تجنبا للإطالة سأقسم بإذن الله القصة لحلقات قصيرة وقليلة...
وصل طلب إضافة للفتاة فترددت ثم قبلت دون أن تعلم أنها ضغطة ستكلفها الكثير...
كلمها الشاب أولا: السلام عليكم أختي الكريمة..
الفتاة: وعليكم السلام أخي الكريم
الشاب: كيف الحال؟
الفتاة: الحمدلله وأنتم؟
الشاب: بخير بفضل الله
عذرا على إضافتك ولكن بلغني من صديق أنكم تحتاجون من يساعدكم في الدعوة إلى الله من خلال الصفحة الفلانية..
الفتاة: فعلا ..
الشاب: يسرني ذلك أخيتي ونسأل الله القبول والإخلاص
الفتاة: طبعا أهلا بك، وهناك أخا يتواصل مع الإخوة للتنسيق..
الشاب: حقا؟ أرجو إرسال رابط صفحته..
الفتاة ترسل الرابط ثم تقول: هاهو أخي الكريم، وفقك الله..
الشاب: جزاك الله عني كل خير أختي الفاضلة
وانتهى الحوار ومرت أيام والشاب أونلاين والفتاة أيضا ... لا كلام ولا سلام... وفي يوم سألها عن الأخ الذي ينسق معه وقال أنه لا يفهم أمورا كثيرة وطلب شرحها...وبدأ التواصل اليومي تقريبا في العمل فقط
بعد أيام.. يشكو من أن الصفحة لا تفتح عنده !!!
بعد أيام غااااااااااب أسبوعا... هنا الفتاة أحست بفرق تواجده من عدمه... افتقدت الأدب والكرم واللباقة والتقدير والاهتمام والإعجاب المطوي بين الحروف...
عاد الشاب بعد أسبوع ، لقد مات والده أووووه الفتاة تعاطفت معه وقلبها وجعها ومسكين الشاب أبوه مات اهئ اهئ، ما علينا...
واسته وعاملته بما يرضي الله رغم كل هذا...
مر أسبوع اعترف باحترامه لها وأنها فعلا أخت فاضلة وطلب الزواج منها، هو من بلد وهي من بلد، لم تقبل ولم ترفض، قالت سأستخير وأستشير وأرد عليك...فطلب منها في هذه الفترة أن يتعرفا على بعضهما بشكل أوضح ليتسنى لكل منهما اتخاذ قرار واضح وصريح...
بدأت الحكاية وبدأ التعارف عبر النت، ولأن الفتاة كانت تتقي الله فقد حددت عشرة أيام للتعارف في حضور محرم لها عند التواصل حتى لو بالكتابة فأخبرها أنه يعاني من ضعف في شرايين القلب وأخبرها بتفاصيل كثيرة عنه حي سكنه وأسرته وعدد أفرادها ... وهي كذلك..وتم الاتفاق أن تصبر قليلا حتى يضبط كل ظروفه التي المفروض حكى عنها بكل شفافية... أرسل لهم صورته، وهي أرته صورتها دون إرسال فقط على الاميل بموافقة أهلها الذين عرفوا جميعا بالأمر ووافقوا عليه، لأنهم يثقون بابنتهم ولأنها قاربت الأربعين ولم تتزوج فقالوا عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة..أضاف أخاها وكلمه وخطبها منه بحكم أن والدها متوفي رحمه الله، ووثق به هذا الأخير وشكر لها أخلاقه وحسن تربيته ...
المهم مرت العشرة أيام فقامت الفتاة بطلب قطع التواصل إرضاء لله تعالى وهو وافق على الفور، معجبا طبعا بالتزامها وورعها وقوة إيمانها ومقدرا لهذه الجوهرة الثمينة التي فاز لو ظفر بها ( يا عيني ) وطبعا وأكيد الفتاة راقها كل هذا طالما أنه لم ينبس بما يغضب الله وأوصل الغزل بطريقة سلسة مبطنة حتى المحرم لم يلقي لها بالا..
ووسط أخته بينهما، وبدأ التواصل مع أخته بالنت والهاتف أيضا ...
أضافت أخته على المسنجر ورحبت بها كثيرا وفرحت بها... وتواصلتا بالصوت... فتأكدت الفتاة أن من تكلمها فتاة وتوطدت العلاقة بينهما والفتاة تتعامل بحسن نية، وبعد مرور عشرين يوم، أخبرتها أخته أنه سافر إلى بلد قريبة نظرا لظروف البلد والبطالة فقد فقد عمله واضطر للسفر، وهذا الكلام نفس كلام الشاب قبل قطع التواصل... المهم الشاب كان يتعامل بذكاء شديد... يختفي تماما ، وأخته تشكر أخلاقه، فتعلقها به، بدأت الفتاة تتعلق بعد شهرين من التواصل مع أخته بشكل يومي..
والفتاة مطمئنة فشرع الله مطبق والأخ بعيد، لا يكلمها ولا أي شيء
فهي لن تكلمه مهما صار حتى تراه لأنه من بلد وهي من بلد آخر..
وبعد شهرين من التواصل وأخته لا تتكلم عنه نهائيا، بل تضحك وتلعب وتحكي عن أسرتها وتتذمر من زوجها، والفتاة تتحرق لمعرفة أخباره ولكنها تستحي من السؤال...
وجدت رسالة منه يعتذر فيها على الإزعاج ويخبرها أنه في أزمة مادية شديدة ويحتاج فقط الدعاء ودعمها المعنوي فهو يكافح لأجل أن يفوز بها ولكن تواجهه مشاكل وأولها أن زوج عمته الذي يعمل معه في هذا البلد لم يدفع له أجره بل وأنكر عمله معه، واستحلفها ألا تقول شيء لأخته فأهله لا يعلمون شيئا...
وقد كان ذلك، كل أسبوع أو أسبوعين ترسل له رسالة بعد أن يقرأها أحد محارمها، لتدعمه نفسيا وتؤازره معنويا...
مرت شهور وهو يبني ويهدم وينجح ويفشل وفي يوم من الأيام حكت لصديقة لها فشكت في الموضوع كله رغم أن الفتاة تؤكد صدقه... فأخذت بياناته وصورته، وأرسلتها لفتاة تعرفها في تلك البلدة...
ولما سألت عنه أخبروها أنه رجل محترم مداوم على صلاته معروف بالأمانة والشرف وهو فعلا مسافر منذ أشهر إلى البلد المجاور ...
اطمأنت الفتاتان... ومضى الأمر هكذا والفتاة تستخير الله وتدعوه أن يريها الحق حقا ويرزقها اتباعه...
وبعد مرور سنةـ وقد أكد الشاب أنه على وشك المجيء لاسيما وأنه كسب تعاطف الجميع خصوصا أنهم يحبون بلده كثيرا ويثقون تماما أن فيها الرجال وكلمتهم حرة لا تقبل الشك...
طلب أن يكلمها في الهاتف، لاسيما وأنه يجهز للمجيء للزواج والاستقرار في بلدها.. فوافقت وكلمته في حضور أخيها ...
بعد أن كلم الفتاة من الجوال، وقد كان رقما من نفس بلده الأصلي وادعى أنه لم يغيره لما سافر وكانت هذه القشة التي قصمت ظهر البعير، ولا ريب ان الفتاة تعلقت به فهي تطبق شرع الله نعم ولكنها إنسان له مشاعر وحقيقة الشاب كان يظهر في قمة الرجولة والشهامة والكفاح والطموح...
وفي اليوم التالي ، تحدثت مع صديقة لها، فقالت لها: لا تثقي وهل تشتري السمك في عرض البحر؟ وسألتها هل هي محتفظة برسالة بريد إلكتروني من طرفه...
فأجابت الفتاة بالإيجاب، فطلبت منها أن تدخل إلى بريدها وستخبرها بما تريد بعد التأكد من شيء...
وقد كان... وفي الغد أرسلت لها صديقتها رسالة تخبرها أن الشاب لم يخرج من بلدته أساسا... وطلبت رقم هاتفه وكل بياناته التي أعطاها للفتاة...
ولأن هذه الصديقة كانت خبيرة في تلاعبات الشباب وتقنيا متمكنة من أمور عديدة، فقد تمكنت بفضل الله من السؤال عنه برقم هاتفه لأنها من نفس بلده... وبمقارنة البيانات المعطاة مع معلومات صاحب الهاتف، اكتشفت أن صاحب الهاتف هو ابن عم صاحب الصورة والبيانات..وأخو زوجته.. التي للأسف الشديد شاركت في لعبة قذرة لتحدي الإيقاع بفتاة تدعي العفة، في زمن أيقن الشاب فيه أن كل الفتيات فاجرات، وعرفت من خلال مصادرها الموثوقة، أنه مريض نفسي يعاني من انفصام الشخصية ( السكيزوفيرينيا) وبذلك انكشف الغطاء بفضل رب الأرض والسماء ثم قوة الاستعصام بالله وملازمة الاستغفار والدعاء...
فقد كان ابتلاء شديدا لكنها تعلمت منه الكثير وأهم ما تعلمته: عدم شراء السمك في عرض البحر.. فالخطأ الفادح الذي تم ارتكابه من أول وهلة، هو التعامل مع شخصية وهمية إلكترونية والثقة بها، ومهما كان الدين ديدنا ومهما كان الشرع مطبقا، فلا يعلم الخفايا إلا عالم الغيب والشهادة الغفور الرحيم، بالتالي لا يدخل المرء في متاهة ولا يقبل الصبر على سمك لم يمسكه بيده ورآه رأي العين ميتا جاهزا للشواء فكم من سمكة أفلتت من يد الصياد بعد صيدها وكم من صياد وقع في فخ مصيده..
أسأل الله تعالى أن يحفظ الجميع من أمراض القلوب وأن يهدينا جميعا لما فيه رضاه سبحانه..