ابن باديس التاريخ ، اللغة ، الدين .
استرجعت الجزائر، والعالم الإسلامي ، ذكرى واحد من المجددين ، في هدا القرن ، واحد من أولئك اللذين أدنوا في الناس بفجر جديد ، انه الإمام القائد الرسالي المجاهد عبد الحميد بن باديس رائد النهضة الإصلاحية في الجزائر والشمال الإفريقي، و أمثال إمام الجزائر لا يمكن استقصاء كل أعماله فكيف بتسجيلها في صحائف ؟ انه لأمر غريب في امتنا آن يترك ظهور أمثال هدا المصلح العظيم، للموافقات و المفاجآت ، ولا تؤسس مدارس تحظى بالعناية لتخريج هده القيادات التي تجتمع فيها خصائص تمكنها من توجيه الاختصاصات وتجنيد الطاقات.
إن الشيخ عبد الحميد قد أدرك واقع أمته المؤلم، و حلل أسبابه ورسم المنهج للخروج بها من الهاوية، وفي عمله الإصلاحي يكشف عن أبعاد خطته الثلاثية الدين، و اللغة ، و التاريخ.
الدين
أراد أن يعيد إليه سلطانه على النفوس ، وعلى الحياة ، ليتجاوز الأشكال الوراثية التي يتلقاها الفرد،و يتقبلها دون أن يكون له رأي، و من ثم تحدث عن الإسلام الذاتي و الإسلام الوراثي . فالإسلام الذاتي عند ابن باديس هو تلك الثورة على الجمود الفكري وعلى الركود في الفعالية الاجتماعية و على المغالطة في تصور عالم الغيب و الخطأ في تصور رسالة الإنسان على الأرض .في تصور ابن باديس إن الله تعالى سيحاسب المسلم على التفريط في العبادة و على التفريط في مستلزمات التمكين و الاستخلاف ،دلك التفريط الذي مكن أعداء الإسلام من غلبة المسلمين و استعمارهم.
اللغة
هي التي تسجل ذاكرة الأمة عبر الماضي ، وتمثل جسور الاتصال في الحاضر، و التشوف نحو المستقبل، إن ابن باديس قد أدرك أبعاد خطة الاستعمار،ومخا طرها على شخصية الشعب الجزائري،إذ تعمل على إقصاء اللغة العربية و منابع الثقافة الإسلامية، من ميادين الحياة، فأصبحت مهمتهما مقصورة على تخريج معلمي الكتاتيب و كتاب التمائم و القراء على الجنائز ،فغدا حملة كتاب الله و الثقافة الإسلامية يمثلون الفئة المحرومة ،لا تلك النخبة القيادية في الأمة.فعمد إلى إحياء اللغة العربية عند أبناء الشعب الجزائري ، ليجعل منهم فرسانليحبطوا الهجوم الاستعماري الثقافي. وعلى هدا فمشروع ابن باديس الإحيائي، كان يرمي لتصبح اللغة العربية أداة للتبليغ والتفكير والبحث العلمي و التواصل بين الشعوب الإسلامية .
التاريخ
إن اهتمامه بالتاريخ كان واجبا لإعادة الذاكرة التي كاد يبليها العنف الاستعماري و الغياب الحضاري، و لإدحاض دعوى الاستعمار بأن الشعب الجزائري كان أشخاصا بشرية تواجدت على ارض بور تسودها الفوضى و الخراب لا يدري من أين أتى، و لا أين هو، و لا إلى أين المصير؟ فالتاريخ قد وظفه للتحصين و التمكين وليؤكد أن أرض الجزائر عامرة بشعب سليل الأحرار من أما زيغ و عرب تمازجت أعراقهم و انصهرت أرواحهم في بوتقة الإسلام ليولد شعب كريم ينتمي إلى خير امة أحرجت للناس، أمة الوسطية و الشهادة .