شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

حكاية قمر

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
2 أوت 2013
المشاركات
9,137
نقاط التفاعل
19,939
النقاط
351
محل الإقامة
فلسطين
الجنس
أنثى

images

j+I2o8Qv5VEKwAAAABJRU5ErkJggg==


xvf+pkC1RjHJAAAAABJRU5ErkJggg==

ومرحبا بكم معنا في رحاب الشعر والشعراء

ضيفنا اليوم شاعر اتسم بالحكمة والرزانة غزير الإنتاج
جاءنا زائرا من العصر الذهبي
نترككم واياه لتستمتعوا بعذب اشعاره ولتكونوا على معرفة به
...


 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

Almutanabbi1.jpg

1)التعريف به


هوأبو الطيب المتنبي هو أحمدُ بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد، ولد سنة 303 هـ ،نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لا لانتماء لهم. عاش أفضل ايام حياته واكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان أحد أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية. فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. وهو شاعرحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. وتدور معظم قصائده حول مدح الملوك. ويقولون عنه بانه شاعر اناني ويظهر ذلك في اشعاره. قال الشعر صبياً. فنظم أول اشعاره وعمره 9 سنوات. اشتهر بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية باكراً.
صاحب كبرياء وشجاع وطموح ومحب للمغامرات. وكان في شعره يعتز بعروبته، وتشاؤم وافتخار بنفسه، أفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك، إذ جاء بصياغة قوية محكمة. إنه شاعر مبدع عملاق غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي، فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وجد الطريق أمامه أثناء تنقله مهيئاً لموهبته الشعرية الفائقة لدى الأمراء والحكام، إذ تدور معظم قصائده حول مدحهم. لكن شعره لا يقوم على التكلف والصنعة، لتفجر أحاسيسه وامتلاكه ناصية اللغة والبيان، مما أضفى عليه لوناً من الجمال والعذوبة. ترك تراثاً عظيماً من الشعر القوي الواضح، يضم 326 قصيدة، تمثل عنواناً لسيرة حياته، صور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري أوضح تصوير، ويستدل منها كيف جرت الحكمة على لسانه


 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•


2)كيف كان شعره

شعر المتنبي كان صورة صادقة لعصره، وحياته، فهو يحدثك عما كان في عصره من ثورات، واضطرابات، ويدلك على ما كان به من مذاهب، وآراء، ونضج العلم والفلسفة. كما يمثل شعره حياته المضطربة: فذكر فيه طموحه وعلمه، وعقله وشجاعته، وسخطه ورضاه، وحرصه على المال، كما تجلت القوة في معانيه، وأخيلته، وألفاظه، وعباراته.وقد تميز خياله بالقوة والخصابة فكانت ألفاظه جزلة، وعباراته رصينة، تلائم قوة روحه، وقوة معانيه، وخصب أخيلته، وهو ينطلق في عباراته انطلاقاً ولا يعنى فيها كثيراً بالمحسنات والصناعة.

 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

3)أغراضه الشعرية
المدح
اشتهر بالمد
يح، وأشهر من مدحهم سيف الدولة الحمداني وكافور الإخشيدي، ومدائحه في سيف الدولة وفي حلب تبلغ ثلث شعره او اكثر ، وقد استكبر عن مدح كثير من الولاة والقواد حتى في حداثته. ومن قصائده في مدح سيف الدولة:



وقفت وما في الموت شكٌّ لواقف *** كأنك في جفن الرَّدى وهو نائم
تمـر بك الأبطال كَلْمَى هزيمـةً *** ووجهك وضاحٌ ، وثغرُكَ باسم
تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى *** إلى قول قومٍ أنت بالغيب عالم

الوصف
أجاد المتنبي وصف المعارك والحروب البارزة التي دارت في عصره وخاصة في حضرة وبلاط سيف الدولة ، فكان شعره يعتبر سجلاً تاريخياً. كما أنه وصف الطبيعة، وأخلاق الناس، ونوازعهم النفسية، كما صور نفسه وطموحه. وقد قال يصف شِعب بوَّان، وهو منتزه بالقرب من شيراز :



لها ثمر تشـير إليك منـه *** بأَشربـةٍ وقفن بـلا أوان
وأمواهٌ يصِلُّ بها حصاهـا *** صليل الحَلى في أيدي الغواني
إذا غنى الحمام الوُرْقُ فيها *** أجابتـه أغـانيُّ القيـان

الفخر
لم ينسى المتنبي نفسه حين يمدح أو يهجو أو يرثى، ولهذا نرى روح الفخر شائعةً في شعره.



وإني لمـن قـوم كـأَن نفـوسهـم *** بهـا أنَـفٌ أن تـسكـن اللحـم والعظمـا

الهجاء
لم يكثر الشاعر من الهجاء. وكان في هجائه يأتي بحكم يجعلها قواعد عامة، تخضع لمبدأ أو خلق، وكثيراً ما يلجأ إلى التهكم، أو استعمال ألقاب تحمل في موسيقاها معناها، وتشيع حولها جو السخرية بمجرد الفظ بها، كما أن السخط يدفعه إلى الهجاء اللاذع في بعض الأحيان. وقال يهجو طائفة من الشعراء الذين كانوا ينفسون عليه مكانته:



أفي كل يوم تحت ضِبني شُوَيْعرٌ *** ضعيف يقاويني ، قصير يطاول
لساني بنطقي صامت عنه عادل *** وقلبي بصمتي ضاحكُ منه هازل
وأَتْعَبُ مَن ناداك من لا تُجيبه *** وأَغيظُ مَن عاداك مَن لا تُشاكل
وما التِّيهُ طِبِّى فيهم ، غير أنني *** بغيـضٌ إِلىَّ الجاهـل المتعاقِـل

الرثاء
للشاعر رثاء غلب فيه على عاطفته، وانبعثت بعض النظرات الفلسفية فيها. وقال يرثى جدته:



أحِنُ إلى الكأس التي شربت بها *** وأهوى لمثواها التراب وما ضمَّا
بكيتُ عليها خِيفة في حياتهـا *** وذاق كلانا ثُكْلَ صاحبه قِدما
أتاها كتابي بعد يأس وتَرْحَـة *** فماتت سروراً بي ، ومِتُ بها غمَّا
حرامٌ على قلبي السرور ، فإنني *** أَعُدُّ الذي ماتت به بعدها سُمَّا

الحكمة
اشتهر المتنبي بالحكمة وذهب كثير من أقواله مجرى الأمثال لأنه يتصل بالنفس الإنسانية، ويردد نوازعها وآلامها. ومن حكمه ونظراته في الحياة:



ومراد النفوس أصغر من أن *** نتعادى فيـه وأن نتـفانى
غير أن الفتى يُلاقي المنايـا *** كالحات ، ويلاقي الهـوانا
ولـو أن الحياة تبقـى لحيٍّ *** لعددنا أضلـنا الشجـعانا
وإذا لم يكن من الموت بُـدٌّ *** فمن العجز أن تكون جبانا

 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

عدد قصائده:281
عدد الأبيات : 5351

بعض عناوين اشعاره

طوال قنا تطاعنها قصار
ليالي بعد الظاعنين شكول
ما اجدر الأيام والليالي
عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم
إلام طماعية العاذل
الرأي قبل شجاعة الشجعان
أوه بديل من قولتي واها
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع
في الخد ان عزم الخليط رحيلا
إثلث فإنا ايها الطلل
مغاني الشعب طيبا في المغاني
أود من الأيام مالا توده
أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل
أمن ازديارك في الدجى الرقباء
كفى بك داء ان ترى الموت شافيا
أغالب فيك الشوق والشوق اغلب المتنبي
أزائر يا خيال ام عائد المتنبي
باد هواك صبرت ام لم تصبرا
تذكرت ما بين العذيب وبارق
بقائي شاء ليس هم ارتحالا



 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

أروع قصيدة و أكثرها شهرة للشاعر الكبير المتنبي



واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِم ***** وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ


مالي أُكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي ******وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ



إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ****** فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ



قَد زُرتُهُ وَسُيوفُ الهِندِ مُغمَدَتٌ ******وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ



فَكانَ أَحسَنَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ****** وَكانَ أَحسَنَ مافي الأَحسَنِ الشِيَمُ



فَوتُ العَدُوِّ الَّذي يَمَّمتَهُ ظَفَرٌ****** في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ



قَد نابَ عَنكَ شَديدُ الخَوفِ وَاِصطَنَعَت ******لَكَ المَهابَةُ مالا تَصنَعُ البُهَمُ



أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها ******أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ



أَكُلَّما رُمتَ جَيشاً فَاِنثَنى هَرَباً ****** تَصَرَّفَت بِكَ في آثارِهِ الهِمَمُ



عَلَيكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ ******وَما عَلَيكَ بِهِم عارٌ إِذا اِنهَزَموا



أَما تَرى ظَفَراً حُلواً سِوى ظَفَرٍ******تَصافَحَت فيهِ بيضُ الهِندِ وَاللِمَمُ



يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي ******فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ



أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةً ******أَن تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ



وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ****** إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ



أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي ******وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ



أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها ******وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ



وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي ******حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ



إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً ******فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ
 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

قصيدة وصف الحمى

مَلومُكُمـا يَجِـلُّ عَـنِ الـمَـلامِ " " وَوَقـعُ فَعالِـهِ فَـوقَ الـكَـلامِ
ذَرانـي وَالفَـلاةَ بِـلا دَلـيـلٍ " " وَوَجهـي وَالهَجيـرَ بِـلا لِثـامِ
فَإِنّـي أَستَريـحُ بِــذا وَهَــذا " " وَأَتعَـبُ بِالإِنـاخَـةِ وَالمُـقـامِ
عُيونُ رَواحِلي إِن حُرتُ عَينـي " " وَكُـلُّ بُغـامِ رازِحَـةٍ بُغـامـي
فَقَـد أَرِدُ المِيـاهَ بِغَيـرِ هــادٍ " " سِوى عَدِّي لَهـا بَـرقَ الغَمـامِ
يُـذِمُّ لِمُهجَتـي رَبّـي وَسَيفـي " " إِذا اِحتاجَ الوَحيـدُ إِلـى الذِمـامِ
وَلا أُمسي لِأَهـلِ البُخـلِ ضَيفًـا " " وَلَيسَ قِرىً سِـوى مُـخِّ النِعـامِ
فَلَمّـا صـارَ وُدُّ النـاسِ خِـبًّـا " " جَزَيـتُ عَلـى اِبتِسـامٍ بِاِبتِسـامِ
وَصِرتُ أَشُـكُّ فيمَـن أَصطَفيـهِ " " لِعِلمـي أَنَّـهُ بَـعـضُ الأَنــامِ
يُحِبُّ العاقِلونَ عَلـى التَصافـي " " وَحُبُّ الجاهِليـنَ عَلـى الوَسـامِ
وَآنَفُ مِن أَخـي لِأَبـي وَأُمّـي " " إِذا ما لَـم أَجِـدهُ مِـنَ الكِـرامِ
أَرى الأَجـدادَ تَغلِبُهـا جميـعًـا " " عَلـى الأَولادِ أَخـلاقُ اللِـئـامِ
وَلَستُ بِقانِـعٍ مِـن كُـلِّ فَضـلٍ " " بِـأَن أُعـزى إِلـى جَـدٍّ هُمـامِ
عَجِبـتُ لِمَـن لَـهُ قَـدٌّ وَحَـدٌّ " " وَيَنبـو نَبـوَةَ القَضِـمِ الكَـهـامِ
وَمَن يَجِدُ الطَريقَ إِلـى المَعالـي " " فَـلا يَـذَرُ المَطِـيَّ بِـلا سَنـامِ
وَلَم أَرَ في عُيوبِ النـاسِ شَيئًـا " " كَنَقصِ القادِريـنَ عَلـى التَمـامِ
أَقَمتُ بِأَرضِ مِصرَ فَلا وَرائـي " " تَخُبُّ بِـيَ المَطِـيُّ وَلا أَمامـي
وَمَلَّنِيَ الفِـراشُ وَكـانَ جَنبـي " " يَمَـلُّ لِقـاءَهُ فـي كُـلِّ عــامِ
قَليـلٌ عائِـدي سَقِـمٌ فُــؤادي " " كَثيرٌ حاسِـدي صَعـبٌ مَرامـي
عَليـلُ الجِسـمِ مُمتَنِـعُ القِـيـامِ " " شَديدُ السُكرِ مِـن غَيـرِ المُـدامِ
وَزائِرَتـي كَـأَنَّ بِهـا حَـيـاءً " " فَلَيـسَ تَـزورُ إِلّا فـي الظَـلامِ
بَذَلتُ لَها المَطـارِفَ وَالحَشايـا " " فَعافَتهـا وَباتَـت فـي عِظامـي
يَضيقُ الجِلدُ عَن نَفسـي وَعَنهـا " " فَتوسِـعُـهُ بِـأَنـواعِ السِـقـامِ
إِذا مـا فارَقَتـنـي غَسَّلَتـنـي " " كَأَنّـا عاكِفـانِ عَلـى حَــرامِ
كَأَنَّ الصُبـحَ يَطرُدُهـا فَتَجـري " " مَدامِعُـهـا بِأَربَـعَـةٍ سِـجـامِ
أُراقِبُ وَقتَها مِـن غَيـرِ شَـوقٍ " " مُراقَبَـةَ المَشـوقِ المُستَـهـامِ
وَيَصدُقُ وَعدُها وَالصِـدقُ شَـرٌّ " " إِذا أَلقاكَ فـي الكُـرَبِ العِظـامِ
أَبِنتَ الدَهـرِ عِنـدي كُـلُّ بِنـتٍ " " فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِـنَ الزِحـامِ
جَرَحتِ مُجَرَّحًا لَـم يَبـقَ فيـهِ " " مَكـانٌ لِلسُيـوفِ وَلا السِـهـامِ
أَلا يا لَيتَ شَعـرَ يَـدي أَتُمسـي " " تَصَـرَّفُ فـي عِنـانٍ أَو زِمـامِ
وَهَل أَرمي هَـوايَ بِراقِصـاتٍ " " مُـحَـلّاةِ المَـقـاوِدِ بِالـلُـغـامِ
 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•


مناسبة القصيدة:

كان أبو الطيب وصل إلى مرحلة اليأس والقنوط والإحباط في مصر ، ودخل في مرحلة نفسية معتمةٍ ، فلا هو في العير ولا هو في النفير .. أهمل مجالسَ كافور ، فما عاد يتردد عليها ، وحين كان يطلب منه قصيدة مادحة كان الشاعر الحزين يرفض القول والنشيد فلا ينقاد للطلب .. وهجَر عِشرةَ الناس ، ولقاءَهم ، وصار ينفرد بذاته ، ويخلو بنفسه، ويجتر آلامه ، ويرسم الخطط التي تنقذه من هذا الشَّرَك الذي أوقعه به كافور .

وبدأ المرجل النفسي يغلي شيئاً فشيئاً ، ويضطرب ويزداد اضطراباً ، ثم راح يقذف بالزبد ، ويتعالى صوت جَيَشانه .. وقبل أن يطفح الكيل ، جاء إلى كافور وسأله صراحة عن وعده بحكم ضيعة أو ولاية أو أي مكان .. وبَيَّن له أنه ما قدِم إلى مصر إلا بعد أن اطمأنّ إلى وعوده البراقة . فأجابه كافور :

" أنت في حال الفقر وسوء الحال وعدم المعين سَمَتْ نفسك إلى النبوة ، فإن أصبتَ ولاية صار لك أتباع ، فمن يطيقك ؟ " .

وسواء أكان رد كافور عنيفاً أم لا ، فهذا لا أهمية له ، فلن يخدع الشاعر بعد الآن لقد كانت نقمته على الرجل الملوّن المخادع ، وخيبة أمله في انهيار مشاريعه عظيمتين .

ولم يخطئ كافور في تعرف نوايا أبي الطيب ، فقد أدرك حقيقة مشاعره نحوه ، وكان يعلم أنه سيفرُّ من الفسطاط عند سنوح أول فرصة ، وأنه سيعقب فراره بشعر هجائي وسخرية لاذعة ، فنشر الجواسيس يراقبون أبا الطيب ؛ وعرف المتنبي كل هذا ، فكظم غيظه وأخفى عواطفه وخططه

ويبدو أنه أتخذ لنفسه حراساً انتقاهم من عبيده الأشداء لمقاومة كل هجوم محتمل ، وكانت خطته زيادة في إمكانية نجاحها أن يغتنم فرصة احتفالات الناس بعيد الأضحى للخروج من الفسطاط ، وكان التاسع من شهر ذي الحجة ، وهو مناسبة تجري فيها مراسم واستعراضات ، تجلب جمهوراً كبيراً من الناس ، وهي خير فرصة للهرب والتخفي .

في اليوم التاسع من الشهر المذكور ، خرج المتنبي سراً من الفسطاط ، تتقدمه الإبل المحملة بالسلاح والأمتعة والزاد لعدة أيام ، وأغذَّ السير ، فاجتاز برزخ السويس ، ثمّ أوغل في صحراء التيه شمالي سيناء .


وتنبه القوم بسرعة إلى فراره ، فلم يستطيعوا اللحاق به ؛ وكان غيظ كافور شديداً جداً ، وأراد المتنبي بعد أن أصبح بعيداً وآمناً أن يشهَد الناس مرة واحدة– على الأقل ـ على الازدراء الذي يكنّه لسيده القديم ، وتولت أيدٍ أمينةٌ إيصالَ قصيدة هجائية مقذعة إلى الخصيِّ كافور ، ولكن العملية لم تنجح ، لأن كافوراً شكّ في محتواها ، فأمر بإحراقها ، ولم يقف على ما فيها .



القصيدة

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ" = "بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ

أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ" = "فَلَيتَ دونَكَ بيدًا دونَها بيدُ

لَولا العُلا لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها" = "وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ

وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً" = "أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ

لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي" = "شَيئًا تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ

يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما" = "أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ

أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني" = "هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ

إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً" = "وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ

ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُا" = "أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ

أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِنًا وَيَدًا" = "أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ

إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ" = "عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ

جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ" = "مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ

ما يَقبِضُ المَوتُ نَفسًا مِن نُفوسِهِمُ" = "إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ

مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ" = "لا في الرِجالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ

أَكُلَّما اغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ" = "أَو خانَهُ فَلَهُ في مِصرَ تَمهيدُ

صارَ الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها" = "فَالحُرُّ مُستَعبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ

نامَت نَواطيرُ مِصرٍ عَن ثَعالِبِها" = "فَقَد بَشِمنَ وَما تَفنى العَناقيدُ

العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ" = "لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ

لا تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ" = "إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ

ما كُنتُ أَحسَبُني أبقى إِلى زَمَنٍ" = "يُسيءُ بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ

وَلا تَوَهَّمتُ أَنَّ الناسَ قَد فُقِدوا" = "وَأَنَّ مِثلَ أَبي البَيضاءِ مَوجودُ

وَأَنَّ ذا الأَسوَدَ المَثقوبَ مِشفَرُهُ" = "تُطيعُهُ ذي العَضاريطُ الرَعاديدُ

جَوعانُ يَأكُلُ مِن زادي وَيُمسِكُني" = "لِكَي يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقصودُ

إِنَّ امرأً أَمَةٌ حُبلى تُدَبِّرُهُ" = "لَمُستَضامٌ سَخينُ العَينِ مَفؤودُ

وَيلُمِّها خُطَّةً وَيلُمِّ قابِلِها" = "لِمِثلِها خُلِقَ المَهرِيَّةُ القُودُ

وَعِندَها لَذَّ طَعمَ المَوتِ شارِبُهُ" = "إِنَّ المَنِيَّةَ عِندَ الذُلِّ قِنديدُ

مَن عَلَّمَ الأَسوَدَ المَخصِيَّ مَكرُمَةً" = "أَقَومُهُ البيضُ أَم آبائُهُ الصيدُ

أَم أُذنُهُ في يَدِ النَخّاسِ دامِيَةً" = "أَم قَدرُهُ وَهوَ بِالفَلسَينِ مَردودُ

أَولى اللِئامِ كُوَيفيرٌ بِمَعذِرَةٍ" = "في كُلِّ لُؤمٍ وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ

وَذاكَ أَنَّ الفُحولَ البيضَ عاجِزَةٌ" = "عَنِ الجَميلِ فَكَيفَ الخِصيَةُ السودُ

 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

مناسبة القصيدة:
ورد في شرح أبي البقاء العكبري لديوان المتنبي والمسمى بالتبيان في شرح الديوان أن سيف الدولة سار نحو ثغر الحدث (الحدث: قلعة بناها سيف الدولة وهي في بلاد الروم)، وكان أهلها قد سلموها
بالأمان إلى الدمستق (صاحب جيش الروم)، فنزل بها سيف الدولة في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، فبدأ في يومه، فحط الأساس، وحفر أوله بيده ابتغاء ما عند الله تعالى. فلمّا كان يوم الجمعة نازله ابن الفقاس دمستق النصراني في خمسين ألف فارس وراجل من جموع الروم والأرمن والبلغر والصقلب، ووقعت الوقعة يوم الاثنين، سلخ جمادى الآخرة، وأن سيف الدولة حمل بنفسه في نحو خمسمائة من غلمانه، فقصد موكبه، فهزمه وأظفر الله به، وقتل ثلاثة آلاف من مقاتلته، وأسر خلقاً كثيراً، فقتل بعضهم واستبقى بعضهم، وأسر تودس الأعور بطريق سمندو (في أول بلاد الروم)، وهو صهر الدمستق على ابنته، وأسر ابن الدمستق، وأقام على الحدث إلى أن بناها، ووضع بيده آخر شرافة منها يوم الثلاثاء آخر ثالث عشر ليلة خلت من رجب.
وفي هذا اليوم أنشد أبو الطيب هذه القصيدة (على قدر أهل العزم...) لسيف الدولة بالحدث.
وهذه القصيدة تتكون من ستة وأربعين بيتاً. وتعد هذه القصيدة من أعظم قصائد المتنبي التي قالها وهو بحضرة سيف الدولة، حيث تطرق فيها إلى ماهية الرجال القادة، وكيف استطاع سيف الدولة بناء هذه القلعة رغم ما يحيط به من أعداء، ووصف جيش الروم وما كان عليه من عدة وعتاد وهو مقبل نحو الحدث، ثم تطرق إلى ما حدث في المعركة وكيف كان موقف سيف الدولة وهو في وسط المعركة.. والمعروف أن المتنبي كان بجانب سيف الدولة وهو يخوض هذه المعركة.

القصيدة


1 عَـلَى قَـدْرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ === وتَــأتِي عَـلَى قَـدْرِ الكِـرامِ المَكـارِمُ
2 وتَعظُـمُ فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها === وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ

3 يُكـلّفُ سَـيفُ الدَولَـةِ الجَـيشَ هَمّـهُ === وقـد عَجَـزَتْ عنـهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ

4 ويَطلـب عِنـدَ النـاسِ مـا عِنـدَ نَفسهِ === وذلِــكَ مــا لا تَدَّعِيــهِ الضَـراغِمُ

5 يُفــدّي أَتـمُّ الطَّـيرِ عُمـرًا سِـلاحَه === نُســورُ الفَــلا أَحداثُهــا والقَشـاعِمُ

6 وَمــا ضَرَّهـا خَـلْقٌ بِغَـيرِ مَخـالِب === وقــد خُــلِقَتْ أَســيافُهُ والقَــوائِمُ

7 هَـلِ الحَـدَثُ الحَـمراءُ تَعـرِفُ لَونَها === وتَعلَـــمُ أَي الســـاقِيَينِ الغَمــائِمُ

8 سَــقَتها الغَمــامُ الغُـرُّ قَبـلَ نُزولـهِ ===فَلمــا دَنــا منهـا سـقتها الجَمـاجِمُ

9 بَناهــا فــأَعلَى والقَنـا يَقـرَعُ القَنـا === ومَــوجُ المَنايــا حَولَهــا مُتَلاطِـمُ

10 وَكـانَ بِهـا مِثـلُ الجُـنونِ فـأَصبَحَت === ومِــن جُـثَثِ القتَـلَى عَلَيهـا تَمـائِمُ

11 طَرِيــدةُ دَهــرٍ ســاقَها فرددْتهــا === عـلى الـدِينِ بـالخَطّيِّ والدَهـرُ راغِمُ

12 تُفِيــتُ الليـالِي كُـلَّ شـيءٍ أَخذتَـهُ === وهُــنَّ لِمــا يَـأخُذنَ مِنـكَ غَـوارِمُ

13 إذا كـانَ مـا تَنوِيـهِ فِعـلاً مُضارِعًـا === مَضَـى قَبـلَ أن تُلقَـى عَلَيـهِ الجَوازمُ

14 وَكـيفَ تُرَجِّـي الـرُومُ والروسُ هَدمَها === وَذا الطَعــنُ آسَــاسٌ لهــا ودَعـائِمُ

15 وقــد حاكَمُوهــا والمَنايــا حَـواكِمٌ === فمـا مـاتَ مَظلُـومٌ ولا عـاشَ ظـالِمُ

16 أَتَــوكَ يَجُــرُّونَ الحَــدِيدَ كأنّمــا === سَــرَوْا بِجِيــادٍ مــا لَهُـنَّ قَـوائِمُ

17 إِذا بَرَقُـوا لـم تُعـرَفِ البِيـضُ مِنهُـمُ === ثِيـــابُهُمُ مــن مِثلِهــا والعَمــائِمُ

18 خَـمِيسٌ بِشَـرقِ الأرضِ والغَربِ زَحفُهُ === وفــي أذُنِ الجَــوزاءِ منـهُ زمـازمُ

19 تَجَــمّع فيــهِ كُــل لِســنٍ وأَمُّـةٍ === فمــا يُفهِــمُ الحُــدَّاثُ إِلا التَراجِـمُ

20 فلِلّـــهِ وَقـــتٌ ذوَّبَ الغِشَّ نــارُهُ === فلــم يَبــقَ إِلا صـارمٌ أو ضُبـارِمُ

21 تَقَطــع مـا لا يَقطَـعُ الـدِرعَ والقَنـا === وفَـرَّ مـنَ الفُرسـان مَـن لا يُصـادِمُ

22 وَقَفـتَ وَمـا فـي المَـوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ === كـأَنكَ فـي جَـفنِ الـرَّدَى وَهْـوَ نـائِمُ

23 تَمُــرُّ بِـكَ الأَبطـالُ كَـلْمَى هَزِيمـةً === ووَجــهُكَ وَضَّــاحٌ وثَغْــرُكَ باسِـمُ

24 تجــاوَزتَ مِقـدارَ الشَـجاعةِ والنُهَـى === إلـى قـولِ قَـومٍ أَنـتَ بـالغَيب عـالِمُ

25 ضَمَمـتَ جَنـاحَيهم عـلى القَلـبِ ضَمّةً === تَمُــوتُ الخَــوافِي تحتَهـا والقَـوادِمُ

26 بِضَـربٍ أَتَـى الهامـاتِ والنَصرُ غائبٌ === وَصـارَ إلـى اللبَّـاتِ والنَصـرُ قـادِمُ

27 حَــقَرتَ الرُدَينيَّـاتِ حَـتَّى طَرَحتَهـا === وحَــتى كـأنَّ السـيف لِلـرُمحِ شـاتِمُ

28 ومَــن طَلَـبَ الفَتـحَ الجَـلِيلَ فإنَّمـا === مَفاتيحُـهُ البِيـض الخِفـافُ الصَـوارِمُ

29 نَــثَرتَهُمُ فَــوقَ الأُحَــيدِبِ كُلِّــهِ === كَمـا نُـثِرت فَـوقَ العَـرُوسِ الـدَراهِمُ

30 تَـدُوسُ بِـكَ الخـيلُ الوُكورَ على الذُّرَى === وقـد كَـثُرَت حَـولَ الوُكـورِ المَطاعِمُ

31 تَظُــنَّ فِــراخُ الفُتـخِ أَنـكَ زرتَهـا === بِأُمَّاتِهــا وَهْــيَ العِتــاقُ الصَّـلادِمُ

32 إِذا زَلِقَـــت مَشَـــيتَها بِبُطُونِهــا === كَمــا تَتَمشَّـى فـي الصَعيـد الأَراقـمُ

33 أَفِــي كُـلِّ يـومٍ ذا الدُّمسـتُق مُقـدِمٌ === قَفــاهُ عــلى الإِقـدامِ لِلوَجـهِ لائِـمُ

34 أَيُنكِــر ريــحَ اللّيـث حـتّى يَذُوقَـه === وقـد عَـرفَتْ رِيـحَ الليُـوث البهـائِمُ

35 وقــد فَجَعَتـهُ بِابنِـهِ وابـنِ صهـرِهِ === وبـالصِهرِ حَـملاتُ الأَمـيرِ الغَواشـمُ

36 مَضَـى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبى === لِمَــا شــغلتها هــامُهُم والمَعـاصِمُ

37 ويفهَــمُ صَــوتَ المَشــرفيَّةِ فيهِـمِ === عــلى أَنَّ أَصـواتَ السُـيُوفِ أَعـاجِمُ

38 يُسَــرُّ بمـا أَعطـاكَ لا عَـن جَهالـةٍ === ولكِــنَّ مَغنومــاً نجـا مِنـكَ غـانِمُ

39 وَلســتَ ملِيكًــا هازِمًــا لِنَظِــيرِه === ولكِــنكَ التَّوحِــيدُ لِلشِــرْكِ هـازمُ

40 تشَــرَّفُ عَدنــانٌ بِــهِ لا رَبيعــةٌ === وتَفتخِــرُ الدُّنيــا بِــهِ لا العَـواصِمُ

41 لَـكَ الحَـمدُ فـى الـدُرِّ الَّـذي لِيَ لَفظُهُ === فـــإِنَّكَ مُعطيــه وإنِّــيَ نــاظِمُ

42 وإِنِّـى لَتَعـدو بـي عَطايـاكَ في الوَغى === فَــلا أَنــا مَذمُـومٌ ولا أَنـتَ نـادِمُ

43 عــلى كُــلِّ طَيَّــارٍ إليهـا بِرِجلِـهِ === إِذا وَقَعَــتْ فــي مِسـمَعَيهِ الغَمـاغِمُ

44 أًلا أَيُّهــا السَّـيفُ الَّـذي لَيسَ مُغمَـداً === وَلا فيــهِ مُرتــابٌ ولا مِنـهُ عـاصِمُ

45 هَنِيئـا لِضَـربِ الهـامِ والمَجـدِ والعُلَى === وَراجِــيكَ والإِســلامِ أَنــكَ سـالِمُ

46 ولِـم لا يَقِـي الرَّحـمنُ حَـدّيكِ ما وَقَى === وتَفلِيقُــهُ هــامَ العِــدَى بِـكَ دائِـمُ

 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

الفخر في شعر المتنبي

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي .............. وأسمعت كلماتي من به صمم

كم تطلــــبون لنا عيـــــبًا فيعجزكم ............ويكره المجد ما تأتون والكرم

ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي ...........أنا الثّريا وذان الشيب والهرم

وإذا أتــــتك مذمتي من نـــــاقصٍ .............فهي الشــــهادةُ لي بأني كامــلُ

أنام ملء جفونــــي عن شواردها ..............ويسهرُ الخلقُ جراها ويختصـم

غيري بأكثر هذا الناسِ ينخــــدعُ ..............إن قاتلوا جبنوا أو حدثّوا شجعوا

ولا الجمع بين الماء والنار في يدي ........بأصعب من أن أجمع الجدَّ والفهما

وإني لمن قومٍ كأنّ نفوســـــــــَهم ..............بها أنفٌ أن تسكنَ اللحم والعظما

عدوك مذمـــــــــومٌ بكل لســــانِ .............وإن كان من أعدائـِـــك القمـــران

ولله ســـــــرٌّ في عــُـــلاك وإنما ..............كلام العِـدا ضربٌ من الهذيـــــان

على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ ............وتأتي على قدرِ الكرامِ المكـــــارمُ

وتعظمُ في عينِ الصغيرِ صغارها ..........وتصغر في عينِ العــــظيمِ العظائمُ

لعل عتبَك محـــــــــــمودٌ عواقبه ............فربّما صحّت الأجســــــــامُ بالعللِ

فمسّاهم وبسطهم حريــــــــــــــر ...........وصبّحهم وبسطهم تـــــــــــ
ـــــراب


 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

الحكمة في شعر المتنبي

إذَا غَامَـرْتَ فِي شَرَفٍ مَّرُومِ .. فَلا تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ (1)

فَطَعْمُ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ حَقٍيرٍ ... كَطَعْمِ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ عَظِيمِ (2)
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
يَرَى الْْجُبَنَـاءُ أنَّ الْعَجْزَ عَقْلٌ .. وَتِلْكَ خَدِيعَةُ الطَّبْعِ اللَّئيمِ (3)
وَكُلُّ شَجَاعةٍ فِي الْمَرْءِ تُغْنِي .. وَلا مِثْلَ الشَّجَاعَةِ فِي الْحَكِيمِ (4)
وَكَمْ مِّنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحًا .. وَآفَتُـهُ مِنَ الْفَهْمِ السَّقِيمِ (5)
وَلَكِنْ تَأْخُـذُ الآذَانُ مِنْهُ .. عَلَى قَـدَرِ القَرَائِحِ والعُلُـومِ (6)
ـــــ // الشَّرح // ــــ
(1) غامَرْتَ: دَخَلْتَ في الغَمَرات، وهي: المهالك. وقوله: " في شَرَفٍ "؛ أي: في طَلَبِ شَرَفٍ؛ فحُذِفَ؛ للعِلْمِ بالمحذوف. ومَرُوم؛ أي: مطلوب. يقول: إذا خاطَرْتَ بنفسك في طلب الشَّرَف؛ فلا تقنَعْ باليسير منه.
(2) يُريد أنَّ الموت لا يصير حقيرًا بحقارة المطلب، ولا يعظم بعظمته، وإنَّما طعمه واحد في الحالَين، وإذا كانَ ذلك؛ فلا وَجْهَ للمخاطر، إلاَّ أن يقصد أسمى الأمور.
(3) أي: أنَّ الجبان يتقاعد عن اقتحام العظائم؛ عجزًا منه، وهو يظنُّ أنَّ ذلك عقلٌ، وإنَّما هي خديعة؛ يزيِّنُها له لؤم طَبْعه؛ بما فيه من ضعف النَّفس، وصِغَر الهمَّة.
(4) ... الشَّجاعة -كيفما كانَتْ-؛ تُغني صاحبَها، وتكفيه مؤونة الخسف والعار، ولكنَّ الشَّجاعة في الحكيم لا تُقاس بها الشَّجاعة في غيره؛ لأنَّها تكون حينئذٍ مقرونةً بالحزم؛ فتكون أبعد مِنَ الفشل...
(5) الآفة: العاهة، والضَّمير للقول.
(6) القرائح: الطَّبائع. أي: كُلُّ سامعٍ يتناول من معاني الكلام على قدر سجيَّته وعلمه؛ فإنْ كانَ حاذِقًا؛ أحاطَ بفحواه، وعَلِمَ بصحَّته، وإنْ كانَ غَبِيًّا؛ خَفِيَ عليه المُراد منه؛ فأنكره، وعابه.
[العَرْف الطَّيِّب (1/434-436)].
إنِّي لأَعْلَمُ -واللَّبيبُ خَبِيرُ- ..أنَّ الحيَاةَ -وَإنْ حَرَصْت- غُرُورُ
وَرَأيْتُ كُـلاًّ ما يُعَلِّلُ نَفْسَـهُ ...بِتَعِلَّةٍ وَإلَـى الفَنَـاءِ يَصِيرُ
.

 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

إلَى كَمْ ذَا التَّخَلُّفُ والتَّوَانِي .. وَكَمْ هَذَا التَّمَادِي فِي التَّمَادِي (1)
وَشُغْلُ النَّفْسِ عَن طَلَبِ الْمَعَالِي .. بِبَيْعِ الشِّعْرِ فِي سُوقِ الكَسَادِ (2)
وَمَا مَـاضِي الشَّبَابِ بِمُسـْتَرَدٍّ .. وَلا يَـوْمٌ يَمُـرُّ بِمُسْـتَعَادِ
مَتَى لَحَظَتْ بَيَاضَ الشَّيْبِ عَيْنِي .. فَقَدْ وَجَدَتْهُ مِنْهَا فِي السَّوَادِ (3)
مَتَى مَا ازْدَدتُّ مِنْ بَعْدِ التَّناهِي .. فَقَدْ وَقَعَ انتِقَاصِي فِي ازْدِيَادِي (4)
ـــــ // الشَّرح // ــــ
(1) التخلُّف: التأخُّر، والتَّواني: التقصير، والتَّمادي في الأمر: بلوغ مداه، وهو غايته؛ أي: وكم أتمادى في التَّقصير تماديًا متتابعًا؟
(2) ... أي: وإلى كم أشغل نفسي عن طلب المعالي بنظم الشِّعر في مدح مَن لا قيمة عنده للشِّعر؟
(3) أي: متى رأتْ بياض الشَّيب؛ كَرِهَتْهُ، كأنَّها رَأَتْهُ في سوادها؛ فَعَمِيَتْ به.
(4) أي: إذا بَلَغ الشَّباب نهايته؛ فزيادة العُمر بعد ذلك تُفضي إلى النُّقصان؛ بما ينشأ عنها من الضَّعف.
[العرف الطَّيِّب (1/209)].
__________________
 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

غرائب شعر المتنبي

عِشِ أبْقِ اُسمُ سُدْ قُدْ جُدْ مُرِ اُنْهَ رِ فِ اُسْرِ نَلْ

غظِ اُرْمِ صِبِ اُحْمِ اُغْزُ اُسْبِ رُعْ زِعْ دِ لِ اُثْنِ نُلْ



المعنى

عش من العيش ،وابق من البقاء ،واسم من السمو ،وسد من السيادة ،وقد من قود الجيش، أي قد الجيوش إلى أعدائك ،وجد من الجود ،ومر من الأمر ،وانه من النهى ؛أي كن صاحب أمر ونهى ،ورِ من الورى وهو داء في الجوف(هو قيح يأكل الجوف ويفسده) يقال وراه الله ،يريد أصب رئات أعدائك بأن توجعهم ،وفِ من الوفاء ،واسر بضم الراء من السرو وهو المروءة في سخاء ،وبكسرها من السرى وهو مشي الليل ؛أي اسرِ إلى أعدائك،ونل من النيل ،يقول :أسر إلى أعداءك وأدرك منهم إرادتك ..

غظ ارمِ صبِ احمِ اغزُ اسبِ رُعْ زَعْ دِ لِ اثنِ نلْ :

أي غظ حسادك ،وارم ببأسك من يكيدك ويشنأك ،وصب من صبا السهم الهدف يصيبه صيبا لغة في أصاب: أي أصب أعدائك برميك ،واحم حوزتك ،واغز أعداءك ،واسب أولادهم ،ورع أعداءك أي أفزعهم ،وزع من وزعته أي كففته ؛أي كف بوقائعك مسلطهم ،ود من الدية أي تحمل الدية عمن تجب عليه ،ولِ من الولاية ،واثن أعداءك من مرادهم أي اصرفهم ،ونل من ناله ينوله إذا أعطاه ،وقيل النيل أي نل ما تبتغيه بسعدك وإقبالك .


يتبع



 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

تابع
..
.
أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ .. إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ

التفسير هو :
- (أَلَمٌ ) ( أَلَمَّ ) ( أَلَمْ ) ( أُلِمْ ) ( بِدَائِه )

بمعنى :
(وجعُ) (أحاط بي) (لم) (أعلم) (بمرضه)

- ( إنْ ) ( آَنَّ ) ( آنٌ ) ( آنَ ) ( آنُ ) (شِفَائِه)

بمعنى :

(اذا) (توجع) (صاحب الألم) (حان) (وقت) (شفائه)!




ألــــــوم صديقي وهـــــذا محـــــــــال
صديـقي أحبــــه كـــــلام يقــــــــــــال
وهــــذا كــــــلام بليــــغ الجمــــــــال
محـــال يقـــــال الجمــال خيـــــــــــال

سبتني فتـاة و هـذا حرام
فـتـاة يبــاح لـديها غـرام
وهذا لـديــهـا يعـد مــرام
حــرام غرام مرام يــرام


نستطيع قراءتها افقيا وعموديا



ومن أبياته التي يمكن أن تغير فيها دون أن يتغير المعنى - وإن كان
المتنبي نفسه لم يقصد ذلك فيما أحسب - قوله في وصف الأسد:

يطأ الثرى مترفقاً من تيهه *** فكأنه آس يجس عليلا

فالشطر الأول يمكن أن يكون:

يطأ الثرى من تيهه مترفقا

من تيهه يطأ الثرى مترفقا
من تيهه مترفقاً يطأ الثرى
مترفقاً من تيهه يطأ الثرى
مترفقاً يطأ الثرى من تيهه


 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

قصيدة المتنبي التي سبب موته ومع ذكر سبب القتل


واحـر قلــــباه ممــن قلبــه شبــم **** ومن بجسمـي وحـالي عنده سقـم

مـــا لـي أكتم حبا قد برى جسدي **** وتدعي حب سيف الدولة الأمم
إن كــــان يجمعــنا حب لغرتــه **** فليت أنا بقدر الحــــب نقتســـم
قد زرته و سيوف الهند مغمـــدة **** وقد نظرت إليه و السيـوف دم
فكان أحسن خلــــق الله كلهـــم **** وكـان أحسن مافي الأحسن الشيم
فوت العــدو الذي يممـــته ظفر **** في طــيه أسف في طـــيه نعــــم
قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت **** لك المهابــــــة مالا تصنع البهم
ألزمت نفسك شيــــئا ليس يلزمها ****أن لا يواريـهم بحر و لا علم
أكلــما رمت جــيشا فانثنى هربا **** تصرفت بك في آثاره الهمــم
عليك هــــزمهم في كل معتـرك **** و ما عليــك بهم عار إذا انهزموا
أما ترى ظفرا حلوا سوى ظفر**** تصافحت فيه بيض الهندو اللمم
يا أعدل الناس إلا في معــاملتي **** فيك الخصام و أنت الخصم والحكم
أعيذها نظـــرات منك صادقـــة **** أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
وما انتفاع اخي الدنيا بناظـــره ****إذا استـــوت عنده الأنوار و الظلم
سيعلـم الجمع ممن ضم مجلسنا **** باننــي خير من تسعى به قـــــدم
انا الذي نظر العمى إلى ادبــي **** و أسمعـت كلماتي من به صمــم
انام ملء جفوني عن شواردها **** ويسهر الخلق جراها و يختصم
و جـــاهل مده في جهله ضحكي **** حتى اتتــــه يــد فراســة و فم
إذا رايـــت نيوب الليــث بارزة **** فلا تظنـــن ان الليــث يبتســم
و مهجـة مهجتي من هم صاحبها **** أدركتـــه بجواد ظهره حـــرم
رجلاه في الركض رجل و اليدان يد **** وفعلـــه ماتريد الكف والقدم
ومرهف سرت بين الجحفليـــن به **** حتى ضربت و موج الموت يلتطم
الخيل والليل والبيــداء تعرفنــــي **** والسيف والرمح والقرطاس و القلم
صحبـت في الفلوات الوحش منفردا ****حتى تعجـــب مني القور و الأكــم
يــــا من يعز عليـــنا ان نفارقهـــم **** وجداننـا كل شيء بعدكم عــدم
مــا كان أخلقــنا منكم بتكـــرمة **** لـو ان أمــركم من أمرنـا أمــم
إن كــان سركـم ما قال حاسدنا **** فما لجـــرح إذا أرضاكـــم ألــم
و بينــنا لو رعيتم ذاك معرفــة **** غن المعـارف في اهل النهـى ذمم
كم تطلبـــون لنا عيبـا فيعجزكم **** و يكره الله ما تأتون والكــرم
ما أبعد العيب و النقصان عن شرفي **** أنا الثـــريا و ذان الشيب و الهرم
ليـت الغمام الذي عندي صواعقه **** يزيلهـن إلى من عنـده الديــم
أرى النوى تقتضينني كل مرحلة **** لا تستقـل بها الوخادة الرسـم
لئن تركـن ضميرا عن ميامننا **** ليحدثن لمـن ودعتهــم نـدم
إذا ترحلت عن قـوم و قد قـدروا **** أن لا تفارقهم فالـراحلون هــم
شــر البلاد مكان لا صــديق بــه **** و شر ما يكسب الإنسان ما يصم
و شـر ما قنصته راحتي قنص **** شبه البزاة سواء فيه و الرخم
بأي لفظ تقـول الشعــر زعنفة **** تجـوز عندك لا عــرب ولا عجم
هذا عـتابـك إلا أنـه مقـة **** قـد ضمـن الدر إلا أنه كلم

قد يجهل الكثيرين سبب موت مالئ الدنيا
وشاغل الناس أبو الطيب المتنبي وأنه مات مقتولاً
ومن يعرف سبب موته قد لا يعرف تفاصيل ذلك أو حيثياته
أذكر في المراحل الدراسية كنا نعرف أن أبي الطيب هو الشاعر الذي قتله بيت شعر قاله ويأتي ذلك في المسابقات والنشاطات المدرسية
وبيت الشعر هو

الخيلُ والليلُ والبيـداءُ تعرفنـيوالسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ

لكن الحقيقة هي أن قصيدة كاملة تسببت في موت أبي الطيب وإن كان بيت الشعر السابق سببا آخر لكنه ليس سببا رئيساً
والقصيدة معروفة ومشهورة ومطلعا
ما أنصفَ القومُ ضبّة
فما قصة مقتله ؟
كان ضبة بن يزيد العتبي غداراً بكل من نزل به وكان بذيء اللسان ، خرج مع عائلته يوماً فاعترضه قوم من بني كلاب فقتلوا أباه وسبوا أمه وفسقوا بها
وكان أبو الطيب المتنبي قد مر بضبة مع جماعة من أهل الكوفة فأقبل ضبة يجاهر بشتمهم وسبهم
فأراد رفاق المتنبي الرد عليه بمثل ألفاظه القبيحة فطلبوا من أبي الطيب ذلك فقال قصيدته التي مطلعها
ما أنصفَ القومُ ضبّة
ونذكر منها أبياتاً عدة ونترك الباقي لما فيها من أبشع الألفاظ وأقذع العبارات ، وهي :

ما أنصف القومُ ضبّة وأمـه الطرطـبّـة

فلا بمن مات فخـرٌ ولا بمن عاش رغبة
و إنما قلت ما قلـ ترحمـة لا محـبـة
و حيلة لـك حتـى عذرت لو كنت تيبه
و ما عليك من القتل إنمـا هـي ضربـة
و ما عليك من الغدر إنمـا هـو سـبـة


وقد جاء فيها كلاماً بذيئاً وفحشاً مذكراً إياه ما حصل له مع الأعراب من اعتراضهم له وفسقهم بأمه
وقد احتوت القصيدة من أبشع الألفاظ والعبارات ما جعل المتنبي ينكر إنشادها كما قال الواحدي أحد شرّاح ديوان المتنبي
علم فاتك بن أبي الجهل الأسدي ( خال ضبة ) بالقصيدة فغضب عند سماعها وأراد الإنتقام لأخته وابنها ضبة فاعترض لأبي الطيب وهو في طريقه إلى بغداد فالكوفة وواجهه بنحو 30 من رجاله وقيل 60 فقاتله المتنبي حتى قتل هو وابنه محسّد وعدد ممن كانوا معه
وقد قيل إن أبا الطيب لما رأى كثرة رجال فاتك وأحس بالغلبة لهم أراد الفرار فقال له غلام له : لا يتحدث الناس عنك بالفرار وأنت القائل

فالخيلُ والليلُ والبيـداءُ تعرفنـيوالسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ

فكر راجعاً وقاتل حتى قتل سنة 354 هـ

هذه هي قصة مقتل أبي الطيب المتنبي كما جاءت في كتب الأدب والتاريخ والشعر والتراجم
....
..
.


 
رد: شاعر في ضيافتنا •المتنبي•

الى هنا اكون قد انهيت رحلتي الادبية مع ابو طيب المتنبي
شكرا لكل من مر من هنا.

الى اللقاء مع شاعر اخر
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top