الحمد لله الذي فضّل هذه الأمة على غيرها { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ، وميّز حال أفراد هذه الأمة عن غيرهم { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} والصلاة والسلام على من بعثه الله { َدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} . وبعد :
فإن موضوع الدعوة إلى الله من أجلّّ القربات، وأوجب الواجبات
أخلصي بدعوتكي وجه الله العلي القدير ، ولا تنتظري المدح ، ولا ترقبي الجزاء إلاّ منه تعالى ، علّقي كل ما تقوليه وتفعليه لصالح السبيل الذي تدعي له , إتباعاً لسنة محمد صلى الله عليه وسلم ، واعلمي أن ما تجديه من ثمرات ناتجة عن دعوتكي فإنما هي فضل من الله يؤتيه من يشاء وأن ما يواجهكي في طريق الدعوة من مكاره وعوائق إنما هي ابتلاء لثباتكي واختبار لموقفكي فاصبر ولا تهن ، واثبتي ولا ترضخي للشيطان وأعوانه .
كوني واضحة جلية في دعوتكي ، وابتعدي عن الألغاز والمبهمات ، صّور موضوع دعوتكي للناس كأنهم يرون مشهداً تعبيرياً ، أنري للناس طرقهم المظلمات ، وأعلمي أنك من مصابيح الدجى ، ومعلمي الهدى , لا تتبعي سبل التشويق الكاذب ، والتصوير الخادع ، والنقل الزائف ، أحذري من تلبيس الناس وجعلهم في حيرة ، إذا أوردتي لهم الأقوال فأنقلي لهم الراجح بأدلته ، وإذا عرضتي لهم النصائح فأخبرهم بالأهداف من إتباعها ، وإذا شرحتي لهم المسائل فاختمي الشرح بالفوائد والأحكام .
دعي لسانكي دائماً لاهجاً بالدعاء ، متمثلا بذكر الله تعالى ، فالدعاء من أهم وسائل النصر والثبات ، واستعني بالله تعالى ولا تعجزي ، وأطلبي الثبات على الحق ، وأن يجعلكي من الهاديين المهديين ، الناصحين المرشدين ، الداعين إلى الخير .
عزّزي الهمة العالية بين جوانح قلبكي ، واسقي ثمارها يوماً بعد يوم ، وأجعلي نظرتك سامية ، وخطوتكي واثقة , ولا تتأثر بأهل السفه والطيش ، ولا تراقبي أهل الزيغ والانحراف إلا إذا كنتي تنوي إيضاح الحق لهم أو نصحهم وإرشادهم ، وأعلمي أن اليأس والقنوط واستعمال النتائج والغضب علامات للهمة الضعيفة ، وأمارات للفشل السريع .
اتضرع لله بكمال اسمائه وصفاته العلى ان يبارك في جهودكم وان يسدد خطاكم
وان ينفع بكم الامة عاجلا غير اجلا,