" فرَجُلٌ وامرأتان ممن ترْضَون من الشهداء " دراسة عقدية تشريعية قانونية موثّقة !!! .

د.سيد آدم

:: عضو مُتميز ::
إنضم
28 مارس 2014
المشاركات
787
نقاط التفاعل
472
النقاط
23
الشهادة ... توطئة :
قضيةُ " شهادة المرأة " واحدةٌ من خمس قضايا ذات تعلق بالمرأة أثارها الغربيون ، والمتغرّبون ، في وجه الإسلام التشريعي الدال ، بذاته ، على صدق الإسلام العقَدي !!! ؛ إذ هذا الأخير لا يدل على كمال الانتساب إليه إلا بالاحتكام لما شرَعه ، وشرّعه ، الله تعالى ثم الرضا بنتاج هذا الاحتكام " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجَرَ بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيتَ ويسلّموا تسليماً " .
و " إشكالية " المرأة ، بوجهٍ عام ، اتخذها الغربيون ، والمتغرّبون ، " حصانَ طروادة " لخلخلة المجتمع المسلم عبْرَ خلخلةِ الأسْرة المسلمة بالمناداة بـ " الندية " بين الرجل والمرأة ليتحوّل " السكن " و " اللباس " و " المودة والرحمة " إلى تنغيص وتنكيد يتبعهما ، لزومَ ما يلزمُ ، تفكّكُ ، فتحللُ ، الأسرة المسلمة فضياعُ أفراخِها كما تفكّكتْ ، وتحللتْ ، الأسرة الغربية ... وهذا ، يقيناً ، مرادُ الغربيين والمتغربين ، الذين نحتوا مصطلحاتٍ منفّرةً ما أنزل الله بها من سلطان دخولاً إلى " كراهة " منظومة التشريع الإسلامية برمّتها من حيث هي منظومة " ذكورية " كما يزعمون !!! ، لكن الله ، تعالى ، غالبٌ على أمره . ذلك على غير النظرة الإسلامية التي ترفع " العدل " قبل " المساواة " ، ثم " المساواة " مع اعتبار أن تبقى المرأةُ " أنثى " لا " مسترجلة " ، ويبقى الرجل " ذَكراً " لا " مخنّثاً " !!! فطرة اللهِ التي فطر الناس عليها إذ : " لا تبديل لخلق الله " لكن : " أكثر الناس لا يعلمون " .
نعم ، نحن نعلم أن هناك الداعين إلى التحرر من ( = رفض ) " كل " التشريعات الإسلامية والقيم الشرقية والرؤى الكونية والاجتماعية الخاصة بنا كهُوية لنا تمثّل " آخر " خطوط الدفاع عن وجودنا الذي تريد له هؤلاء الذوبانَ في بوتقة الغرب فنُستلب قيَمياً بعد أن استُلبنا مادياً !!! .
والأمر ليس جديداً ؛ فتاريخه طويل بدءاً من حزب " بنت النيل " المدعوم ، منذ العام 1949م ، من الغرب .
الشهادة ... المشكلة :
قضية الشهادة ، شهادة المرأة ، لم يحسن بعضنا فهمَ أمرِها !!! ؛ فقد تم رفع لافتة " اتهام " بشأنها وبحق الإسلام ، التشريعي تحديداً ، في آن !!! تُعلن ، في غير ما حياء ، أن الإسلام " يحط " من قدْر المرأة حال جعل " شهادتها " نصف شهادة الرجل مستدلّين ، دون تدبّر ، بقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم يدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ، وليكتب بينكم كاتب بالعدل ، ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله ، فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئاً ، فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً أو لا يستطيع أن يملّ هو فليملل وليه بالعدل ، واستشهدوا شهيدين من رجالكم ، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ، ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ، ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله ، ذلكم أٌقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا ، إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها ، وأشهدوا إذا تبايعتم ، ولا يضار كاتب ولا شهيد ، وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم ، واتقوا الله ، ويعلمكم الله ، والله بكل شيءٍ عليم " .
والفهم السوي للآية أعلاه ينتهي بصاحبه إلى ضرورة التفرقة بين " الشهادة " ، وهذه تكون من " أحد " أمام " قاضٍ " وفي " محكمة " ، وهذه تعتمد في المقام الأساس على ما يستريح إليه " ضمير " المحكمة ممثلاً في القضاء الجالس ( = القاضي ) ، السامع لشهادة هذا " الأحد " دون اعتبار لجنسه !!! ... أما الآية الكريمة موضع " الاتهام " ( !!!!!!!!!!!! ) فهي تعالج أمراً آخر : فليس هناك " مَحاكم " ولا " قُضاة " ، بل " دائن " و " مدين " وحاجة ملحّة من الدائن قبالة المدين " إذا تداينتم بدين " ، وهناك إجراء ، أو إجراءات ، تمثل التحرك الشرعي الذي أسسه القرآن الكريم منذ قرون بعيدة لصون / حفظ الحقوق المالية للدائن ، ما يعني أن الخطاب هنا خاص للدائن والمدين تخصيصاً لا تعميماً يمثل التحديد ويمنع الإطلاق ويجعل " إلى أجل مسمى " استثناء لهذا النوع من الديون عن بقية أنواع الديون الأخرى .
نحن هنا أمام نوع " خاص " من " الديْن " ، ونوع خاص من " الدائنين " ، ونوع خاص من " المدينين " ، فهنا يُنصح صاحبُ الديْن بأمور " إجرائية " صوناً لحقوقه المالية يشهد لها الدارس المنصف أنها تمثل الدقة القانونية حتى بمقاييس القوانين المعاصرة !!! ... منها : أن يكتب الديْن ، وأن يشهد بعض الحضور من الجماعة التي ستشهد لهم بالرضا عنهم .
وواضح أن هذه الشروط ليست مطلوبة ، فضلاً عن أن تكون مأموراً بها ، لا في التجارة تكون حاضرة / دائمة بين القوم ، ولا في المبايعات ، وهذا يمثل الوضع الصحيح دون أن يقلل من جدوى غيره من الإجراءات صيانة للحقوق .
إنه ، في المحاكم ، تقوم البيّنة الشرعية بحسب النص النبوي الشريف " البينة على من ادّعَى ، واليمين على المدعى عليه " ، فتكون باعتبارها ما يبيّن الحق ويظهره ، وهي تتم : إما بأربعة شهود ، وإما بثلاثة ، وإما باثنين ، وإما بشاهد واحد وشاهدة واحدة ، وإما أن تكون نكولاً ويميناً ، وإما أن تكون خمسين يميناً . وهنا يتضح أن معنى قوله ، صلى الله عليه وسلم " البينة على من ادّعى " هو أن عليه ، المدعي ، أن يُظهر ما يبين صحة دعواه ، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق ، حُكم له ؛ فإنه كما تقوم البينة بشهادة رجل واحد ، أو أكثر ، فإنها تقوم بشهادة امرأة واحدة ، أو أكثر ، وفق إجراءات " البينة " التي ينتهي إليها " ضمير " القاضي " .
إن ما تُحفَظ به الحقوق شيء ، وما يَحكم به القاضي شيء آخر !!! ؛ فطرق الحُكم أوسع من الشاهدين والمرأتين ، والقاضي يحكم بالنكول وباليمين المردودة وبالقرعة وبالقافة وبالقسامة ، وبشهادة المرأة الواحدة ، وبشهادة النساء المنفردات لا رجل معهن . وهذا يعني أنه لا تلازم ضرورياً بين ما تُحفظ به الحقوق وبين ما يَحكم به القاضي ؛ فتُحفظ الحقوق بما لا يحكم به القاضي مما يعلم صاحب الحق انه يحفظ به حقه ، ويحكم القاضي بما لا يحفظ به صاحب الحق حقه ولا خطر على باله .
إن الكلام في " أن تضل إحداهما " كلامٌ فيما يكون فيه الضلال في العادة وهو النسيان وعدم الضبط ، وما كان من الشهادات لا يخاف فيه النسيان في العادة لم تكن شهادة المرأة فيه على نصف شهادة الرجل !!! ، وقد قَبِلَ النبي ، صلى الله عليه وسلم ، شهادة المرأة الواحدة في الرضاع ، وقد شهدت على نفسها .
إن التشريع الإسلامي يجيز شهادة القابلة وحدها ولو كانت على غير دين الإسلام ، حيث المجال مجال الخبرة والعدالة ، لا مجال الجنس ينتمي إليه الشاهد ، وقضية النسيان في النساء ليست طبعاً ولا جبلة في " كل " النساء ، وليست حتماً في كل الشهادات .
إنه بالإمكان تقسيم الأحكام قسمين : توقيفية وتوفيقية ، ويدخل تحت القسم الأول كل الأحكام ذات التعلق بالعبادات ، ويدخل تحت القسم الثاني كل الأحكام ذات التعلق بالمعاملات ، تلك الأحكام التي قد يكون بعضها ذا طبيعة آمرة ، بمعنى أنه لا يجوز الاتفاق على ضده ، كما لا يجوز تغييره إلا بشروط غاية في الدقة والسببية ، وقد يكون بعضها على صفة التنظيم ، بمعنى تجويز الاتفاق على غيره ، وتدخل ضمن هذا الأمر الاية الكريمة موضع الاتهام من الغربيين والمتغربين من حيث هي لا تُعارضُ الإجراءات القانونية التي تنظمها المحاكم تنظيماً للمجتمع وتحقيقاً لمصلحة أفراده فـ " حيث تكن المصلحة ، فثم شرع الله " .
إن الإجراءات القانونية ترى جمالاً تشريعياً في عدم مد القرآن الكريم حكم إجراءات حفظ الديْن إلى المسائل الجنائية ؛ ففيها تختلف الإجراءات الإثباتية عن غيرها .
 
يعطيك العافية اخي
جعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك

أخوك فلسطيني من غزة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top