قَيسٌ بِلا لَيْلى

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

sql

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
18 نوفمبر 2007
المشاركات
9,173
نقاط التفاعل
30
النقاط
317
قَيسٌ بِلا لَيْلى

غاص في المقعد الجلدي واضعاً يديه في جيبي معطفه السميك الذي جعله يبدو بديناً أكثر مما هو عليه .. "و من يهتم؟؟" ... غرفة الانتظار شبه العارية من كل شيء عدا بعض الصور و التعليمات المعلقة على جدرانها و بضعة مقاعد جلدية؛ راحت عيناه تبحثان فيها عن شيء غير محدد يسليه و يبعد برودة الجو - التي جمدت رقبته - عن مخيلته، كل ما في الغرفة يجعله يشعر بالبرد المتسلل إلى كل ركن من أركان جسمه باستثناء جيبه الذي احتوى "الحوالة" التي استلمها قبل مجيئه إلى عيادة طبيب الأسنان ...
أوقف رنين الهاتف بحثه عن ذاك الشيء.. و حاول أن يتنصت.. صوت "السكرتيرة" المنخفض حال بينه و بين فهم الحديث.. "لماذا لا تجلس في مكانها؟؟!!.. ما الذي تفعله في غرفة الطبيب؟؟!!" ...
- لقد اتصل الطبيب و قال أنه سيكون هنا بعد نصف ساعة.. تستطيع أن تنتظره هنا أو أن ترجع بعد نصف ساعة.
- لا بأس.. سأنتظره هنا.
- كما تشاء..
ابتسم حين راودته فكرة مصادقة السكرتيرة... "ترى هل ستتقبلني؟؟!!".. كان يعلم تماماً أنه ليس ذلك الوسيم أو صاحب الجسد الرشيق... زم شفتيه ممتعضاً حين تذكر اللقب الذي أطلقه عليه أحد زملائه في الجامعة.. "أنت تشبه المَعين."... شعر أنه غير مؤهل لعمل أي علاقة مع أية أنثى في الأرض.. "و لماذا؟؟ أنا أجمل منها!!"... عاود الابتسام.."ترى ماذا سيكون تعليق الشباب حين يرونني مع هذه السكرتيرة ذات الأنف الكبير الذي تملأه البثور؟؟"... حلقت عيناه مرة أخرى تبحثان عما يسليه ثم توقفتا عند الباب... دخلت العيادة امرأة كبيرة السن ترافقها فتاة.. جلستا قُبالته... "ليس لي في الطيب نصيب!!".. وجه فاتن جعل من عينيه طائرين تحطان كل دقيقة على عينيها... شعر كأن الشمس قد أشرقت له وحده حين ابتسمت و هي تنظر في عينيه.. سرت دماءٌ ساخنة في أنحاء جسده.. تكررت الابتسامة الساحرة عدة مرات.. "أيكون لي في الطيب نصيب؟؟"
- صباح الخير!!
- أهلاً دكتور..
- أعتذر عن التأخير... سامحونا!!
قالها ثم دلف إلى غرفته مسرعاً.. لحظات قليلة ثم خرجت "السكرتيرة"..
- تفضل.
**********
خرج من القاعة و هو على يقين بأنه لم يفقه شيئاً مما شرحه المحاضر... فقد كان عقله معها سارحاً في فضاءات حلوة يتمنى أن يعيش منها ولو يوماً واحدا ... قلبه أرض خصبة تنتظر حُباً في أي وقت... و ها هو بصيص أمل قد أضاء في سماء قلبه الملبدة بغيوم الوحدة و التشاؤم و الشعور بعدم الرضى... "كم أنا غبي!! لم أقل لها كلمة واحدة!!" غلف الندم و الحسرة قلبه... "كيف و متى سأراها مرة أخرى؟؟!!"
.. جلس على أحد المقاعد المنتشرة في ساحات الجامعة "ما الذي حل بي؟؟ كل هذا لأجل ابتسامتها!! و أي ابتسامة هي!!" ...
ركب في الحافلة يعيش عالماً وحده... ربيعاً تفاجأ بوجوده في غير موعده... شمساً ترسل أشعتها الدافئة تحيطه من كل جانب... غير أن بعض الغيمات تكدر جوه و تجعله يشعر أنه فقد الطرف الأخر...
- ما بك أيها المَعين؟؟ هل أفقدك البنج الشعور بأضلاعك؟ !!!
- يُفضل أن تأتي معي في المرة القادمة... لربما خفف البنج من ثقل دمك!
*************
مع حلول مساء اليوم التالي كانت أحلامه الوردية قد بدأت تختفي في ظلام الليل... "من أين لمثلي أن يظفر بمثلها!! ما الذي حل بي؟؟ هل كل فتاة تبتسم أمامي تستلطفني؟!" ... أعاده الجوع إلى واقعه... " ابتسامة دجاجة مشوية أفضل لي الآن."
شعر أن قلبه قد توقف عن النبض.. فقد كانت فتاته تقف مع فتاة أخرى على باب المطعم الذي يقصده للعشاء...
ألجم الارتباك لسانه... "كن شجاعاً و لو لمرة واحدة في حياتك... هاهي فرصتك".. لملم ما تبقى من أحرف و كلمات... ثم تقدم نحوها:
- مساء الخير!
- ..... عفواً!!
تنحنح... بلع ريقه... ثم بصوت أعلى:
- مساء الخير!
- مساء النور!!
ثم التفتت نحو صاحبتها مستغربة...
تسارعت دقات قلبه ... استجمع ما بقي من قواه ثم قال وهو يحاول الابتسام:
- يبدو أنك نسيتني!!
- عفواً... و كيف أنساك و أنا لا أعرفك أصلاً!!
بدأت حبات مطر صغيرة تتساقط...
حاول أن يبتسم مرة أخرى وهو يقول:
- التقينا في عيادة طبيب الأسنان صباح أمس !!
ضحكت مندهشة و قالت:
- و هل يعني ذلك أننا صرنا أصدقاء؟؟
- لا... و ... و لكنك ... لا أعرف... ربما أوحت لي ابتسامتك بذلك..
مرة أخرى كان ارتباكه و ضحكها مع صاحبتها سيِّدي الموقف.. قالت:
- عفواً.. لا أريد أن أجرح شعورك... لكن ... كل ما في الأمر أن حجمك و أنت ترتدي المعطف بدا كاريكاتوريا...
هطلت الأمطار بغزارة... فيما غطَّى هزيم الرعد على صوته و هو يضحك بجنون.
 
رد: قَيسٌ بِلا لَيْلى

بارك الله فيك أخي سمير
 
رد: قَيسٌ بِلا لَيْلى

بارك الله فيك
هادو بزاف الي يحكمو على الشكل ؟؟؟
 
رد: قَيسٌ بِلا لَيْلى

وفيكم بارك مشكووووووووورين على مروركم الجميل
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top