جاء في الآية رقم 224 من سورة الشعراء قول الله تعالى " والشعراء يتبعهم الغاوون "... وقد يظن البعض أن هذه الآية الكريمة عممتْ الوصف على كل شعر ، وعلى كل شاعر ، لكنها ، بحسب علمي التفسير وأسباب النزول ، عمومٌ يراد به الخصوص ، وذلك راجع إلى أول تحدٍ قوبل به القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقد قالوا إن محمداً شاعرٌ ، وإن القرآن شعرٌ من نسجه ، ذلك فيما يعرف بـ " محاولات تقليد القرآن الكريم ، أو سورة من سوره الكريمة ، أو آية من آياته الكريمة " .
لقد حاول المناهضون للدعوة ، حينها ، أن يصوروا الرسول – صلى الله عليه وسلم – على أنه شاعر أو كاهن ، حتى يربطوا بين القرآن الكريم وبين الشعر والكهانة ، لكن القرآن الكريم ردهم بنصوصه القطعية ، وذلك في قوله تعالى " إنه لقول رسول كريم ، وما هو بقول شاعر ، قليلاً ما تؤمنون ، ولا بقول كاهن ، قليلاً ما تذكّرون " . وقوله تعالى " وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، إن هو إلا ذكر وقرآن مبين " .
وواضح هنا التشديد القرآني على ضرورة الفصل التام بين القرآن الكريم ، من ناحية ، وبين الشعر والكهانة ، من ناحية ثانية ، عن طريق نفي صفة " الشاعر أو الكاهن " عن الرسول ، صلى الله عليه وسلم . ومن ثم نفي صفة " الشعر " عن القرآن الكريم ، وتم ذلك بالتفرقة الحاسمة بين القرآن الكريم وبين الشعر : فالقرآن الكريم ليس شعراً ، والشعر ليس قرآناً ، حيث حرص المسلمون على إيجاد تفرقة بينية بين مصطلحات القرآن الكريم وبين مصطلحات الشعر ؛ فلا فواصل الآيات القرآنية الكريمة قوافي ، ولا تلك الآيات القرآنية الكريمة أبيات شعر ، ولا سور القرآن الكريم قصائد شعر ، حتى عندما أراد المسلمون تسميته لم يسموه " سِفراً " ولا "ديواناً " ولا ما شابه ذلك من أسماء أو صفات بناءً على أن القرآن الكريم شرفه أن يضيف لا أن يُضاف إليه ، فكان أن سمّوه "مصحفاً "... : " تقع الفاصلة عند الاستراحة بالخطاب لتحسين الكلام بها ، وهي الطريقة التي يباين بها القرآن الكريم سائر الكلام ، وتسمى " فواصل " لأنه ينفصل عندها الكلامان ، وذلك أن آخر الآية فُصل بينها وبين ما بعدها ، ولا يجوز تسميتها قوافي إجماعاً ، لأن الله تعالى لما سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية عنه أيضاً لأنها منه وخاصة به في الاصطلاح ، وكما يمتنع استعمال القافية فيه يمتنع استعمال الفاصلة في الشعر لأنها صفة لكتاب الله تعالى فلا تتعداه ".
لذا نجد أنه في الصدر الأول للإسلام ذُمَّ الشِّعرُ ، حتى يتم إبعاد الذهنية العربية – وهي أول متلق للقرآن الكريم بعد النبي صلى الله عليه وسلم – عن أي تصور للتماثل أو المشابهة بين الشعر والقرآن الكريم ، لكن هذا الذم لم يكن على سبيل التحريم ، بقدر ما كان على سبيل نفي صفة " الشعر " عن القرآن الكريم لأسباب ترتبط بتصور العرب لماهية الشعر من حيث المصدر والوظيفة ، وبالمثل أراد القرآن الكريم دفع صفة " الشاعر " عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن وظيفة الشاعر في ذلك المجتمع مغايرة للوظيفة التي كلف القرآنُ الكريم بها النبي محمداً صلى الله عليه وسلم : فالشاعر معبّر عن القبيلة ، ومحمدٌ ، صلى الله عليه وسلم ، مُبلّغٌ لرسالة . والشعر نَصّ يحقق مصالح القبيلة في مهاجاة أعدائها ونصرة حلفائها ، أو في مدح رجالها وزعمائها ، والقرآن وحيٌ يهدف إلى إعادة بناء الواقع وتغييره إلى الأفضل على كل الصُّعد . ومن ثم كان التشديد على أن محمداً ، صـلى الله عليه وسلم ، ليس شاعراً ولا كاهناً ولا ساحراً ، وعلى أن القرآن الكريم ليس شعراً ولا كهانة ولا سحراً .
لكننا نريد أن نوضّح أمراً ذا صلة بالشعر وتحريمه : إن ذم الشعر هنا ليس فيه إدانة للشعر كشعر ، بل هو يدين الشعر الذي كان يراد مساواةُ القرآن الكريم به ، أو مساواتُه بالقرآن الكريم ، ولذلك كانت أقوال " حسان بن ثابت " و " عبد الله بن رواحة " مؤيدةً بـ " روح القدس " جبريل عليه السلام ، وكان الشعر المضاد مصدره " الشيطان " أو " إبليس " . وهذا النوع الأخير من الشعر هو الذي يكون في قلب " المؤمن " أسوأ من القيح .
لقد حاول المناهضون للدعوة ، حينها ، أن يصوروا الرسول – صلى الله عليه وسلم – على أنه شاعر أو كاهن ، حتى يربطوا بين القرآن الكريم وبين الشعر والكهانة ، لكن القرآن الكريم ردهم بنصوصه القطعية ، وذلك في قوله تعالى " إنه لقول رسول كريم ، وما هو بقول شاعر ، قليلاً ما تؤمنون ، ولا بقول كاهن ، قليلاً ما تذكّرون " . وقوله تعالى " وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، إن هو إلا ذكر وقرآن مبين " .
وواضح هنا التشديد القرآني على ضرورة الفصل التام بين القرآن الكريم ، من ناحية ، وبين الشعر والكهانة ، من ناحية ثانية ، عن طريق نفي صفة " الشاعر أو الكاهن " عن الرسول ، صلى الله عليه وسلم . ومن ثم نفي صفة " الشعر " عن القرآن الكريم ، وتم ذلك بالتفرقة الحاسمة بين القرآن الكريم وبين الشعر : فالقرآن الكريم ليس شعراً ، والشعر ليس قرآناً ، حيث حرص المسلمون على إيجاد تفرقة بينية بين مصطلحات القرآن الكريم وبين مصطلحات الشعر ؛ فلا فواصل الآيات القرآنية الكريمة قوافي ، ولا تلك الآيات القرآنية الكريمة أبيات شعر ، ولا سور القرآن الكريم قصائد شعر ، حتى عندما أراد المسلمون تسميته لم يسموه " سِفراً " ولا "ديواناً " ولا ما شابه ذلك من أسماء أو صفات بناءً على أن القرآن الكريم شرفه أن يضيف لا أن يُضاف إليه ، فكان أن سمّوه "مصحفاً "... : " تقع الفاصلة عند الاستراحة بالخطاب لتحسين الكلام بها ، وهي الطريقة التي يباين بها القرآن الكريم سائر الكلام ، وتسمى " فواصل " لأنه ينفصل عندها الكلامان ، وذلك أن آخر الآية فُصل بينها وبين ما بعدها ، ولا يجوز تسميتها قوافي إجماعاً ، لأن الله تعالى لما سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية عنه أيضاً لأنها منه وخاصة به في الاصطلاح ، وكما يمتنع استعمال القافية فيه يمتنع استعمال الفاصلة في الشعر لأنها صفة لكتاب الله تعالى فلا تتعداه ".
لذا نجد أنه في الصدر الأول للإسلام ذُمَّ الشِّعرُ ، حتى يتم إبعاد الذهنية العربية – وهي أول متلق للقرآن الكريم بعد النبي صلى الله عليه وسلم – عن أي تصور للتماثل أو المشابهة بين الشعر والقرآن الكريم ، لكن هذا الذم لم يكن على سبيل التحريم ، بقدر ما كان على سبيل نفي صفة " الشعر " عن القرآن الكريم لأسباب ترتبط بتصور العرب لماهية الشعر من حيث المصدر والوظيفة ، وبالمثل أراد القرآن الكريم دفع صفة " الشاعر " عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن وظيفة الشاعر في ذلك المجتمع مغايرة للوظيفة التي كلف القرآنُ الكريم بها النبي محمداً صلى الله عليه وسلم : فالشاعر معبّر عن القبيلة ، ومحمدٌ ، صلى الله عليه وسلم ، مُبلّغٌ لرسالة . والشعر نَصّ يحقق مصالح القبيلة في مهاجاة أعدائها ونصرة حلفائها ، أو في مدح رجالها وزعمائها ، والقرآن وحيٌ يهدف إلى إعادة بناء الواقع وتغييره إلى الأفضل على كل الصُّعد . ومن ثم كان التشديد على أن محمداً ، صـلى الله عليه وسلم ، ليس شاعراً ولا كاهناً ولا ساحراً ، وعلى أن القرآن الكريم ليس شعراً ولا كهانة ولا سحراً .
لكننا نريد أن نوضّح أمراً ذا صلة بالشعر وتحريمه : إن ذم الشعر هنا ليس فيه إدانة للشعر كشعر ، بل هو يدين الشعر الذي كان يراد مساواةُ القرآن الكريم به ، أو مساواتُه بالقرآن الكريم ، ولذلك كانت أقوال " حسان بن ثابت " و " عبد الله بن رواحة " مؤيدةً بـ " روح القدس " جبريل عليه السلام ، وكان الشعر المضاد مصدره " الشيطان " أو " إبليس " . وهذا النوع الأخير من الشعر هو الذي يكون في قلب " المؤمن " أسوأ من القيح .