أنه ليس في القرآن أي ذكر صريح للعذاب بالبرد في جهنم إلا ما ذكره بعض المفسرين من باب الترجيحات كقوله تعالى :
ِإنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيق
قالوا : أن عذاب جهنم هو عذاب الزمهرير وعذاب الحريق هو عذاب النار ،
وقد ورد التوصيف القرآني : نارجهنم تسع مرات في القرآن ,
لذا فنحن لا نقبل مثل هذه الأقوال .
ولتحرير الجواب على هذا القول :
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من طرق من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله :
"اشتكت النار إلى ربها فقالت : رب أكل بعضي بعضا ؛ فجعل لها نفسين : نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف . فشدة ما تجدونه من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدونه في الصيف من الحر من سمومها " .
وفي لفظ في " المسند " : من حديث أبي هريرة عن النبي قال :
" اشتكت النار إلى ربها ؛ فقالت : رب أكل بعضي بعضا ؛ فنفسني . فأذن لها في كل عام بنفسين ؛ فأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم ، وأشد ما تجدون من الحر من حر جهنم "
قال شعيب الأرناؤوط :
إسناده صحيح على شرط الشيخين
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : الزمهرير إنما هو لون من العذاب ؛ إن الله تعالى قال : لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا
وروي عن ابن عباس , قال : يستغيث أهل النار من الحر ؛ فيغاثون بريح باردة يصدع العظام بردها , فيسألون الحر ..
وعن مجاهد قال : يهربون إلى الزمهرير , فإذا وقعوا فيه حطم عظامهم حتى يسمع لها نقيض . …..
وعن كعب , قال : إن في جهنم برداً هو الزمهرير , يسقط اللحم حتى يستغيثوا بحر جهنم . …. .
وفي " لطائف المعارف " للحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - ( 2 / 192) :
عن عبد الملك بن عمير قال بلغني :
أن أهل النار سألوا خازنها أن يخرجهم إلىجانبها ؛ فأخرجوا ؛ فقتلهم البرد و الزمهرير . حتى رجعوا إليها فدخلوها مماوجدوه من البرد .
و قد قال الله عز و جل :
لا يذوقون فيها بردا و لا شرابا * إلا حميما و غساقا * جزاء وفاقا
و قال الله تعالى :
هذا فليذوقوه حميم وغساق
قال ابن عباس : الغساق : الزمهرير البارد الذي يحرق من برده .
و قال مجاهد : هو الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده .
و قيل : إن الغساق : البارد المنتن.
أجارنا الله تعالى من جهنم بفضله و كرمه ...
يا من تتلى عليه أوصاف جهنم .. ويشاهد تنفسها كل عام حتى يحس به و يتألم - وهو مصر على ما يقتضي دخولها .. مع أنه يعلم ستعلم إذا جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام من يندم : ألك صبر على سعيرها و زمهريرها ؟
...
ولهذا كان من تمام نعيم الجنة ما قاله تعالى :
لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً
قال :
علم الله تبارك وتعالى أن شدة الحر تؤذي ، وأن شدة البرد تؤذي ، فوقاهم الله عذابهما جميعاً .
قال : وذكر لنا أن نبي الله حدث أن جهنم اشتكت إلى ربها فنفسها في كل عام نفسين ، فشدة الحر من حرها ، وشدة البرد من زمهريرهـــا .....
وللحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - في " التخويف من النار " ص 71 :
فصل [ في زمهرير جهنم ] .
وقام بعض السلف ( زيد اليامي ) ذات ليلة للتهجد , فعمد إلى مطهرة له كان يتوضأ منها؛ فغمس يده في المطهرة , فوجد الماء بارداً شديداً كاد أن يجمد من شدة برده ؛ فذكر الزمهرير ويده في المطهرة , فلم يخرجها حتى أصبح .
فجاءت جاريته وهوعلى تلك الحال , فقالت :
ما شأنك يا سيدي ؟ لم تصل الليلة كما كنت تصلي ، وأنت قاعد هنا على هذه الحالة ؟
فقال : ويحك ! إني أدخلت يدي في هذه المطهرة ؛ فاشتد علي برد الماء , فذكرت به الزمهرير , فو الله ما شعرت بشدة برده حتى وقفتِ علي , فانظري , لا تحدثي بهذا أحداً ما دمت حياً .
فما علم بذلك أحد حتى مات رحمه الله ....
اللهم إنا نعوذ بك من سخطك والنار ...