السلآم عليكم رحمة الله تعآلى وبركآته
سُورةُ الأنعآم
سورة الانعام من السور المكية وعدد اياتها 165
وهى ترد على المشركين الذين لم يؤمنوا بالله الواحد الاحد وانكروا البعث وقد روى انها نزلت جملة واحدة وحضر نزولها سبعون الف ملك فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كتاب الوحى فكتبوها ليلة نزولها هذة السورة تعالج القضية الاساسية فى الاسلام وهى قضية العقيدة قضية الالوهية والعبودية وهى تطوف بالنفس البشرية فى مشاهد كونية وايات ربانية انها تعرف العباد برب العباد
من هو ؟ ما مصدر هذا الوجود ؟ ماذا وراءه من اسرار ؟
من هم العباد؟ من خلقهم ؟ ولماذا خلقهم ؟ ومن انشاهم ؟
ومن يطعمهم؟ ومن يكفلهم ؟ ومن يدبر امرهم ؟
ومن يقلب ليلهم ونهارهم ؟ ومن يتوفاهم ؟ ومن يحاسبهم ؟
ومن يمنحهم النعم
هذا الماء الهاطل . هذا البرعم النابت . هذا الحب المتراكب
هذا النجم الثاقب . هذا الصبح البازغ . هذا الليل السادل
هذا الفلك الدوار . هذه الامم التى تذهب وتجئ
هذه الامور كلها تسير بقدرة الله وبمشيئته
لذا فانه المعبود الاحد
وينبغى ان يسخر الانسان حياته كلها لارضاء خالقه
هذه المعانى هى موضوع الايات المباركة فى سورة الانعام
• ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ... ﴾ 2. يَعني: أباهم آدم،
الذي هو أصلُهم ومِنه خَرَجُوا، فانتشَرُوا في المشارق والمغارب.
"تفسيرُ ابن كثير"
• ﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾ 3.
فإذا استترتَ بأفعالِكَ ومَعاصيكَ عن أعيُن الناسِ، فإنَّ اللهَ يراكَ،
وإنْ أبدَيْتَ مِن ذنبٍ أو أسررتَ، فإنَّ الله يَعلَمُه ويطَّلِعُ عليه.
فإذا عَلِمتَ ذلك، فلماذا تُصِرُّ على الذنب؟!
ولماذا لا تُسرِعُ بالتَّوبةِ والمَوتُ مِنكَ قريبٌ؟!
• ﴿ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ 12.
فكُلُّ ما في هذا الكونِ ملكٌ للهِ رَبِّ العالَمين.
هو سُبحانه مالِكُ الكَونِ ومُدبِّرُه ومُصَرِّفُه.
فإذا كُنتَ تعيشُ في ملكِ اللهِ، تمشي على أرضِهِ، وتستظِلُّ بسمائِهِ،
وتأكُلُ مِن رِزْقِهِ، ولا تفعلُ شيئًا إلَّا يَعلَمُه، فلماذا تستكبِر؟!
ولماذا تُسارِعُ إلى الذنوبِ ومنها تستكثِر؟! ولِمَ لا تتوبُ وتستغفِر؟!
• ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ﴾ 14. فاللهُ سُبحانه هو الوَلِّيُّ والنَّصيرُ.
﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ المائدة/55.
• ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ 15.
فإنَّ المعصيةَ في الشِّركِ تُوجِبُ الخُلُودَ في النار، وسَخَطَ الجبَّار.
وذلك اليَوم هو اليَوم الذي يُخافُ عَذابُه، ويُحذَرُ عِقابُه؛
لأنَّه مَن صُرِفَ عنه العَذابُ يَومئذٍ فهو المرحوم،
ومَن نَجَا فيه فهو الفائِزُ حقًّا،
كما أنَّ مَن لم يَنجُ منه فهو الهالِكُ الشَّقِيُّ.
" تفسيرُ السَّعديّ"
• ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ
فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ 17. وإن يُصِبكَ اللهُ تعالى- أيها الإنسانُ- بشيءٍ
يَضُرُّكَ كالفَقر والمرض فلا كاشِفَ له إلَّا هو، وإن يُصِبكَ بخَيرٍ كالغِنَى والصِّحَّةِ
فلا رَادَّ لفَضلِهِ ولا مانِعَ لقَضائِهِ، فهو- جَلَّ وعلا- القادِرُ على كُلِّ شيءٍ.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
فإذا كان اللهُ تعالى هو الذي يَكشِفُ الضُّرَّ، فلِمَ يتوجَّهُ البَعضُ إلى غيره
مِنَ البَشَرِ مِمَّن لا حَوْلَ له ولا قُوَّة؟! ولِمَاذا يَجعلُ اعتمادَه على الأسبابِ،
وينسى أنَّ اللهَ تعالى هو مُسَبِّبُ الأسباب؟! ولماذا لا يتوجَّه إلى اللهِ تعالى
بالدُّعاءِ والاستغاثةِ وطَلَبِ الفَرَج؟! لا بأسَ أن نأخُذَ بالأسباب،
وأن نطلُبَ العَونَ مِمَّن يملكه مِن البَشَر، لكنْ لا ننسى أنَّ اللهَ تعالى
هو الذي خَلَقَنا ويُدَبِّرُ أمورَنا، ويَعلَمُ ما يُصلِحُنا.
فلنتوكَّل عليه سُبحانه مع أخذِنا بالأسباب،
ولنستعِن به على كَشفِ الضُّرِّ ورَفعِ البَلاءِ.
• ﴿ ... قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ... ﴾ 19. فكَذَبَ مَن ادَّعَى أنَّ اللهَ ثالِثُ ثلاثة،
وكَذَبَ مَن جَعَلَ للهِ شُركاءَ في مُلْكِهِ وأُلُوهِيَّتِهِ. فاللهُ واحِدٌ لا شَريكَ له،
﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ الإخلاص/3-4.
• ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا
وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 27. هذا حال المُشركين يومَ القِيامة.
يتمنّون العَودةَ للدُّنيا؛ ليُصدِّقوا بآياتِ اللهِ ويَعملوا بها، ويكونوا مِن المُؤمنين.
لكنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ. قد كانت أمامكم الفُرصةُ في الدُّنيا، فلم تغتنموها،
وكذَّبتم واستكبرتم. وعندما رأيتم العَذابَ، وعاينتم الهَلاكَ،
تُريدُونَ الرُّجُوعَ وتندمونَ على ما قُلتُم؟!
• ﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ
وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ 28. بل ظَهَر لهم يَومَ القِيامةِ ما كانوا يَعلمُونَه مِن أنفُسِهم
مِن صِدْقِ ما جاءت به الرُّسُلُ في الدُّنيا، وإن كانوا يُظهِرُونَ لأتباعِهِ خِلافَه.
ولو فُرِضَ أن أُعِيدُوا إلى الدُّنيا فأُمهِلُوا، لَرَجَعُوا إلى العِنادِ بالكُفر والتَّكذيبِ.
وإنَّهم لَكَاذِبُونَ في قَولِهم: لو رُدِدْنَا إلى الدُّنيا لم نُكَذِّب بآياتِ رَبِّنا،
وكُنَّا مِن المُؤمنين.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ 32. هذه حقيقةُ الدُّنيا وحقيقةُ الآخِرة.
أمَّا حقيقةُ الدُّنيا فإنَّها لَعِبٌ ولَهْوٌ، لَعِبٌ في الأبدان ولَهْوٌ في القُلُوب،
فالقُلُوبُ لها والِهَةٌ، والنُّفُوسُ لها عاشِقَةٌ، والهُمُومُ فيها مُتعلِّقةٌ،
والاشتغالُ بها كلَعِبِ الصِّبيان.
وأما الآخِرةُ، فإنَّها خَيْرٌ في ذاتِها وصِفاتِها، وبقائِها ودَوامِها،
وفيها ما تشتهيه الأنفُسُ، وتَلَذُّ الأعيُنُ، مِن نعيم القُلُوبِ والأرواح،
وكثرة السُّرور والأفراح، ولكنَّها ليست لِكُلِّ أحدٍ،
وإنَّما هِيَ للمُتَّقِين الذين يَفعلُونَ أوامِرَ الله، ويتركون نَواهِيَه وزَواجِرَه.
أفلا يكونُ لكم عُقُولٌ بها تُدركون أيَّ الدَّارَيْن أحَقُّ بالإيثار؟!
" تفسيرُ السَّعديّ بتَصَرُّفٍ يسير"
• ﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ 36.
إنَّما يُجِيبُكَ-أيُّها الرَّسُولُ- إلى ما دَعَوْتَ إليه مِنَ الهُدَى الذين يَسمعُونَ
الكلامَ سَماعَ قَبُولٍ. أمَّا الكُفَّارُ فهم في عِدادِ الموتى؛ لأنَّ الحَياةَ الحقيقيَّةَ
إنَّما تكونُ بالإسلام. والموتى يُخرِجُهُم اللهُ مِن قُبُورِهم أحياءً،
ثُمَّ يَعُودُونَ إليه يَومَ القِيامةِ ليُوفوا حِسابَهم وجَزاءَهم.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ 48. أي: مُبَشِّرينَ عِبادَ اللهِ المُؤمنين بالخَيراتِ،
ومُنذِرين مَن كَفَر باللهِ النِّقمَاتِ والعُقُوباتِ. فمَن آمَنَ قلبُه بما جاءوا به
وأصلح عَمَلَهُ باتِّباعِهِ إيَّاهم، فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ في ما يَستقبِلُونَه،
وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما فاتَهم وتركوه وراءَ ظُهُورِهم مِن أمر الدُّنيا وصَنِيعِها،
اللهُ وَلِيُّهم فيما خَلفوه، وحافِظُهم فيما تركوه.
"تفسيرُ ابن كثير بتَصَرُّفٍ يسير "
• ﴿ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ
قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ 56. قُل- أيُّها الرَّسُولُ- لهؤلاء
المُشركين الذين يَدْعُونَ مع الله آلِهةً أُخرى: إنَّ الله- عَزَّ وجَلَّ- نهاني
أن أعبُدَ الأوثانَ التي تَعبُدُونَها مِن دُونِهِ، والتي لا تَملِكُ نَفعًا ولا ضَرًّا،
ولا مَوتًا ولا حياةً ولا نُشُورًا، فإنَّ هذا باطِلٌ، وليس لكم فيه حُجَّةٌ بل ولا شُبْهَةٌ،
ولا اتِّباعُ الهَوَى الذي اتِّباعُهُ أعظَمُ الضَّلال. وقل لهم: لا أتَّبِعُ أهواءَكم،
قد ضَلَلتُ عن الصِّراطِ المُستقيمِ إنْ اتَّبعتُ أهواءَكم، وما أنا مِنَ المُهتدِين.
وأمَّا ما أنا عليه- مِن توحيدِ اللهِ وإخلاص العَمَلِ له- فإنَّه هو الحَقُّ
الذي تقومُ عليه البَراهِينُ والأدِلَّةُ القاطِعَةُ.
وأنا على يقينٍ مُبينٍ بصِحَّتِهِ، وبُطلان ما عداه.
"تفسير السَّعدِيّ والتَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ... ﴾ 59.
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (( مَفاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعلَمُها إلَّا اللهُ:
لا يَعلَمُ ما في غَدٍ إلَّا اللهُ، ولا يَعلَمُ ما تغيضُ الأرحامُ إلَّا اللهُ،
ولا يَعلمُ متى يأتي المَطرُ أحدٌ إلَّا اللهُ، ولا تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموتُ،
ولا يَعلَمُ متى تقومُ الساعةُ إلَّا اللهُ )) رواه البُخاريُّ.
فاللهُ سُبحانه وتعالى وَحدَه الذي يَعلَمُ الغَيبَ، وكَذَب مَن ادَّعَى غيرَ ذلك،
وكَذَبَ مَن جَعَلَ البَشَرَ يَعلمون الغَيبَ وجعلوا لهم مِن الصِّفاتِ ما للهِ سُبحانه.
• ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا
فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ 68. المُرادُ بالخَوضِ في آياتِ اللهِ: التَّكَلُّمُ بما يُخالِفُ الحَقَّ،
مِن تحسين المقالاتِ الباطلة، والدَّعوة إليها، ومَدح أهلِها، والإعراض عن الحَقِّ،
والقَدْح فيه وفي أهله، فأمَرَ اللهُ رَسُولَه أصلاً وأُمَّتَه تَبَعًا، إذا رأوا مَن يَخُوضُ
بآياتِ الله بشيءٍ مِمَّا ذُكِرَ، بالإعراض عنهم، وعَدَمِ حُضُور مَجالِس الخائِضين
بالباطل، والاستمرار على ذلك، حتى يكونَ البَحثُ والخَوضُ في كلامٍ غيره،
فإذا كان في كلامٍ غيره، زال النَّهيُ المذكور.
فإنْ كان مَصلحةً كان مأمورًا به، وإنْ كان غيرَ ذلك، كان غَير مُفيدٍ ولا مأمورٍ به.
وفي ذَمِّ الخَوضِ بالباطل، حَثَّ على البَحثِ، والنَّظَرِ، والمُناظَرةِ بالحَقِّ. ثُمَّ قال:
﴿ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ ﴾ أي: بأنْ جَلَستَ معهم، على وَجه النِّسيان والغَفلةِ،
﴿ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ يَشمَلُ الخائِضين بالباطل،
وكُلَّ مُتكلِّمٍ بمُحَرَّمٍ، أو فاعِلٍ لمُحَرَّمٍ، فإنَّه يَحرُمُ الجُلُوسُ والحُضُورُ عند حُضُور
المُنكَر الذي لا يُقدَرُ على إزالته.
هذا النَّهيُ والتَّحريمُ لِمَن جَلَسَ معهم، ولم يَستعمِل تقوى الله؛
بأنْ كان يُشاركُهم في القَول والعَمَل المُحَرَّم، أو يَسكُتُ عنهم، وعن الإنكار،
فإنْ استعمَلَ تقوى الله تعالى؛ بأنْ كان يأمُرُهم بالخَير، وينهاهم عن الشَّرِّ
والكلام الذي يَصدُرُ منهم، فيترتَّبُ على ذلك زَوالُ الشَّرِّ أو تخفيفُه،
فهذا ليس عليه حَرَجٌ ولا إثمٌ. ولهذا قال: ﴿ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ
مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ 69؛ أي: ولكنْ ليُذَكِّرَهم، ويَعِظَهم،
لَعَلَّهم يتَّقُونَ اللهَ تعالى.
وفي هذا دليلٌ على أنَّه ينبغي أن يَستعمِلَ المُذَكِّرُ مِن الكلام ما يكونُ أقربَ
إلى حُصُول مَقصودِ التَّقوَى. وفيه دليلٌ على أنَّه إذا كان التَّذكِيرُ والوَعظُ
مِمَّا يَزيدُ الموعُوظَ شَرًّا إلى شَرِّه، إلى أنَّ تَركَه هو الواجِب؛
لأنَّه إذا ناقَضَ المقصودَ، كان تَركُه مَقصودًا.
"تفسيرُ السَّعدِيّ"
• ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ 82.
الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه، وعَمِلُوا بشَرعِهِ، ولم يَخلِطُوا إيمانَهم بشِركٍ،
أولئك لهم الطُّمأنينةُ والسَّلامةُ، وهم المُوَفَّقُونَ إلى طريق الحَقِّ.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ
حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ 92.
وهذا القُرآنُ كِتابٌ أنزلناه إليكَ- أيُّها الرسولُ- عَظِيمُ النَّفع،
مُصَدِّقٌ لِمَا تَقَدَّمَه مِنَ الكُتُبِ السَّماويَّةِ، أنزلناه لِنُخَوِّفَ به مِن عَذابِ الله
وبأسِهِ أهل "مَكَّة" ومَن حولَها مِن أهل أقطار الأرض كُلِّها.
والذين يُصدِّقُونَ بالحَياةِ الآخِرة، يُصدِّقُونَ بأنَّ القُرآنَ كلامُ الله،
ويُحافِظُونَ على إقام الصلاةِ في أوقاتِها.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
وَكِيلٌ ﴾ 102. فاللهُ سُبحانه هو المَألوه المَعبودُ، الذي يَستحِقُّ نهايةَ الذُّلِّ،
ونهايةَ الحُبِّ، الرَّبُّ الذي رَبَّى جَميعَ الخَلْقِ بالنِّعَم، وصَرَفَ عنهم صُنُوفَ النِّقَمِ.
فإذا استقرَّ وثَبَتَ أنَّه الله الذي لا إله إلَّا هو، فاصرِفُوا له جَميعَ أنواع العِبادة،
وأخلِصُوها لله، واقصِدُوا بها وَجهَه. فإنَّ هذا هو المقصود مِن الخَلْقِ،
الذي خُلِقُوا لأجله ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ﴾ الذاريات/56.
وجَميعُ الأشياءِ تحت وكالة الله وتدبيره، خَلْقًا، وتدبيرًا، وتصريفًا.
ووكالتُه تعالى على الأشياءِ ليست مِن جِنْسِ وكالة الخَلْق،
فإنَّ وكالتهم وكالة نِيَابةٍ، والوكيلُ فيها تابِعٌ لمُوكله.
وأمَّا الباري- تبارك وتعالى- فوكالتُه مِن نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، مُتضمِّنةً لكَمال العِلْم،
وحُسْنِ التَّدبير والإحسان فيه، والعَدل. فلا يُمكِنُ لأحدٍ أن يَستدرِكَ على الله،
ولا يَرَى في خَلْقِهِ خَلَلاً ولا فُطورًا، ولا في تَدبيره نَقصًا وعَيبًا.
ومِن وكالته: أنَّه- تعالى- توكَّل ببيان دِينِهِ، وحِفْظِهِ عن المُزيلاتِ والمُغَيِّراتِ،
وأنَّه تَوَلَّى حِفظَ المُؤمنين وعِصمَتَهم عَمَّا يُزيلُ إيمانَهم ودِينَهم.
"تفسيرُ السَّعدِيّ بتصَرُّفٍ"
• ﴿ اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ 106.
اتَّبِع- أيُّها الرسولُ- ما أوحيناه إليك مِن الأوامِر والنَّواهي،
التي أعظمُها توحِيدُ اللهِ سُبحانه والدَّعوةُ إليه, ولا تُبالِ بعِنَادِ المُشركين,
وادِّعائِهم الباطِل.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ
زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ... ﴾ 108. يَنهَى اللهُ المُؤمنين عن أمرٍ كان جائِزًا،
بل مَشروعًا في الأصل، وهو سَبّ آلهةِ المُشركين، التي اتُّخِذَت أوثانًا وآلِهَةً
مع الله، التي يُتَقَرَّبُ إلى الله بإهانتِها وسَبِّها. ولكنْ لَمَّا كان هذا السَّبُّ طريقًا
إلى سَبِّ المشركين لِرَبِّ العالَمين- الذي يَجِبُ تنزيهُ جَنابِهِ العظيم عن كُلِّ
عَيْبٍ وآفةٍ وسَبٍّ وقَدْحٍ- نَهَى اللهُ عن سَبِّ آلهةِ المُشركين؛
لأنَّهم يَحمُونَ لِدِينهِم، ويتعصَّبُونَ له. لأنَّ كُلَّ أُمَّةٍ زَيَّنَ اللهُ لهم عَمَلَهم،
فرأَوْه حَسَنًا، وذَبُّوا عنه، ودافَعُوا بكُلِّ طريق، حتى إنَّهم لَيَسُبُّونَ اللهَ رَبَّ العالَمِين،
الذي رَسَخَت عَظَمَتُه في قُلُوبِ الأبرار والفُجَّار، إذا سَبَّ المُسلِمُونَ آلِهَتَهُم.
"تفسيرُ السَّعدِيّ"
• ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ
وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ 116. يُحذِّرُ اللهُ تعالى نَبِيَّه مُحمدًا- صلَّى الله عليه
وسلَّم- مِن طاعةِ أكثر الناس؛ فإنَّ أكثرَهم قد انحرفوا في أديانِهم، وأعمالِهم،
وعُلُومِهم. فأديانُهم فاسِدة، وأعمالُهم تَبَعٌ لأهوائِهم، وعُلُومُهم ليس فيها تحقيقٌ
ولا إيصالٌ لسَواءِ الطريق. بل غايتُهم أنَّهم يتَّبِعون الظَّنَّ الذي لا يُغنِي مِن الحَقِّ
شيئًا، ويتخرَّصون في القول على الله ما لا يعلمون. ومَن كان بهذه المثابةِ،
فحَرِيٌّ أن يُحذِّرَ اللهُ منه عِبادَه، ويَصِفَ لهم أحوالَهم؛ لأنَّ هذا- وإنْ كان
خِطابًا للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم- فإنَّ أُمَّتَه أُسوةٌ له في سائِر الأحكام،
التي ليست من خصائصه.
"تفسيرُ السَّعديّ بتصَرُّفٍ يسير"
• ﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآَيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ 118.
يأمُرُ تعالى عِبادَه المؤمنين، بمُقتَضَى الإيمان، وأنَّهم إن كانوا مُؤمنين،
فليَأكلوا مِمَّا ذُكِرَ اسمُ الله عليه مِن بَهيمةِ الأنعام، وغيرها مِن الحيواناتِ المُحَلَّلَة،
ويعتقدوا حِلَّها، ولا يَفعلوا كما يَفعلُ أهلُ الجاهليَّةِ مِن تحريم كثيرٍ مِن الحَلال،
ابتداعًا مِن عند أنفُسِهم، وإضلالاً مِن شياطينهم. فذَكَرَ اللهُ أنَّ علامةَ المُؤمِن
مُخالفة أهل الجاهليَّةِ في هذه العادة الذميمةِ المُتضمِّنة لتغيير شَرع الله.
"تفسيرُ السَّعديّ"
• ﴿ وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا
يَقْتَرِفُونَ ﴾ 120. نَهَى اللهُ عِبَادَه عن اقترافِ المعاصي الظاهِرة والباطِنة،
أي: السِّرّ والعلانية، المُتعلِّقة بالبَدَن والجَوارِح، والمُتعلِّقة بالقلب.
ولا يَتِمُّ للعَبدِ تركُ المعاصي الظاهِرة والباطِنة إلَّا بعد مَعرفتها، والبَحث عنها،
فيكونُ البَحثُ عنها ومَعرفتُها والعلمُ بذلك واجِبًا مُتعيِّنًا على المُكَلَّف.
والذين يَكسِبُونَ الإثمَ الظاهِر والباطِن، سيُجزَون على حَسب كَسْبِهم،
وعلى قَدْرِ ذُنُوبِهم، قلَّت أو كَثُرَت. وهذا الجَزاءُ يكونُ في الآخِرةِ،
وقد يكونُ في الدُّنيا، يُعاقَبُ العَبدُ، فيُخَفَّف عنه بذلك مِن سيئاتِه.
"تفسيرُ السَّعديّ بتصَرُّفٍ"
• ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ
إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ 121.
ولا تأكُلُوا- أيُّها المسلمون- مِن الذبائِح التي لم يُذكَر اسمُ الله عليها عند الذَّبح،
كالميتة وما ذُبِحَ للأوثان والجِنِّ، وغير ذلك. وإنَّ الأكلَ مِن تلك الذبائِح لَخُرُوجٌ
عن طاعةِ الله تعالى. وإنَّ مَرَدَةَ الجِنِّ لَيُلْقُونَ إلى أوليائِهم مِن شياطين الإنس
بالشُّبُهاتِ حَوْلَ تحريم أكل الميتة، فيأمرونَهم أن يقولوا للمُسلِمين في جِدالِهم
معهم: إنَّكم بعَدَمِ أكْلِكُم الميتة لا تأكلون ما قَتَلَه الله، بينما تأكلون مِمَّا تذبحونه.
وإنْ أطعتُموهم- أيُّها المسلمون في تحليل الميتة- فأنتم وهم في الشِّركِ سَواء.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ
صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ
لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ 125. فمَن يَشأ اللهُ أن يُوَفِّقَه لقَبُول الحَقِّ يَشْرَح صَدرَه للتَّوحِيدِ
والإيمان، ومَن يَشأ أن يُضِلَّه يَجْعَل صَدرَه في حالٍ شديدةٍ مِن الانقباض عن
قَبول الهُدَى، كحَال مَن يَصعد في طبقات الجَوِّ العُليا، فيُصابُ بضِيقٍ شديدٍ
في التَّنَفُّسِ. وكما يَجعَلُ اللهُ صُدُورَ الكافرين شديدةَ الضِّيق والانقباض،
كذلك يَجعَلُ العَذابَ على الذين لا يُؤمنون به.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ 134.
إنَّ الذي يُوعِدُكم به رَبُّكم- أيُّها المشركون- مِن العِقاب على كُفرِكم واقِعٌ بكم،
ولن تُعجِزُوا رَبَّكم هَربًا، فهو قادِرٌ على إعادتِكم، وإنْ صِرتُم تُرابًا وعِظَامًا.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 153. ومِمَّا وَصَّاكم اللهُ به أنَّ هذا الإسلامَ
هو طَريقُ اللهِ تعالى المُستقيم، فاسلُكوه، ولا تسلُكوا سُبَلَ الضَّلال، فتُفَرِّقكُم،
وتُبعِدكم عن سبيل اللهِ المُستقيم. ذلكم التَّوَجُّه نحو الطريق المستقيم
هو الذي وَصَّاكم اللهُ به؛ لِتَتَّقُوا عَذابَه بفِعل أوامِره, واجتنابِ نَواهِيه.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ 155.
وهذا القُرآنُ كتابٌ أنزلناه على نَبِيِّنا مُحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم, خَيرُه كثيرٌ،
فاتَّبِعوه فيما يأمُرُ به ويَنهَى عنه، واتَّقُوا اللهَ أن تُخالِفُوا له أمرًا؛
رجاءَ أن تُرحَمُوا، فتنجوا مِن عذابه، وتظفروا بثوابه.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ
ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ 159. يتوعَّدُ اللهُ تعالى الذين شَتَّتُوا دِينَهم
وتفرقوا فيه، وكلٌّ أَخَذَ لِنَفْسِهِ نصيبًا مِن الأسماءِ التي لا تُفيدُ الإنسانَ
في دِينه شيئًا، كاليهوديَّةِ والنَّصرانيَّةِ والمجوسيَّةِ، أو لا يَكمُلُ بها إيمانه،
بأن يأخُذَ مِن الشَّريعةِ شيئًا ويَجعلُه دِينَه، ويَدَعَ مِثلَه أو ما هو أولى منه،
كما هو حال أهل البِدَعِ والضَّلال والمُفَرِّقِين للأُمَّةِ.
وأمَرَ رسولَه- صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يتبرَّأ مِمَّن فَرَّقُوا دِينَهم فقال:
لَستَ مِنهم وليسوا مِنكَ؛ لأنَّهم خالَفُوكَ وعانَدُوكَ. إنَّما حُكمُهم إلى الله تعالى،
ثُمَّ يُخبِرُهم بأعمالِهم، فيُجازِي مَن تاب منهم وأحسَنَ بإحسانِهِ،
ويُعاقِبُ المُسيءَ بإساءَتِهِ.
ودَلَّت الآيةُ الكريمةُ على أنَّ الدِّينَ يأمُرُ بالاجتماع والائتلافِ،
وينهى عن التَّفَرُّق والاختلافِ في أهل الدِّين، وفي سائِر مَسائِله الأصوليَّةِ
والفُروعيَّةِ.
"تفسيرُ السَّعديّ والتَّفسيرُ المُيَسَّرُ بتصَرُّفٍ"
• ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا
وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ 161. يأمُرُ تعالى نبيَّه- صلَّى الله عليه وسلَّم-
أن يقولَ ويُعلِنَ بما هو عليه مِن الهِدايةِ إلى الصِّراطِ المستقيم:
الدِّين المُعتدِل المُتضمِّن للعَقائِدِ النَّافِعةِ، والأعمال الصَّالِحةِ، والأمر بكُلِّ حَسَنٍ،
والنَّهي عن كُلِّ قَبيحٍ، الذي عليه الأنبياءُ والمُرسَلُونَ، خُصوصًا إمامُ الحُنَفَاءِ،
ووالِدُ مَن بُعِثَ مِن بعد مَوتِهِ مِن الأنبياءِ، خليلُ الرَّحْمَن إبراهيمُ عليه الصَّلاةُ
والسَّلامُ، وهو الدِّينُ الحَنيفُ المائِلُ عن كُلِّ دِينٍ غير مُستقيم،
مِن أديان أهل الانحرافِ، كاليَهودِ والنَّصارَى والمُشركين.
"تفسيرُ السَّعديّ"
• ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ
وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ 162. قل- أيُّها الرسولُ- لهؤلاء
المُشركين: إنَّ صلاتي وذَبْحِي للهِ وَحدَه، لا للأصنام، ولا للأمواتِ، ولا للجِنِّ،
ولا لغَير ذلك مِمَّا تذبحونه لغير الله، وعلى غير اسمِهِ كما تفعلون،
وحياتي ومَوتي للهِ تعالى رَبِّ العالَمِين، لا شَرِيكَ له في أُلُوهِيَّتِهِ
ولا في رُبُوبِيَّتِهِ ولا في صِفاتِهِ وأسمائِهِ. وبذلك التَّوحِيدِ الخَالِصِ أمرني رَبِّي
جَلَّ وعَلا، وأنا أوَّلُ مَن أقَرَّ وانقاد للهِ مِن هذه الأُمَّةِ.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
في أمآن الله
سُورةُ الأنعآم
سورة الانعام من السور المكية وعدد اياتها 165
وهى ترد على المشركين الذين لم يؤمنوا بالله الواحد الاحد وانكروا البعث وقد روى انها نزلت جملة واحدة وحضر نزولها سبعون الف ملك فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كتاب الوحى فكتبوها ليلة نزولها هذة السورة تعالج القضية الاساسية فى الاسلام وهى قضية العقيدة قضية الالوهية والعبودية وهى تطوف بالنفس البشرية فى مشاهد كونية وايات ربانية انها تعرف العباد برب العباد
من هو ؟ ما مصدر هذا الوجود ؟ ماذا وراءه من اسرار ؟
من هم العباد؟ من خلقهم ؟ ولماذا خلقهم ؟ ومن انشاهم ؟
ومن يطعمهم؟ ومن يكفلهم ؟ ومن يدبر امرهم ؟
ومن يقلب ليلهم ونهارهم ؟ ومن يتوفاهم ؟ ومن يحاسبهم ؟
ومن يمنحهم النعم
هذا الماء الهاطل . هذا البرعم النابت . هذا الحب المتراكب
هذا النجم الثاقب . هذا الصبح البازغ . هذا الليل السادل
هذا الفلك الدوار . هذه الامم التى تذهب وتجئ
هذه الامور كلها تسير بقدرة الله وبمشيئته
لذا فانه المعبود الاحد
وينبغى ان يسخر الانسان حياته كلها لارضاء خالقه
هذه المعانى هى موضوع الايات المباركة فى سورة الانعام
• ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ... ﴾ 2. يَعني: أباهم آدم،
الذي هو أصلُهم ومِنه خَرَجُوا، فانتشَرُوا في المشارق والمغارب.
"تفسيرُ ابن كثير"
• ﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾ 3.
فإذا استترتَ بأفعالِكَ ومَعاصيكَ عن أعيُن الناسِ، فإنَّ اللهَ يراكَ،
وإنْ أبدَيْتَ مِن ذنبٍ أو أسررتَ، فإنَّ الله يَعلَمُه ويطَّلِعُ عليه.
فإذا عَلِمتَ ذلك، فلماذا تُصِرُّ على الذنب؟!
ولماذا لا تُسرِعُ بالتَّوبةِ والمَوتُ مِنكَ قريبٌ؟!
• ﴿ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ 12.
فكُلُّ ما في هذا الكونِ ملكٌ للهِ رَبِّ العالَمين.
هو سُبحانه مالِكُ الكَونِ ومُدبِّرُه ومُصَرِّفُه.
فإذا كُنتَ تعيشُ في ملكِ اللهِ، تمشي على أرضِهِ، وتستظِلُّ بسمائِهِ،
وتأكُلُ مِن رِزْقِهِ، ولا تفعلُ شيئًا إلَّا يَعلَمُه، فلماذا تستكبِر؟!
ولماذا تُسارِعُ إلى الذنوبِ ومنها تستكثِر؟! ولِمَ لا تتوبُ وتستغفِر؟!
• ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ﴾ 14. فاللهُ سُبحانه هو الوَلِّيُّ والنَّصيرُ.
﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ المائدة/55.
• ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ 15.
فإنَّ المعصيةَ في الشِّركِ تُوجِبُ الخُلُودَ في النار، وسَخَطَ الجبَّار.
وذلك اليَوم هو اليَوم الذي يُخافُ عَذابُه، ويُحذَرُ عِقابُه؛
لأنَّه مَن صُرِفَ عنه العَذابُ يَومئذٍ فهو المرحوم،
ومَن نَجَا فيه فهو الفائِزُ حقًّا،
كما أنَّ مَن لم يَنجُ منه فهو الهالِكُ الشَّقِيُّ.
" تفسيرُ السَّعديّ"
• ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ
فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ 17. وإن يُصِبكَ اللهُ تعالى- أيها الإنسانُ- بشيءٍ
يَضُرُّكَ كالفَقر والمرض فلا كاشِفَ له إلَّا هو، وإن يُصِبكَ بخَيرٍ كالغِنَى والصِّحَّةِ
فلا رَادَّ لفَضلِهِ ولا مانِعَ لقَضائِهِ، فهو- جَلَّ وعلا- القادِرُ على كُلِّ شيءٍ.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
فإذا كان اللهُ تعالى هو الذي يَكشِفُ الضُّرَّ، فلِمَ يتوجَّهُ البَعضُ إلى غيره
مِنَ البَشَرِ مِمَّن لا حَوْلَ له ولا قُوَّة؟! ولِمَاذا يَجعلُ اعتمادَه على الأسبابِ،
وينسى أنَّ اللهَ تعالى هو مُسَبِّبُ الأسباب؟! ولماذا لا يتوجَّه إلى اللهِ تعالى
بالدُّعاءِ والاستغاثةِ وطَلَبِ الفَرَج؟! لا بأسَ أن نأخُذَ بالأسباب،
وأن نطلُبَ العَونَ مِمَّن يملكه مِن البَشَر، لكنْ لا ننسى أنَّ اللهَ تعالى
هو الذي خَلَقَنا ويُدَبِّرُ أمورَنا، ويَعلَمُ ما يُصلِحُنا.
فلنتوكَّل عليه سُبحانه مع أخذِنا بالأسباب،
ولنستعِن به على كَشفِ الضُّرِّ ورَفعِ البَلاءِ.
• ﴿ ... قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ... ﴾ 19. فكَذَبَ مَن ادَّعَى أنَّ اللهَ ثالِثُ ثلاثة،
وكَذَبَ مَن جَعَلَ للهِ شُركاءَ في مُلْكِهِ وأُلُوهِيَّتِهِ. فاللهُ واحِدٌ لا شَريكَ له،
﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ الإخلاص/3-4.
• ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا
وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 27. هذا حال المُشركين يومَ القِيامة.
يتمنّون العَودةَ للدُّنيا؛ ليُصدِّقوا بآياتِ اللهِ ويَعملوا بها، ويكونوا مِن المُؤمنين.
لكنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ. قد كانت أمامكم الفُرصةُ في الدُّنيا، فلم تغتنموها،
وكذَّبتم واستكبرتم. وعندما رأيتم العَذابَ، وعاينتم الهَلاكَ،
تُريدُونَ الرُّجُوعَ وتندمونَ على ما قُلتُم؟!
• ﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ
وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ 28. بل ظَهَر لهم يَومَ القِيامةِ ما كانوا يَعلمُونَه مِن أنفُسِهم
مِن صِدْقِ ما جاءت به الرُّسُلُ في الدُّنيا، وإن كانوا يُظهِرُونَ لأتباعِهِ خِلافَه.
ولو فُرِضَ أن أُعِيدُوا إلى الدُّنيا فأُمهِلُوا، لَرَجَعُوا إلى العِنادِ بالكُفر والتَّكذيبِ.
وإنَّهم لَكَاذِبُونَ في قَولِهم: لو رُدِدْنَا إلى الدُّنيا لم نُكَذِّب بآياتِ رَبِّنا،
وكُنَّا مِن المُؤمنين.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ 32. هذه حقيقةُ الدُّنيا وحقيقةُ الآخِرة.
أمَّا حقيقةُ الدُّنيا فإنَّها لَعِبٌ ولَهْوٌ، لَعِبٌ في الأبدان ولَهْوٌ في القُلُوب،
فالقُلُوبُ لها والِهَةٌ، والنُّفُوسُ لها عاشِقَةٌ، والهُمُومُ فيها مُتعلِّقةٌ،
والاشتغالُ بها كلَعِبِ الصِّبيان.
وأما الآخِرةُ، فإنَّها خَيْرٌ في ذاتِها وصِفاتِها، وبقائِها ودَوامِها،
وفيها ما تشتهيه الأنفُسُ، وتَلَذُّ الأعيُنُ، مِن نعيم القُلُوبِ والأرواح،
وكثرة السُّرور والأفراح، ولكنَّها ليست لِكُلِّ أحدٍ،
وإنَّما هِيَ للمُتَّقِين الذين يَفعلُونَ أوامِرَ الله، ويتركون نَواهِيَه وزَواجِرَه.
أفلا يكونُ لكم عُقُولٌ بها تُدركون أيَّ الدَّارَيْن أحَقُّ بالإيثار؟!
" تفسيرُ السَّعديّ بتَصَرُّفٍ يسير"
• ﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ 36.
إنَّما يُجِيبُكَ-أيُّها الرَّسُولُ- إلى ما دَعَوْتَ إليه مِنَ الهُدَى الذين يَسمعُونَ
الكلامَ سَماعَ قَبُولٍ. أمَّا الكُفَّارُ فهم في عِدادِ الموتى؛ لأنَّ الحَياةَ الحقيقيَّةَ
إنَّما تكونُ بالإسلام. والموتى يُخرِجُهُم اللهُ مِن قُبُورِهم أحياءً،
ثُمَّ يَعُودُونَ إليه يَومَ القِيامةِ ليُوفوا حِسابَهم وجَزاءَهم.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ 48. أي: مُبَشِّرينَ عِبادَ اللهِ المُؤمنين بالخَيراتِ،
ومُنذِرين مَن كَفَر باللهِ النِّقمَاتِ والعُقُوباتِ. فمَن آمَنَ قلبُه بما جاءوا به
وأصلح عَمَلَهُ باتِّباعِهِ إيَّاهم، فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ في ما يَستقبِلُونَه،
وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما فاتَهم وتركوه وراءَ ظُهُورِهم مِن أمر الدُّنيا وصَنِيعِها،
اللهُ وَلِيُّهم فيما خَلفوه، وحافِظُهم فيما تركوه.
"تفسيرُ ابن كثير بتَصَرُّفٍ يسير "
• ﴿ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ
قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ 56. قُل- أيُّها الرَّسُولُ- لهؤلاء
المُشركين الذين يَدْعُونَ مع الله آلِهةً أُخرى: إنَّ الله- عَزَّ وجَلَّ- نهاني
أن أعبُدَ الأوثانَ التي تَعبُدُونَها مِن دُونِهِ، والتي لا تَملِكُ نَفعًا ولا ضَرًّا،
ولا مَوتًا ولا حياةً ولا نُشُورًا، فإنَّ هذا باطِلٌ، وليس لكم فيه حُجَّةٌ بل ولا شُبْهَةٌ،
ولا اتِّباعُ الهَوَى الذي اتِّباعُهُ أعظَمُ الضَّلال. وقل لهم: لا أتَّبِعُ أهواءَكم،
قد ضَلَلتُ عن الصِّراطِ المُستقيمِ إنْ اتَّبعتُ أهواءَكم، وما أنا مِنَ المُهتدِين.
وأمَّا ما أنا عليه- مِن توحيدِ اللهِ وإخلاص العَمَلِ له- فإنَّه هو الحَقُّ
الذي تقومُ عليه البَراهِينُ والأدِلَّةُ القاطِعَةُ.
وأنا على يقينٍ مُبينٍ بصِحَّتِهِ، وبُطلان ما عداه.
"تفسير السَّعدِيّ والتَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ... ﴾ 59.
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (( مَفاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعلَمُها إلَّا اللهُ:
لا يَعلَمُ ما في غَدٍ إلَّا اللهُ، ولا يَعلَمُ ما تغيضُ الأرحامُ إلَّا اللهُ،
ولا يَعلمُ متى يأتي المَطرُ أحدٌ إلَّا اللهُ، ولا تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموتُ،
ولا يَعلَمُ متى تقومُ الساعةُ إلَّا اللهُ )) رواه البُخاريُّ.
فاللهُ سُبحانه وتعالى وَحدَه الذي يَعلَمُ الغَيبَ، وكَذَب مَن ادَّعَى غيرَ ذلك،
وكَذَبَ مَن جَعَلَ البَشَرَ يَعلمون الغَيبَ وجعلوا لهم مِن الصِّفاتِ ما للهِ سُبحانه.
• ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا
فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ 68. المُرادُ بالخَوضِ في آياتِ اللهِ: التَّكَلُّمُ بما يُخالِفُ الحَقَّ،
مِن تحسين المقالاتِ الباطلة، والدَّعوة إليها، ومَدح أهلِها، والإعراض عن الحَقِّ،
والقَدْح فيه وفي أهله، فأمَرَ اللهُ رَسُولَه أصلاً وأُمَّتَه تَبَعًا، إذا رأوا مَن يَخُوضُ
بآياتِ الله بشيءٍ مِمَّا ذُكِرَ، بالإعراض عنهم، وعَدَمِ حُضُور مَجالِس الخائِضين
بالباطل، والاستمرار على ذلك، حتى يكونَ البَحثُ والخَوضُ في كلامٍ غيره،
فإذا كان في كلامٍ غيره، زال النَّهيُ المذكور.
فإنْ كان مَصلحةً كان مأمورًا به، وإنْ كان غيرَ ذلك، كان غَير مُفيدٍ ولا مأمورٍ به.
وفي ذَمِّ الخَوضِ بالباطل، حَثَّ على البَحثِ، والنَّظَرِ، والمُناظَرةِ بالحَقِّ. ثُمَّ قال:
﴿ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ ﴾ أي: بأنْ جَلَستَ معهم، على وَجه النِّسيان والغَفلةِ،
﴿ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ يَشمَلُ الخائِضين بالباطل،
وكُلَّ مُتكلِّمٍ بمُحَرَّمٍ، أو فاعِلٍ لمُحَرَّمٍ، فإنَّه يَحرُمُ الجُلُوسُ والحُضُورُ عند حُضُور
المُنكَر الذي لا يُقدَرُ على إزالته.
هذا النَّهيُ والتَّحريمُ لِمَن جَلَسَ معهم، ولم يَستعمِل تقوى الله؛
بأنْ كان يُشاركُهم في القَول والعَمَل المُحَرَّم، أو يَسكُتُ عنهم، وعن الإنكار،
فإنْ استعمَلَ تقوى الله تعالى؛ بأنْ كان يأمُرُهم بالخَير، وينهاهم عن الشَّرِّ
والكلام الذي يَصدُرُ منهم، فيترتَّبُ على ذلك زَوالُ الشَّرِّ أو تخفيفُه،
فهذا ليس عليه حَرَجٌ ولا إثمٌ. ولهذا قال: ﴿ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ
مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ 69؛ أي: ولكنْ ليُذَكِّرَهم، ويَعِظَهم،
لَعَلَّهم يتَّقُونَ اللهَ تعالى.
وفي هذا دليلٌ على أنَّه ينبغي أن يَستعمِلَ المُذَكِّرُ مِن الكلام ما يكونُ أقربَ
إلى حُصُول مَقصودِ التَّقوَى. وفيه دليلٌ على أنَّه إذا كان التَّذكِيرُ والوَعظُ
مِمَّا يَزيدُ الموعُوظَ شَرًّا إلى شَرِّه، إلى أنَّ تَركَه هو الواجِب؛
لأنَّه إذا ناقَضَ المقصودَ، كان تَركُه مَقصودًا.
"تفسيرُ السَّعدِيّ"
• ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ 82.
الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه، وعَمِلُوا بشَرعِهِ، ولم يَخلِطُوا إيمانَهم بشِركٍ،
أولئك لهم الطُّمأنينةُ والسَّلامةُ، وهم المُوَفَّقُونَ إلى طريق الحَقِّ.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ
حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ 92.
وهذا القُرآنُ كِتابٌ أنزلناه إليكَ- أيُّها الرسولُ- عَظِيمُ النَّفع،
مُصَدِّقٌ لِمَا تَقَدَّمَه مِنَ الكُتُبِ السَّماويَّةِ، أنزلناه لِنُخَوِّفَ به مِن عَذابِ الله
وبأسِهِ أهل "مَكَّة" ومَن حولَها مِن أهل أقطار الأرض كُلِّها.
والذين يُصدِّقُونَ بالحَياةِ الآخِرة، يُصدِّقُونَ بأنَّ القُرآنَ كلامُ الله،
ويُحافِظُونَ على إقام الصلاةِ في أوقاتِها.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
وَكِيلٌ ﴾ 102. فاللهُ سُبحانه هو المَألوه المَعبودُ، الذي يَستحِقُّ نهايةَ الذُّلِّ،
ونهايةَ الحُبِّ، الرَّبُّ الذي رَبَّى جَميعَ الخَلْقِ بالنِّعَم، وصَرَفَ عنهم صُنُوفَ النِّقَمِ.
فإذا استقرَّ وثَبَتَ أنَّه الله الذي لا إله إلَّا هو، فاصرِفُوا له جَميعَ أنواع العِبادة،
وأخلِصُوها لله، واقصِدُوا بها وَجهَه. فإنَّ هذا هو المقصود مِن الخَلْقِ،
الذي خُلِقُوا لأجله ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ﴾ الذاريات/56.
وجَميعُ الأشياءِ تحت وكالة الله وتدبيره، خَلْقًا، وتدبيرًا، وتصريفًا.
ووكالتُه تعالى على الأشياءِ ليست مِن جِنْسِ وكالة الخَلْق،
فإنَّ وكالتهم وكالة نِيَابةٍ، والوكيلُ فيها تابِعٌ لمُوكله.
وأمَّا الباري- تبارك وتعالى- فوكالتُه مِن نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، مُتضمِّنةً لكَمال العِلْم،
وحُسْنِ التَّدبير والإحسان فيه، والعَدل. فلا يُمكِنُ لأحدٍ أن يَستدرِكَ على الله،
ولا يَرَى في خَلْقِهِ خَلَلاً ولا فُطورًا، ولا في تَدبيره نَقصًا وعَيبًا.
ومِن وكالته: أنَّه- تعالى- توكَّل ببيان دِينِهِ، وحِفْظِهِ عن المُزيلاتِ والمُغَيِّراتِ،
وأنَّه تَوَلَّى حِفظَ المُؤمنين وعِصمَتَهم عَمَّا يُزيلُ إيمانَهم ودِينَهم.
"تفسيرُ السَّعدِيّ بتصَرُّفٍ"
• ﴿ اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ 106.
اتَّبِع- أيُّها الرسولُ- ما أوحيناه إليك مِن الأوامِر والنَّواهي،
التي أعظمُها توحِيدُ اللهِ سُبحانه والدَّعوةُ إليه, ولا تُبالِ بعِنَادِ المُشركين,
وادِّعائِهم الباطِل.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ
زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ... ﴾ 108. يَنهَى اللهُ المُؤمنين عن أمرٍ كان جائِزًا،
بل مَشروعًا في الأصل، وهو سَبّ آلهةِ المُشركين، التي اتُّخِذَت أوثانًا وآلِهَةً
مع الله، التي يُتَقَرَّبُ إلى الله بإهانتِها وسَبِّها. ولكنْ لَمَّا كان هذا السَّبُّ طريقًا
إلى سَبِّ المشركين لِرَبِّ العالَمين- الذي يَجِبُ تنزيهُ جَنابِهِ العظيم عن كُلِّ
عَيْبٍ وآفةٍ وسَبٍّ وقَدْحٍ- نَهَى اللهُ عن سَبِّ آلهةِ المُشركين؛
لأنَّهم يَحمُونَ لِدِينهِم، ويتعصَّبُونَ له. لأنَّ كُلَّ أُمَّةٍ زَيَّنَ اللهُ لهم عَمَلَهم،
فرأَوْه حَسَنًا، وذَبُّوا عنه، ودافَعُوا بكُلِّ طريق، حتى إنَّهم لَيَسُبُّونَ اللهَ رَبَّ العالَمِين،
الذي رَسَخَت عَظَمَتُه في قُلُوبِ الأبرار والفُجَّار، إذا سَبَّ المُسلِمُونَ آلِهَتَهُم.
"تفسيرُ السَّعدِيّ"
• ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ
وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ 116. يُحذِّرُ اللهُ تعالى نَبِيَّه مُحمدًا- صلَّى الله عليه
وسلَّم- مِن طاعةِ أكثر الناس؛ فإنَّ أكثرَهم قد انحرفوا في أديانِهم، وأعمالِهم،
وعُلُومِهم. فأديانُهم فاسِدة، وأعمالُهم تَبَعٌ لأهوائِهم، وعُلُومُهم ليس فيها تحقيقٌ
ولا إيصالٌ لسَواءِ الطريق. بل غايتُهم أنَّهم يتَّبِعون الظَّنَّ الذي لا يُغنِي مِن الحَقِّ
شيئًا، ويتخرَّصون في القول على الله ما لا يعلمون. ومَن كان بهذه المثابةِ،
فحَرِيٌّ أن يُحذِّرَ اللهُ منه عِبادَه، ويَصِفَ لهم أحوالَهم؛ لأنَّ هذا- وإنْ كان
خِطابًا للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم- فإنَّ أُمَّتَه أُسوةٌ له في سائِر الأحكام،
التي ليست من خصائصه.
"تفسيرُ السَّعديّ بتصَرُّفٍ يسير"
• ﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآَيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ 118.
يأمُرُ تعالى عِبادَه المؤمنين، بمُقتَضَى الإيمان، وأنَّهم إن كانوا مُؤمنين،
فليَأكلوا مِمَّا ذُكِرَ اسمُ الله عليه مِن بَهيمةِ الأنعام، وغيرها مِن الحيواناتِ المُحَلَّلَة،
ويعتقدوا حِلَّها، ولا يَفعلوا كما يَفعلُ أهلُ الجاهليَّةِ مِن تحريم كثيرٍ مِن الحَلال،
ابتداعًا مِن عند أنفُسِهم، وإضلالاً مِن شياطينهم. فذَكَرَ اللهُ أنَّ علامةَ المُؤمِن
مُخالفة أهل الجاهليَّةِ في هذه العادة الذميمةِ المُتضمِّنة لتغيير شَرع الله.
"تفسيرُ السَّعديّ"
• ﴿ وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا
يَقْتَرِفُونَ ﴾ 120. نَهَى اللهُ عِبَادَه عن اقترافِ المعاصي الظاهِرة والباطِنة،
أي: السِّرّ والعلانية، المُتعلِّقة بالبَدَن والجَوارِح، والمُتعلِّقة بالقلب.
ولا يَتِمُّ للعَبدِ تركُ المعاصي الظاهِرة والباطِنة إلَّا بعد مَعرفتها، والبَحث عنها،
فيكونُ البَحثُ عنها ومَعرفتُها والعلمُ بذلك واجِبًا مُتعيِّنًا على المُكَلَّف.
والذين يَكسِبُونَ الإثمَ الظاهِر والباطِن، سيُجزَون على حَسب كَسْبِهم،
وعلى قَدْرِ ذُنُوبِهم، قلَّت أو كَثُرَت. وهذا الجَزاءُ يكونُ في الآخِرةِ،
وقد يكونُ في الدُّنيا، يُعاقَبُ العَبدُ، فيُخَفَّف عنه بذلك مِن سيئاتِه.
"تفسيرُ السَّعديّ بتصَرُّفٍ"
• ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ
إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ 121.
ولا تأكُلُوا- أيُّها المسلمون- مِن الذبائِح التي لم يُذكَر اسمُ الله عليها عند الذَّبح،
كالميتة وما ذُبِحَ للأوثان والجِنِّ، وغير ذلك. وإنَّ الأكلَ مِن تلك الذبائِح لَخُرُوجٌ
عن طاعةِ الله تعالى. وإنَّ مَرَدَةَ الجِنِّ لَيُلْقُونَ إلى أوليائِهم مِن شياطين الإنس
بالشُّبُهاتِ حَوْلَ تحريم أكل الميتة، فيأمرونَهم أن يقولوا للمُسلِمين في جِدالِهم
معهم: إنَّكم بعَدَمِ أكْلِكُم الميتة لا تأكلون ما قَتَلَه الله، بينما تأكلون مِمَّا تذبحونه.
وإنْ أطعتُموهم- أيُّها المسلمون في تحليل الميتة- فأنتم وهم في الشِّركِ سَواء.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ
صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ
لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ 125. فمَن يَشأ اللهُ أن يُوَفِّقَه لقَبُول الحَقِّ يَشْرَح صَدرَه للتَّوحِيدِ
والإيمان، ومَن يَشأ أن يُضِلَّه يَجْعَل صَدرَه في حالٍ شديدةٍ مِن الانقباض عن
قَبول الهُدَى، كحَال مَن يَصعد في طبقات الجَوِّ العُليا، فيُصابُ بضِيقٍ شديدٍ
في التَّنَفُّسِ. وكما يَجعَلُ اللهُ صُدُورَ الكافرين شديدةَ الضِّيق والانقباض،
كذلك يَجعَلُ العَذابَ على الذين لا يُؤمنون به.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ 134.
إنَّ الذي يُوعِدُكم به رَبُّكم- أيُّها المشركون- مِن العِقاب على كُفرِكم واقِعٌ بكم،
ولن تُعجِزُوا رَبَّكم هَربًا، فهو قادِرٌ على إعادتِكم، وإنْ صِرتُم تُرابًا وعِظَامًا.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 153. ومِمَّا وَصَّاكم اللهُ به أنَّ هذا الإسلامَ
هو طَريقُ اللهِ تعالى المُستقيم، فاسلُكوه، ولا تسلُكوا سُبَلَ الضَّلال، فتُفَرِّقكُم،
وتُبعِدكم عن سبيل اللهِ المُستقيم. ذلكم التَّوَجُّه نحو الطريق المستقيم
هو الذي وَصَّاكم اللهُ به؛ لِتَتَّقُوا عَذابَه بفِعل أوامِره, واجتنابِ نَواهِيه.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ 155.
وهذا القُرآنُ كتابٌ أنزلناه على نَبِيِّنا مُحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم, خَيرُه كثيرٌ،
فاتَّبِعوه فيما يأمُرُ به ويَنهَى عنه، واتَّقُوا اللهَ أن تُخالِفُوا له أمرًا؛
رجاءَ أن تُرحَمُوا، فتنجوا مِن عذابه، وتظفروا بثوابه.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
• ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ
ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ 159. يتوعَّدُ اللهُ تعالى الذين شَتَّتُوا دِينَهم
وتفرقوا فيه، وكلٌّ أَخَذَ لِنَفْسِهِ نصيبًا مِن الأسماءِ التي لا تُفيدُ الإنسانَ
في دِينه شيئًا، كاليهوديَّةِ والنَّصرانيَّةِ والمجوسيَّةِ، أو لا يَكمُلُ بها إيمانه،
بأن يأخُذَ مِن الشَّريعةِ شيئًا ويَجعلُه دِينَه، ويَدَعَ مِثلَه أو ما هو أولى منه،
كما هو حال أهل البِدَعِ والضَّلال والمُفَرِّقِين للأُمَّةِ.
وأمَرَ رسولَه- صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يتبرَّأ مِمَّن فَرَّقُوا دِينَهم فقال:
لَستَ مِنهم وليسوا مِنكَ؛ لأنَّهم خالَفُوكَ وعانَدُوكَ. إنَّما حُكمُهم إلى الله تعالى،
ثُمَّ يُخبِرُهم بأعمالِهم، فيُجازِي مَن تاب منهم وأحسَنَ بإحسانِهِ،
ويُعاقِبُ المُسيءَ بإساءَتِهِ.
ودَلَّت الآيةُ الكريمةُ على أنَّ الدِّينَ يأمُرُ بالاجتماع والائتلافِ،
وينهى عن التَّفَرُّق والاختلافِ في أهل الدِّين، وفي سائِر مَسائِله الأصوليَّةِ
والفُروعيَّةِ.
"تفسيرُ السَّعديّ والتَّفسيرُ المُيَسَّرُ بتصَرُّفٍ"
• ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا
وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ 161. يأمُرُ تعالى نبيَّه- صلَّى الله عليه وسلَّم-
أن يقولَ ويُعلِنَ بما هو عليه مِن الهِدايةِ إلى الصِّراطِ المستقيم:
الدِّين المُعتدِل المُتضمِّن للعَقائِدِ النَّافِعةِ، والأعمال الصَّالِحةِ، والأمر بكُلِّ حَسَنٍ،
والنَّهي عن كُلِّ قَبيحٍ، الذي عليه الأنبياءُ والمُرسَلُونَ، خُصوصًا إمامُ الحُنَفَاءِ،
ووالِدُ مَن بُعِثَ مِن بعد مَوتِهِ مِن الأنبياءِ، خليلُ الرَّحْمَن إبراهيمُ عليه الصَّلاةُ
والسَّلامُ، وهو الدِّينُ الحَنيفُ المائِلُ عن كُلِّ دِينٍ غير مُستقيم،
مِن أديان أهل الانحرافِ، كاليَهودِ والنَّصارَى والمُشركين.
"تفسيرُ السَّعديّ"
• ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ
وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ 162. قل- أيُّها الرسولُ- لهؤلاء
المُشركين: إنَّ صلاتي وذَبْحِي للهِ وَحدَه، لا للأصنام، ولا للأمواتِ، ولا للجِنِّ،
ولا لغَير ذلك مِمَّا تذبحونه لغير الله، وعلى غير اسمِهِ كما تفعلون،
وحياتي ومَوتي للهِ تعالى رَبِّ العالَمِين، لا شَرِيكَ له في أُلُوهِيَّتِهِ
ولا في رُبُوبِيَّتِهِ ولا في صِفاتِهِ وأسمائِهِ. وبذلك التَّوحِيدِ الخَالِصِ أمرني رَبِّي
جَلَّ وعَلا، وأنا أوَّلُ مَن أقَرَّ وانقاد للهِ مِن هذه الأُمَّةِ.
"التَّفسيرُ المُيَسَّر"
في أمآن الله