فيصل الملوحي
:: عضو منتسِب ::
- إنضم
- 26 جوان 2009
- المشاركات
- 69
- نقاط التفاعل
- 21
- النقاط
- 8
بسم الله الرحمن الرحيم[
/CENTER]رسالة
إلى سليل الشام
وعرين الحسينيّ وابن باديس
ولدي العزيز
منذ فترة تلقّيت رسالتك ، وكانت فرحتي عظيمة عندما غزتني هذه المشاعر العربية الإسلامية الرقيقة من جانب ، العميقة من جانب آخر ، هذه المشاعر التي تحنّ إلى أصلها ‘ إلى جذورها في الشام - وإن كنت أعتزّ بفرعك ا لباديسيّ الذي أحنّ إليه حنيناً قد يذيبني أحيانا، تعلّقت بالجزائر لأني عشت فيها سنوات - أرجو أن تعود - ، ولأنها تحمل هذه النفحة التي تحملها أنت يا ولدي ، تعشّقت الجزائر لأنّها تحمل هذه الروح العربية الإسلامية ، هذه الأصالة التي دافع عنها الأمير عبد القادر – نزيل الشام - و أعادها إلى جذورها عبد الحميد بن باديس – تغمّد الله ثراه - ، وأثمرت ثورة لم يقم لها مثيل في العالم العربي و لا في العالم الإسلامي . أنت يابنيّ نسل من بلدين كانا إلى عهد قريب درّتين في جبين العروبة والإسلام ، صدّقني – ولا تظنّ أني أبالغ أو أني أتعصّب– أنهما بلدان متميزان ، لولا المحن التي تحيط بهما من كل صوب،ورغم التشاؤم الذي يصيبنا ، فاعلم أن هذه الأصالة التي تعشش بين جنبيك ، هي الأمل في الإشراقة الجديدة ، لا تقل أبدا لست جزائرياً، لقد جمعتَ من المزايا – التي لا تراها حاليا- ، ولكنه عنفوان الشباب قد يجعلك في عجلة من أمرك فلا ترى الفضائل في نفسك ، قد تخطئ حينا ، بل قد تنحرف ، ولكن لابدّ من نصيحة ناصح توقظك من غفلتك ، فلتكن هذه الرسالة مناراً يهدي سبيلك ، ولن تجد صدر أبيك ضيّقاً، بل سيتسّع لما تحمله من هموم ، وعلامات استفهام ، بل ربما نظرت إلى أبيك وقد تجاوز الستين، وتقول في نفسك : هذا ما فعله أبي ، فماذا أرجو منه ؟ أنا في مقام الصدق ، وربما كنت أنتقد أباك في بعض من تصرفاته ، ولكن صدّقني أنه يحمل بين جوانبه ما يعمّر الدنيا ، أنت دليل واحد من أدلّة أخرى كثيرة ، انظر إلى أخوتك ولك ، انظر إلى الأصالة التي ترجوها فيهم ، اسأل أمك – قد لا تكون في ظاهرها ما نرجوه ، ولكنَّ بين جنبيها نفساً أبية تنير لك الدرب ، لا تظنّ أني أبالغ أو أنني أريد أن أفرض عليك احترام والديك لأن الدين يلزم بذلك – فقط - ، أو أن الواجب أن تردّ إليهما بعض ما قدّماه لك ، لا ، ولكن الأصالة تتنقل من جيل إلى جيل في جو من التربية الأسرية ولو شابها القصور كثيراً ، فتميل إلى الانزواء حيناً ، وتبدو في كامل أبّهتها حيناً آخر ، وتكون في حالة اعتدال أكثر الأحيان . ستزورالشام ة قريباً – عسى أن يكون قريبا– ويتكحّل عينيك برؤياها – بإذن الله وببقائنا على قيد الحياة. ولكن إذا حانت الفرصة الملائمة ، فلن تعدم رؤية الوطن ، وحمص بالذات ، وترى موطن أجدادك .
هذا أملي فيك ، في هذه اللغة العربية التي كتبت بها رسالتك ، في اللغة الفرنسية التي تتقنها – ضرورة العصر - ، في اللسانين اللذين تتقنهما ، فإذا تكلّمت العربية لم يظن أحد أنك تعرف الفرنسية والعكس صحيح ، هذا ما كنت أرجو عندما كنت أعلّم فيأرض ابن باديس ، أن تكون الأجيال القادمة خيراً من جيلنا ، وأنا على يقين أن النتائج لن تكون كاملة ، ولكني سوف ألقى بين الشباب العربي المسلم في الجزائر من يحمل مثل نفحاتك ، ولكنهم بحاجة إلى ( وذكّر ، فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) ، لا مانع لديّ أن تقرأ هذه الرسالة على الأحباب من أصدقائك الجامعيين ، أو حتى نشرها في صحيفة إ ن رأى أبوك ذلك صوابا .
وفي الختام – الذي لا مفرّ منه– أرجو لك دوام النجاح في شؤون حياتك كلها ، ومثل هذا إلى أخوتك في
الشام
وعرين الحسينيّ وابن باديس
.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
عمّك
فيصل الملوحي
[/SIZE]