وقال كعب: من أكثر ذكر الله برئ من النفاق، ولهذا – والله أعلم – ختم الله سورة المنافقين بقوله تعالى: [FONT="]}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ[FONT="]{[/FONT] [المنافقون: 9].[/FONT]
فإن في ذلك تحذيرًا من فتنة المنافقين الذين غفلوا عن ذكر الله عز وجل فوقعوا في النفاق». اهـ ([1]).
وقد أثنى الله على أهل ذكره ومدحهم، وأخبر نبيه أنه فوق منزلة الجهاد، وجعل سبحانه هذا الذكر حتى بعد العبادات العظيمة وخاتمة الأعمال الصالحة:
وبعد الصيام [FONT="]}وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[FONT="]{[/FONT].[/FONT]
وبعد الحج [FONT="]}فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ[FONT="]{[/FONT].[/FONT]
وبعد الصلاة [FONT="]}فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ[FONT="]{[/FONT].[/FONT]
وبعد الجمعة إذا انقضت [FONT="]}فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا[FONT="]{[/FONT].[/FONT]
وهكذا فالذكر هو الأصل الذي لأجله أُمرنا بالأعمال الصالحة [FONT="]}وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي[FONT="]{[/FONT] فإذا أردنا قوة الصلة به سبحانه فلنكثر من ذكره على كل حال، ونسأله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وكلما أكثر العبد من ذكر ربه أحبه وفاز بمعيته وسبق غيره، وعلق البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه»([2]).[/FONT]
وإذا أحيا العبد قلبه بذكر الله أحب طاعته لأنها تقربه من ربه وكلما قرب منه ازداد أنسه وأبغض معصيته واستقبحها مهما صغرت، بل هي عنده عظيمة لأنها تبعده من ربه وتفقده من النور الذي به يحيا بحسب معصيته، وإذا أحيا العبد قلبه بذكر الله خشع في صلاته وسائر عباداته، وكان موفقًا للإحسان فيها.
السبب الخامس: سؤال الله وحده والانطراح بين يديه:
قال تعالى: [FONT="]}وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ[FONT="]{[/FONT] يقول شيخ الإسلام رحمه الله: «والرب سبحانه أكرم ما تكون عليه أحوج ما تكون إليه، وأفقر ما تكون إليه، والخلق أهون ما تكون عليهم أحوج ما تكون إليهم، لأنهم كلهم محتاجون في أنفسهم فهم لا يعلمون حوائجك؛ ولا يهتدون إلى مصلحتك، بل هم جهلة بمصالح أنفسهم، فكيف يهتدون إلى مصلحة غيرهم».اهـ[/FONT]
وسؤال الله وحده قضية مهمة مهملة، وهي أولى ما نربي عليها أنفسنا وأولادنا وأهلينا فالإنسان له حوائج لا تنتهي، ومسائل لا تنقضي، فإذا كان لا يسأل إلا الله تعالى، فإنه يكون دائم الصلة به، وذلك يفتح له باب معرفة الله تعالى، وهذه المعرفة وتلك الصلة من خلال التضرع والسؤال الملح، تفتح للإنسان من أبواب الرحمة والإيمان ما لم يكن يعلم، فيجد لذة الإيمان وحلاوة المناجاة فالقرب من الرحيم الكريم العظيم يورث النفس طمأنينة وسعادة، بخلاف الذي لا يسأل الله تعالى كثيرًا ... فإنه يفقد نعيم هذه الصلة بربه ... وإذا لم يسأل ويذكر العبد ربه، سأل وذكر خلقه، وسؤال المخلوقين وذكرهم بلية وداء؛ كما يُذكر عن عبد الله بن عون قوله: «ذكر الناس داء، وذكر الله دواء».
ويُذكر عن بعض السلف قوله: «إنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه، فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي، خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك، لأن النفس لا تريد إلا حظها، فإذا قضيت انصرفت.
وصدق الله حين قال: [FONT="]}فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا[FONT="]{[/FONT]، كما أن المؤمن إذا كان لا يسأل إلا الله عرف الله تعالى حق المعرفة من إجابته له، فما يسأل ربه شيئًا من الخير إلا أعطاه، فإذا جرب سؤاله على الدوام، رأى كيف يكون إكرام الله له من حيث الإجابة أو صرف السوء، أو ادخار الحسنات له.[/FONT]
وهذا مما يولد في قلبه محبة ربه، حيث يراه محسنًا رحيمًا به، رءوفًا، كريمًا، جوادًا عفوًا، توابًا، برًا، رزاقًا فسبحانه.
فالقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، والذي يعتاد سؤال الله يعرف مدى إحسان الله تعالى إليه في قضاء حوائجه كلها، ولكن ينبغي أن تكون علاقة المؤمن بربه موصولة في وقت الرخاء، حتى يكون جديرًا بالإجابة في وقت الشدة، ويبين هذا ويوضحه الحديث الذي خرجه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد، فليكثر الدعاء في الرخاء»([3]).
وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه: «إذا كان الرجل دَعَّاء في السراء، فنزلت به ضراء، فدعا الله عز وجل قالت الملائكة: صوت معروف فشفعوا له، وإذا كان ليس بدعَّاء في السراء، فنزلت به ضراء فدعاء لله عز وجل قالت الملائكة: صوت ليس بمعروف فلا يشفعون له».
وقد قال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس: «تعرَّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة»([4])، قال ابن رجب رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث: إن العبد إذا اتقى الله وحفظ حدوده وراعى حقوقه في حال رخائه وصحته، فقد تعرَّف بذلك إلى الله، وكان بينه وبينه معرفة، فعرفه ربه في الشدة وعرف له عمله في الرخاء، فنجاه من الشدائد بتلك المعرفة.
وهذه معرفة خاصة تقتضي القرب من الله عز وجل ومحبته لعبده، وإجابته لدعائه، وليس المراد بها المعرفة العامة فإن الله لا يخفى عليه حال أحد من خلقه ... وهذا التعرف الخاص هو المشار إليه من الحديث الإلهي: «ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه» إلى أن قال: «ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه»([5]).
إذن ... إذا كان العبد موفقًا إلى كثرة الانطراح بين يدي ربه في الرخاء والسراء حافظًا لحدوده راعيًا لحقوقه في صحته، ولا يعرف التذلل إلى المخلوقين، غنيًّا عنهم جميعًا فقيرًا إلى مولاه، فإن الله تعالى يكون معه على كل حال ولا يتخلى عنه أبدًا في وقت الشدة، ولا شدة يلقاها المؤمن في الدنيا أعظم من شدة الموت، وهي أهون مما بعدها إن لم يكن مصير العبد إلى خير، وإن كان مصير العبد إلى خير فهي آخر شدة يلقاها ... ولذا كان بعض السلف يستحبون أن يكون للمرء خبيئة من عمل صالح، لتكون الشدة أهون عليه عند نزول الموت.
السبب السادس: كثرة الإنابة والتوبة:
إذا كانت معصية الرحمن هي التي تقصي عن الله عز وجل وإذا كان العبد كثير الخطأ والزلل ... وكل ابن آدم خطاء وكل ذنب يرتكبه يبعده ويضعف إحساسه بنعيم الصلة بربه، ولما كانت التوبة والإنابة هي سبيل التخلص من مغبة الذنوب، كان حريًا بالعاقل أن يكثر منها، نعم ... يكثر منها لأن الله يحب التوابين، والتواب صاحب التوبة الكثيرة، ولذا فقد تضمنتها سورة الفاتحة التي نقرأها في صلاتنا (17) سبع عشرة مرة في اليوم والليلة.
قال ابن القيم رحمه الله: «ومن أعطى الفاتحة حقها علمًا وحالاً ومعرفة علم أنه لا تصح له قراءتها على العبودية إلا بالتوبة النصوح، فإن الهداية التامة إلى الصراط المستقيم لا تكون مع الجهل بالذنوب ولا مع الإصرار عليها، ولذا فلا تصح التوبة إلا بعد معرفة الذنب والاعتراف به وطلب التخلص من سوء عواقبه أولاً وآخرًا».اهـ([6]).
ولكن لا بد أن نعلم جميعًا أن لا سبيل إلى التوبة النصوح إلا بتوفيق الله سبحانه وتعالى وفضله ومنته للهداية إلى الطريق المستقيم، ولا سبيل للهداية إلى الطريق المستقيم إلا بالاعتصام بالله عز وجل واللجوء إلى الله تعالى بأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ومصداق ذلك قول المولى تعالى: [FONT="]}وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[FONT="]{[/FONT] [آل عمران: 101].[/FONT]
وقال سبحانه: [FONT="]}وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ[FONT="]{[/FONT] [الحج: 78]، أي متى اعتصمتم بالله تولاكم، وإذا تولاكم نصركم على أنفسكم وعلى الشيطان، وهما العدوان اللذان لا يفارقان العبد حتى تفارق روحه جسده.
[/FONT]
والتوبة المقبولة الصحيحة لها علامات ذكرها ابن القيم رحمه الله.. منها:
أن يكون العبد التائب بعد التوبة خيرًا مما كان عليه قبلها.
أن لا يزال الخوف مصاحبًا له لا يأمن مكر الله طرفة عين، فخوفه مستمر إلى أن يسمع قول الرسول لقبض روحه [FONT="]}أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ[FONT="]{[/FONT] [فصلت: 30].[/FONT]
ومنها انخلاع القلب وتقطعه ندمًا وخوفًا، وهذا على قدر عظم الجناية وصغرها، وهذا تأويل ابن عيينة لقوله تعالى: [FONT="]}لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ[FONT="]{[/FONT] تقطعها بالتوبة.
[/FONT]
ومنها كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء ولا تكون لغير المذنب... تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة، قد أحاطت به من جميع جهاته، وألقته بين يدي ربه طريحًا ذليلاً خاشعًا، فليس شيء أحب إلى الله من هذه الكسرة، والخضوع والتذلل والإخبات والانطراح بين يديه، والاستسلام له، فلله ما أحلى قوله في هذه الحال: «أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني، أسألك بقوتك وضعفي، وبغناك عني، وفقري إليك، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سواي كثير، وليس لي سيد سواك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعو دعاء الخائف الضرير، سؤال من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عيناه، وذل لك قلبه».
حتى قال رحمه الله تعالى: «فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته وليرجع إلى تصحيحها، فما أصعب التوبة الصحيحة بالحقيقة وما أسهلها باللسان والدعوى!! وما عالج الصادق بشيء أشق عليه من التوبة الخالصة الصادقة ولا حول ولا قوة إلا بالله»([7]).
ولفضل التوبة وشأنها العظيم دعانا الرحمن إليها في كتابه الكريم، قال تعالى: [FONT="]}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[FONT="]{[/FONT] [التحريم: 8].[/FONT]
السبب السابع: إعمال عبادة التفكر:
سُئل أعرابي: بم عرفت ربك؟ فرد بجواب المتفكر: بنقض العزائم وصرف الهمم.
التفكر ... تلك العبادة القلبية المهملة مع أن ربنا سبحانه وتعالى أمر بالتفكر والتدبر، وأثنى على المتفكرين بقوله: [FONT="]}إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[FONT="]{[/FONT].[/FONT]
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
وقال وهب بن منبه: ما طالت فكرة امرئ إلا فهم، وما فهم إلا علم، وما علم إلا عمل.
والتفكر في آيات الله يدفع العبد لتعظيم الخالق ومحبته وإجلاله.
قال بشر الحافي: لو تفكر الناس في عظمة الله لما عصوه.
وكلما استكثرنا من معرفة عجائب آلاء الله وخلقه ومصنوعاته، كانت معرفتنا بجلال الصانع أتم، ومن عرف الله قرب منه وخشيه، لأن العلم النافع يزيد في الخشية، قال سبحانه: [FONT="]}إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[FONT="]{[/FONT]، قال عمر بن عبد العزيز: إنما العلم مخافة الله.[/FONT]
وكذا التأمل في آيات الله الكونية ومخلوقاته العظيمة كالسماوات والأرض، والليل والنهار، والشمس والقمر، وهذا الإنسان المخلوق من نطفة، وكذا عجائب الجواهر المودعة في الجبال، والبحار العميقة المكتنفة لأقطار الأرض وما في البحر من العجائب أضعاف ما نشاهده في البر!!
فلننظر مثلاً إلى اللؤلؤ والمرجان كيف أنبته الله في صم الصخور تحت الماء!!
وإلى السفن كيف ساقتها الرياح وأمسكها الله تعالى على وجه الماء!!
وأعجب من ذلك الماء فإنه حياة كل ما على الأرض من حيوان ونبات، فلو احتاج العبد إلى شربة ماء ومنع منها لبذل في تحصيلها جميع خزائن الدنيا لو ملك ذلك، ثم إذا شربها ومنع خروجها لبذل مثله في إخراجها!!
وغيرها من نعم الله وآلائه الجسيمة التي لو أمعنا النظر فيها حصل لنا الإدراك الواعي لوحدانية الله وتفرده بالملك والقدرة وأنه صاحب الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، ومن ثم وجدنا نعيم اللجوء إلى مالك الملك الذي لا يعجزه شيء وهو العالم بنا وبما يصلحنا وما فيه الخير لنا.
وكذلك فإن التفكر رائد يهدي صاحبه إلى طريق ربه ويحول بينه وبين الانصراف عنه. وإذا كان التفكر بهذه المنزلة، وثمرته بتلك المكانة، فالمصيبة كبيرة حين يحرم الإنسان ذلك الجانب من العبادة، فالذي يمر على الآية العظيمة والخلق الباهر، والعبرة الموقظة دون أن يتأثر بها أو يعتبرها أو يقف عندها، دل ذلك على تجمد تفكيره وإدراكه وتبلد شعوره وإحساسه، وكان بمنزلة من فقد العقل أو البصر أو كما وصفهم الرب عز وجل: [FONT="]}أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ[FONT="]{[/FONT]، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور.
[/FONT]
قال تعالى: [FONT="]}سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ[FONT="]{[/FONT] [الأعراف: 146].[/FONT]
وفي معنى الصرف:
قال الفريابي: أمنع قلوبهم التفكر في أمري.
وقال الحسن: معنى الصرف هنا أن الله جل جلاله يمنع هؤلاء الأشقياء من التفكر في أمر الله عز وجل ... والتفكر عمل قلبي تأتي الجوارح تبعًا له، وهو عبادة تحتاج إلى نية وبذل وجهد وقصد، ثم إنه يأتي بحمل النفس على ذلك والمحاولة وتكرار ذلك، لأن التكرار يورث التعود، ومما يعين على التفكر الصمت والسكون والخلوة بالنفس حتى يسبح الفكر في آفاق التذكر والتدبر بلا شواغل ولا قواطع.
ومن أيسر مجالات التفكر النظر في النفس الإنسانية وعجيب صنع الله بها وتغير مراحلها وأحوالها [FONT="]}وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ[FONT="]{[/FONT].[/FONT]
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أو لستم ترون أن أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى ...، فميت يُبكى، وآخر يُعزى، وصريع مُبتلى، وعائد يعود، وآخر بنفسه يجود، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل ليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يمضي الباقي».
ومما ينبغي التنبيه عليه أن التفكر المحمود هو التفكر في آلاء الله، أما التفكر في ذات الله فهو ممنوع لأن العقول تتحير في ذلك، والله سبحانه وتعالى أعظم من أن تمثله العقول بالتفكير أو توهمه القلوب بالتصوير، فهو سبحانه: [FONT="]}لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[FONT="]{[/FONT].[/FONT]
وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله» [رواه البيهقي].
السبب الثامن: طلب العلم النافع، وحضور حلق الذكر:
وأقصد بالعلم النافع كل ما عاد على صاحبه بالقرب من ربه وزيادة إيمانه ويقينه بخالقه حتى العلوم المختلفة في معرفة أسرار الكون ودقائق صنع الله وبديع إتقانه، مع أن أرقى العلوم وأنفعها للعبد العلم المستمد من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من مسائل العقائد والحلال والحرام والفضائل والمعارف المتنوعة ... وكلما ازداد العبد علمًا كلما ازداد رفعة عند ربه في الدنيا والآخرة، قال تعالى: [FONT="]}يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ[FONT="]{[/FONT]، في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»([8]) قال الآجري في مقدمة كتابه أخلاق العلماء «إن الله عز وجل وتقدست أسماؤه اختص من خلقه من أحب فهداهم للإيمان ثم اختص من سائر المؤمنين من أحب فتفضل عليهم فعلمهم الكتاب والحكمة، وفهمهم في الدين وعلمهم التأويل وفضلهم على سائر المؤمنين».[/FONT]
ومن أعظم أبواب العلم التي يحصل بها قوة الصلة بالله تعالى وقوة الإيمان به، العلم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وشرف العلم بحسب شرف معلومه وشدة الحاجة إليه، ولا سبيل إلى معرفة الرب سبحانه إلا بمعرفة أسمائه ونعوته التي تعرف بها سبحانه إلى عباده من الكتاب والسنة الصحيحة، أما ما سوى هذان المصدران فلا يجوز الأخذ منه؛ لأن أسماءه سبحانه وصفة كلها توقيفية لا تثبت لله إلا بدليل من القرآن أو السنة الصحيحة، وبحسب معرفة العبد ربه تكون محبته له وخضوعه وطاعته وبالتالي يقينه وإيمانه، فأسماء الرب عز وجل ونعوته تثمر في القلب العبودية وقوة الصلة به سبحانه، ولكل صفة عبودية خاصة يشهدها القلب ثم يظهر مقتضاها على الجوارح، وبيان ذلك أن العبد إذا علم تفرد الرب تعالى بالضر والنفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة فإن ذلك يثمر له عبودية التوكل عليه باطنًا ولوازم التوكل وثمراته ظاهرًا.
وإذا علم بأن الله سميع بصير عليم لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات والأرض، وأنه يعلم السر وأخفى ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فإن هذا يثمر له حفظ اللسان والجوارح وخطرات القلب عن كل ما لا يرضي الله، وأن يجعل تعلقات هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه.
وإذا علم بأن الله غني كريم برٌّ رحيم واسع الإحسان فإن هذا يوجب له قوة الرجاء، والرجاء يثمر له أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه وإذا علم بكمال الله وجماله أوجب له محبة خاصة وشوقًا عظيمًا إلى لقاء الله وهذا يثمر التنعم بأنواع كثيرة من العبادة، فلا بد للعبد إذا أراد أن يقوي صلته بربه ويحسن علاقته به أن يعلم أن ربه قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال، منزه عن المثال، بريء من النقائض والعيوب، له كل اسم حسن وكل وصف كمال، فعال لما يريد، آمر، ناه، متكلم بكلماته الدينية والكونية، أكبر من كل شيء، أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، وأقدر القادرين، وأجود الأجودين.
قال ابن القيم رحمه الله: «من أعز أنواع المعرفة: معرفة الرب سبحانه بالجمال، وأتمهم معرفة من عرفه بكماله وجلاله وجماله سبحانه، ليس كمثله شيء في سائر صفاته، ويكفي في جماله أنه إذا كشف الحجاب عن وجهه لأحرقت سبحاته ما انتهى إليه بصره من خلقه، ويكفي في جماله أن كل جمال ظاهر وباطن في الدنيا والآخرة من آثار صنعه، فما الظن بمن صدر عنه هذا الجمال؟ ويكفي في جماله أن لنور وجهه أشرقت الظلمات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الطائف: «أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة»([9]) قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ليس عند ربكم ليل ولا نهار نور السماوات والأرض من نور وجهه فهو سبحانه نور السموات والأرض، ويوم القيامة إذا جاء الفصل والقضاء تشرق الأرض بنوره».
وقال ابن القيم رحمه الله: «فإن العبد يترقى من معرفة الأفعال إلى معرفة الصفات، ومن معرفة الصفات إلى معرفة الذات، فإذا شاهد شيئًا من حسن جمال الأفعال استدل به على جمال الصفات، ثم استدل بجمال الصفات على جمال الذات ».اهـ. بتصرف.
أما حضور حلق الذكر والجلوس مع أهل الذكر فهو حياة للقلب وتخلص من الغفلة المميتة، فلا بد للعبد أن يحرص على حضور مجالس الذكر ويقبل عليها كما يحرص الجائع على حضور وليمة أو مأدبة بل أشد، فمجالس الذكر؛ تغذي الأرواح؛ وتعلي الهمم؛ وتحي القلوب، قال تعالى: [FONT="]}وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا[FONT="]{[/FONT] [الكهف: 28].[/FONT]
وجاء في الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن أقعد مع قوم يذكرون الله منذ صلاة الغداة (الفجر) حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة»([10]).
وأهل الذكر هم أهل الآخرة ومجالسهم هي رياض الجنة وهم أهل الخير الذين يدلون صاحبهم وجليسهم إليه ويحببونه له، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «ذهب الذاكرون بالخير كله»، ومجالس الذكر مجالس الملائكة التي فيها تنزل السكينة وغشيان الرحمة وحفوف الملائكة وحسبنا أنها مجالس يحبها الله ورسوله، أما مجالس أهل الدنيا فهي مجالس اللهو والغفلة وهي مجالس الشيطان التي فيها تقسو القلوب وتغطيها الغفلة التي تبعد العبد عن ربه وتجره إلى المعاصي وتحدث بينه وبينه وحشة لا تزول إلا بالذكر ومجالسة أهله وهذه المجالس حسرة يوم القيامة على أصحابها كما أن الغفلة تضعف تعظم الرب سبحانه.
قال ابن القيم: «إن حجاب الهيبة لله عز وجل رقيق في قلب الغافل».
وفرق بين مجلس يقوم منه العبد وقد زاد إقباله على ربه واشتاق إلى مناجاته والانطراح بين يديه وسؤاله نعيم الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، والاستعاذة به من النار وما قرب إليها من قول وعمل، وازداد حبه للطاعة ووجد طعمها وحلاوتها وبغضه للمعصية وانخلع من قلبه حب الدنيا وتعلق قلبه بما عند الله والدار الآخرة، وبين مجلس يقوم منه العبد وقد زاد إقباله على حطام الدنيا وشرهه باللباس والأثاث والزينة الزائفة وقد زهد في العمل الصالح المقرب لرضا الرحمن ودخول الجنان وتعلق قلبه بما في أيدي أهل الدنيا من بريق المتاع القليل ... ومن ثم هانت على نفسه المعصية في سبيل الحصول على المتاع القليل وثقلت عليه الطاعة وفقد طعمها وحلاوتها وقد يكون ممن يقول يوم القيامة: [FONT="]}وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا[FONT="]{[/FONT] [الفرقان: 27-29].[/FONT]
والعاقل الفطن من يختار المجلس النافع في الدنيا والآخرة.
السبب التاسع: دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة سلف الأمة والتأمل فيها:
يكفينا أن ربنا عز وجل أقسم على كمال هذا الرسول وعظمة أخلاقه وأنه أكمل مخلوق بقول: [FONT="]}ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[FONT="]{[/FONT] [القلم: 1-4].[/FONT]
وهذا مما يدفعنا لدراسة سيرة حبيبنا صلى الله عليه وسلم التي هي سبب للهداية إلى الطريق المستقيم وفي تأمل حاله صلى الله عليه وسلم وسيرته وحياته وعبادته وكذا صحابته من بعده رضوان الله عليهم وعبادتهم ووصفهم للنعيم الذي يجدونه بالصلة بربهم وأثر ذلك على حياتهم وانتصارهم على عدو الله وعدوهم وانتصارهم قبل ذلك على أنفسهم والشيطان كل ذلك مما يعلي الهمة ويحفز المشمرين على السير في الطريق الذي سار عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، ويحث على اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده ويحصل ذلك من خلال قراءة النصوص الواردة الثابتة في الكتاب والسنة، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «ومنهم من يهتدي بمعرفته بحاله صلى الله عليه وسلم وما فطر عليه من كمال الأخلاق والأوصاف والأفعال، وأن عادة الله أن لا يخزي من قامت به تلك الأوصاف والأفعال لعلمه بالله ومعرفته به، وأنه لا يخزي من كان بهذه المثابة، كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها له صلى الله عليه وسلم: «أبشر لن يخزيك الله أبدًا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلّ، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق»([11]).
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref1[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]الوابل الصيب (164).[/FONT]
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref2[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][2][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]ذكره في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: [/FONT][FONT="][FONT="]}[/FONT][/FONT]
[FONT="]لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ[/FONT][FONT="][FONT="]{[/FONT][/FONT][FONT="]، ترجمة الباب.[/FONT]
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref3[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][3][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]رواه الترمذي: كتاب الدعوات، باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة، رقم (3382).[/FONT]
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref4[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][4][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]رواه أحمد برقم (2800).[/FONT]
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref5[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][5][/FONT][/FONT][FONT="]) رواه البخاري: كتاب الرقاق، باب التواضع، رقم (6502).[/FONT][FONT="][/FONT]
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref6[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][6][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]تهذيب مدارج السالكين (1/179).[/FONT]
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref7[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][7][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]تهذيب مدارج السالكين.[/FONT]
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref8[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][8][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]رواه البخاري: كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا، رقم (71)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، رقم (1037).[/FONT]
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref9[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][9][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]الطبراني في الدعاء، (1/315)، وتاريخ دمشق (49/152).[/FONT]
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref10[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][10][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]رواه أحمد برقم (21690)، وأبو داود: كتاب العلم، باب في القصص، رقم (3667)، وحسنه الألباني. [/FONT]
http://jewelamel.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=6751#_ftnref11[FONT="]([/FONT][FONT="]
[FONT="][11][/FONT][/FONT][FONT="]) رواه البخاري: كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، رقم (4)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب من بدء الوحي إلى رسول الله [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="]، رقم (160).[/FONT]