بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
فإن السعادة جنة الأحلام ومنتهى الآمال، كل البشر ينشدها، وقليل من يدركها، ومع اختلاف العباد ومعايشهم وتباين وسائلهم وغاياتهم وتنوع لغاتهم وأجناسهم، ومع افتراق مشاربهم وطموحاتهم، إلا أنهم متفقون على طلب السعادة، لتوجعهم من مكابدة الحياة وآلامها، لطمعهم في حياة سعيدة هنيئة لا أحزان فيها ولا هموم، ونوال السعادة منحة من الرحمن يهبها لمن يشاء من عباده، فمنهم من ينعم في جناها، ومنهم من يحرمها ويعيش في أمانيها، والموفق من هدي إليها فسلك سبيلها وخطى نحوها وعمل لتحصيلها وجانب ما يضادها مما يجلب له الشقاء.
وقد ظن بعض الناس أن السعادة في المال والثراء، ومنهم من توهمها في المنصب والجاه، ومنهم من طلبها في تحقيق الأماني المحرمة، والخلق في سعي حثيث لنيلها، وفي جد وتشمير لتحصيلها، فمن مدرك لها ومن محروم منها، ومن بائس شقي توهم السعادة على غير حقيقتها، فآثر دنياه على دينه، وهواه على آخرته، فجنى الوهم والهم وكابد المعيشة وقاسى الأحزان.
وفي الحقيقة السعادة لن تُنال إلا بتقوى الله عز وجل بطاعته وطاعة رسوله (صلى الله عليه و سلم)، وبالبعد عن المعاصي والسيئات، قال سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71].
فالتقوى رأس كلِّ شيءٍ وجماع كلِّ خيرٍ, وهي غاية الدِّين ووصيَّة الله تعالى للنَّاس أجمعين؛ الأوَّلين منهم والآخرين, وهي كما عرفها طلق بن حبيب - رحمه الله - لمَّا كانت فتنة ابن الأشعث -: «إذا وقعت الفتنة فادفعوها بالتَّقوى؛ قالوا: وما التَّقوى؟ قال: أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نورٍ من الله تخاف عقاب الله». قال ابن القيِّم: «وهذا من أحسن ما قيل في حدِّ التَّقوى»، ولذا لما كان سبيل التقوى هو مسلك السعادة الأوحد و الأسنى قمت على وضع سلسلة تبين سبل الخير و طرائق الهدى، تكون جامعة للنصح، مقتبسا جميع حلقتها من كتاب خطوات الى السعادة للشيخ عبد المحسن القاسم وفقه الله و سدد على طريق الحق خطاه، و قد مضى على السلسلة الى غاية الأاان ثلاثون حلقة من حلقتها الشيقة والتي أأمل أن تنال اعجابكم و تنهلوا منها ما يكون زادا لكم بين يدي الله يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتى بقلب سليم، يوم أن يكون الحال كما قال عز و على ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا)، فإلى طيات الحلقات التي تجدون روابطها المباشرة خلال ما ياتي من المشاركات.
وفق الله الجميع الى ما يحب و يرضى.
آخر تعديل: