

ذكرياتنا هي ما تتبقى لنا من رحلة الأيام ..... فمنها الذكرى الحلوة و الذكرى الأليمة ..
كلها تتجمع في مكان واحد نغلق عليها و نستدعيها بين الحين و الآخر
و مرات كثيرة نريد إسقاطها من شريط عمرنا.
و لذلك وصل العلماء إلي تعريف الذاكرة على
إنها القدرة علي إسترجاع المعلومة المناسبة في الوقت المناسب
و رغم أن النسيان نعمة عظيمة من نعم الله علينا التي تعيننا علي إجتياز كثير من المحن و الشدائد التي تقابلنا في حياتنا... إلا أن النسيان ليس بالشئ الهين فكل شئ يحيط بنا يذكرنا بما نريد نسيانه و ينشط ذاكرتنا فيقودنا إلي العودة من جديد حيث بدأنا، فما نحاول جاهدين نسيانه هو أكثر شئ نشط لذاكرتنا...
و ربما لا نريد أن ننسى بالفعل و إنما هو قولاً لأننا لسنا قادرين علي إتخاذ تلك الخطوة فندخل في صراع بين أنفسنا و ذكرياتنا آملين العبور إلي عالم النسيان و في الإتجاه المعاكس تقف الذاكرة حائل دون تحقيق ما نريد.
و يقول الشاعر:
واللي أحسه حال غيري أنا فيــــه
حتى نسيت أني لي طموح وامـال
وذكرني النسيان ماكنت ناسيــــــه
فلسنا وحدنا من نريد أن ننسى ذكريات تؤرقنا ..بل معنا في تلك الرحلة الكثيرون كلٍ منا ينخرط في محن غيره لينسى بها محنه فنتناسى و نتغافل عن ما بنا مقنعين أنفسنا أننا بذلك نستعين علي الماضي بالحاضر و حتي لا ندخل في مواجهة مع النفس لحسم كثير من الأمور قد تكون نهايتها غير ما نريده و نتمناه.
و دوماً تبقى في النفس الذكريات التي لا تُنسى و التي يعجز الزمن عن التعامل معها او حتي التأثير عليها و لذلك لا يجب علينا مهما كانت درجة إنفعالنا أن نتلفظ بكلمات لا يقدر الزمن علي محوها ..فتلك الكلمات تُحفر في الذاكرة كالنقوش الحجرية .. و درجة المعزة تتحكم في درجة تأثرنا بالحدث و الكلمة... فتضخمها مشاعرنا بحيث يصعب تجاهلها او تغافلها...و هناك حكمة فرنسية تقول : " صعب نسيان الإساة من شخص عزيز علينا عند تركنا لتلك الإساءة كي تمحو ما فعله هذا الشخص من محاسن إلينا"
و هذا لا يكون دوماً برغبة منا فأحياناً يكون في اللا وعي عندنا..ربما كي نثأر للكرامة... للكبرياء.
و أذكر اغنية كانت دوماً تستوقفني :
"قالوا الزمان بينسي و يمحي كل حاجة ..مشي الزمان ما بينا و أتاريه لا راح و لا جاه"
و لكن مع كل تلك المشقة و المحاولات المضنية في محاولة النسيان تبقى أيضاً الذكريات الجميلة التي نعيش معها و تمدنا بطاقة كبيرة لما هو قادم و التي لا نريد نسيانها بل نحاول جاهدين علي إبقائها في الذاكرة و نحزن جدا إذا ما حاولنا يوماً تذكرها و عجزنا عن ذلك... ذكريات كلما مرت بخاطرنا ترسم بسمة ناعمة علي شفاهنا و نسرح معها و تصدر معها تنهيدة عميقة تقول يا ريتها دامت أيام.
فلنجمع ذكرياتنا بكل ما تحتوي ...بكل تفاصيلها فالإنسان دون ماضي لا يكن له حاضر
و ليبق الماضي بكل ما فيه.. الجيد، السئ، الممتع، المضني ...........الخ
فكل تلك الأحداث هي التي تشكلنا و تؤثر فينا و لكن... لنكن حذرين
فإن أردنا البقاء معها و البكاء علي الأطلال انجرفنا إلي القاع و دخلنا في متاهات

و إن أردنا التقدم مستمدين قوتنا منها أعانتنا و دفعتنا للأمام

فلنفكر جيداً و لنحدد ما نريد.
دمتم بكل خير
في رعاية الله ،،،،

