مدخـل
أولا تعريف الأصم:
هناك تعريفات كثيرة ومتقاربة في تعريف الأصم منها:أولا تعريف الأصم:
- الأًصم: هو الفرد الذي يُعاني من عجز سمعي إلى درجة (فقدان سمعي 70 ديسبل فأكثر) تحول دون اعتماده على حاسة السمع في فهم الكلام سواء باستخدام السماعات أو بدونها.
وضعيف السمع: هو الفرد الذي يعاني من فقدان سمعي إلى درجة (فقدان سمعي 35-69 ديسبل) يجعله يواجه صعوبة في فهم الكلام بالاعتماد على حاسة السمع فقط، سواء باستخدام السماعات أو بدونها([1]).
- الصم: هم أولئك الذين يُولدون فاقدين للسمع تماما أو الذين يَفقدون السمع لدرجة تكفي لإعاقة بناء الكلام واللغة، وأيضا الأطفال الذي يفقدون السمع في مرحلة الطفولة المبكرة قبل تكوين الكلم واللغة بحيث تُصبح القدرة على فهم الكلام واللغة من الأشياء المفقودة بالنسبة لهم للأغراض العلمية.
وضعاف السمع: هم أولئك الأطفال الذين تكونت لديهم مهارة الكلام والقدرة على فهم اللغة، تطورت لديهم بعد ذلك الإعاقة في السمع، مثل هؤلاء الذين يكونون على وعي بالأصوات ولديهم اتصال عادي أو قريب من العادي بعالم الأصوات الذي يعيشون([2]).
ثانيا: المؤشرات الدالة على وجود إعاقة سمعية:
1- تظهر على المصاب عيوب في الكلام مع أصوات غير واضحة وغريبة والالتزام بنبرة صوت واحد عند التحدث، أو بحذف بعض الحروف.
2- يلاحظ عليه الضعف العام في حالته خاصة في الاختبارات الشفوية.
3- الرغبة في العزلة والبعد عن الأنشطة التي تَتَطلب مهارات شفوية.
4- الشكوى من الآلام في الأذن أو صعوبة في السمع، وعدم الارتياح لوجود أصوات غريبة في الأذنين أو رنين مستمر.
5- الحرص على الاقتراب من مصادر الصوت، ورفع صوت المذياع أو التلفاز بشكل مزعج للآخرين.
6- يقوم بلف رأسه ويميل جانبا نحو المتكلم ليسمع أكثر.
7- أعراض البرد المتكررة وإفرازات في الأذن وصعوبة في التنفس نتيجة للالتهابات في الأذن الوسطى أو في مجرى النفس.
ثالثا: أسباب ضعف السمع والصمم:
1- أسباب خِلقية مثل الضيق العظْمي في جهاز السمع.
2- أسباب وراثية.
3- إصابة الأم أثناء الحمل بمرض مُعدي مثل الحصبة الألمانية في الثلث الأول من الحمل.
4- تناول الأم بعض الأدوية ذات الآثار القوية أثناء الحمل مثل الكينا والاستربيومايسين والكانامايسين.
5- أمراض الوليد خاصة الابتسار، أو الاختناق، أو الاعتلال الدماغي بالصبغة الصفراوية نتيجة عدم تجانس فصائل الوالدين.
6- التهاب النكفية (نكاف).
7- الحصبة.
8- التهاب السحايا.
9- تناول عقاقير ضارة للسمع لعلاج الأمراض أهمها هايدرواستربتومايسين وكانايسين.
10- التهاب الأذن الوسطى الحاد والمزمن.
11- وجود أجسام غريبة داخل الأذن -وهذا يُمكن للطبيب إزالتها ويستعيد الطفل سمعه.
12- ثقب طبلة الأذن المزمن.
رابعا: بعض خصائص المعاقين سمعيا:
عالم الأصم عالمٌ صامت، يغمره السكون والهدوء ما لم يمر أمام ناظري الأصم ما يلفت انتباهه، وهو عالم مُعافَى من سماع الضجيج والصَّخب أيا كان مصدره، وفي الوقت نفسه فالأصم محروم من سماع صوتِ أمه الحنون وهي تُناديه بألطف الألقاب وأعذبها، ومن سماع القرآن الكريم والتغني به، وسماع تغريد الطيور، وصوت الرعد... بل ومن سماع الكلمات الجميلة والأساليب الرفيعة التي يُخاطب بها الأباء والأمهات، ويخاطب بها الناس بعضهم بعضا، ولعل عدم سماع الأصم أساليب الكنايات والتعريض هو الذي جعلهم أكثر صراحة واختصارًا أثناء أحاديثهم، وربما جعلهم أكثر حِدَّةً وأبعد عن المجاملة والتعريض. ومن المهم جدا على والدي الأصم أن يشجعا ابنهما على تقبل الإعاقة ولا يُشعرانه بالتهميش أو النقص مما يُلجئ الأصم إلى شيء محبب لنفسه وهو العزلة والانسحاب من مجتمع الناطقين، ومن الملاحظ على الصم عموما الاستعداد للاندماج والتفاعل مع الناطقين في عمر الطفولة، ثم يَقِل ذلك تدريجيا -ما لم يُتدارك ببرامج مدروسة- كلما تقدم بهم العمر وأدركوا خطورة إعاقتهم، والبعد المعرفي بينهم وبين أقرانهم في العمر.
ويختلف تأثير الإعاقة السمعية على المصاب حسب: نوع الإعاقة السمعية، وعمر الشخص عند حدوث الإعاقة، وشدة الإعاقة، وسرعة حدوث الإعاقة، والقدرات السمعية المتبقية ومدى استثمارها.. وغير ذلك من الطبيعي أن يكون لدى المُعاق سمعيا تأخر لُغوي كبير واختزال لكثير من المعاني المتعددة التي تدل عليها اللفظة الواحدة، ويتبع هذا التأخر اللغوي تأخر في الجانب المعرفي والتحصيلي، وقد أثبتت الدراسات أن المعاقين سمعيا يتأخرون دراسيا عن أقرانهم العاديين من ثلاث إلى خمس سنوات هذا المتوسط العام، ويتضاعف هذا التأخر مع تقدم عمر المعاق سمعيا، وقد وجد الباحث فورث 1917م أن المتوسط العام لمستوى القراءة للتلاميذ المعاقين سمعيا لا يتجاوز الصف الثالث الابتدائي بالنسبة للعاديين، وهذا لا يعني عدم وجود بعض الأذكياء من المعاقين الذي يتجاوزون هذا المستوى، إذا أثبت الباحث نفسه أن 10% فقط من المعاقين سمعيا يستطيعون القراءة بمستوى أعلى من مستوى طالب في العاشرة، وأن فئة نادرة جدا منهم يُجيدون فهم اللغة إلى حد أن يقرؤوا كتابا جامعيا. أما من حيث الأداء الذهني والعقلي لدى المعاقين سمعيا فقد أثبتت الدراسات أن ذكاء الأطفال العاديين، وأن متوسط الذكاء بين مجتمع المعاقين سمعيا يعتبر مشابها لنظيره بين أفراد المجتمع العاديين، لكن عجز المعاقين سمعيا وقصورهم اللغوي يحول دون النمو الذهني المطَّرِد الذي يتمتع به العاديون، لارتباط كثير من الوسائل والتمرينات الذهنية على اللغة، ويُشير كثير من علماء النفس إلى ارتباط القدرة العقلية بالقدرة اللغوية([3]).
* * *
من أحكام الأصم في العقيدة والشريعة
في العقيدة:
س- هل يلزم الأصمَ النطقُ بالشهادتين؟
1- إذا كان لا يستطيع النطق أو ينطقها نطقا محرفا غير مفهوم فلا يلزمه ذلك، لكن يلزمه أن يفهم معناها، وأن يعمل بمقتضاها من إفراد الله بالألوهية والربوبية والإيمان بأسمائه وصفاته، والإيمان برسالة محمد [FONT="]r، وطاعة الله وطاعة رسوله، واجتناب ما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله [FONT="]r. وإن استطاع الإشارة بهما أو كتابتهما لزمه ذلك.[/FONT]
2- أما إذا كان يستطيع أن ينطق بهما نطقا مفهوما، أو ينطق منهما جملا مفهومة صحيحة المعنى فيلزمه ذلك. كأن يقول: (محمد رسول الله) أو(الله إلهي).
- الأصم كثير النسيان، وإذا سئل عن كلمة التوحيد لا يتذكرها لا كتابة ولا إشارة فهل يؤاخذ بذلك؟ وهل يلزمه أن يتعلمها في كل مرة نسيها؟
- الذي يلزمه العلمُ بمعناها والإيمان به. أما إذا نسي إشارتها المصطلح عليها عند الصم، أو نسي كتابتها فلا يضره ذلك ما دام يؤمن بما تدل عليه، ويلزمه إن كان نسى مدلولها أن يتعلمه، لأن الأصم إذا عَلِم أنه مسلم وأن محمدا رسول الله، ومعنى الإسلام فالغالب أن هذا المعنى يبقى عنده ولا ينساه.
- إذا نطق الأصم بكلمة تُناقض التوحيد، أو أشار بها، وهو يعلم أنها تناقض التوحيد، فهل يؤاخذ بذلك؟
- الأصم البالغ العاقل يؤاخذ بما يؤاخذ به غيره حسب علمه ومعرفته، فإذا كان يعلم أن هذه الكلمة التي نطقها أو أشار بها تُناقض توحيده وإسلامه ونطقها عالما عامدًا ذاكرًا؛ فإنه ينتقض توحيده، ويجب عليه التوبة والإنابة.
هل يلزم الأصم اعتقاد ما يعتقده السوي في صفات الله الذاتية والفعلية؟
- لا يُكلف من الإيمان بأسماء الله وصفاته إلا بما يستطيع، مثل أن يفهم أن الله يسمع كل شيء، ويرى كل شيء ويعلم كل شيء.
- إذا علم الأصم هذا الاعتقاد وجاء بما يناقضه إشارة أو كتابة، كأن يشير بأن الله لا يسمعه فهل يؤاخذ كما يؤاخذ السويُّ؟
إذا كان بالغا عاقلا عالما بمعنى يقوله أو يشير به عالما بخطورته العقدية ومناقضته للاعتقاد الصحيح؛ فإنه يؤاخذ بما يؤاخذ به السوي، كأن يفعل معصية مختفيا عن الناس، ويعتقد أن الله لا يراه، أو لا يعلم بمعصيته... الخ.
عند شرح صفات الله تعالى للصم يتحرَّج المعلم كثيرا مخافة التجسيم، مثلا في شرح (أن الله سميع) يشير المعلم إلى السماء ثم إلى أذنه فيفهم الطالب أن الله سميع، وفي شرح (.. فإنه يراك) يشير المعلم للسماء ثم لعينيه ثم للطالب أمامه، فيفهم الطالب أن الله يرى. لكنه يفهم مع ذلك التمثيل.
ومثل ذلك في الصفات الفعلية. كالنزول والمجيء والاستواء، لا يفهمها الطالب إلا مع شيء من التمثيل.
- أهل السنة والجماعة يثبتون الله تعالى ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسول الله [FONT="]r من الأسماء والصفات، وينفون ما نفاه الله عن نفسه ونفاه عنه رسوله [FONT="]r[/FONT] من غير تشبيه، ويُثبتون المعنى الذي دلَّت عليه اللغة، ولا يتكلمون في الكيفية. مثلا في صفة السمع يُثبتون لله هذه الصفة، ومعناها معروف في اللغة، لكنه سَمْعٌ ليس كسَمِع المخلوقين، ولا تُدركه عقولهم، فإذا أشار مُعلم الصم إلى أُذنه أمام طلابه فإن هذا بمثابة الدلالة اللغوية، فهي في مقابل كلمة (السمع) عند الناطقين، فكما أنه يجب أن يقول أمام الناطقين: (سمعا يليق بجلاله وعظمته) فكذلك يجب أن يشير هنا أمام الصم إشارة تزيل ما يَعلق بأذهانهم من فهم التشبيه، فيشير إلى أنه سَمْعٌ عظيم كبير ليس كسمع المخلوقين ولا يخفي عليه أي صوت.. وهكذا في الرؤية وغيرها.[/FONT]
- والصفات الفعلية كالنزول والمجيء أصعب في توضيحها للطلاب الصم دون تشبيه، فإذا استطاع المعلم المتقن لإشارة الصم أن يفهم المعنى دون تشبيه وإلا فلا.
- يصعب أحيانا تفهيم الصم أن الحكمة من خلق العباد هي العبادة، فيفهم غير ذلك أو يدخل معها شيئا آخر. كان يعتقد أنه خلق للعبادة وطلب الرزق، أو العبادة والزواج. هل يؤاخذ على المعتقد؟
- تُبين لهم هذه الحكمة، وأن هذه الأشياء تُعين العباد على القيام بهذه الوظيفة، وتُعينهم على البقاء.
- أثناء تعليم الصم للقرآن يقرأ بعضهم قراءة مُعوجة ومكسورة تُحيل المعنى في كثير من الأحيان فهل يُستمر معهم بحجة التعلم واستقامة اللسان، أو تُترك القراءة؟
- يكون عند بعض الصم بقايا سمع ويستطيع مع طول التدريب أن يقيم قراءته، فهذا يُستمر معه، ولا يضر تكسيره للحروف واعوجاج قراءته ما دام في مرحلة التعلم. أما الأصم صمما كُليا فإن التدريب لا يُغني معه شيئا، وإن قرأ بعض الكلمات أو الجمل سليمة فهذا شيء مؤقت سوف ينساه قريبا، وينبغي على المعلم أن يوجه جهده لتدريب الأصم على أشياء أخرى تفيد الطالب الأصم.
- يتم حفظ بعض السور من الأصم عن طريق الكتابة. فهل يلزم بكتابة السور كرسم المصحف أو يُكتفى بأن تكون صحيحة إملائيا؟
- يُكتفى أن تكون صحيحة إملائيا.
- هل يجوز لبعض المعلمين أثناء شرح معاني القرآن أن يُوضح بعض الكلمات لأقصى درجة لتحمل معنى مقبولا عند الطلاب، وقد يُخل ذلك بالمعاني الجزئية علما بأن الطالب يفهم المراد العام من الآية؟
- توضيح كلمات وجمل القرآن هو الواجب على معلم الصم حتى يفهموا المراد، وإذا استعصت عليه بعض الكلمات والجمل كتلك التي تحمل مجازات واستعارات فيُعطيهم المعنى العام للآية، لكن يجب عليه أن يتقي الله في ذلك، ويكون فاهما معنى الآية فهما صحيحا، وليراجعها في كتب التفسير.
- يكثر عند الصم الأخبار عن العبادات التي يقومون بها. فهل يؤثر هذا عليها؟
- حالهم هنا كحال الناطقين، ومرجع ذلك للنية. لكن بعلم الطالب ويُدرب على عدم الإخبار عن العبادات التي ينبغي إسرارها. ويُكرر عليهم معنى الإخلاص لأن الصم كثيرو النسيان.
* *
يتبع
[FONT="]([/FONT][FONT="][1][/FONT][FONT="]) (المدخل إلى التربية الخاصة) د/ يوسف القربويتي ود/ عبد العزيز السرطاوي ود/ جميل الصمادي.[/FONT]
[FONT="]([/FONT][FONT="][2][/FONT][FONT="]) تعليم الأطفال ذوي الحاجات الخاصة 171 ماجدة السيد عبيد.[/FONT]
[FONT="]([/FONT][FONT="][3][/FONT][FONT="]) انظر: (تعليم الأطفال ذوي الحاجات الخاصة) ماجدة السيد عبيد.[/FONT][/FONT]