Ahlem Sett
:: عضو مُتميز ::
- إنضم
- 12 أفريل 2013
- المشاركات
- 506
- نقاط التفاعل
- 530
- النقاط
- 36
بسم الله الرحمن الرحيم
ليس هناك من مخلوق لا يشعر بما للوالدين من الولاء الجميل والفضل الجزيل، فهما سبب وجوده في هذه الحياة، وقد رعياه رعاية الحنان والإكرام منذ الصغر، وربّياه جهد طاقتهما حتّى الكبر، فلم يَألوا جهدًا في إرضائه والعمل على تمام راحته،
إذا كان هذا هو حالهما معه، فما أولاه أن يقابلهما بمثل إكرامهما له، ويبرّهما في كبرهما مقابل عطفهما عليه في صغره، ويساعدهما في لوازم الحياة بكلّ ما أوتي من قوّة، وما وُهِب من عقل، وهو يعلم أنّه ليس من الدّين ولا من المروءة أن يقابلهما بالعقوق، ويجحد فضلهما عليه، ويُنكر ما قدّماه له من خدمات جليلة، وما تحمّلاه معه من متاعب جسيمة.
ولقد حثّنا الله تعالى بوجوب برّهما والإحسان إليهما فقال جلّ شأنه: {وقَضى ربُّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحسانًا، إمّا يبلغنّ عندك الكبرَ أحدهما أو كلاهما فلا تَقُل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما وقُلْ لهما قوْلا كريمًا، واخْفِضْ لهما جَناح الذُّلِّ من الرّحمة وقُلْ ربّ ارْحَمهما كما ربَّيَاني صغيرًا}، وقال الله عزّ وجلّ: {ووصّينا الإنسان بوالديْه حُسنًا}، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “برُّوا آباءَكم تَبِرُّكم أبناؤكم”، وقال عليه الصّلاة والسّلام: “إنّ الله يُوصيكُم بأمّهاتكم ثمّ يوصيكم بأمّهاتكم ثمّ يوصيكم بأمّهاتكم ثمّ يوصيكم بآبائكم ثمّ يوصيكم بالأقرب فالأقرب”، وقال صلّى الله عليه وسلّم: “مَن أرْضَى والديه فقد أرضى الله ومَن أسخط والديه فقد أسخط الله”، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن برَّ والديه طوبى له زاد الله في عمره”.
وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “اثنان يُعجّلهما الله في الدّنيا: البغي وعقوق الوالدين”، وعن أنس رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النّفس واليمين الغموس”، يُحكى أنّ أحد الآباء قال إنّه قبل خمسين عامًا حجّ مع والده بصحبة قافلة على الجِمال، وعندما تجاوزوا منطقة عفيف وقبل الوصول إلى ظُلم، رَغِبَ الأب أن يقضي حاجته، أكرمكم الله، فأنزل الابن من البعير ومضى الأب إلى حاجته، وقال للابن انطلق أنت مع القافلة، وسوف ألحق بكم،
مضى الابن وبعد برهة من الزمن التفت الابن، ووجد أن القافلة بعدت عن والده، فعاد جاريًا على قدميه ليحمل والده على كتفه ثمّ انطلق يجري به، وبينما هو كذلك، يقول الابن: أحسستُ برطوبة تنزل على وجهي، وتبيَّن لي أنّها دموع والدي، فقلت لأبي: والله إنّك أخف على كتفي من الريشة، فقال الأب: ليس لهذا بكيتُ، ولكن في هذا المكان حَملْتُ أنا والدي.
قال تعالى: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبُدون إلاّ الله وبالوالدين إحسانًا} (البقرة:83)، والإحسان نهاية البرّ، فيدخل فيه جميع ما يحبّ من الرّعاية والعناية، وقد أكّد الله الأمر بإكرام الوالدين حتّى قرن تعالى الأمر بالإحسان إليهما بعبادته الّتي هي توحيده والبراءة من الشّرك اهتمامًا به وتعظيما له، قال تعالى: {واعبُدوا الله ولا تُشرِكوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا} (النّساء:36)، فأوصى سبحانه بالإحسان إلى الوالدين. قال ذو النون المصري: ثلاثة من أعلام البرّ: برّ الوالدين بحُسن الطاعة لهما ولين الجناح وبذل المال، وبرّ الولد بحسن التأديب لهم والدلالة على الخير، وبرّ جميع النّاس بطلاقة الوجه وحسن المعاشرة.