- إنضم
- 25 سبتمبر 2007
- المشاركات
- 15,506
- نقاط التفاعل
- 32,132
- نقاط الجوائز
- 5,145
- محل الإقامة
- تبسة 12
- الجنس
- ذكر
- آخر نشاط
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السـؤال:
تبنَّى زوجان بنتًا من الأولاد الذين تقوم الدولة على رعايتهم، وذلك بتسجيلها في الأحوال الشخصية منسوبةً لهما، وقد كَبِرت هذه البنتُ، وتقدَّم لخطبتها رجلٌ يعلم حالَها، فنرجو توضيح ما يأتي مفصَّلاً، إن أمكن وبارك الله فيكم:
هل يجوز الزواج بهذه البنت منسوبة لهذين الزوجين بالتبني؟ وهل يجب أن يتبرأ من هذا التبني البنتُ والزوجان؟ وهل يكفي في التوبة من هذا التبني تبرؤ البنت والزوجين منه قلبًا وأمامَ كلِّ الناس، أم يجب السعي لدى المصالح الحكومية لإلغائه؟ وكذا في حالة موافقة البنت على إلغاء هذا التبني لدى المصالح الحكومية وَرَفَضَ الزوجان ذلك سواء بحجة أنهما يُحبَّان هذه البنت، ويعتبرانها بنتًا لهما وأنهما يرفضان مصطلح التبني، و إنما لجئَا لتسجيلها في الدفتر العائلي لما تفرضه القوانين على أخذ الأولاد، أو بحُجَّة العراقيل الإدارية لدى المحاكم؟ واللهَ نسأل أن يجزيَكم خيرَ الجزاء.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فلا يصحُّ لأحدٍ أن يُثبت نسبَه لأحدٍ بالتبنِّي؛ لأنَّ نظام التبنِّي كان معمولاً به في الجاهلية وفي أول ظهور الإسلام، ويرتِّبون عليه تحقُّق البُنُوَّة النسبية وغيرها من الآثار، والإسلام نسخ نظام التبني وأبطل جميع آثاره في قوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب: 4]، فالكلام باللسان لا يُبدِّل الوقائعَ ولا يغيِّر الحقائقَ ولا تجعل الدَّعِيَّ ولدًا ولا الغريبَ قريبًا ولا الأجنبي أصيلاً، فالواجب نسبته إلى أبيه الحقيقي إن عُلم، فإن تعذَّر معرفة ذلك فهو من الإخوان في الدِّين والموالي، ففي الأُخوة في الدِّين والموالاة عِوض عمَّا فاته من النسب، لقوله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [الأحزاب: 5].
هذا، وإذا كان الإسلام حَرَّم التبني وأبطله فإنّه لم يمنع أهلَ الاستطاعة مِنَ القيام على شئون اليتامى واللُّقَطاء أو الأطفال المجهولي النسب وتربيتهم والإحسان إليهم، بل ندب إلى التكفل بهم على وجه يصلح حالهم برعايتهم جسميًّا وتربيتهم دينيًّا وخُلُقيًّا حتى يكبروا ويرشدوا، وهو مأجورٌ على إحسانه إليه وتربيته له، لكن لا يجوز شرعًا أن يُعطي له الكفيل لقبَ عائلته مهما كان عُذر الكفيل أو أضاف إلى عذره حُجَّة الرحمة به والشفقة عليه والعطف على تربيته، أو لإشباع غريزة الأُبوة والأمومة إذا كان الكفيل عقيمًا أو زوجته عاقرًا، فهذه الأسباب أو غيرُها لا تجعل الدعي ولدًا، ولا يترتَّب على التبنِّي أحكام البنوة الحقيقية لما يخلفه من آثار سيئة كالكذب والزور، واختلاط الأنساب والتلبيس فيها، وتغيير قسمة المواريث على وجه يحرم المستحق ويعطي غير المستحق، وتحليل الحرام في الخلوة والتكشف ونحوهما من الأعراض، وتحريم الحلال كنكاح الابن من الصلب بالبنت من التبني أو بالعكس، ونحو ذلك من أسباب التعدِّي على حدود الشريعة وانتهاك لحرمات الله سبحانه وتعالى.
وفي هذا المضمون من إحلال الغريب الأجنبي الدَّعِيِّ محلَّ الولد القريب الأصيل ونسبته إلى غير أبيه ومواليه تأتي أقوال النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم محذِّرةً من هذه الكبيرة، ومنكرةً للكذب والزور، ومحرِّمةً لتجاوز حدود الله فيها، في قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ -وَهُوَ يَعْلَمُ- فَالجنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ»(١)، وفي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ كَفَرَ»(٢)، وفي حديث آخر: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ المتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»(٣)، وفي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -أيضًا-: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً»(٤) أي: لا يقبل منه توبةً ولا فِدية(٥).
هذا، والواجب تعديل لقب البنت بالتبني وتغييره إلى أصلها ونسبها الحقيقي، وذلك بالرجوع إلى سجلات بيوت الحضانة والأيتام الحكومية، فإن كانت يتيمةً مات عنها أبوها فإنَّها تنسب إليه، وإن ولدت من سفاح فإنَّها تُنسب إلى أُمِّها الواضعة لها، وعلى المتبنِّي الكفيل أن يبذُل قُصَارى جهده ليصحِّح خطأه إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، فإن تعذَّر لموانعَ قانونيةٍ أو لأسباب إدارية، فإنَّه يختار لها اسمًا يناسبها كأَمة الله، أو أمة الرحمن، ونحو ذلك، ووجب عليها أن تتبرَّأ من انتسابها للمتبني مع اعترافها بالجميل والمعروف الذي بذله من أجلها، وبالمقابل يتبرَّأ من نسبتها إليه، ويتوبَ من صنيعه إذا كان يعلم الحكم وتعدَّى حدود الله، واللهُ تعالى يقبل التوبةَ من عباده، قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].
ويجوز الزواج بها ويتولَّى أمرَها الحاكمُ أو من يقوم مقامه، فإن تعذَّر فإمامٌ راتبٌ وإلاَّ فللكفيل أن يتولَّى تزويجها مع مراعاة بقية شروط عقد الزواج.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 28 جمادى الأولى 1429ﻫ
الموافق ﻟ: 03 جوان 2008م
١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب المغازي، باب غزوة الطائف: (3982)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم: (220)، من حديث سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة رضي الله عنهما.
٢- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب المناقب، باب نسبة اليمن إلى إسماعيل: (3317)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر: (217)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
٣- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الأدب، باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه: (5115)، من حديث أنس رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (5987).
٤- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي فيها بالبركة: (3327)، والترمذي في «سننه» كتاب الولاء والهبة، باب ما جاء فيمن تولى غير مواليه: (2127)، وأحمد في «مسنده»: (616)، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
٥- «النهاية» لابن الأثير: (3/24).
الشيخ فركوس حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السـؤال:
تبنَّى زوجان بنتًا من الأولاد الذين تقوم الدولة على رعايتهم، وذلك بتسجيلها في الأحوال الشخصية منسوبةً لهما، وقد كَبِرت هذه البنتُ، وتقدَّم لخطبتها رجلٌ يعلم حالَها، فنرجو توضيح ما يأتي مفصَّلاً، إن أمكن وبارك الله فيكم:
هل يجوز الزواج بهذه البنت منسوبة لهذين الزوجين بالتبني؟ وهل يجب أن يتبرأ من هذا التبني البنتُ والزوجان؟ وهل يكفي في التوبة من هذا التبني تبرؤ البنت والزوجين منه قلبًا وأمامَ كلِّ الناس، أم يجب السعي لدى المصالح الحكومية لإلغائه؟ وكذا في حالة موافقة البنت على إلغاء هذا التبني لدى المصالح الحكومية وَرَفَضَ الزوجان ذلك سواء بحجة أنهما يُحبَّان هذه البنت، ويعتبرانها بنتًا لهما وأنهما يرفضان مصطلح التبني، و إنما لجئَا لتسجيلها في الدفتر العائلي لما تفرضه القوانين على أخذ الأولاد، أو بحُجَّة العراقيل الإدارية لدى المحاكم؟ واللهَ نسأل أن يجزيَكم خيرَ الجزاء.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فلا يصحُّ لأحدٍ أن يُثبت نسبَه لأحدٍ بالتبنِّي؛ لأنَّ نظام التبنِّي كان معمولاً به في الجاهلية وفي أول ظهور الإسلام، ويرتِّبون عليه تحقُّق البُنُوَّة النسبية وغيرها من الآثار، والإسلام نسخ نظام التبني وأبطل جميع آثاره في قوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب: 4]، فالكلام باللسان لا يُبدِّل الوقائعَ ولا يغيِّر الحقائقَ ولا تجعل الدَّعِيَّ ولدًا ولا الغريبَ قريبًا ولا الأجنبي أصيلاً، فالواجب نسبته إلى أبيه الحقيقي إن عُلم، فإن تعذَّر معرفة ذلك فهو من الإخوان في الدِّين والموالي، ففي الأُخوة في الدِّين والموالاة عِوض عمَّا فاته من النسب، لقوله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [الأحزاب: 5].
هذا، وإذا كان الإسلام حَرَّم التبني وأبطله فإنّه لم يمنع أهلَ الاستطاعة مِنَ القيام على شئون اليتامى واللُّقَطاء أو الأطفال المجهولي النسب وتربيتهم والإحسان إليهم، بل ندب إلى التكفل بهم على وجه يصلح حالهم برعايتهم جسميًّا وتربيتهم دينيًّا وخُلُقيًّا حتى يكبروا ويرشدوا، وهو مأجورٌ على إحسانه إليه وتربيته له، لكن لا يجوز شرعًا أن يُعطي له الكفيل لقبَ عائلته مهما كان عُذر الكفيل أو أضاف إلى عذره حُجَّة الرحمة به والشفقة عليه والعطف على تربيته، أو لإشباع غريزة الأُبوة والأمومة إذا كان الكفيل عقيمًا أو زوجته عاقرًا، فهذه الأسباب أو غيرُها لا تجعل الدعي ولدًا، ولا يترتَّب على التبنِّي أحكام البنوة الحقيقية لما يخلفه من آثار سيئة كالكذب والزور، واختلاط الأنساب والتلبيس فيها، وتغيير قسمة المواريث على وجه يحرم المستحق ويعطي غير المستحق، وتحليل الحرام في الخلوة والتكشف ونحوهما من الأعراض، وتحريم الحلال كنكاح الابن من الصلب بالبنت من التبني أو بالعكس، ونحو ذلك من أسباب التعدِّي على حدود الشريعة وانتهاك لحرمات الله سبحانه وتعالى.
وفي هذا المضمون من إحلال الغريب الأجنبي الدَّعِيِّ محلَّ الولد القريب الأصيل ونسبته إلى غير أبيه ومواليه تأتي أقوال النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم محذِّرةً من هذه الكبيرة، ومنكرةً للكذب والزور، ومحرِّمةً لتجاوز حدود الله فيها، في قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ -وَهُوَ يَعْلَمُ- فَالجنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ»(١)، وفي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ كَفَرَ»(٢)، وفي حديث آخر: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ المتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»(٣)، وفي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -أيضًا-: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً»(٤) أي: لا يقبل منه توبةً ولا فِدية(٥).
هذا، والواجب تعديل لقب البنت بالتبني وتغييره إلى أصلها ونسبها الحقيقي، وذلك بالرجوع إلى سجلات بيوت الحضانة والأيتام الحكومية، فإن كانت يتيمةً مات عنها أبوها فإنَّها تنسب إليه، وإن ولدت من سفاح فإنَّها تُنسب إلى أُمِّها الواضعة لها، وعلى المتبنِّي الكفيل أن يبذُل قُصَارى جهده ليصحِّح خطأه إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، فإن تعذَّر لموانعَ قانونيةٍ أو لأسباب إدارية، فإنَّه يختار لها اسمًا يناسبها كأَمة الله، أو أمة الرحمن، ونحو ذلك، ووجب عليها أن تتبرَّأ من انتسابها للمتبني مع اعترافها بالجميل والمعروف الذي بذله من أجلها، وبالمقابل يتبرَّأ من نسبتها إليه، ويتوبَ من صنيعه إذا كان يعلم الحكم وتعدَّى حدود الله، واللهُ تعالى يقبل التوبةَ من عباده، قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].
ويجوز الزواج بها ويتولَّى أمرَها الحاكمُ أو من يقوم مقامه، فإن تعذَّر فإمامٌ راتبٌ وإلاَّ فللكفيل أن يتولَّى تزويجها مع مراعاة بقية شروط عقد الزواج.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 28 جمادى الأولى 1429ﻫ
الموافق ﻟ: 03 جوان 2008م
١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب المغازي، باب غزوة الطائف: (3982)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم: (220)، من حديث سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة رضي الله عنهما.
٢- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب المناقب، باب نسبة اليمن إلى إسماعيل: (3317)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر: (217)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
٣- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الأدب، باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه: (5115)، من حديث أنس رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (5987).
٤- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي فيها بالبركة: (3327)، والترمذي في «سننه» كتاب الولاء والهبة، باب ما جاء فيمن تولى غير مواليه: (2127)، وأحمد في «مسنده»: (616)، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
٥- «النهاية» لابن الأثير: (3/24).
الشيخ فركوس حفظه الله