بدأ الحوار حول سعة العقول ،، وسعة القلوب ..
وكان المدخل للقلوب ،، هذا الجدال والحوار ..
وكان المدخل للقلوب ،، هذا الجدال والحوار ..
قلت : هل يتسع القلب لأكثر من واحد؟؟
قال : أبدا ،،أبدا ، فالله تعالى قال: ((مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ..)).(الأحزاب 4).
قلت له: إن معنى الآية غير ما ذكرت ،، فأهل التفسير ذكروا ما يلي فيها :
أن جماعة وصفوا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بأنه ذو قلبين، فنفى الله ذلك عن نبيه
وكذّبهم.. ومنها: أنها نزلت في رجل بمكة كان يدعى ذا القلبين.. ومنها: أن الإنسان ما دام
لا يملك إلا قلباً واحداً، فلا بد أن يتجه إلى إله واحد وأن يتبع نهجاً واحداً.
وقلت : إن القلب أوسع من فضاء السماوات ، فكيف لا يسع أكثر من واحد..؟؟
قال : إن القلب مجوف كالقبر فإذا امتلأ بشيء ،، استحال أن يبقى هناك متسع لغيره . هل رأيت في الأصل قبرا اتسع لمتعددين..؟؟ ألم تسمع قول أبو تمام :
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل
قلت له : دعك من القياس ، وكلام الشعراء ، وانظر إلى ما بين أيديك ،، ألا ترى حب الأم لجميع أولادها وبناتها ، تحزن وتبكي على فراق أحدهم ،، ولو تجاوزوا العشرة ،، أتنكر أن القلب يحب كل جميل وحسن ..؟؟ وكم من جميل ،،حسن،، بديع من مخلوقات الله ..ألا ترى حب النبي الكريم لجميع زوجاته ، ولجماعة كبيرة من أصحابه..
قال : إن القلب وأن تعدد زائروه ،، إلا أنه في النهاية ،، لا يترك بصمته فيه إلا شخص واحد ،، هو الأصل ،، والباقي تبع ظلال ،، ألا ترى شدة حب سيدنا يعقوب ليوسف الصديق دون سائر إخوته ،، ألا ترى حب نبينا الكريم لعائشة دون سائر نسوته ،، ألا ترى أن القلب يستولي عليه أول مشرق عليه ،،فأن كان شمسا انطمست وأفلت كل النجوم والكواكب..
قلت له: تتحدث عن جانب واحد من خلجات القلب وهو المحبة ، وتناسيت الاحترام ، والتقدير ، والشفقة والرحمة ، بل إن المحبة التي تعلقت بها هي مراتب وأقسام ، والناس فيها مذاهب شتى ،، ولا أدري أتتحدث أنت عن قلب حواء ، أم عن قلب آدم ؟؟ ولا أدري أي واحد تتحدث عنه ،، وتقصده بكلامك ،،؟؟
أما عن قلب حواء فأوافقك الرأي فليس لها إلا واحدا يسعه قلبها،، وأما الرجل فخلاف ذلك ،، وليس الأصل كالفرع ،،
قال : دع عنك الفلسفة ، وكلام المناطقة ، وانظر إلى الأيام الخوالي تخبرك الصدق والحق ،، ألم تسمع يوما ما بمجنون ليلى؟؟ومجنون لبنى ؟؟
فقلت : دعني من كلام المجانين ،، ألم نتفق بعد على كلام العقلاء ؟؟ حتى تستنجد بحال و منطق البلهاء والمجانين.
فقال : تمهل قليلا .. أن مجنون ليلى ،، لم يكن مجنوناً وإنما لقب بذلك لهيامه في حب ليلى العامرية
التي نشأ معها وعشقها فرفض أهلها أن يزوجوها به، فهام على وجهه ينشد الأشعار ويأنس
بالوحوش ويتغنى بحبها،، حتى مات ،،ألم تسمع قوله :
أمر على الديار ديار ليلى *** اقبل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الديار شغفن قلبي *** ولكن حب من سكن الديار
ألم تسمع بقصة مجنون ليلى مع الكلب المتشرد ..
في يوم من الأيام كان مجنون ليلى يسير مع بعض أصحابه في فلاة فرأى كلبا فعطف عليه وأحسن،، فلاموه على فعله بالكلب ، فقال :
رأى المجنون في البيداء كلبا *** فجر له من الإحسان ذيلا
فلاموه على ما كان منه *** وقالوا لما منحت الكلب نيلا
فقال دعوا الملامة فإن عيني *** قد رأته مر في حي ليلى
ولم يكن الكلب لليلى ، ولا رآه معها ، ولم يكن في بيتها ، وإنما كان في حيّها ، فكيف لو أن الكلب
كان ملكا لليلى يتقلب بين يديها وفي خيمتها ؟؟
فقلت له : انتهى كلام العقل ،، ولغة المنطق ،، ودخلنا لغة الحب ،، فالسلام.
حصري//العمدة.