العاقل هو الفَطِن المتغافِل
يُؤثر عن الشافعي -رحمه الله- أنه كان يقول: الكيّس العاقل هو الفَطِن المتغافِل.
وسُئِل الإمام أحمد -رحمه الله- عن رجل يقول: التغافل تسعة أعشار العقل؟
فقال: بل هو العقل كله.
وفي مأثور كلام العرب :
لَيسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَومِهِ لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغابي
وهذا المعنى أصيل في القرآن والسنة..
يُذكر عن يوسف -عليه السلام -موقفه من التهمة ( فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ: أَنتُمْ
شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ)[يوسف:77].
روى العوفي عن ابن عباس أنه أسرّ هذا القول، وهو (أنتم شرٌّ مكاناً).
وفي البخاري باب مَنْ لَمْ يُوَاجِهِ النَّاسَ بِالْعِتَابِ. وساق فيه حديث عَائِشَة أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِي -
صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: ( بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ )، فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِي -
صلى الله عليه وسلم - فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! حِينَ
رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم -: ( يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ
شَرِّهِ).
قد أفاد ابن حجر -رحمه الله- في الفتح أن هذا من باب المدارة لا المداهنة؛ إذ المدارة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معاً وهي مباحة وربما استُحِبّت.
والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا والنبي -صلى الله عليه وسلم- إنما بذل له من دنياه حسنَ عشرته
والرفق في مكالمته ولم يمدحه فلم يناقض قولُه فيه فعلَه؛ فقولُه حقّ وفعلُه حسن عشرة.
وفي البخاري عن أَنَسٍ - رضي الله عنه – قَالَ:"خَدَمْتُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا
قَالَ لِي أُفٍّ، وَلاَ لِمَ صَنَعْتَ وَلاَ أَلاَّ صَنَعْتَ".
إن من رداءة طبع المرء ودناءة نفسه أن تكون عينه مفتوحة إلى النهاية على الآخرين، هذا فَعَلَ، وهذا
تَرَكَ، وهذا قال، وهذا تغيّر وجهُه، وهذا زاد، وهذا نقص...
وقد يرى أن من التذاكي والفطنة أن يرقب الناس، ويدوّن حركاتهم وسكناتهم، وما يدور حولهم!.
والحقّ أن العاقل يتجاوز عن كثير مما يسمعه؛ لأنه قابل للصدق والكذب.
ويتجاوز عن كثير مما يعلمه صدقاً؛ لأنه يعرف أو يلتمس عذر صاحبه، وما حمله على الفعل.
ويعلم أن باب الخطأ والصواب يعرض له التأويل والاختلاف، وكلما اتسع عقل المرء ازداد عذرُه للناس
والخطأ الذي لا تأويل فيه هو من طبيعة البشر، قضت بذلك سنة الباري تعالى، وقرّره صريح القرآن
وصحيح السنة في مواضع يعزُّ إحصاؤها.
منقول للافادة.
العمدة.
يُؤثر عن الشافعي -رحمه الله- أنه كان يقول: الكيّس العاقل هو الفَطِن المتغافِل.
وسُئِل الإمام أحمد -رحمه الله- عن رجل يقول: التغافل تسعة أعشار العقل؟
فقال: بل هو العقل كله.
وفي مأثور كلام العرب :
لَيسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَومِهِ لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغابي
وهذا المعنى أصيل في القرآن والسنة..
يُذكر عن يوسف -عليه السلام -موقفه من التهمة ( فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ: أَنتُمْ
شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ)[يوسف:77].
روى العوفي عن ابن عباس أنه أسرّ هذا القول، وهو (أنتم شرٌّ مكاناً).
وفي البخاري باب مَنْ لَمْ يُوَاجِهِ النَّاسَ بِالْعِتَابِ. وساق فيه حديث عَائِشَة أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِي -
صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: ( بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ )، فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِي -
صلى الله عليه وسلم - فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! حِينَ
رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم -: ( يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ
شَرِّهِ).
قد أفاد ابن حجر -رحمه الله- في الفتح أن هذا من باب المدارة لا المداهنة؛ إذ المدارة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معاً وهي مباحة وربما استُحِبّت.
والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا والنبي -صلى الله عليه وسلم- إنما بذل له من دنياه حسنَ عشرته
والرفق في مكالمته ولم يمدحه فلم يناقض قولُه فيه فعلَه؛ فقولُه حقّ وفعلُه حسن عشرة.
وفي البخاري عن أَنَسٍ - رضي الله عنه – قَالَ:"خَدَمْتُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا
قَالَ لِي أُفٍّ، وَلاَ لِمَ صَنَعْتَ وَلاَ أَلاَّ صَنَعْتَ".
إن من رداءة طبع المرء ودناءة نفسه أن تكون عينه مفتوحة إلى النهاية على الآخرين، هذا فَعَلَ، وهذا
تَرَكَ، وهذا قال، وهذا تغيّر وجهُه، وهذا زاد، وهذا نقص...
وقد يرى أن من التذاكي والفطنة أن يرقب الناس، ويدوّن حركاتهم وسكناتهم، وما يدور حولهم!.
والحقّ أن العاقل يتجاوز عن كثير مما يسمعه؛ لأنه قابل للصدق والكذب.
ويتجاوز عن كثير مما يعلمه صدقاً؛ لأنه يعرف أو يلتمس عذر صاحبه، وما حمله على الفعل.
ويعلم أن باب الخطأ والصواب يعرض له التأويل والاختلاف، وكلما اتسع عقل المرء ازداد عذرُه للناس
والخطأ الذي لا تأويل فيه هو من طبيعة البشر، قضت بذلك سنة الباري تعالى، وقرّره صريح القرآن
وصحيح السنة في مواضع يعزُّ إحصاؤها.
منقول للافادة.
العمدة.
آخر تعديل: