثر بدوره سلبا على إقتصاديات البلاد تاركا تشوهات خطيرة في البيئة الإجتماعية[39].
لقد أثر وباء للطاعون على الأوضاع الصحية للجزائر العثمانية و ارتبط بالعوامل الأخرى التي أثرت على الوضع الصحي للسكان مثل الإضطربات الجوية والتدبدبات المناخية و فترات الجفاف و الفياضانات بالإضافة إلى إجتياح الجراد وما نتج عنه من الزلازل و الحرائق و ما ترتب عنها من تخريب و تدمير[40].
و مما زاد الأحوال الصحية سوءا أن الحكام العثمانيين لم يهتموا بميدان الصحة و لم يعطوها الأهمية التي تستحقها فمن ذلك أنهم ولم يتخذوا أي إجراء وقائي ضد تنامي هذه الأمراض[41]، أما أماكن العلاج فكانت محصورة حول بعض المصحات و الملاجيء مثل زنقة الهواء و ملجأ الأمراض العقلية المخصص للأتراك بالإضافة إلى مارستانات[42] رجال الدين المسحيين التي كانت تنفق عليها الدول الأوربية[43].
و ما يمكن ملاحظته أن الأوبئة كانت تتكرر كل عشرة أعوام أو خمسة عشر عاما وأنها في بعض الأحيان استمرت لبضع سنوات كما حدث خلال أعوام 1784-1798 كما مني القرن السابع عشر ( 17مـ) بانتشار الأوبئة في مختلف جهات البلاد مدة حوالي 39سنة أما القرن الثامن عشر (18مـ) فقد ظهرت أثناءه الأوبئة[44] طيلة السنوات التالية:
كما اشتدت حدة الأمراض و عمت جميع أرجاء البلاد من 1804- إلى 1808 و من 1818 إلى 1822. وكان الطاعون سنة 1740مـ، و دام ثلاث سنوات و قضى خلالها على 10000 نسمة ، و كان يهلك في الشهر الأول ما بين 300 و 400 نسمة في اليوم.
كما أدى وباء 1786-1787م إلى هلاك 16721 نسمة بمدينة الجزائر فتناقص عدد سكانها إلى 50000 نسمة كما تسبب في موت ثلثي سكان مدينة عنابة.
أما وباء عامي –1792 1798 فإنه أضر بجميع الجهات لاسيما وهران والجزائر وقسنطينة. وفي سنتي 1817-1818 انتشر الوباء في الجزائر و قضى على أكثر من 14000[45].
و هكذا اصبح وباء الطاعون[46] من مظاهر البيئة الجزائرية فتكرر ظهوره بها بإستمرار و قد كان مرتبطا بحركة الأسطول الجزائري و إحتكاكه الدائم بموانئ المشرق التي كانـ مصدرا لمختلف أوبئة الطاعون، حتى عدت الجزائر من مراكزه الدائمة و بيئاته المفضلة و هذا ما عبر عنه "بنزاك" « Panzac » بقوله :وباء الطاعون من الظواهر المستمرة و الدائمة في الجزائر العثمانية « La peste est une constante de l'Algérie ottomane »[47].
لقد اصبحت عدوى الطاعون تنتقل بسرعة في جميع جهات البلاد، و مسافة انتشاره قدرت بـحوالي 200 إلى 400 كلم سنويا وقد يستغرق إنتقالها أحيانا أسابيع قليلة لإجتياح منطقة ما تبعا لشدته و للكثافة السكانية في المنطقة التي تتعرض له[48].
و مع بداية القرن السابع عشر (17مـ) تميز الطاعون بتواتره "للتكراري" إذ نعاقب بصورة مثيرة للدهشة، عانت خلالها إيالة الجزائر من إجتياح المرض أكثر من إيالة تونس التي تضررت هي الأخرى من جراء انتشار الأوبئة بنسبة 26 سنة معدية.
بينما كان نصيب المغرب من الطاعون فترة لا تتجاوز 12 سنة[49].
أما في القرن الثامن عشر (18مـ) فقد تكرر وباء الطاعون و بلغ مجموع السنوات التي انتشر خلالها الطاعون أثناء هذا القرن 63 سنة في مدينة الجزائر وحدها و قد توزعت كمايلي:
§ سنوات 1717-1718-1723-1730-1731-1732
§ سنوات 1738 إلى 1758، انتشرت إلى مناطق بعيدة كالقالة و عنابة قدرت نسبة الوفيات في مدينة الجزائر، سنة 1740 ما بين 200 و 400 وفاة يوميا.
§ سنوات 1778 إلى 1804 ، انتشر وباء الطاعون في جميع الجهات و كان شديد الوطأة على السكان.
§ 1805-1815، زاد في حدته حدوث المجاعات التي تعتبر أثارها الديمغرافية أخطر من بعض الحروب.
لقد كانت أوبئة القرنين السابع عشر (17مـ) و الثامن عشر (18مـ) أكثر حدة و شدة من التي إجتاحت الجزائر أثناء القرن السادس عشر (16مـ)، إذ تشير العديد من التقارير العسكرية و المراسلات القنصلية إلى إستمرار "الوباء الفتاك" أو "الوباء الخطير جدا" [50]لفترات متعاقبة تناهز الواحدة منها 15 إلى 20 سنة وتعقبها عادة فترة خمود لا تتجاوز الست سنوات[51].
ابو احسان 2008-01-01, 11:36
ب- الكوارث الطبيعية 1-الزلازل:
لقد رافق إشتداد الطاعون و إنتشاره بالقطر الجزائري خلال العهد العثماني سلسلة من الهزات الأرضية العنيفة و الشديدة و التي تسببت في تخريب وتحطيم بعض المدن، و اسفر عنها في أحيان كثيرة خسائر في الأرواح و الممتلكات كزلزال مدينتي الجزائر و المدية سنة 1632، و الذي قالت بشأنه بعض الروايات أنه أهلك جل سكان مدينة الجزائر، و زلزال عام 1665 و الذي صاحبه خسوف الشمس وتأثرت به حتى السواحل الأوربية بالإضافة إلى زلزال 1676 الذي دام عدة أشهر ، و تسبب في الثورة ضد الداي الذي نقم عليه الأهالي و اتهموه بسوء الطالع[52].
أهم الزلازل:
لقد تعرضت السواحل الجزائرية إلى عدة زلازل عنيفة و قوية خلفت عددي القتلى و خسائر جسيمة فمنها.
1- زلزال 1716: الذي تخربت من جرائه مدن شرشال و بجاية و مدينة الجزائر و تكررت نتيجة هزات إرتدادية طيلة ايام الثالث (3) و الخامس (5) والسادس و العشرين (26) من شهر فبراير و قد هلك من سكان الجزائر تحت الأنقاض ما لا يقل عن 20000 نسمة حسب بعض المصادر[53].
نظرا لاشتداد حدة الزلازل اضطر الاهالي للخروج إلى ضواحي المدن ومنها ضواحي مدينة الجزائر بعد أن تهدمت منازلهم، مما جعل الداي يصر على معاقبة اللصوص، و القضاء على أعمال الفوضى التي صاحبته هذه الزلازل ثم تكرر حدوث الزلازل بمدن مليانة و عنابة و الجزائر أعوام 1723-1724 و تضررت شرشال من جراء زلازل 1735.
2-زلزال 1755:
يقال عنه زلزال لشبونة[54] و هو زلزال قوي شمل الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط فلم يبق منزل لم يتأثر بحدثه في مدينة الجزائر، و قد أدى هذا الزلزال إلى إنقطاع المياه و تهدم الخبايا، و قد صاحبه ظهور الحرائق للبعض الأحياء و شيوع أعمال النهب و الفوضى لمدة شهرين استمر فيها تكرر الهزات الإرتدادية الارضية.
3-زلزال 1760:
كسابقيه كان شديدا و عنيفا خرب مدينة البليدة[55] و اضر ضررا بالغا بمدينة الجزائر الامر الذي أدى حدا بالسكان إلى الإلتجاء إلى الحرائق و البساتين.
4-زلزال 1790:
حدث هذا الزلزال بوهران و كان دا فائدة على الجيش الجزائري الذي كان يحاصر المدينة تمهيدا لاسترجاعها من أيدي الإسبان[56].
5-زلازل 1818 و 1825:
تكررت الزلازل في الجزائر بحيث عمت أغلب المدن الساحلية و المناطق القريبة من مدينة الجزائر، منها الزلازل الذي ضرب الأطلس البليدي و أدى إلى هدم الدور و المساكن و خراب مدينة البليدة[57] والذي استمرت هزات من 2 إلى 6 ماي 1825 و أدت إلى هلاك أكثر من 7000 قتيل[58].
و قد تركت هذه الكوارث الطبيعية نتائج سلبية على الوضع الديمغرافي للبلاد و على الحالة الصحية ، كما اثرت في نفوس الأاهالي و أدت بهم إلى النقمة من الحكام و الثورة عليهم محملين إياهم سب البلاوي و المأساة.
2- الفيضانات و الحرائق:
اعتبرت الفياضانات و الحرائق من أهم الآفات و الكوراث التي أضرت بالجزائر خلال العهد العثماني، بحيث تسببت في حدوث مجاعات و إختفاء الأقوات وموت الكثير من السكان.
لقد اعتاد الناس حدوث المجاعات إثر سنوات القحط و الجفاف و في أعقاب زحف الجراد الأمر الذي كان يؤدي إلى إنتشار الأمراض و تكاثر الأوبئة .
و من الفيضانات التي عرفتها الجزائر خلال فترة الدراسة تلك التي تميزت بفداحة خطرها و ذلك خلال سنوات 1727-1731-1733-1734-1736-1740-1753-1755-1757-1791-1812-1816[59].
نتيجة لهذا تضررت أوضاع الجزائر الإقتصادية و مما زاد في الطين بلة سوء تصرف الحكام و إنعدام الأمن و شيوع الإصطراب الذي إرتبط بظهور الأمراض الفتاكة والحوادث الطبيعية المدمرة، الأمر الذي أدى إلى تشتت و هلاك كثير من سكان الجزائر و إشتداد الضائقة الإقتصادية بفعل غلاء الأاسعار وشح الأقوات و إتلاف المزروعات[60] و بذلك تناقص عدد سكان و بقيت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية غير مستغلة و تحول جزء من هذه الملكيات إلى مؤسسة الأوقاف[61].
3- الجراد و الجفاف:
مع الزلازل و الفيضانات عرفت الجزائر آفات أخرى تمثلت في غزو الجراد و إ،تشار الجفاف مما أضر أيما ضرر بالجزائر إبان العهد العثماني إجتماعيا و صحيا و إقتصاديا وتسبب في إختفاء الأقوات و هلاك كثير من السكان .
أما سنوات زحف الجراد فمن أكثرها ضرر خلال أعوام فترة الدراسة 1710-1716-1724-1725-1760-1778-1779-1780.
وأما السنوات التي عرفت فيها البلاد إنتشار الجفاف فكانت في الفترات الممتدة من 1734 إلى 1737 و من عام 1778 إلى 1779 و كذلك سنة 1800 وأعوام 1800-1807-1816-1819[62].
4- المجاعات:
عرفت الجزائر خلال العهد العثماني عدة مجاعات كان أثرها وخيما على الوضع الإجتماعي و الصحي و الإقتصادي للبلاد منها مجاعة 1778 و 1779م والتي قيل عنها أن الناس كانوا يموتون بالمئات في شوارع مدينتي الجزائر و قسنطينة[63] و كذلك الشأن بالنسبة لمجاعة 1787 و 1789م التي كان من أسبابها الجراد مع الوباء و كذلك أيضا يمكن الاشارة إلى مجاعة 1794 التي اتسمت فيها الأوضاع بالتردي والفوضى و غلاء الأسعار و غياب الأقوات[64].
و يـذكر عبد الرحمن الجيلالي أن الـجزائر ما كـادت تنتهي و تـستريح من ويـلات الحرب المحزنة حتى فـاجـاها الجدب والـقحط بكامل الـبلاد وأصبحت تعاني من أزمة مجاعة حادة و خانقة ارتفعت فيها الأسعار و غلا المعاش غلاءا فاحشا، حتى بلغ يومئد سعر الصاع الجزائري و هو ما يزن 34 كيلو تقريبا من البر فمات الناس جوعا و استمر للحال على ذلك بضع سنين و كان محمد الكبير باي وهران يأتي بالقمح من بلاد أوربا و يوزعه على الأهالي مجانا، و أعفى المزارعين و الفلاحين من دفع الضرائب و الخراج عن أراضيهم[65].
جـ-الوضع البشري:
فيما يخص الإحصائيات مجموع سكان الجزائر يلاحظ اختلاف ملحوظ عند المؤلفين و المتخصصين بهذا المجال و بخاصة من حيث العدد و الكثافة و هذا يعود إلى الأوضاع الصحية و الأحوال المعاشية و الظروف الطبيعية.
و الظاهر أن التعداد الإجمالي لسكان الإيالة الجزائرية كان يبلغ في نهاية الحكم العثماني حوالي ثلاثة ملايين نسمة إذا أخذنا بعين الإعتبار كل الإحتمالات الواردة و التقديرات الإعتباطية أو الإحصاءات المفرطة و استبعدنا قول حمدان خوجة بأن سكان الجزائر كان يبلغ العشرة ملايين نسمة (10 م ن)[66].
و اذا اعتبرنا الوضع الديمغرافي للمدن الجزائرية خلال العهد العثماني استطعنا الوقوف على تعداد سكان مدينة الجزائر الذي كان يتراوح حسب ما أورده "شاو" Show » بالنسبة سنة 1724 ما بين 40.000 و 180.000 .
أما تقديرات "فنتور دوبارادي" « Venture de paradis » لسنة 1789م فلم تتجاوز الخمسين ألف نسمة و مع نهاية العهد العثماني لم يكن يتجاوز عدد سكان مدينة الجزائر خمسة و ثلاثين ألف نسمة[67] و رغم ما يلاحظ من التناقص والإنكماش الذي أصبحت عليه مدينة الجزائر فإن كل الإحصائيات تؤكد أنها كانت في طليعة المدن و بعد هذا الجرد يمكننا التعرف على الخارطة السكانية للجزائر خلال فترة الدراسة
البنية الإجتماعية للمجتمع الجزائري كانت تتميز بنوعيتها القبلية خارج المراكز الحضرية و تنوعيتها الطائفية داخلها.
أهمها:
1- الأتراك:
كان عددهم غداة الإحتلال الفرنسي يتراوح بين حوالي عشرة آلاف و ثلاثين ألف نسمة من الأصليين و المندمجين[68].
2- الكراغلة:
هم المنحدرون من آباء أتراك أصلا بالمهنة من الإنكشاريين و الراس و أمهات جزائيات في "حالة الجزائر" و كان عددهم يبلغ خمسة آلاف نسمة عام 1808 حسب تقديرات بوتان (Boutin) و أكثر من 16000 نسمة مقابل 14000 نسمة تركيا بمدينة الجزائر في القرن الثامن عشر (18مـ).
3-البرانية و الدخلاء:
هم الأهالي للحديثو الإستيطان بالمدن[69].
4-الحضر أو البلدية:
يتكونون أساسا من الموريسكيين الأندلسيين الذين فروا من الإضطهاد والإبادة الجماعية (محاكم التفتيش) بالإضافة إلى بقية الأهالي من المستوطنين القدماء في هذه المدن.
5- اليهود:
هم الذين كانوا موجودين بكثرة في قطاع التجارة و في مختلف القطاعات السياسية للمتعاقبة على رقم قلتهم و قد جاء بعضهم من أوربا في القرن الثامن عشر (18مـ) و استوطنوا مدينة الجزائر كما ارتفع عددهم نسبيا مع هجرة الموريسكيين طمعا في حماية المسلمين لهم و بخاصة في مدينتي الجزائر و قسنطينة التي بلغ عددهم فيها قرابة عشر سكانها.
هذا بالإضافة إلى أقليات مسيحية أوربية (فرنسيين، مالطيين، إيطاليين ، إسبان..) و كان مجموع هذه الفئات لا يمثل حسب بعض المصادر أزيد من 6 بالمئة في أحسن الأحوال من مجموع سكان الجزائر، أما خارج المدن و الحواضر الكبرى، فكان عمق الجزائر و سوادها عبارة عن أرياف ذات بنية قبلية تمثل حوالي 94 بالمئة الباقية[70].
و عليه فيمكن تصنيف سكان الريف في الجزائر إبان العهد العثماني تبعا لعلاقاتهم بالحكم البيلكي إلى الأنواع القبلية التالية:
1- قبائل الرعية:
تسود فيما كان يسمى بـ "الأوطان" و هي مناطق محيطة بالمدن خاضعة للبايلك
2- قبائل المخزن:
هي قبائل أعوان للسلطة في إخضاع قبائل الرعية تمثل دورها في جمع الضرائب، و كان بعض قادتها أتراكا[71].
3- القبائل الاحلاف:
هي القبائل التي كانت تتبادل الخدمات و المصالح مع السلطة و كانت موجودة أساسا بين قبائل الرعية و القبائل المستقلة مشكلة مناطق عازلة و أحزمة وقائية للسلطة.
4- القبائل المستقلة:
كانت موجودة أساس بالمناطق الجبلية[72] (الظهرة، الونشريس، قسنطينة) وبشمال الصحراء و هي مناطق يقع معظمها في شرق الجزائر و بخاصة منه ما كان يعرف ببايلك الشرق.[73]
الهوامش والمراجع:
[1] د. محمد مكحلي، تاريخ و مكان الميلاد: 28/09/1961 بسيدي بلعباس. أستاذ محاضر في قسم التاريخ- كلية الآداب والعلوم الإنسانية- جامعة الجيلالي اليابس- سيدي بلعباس- الجزائر. حاصل على شهادة الليسانس تاريخ، وشهادة الدراسات المعمقة تاريخ، وشهادة الماجستير أنثروبولوجيا إجتماعية وثقافية، وشهادة دكتوراه تاريخ حديث ومعاصر. بالإضافة إلى شهادة دكتوراه انتروبولوجيا في طريق المناقشة. عضو في مخبر للبحث في التاريخ المحلي للغرب الجزائري. المشاركة في العديد من الملتقيات والندوات الفكرية في الداخل والخارج. m_mekahli@yahoo.fr
[2] البوعبدلي المهدي: الجزائر في التاريخ (العهد العثماني) ، وزارة الثقافة 1984.
راجع شوفاليه كورين الثلاثون سنة الأولى لقيام دولة مدينة الجزائر 1510-1541 تر جمال حمادنة د م ج الجزائر 19991 ص ص 20-24-27.
[3] شوفاليه كورين ، المرجع السابق
ينظر MZALI Mohamed: les beys de tunis et le roi des français M.T.E et S.N.E.D 1976.
[4] قيرة إسماعيل، غربي علي: دليو فضيل، فيلالي صالح: مستقبل الديمقراطية في الجزائر، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ، يناير 2002 ص 53.
ينظر سعيدني ناصر الدين، النظام المالي للجزائر خلال العهد العثماني م و ك 1986.
ينظر أيضا سعيدوني ناصر الدين، دراسات في الملكية العقارية م و ك 1984.
[5] فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة إلخ......
[6] زمام نور الدين: السلطة الحاكمة و الخيارات التنموية بالمجتمع الجزائري 1962-1998 دار الكتاب العربي 2002
ص 16
[7] زمام نور الدين، المرجع السابق، ص 18..
[8] نفسه ص 18.
عند دراسته للملكية العقارية في منطقة القبائل انتهى كارل ماركس بقوله " لا زال في الجزائر بعد الهند أقوى أثار الشكل القديم للملكية في الأرض حيث تمثل العشيرة و الملكية الموحدة للعائلة ، هنا الأنواع السائدة في ملكية الأرض"، زمام نور الدين ص 18. ينظر سعيدوني ناصر الدين ، دراسات في الملكية العقارية م و ك الجزاء 1986.
[9] زمام نور الدين: المرجع السابق ص19.
[10] سعيدوني ناصر الدين: دراسات في الملكية العقارية ص 27.
[11] المرجع السابق.
[12] نفسه ص 28.
[13] نفسه ص 32.
[14] نفسه.
ينظر سعيدوني ناصر الدين، النظام العالي للجزائر و العهد العثماني م و ك 1986
ينظر أيضا الجيلالي عبد الرحمن بن محمد، تاريخ الجزائر العام د م ج ج3 ، 1982.
ينظر القشاعي موساوي فلة، النظام الضريبي بالريف القسنطيني أواخر العهد العثماني (1771-1837) ، رسالة ماجستير في التاريخ الحديث و المعاصر معهد التاريخ ، جامعة الجزائر 1991.
[15] سعيدوني ناصر الدين، المرجع السابق ص 36.
[16] نفسه
ينظر العنتري محمد صالح: سنين القحط و المسخبة ببلاد قسنطينة مخطوط رقم 2330 المكتبة الوطنية .
[17] 1805-1817:هم مصطفى باشا،1805:أحمد باشا،1808:الغسال،1809:الحاج علي باشا،1809:محمد باشا،1814:عمر آغا،1817
ينظر أيضا بلحميسي مولاي ، الجزائر من جلال رحلات المغاربة في العهد العثماني الجزائر ش و ن ت 1979.
حول الأساليب العثمانية ، الجوانب الإجتماعية و الإقتصادية ، ينظر ضومط أنطون، الإقطاع العثماني خلال القرن 16م بين الحداثة و التقليد، سلسلة تاريخية ، دار النشر للسياسة و التاريخ ، بيروت 2002 ص 89.
[18] ينظر Mzali Mohamed : Les beys de Tunis et le Roi des Français: OPCIT.
[19] Rinn Louis :Le royaume d'Alger sous le dernier bey1897-1899 in R. A PP 41-43,.
[20] لقد انحصرت زراعة البقول و الحبوب بالسهول الساحلية و اختصت المناطق الجبلية بالأشجار المثمرة و تركز الرعي في مناطق الهضاب العليا بقسنطينة و سهول وهران مع زراعة معاشية بسيطة.
ينظر سعيدوني ناصر الدين، دراسات في الملكية العقارية، ص37.
ينظر أيضا: سعيدوني ناصر الدين، الكتابات التاريخية حول الفترة العثمانية من تاريخ الجزائر ، مجلة الثقافة ع 45-197.
[21] يصنف هذا النظام الجبائي الأرض بحسب ما يستخلص منها إلى ثلاثة أنواع.
- أرض عشرية يؤخذ على أصحابها الزكاة أو العشر و هو ما يعادل نصف الخراج
- أرض يستخلص منها الخراج و هو نصف غلة الأرض سواء كان عاملا أو موظفا.
- أرض لا تخضع للمطالب المالية و لا تتوجب عليها أية ضريبة و هي الأرض الموقوفة.
[22] أهمها صناعات الملايا و الملابس و صناعة الخشب و النحاس و الجلد التي اشتهرت بهما مدينة تلمسان.
[23] زمام نور الدين: المرجع السابق ، ص24،
ينظر بن اشنهو عبد اللطيف تكون التخلف في الجزائر محاولة لدراسة حدود التنمية الراسمالية في الجزائر من ( 1830-1962) تر مجموعة من الأساتذة ، الجزائر ش و ن ت 1979 ، ص 26.
[27] أجيرون شارل روبير: تاريخ الجزائر المعاصرة، تر عيسى عصفور بيروت ، باريس، منشورات عويدات 1982 ص 13.
ينظر بوعزيز يحيي مع تاريخ الجزائر في الملتقيات الوطنية و الدولية د م ج 1999 ص 52.
ينظر أيضا :
- Galibert (H DDE) histoire d'Alger ancienne et moderne , paris 1844.
- Grammont (H D DDE) histoire d'Alger sous la domination turque ( 1515-1830) paris 1887.
- Haedo (Fray Diego de ) histoire des rois d’Alger traduit et annotée par Corammont (H.D.DE) Alger 1881.
[28] بو عزيز يحي : المرجع السابق ص ص 52-53 ، نشأ مع السلاجقة الإقطاع العسكري و الإداري المستند على نظام الابايكة و يعتبر نظام الملك الطوسي وزير السلطان ملكشاه 465-485هـ/1072-1092مـ) أول من لقب أتابك و أيضا أول من أقطع الأراضي للحكم دعو عن الرواتب لأنه اعتبر هذا الحل أفضل البلاد و بالتالي لزيادة دخل بيت المال أنواعه الإقطاع الحربي الأقطاع المدني، ينظر ضومط أنطون الإقطاع العثماني خلال القرن 16 مـ، بين الحداثة و التقليد ، دار النشر للسياسة و التاريخ ، بيروت 2002 ص91.
[29] لم يكن هذا النظام جديدا كليا عند العثمانيين و لكنه وجد الكثير من مقوماته في العهد السلجوقي (940-1055مـ) حين نشأ مع السلاحقة الإقطاع العسكري و الإداري المستند على نظام الاتابكة و يعتبر نظام الملك الطوسي وزير السلطان ملك شاه 465-485هـ/1072-1092مـ) أول من لقب "أتابك" و أيضا أول من أقطع الأراضي للجنود عوضاعن الرواتب لأنه اعتبر هذا الجل أفضل لعامة البلاد و بالتالي لزيادة دخل بيت المال، أنواعه الإقطاع الحربي الإقطاع المدني، ينظر ضومط المرجع السابق، ص91.
[30] مفردها "كرغل" أو "كرغلي" و هي كلمة مركبة من اصل تركي « كل أوغل أو Kurl Oughlu » و يعني ترجمتها الحرفية أبناء العبيد و تكتب بالفرنسية « Kouloughli » أو « Kuloughli ».
[31] زمام نو الدين: المرجع السابق ص 27.
[32] زمام نور الدين : المرجع السابق ص 32.
لتفاصيل أكثر ينظر
سعيدوني ناصر الدين، الجزائر في التاريخ العهد العثماني ج 4، م و ك ، الجزائر 1984.
ينظر أيضا ، الاشرف مصطفى الجزائر الأمة و المجتمع ترحنفي بن عيسى م و ك 1983.
[33] سعيدوني ناصر الدين: دراسات و أبحاث في تاريخ الجزائر ، ج 2، ، ص123.
[34] المرجع السابق، ينظر مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار، ش و ن ت ، الجزائر 1980 ص80.
[35] سعيدوني ناصر الدين، نفسه.
[36] أوجاق أو " الوجاق": تعني بالتركية في الأوساط الجزائرية موقع النار أو الموقد ، و هو إسم تنظيمي مستعار للجيش الإنكشاري العثماني و لقد تمردوا على البشاوات في القرن السابع عشر (17مـ) و استولوا على السلطة الفعلية و لم يبق للباشوات سوى وجود رمزي كممثلين سامين للسلطان و لقد انتقلت هذه السلطة الفعلية إلى طائفة الرياس في أواخر القرن نفسه .
[37] انتقلت إلى الجزائر مختلف الأمراض كاكوليرا « Le Cholrea » و التيفوس « La Typhus » و الجدري « La variolle » و الطاعون « La maladie à bubons »
[38] سعيدوني ناصر الدين: المرجع السابق ص 124.
[39] القشاعي موساوي فلة: وباء الطاعون في الجزائر العثمانية ، دوراته و سلم حدته و طرق انتقاله ، مجلة دراسات إنسنانية ، كلية العلوم الإنسانية ، جامعة الجزائر ، عدد 1 سنة 2001 ص 134.
[40] القشاعي موساوي فلة: المرجع السابق
لمزيد من التفاصيل ينظر
- BOUBAKER Said : La Peste dans les pays du maghreb attitudes face au fléau et impact sur les activités commerciales 16,18éme siècles In,R.H.M
2éme année n° 79-80, mai 1995.
ينظر أيضا
- El Kachai MOUSSAOUI Fella : Situation sanitaire et démographique du Beylik de Constantine 1791-1837 In, les actes du 7éme symposium international d’études ottomanes sur la société et l’état dans le monde ottoman publications fondation Témimi : pour la recherche scientifique et l’information zaghouan Tunisie , Septembre 1998.
[41] لم يفرض نظام الحجز الصحي لا على السفن و لا على الأشخاص باستثناء محاولة صالح باي ،قسنطينة العام 1787 فرض حزام صحي حول عنابة و منطقتها ليمنع إنتقال العدوى إلى مدينة قسنطينة.
[42] يقصد بها الأديرة، دير أو Monaster.
[43] سعيدوني ناصر الدين: المرجع السابق ص 125.
[44] نفسه ص 126.
[45] نفسه ص 127.
[46] القشاعي موساوي فلة: وباء الطاعون في الجزائر العثمانية دوراته و سلم حدته و طرق إنتقاله، المرجع السابق ص 136
[47] Panzac Daniel : la peste dans l'empire ottoman 1700-1850, ed Peters leuven, 1985, P212.
[48] القشاعي موساوي فلة: المرجع السابق ص 138.
[49] El Kachai MOUSSAOUI Fella : OPCIT, P68.
[50] تشير إلى ذلك التعبيرات الآتية
- " نتج عن الوباء موت كثير حتى خلت المدن و القرى"
- " قحط عظيم و وباء مفرط"
- " وباء مات فيه خلق كثير"
- " مجاعة قحطت الجزائر قحطا عظيما"
- " و كان الوباء و قد إشتعلت ناره .......وقت الضحى و صل ماية جنازة..."
- " وباء هلك فيه من الناس حتى عجزوا عن دفن أموات لهم"
- " خلت الدور و عمرت القبور"
- " الطواعين المتتالية هي إستمرار للطاعون الأعظم و هي أقل فتاكة منه..."
- " وباء عظيم الحيوية الكبيرة أو القوية عام البروبو"
- " خلال طاعون 1786 أخلت البلاد و أفنت العباد"
- " القحط الشديد و مسغبة عامة"
- " الوباء جعل الناس يأكلون بعضهم بعضا"
- " عدد الموتى يزداد من يوم إلى آخر"
- " اثناء الطاعون الجارف خلت الديار و المنازل"
- كان يدفن في الحفرة الواحدة المائة من الناس"
القشاعي موساوي فلة، المرجع السابق ص 136.
* ينظر مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار، ص ص 144 –151، ينظرأيضا بلحميسي مولاي : الجزائر من خلال رحلات المغاربة في العهد العثماني، الجزائر ش و ن ت 1979 ص 39.
[51] BOUBAKER Said : La peste dans les pays du maghreb, OPCit P323
Berbrugger: un mémoire sur la peste en Algérie depuis 1552jusqu'au 1819 In xploration scientifique de l'Algérie , Paris imp Royale TII 1847..
[52] سعيدوني ناصر الدين: المرجع السابق ص 128.
[53] أهمها: Devoux: quelques tempêtes à Alger in R.A. T.15 1871, pp 339-352.
[54] بسبب وقوع محوره بالقبر منها "لشبونة".
[55] حول زلزال البليدة، ينظر مذكرات أحمد الشريف الزهار، ص 155.
[56] بذل كل من حسان باشا (1563) و محمد قوصة (1606) و شعبان الزناي (1686) و الباي إبراهيم (1687) عدة محاولات لإنقاذ وهران و المرسى الكبير و تحريرها من الإسبان و تحمس حتى الكتاب و الشعراء فالهبوا حماس الناس بأشعارهم و في العام 1707 حشد الباشا محمد بكداش جيشا جرار به المدينتين للتحرير الأول سنة 1708 و استبشر الناس و فرحوا ، و لكن الإسبان احتلوها مرة أخرى لمدة حوالي 60 عاما أخرى ثم عزمت الجزائر و صممت على إزالة الفرحة الإسبانية من جسمها و حشد الباي محمد بن عثمان الكبير قوات عسكرية كبيرة و أجبر الإسبان على الجلاء عنهما بصفة نهائية العام 1792.
[57] مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار، المصدر السابق ص 155.
[58] سعيدوني ناصر الدين: ص129.،ينظر خريطة الزلازل في ملحق الدراسة
[59] سعيدوني ناصر الدين: المرجع السابق ص 129.
[60] ينظر عيدوني ناصر الدين: فحص مدينة الجزائر، دراسات و أبحاث في تاريخ الجزائر ، المرجع السابق ص 143.
[61] ينظر سعيدوني ناصر الدين: دراسات في الملكية العقارية، ص 71.
[62] سعيدوني ناصر الدين ، ص 130.
[63] مذكرات أحمد الشريف الزهار: ص 144.
ينظر العنتري محمد صالح: سنين القحط و المسغبة ببلاد قسنطينة مخطوط رقم 2330، المكتبة الوطنية، الجزائر.
[64] نفسه.
[65] الجيلالي عبد الرحمن بن محمد: تاريخ الجزائر العام د م ج و دار الثقافة بيروت 1982 ، ج3 ، ص261.
[66] الزبيري محمد العربي: مذكرات أحمد باي و حمدان خوجة و بوضربة، ش و ن ت ، الجزائر ط2، 1981 ص 131.
لتفاصيل أكثر
ينظر
Archivist Pierre Boyer : l’évolution de l’Algérie médiane (ancien département d’Alger) de 1830 à 1956 Paris Maisoneuve 1960, pp 60-61.
[67] سعيدوني ناصر الدين، المرجع السابق ص ص 131 و 132 و 133.
[68] Archivist Pierre Boyer : l’évolution de l’Algérie médiane OPCIT, pp 61 et 274.
[69] قيرة إسماعيل غربي علي دليو فضيل فيلالي صالح ، مستقبل الديمقراطية في الجزائر ، ص 54.
[70] سعيدوني ناصر الدين: ص97.، ينظر خريطة الوضع البشري في ملحق الدراسة .
[71] مستقبل الديمقراطية في الجزائر، المرجع السابق ص 55.
مدينة الجزائر خلال الحكم العثماني.
كانت مدينة الجزائر أيام الاحتلال الروماني تعرف باسم "ايكسيوم" ثم خرجت أثناء هجمات الوندال وثورات البربر وأصبحت مقرا لقبيلة بربرية تدعى "بني مزغنة" وفي القرن العاشر ميلادي، الرابع هجري أسس بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي مدينة لقبها "بجزائر بني مزغنة".
وأخذ نمو الجزائر يتزايد إلى أن هاجمت القبائل العربية سهول متيجة فاستولت قبيلة الثعالبة على جزائر بني مزغنة وسكنتها، ولما وضعت الدولة الزيانية تكالب الإسبان على سواحل إفريقيا واحتلوا الجزائر وأسسوا حصنا على إحدى صخورها "البينون" .
ونتيجة للضغوطات الإنسانية على سكان الجزائر استنجدوها بالأخوين عروج وخير الدين بربروس للتخلص من الخطر الاسباني المحدق بهم، لأنهم على علم بعدم قدرتهم على مواجهة الجيوش المسيحية، وذلك بسبب ضعفهم وصراعاتهم الداخلية . وعندما نجح عروج في القضاء على شيخ المدينة سالم التومي ونصب نفسه حاكما عليها، حرض الإسبان أنصاره للتخلص من عروج وأتباعه، وشنوا بدورهم حملة عليهم 1516م باءت بالفشل. وحملة أخرى في 1518 نجحت في القضاء عليه، كما وجهوا حملة جديدة على مدينة الجزائر سنة 1519 للقضاء على خير الدين ورفاقه باءت هي الأخرى بالفشل. قام أهل الجزائر في أثرها بتحريض من خير الدين بطلب الحماية من السلطان العثماني في مقابل الانطواء تحت لواء الدولة العثمانية وهو ما لقي القبول عنده، وقام بمساعدة الجزائر بألفي من الجند الانكشاري وبمثلها من المتطوعين وتعيين خير الدين بايلربايا على الجزائر وذلك أواخر 1519م .
قد اتخذ خير الدين مدينة الجزائر عاصمة له، وفي عهده وعهد خلفائه اتخذت مركزا منبعا، تحطمت أمامه كل الهجومات الاسبانية وغيرها، حتى أطلق عليها المدينة التي تقهر، أو المدينة المحروسة، ودار الجهاد، ودار السلطان ولم تنجح سوى الحملة الفرنسية في سنة 1830م في احتلالها . أولا: موقع مدينة الجزائر.
تقع مدينة الجزائر بين خطي عرض 36.46 شمالا وخط طول 3.3 شرقا، وبالتالي تقع في إقليم وسط البلاد، جناحها الغربي الإقليم الوهراني، وجناحها الشرقي الإقليم القسنطيني .وهي مدينة بحرية مبنية على شاطئ البحر على قاعدة واسعة نسبيا في شكل نصف دائرة على هضبة سريعة الانحدار .
ويمتد إقليم مدينة الجزائر من دلس شرقا، إلا تنس غربا، ومن ساحل البحر شمالا، إلى سفوح الأطلس البلدي جنوبا، وتضم إقليمي الساحل ومتيجة مع بعض الامتدادات في بلاد القبائل والتيطري . وقد تحولت من مرسى صغير، يلجأ إليه الصيادون ويؤوى إليه المسافرون كمحطة ثانوية عند هبوب العواصف إلى مرسى كبير يستقبل مختلف السفن والبضائع، ويقصده التجار من الداخل والخارج.
كما تحولت من قرية مجهولة وعرة المسالك معلقة على صدر الجبل، إلى عاصمة البلاد، كثيرة العمران وافرة السكان .
وقد كان للمدينة خمسة أبواب هي:
ثانيا: أبواب مدينة الجزائر: أ- باب عزون:
نسبة إلى أحد الثوار من الأهالي اسمه عزون، ثار ضد الحاكم التركي، وحاصر المدينة لكنه قتل من طرف الأتراك. وباب عزون من أهم أبواب المدينة، ومنه كان يدخل القادمون من الجنوب والشرق ومن السهل المتيجي. وكان له جسر يرفع أثناء الخطر . ب- باب الجديد:
يقع في الجهة الجنوبية الغربية يدخل منه القادمون من البليدة والغرب . ج- باب الوادي:
نسبة إلى الواد الذي يمر بجانب المدينة، يفتح هذا الباب على الشمال أو الطريق التي تمر بجبل بوزريعة، وهو أقل الأبواب أهمية، ينتهي بجسر يرفع وقت الخطر . د- باب الجزيرة:
وسمي بباب الجهاد، لأنه الباب الذي كان مخصصا لدخول وخروج القراصنة. وهو أشد الأبواب متانة ومناعة، تقع بجانبه عدة ثكنات للانكشارية البحرية . و- باب الديوانة:
ويسمى أيضا باب البحر، أو باب السردين كان مخصصا للتجارة البحرية، ولقد علقت بهذا الباب خمسة أجراس، قيل بأنه جيء بها من مدينة وهران سنة 1708م وعلقت على باب الديوانة تخليدا لذكرى الإنتصار على الإسبان واسترجاع مدينة وهران .
كل هذه الأبواب كانت كبيرة الحجم متقنة الصنع، مرصعة بالحديد، تغلق قبل غروب الشمس بقليل وتفتح بعد طلوع الشمس بقليل، يكثر بها الحراس، وتشتد بها الحراسة حتى لا ينسل منها إلى المدينة مشبوه فيه وتحاديها القلاع والثكنات، وكان داخل هذه الأبواب أبواب أخرى ثانوية مثل البابين الداخليين بالقصبة العليا والباب الداخلية فيما وراء باب الجزيرة أو الدزيرة .(انظر الملحق رقم:01).
ثالثا: مراحل الحكم العثماني.
وكما ذكرنا سابقا أن مدينة الجزائر قد دخلت تحت الراية العثمانية هذا ما اكسبها نوعا من الحماية، وأبعدها عنها الكثير من الأطماع خاصة الاسبانية، واستمر الحكم العثماني للجزائر من عام 1509م الى غاية الاحتلال الفرنسي عام 1830م. حيث اجمع المؤرخون على تقسيم هذه الفترة الطويلة من الحكم إلى أربعة عهود وهي كالتالي: أ- عهد البايلربايات (1519م-1587م)
وبدأ حكام مدينة الجزائر يطلق عليهم هذا اللقب ابتداء من 1519م، وهو التاريخ الذي دخلت فيه مدينة الجزائر تحت راية الحكم العثماني بصفة رسمية، وكان أول من حمل هذا اللقب هو "خير الدين" استنادا إلى الفرمان الذي أصدره السلطان العثماني "سليم الأول"، أن يكون التعيين رسميا من طرف السلطان .
كما لمعت في هذه الفترة عدة شخصيات نذكر منها: "صالح رايس" الذي قام باسترجاع وتحرير بجاية، ووضعوا حدا لأطماع الإسبان، وطردوا منها بصفة نهائية سنة 1555م .
ولقد تولى هذا المنصب (منصب بايلرباي) ثمانية عشر شخصا من الأتراك أولهم كما ذكرنا سابقا خير الدين (1519م-1534م) وآخرهم حسن فنزيانو (1583م-1587م) ، وتميزت هذه المرحلة من الحكم أن معظم من شغل هذا المنصب هم من طائفة رياس البحر الذين كان ابلغهم من رفاق خير الدين .
ب- عهد الباشاوات (1587م-1659م)
في سنة 1587 تم إلغاء نظام البايلربايات، واستبدله بنظام الباشاوات وهذا التغيير عين من قبل السلطان العثماني "مراد الثاني"، حيث اصدر فارمان إلغاء نظام البايلربايات واستبداله بهذا النظام، فاخذ الباب العالي بإرسال الباشاوات لحكم مدينة الجزائر ابتداء من 1587م ، وكان هؤلاء الحكام يديرون شؤون الدولة بمعاونة اللجنة الاستشارية مؤلفة من: وكيل الخرج، الخزناجي، خوج الخيل والأغا، وفي هذه المرحلة كان الباشاوات يعينون لثلاث سنوات .
وأول باشا عين طبقا لهذا التنظيم الجديد هو "دالي احمد باشا" (1587-1589م) وتداول على هذا المنصب أربعة وثلاثون حاكم منهم من شغل المنصب لمرتين مثل "حسين الشيخ" (1613م-1616م)، وكان آخرهم الباشا "إبراهيم" (1656م-1659م) . ج- عهد الأغاوات: (1659م-1671م)
انتقل النظام من الباشاوات إلى الآغاوات، وكان هذا عام 1659م، وكان الأغاوات ينتخبون من الفرق الانكشارية لمدة شهرين قمريين لهذا كانوا يعرفون ب "أغا المقريين"
ولكي لا يستأثر بالأغا بالسلطة فقد تقرر أن يستعين الحاكم بالديوان العالي . وقد تميز هذا العصر بمحاولة انفصال الجزائر عن الدولة العثمانية ، ضف إلى ذلك النظام لم يدم طويلا، فالأغا يتولى الحكم كما اشرنا سابقا لمدة شهرين ثم يعزل، لذا تشبث الأغا بهذا المنصب ورفضوا التنازل عنه مما أدى إلى عزلهم بطريقة غير طبيعية كالقتل وأول من تولى هذا المنصب هو "خليل أغا" (1659-1660م) وجاء بعده ثلاثة أغوات كان آخرهم "علي أغا" (1665م-1671م) . د- عهد الدايات (1671م-1830م):
نتيجة الأوضاع التي شهدها عهد الأغوات من النزاعات الشخصية والمؤامرات والانقلابات ضد بعضهم البعض والاغتيال حتى أن كثيرا من ولاة هذا العهد عزلوا أو قتلوا أو ابعدوا بعد شهرين أو أقل من تعيينهم في مناصبهم، وأدت هذه الحالة إلى ظهور طبقة الرياس واختفاء نظام الأغاوات وظهور عهد الدايات 1671م، والذي دام طويلا واندمج فيه الجنود الانكشارية بطائفة الرياس واختفى الصراع بينهما. وتمكن بعض الدايات من الاستقرار في الحكم مدة طويلة خاصة في القرن الثامن عشر، وكانت هناك بعض التنظيمات تحد من سلطة الداي في أوائل هذا العصر، ولكن في العصور المتأخرة حكموا حكما مطلقا وأصبح للداي الحرية المطلقة في الحكم والإدارة والتفاوض مع الدول الاجنبية وعقد المعاهدات السلمية والتجارية، ويعلن الحرب والسلم ويستقبل الممثلين الدبلوماسيين الأجانب، ومنه يعد عهد الدايات بداية لعهد الاستقلال الكامل للدولة الجزائرية عن الدولة العثمانية ولم تبقى إلا بعض الشكليات ، وأول من تولى هذا المنصب هو الداي الحاج باشا (1671م-1682م) وجاء يعده أربعة وعشرون دايا كان آخرهم الدي حسين باشا (1818م-1830م) والتي كانت فترة حكمه أطول من الفترات في عهد الدايات . رابعا: أوضاع مدينة الجزائر قبيل حكم الداي حسين.
تميزت أوضاع مدينة الجزائر قبيل الداي حسين الاضطرابات وتجاوزات الأتراك على مستويات متعددة، فسياسيا كان نظام الحكم متوترا فالدايات يتعرضون للانقلابات والقتل منذ بداية حكمهم سنة 1671م وقتل منهم ستة عشر داي، كما أنها لم تسلم من الاضطرابات الداخلية المتكررة من فترة إلى أخرى ففي غضون سنة (1813م-1814م) قام بأي وهران بثورة على مدينة الجزائر وزحف على رأس جيشه شرقا حتى وصل إلى مكان لا يبعد عن المدينة بأكثر من ثلاثة فراسخ، وبعد انتصارات وهزائم تمكن الداي "عمر باشا" الذي كان يشغل منصب الأغا في تلك الفترة من قمعها واسر بأي وهران وإعدامه .
إضافة إلى سخط الأتراك، فثارت فرق الجيش المتواجدة بقسنيطنة وقررت إسقاط الداي، وفي 30 نوفمبر 1817 وصل إلى المدينة الجزائر جيش يتكون من أربعة آلاف أو خمسة آلاف جندي فاستقبلوا بنيران المدافع فاضطر الثورات إلى التراجع وإقامة معسكرهم بعيدا عن المدينة، ولكن هذا المعسكر اختفى في اليوم التالي ، ونتيجة لهذه الاضطرابات أمر الداي علي خوجة (1817-1818) بان ينقل مقر إقامته من القصر السابق إلى القصبة، أعلى نقطة في المدينة في سرية تامة، وفي الليل، أيضا عمل علي باشا على الزيادة في تحصين القصبة وتزويدها بمئة مدفع آخر وبالإضافة إلى حرسه التركي كون فرقة قوية من الكراغلة والحضر وأخرى من الزنوج، وحرص على أن تكون الفرقة التركيبة اضعف الفرق في الجيش والحاميات على حد سوى، حتى لا تستطيع أن تقوم بأي حركة ضده ، ولم يغفل عليه أن جعل بينهم جواسيس يلتقطون له إخبارهم .
أما على الصعيد الاجتماعي فكانت مدينة الجزائر تعاني من اجتياح الطاعون منذ 1817م هذا الوباء الذي لم تبتلى به منذ عشرين سنة، واستمر في الفتك بحياة الناس، ففي شهري أوت وسبتمبر 1817 كان يؤدي بحياة مائتين شخص يوميا من مدينة الجزائر .
وشهدت هذه الفترة تناقصا في عدد الأتراك يوميا وهذا بسبب الإعدام والطرد وغير ذلك فمنهم من عاد إلى وطنه تلقائيا ، كما أن الداي علي خوجة وضع خطة تقضي على الانكشارية نهائيا من المدينة وعمل على اخذ أطفال اليهود من دويهم وإرغامهم على اعتناق الإسلام والقيام بالحراسة في القصبة، وترسل البنات إلى خدمة حريمه، وقد أثار هذا اشمئزاز جميع المسلمين لأن دينهم لا يرضى بأعمال من هذا النوع .
وفي عام 1816 حصرت غارة اللورد ايكسموث على مدينة لجزائر التي دمرت جزءا من مباني المدينة وخربت عددا من الراكب البحرية من ضمنها "البورتقيزية" التي أسرها الرايس حميدو من البرتغال عام 1802، واضطر الداي عمر باشا على إمضاء صلح مهين مع انجليزا، فأطلق جميع الأسرى المسيحيين بالمدينة وأعاد المبالغ المالية التي تم بها شراء الأسرى قبل دلك وتنازل عن المطالبة بالاتاوات .
وقدر محتوى الخزينة في الفترة التي سبقت عهد الداي حسين (1817م) بخمسين دولار اسباني وهو مبلغ ضخم لأن الدولار الاسباني كان يساوي في تلك الفترة 3.4 فرنك فرنسي ، وتم تحويل هذه الخزينة بما فيها إلى مقر السلطة الجديدة .
أما الأوضاع الخارجية لمدينة الجزائر قبيل عهد الداي حسين خاصة مع جيرانها تونس والمغرب وطرابلس كانت على حال حسنة، فعلاقة مدينة الجزائر مع تونس تحسنت بعدما كانت في اشد توترها وانطفأت نار الفتنة في عهد علي خوجة الذي عمل على تحسين العلاقة ونسيان الماضي وأحقاده، وكذلك مع المغرب وطرابلس وهذا ما تدل عليه التبرعات التي بعث بها مولاي سليمان سلطان المغرب، والمراكب الذي بعث به يوسف باشا من طرابلس، وهي التبرعات التي جاءت إلى مدينة الجزائر بعد المعركة المؤلمة مع الانجليز . أما مع الدول الأجنبية فكانت الأوضاع تتأرجح من دولة إلى أخرى، فمع الانجليز فقد بناهج من خلال حملة اكسموث على المدينة 1816م، أما اسبانيا فمند سنة 1815 وهي تبدل جهودا مستمرة من اجل تسوية معقولة لقضية الديون ولكن دون جدوى نظرا لتحفظ الجزائر بحقها في تسديد هذه الديون ولو بالالتجاء إلى القوة، لذلك طلبت الحكومة الاسبانية من قنصلها بمغادرة المدينة ، وكانت الدولة الأحسن حظا هي الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تحظى بالاحترام من الحكومة الجزائرية، وهذا ما يفسر احترام البحارة الجزائريين للسفن الأمريكية التي كانت تتجول في مناطقها بعكس السفن الأخرى التابعة للدول الأجنبية والتي كانت تعرض للتفتيش .
الداي حسين باشا
قبل أن نبدأ في استعراض تفاصيل حياة الداي حسين باشا، يجدر بنا الإشارة إلى نقص المصادر التي تتحدث عن هذه الشخصية بالذات، إذ قلما نجد كتابا تناول هذا الموضوع بالتفصيل، إذ نكتفي بتقديم خطوط عريضة وعامة على هذه الشخصية، لا تكفي للوصول إلى تعريف واف وكاف. أ- حياته:
هو حسين خوجة بن علي، وقيل ابن الحسن، آخر دايات الجزائر ، ولد بقرية فورلا "vurla" الواقعة على الشاطئ الجنوبي لازمير ، أما عن سنة ولادته فهناك تضارب في التواريخ، فهناك من يقولانه كان في 1764 ، 1767م أو 1773م ، وهو من عائلة تركية أصلية، نشأ باسطنبول حيت تلقى مبادئ القراءة والكتابة واكتسب تدريبا عسكريا في المدارس العسكرية أهله لأن يصبح من رجال المدفعية بالجيش العثماني ، وأكتسب مهارة في تلقي المدافع وتصويبها، فأصبح بذلك طبجيا ماهرا وقد اكتسب هذه المهارة من أبيه الذي كان ضابطا في الفرقة المدفعية (الطبجية).
وقد وصفه المؤرخ الفرنسي "اغسطين جال" في الحديث الذي دار بينه وبين الداي حسين في الفندق الذي كان يقيم فيه عند زيارة الداي حسين لباريس في سنة 1831م على النحو التالي: "...قامة متوسطة يميل إلى السمنة...، وله هامة عظيمة وواضحة المعالم، وله لحية بيضاء طويلة ذات تموجات ذهبية، يعلوها شارب أكثر سوادا وكأنه يشكل قوسين للحية، وكل ذلك يضيف وسامة إلى ملامح وجهه.
وللباشا عينان هادئتان، نصفهما مختبئ وراء نظارات، ولم يكن حسين متجهما ولا جامدا، فهو يحب الضحك والحكاية، وله طيبة يمكن أن تكون ساذجة تجعله محبوبا أكثر لدى الناس وكانت ملامحه لطيفة وجذابة" . (انظر الملحق رقم:02).
أما احمد الشريف الزهار فقال عنه "كان قوي النفس لا يتزعزع لعظام الأمور، ولا يتضعضع لنواب الدهور، أما سرية في أهل البلد، وأهل مملكته فقد سار فيهم سيرة حسنة لأهل الجزائر، فقد كان يعفو عن الجرائم، ويصفح عن الزلات" .
كما كان يتميز بالوفاء في القيام بالالتزامات، وكان معروفا في كامل أنحاء أوربا وانه لا يوجد بلاط واحد اشتكى من أن حسين قد خرق المعاهدات التي ابرمها سواء مع القوى أو الضعيف .
وقد ظل أثناء ذلك منتظما في حياته مقتصدا في معيشته متواضعا في مظهره متقيدا بأحكام الشريعة الإسلامية ميالا إلى القضايا الأدبية والمسائل الشعرية محبا لاستظهار القرآن ساهرا على أحوال أسرته وراعيا لأخيه الذي كان يقيم معه، معتنيا ببناته الثلاثة (عائشة، حفيظة، أمينة) .
ب- وصوله إلى الحكم:
سمح له عمله بالجيش أن يترقى في سلك الاوجاق إلى عضو بالديوان، مما سمح له أن يصبح وكيل حوش ، ثم تولى منصب خوجة الخيل في عهد عمر باشا (1814م-1817م) وظل محتفظا بهذا المنصب واستطاع أن يكسب ثقة الداي علي خوجة (1817م-1818م) وأصبح محل ثقته ولما أنهى وظيفته العسكرية تعاطي مهنة التجارة ونجح فيها نجاحا باهرا، فأصبح غنيا في مدة قصيرة، ثم اسند إليه الداي علي باشا منصب كانت الدولة وكلفه بتسيير ممتلكاتها .
اسند إليه منصب الداي في أول مارس 1818م بوصية علي خوجة الذي وافته المنية بسب مرض الطاعون الذي أصاب المدنية في أواخر شهر فيفري 1818م وذلك لمهارته في معالجة الأمور وخبرته الإدارية ومعرفته بتصريف أمور الدولة أثناء توليه منصب خوجة الخيل في عهده . كما أن الانكشارية انتخبوه بالإجماع دايا على الجزائر، فرفض حسين باشا هذا التشريف ولكن إلحاح الانكشارية جعله يقبل ذلك كرها فخاف على نفسه .
وقد نال رضى رجال الديوان واكتسب ثقة الموظفين بالدولة وضباط الجيش وقد وجد المساعدة في ذلك من صهره الحاج مصطفى بن مالك، هذا وقد توجه وفد من الشخصيات من بينهم أعضاء الديوان لحمل خطاب توليته لسلطان باسطنبول.
مع الهدايا التقليدية المعتادة، وعادوا بفرنان التولية والخلعة فأقيمت الأفراح بالجزائر، ونال رضى عامة الناس ، واختار هو الآخر القصبة مقرا له، حيث توفرت الشروط الأمنية ، حيث كان يقوم على حراسته مع مساعديه فرصة من الجند الانسكندري وجماعة من رجال زواوة .
وبعد مبايعته قام بعزل وزراء على خوجة وطردهم من البلاد، كما أعاد أطفال اليهود إلى آبائهم وأعاد أيضا قسما من الأموال التي أخذت من الأتراك الذين كانوا قد هربوا إلى المناطق الأخرى، وفي عهده رجعت الأمور إلى عهدها السابقة ، وعمل منذ توليه منصب الداي لمدة اثني عشر سنة (1818م-1830م) على تنظيم أمور الدولة والسهر على إقرار النظام وتصريف شؤون البلاد ومن مقر إقامته الدائم بحصن القصبة .
وكانت نهاية حكم الداي حسين باشا بتوقيع معاهدة التسليم 05 جويلية 1830م، غادر الداي حسين بمقتضى نص التسليم مدينة الجزائر، فاستقل سفينة جان دارك بعد غروب الشمس يوم 10 جويلية 1830م برفقة 108 من إفراد أسرته وحاشيته واستقر "بلييفون" بايطاليا في 24 أكتوبر 1830م. التي أقام بها ثلاث سنوات، ثم تحول إلى الإسكندرية بمصر على نية أداء فريضة الحج، فأقام بها في 23 سبتمبر 1833 معتزلا السياسة في أحد القصور التي خصصت له مع حاشيته، إلى أن وافته المنية عندما كان خارجا من المسجد في 30 أكتوبر 1838م عن سن يناهز الثلاثة والسبعين سنة .
العلاقات الخارجية للجزائر مع جاراتها خلال العهد العثماني
لعبت تونس و المغرب دورا سياسيا و عسكريا في إضعاف القدرات الدفاعية للجزائر منن خلال الحروب المتبادلة بين الجارات الثلاث ( تونس ، المغرب و الجزائر) أواخر القران اتلثامن عشر و أوائل القرن التاسع عشر بعد انفصال ألإيالات عن بعضها، و تحالف المغرب مع اسبانيا لضرب مدينة الجزائر و عمل سلاطين المغرب منذ العهدين والسعدي و العلوي على مبدأ إضعاف إيالة الجزائر و إعانة العثمانيين بالمال و السلاح، ووقعت حروبا بين الجارات الثلاث، في هذهى الفترة لم ينس بايات تونس العداء التقليدي لدايات الجزائر فكان موقفهم من الجزائريين اللتاييد لألإحتلال الفرنسي الجزائري و كانت النتيجة أن الجارات الثلاث وقعت تحت سيطرة ألإحتلال الفرنسي و كان احتلال الجزائر سنة 1830 تمهيدا لإحختلال تونس و المغرب. يقول الدكتور حنيفي هلايلي في كتابه" " أوراق الجزائر في تاريخ الجزائر في العهد العثماني" أنه لو أجرينا استقراءً للتاريخ نلاحظ أن بلدان المغرب العربي فشلت في تكوين تكتلا سياسيا موحدا يكون امتدادا لعمل الدولة الموحدية وبالرغم من محاولات شسلاطين آل عثمان في تحقيق هذا الحلم فإن العلاقات السياسية بين مختلف بلدان المغرب العربي تميزت بالتوتر و العداء فيما بينها.. ففي تونس زاد هذا التباعد السياسي عن الجزائر بعد الإنفصال تونس عن الجزائر بتكوين باشويتين مستقلتين عن بعضهما البعض، كمما لعبت الصراعات و الماحنات القائمة بين حدود الدولتين تأزما في العلاقات فقد خرق التونسيون في عهد يزوسف داي المعاهدة التي أبرمتها الجزائرمع إيالة تونس في عهد حسين باي قسنطينة عام 1614 م ، فلجأ مراد باي تونس الى استعمال القوة من خلا ل شن حملة عسكرية ضد الجزائر، انتهت بهزيمة الجيش التوةنسي في معركة السطارة قرب مدينة الكاف في لا17 ماي 1628م، و كانت هجومات باي تونس لسباب اقتصادية ارتكزت أساسا على الضرائب و التوسع في الأراضي و التعويضات ، لاسيما و أن وضع تونس كان وقتذاك حرجا جدا لتورطها في خلاف مع جمهورية البندقية .. التنافس نفسه ساد العلاقات الجزائرية المغربية خلال المرحلة الأولى من تأسيس الإيالة، بدأت الصراعات بوضع تلمسان تحت المراقبة نظرا للعلاقة و الوشائج التاريخية القديمة التي كانت تربطهم مع الأسر، فازداد التنافس على مدينة تلمسان كمدينة حضارية لها محطة تجارية هامة، و لها استراتيجية، و كان لح الحظ من يسيطر عليها فيصبح له حق التدخل في لاعمق الجزائر و المغرب، فكانت تلمسات هدفا قجديما لحككام المغرب وهدفا لغزواتهم التوسعية منذ العهد المريني ( ملوك فاس).. و تتضح الصورة جيدا للصراع الجزائري المغربي يقول ذات المؤلف الحملات العسكرية التي دامت ما يقارب ربع قرن من سنة 1551 الى 1576م في العهد السعدي، و للإشارة هنا أن نزول العثمانيين في المغرب العربي تصادف مع بداية حكم الأسرة السعدية للمغرب الأقصى ( 1524م)، و ساهم العثمانيون في الجزائرلا منذ مطلع القرن السابع عشر على تجزئة المغرب الى إمارات تابعة للأشراف و الزوايا و الطرق الصوفية، و يشير الدكتور هلايلي ان تجزأ المغرب ألقصى الى إمارات بعضها كان تحت ىحكم صلحاء مرابطين أصحاب زوايا كالدلائيين في الأطلس المتوسط، أو السملاليين في سوس، و بعضها بيد مجاهدين كمحمد العياشي الذي حارب البرتغاليين في البريحة ثم أفسبان في المعمورة، و بعضها كانت تمثل جمهوريات حرة كسلا و تطوان و كان اغلب سكانها من سكان الأندلس..
ثورات المرابطين و شيوخ الزوايا كانت عاملا حاسما في زوال التواجد العثماني ( الثورة الدرقاوية) نموذجا
لقد لعبت عدة عوامل في تأزم العلاقة بين الأتراك العثمانيين و رجال الطرق الصوفية نظرا للتطور التي شهدته هذه الأخيرة ، إذ ظهر دور الشرفاء في ثورة الطريقة الدرقاوية التي تزعمها الشيخ محمد علي الإدريسي مرابط قرية عين الحوت قرب مدينة تلمسان سنة 1736م و التي استمرت الى غاية 1759م، اي حوالي 24 سنة و التي جعلت تلمسان شبه جمهورية مستقلة ، لكن رد فعل الأتراك كان عنيفا بزعامة الباي محمد الكبير لولا تدخلى السلطان العلوي مولاي يزيد في إبرام الصلح مع باي المغرب، كما ارتكز أسلوب الدايات في فرض سيطرتهم على الطرق الصوفية على "المراوغة" لما لهؤلاء من نفوذ روحي و مادي على جموع القبائل.. و لتنفيذ مشروعه السايسي اعتمد المغرب على نفوذ الطرق الصوفية التي كانت مراكزها تشكل حلقة تمتد من فاس الى تلمسان و تونس مرورا بالواحات ، في هذه الفترة بدأ مسلسل القتل مثلما حدث مع ابي حسون آخر سلاطين الدولة الوطاسية الذي قضى عليه محمد الشيخ المهدي.. و تكون الثورة الدرقاوية أكبر الثورات التي ذكرتها الكتابات التاريخية و هي تنسب الى ابن الشريف الردقاوي الذي دارت بينه و بين با وهران مصطفى العجمي معركة كبيرة في موقعة "قرطاسة" الواقعة جنوب مدينة غليزان و تعرف اليوم بوادي الأبطال و كانت هذه المعارك دافعا قويا لتعاطف محمد بن عثمان الملقب بوكابوس أو المسلوخ و التأثير فيه حسبما ذهبت اليه الوثائق الإسبانية. والدرقاوية كما أشار اليها الدكتور هلايلي في الإشتقاق اللغوي عند جميع الدارسين تعني " الخرقة" كناية للرجال الذين اعتادوا لبس" البرانس" المرقعة، و أجرعها آخرون الى "درقة" و هي بلدة قريبة من فاس، و كانمت الدرقاوية من أقوى الطرق الصوفية في الجزائر ىو كان لها أتباع كثيرون في غرب الجزائر و كانت عاصمتها الروحية فاس بالمغرب و رغم الحملات العسكرية عليها فقد ازداد نفوذها و قوي أتباعها بعين ماضي في الصحراء أواخر العهد العثماني..
أسباب إحتلال الجزائر وقوة أسطولها في عصر الدولة العثمانية
كانت الجزائر خلال العهد العثماني من أقوى الدول فى حوض البحر الأبيض المتوسط، كما كانت تحتل مكانة خاصة فى دولة الخلافة هذه إذ كانت تتمتع باستقلال كامل مكنها من ربط علاقات سياسية وتجارية مع أغلب دول العالم، بل وهي أول دولة اعترفت بحكومة الثورة الفرنسية عام 1789 م وبالثورة الامريكية بعد استقلالها عن التاج البريطاني عام 1776م. كان الإسم الحقيقي للدولة الـجـزائـريـة هو "أيـالـة الجــزائر" وأحيانا إسم " جمهورية الجزائر" أو " مملكة الجزائر"، وبهذه الأسماء أبرمت عشرات المعاهدات مع دول العالم.
كما بلغ أسطولها البحري قوة عظيمة بحيث استطاع خلال القرن الثامن عشر إحداث نظام للملاحة فى المتوسط يضمن أمن الدولة الجزائرية خاصة والدولة العثمانية عامة وبصورة أعم بالنسبة للتجارة الدولية فى هذا البحر، وهو ما جعل الدول الأوربية تعمل على إنهاء هذا النظام تحت غطاء إنهاء ما كان يسمى بـ " القرصنة " التي كانت تمارسها جموع المغامرين الأوربيين بموافقة دولهم ومؤازرتها لهم. في حين أن ذلك كان أسلوبا دفاعيا لمواجهة المد الاستعماري الذي انطلق منذ القرن الخامس عشر والذي دخلت الجزائر بمحض اختيارها من أجله ضمـــن "الخلافة العثمانية " وتحت حمايتها.
لقد بادرت فرنسا فى "مؤتمر فيينا "1814/ 1815 م بطرح موضوع " أيالة الجزائر " فاتفق المؤتمرون على تحطيم هذه الدولة فى مؤتمر " إكس لا شابيل " عام 1819 م حيث وافقت 30 دولة أوربية على فكرة القضاء على " دولة الجزائر"
و أسندت المهمة إلى فرنسا وانكلترا ، و توفرت الظروف المناسبة للغزو عندما تمكنت بحرية البلدين من تدمير الأسطول الجزائري في معركة " نافارين" Navarin سنة 1827م، حيث كان في نجدة الأسطول العثماني وبذلك انتهت السيطرة الجزائرية على البحر الأبيض المتوسط.
لقد
كانت حادثة المروحة الذريعة التي بررت بها فرنسا عملية غزو الجزائر. فقد أدعى قنصل فرنسا أن الداي حسين ضربه بالمروحة نتيجة لاشتداد الخصام بينهما نظرا لعدم التزام فرنسا بدفع ديونها للخزينة الجزائرية التى قدمت لها على شكل قروض مالية ومواد غذائية بصفة خاصة خلال المجاعة التى اجتاحت فرنسا بعد ثورة 1789م، والتي قدرت بـ 20 مليون فرنك ذهبي فى ذلك الوقت.
فقرر الملك الفرنسي شارل العاشرإرسال أسطولا بحريا مبررا عملية الغزو بالثأر لشرف فرنسا و الانتقام من الداي حسين .
في 1830 يحاول الملك شارل العاشر الرفع من شعبيته من خلال غزو الجزائر و لكن ذلك لم يمنع قيام ثورة شعبية أطاحت بحكمه
إن الدوافع الحقيقية للإحتلال كانت غير ذلك، فبالإضافة إلى الصراع الديني القديم بين المسيحية و الإسلام كان يسعى الاحتلال إلى الرفع من شعبية الملك شارل العاشر المنحطة و السطو على خيرات الجزائر و التهرب من دفع الديون.
وكان القرار النهائي بشن الحملة قد اتخذ يوم 30 جانفي 1830م، حيث قام الملك الفرنسي بتعيين كل من الكونت دي بورمون قائدا عاما للحملة والأميرال دوبري (Duperré) قائدا للأسطول، وفي ماي 1830م حررت الحكومة الفرنسية وثيقـتين لتبرير حملتها، الوثيقة الأولى موجهة للدول الأوربية، والثانية للشعب الجزائري، تعلن فيها أن حملتها تستهدف تأديب العثمانيين وتحرير الجزائريين من سيطرتهم.
وفي 25 ماي 1830م إنطلقت الحملة الفرنسية تجاه الشواطئ الجزائرية من ميناء طولون (Toulon)، وقد وضعت خطة الحملة وفق ما رسمه المهندس العسكري الخبير بوتان (Boutin) الذي جاء إلى الجزائر سنة 1808م للتجسس عليها بطلب من الإمبراطور نابليون بونابرت.
كان تعداد الحملة حوالي 37.000 رجل موزعين على 3 فرق وعلى رأس كل واحدة منها جنرالا، تحملهم 675 سفينة عليها 112 مدفعا ووصلت الحملة إلى شاطئ سيدي فرج يوم 13 جوان 1830م وشرعت في عملية الإنزال مباشرة في اليوم الموالي.
مقاومة الاحتلال
بـدايـة المقاومة الجزائـريـة
قام ديوان الداي بقيادة حسين باشا بوضع خطة المواجهة على أساس أن يكون خط الدفاع الأول في قرية اسطاوالي لعرقلة عملية تقدم القوات الفرنسية نحو هذه القرية التي لم تستطع الوصول إليها إلا في 19 جوان، وفي اسطاوالي تمت أول مواجهة حقيقية بين الطرفين . و كان لأنهزام الجيش الجزائري انعكاسات سلبية وخطيرة على معنويات الجيش مما دفع بالداي حسين إلى استدعاء المفتي محمد بن العنابي ليطلب منه جمع الشعب وإقناع الناس بالجهاد دفاعا عن البلاد، ونصب باي التيطري قائدا على الجيش إلا أن كل ذلك كان بدون جدوى.
الإنهزام في معركة أسطوالي فتح الباب واسعا أمام إحتلال مدينة الجزائر
فقد تمكنت القوات الفرنسية من الوصول إلى مدينة الجزائر وإرغام الداي حسين على توقيع معاهدة الاستسلام في 5 جويلية والتي تنص على تسليم مدينة الجزائر وتعهد الطرف الفرنسي بالحفاظ على حرية الدين الإسلامي وعلى أملاك الأهالي وتجارتهم وصناعتهم واحترام نسائهم وحرماتهم.
وأمام حالة شعور السلطة عقدت مجموعة من رؤساء القبائل والأعراش الجزائرية منها بني خليل والخشنة وفليسة مؤتمرا لها في "تامنفوست" يوم 23 جويلية 1830م، وقررت فيه عدم الاستسلام للفرنسيين ونتيجة لذلك ظهرت مجموعة من المقاومين الذين أبلوا البلاء الحسن مثل ابن زعمون من قبيلة فليسة والحاج سيدي سعدي من مدينة الجزائر ومحي الدين بن مبارك من القليعة.
ومع ذلك شرعت فرنسا في توجيه فرقها العسكرية للسيطرة على مناطق أخرى بل وفي توجيه حملات بحرية إلى عنابة ووهران وبجاية وغيرها وكانت شدة المقاومة سببا في انسحاب القوات الفرنسية عدة مرات من هذه المناطق. كما أن فرنسا تجاهلت تجاهلا تاما ما تم التوقيع عليه في معاهدة 5 جويلية 1830م.
مقاومة الأمير عبد القادر
الأمير عبد القادر
لقد كان لسقوط مدينة الجزائر أثر كبير مما حدا بالمواطنين إلى تفويض أمر قيادتهم في المنطقة الغربية إلى أحد زعمائهم وهو شيخ زاوية القيطنة التابعة للطريقة القادرية، وهو محي الدين بن مصطفى الهاشمي، وهذا بعد أن قامت فرنسا بتعيين باي موال لها على وهران، ولقد تمكن الشيخ محي الدين من مضايقة العدو في وهران، وهنا ظهرت قوة شخصية ابنه "عبد القادر" الذي بويع أميرا بدلا من أبيه محي الدين الذي اعتذر عن قيادة المقاومة لكبر سنه، وتمت المبايعة في 27 نوفمبر 1832م.
فشرع الأمير عبد القادر في بعث الدولة الجزائرية من جديد ولكن على أسس حديثة وعصرية ليقينه بأن تحرير البلاد يتحقق تحت راية النظام المحكم فقط، فقسم دولته إلى ثماني مناطق إدارية على أساس اللامركزية الإدارية، واضعا على رأس كل منطقة خليفة، يعملون جميعا من أجل تحقيق الوحدة الوطنية والعدالة وفق الشريعة الإسلامية، أما الجيش فقد كان متكون من جيش نظامي و متطوعين ، فيما يخصص الجيش النظامي فقد كانت الدولة تصرف عليه ، و أستفاد من خبرة المرتزقة و الفارين من الجيش الفرنسي في التنظيم و التخطيط و التسليح و التدريب و حاول الاعتماد على الذات لتسليح الجيش فبنى مصانع الأسلحة و الذخيرة . لقد أثبت الأمير عبد القادر رغم صغر سنه حنكة وكفاءة في تسيير الأمور وقيادة المعارك مما مكنه من الانتصار في العديد من المواجهات التي دارت بينه وبين قادة الجيش الفرنسي، اتبع الأمير في بداية مقاومته أسلوب الحرب النظامية ذلك أن العدو كان يتمركز في المدن فعمل الأمير على تحريرها، بل وأجبر السلطات الفرنسية في الجزائر على الاعتراف به في معاهدتين مختلفتين وذلك عندما اعترفت له بحق تعيين ممثلين عنه لدى هذه السلطات، وذلك في معاهدة دي ميشال في فيفري 1834م أولا. وفي معاهدة التافنا ثانيا. المتطوعين، ومن العناصر التي تلتزم القبائل والأعراش بتقديمهم.
تـنـظيم المقـــــاومة
يعتبر الأمير عبد القادر أحد رموز المقاومة الجزائرية للاستعمار حيث قضى 15 سنة من عمره في محاربة الاستعمار محاولا في نفس الوقت إعادة بناء الدولة جزائرية على أسس جديدة.
رايةالأميرعبدالقادر
تمكن الأمير من توسيع نفوذ دولته في العديد من مناطق الوسط، ووصلت قواته إلى غاية مليانة والمدية ووادي سباو، ومن أبرز الإنتصارات التي حققها الأمير على القوات الفرنسية عندما كان ينتهج أسلوب الحرب النظامية ذلك الذي حققه في المقطع بتاريخ 28 جوان 1835م.
وبعد تمكن القوات الفرنسية من تخريب عاصمة الأمير "معسكر"واحتلال تلمسان غير الأمير أسلوبه في المقاومة إذ شرع في انتهاج أسلوب الحرب الخاطفة فحقق انتصارات كثيرة من أبرزها معركة التافنا في رشقون يوم 25 أفريل 1836م، وبمسعى من الجنرال بيجو وقع الأمير عبد القادر على معاهدة التافنا يوم 20 ماي 1837م والتي استطاع بفضلها توسيع قواعده
بعد تخريب عاصمة الأمير معسكر لجأ الأمير إلى تكوين عاصمة متنقلة سميت بالزمالة
في 1843 تسقط العاصمة المتنقلة للأمير (الزمالة) في يد الاحتلال الفرنسي. فكان لذلك وقع سلبي
كبير على معنويات جيش الأمير
ومع استمرار الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد وضخامة المعارك التي خاضها الأمير عبد القادر بدأ الوهن يدب في صفوف القوات الجزائرية بحيث لم يجد مفرا من وضع حد لمقاومته، يوم 23 ديسمبر 1847م.
مقاومة أحمد باي
الحاج أحمد باي أحد أبطال المقاومة في الشرق الجزائري
وإلى جانب مقاومة الأمير عبد القادر في الغرب و وسط الجزائر ، كانت هناك مقاومة أخرى متزامنة معها في الشرق بقيادة الحاج أحمد باي قسنطينة الذي كان في مدينة الجزائر عندما دخل الفرنسيون إلى سيدي فرج، وشارك في الدفاع إلى أن وصلت القوات الفرنسية إلى منطقة الحراش، واقترح على الداي حسين خطة لمواجهة العدو وتتمثل في الانسحاب إلى منطقة شرشال وترك القوات الغازية تنزل على الشواطئ وتبدأ زحفها نحو العاصمة المحصنة ثم بعد ذلك تقوم القوات الجزائرية بالهجوم عليها إلا أن الداي رفض هذه الخطة مما دفع بالباي أحمد إلى الإنسحاب ليستعد للمواجهة في الشرق.
لقد أستطاع أحـمد باي أن يهزم جيوش المريشال كلوزال في حملته الأولى على قسنـطـينة و قد أضطر الجيش الفرنسي على الإنسحاب مخلفا ما بين 800 و 900 قتيل و غنائم معتبرة
ركز أحمد باي على تحصين أسوار مدينة قسنطينة الأمر الذي جعل القوات الفرنسية تقوم بعملية تطويقه بارسال حملتين إلى بجاية وعنابة، ولم تبدأ في مواجهة الحاج أحمد باي مباشرة إلا في شتاء 1836م حيث تحركت القوات الفرنسية نحو مدينة قسنطينة إنطلاقا من مركز الذَرعان قرب عنابة ولقد عززت هذه القوات بقوات من العاصمة لأحكام الطوق على الجيش الجزائري في مدينة قسنطينة.
خلال الحملة الثانية كادت الجيوش الفرنسية أن تخسر المعركة بعد مقتل أحد قادتها و لكن قوة المدفعية مكنت من فتح ثغرة في أسوار المدينة تم التسلل من خلالها و بذلك سقطت قسنطينة بعد تضحيات جسام من طرف سكانها.
قسم أحمد باي جيشه إلى قسمين أساسيين الأول يتكون من 2000 مقاتل معززين بالمدافع الميدانية للدفاع عن المدينة تحت قيادة "قائد الدار بن عيسى"، والقسم الثاني بقيادته الشخصية خرج لمقارعة العـدو بـين عـنابـة وقسنطينة، وبفعل ذلك تمكن الجيش الجزائري من فصل مؤخرة الجيش الفرنسي عن بقية الجـيـش الـذي كان يتحرك نحو قالمة لجعلها كقاعدة لتنظيم الهجوم على قسنطينة.
وما إن بدأت المعركة أمام أسوار قسنطينة حتى صار الجيش الفرنسي في وضعية جد سيئة وازداد الوضع سوءا بخروج قوات بن عيسى من المدينة الأمر الذي وضع القوات الفرنسية بين فكي كماشة الفك الأول تشكله قوات أحمد باي والفك الثاني تشكله قوات المهاجمين مع ابن عيسى ومدفعية المدينة الأمر الذي أدى إلى فشل هذه الحملة.
على إثر ذلك شرع الفرنسيون في الإعداد لحملة عسكرية ثانية. وبالفعل تمت هذه الحملة في شهر سبتمبر 1837م بمشاركة أكثر من ست جنرالات، لعبت فيها المدفعية دورا هاما، إذ أدرك الفرنسيون أن الدخول إلى المدينة لن يتحقق عن طريق إستسلامها وذلك بإحداث ثغرات في أسوارها والتسلل منها إلى الداخل، وبذلك سقطت مدينة قسنطينة بيد أن مقاومة أحمد باي لم تنته بسقوط المدينة بل تواصلت إلى غاية سنة 1848م بعد أن توجه إلى منطقة الأوراس، حيث ألقي عليه القبض واقـتيد إلى مدينة قسنطينة وسجن في قصره، ونقل بعد ذلك إلى العاصمة حيث توفي أسيرا في أوت 1850م.
معركة نافارين .. The Battle of Navarin. تاريخ حاسم للأمة الاسلامية .. 20 أكتوبر 1827م في خليج نافارين (فيلوس شرقي بيلوبونز) جنوب اليونان. تاريخ مهم غير مجرى التاريخ وكان له انعكاسات خطيرة الى يومنا هذا. في هذا اليوم وقعت واحدة من أعتى المعارك البحرية بين الأساطيل العثمانية والجزائرية والمصرية والتي كانت تشكل الدرع الواقي للأمة الاسلامية .. وبين الأساطيل البريطانية والفرنسية والروسية من جهة أخرى. كانت خلاصتها هو الإنهزام الذي وقع لأكبر الأساطيل البحرية في ذلك الوقت وتكالب الأمم عليها . تحطم الأسطول العثماني، والأسطول الجزائري الذي فقد تقريبا 85 بالمئة من قوته، والذي كان السبب المباشر في سهولة الإستعمار الفرنسي للجزائر وكذلك الأسطول المصري بقيادة إبراهيم باشا.
لهذا تعتبر معركة نافارين من أسوء المعارك التي خاضتها القوات العثمانية في البحر المتوسط وذلك لما خلفته من آثار خطيرة أدت إلى انهزام الأمة الإسلامية تماما ووقوعها تحت نير الإستعمار الغربي الحاقد الذي كان يخطط من القديم للإستيلاء على أهم المراكز الإستراتيجية أهمها الجزائر وبالتالي التمهيد لبسط السيطرة على القارة الإفريقية ككل وهو الأمر الذي حدث مباشرة بعد سنوات فقط من وقوع المعركة وكذلك بسط السيطرة على البحر المتوسط وإضعاف قوة الدولة العثمانية وانفصال اليونان التي كانت تابعة لها.
الخلفية التاريخية
عام 1821 كانت اليونان جزءٌ من الإمبراطورية العثمانية عدا الجزر الفينيسية والتي كانت تحت سيطرة الفينيسيين وبعدهاالفرنسيين وفي عام 1815 وقعت بيد البريطانيين..
بدأت بذور الثورة اليونانية بالظهور من خلال نشاطات أخوية الصداقة وتلفظ : فيليكي إيثيريا باليونانية، وهي منظمة وطنية سرية تأسست عام 1814م في أوديسا الواقعة اليوم في أوكرانيا وفي تلك الفترة كانت رغبة الإستقلال متفشية بين اليونانيين بجميع طبقاتهم وفئاتهم، بعد أن تم شحن مشاعرهم الوطنية لفترة طويلة من الزمن بفضل جهود الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية التي كانت تعمل على تعزيز روح القومية الهيلينية أو اليونانية في نفوس أتباعها، وقد كانت الكنيسة حينها الحصن الأخيرللغة اليونانية والمسؤول الإداري عن اليونانيين أمام السلطان العثماني.
ومن العوامل التي ساعدت أيضاً على اندلاع الحرب، النمو الاقتصادي في اليونان والتأثر بالأفكار الثورية الغربية التي ألهبت في نفوس اليونانيين الغيرة على قوميتهم ووطنهم.. ؟
بداية الحرب
اندلعت شرارة الحرب في شهر آذار/مارس عام1821 عندما قام أليكساندروس إبسيلانتيس زعيم الفليكي إيثيريا بعبورنهر بروت اتجاه مولودافيا الرومانية والتي كانت حينها مقاطعة عثمانية، وكانت برفقته فرقة صغيرة من 4500 محارب يوناني وكان أليكساندروس يأمل بأن تحض تحركاته الريفيين الرومانيين للتمرد على الأتراك، ولكن بدلا من ذلك قام الرومانيون بمهاجمة الأثرياء من بني جلدتهم فاضطرألكسندروس ورجاله للفرار سريعاً من أمام وجه العثمانيين.
ولكن في نفس تلك الفترة انتفض اليونانيين ضد الحكم التركي في شبه جزيرة بيلوبونيس شمال خليج كورنتوس والتي تشكل جزء كبير من مساحة البلاد، وكان البطريرك الأرثوذكسي جريجوريوس المقيم في إستانبول هو المحرك الأول لهذه الثورة، ويجمع كل خيوطها في يديه.
تأثر عدد من الشباب اليوناني الذي كان خارج اليونان بشعارات الثورة الفرنسية، فأنشئوا العديد من الجمعيات في فرنسا والنمسا وغيرها من الدول الأوربية، كان أهمها: جمعية الفكرة العظمى.
قامت هذه الجمعيات اليونانية بأنشطة سرية داخل اليونان وغيرها، وأخذت تجند الكثير من اليونانيين لأفكارها، وكان من بين تلك الأهداف: إحياء الإمبراطورية البيزنطية، واسترداد إستانبول باعتبارها ملكا للأرثوذكس وإخراج الأتراك من أوربا، ودفعهم ثانية إلى قارة آسيا التي خرجوا منها.
رأت روسيا في الثورة اليونانية فرصة لتمزيق الدولة العثمانية التي تناصبها العداء، ورأى ألكسندر الأول قيصر روسيا أن مساندة اليونانيين ستخدم المصالح الروسية، حيث ستظهر الروس حماة للمذهب الأرثوذكسي في العالم، وهو ما سيقود إلى تأليب كثير من العناصر الأرثوذكسية داخل الدولة العثمانية، مما سيضعفها عن مواجهة روسيا في أي حرب مقبلة، خاصة أن الناطقين باللغة اليونانية ضمن الدولة العثمانية كانوا يتمركزون في المورة وكريت وقبرص، وكان هؤلاء يشكلون ما يقرب من نصف سكان تلك المناطق، أي إنهم يتفوقون على العنصر التركي الموجود بين ظهرانيهم، مما يجعل أي ثورة ذات قوة وعنفوان ودموية في ذات الوقت.
اكتشاف الرأس المدبر
تعجبت الدولة العثمانية من الدموية التي مارسها الثوار اليونانيون ضد الأتراك رغم أن الدولة العثمانية كفلت لهم حرية المذهب، وحالت دون سحق الكاثوليك للأرثوذكس في كثير من المناطق. وكان السلطان العثماني يعتبر نفسه حامي المذهب الأرثوذكسي.
استطاعت المخابرات العثمانية أن تحدد الرأس المدبر وهو بطريرك القسطنطينية الأرثوذكسي جريجوريوس الخامس المقيم في إستانبول، فأمر السلطان العثماني محمود الثاني بتفتيش مقره بدقة، وعثر على أوراق تثبت ضلوعه في الثورة وقيامه بمراسلات مع الدول الأوربية وحثها على مساندة اليونانيين، ومن ذلك الرسالة التي بعث بها إلى قيصر روسيا يبين له كيفية هدم الدولة العثمانية.
وإمعانا في صرف الأنظار عنه أصدر جريجوريوس حرمانا كنسيا لكل من يشارك في تلك الثورة، لكن هذه الحيلة لم تخدع العثمانيين.
وقد أمر السلطان محمود الثاني بالقبض على جريجوريوس، حيث اعترف بجميع أنشطته في الثورة، ومن ثَم صدر الحكم بإعدامه ونفذ في يوم عيد الفصح عند الأرثوذكس (20 من رجب 1236 هـ= 22 من إبريل 1821م) في بطريركية فنار وظل معلقا 3 أيام، مكتوبا في عنقه لوحة بخيانته للدولة العثمانية، وتم تعيين بطريك جديد، وأغلق الباب الذي أعدم أمامه جريجوريوس، وأصر البطريرك الجديد ألا يفتح حتى يعدم أمامه رئيس حكومة أو دولة تركي، وما زال مغلقا من يومها، وأعدم عدد من القساوسة والأعيان الذين شاركوا في تلك الثورة.
التفت بعدها مجموعة من يونانيي إسطنبول حول البطريرك الجديد في إدانة التمرد، وفي تاريخ 25 مارس 1821م(يوم عيد الإستقلال في اليونان)، قام جيرمانوس مطران باتراس برفع علم الثورة في دير آيا لافرا بالقرب من كالا فريتا هاتفاً الحرية أو الموت، لتصبح كلماته تلك الشعار الذي تبناه الثوار في السنين اللاحقة.
المطران الأرثوذكسي جيرمانوس يبارك علم الثورة اليونانية في دير آيا لافرا
لوحة زيتية للرسام اليوناني ثيودوروس فرايزاكيس1865م
بدأت حدة المعارك تتصاعد شيئاً فشيئاً متسببةً بمجازر من قبل الطرفين، ففي جزيرة شيوس قتل العثمانيون 25000 يوناني، بينما قتل اليونانيون 15000من الأربعين ألف تركي المقيمين في شبه جزيرة بيلوبونيس. وسرعان ما تدخل إبراهيم باشا أيضا لإخماد الثورة.
الأسباب العامة لمعركة نافارين:
- الخوف من التوسع العثماني في أوروبا الشرقية حيث استطاع الجيش العثماني الوصول إلى أسوار مدينة فيينا وأيضا الفتوحات الاسلامية التي وصلت إلى منطقة القوقاز بما يعرف اليوم بالشيشان وداغستان.
- رغبة التملك والتسلط التي كانت عند قياصرة روسيا ( نيقولا الاول، الكسندر الثاني ) حيث رأت روسيا في الثورة اليونانية فرصةلاضعاف الدولة العثمانية، فقام ألكسندر الأول بمساندة اليونانيين، تحت غطاء حماية الأرثوذكس في العالم، خاصة أن اليونان التمركزون في المورة و كريت و قبرص، حيث يشكلون ما يقرب من نصف سكانالمناطق، أي إنهم يتفوقون على العنصر التركي الموجود بين ظهرانيهم، مما يجعل أي ثورة ذات قوة وعنفوان ودموية في ذات الوقت.
باتفاقية لندن في 6 جويلية 1827 صارت كل من فرنسا ،بريطانيا العظمى و روسيا ضامني الحكم الذاتي لليونان في إطار الخلافة العثمانية. حيث ان الثوار اليونانيون قبلوا التسوية بسهولة.
اتفقت القوات الأوروبية الثلاثة على إرسال أسطول بحري لمضايقة قوات إبراهيم باشا و إجباره على إخلاء بيلوبونيز الحالية ، قاد الأسطول نائب أمير البحر ادوارد قودرينكتن، هنري دي رنيي و لوقين بيتروفيتش قيدن و تقرر فقط استظهار القوة لا المواجهة.
الأسباب المباشرة
كان الأسطول العثماني راسيا في خليج نافارين و كانت البارجة دارتموث قصدته مرتين لتعرض على ابراهيم باشا شروط اخلاء الخليج المقترحة من طرف القوات الثلاثة. لكن إبراهيم باشا رفض ، فقرر الأدميرال ٌقودرنكتن استعراض القوة في 20 أكتوبر 1827، مغتنما رياح جنوبية غربية ، دخل شراعيا في الخليج معززا ب 11 سفسنة بريطانية و 8 سفن روسية و 7 سفن فرنسية معززا ب1270 مدفعا أما القوات العثمانية فكانت متكونة من 82 مركبا 2438 فوهة نارية و 16000 رجلا.
دخلت مراكب الحلفاء في الخليج متراصة بعضها البعض و على مرمى هدف من العثمانيين. أرسل أميرالبحر ٌقودرنكتن زورقا للتفاوض مع إبراهيم باشا.
كانت حراقة حارسة في حدود الخط العثماني الشمالي ، تهدد مباشرة البارجة الدارثموت التي يقودهاالملازم فيتزوري، و طلب منه الابتعاد, فقامت الحراقة الحارسة العثمانية باطلاق النار على السفينة البريطانية، فقتلت الملازم فيتزوري، أول ضحية في المعركة و عددا من مجدفيه. قامت البارجتان الدارثموت و لاسيران بالرد و بدأت المعركة بينما لم تبدأ بوارج الأمراء تبادل أي طلقة نارية كما أرادته العادة.
نتائج المعركة
تعد معركة نافارين واحدة من المعارك البحرية التي غيرت مجرى التاريخ وغيرت مواقع الكثير من القوى المعروفة آنذاك. كانت خلاصتها هو الإنهزام الذي وقع لأكبر الأساطيل البحرية، وهو تحطم الأسطول العثماني،
كذلك الأسطول المصري بقيادة إبراهيم باشااضافة الى 85/100 من أسطول الجزائر أو أكثر
التي وجهت غالبية قطعها الحربية، لمساندة الأسطول العثماني ضد القوى البريطانية الفرنسية و الروسية، قادت معركة بحرية في غاية الشراسة، كل الهجمات تركزت على الأسطول الجزائري الذي فقد معظم قطعه.
ترتب بعد المعركة ضعف عسكري جزائري في البحر فاتحا الباب أمام الهجومات المعادية و مما شجع شارل العاشر ملك فرنسا على فرض حصار بحري و الذي انتهى باحتلال الجزائر في 1830 ثلاث سنوات بعد معركة نافارين.
أزيد من 150 مليون وثيقة في الأرشيف العراقي تخص تاريخ الجزائر في العهد العثماني
الإطلاع على الأرشيف العثماني اليوم مرهون بتعلم اللغة العثمانية ، هكذا قال باحثون ومؤرخون خلال الملتقى الدولي الأول حول الجزائر و العالم العثماني الذي انقعد بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة و الذين أرجعوا تأخر الدراسات حول الفترة العثمانية إلى نقص الوثائق التاريخية من جهة و إلى كون الباحثين العرب لم تشكل لهم بعد الثقافة التاريخية من جهة أخرى فضلا عن الافتقار لقوانين التعامل مع الشعوب مقارنة مع أوروبا التي اهتمت بهذا الجانب و قدمته بلغة أوروبية.. الملتقى الدولي الأول حول "الجزائر و العالم العثماني" شارك فيه باحثين و خبراء من دول عربية( العراق، ليبيا، الأردن، تونس و المغرب و غيرها )، لمناقشة مراحل الحكم العثماني طيلة ثلاثة قرون و كيف نشأت السلطة العثمانية في دول المغرب العربي و بخاصة الجزائر، و ما تأثير السياسة العثمانية على الشعوب، و كانت أول ورقت قدمت خلال اليوم الأول من انطلاق الملتقى الدولي محاضرة الدكتورة عليا هاشم المشهداني التي أشارت إلى أن دراسات العهد العثماني في العراق حظيت باهتمام كبير منذ سنوات السبعينيات و كانت موضوع رسائل الماجستير و أطاريح الدكتوراه التي تناولت تاريخ المغرب العربي في العصور الإسلامية و التي تتوقف عند المدة الانتقالية بين العصور الإسلامية و العصر العثماني الذي يصنف في العراق ضمن التاريخ الحديث ركز فيها الباحثون العراقيون عن وضع الجزائر في العهد العثماني، و يوجد حاليا بالأرشيف العراقي حسبما أكدته الدكتورة عليا هاشم المشهداني و الباحثة في تاريخ المغرب العربي أزيد من 150 مليون وثيقة للحوادث التي حصلت على الدولة العثمانية تخص الجزائر وحدها و حركات التمرد على الحكم العثماني، و أخرى تتعلق بالحكم الفرنسي للجزائر في العهد العثماني و هواجس السلطان الثاني و مكاتبات فرنسا و جواسيسها مع المبشرين للضغط على الجزائريين ، فضلا عن وثائق تخص جهود العثمانيين الدبلوماسية مع بريطاني من أجل احتلال فرنسا للجزائر، و تقول الدكتور المشهداني أن وثائق الأرشيف العراقي حول الجزائر في العهد العثماني مدونة باللغة العثمانية ، مشيرة إلى وجود ترجمة واحدة و هي نادرة جدا بالعربية تعود لفاضل بياتي ، غير أنها عبارة عن ملخص لما هو مكتوب ، و بالتالي فهذه الوثائق تحتاج إلى ترجمة. كما توجد 10 وثائق أخرى تتعلق بمقاومة قسنطينة للاحتلال الفرنسي، و كانت هذه الوثائق موضع اهتمام الباحثين العراقيين في السنوات العشر الأخيرة و أثارت العديد من التساؤلات حول دخول ألأتراك العثمانيين إلى الجزائر و من أهم الوثائق التي عالجاه الباحثون العراقيون الوثيقة التي نشرها عبد الجليل التميمي و هي أول رسالة من أهالي مدينة الجزائر إلى السلطان سليم الأول سنة 1519م تقول المحاضرة أن هذه الوثائق في حاجة إلى الإطلاع عليها من قبل الباحثين الجزائريين و دراستها و تحليلها تحليلا معمقا لتدوين تاريخهم، و يقف إلى موقفها الدكتور العراقي جميل موسى رضا النجار الذي أكد أن التاريخ بحاجة إلى وثائق الأرشيف العثماني الذي كان محجوبا عن الباحثين العرب، ليوضح أن مثل هذه الوثائق أكثر أهمية من بقية الوثائق الأخرى لاسيما في العراق و على الباحثين الجزائريين و الدولة الجزائرية و مؤسساتها الاهتمام بموضوع وثائق العهد العثماني الموجود باسطنبول ، و أن تهيئ جيلا من الباحثين ليقفوا على هذه الوثائق السرية و ترجمتها و فك رموزها.. و يرى المحاضرون أن الفترة العثمانية تعرضت إلى التزييف و التشويه من قبل الفرنسيين، تقول الدكتورة عائشة غطاس من جامعة بوزريعة الجزائر التي قدمت حوصلة عن الرسائل الجامعية التي نوقشت بالجامعة الجزائرية و الدراسات التي ناقشها الجزائريون بالخارج ( تونس ، الشام و فرنسا..)، مؤكدة أن إعادة كتابة التاريخ أصبحت مطروحة بإلحاح من قبل الباحثين العرب و بخاصة الجزائريين..، وحسب الباحثين فإن الإنتاج التاريخي تميز بنزعة تهجمية و لم تحظ موضوعات التاريخ بالاهتمام، خاصة مع بداية الاستقلال إلى غاية التسعينيات التي ظهرت فيها توجهات متعددة، حيث استندت العديد من الدراسات التاريخية لمغرب العربي و الجزائر خاصة إلى الوثائق الفرنسية، و مع بداية التسعينيات حدث توجه جديد أهمل فيه كتابة التاريخ و تفرغ الباحثون إلى الدراسات الاجتماعية و الاقتصادية انطلاقا من الوثائق المحلية بأنواعها أي الرصيد العثماني و سجلات المحاكم الشرعية و دفاتر بيت المال..
من أجل تقريب وجهات النظر و جمع الأرشيف المبعثر: مؤتمر دولي للأرشيفيين و المؤرخين العرب حول التواجد العثماني في البلاد العربية
و لقد حظي مشروع تنظيم مؤتمر دولي للأرشيفيين و المؤرخين حول التواجد العثماني في البلاد العربية إيجابياته و سلبياته على الشعوب العربية موافقة دكاترة جامعيين و مؤرخين في التاريخ العثماني و لقي ترحيبا كبيرا لتنظيمه لتسليط الضوء على الحقبة العثمانية و جمع الأرشيف و النصوص و الوثائق التي ما تزال مخزنة و دراستها ، و تدليل الصعاب خاصة ما تعلق بالمصطلحات، جاء اقتراح تنظيم مؤتمر دولي حول الأرشيفيين و المؤرخين العرب حسبما كشفه السيد عبد المجيد شيخي مدير مركز الأرشيف الوطني خلال المناقشة التي دارت بالمجلس الدولي للأرشيف ألشهر الماضية أين تم الاتفاق على عقد المؤتمر الدولي و هو الاقتراح الذي تقدمت به الجزائر و لاقى موافقة المجلس الدولي للأرشيف، الهدف منه حسب مدير مركز الأرشيف مد جسور التواصل و إيجاد التعاون المثمر و مناقشة الأرشيف، لاسيما و المسائل حول تواجد الدولة العثمانية في البلاد العربية ما تزال مطروحة ، و تم اختيار تنظيم المؤتمر الدولي في الفترة الممتدة بين 2011 و 2012 .. و قد وجه مدير مركز الأرشيف الوطني في ذلك و على هامش الملتقى الدولي حول الجزائر في العالم العثماني الذي تتواصل فعالياته بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة عدة دعوات عديدة للأساتذة الباحثين و المؤرخين و المختصين في الأرشيف و محبيه و كذا الجامعات و معاهد التاريخ لتحضير المؤتمر، كما ستكون المشاركة على مستوى عربي أي دول المشرق العربي و دول المغرب العربي، و قال مدير مركز ألأرشيف الوطني أنه حان الوقت لتقريب وجهات النظر بين الباحثين و المؤرخين قبل أن تذهب معلوماتهم التي ينشرونها إلى الكتب المدرسية ، لأن الكثير من المسائل التاريخية ما تزال موضع نقاش و تناقض و ما يزال المؤرخين و الباحثين في التاريخ يعيشون تباينا جذريا في بعض المواقف بالنسبة للتاريخ، خاصة في مجال تحديد المصطلحات و عملية ألإسقاط في المسائل التاريخية الغير مبنية على معايير قيمية و بخاصة التاريخ الجزائري ، الذي معظم الكتابات التاريخية تقول أن الجزائر في الفترة ما قبل العثمانية كانت مقسمة، و هي أفكار مغلوط فيها لتشويه ماضي الدولة الجزائرية.. و في سياق متصل أشار عبد المجيد شيخي مدير مركز الأرشيف الوطني أن الفرنسيين استولوا على المئات من المخطوطات قبل خروجهم من الجزائر و لم يتركوا إلا القشور، مشيرا إلى الاتفاقيات التي أبرمت مع الحكومة التركية على أن تسلم للأرشيف الوطني نسخة كاملة من الأرشيف الخاص بالجزائر في العهد العثماني و اتفاقيات أخرى مع فرنسا، و لكن يضيف مدير الأرشيف الوطني أن هذه الجهود تذهب سدى لغياب الاتصال المباشر مع الباحثين لأن الكثير من الباحثين الجزائريين لا يولون اهتمامهم بالبحث التاريخي و لا يزورون حتى الأرشيف الوطني و ما يزخر به هذا الأخير من رصيد تاريخي.. و لم يستثن عبد المجيد شيخي من دعوة الجامعيين الجزائريين و حتى الباحثين العرب من الإنظمام إلى جمعية أصدقاء الأرشيف و نفض عنها غبار الركود، و إعادة تنشيطها و تحقيق عن طريقها مشاريع كبرى و القيام كذلك بعمليات تحسيسية لجمع الأرشيف الموجود في المكتبات المغلقة، و الذي استعصي على الباحثين الوصول إليه بعيدا عن دهاليز الإدارة.
هناك مسلسل كرتوني وهو عبارة عن سلسلة تروي تاريخ الجزائر في 52 حلقة، بمعدل 26 دقيقة للحلقة الواحدة، تهدف إلى تعريف النشء بتاريخ وأمجاد بلدهم منذ العصر الحجري حتى استعادة الاستقلال من الاستعمار الفرنسي في 05 جويلية 1962.
وم 16 جويلية 1565 تمت محاصرة جزيرة مالطة من طرف الأسطول الجزائري
ودام الحصار إلى غاية11 من سبتمبر 1565 بعدما قتلو من الصليبيين
قرابة 8500 وأنتهى الحصار بجنوح المالطيين للسلم . وتسليمهم أجمل بناتهم كسبايا للبحرية الجزائرية
فخلدها احد الشعراء ممن حضر الواقعة بقصيدة من نوع الحوزي - نوع اندلسي - بعنوان قرصاني غنم
وأكيد الجزائريين يعرفونها
لكن اغلب الاخوة خاصة من المشرق يجهل دور الاساطيل المغاربية في الجهاد الحربي وخاصة البحرية الجزائرية
حيث كانت أمريكا وكل الدول الاوربية تدفع اتاوات عبور البحر المتوسط للجزائر
قرصاني غنم جاب علجات خواص من حوز مالطا
الكل عازبات سلمو كياقوتات
قرصاني علم
فوق يم المالي معلم باسطة
مصنوع من الوريق الجوماد والتقات
مكمول مسقم
ليه ثلث 3 سواري في الموج سابطة
سطاش 16 من القلوع وشرايطها تنجات
في الموج يقسم
من ظريفة قلع والقوم ناشطة
مهما قبل جدارها لقلوع ترسات
------- قرصاني غنم . مما فهمته ان الشاعر أرسل قرصان مع الفوج المنطلق لمالطا ليأتي له بالغنائم
لانه لو كان يتكلم عن نفسه ما قال قرصاني
او ربما يقصد الرايس الناجم
ملاحظة : كلمة قرصان كانت تطلق على الجهاد البحري وهي ليس نقيصة
في المقطع الاول يصف الشاعر الاسطول الجزائري المنطلق لمالطا ويصف السفينة التي ركبها القرصان بها 3 سواري ويتكون الاسطول من 16 قلعة بحرية واعتقد انه انطلق من منطقة في الجزائر كان يطلق عليها ظريفة
-------
شرح كلمات القصيدة
الرايس ناجم قائد الحملة
حق بالرملية ، بوصلة وكارطة ساعة رملية وخريطة
في قلب القامرة مقيد يدري الاوقات في قمرة القيادة
اذا يتنعم
الفين من البحرية ليه شارطة بين يديه 2000 جندي بحري مارينز
يوم الحشر الكبير لمحاصي ومرايات
الكور تكلم ( المدفع ) مدفع عظيم كان يعمل في البحرية الجزائرية أنذاك
فعفع، المداين، الجبال والوطى خرب مدينة مالطا، بالقهر تواطات
اسطاعت لعجم ( ربما تحمل معنى اذعنوا العجم )
جات لهدية من البنات هابطة
ارضاو الغلب، سلمو واغنمنا البنات اعترفوا بالهزيمة واستسلموا وزادوا بارسال بناتهم
ارجع يتحيلم
رايس البحرية والقوم ناشطة
عن خزيرات سرح قلوعه ليس يبات (قرأت ان خزيرات ربما مكان فاصل في الطريق بي الجزائر ومالطا حيث قرر ان لا يباتوا)
لجناح السالم
سار في حاله للمرسى الباسطة يصف مرسى الجزائر بالمنبسط
رباط الفتح، هكذا جابو في السورات قرروا الرجوع للجزائر اطلق عليها الشاعر رباط الفتح
هبطو لعوارم
كل وحدة تمشي مشية مرهطة
من صميم جراحي صرت نوصف في الخودات
سبقت بمريم
طاهرة وفضيلة بمسوك ماشطة
صرت نفرق في التبر على كل انعات اخذ سبية اسمها مريم
بالله يا لايم كف لومك وأصغ للرحمة الباسطة
تروى لبيات كيف قومان اخرين روات
من ليلك ترقم
اذا فهمتي قرصاني دون فالطة
سال وسقسي في وطن البهجة الدهاة
اذ عرفت اسم قرصاني من غير خطاء إسأل الدهاة في البهحة للحين يطلق على العاصمة الجزائرية البهجة
اسمي مترسم
حا وميمين الدال لاغطة ح م م د
لامين وحا مع الواو يا فاهم لبيات ل ل ح و تمثيل الخاتم
صنت ذالحلة بكساوي معطرة
بطبايعها تحيروا قومان الدعوات في الابيات الاخيرة يتحدى الشاعر القاريء ان يعرف اسمه كلغز اسمه من اللغز محمد لحلو منقول