حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان من درر ابن باز -رحمه الله-
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فقد وردت لي أسئلة كثيرة وتتكرر كل عام في مثل هذا الوقت وهو قرب حلول شهر رمضان المبارك، عن حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان؟ وهل للعلماء فيها سابق فتوى، وقد أوردت في كتاب لي تفصيلاً عن ذلك، وسوف أورد حكم ذلك باختصار في هذا المقال وذلك حتى تعم الفائدة، فأقول مستعيناً بالله: إن التهنئة بقدوم شهر رمضان جائزة ولا شيء في ذلك، ولعل ذلك من المباحات، وإن كان بعض العلماء قال بأنه مسنون، والأدلة على الجواز كثيرة من السنَّة وأقوال السلف والعلماء قديماً وحديثاً، وهي موجودة في رسالتي المنشورة والمتداولة فليرجع إليه، ولكني أحببت إيراد فتوى فقيد الأمة العالم الرباني ومجدد القرن وإمام أهل السنَّة والجماعة شيخنا وشيخ مشايخنا العلامة عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- وألحقنا به في الصالحين، وقد كنت نقلت عنه سابقاً في رسالتي بعض النقولات المختصرة، فأحببت إيراد جميع ما ورد عنه في هذه المسألة حتى يعرف الناس حكمها ويطيبوا بالاً بذلك؛ لأن غالب المسلمين إذا جاءتهم الفتوى من ابن باز اطمأنوا لها لعلمهم أنه المحق للمسائل والمتورع في الفتيا والنهر الزلال الرقراق، وقد أورد مدير مكتبه السابق الشيخ محمد بن موسى الموسى في كتابه “الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء” مجموعة من الرسائل التي تدل على أن الشيخ كان يهنئ العلماء وبهنئونه بقدوم شهر رمضان، ومن ذلك ماورد في صفحة (131): “من عبدالله بن محمد بن حميد إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز سلمه الله، وتولاه، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد وصلني كتابكم المكرم المتضمن للتهنئة بدخول شهر الصيام تقبل الله منَّا ومنكم ووفقنا جميعاً لما فيه رضاه” ا· هـ· وورد في صفحة (583): “من عبدالله بن زيد آل محمود إلى حضرة الأستاذ الفاضل الشيخ عبدالعزيز بن باز حفظه الله بالإسلام،····· ثم إني أبارك لكم في استهلال شهر الصيام جعله الله مستهلاً علينا وعليكم بالأمن والإيمان والعفو والغفران”·ا· هـ· وورد في صفحة (376): “من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ سعيد ابن عياش وفقه لله لكل خير آمين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ······ وأشكركم على تهنئتكم بحلول شهر رمضان المبارك هنأكم الله بكل خير وتقبل من الجميع وأعاده علينا وعليكم وعلى سائر المسلمين أعواماً كثيرة على حال خير واستقامة إنه جواد كريم” ا· هـ· وفي مجموع فتاويه ج (51) صفحة (9): “ولا أعلم شيئاً معيناً لاستقبال رمضان سوى أن يستقبله المسلم بالفرح والسرور والاغتباط وشكر الله أن بلغه رمضان ووفقه فجعله من الأحياء الذين يتنافسون في صالح العمل، فإن بلوغ رمضان نعمة عظيمة من الله عزَّ وجلَّ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشّر أصحابه بقدوم رمضان مبيّناً فضائله وما أعد الله فيه للصائمين والقائمين من الثواب العظيم”ا· هـ· وسئل رحمه الله في شرحه لكتاب الصيام من بلوغ المرام، -في أشرطة سمعية – “هل هناك صيغة للتهنئة برمضان؟ فقال: بارك الله لكم في الشهر أو ليهنكم قدوم الشهر، أو ليهنكم بلوغ الشهر، كله طيب”ا· هـ· وكذلك سئل عن حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان في برنامج نور على الدرب، فقال: “رمضان شهر عظيم مبارك، يفرح به المسلمون، وكان النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه يفرحون به، فإذا فرح به المسلمون واستبشروا به وهنئ بعضهم بعضاً فلا حرج في ذلك، كما فعله السلف الصالح، لأنه شهر عظيم مبارك يفرح به لما فيه من الصيام والعبادات الصالحة الأخرى” ا· هـ· وكذلك كان رحمه الله يقوم بإرسال التهاني للحكام والأمراء وطلبة العلم، وكان يذهب لخادم الحرمين الشريفين لتهنئته بحلول شهر رمضان، كذلك نقل عنه غير واحد من طلبته الكبار جواز التهنئة بقدوم شهر رمضان، والنقل عنه في ذلك متواتر، وقد سمعته شخصياً أكثر من مرة في مجلسه يهنئ القادمين بقدوم شهر رمضان، وكذلك يرد عليهم تهنئتهم ويدعو لهم· هذا آخر ما استطعت جمعه عن إمام أهل السنَّة والجماعة رحمه الله في هذه المسألة، راجياً من الله عزَّ وجلَّ أن يحفظ بلادنا بالإسلام وأن يحفظ ولاة أمرنا وأن يوفقهم لكل خير، إنه جواد كريم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين·
يوسف بن عبدالعزيز الطريفي
المعهد العلمي في حائل
المصدر.
حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان للعلامة صالح الفوزان حفظه الله.
السؤال:
عندما يحل شهر رمضان نسمع كثيرًا من الناس يباركون على بعضهم بقدومه بقولهم: "مبروك عليك شهر رمضان" فهل لذلك أصل في الشرع؟
الإجابة: التهنئة بدخول شهر رمضان لا بأس بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان، ويحثهم على الاجتهاد فيه بالأعمال الصالحة، وقد قال الله تعالى: ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [ يونس : 58].
فالتهنئة بهذا الشهر والفرح بقدومه يدلان على الرغبة في الخير، وقد كان السلف يبشر بعضهم بعضًا بقدوم شهر رمضان؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ كما جاء ذلك في حديث سلمان الطويل الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، شَهْرٌ جَعَلَ الله صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَن تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِن خِصَالِ الخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَن أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً فِيهِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الجَنَّةُ، وَشَهْرُ الْمُوَاسَاةِ، وَشَهْرُ يُزَادُ فِيهِ الرِّزقِ فِي رِزْقِ الْمُؤْمِنِ فِيهِ، مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ، وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِن النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِن غَيْرِ أَن يَنْقُصَ مِن أَجْرِهِ شَيْءٌ» قَالُوا يَا رَسُولَ الله لَيْسَ كُلُّنَا يَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ؟، قَال صلى الله عليه وسلم: «يُعْطِي اللهُ هَذَا الثَّوَابَ مَن فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى مَذْقَةِ لَبَنٍ، أَوْ تَمْرَةٍ، أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ، وَمَن سَقَى صَائِمًا سَقَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِن حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا حَتَّى يَدْخُلَ الجَنَّة، وَمَن خَفَّفَ عَن مَمْلُوكِهِ فِيهِ غَفَرَ اللهُ لَهُ وَأَعْتَقَهُ مِن النَّارِ، وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِن النَّارِ، فَاسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِن أَرْبَعِ خِصَالٍ: خَصْلَتَيْنِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ وَخَصْلَتَيْنِ لَا غِنَى بِكُمْ عَنْهُمَا، فَأَمَّا الخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ: فَشَهَادَةُ أَن لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَتَسْتَغْفِرُونَهُ، وَأَمَّا الخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ لَا غِنَى بِكُمْ عَنْهُمَا: فَتَسْأَلُونَ اللهَ الجَنَّةَ، وَتَتَعَوَّذُونَ بِهِ مِن النَّارِ».
المصدر.
آخر تعديل: