- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 25,381
- نقاط التفاعل
- 29,435
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
قصص من قرع أبواب السماء
ذكر أحدُ العارفينَ عن ابن القيم رحمةُ الله عليه أنه رأى في بعضِ السكك باباً قد فُتح ، و خرجَ منه صبيٌّ يستغيثُ و يبكي ، و أمُّه خلفَه تطردُه حتى خرجَ فأغلقتِ البابَ في وجههِ و دخلتْ ، و ذهبَ الصبيُّ غيرَ بعيد، ثم وقفَ مفكِّراً ، فلم يجدْ مأوىً غير البيت الذي أُخرج منه ، و لا مَنْ يأوي إليه إلا والدته .. رجعَ مكسورَ القلبِ حزيناً ، فوجدَ البابَ مرتدّاً مغلقاً ، فتوسَّد و وضعَ خدَّه على عتبة الباب فنام ، حتى خرجتْ أمه ، فلما رأته على تلك الحال لم تمتلك إلا أنْ رمتْ بنفسِها و التزمتْه و أخذتْ تُقبِّله و تقول : يا ولدي ، أين تذهب عني ؟ مَنْ يؤويك سواي ؟ ألم أقل لك لا تخالفني ؟ ثم ضمَّته إلى صدرها و أدخلتْه إلى بيتهاتأمَّلوا في هذه الأم و في قول النبي صلى الله عليه و سلم
وقفْنا ببابكَ يا ذا الملك * و قفْنا ببابك و الملكُ لك
و جئناك نطوي قفارَ السُّهاد * و ما خابَ ياربّ مَنْ أمَّلك
إنَّ الله جلَّ و علا العفوُ أحبُّ إليه منَ الانتقام ، و الرحمةُ أحبُّ إليه منَ العقوبة ، سبقتْ رحمتُه غضبَه ، و حلمُه عقوبتَه .. الفضلُ أحبُّ إليه منَ العدل ، و العطاءُ أحبُّ إليه منَ المنع
إذاً بادرْ أخي بقرعِ الباب .. و أنت الذليلُ الحقيرُ .. و اضرع إلى العليِّ الكبير ..تضرُّع الأسير بقلبٍ كسير ، و قل :
يا إلهَ العالمين .. يا أكرمَ الأكرمين .. عبدُك أسيرُ الخطايا .. صاحبُ الهفوات و الرزايا .. واقفٌ بابك .. يقرعُ أبوابَ رحمتِك .. الخيرُ دأبك ، و الحكمُ حكمُك ، و أنتَ أرحمُ الراحمين
هذه ناصيتي الكاذبة .. ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك .. لا ملجأ و لا مَنْجَى منك إلا إليك
أسألك مسألةَ المسكين ، و أبتهلُ إليك ابتهالَ الخاضع الذليل ، و أسألك سؤالَ الخائف الضرير
سؤالَ مَنْ خضعتْ لك رقبتُه ، و رَغِمَ لك أنفُه، و فاضتْ لك عيناه
ربَّنا لا نهلكُ و أنت رجاؤنا .. ربَّنا لانضيعُ و أنت أملنا .. ربَّنا لا نذلُّ و أنت ملاذنا
يا ذا النِّعَم التي لا تحصى .. و يا ذا المعروف الذي لا ينقضي .. ندعوك في كل لحظاتنا ، و في كل أوقاتنا .. فاستجب يا ربنا دعاءنا
ذكرُ صاحبُ كتاب الفرج بعد الشدة و الضيقة في الجزء الخامس قصةً أذكرُها بتصرُّف
عن رجلٍ منْ أهل هذه البلد ، جلس في السجن خمسةَ عشرَ عاما خلفَ القضبان ، و في ليلةٍ من الليالي بعد أنْ أرخى الليلُ سدولَه وجد نفسه في زنزانةِ السجن .. اتُّهم بالقتل ، و حُكم عليه بالقصاص .. كيف كان ذلك ؟
قال :
ما إنْ وصل من دورة عسكرية ، و كانت الفرحةُ ترفرفُ بقلبه و مشاعره ، و كان يحدث نفسه عن ليلة الأنس و وقت اللقاء بالأطفال و الأقارب و الأحباب
و بعد وصوله بثلاث ساعات و الابتسامة تعلو شفاه الأسرة ، و يداعب الأطفال .. فجأة و بدون مقدمات جاء من يطرق الباب بشدة ، فخرجت ، فإذا برجال الأمن يسألون عني بالاسم كاملا ، فطلبوا مني مرافقتهم للشرطة ، و كنتُ لحظتَها مطمئناً
قال : كانت المفاجأة المدوية ، و التي هزَّت كياني ، و أفقدتني القدرةَ على التعبير ، حيث وجه الضابط المناوب تهمة القتل العمد لي ، قال أنت قتلت المواطن فلان بن فلان
و أنت مطلوب للعدالة
يقول : اسودَّت الدنيا بعيني ، و فقدتُ اتزاني و لم أصدق ما أسمع ، حاولت إقناع نفسي أن التهمة قد تكون لغيري و أن الاسم مشابه ، أو أن هناك سوء فهم أو أي خطأ .. لكنَّ المفاجأة زادت اتساعا بعد التحقيق معي بشكل جاد ، و أدخلت الزنزانة و ازدادت المصيبة بعد أن أوضح لي المحققون أن إنكاري لا يقدم و لا يؤخر لأنَّ الشهود موجودون و يؤكدون صدق التهمة ، و أنني القاتل الحقيقي
يقول : واصلتُ بالدفاع عن نفسي ، و محاولات تبرئةِ نفسي ؛ حتى تمت إحالتي للقضاء ، و لقد ظهرَ لي أشخاصٌ لا أعرفُهم شهدوا أنني القاتل ، و الأدهى منْ ذلك أنني - و ربي - لا أعرفُ القتيلَ و لا أعرفُ الشهودَ
و جلستُ في السجن خمسةَ عشرَ عاماً لأنَّ أبناءَ القتيل قُصَّر ، فبعدَ مرور هذه السنوات لم يعفُ الأبناءُ و لا الوكيلُ الشرعيُّ ، بل طالبوا بالقصاص ، و بعد خمسةَ عشرَ عاماً منَ الهمِّ و الغمِّ و الآلام و المعاناة جاءتِ المفاجأةُ الكبرى ، ففي صباح يوم الجمعة طلبَ مني رجالُ الأمن الاستعدادَ لكتابة الوصية ، و أبلغوني أنَّ هذا آخر يوم في حياتي ، و أنَّ وقتَ التنفيذ للقصاص عليَّ حان وقته ، و لقَّنوني الشهادة ، و كتبوا صكَّ الوصية
بعد ذلك اقتادوني إلى ساحة القصاص ، و كانتِ الجموعُ كبيرة كبيرة ، و رجالُ الأمن قد عملوا سياجاً كبيراً حول الساحة ، و كان ذكرُ الله لا ينقطعُ عن لساني ، و تمَّ تثبيتي بالعمود ، و إغلاق عيني ، و بدأ المسؤولُ في تلاوة البيان
يقول : و في هذه اللحظاتِ ذكرتُ الله و دعوتُه ، و قلتُ : ربي .. ربي إنني مظلومٌ ، و أنتَ وعدتَ ، و أنت الصادقُ في وعدِك ، و أنتَ تسمعُ دعوةَ المظلوم ، و أنا مظلومٌ و أنتَ علَّامُ الغيوب ، فوَّضت أمري لك ، لا إله إلا أنت لا شريك لك
قال : و الله لم أكملْ دعائي أثناءَ تلاوة البيان حتى سمعتُ أصواتاً عاليةً ، و صراخاً مرتفعاً ، و سمعتُ صوتَ رجلٍ يقول : لا تقتلوه ، أنا القاتل .. لا تقتلوه ، أنا القاتل
سبحانَ مَنْ يسمعُ نداءَ المظلومين .. سبحانَ مَنْ يسمعُ أنات المضطهدين
يقول : و تبعَ ذلك أصوات كثير ة ، لم أعد أسمعُ ما حولي ، و توقَّف البيانُ عن التكملة ، و سمعتُ أحدَ رجال الأمن يقول : هؤلاء الشهود يعترفون أنهم القتلة ، و سمعتُ آخرين يطالبون بسرعة تنفيذ القصاص
و استمرَّ الجدلُ طويلاً ، فبقيتُ في مكاني ، مكتوفَ الأيدي ، مربوطَ القدمين ، و العيونُ مغطاةٌ
ثم يقول : اتَّضحَ الحقُّ ، و زهقَ الباطلُ ، و أنطقَ الله الشهودَ في آخر لحظةٍ
يقول : فجاءَ الأمرُ في إيقاف القصاص بي ، و خرجتُ إلى الدنيا مرةً أخرى كمولودٍ جديدٍ
لا إله إلا الله
و لرُبَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتى ذرعاً * و عند الله منها المخرجُ
ضاقتْ فلما استحكمتْ حلقاتُها * فُرِجَتْ و كنتُ أظنُّها لا تُفرجُ
لا إله إلا الله
هو ناصرُ الضعيف ، و مفزعُ كلِّ ملهوف
لا إله إلا الله
مَنْ تكلمَ سمعَ نطقَه ، و مَنْ سكتَ علمَ سِرَّه ، و مَنْ عاشَ فعليه رزقُه ، و مَنْ ماتَ فإليه منقلبُه
لا إله إلا الله
مَنْ دعاه أجابَه ، إذا أراد شيئاً قال له : كنْ فيكون
ما بين طرفةِ عينٍ و انتباهتِها * يغيِّر الله منْ حالٍ إلى حالِ
جاءتِ امرأةٌ إلى بقيّ الأندلسي فقالتْ له : إنَّ ابني قد أسرتْه الإفرنجُ ، و إني لا أنامُ الليلَ منْ شوقي إليه ، فليسَ لي ليلٌ و لا نهار ، و لا صبرٌ و لا قرار
فقال : انصرفي حتى ننظر في ذلك إنْ شاء الله ، و أطرق الشيخ و حرك شفتيه يدعو الله لولدها بالخلاص
فذهبت ، فما كان غير أيام حتى جاءتْ و ابنها معها ، فقال - اسمع خبرَه يرحمُك الله -فقالَ : كيفَ كانَ أمرُك ؟
قال : إنني كنتُ فيمَنْ يخدمُ الملكَ ، و نحنُ في القيود ، و بينما أنا ذاتَ يومٍ أمشي إذ سقطَ القيدُ منْ رجلي ، فأقبلَ عليَّ الموكَّل بي فشتمَني ، فقال : أفككتَ القيدَ ، قلتُ : لا ، قال : مَنْ فكَّ القيدَ منْ رجليك ، فقلتُ : و الله لا أدري ، و لكنْ سقط و لم أشعر
فجاؤوا بالحداد ، فأعادوه مرةً أخرى ، و سمَّر مسمارَه ، و قيَّد رجلَه ، ثم يقول : قمت ،
فسقطَ مرةً أخرى ذلك القيد ، قال : فسألوني ، قالوا : هل لك والدة ؟ قلتُ : نعم
قالوا : اتركوه و أطلقوه فإنَّ خلفَ هذا دعوةٌ مستجابةٌ .. إنَّ خلفَ هذا دعوةٌ مستجابةٌ
فيقول : و أطلقوني
فسأله الشيخ عن الساعة التي سقط القيدُ منْ رجليه ؛ فإذا هي نفس الساعة التي دعا له فيها الشيخ
و إني لأدعو الله و الأمر ضيق علي فما ينفك أن يتفرجا
فرب فتى ضاقت أصاب له في دعوة الله مخرجا
لا إله إلا الله
( و إذا سألك عبادي عني فإني قريبٌ أجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعانِ )
لا إله إلا الله
قريبٌ .. يسمع و يجيب ، و يعطي البعيد و القريب ، و يرزق العدوَّ و الحبيب
لا إله إلا الله
قريبٌ .. يغيثُ اللهفان ، و يشبعُ الجوعان ، و يسقي الظمآن ، و يتابعُ الإحسن
لا إله إلا الله
قريب .. عطاؤه ممنوح ، و خيرُه يغدو و يروح ، و بابُه مفتوح ، حليمٌ كريمٌ صفوح
لا إله إلا الله
قريبٌ .. يدعوه الغريقُ في البحار ، و الضالُّ في القفار ، و المحبوسُ خلفَ الأسوار ، كما دعاه عبدُه في الغار
لا إله إلا الله
قريبٌ .. فرجُه في لمحة البصر ، و غوثُه في لفتة النظر ، المغلوبُ إذا دعاه انتصر ، اطلعَ فستر ، و علمَ فغفر ، و عُبدَ فشكر
لا إله إلا الله
قريبٌ .. جوادٌ مجيد ، لا ضِدَّ له و لا ندَّ و لا نديد ، أقربُ للعبد و ربي منْ حبل الوريد ، على كلِّ نفس قائمٌ و شهيد ، محمودٌ ممدوحٌ حميد
لا إله إلا الله
قريبٌ .. دعا المذنبين للمتاب ، و فتحَ للمستغفرين الباب ، و رفعَ عن أهل الحاجات الحجاب ، فهلَّا قرعتمُ الباب ، و ناديتمُ العزيز الوهاب ، كما دعاه عبده يونس فجاءه الجواب
( فنادى في الظلمات أنه لا إله إلا أنتَ سبحانك إني كنتُ منَ الظالمين )
فماذا كانتِ الإجابة ؟ -اسمعوا الإجابة -قال الله
استجابَ الله له بعد أنْ سمعتِ الملائكةُ صوتَه فقالتْ : صوتٌ معروفٌ ، منْ عبدٍ معروفٍ
ناداه في ظلماتٍ ثلاث : في ظلمة الليل ، و في ظلمة البحر ، و في ظلمة الحوت
فسبحان مَنْ سمعَه منْ قعر البحار ، و هو على عرشه واحدٌ قهار
و نادي إذا سجدتَ اعترافا * كما ناداه ذو النون بن متى
و أكثرْ ذكرَه في الأرض دأبا * لتُذكر في السماء إذا ذكرتا
لا إله إلا الله
( يسأله مَنْ في السموات و الأرض كلَّ يومٍ هو في شأن )
أين أنتم يا أهلَ الحاجات ؟ أين المرضى ؟ أين المديونون ؟ أين المستضعَفون ؟ لماذا طرقتم الأبوابَ كلها و نسي الكثيرُ منكم بابَ الله ؟
لا تسألنَّ بني آدم حاجة * و سلِ الذي أبوابُه لا تُحجبُ
الله يغضبُ إنْ تركت سؤاله * و بني آدم حين يُسأل يغضبُ
جاءَ في روايةٍ أنَّ سعيدَ بنَ عنبسةَ قال : بينما رجلٌ جالسٌ يعبثُ في الحصى و يحذفُ به ، قال : إذ رجعت حصاةٌ فدخلتْ في أذنه فبقيتْ مدةً منَ الزمن ، و هي تؤلمه ، و بينما هو ذات يوم جالسٌ إذ سمعَ رجلاً يقرأ
فقال ذلك الرجل : يا رب يا رب أنت المجيب و أنا المضطر فاكشف ما بي من ضر
أنت المجيب و أنا المضطر فاكشف مابي من ضر
فنزلتِ الحصاةُ منْ أذنه ، نزلت الحصاةُ في الحال ، و صدقَ رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم قال في حديث ابن عمر