بدائع الزهور
:: عضو منتسِب ::
- إنضم
- 11 جوان 2013
- المشاركات
- 88
- نقاط التفاعل
- 67
- النقاط
- 3
لا يجوز ذكر الحديث الضعيف [ إِلا ] مع بيان [ ضعفه ] !
لقد جرىٰ كثيرٌ من المؤلفين ولا سيما في العصر الحاضر على اختلاف مذاهبهم
واختصاصاتهم علىٰ رواية الحديث المنسوبة إِلىٰ النَّبي – صَلَّىٰ اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ – دون أَنْ يُنبِّهوا علىٰ الضعيفة منها ، جهلاً منهم بالسُّنة ، أَو رغبةً أَو كسلًا منهم عن الرجوع إِلىٰ كتب المتخصِّصين فيها ، وبعض هٰؤلاء - أَعني المتخصصين - يتساهلون في ذٰلك في أَحاديث فضائل الأَعمال خاصة !
قال أَبو شامة (1) :
(( وهٰذا عند المحققين من أَهل الحديث وعند علماء الأُصول والفقه خطأ ، بل ينبغي أَنْ يُبَيَّنَ أَمْرُه إِنْ عُلِم ، وإِلا دخل تحت الوعيد في قوله – صَلَّىٰ اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ – : « مَنْ حدَّثَ عنِّي بحديثٍ يُرىٰ أًنَّه كذِبٌ فهو أَحد الكاذبَيْن » ، رواه مسلم )) .
هٰذا حُكْمُ من سَكَتَ عن الأَحاديث الضعيفة في الفضائل ! فكيف إِذا كانت في الأَحكام ونحوها ؟
واعلم أَنَّ مَن يفعل ذٰلك فهو أَحدُ رجلين :
1 - إِمَّا أَنْ يعرف ضعف تلك الأَحاديث ولا يُنبِّه علىٰ ضعفها ، فهو غاشٌّ للمسلمين ، وداخلٌ حتمًا في الوعيد المذكور . قال ابن حبَّان في كتابه « الضعفاء » ( 1 / 7 - 8 ) : " في هٰذا الخبر دليلٌ علىٰ أَنَّ المُحدِّث إِذا روىٰ ما لم يَصِحَّ عن النَّبي – صَلَّىٰ اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ – مما تُقُوِّلَ عليه وهو يعلم ذٰلك يكون كأَحد الكاذبَيْن ؛ علىٰ أَنَّ ظاهر الخبر ما هو أَشدُّ قال – صَلَّىٰ اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ – : « من روىٰ عني حديثًا وهو يرىٰ أَنَّهُ كذِب . . . »
- ولم يقل : إِنَّه تَيَقَّن أَنَّهُ كذب - فكل شاكٌ فيما يروي أَنَّه صحيح أَو غير صحيح داخل في ظاهر خطاب هٰذا الخبر " .
ونقله ابن عبد الهادي في « الصارم المنكي » ( ص : 165 - 166 ) ، وأَقره .
2 - وإِمَّا أَنْ لا يعرف ضعفها فهو آثم أَيضًا لإِقدامه علىٰ نسبتها إِليه – صَلَّىٰ اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ – دون علم ؛ وقد قال – صَلَّىٰ اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ – « كفىٰ بالمرءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بكل ما سمع » (2) ، فله حظٌّ من إِثم الكاذب علىٰ رسول الله – صَلَّىٰ اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ – ؛ لأَنَّهُ قد أَشار – صَلَّىٰ اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ – أَنَّ من حّدَّثَ بكل ما سمعه - ومثله من كتبه - أَنَّهُ واقعٌ في الكذب عليه – صَلَّىٰ اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ – لا محالة ؛ فكان بسبب ذٰلك أَحد الكاذِبَين .
الأَوَّل : الَّذي افتراه ، والآخر : هٰذا الَّذي نشره !
قال ابن حبان أَيضًا ( 1 / 9 ) :
" في هٰذا الخبر زَجْرٌ للمرءِ أَنْ يُحدِّث بكل ما سمع حتَّىٰ يعلم علم اليقين صحَّته " .
وقد صرَّح النووي بأَنَّ من لا يعرف ضعف الحديث لا يحلُّ له أَنْ يهجم علىٰ الاحتجاج به من غير بحثٍ عليه بالتفتيش عنه إِنْ كان عارفًا ، أَو بسؤال أَهل العلم إِنْ لم يكن عارفًا (3) .
وراجع " التمهيد " في مقدمة " الضعيفة " ( ص : 10 - 12 ) .
*****************************
(1) في « الباعث علىٰ إِنكار البدع والحوادث » ( ص : 54 )
(2) رواه مسلم ( رقم : 5 ) في مقدمة " صحيحة " ، وهو مخرج في " الصحيحة " ( 205 ) .
(3) راجع " قواعد التحديث " .
([ تمام المنَّة في التَّعليق علىٰ فقه السُّنة / للإِمام المجدد : محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله تعالىٰ - / ص : 32 – 34 / ط : دار الراية 1419 هـ ])