الرد على الموضوع

رد: خطوات الى السعادة 3 (الإخلاص لله طريق السعادة)


*أثر الإخلاص: 

  إذا قوي الإخلاص لله وحده في الأعمال ارتفع صاحبه إلى أعالي الدرجات، يقول أبو بكر بن عياش: "ما سبقنا أبو بكر بكثير صلاة ولا صيام، ولكنه الإيمان وقر في قلبه والنصح لخلقه"

  وفي هذا يقول عبد الله بن المبارك: "رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية" وبالعمل القليل مع الإخلاص يتضاعف الثواب، يقول النبي (عليه الصلاة والسلام): « من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه ([1]) حتى تكون مثل الجبل العظيم » (متفق عليه). 

  قال ابن كثير ([2]): في قوله تعالى:{ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261] قال أي بحسب إخلاصه في عمله. 

  وإذا قوي الإخلاص وعظمت النية وأخفي العمل الصالح مما يشرع فيه الإخفاء، قَرُب العبد من ربه، وأظله تحت ظل عرشه، يقول النبي (عليه الصلاة والسلام): « سبعة يظلهم الله في ظله... وذكر منهم: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ». (متفق عليه). 

  * بركة العمل في الإخلاص وإن قل العمل: 

  إذا أخلص العبد النية وعمل عملاً صالحاً ولو يسيراً فإن الله يتقبله ويضاعفه. 

  يقول النبي (عليه الصلاة والسلام): « لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين» (رواه مسلم). 

  وفي رواية: « مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأدخل الجنة». 

  فبإخلاصه مع يسر العمل أدخله الله الجنة برحمته. 

  وتأمل في المرأة البَغيَّ التي عملت أعمالاً قبيحة، ثم عملت عملاً يسيراً في أعين البشر، وهو سقاية كلب، وليس إنساناً، فغفر الله لها بذلك العمل اليسير مع سوء عملها من البغي، يقول النبي (عليه الصلاة والسلام): « بينما كلب يطيف([3]) بركية([4]) قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها ([5]) فاستقت له به فسقته، فغفر الله لها به » (متفق عليه). 

  * بالنية الصادقة تنال ثواب العمل وإن لم تعمل: 

  الكرم من صفات رب العالمين، والعبد إذا أحسن القصد ولم تتهيأ له أسباب عمل الصالحات، فإنه يؤجر على ذلك الفعل وإن لم يعمله كرماً من الله وفضلاً، يقول جابر بن عبد الله (رضي الله عنه): كنا مع النبي (صلى الله عليه و سلم)في غزاة فقال: « إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حسبهم المرض » وفي رواية: « إلا شركوكم في الأجر » رواه مسلم. ورواه البخاري عن أنس قال: رجعنا من غزوة تبوك مع النبي (صلى الله عليه و سلم)فقال: « إن أقواماً خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعباً ولا وادياً إلا وهم معنا حبسهم العذر »

  ويقول النبي عليه الصلاة والسلام عن الرجل الذي لا مال عنده وينوي الصدقة ويقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان، قال عنه النبي (عليه الصلاة والسلام): « فهو بنيته فأجرهما سواء ». (رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح). 

  وفي صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه و سلم)فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال: « إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة »

  فالمسلم يجعل نيته في كل خير قائمة، يقول عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): "أفضل الأعمال صدق النية فيما عند الله". ومن سره أن يكمل له عمله فليحسن نيته، فإن الله يأجر العبد إذا حسنت نيته حتى باللقمة. يقول النبي (عليه الصلاة والسلام): « ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجر عليها حتى اللقمة تضعها في فيّ امرأتك» (متفق عليه). 

  يقول زبيد اليامي: "انو في كل شيء تريد الخير حتى خروجك إلى الكناسة". ويقول داود الطائي: "رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية". وكان السلف الصالح يحثون على حسن النية في كل أمر صالح، يقول يحيى بن كثير: "تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل". 

  * ثمرات الإخلاص: 

  العمل الصالح لا يقبل إلا بالإخلاص، وبدون إخلاص يرد العمل ولو كثر، والإخلاص مانع بإذن الله من تسلط الشيطان على العبد قال سبحانه عن إبليس:{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ص: 82-83]. 

  والمخلص محفوظ بحفظ الله من العصيان والمكاره، قال سبحانه عن يوسف عليه السلام: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}[يوسف: 24] وبالإخلاص رفعة الدرجات وطرق أبواب الخيرات، يقول النبي (عليه الصلاة والسلام): « إنك لن تختلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله ازددت به درجة ورفعة» (متفق عليه).

  في الإخلاص طمأنينة القلب وشعور بالسعادة وراحة من ذل الخلق. 

  يقول الفضيل بن عياض: "من عرف الناس استراح" إذا عرف أنهم لا ينفعونه ولا يضرونه استراح من الناس. 

  

    ([1]) الفلو: المهر: وهو ولد الفرس.

  

    ([2]) تفسير ابن كثير 1/317.

  

    ([3]) يطيف: يدور.

  

    ([4]) الركية: البئر.

  

    ([5]) الموق: الخف.


العودة
Top