هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في ربيع الأول
ولم تكن في المحرم
كتبه:
محمد سعد عبد الدايم
محمد سعد عبد الدايم
;l;l;l;l;l;l
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
هناك خطأ كبير منتشر بين الناس ، وهو أنهم يحسبون أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت هجرته في شهر المحرم مع بداية تارخ السنة الهجرية المؤرخ بها حاليًا ، وعند المحرم يحتفل الناس بالهجرة ويحتفلون ببداية السنةالجديدة
والصحيح أنه لا علاقة بين التأريخ بالمحرم كبداية للسنة الهجرية ، وبين الموعد الحقيقي للهجرةالمباركة .
والموضوع بالضبط كما يلي (باختصار) : ونبين فيه ثلاثة أشياء
أولاً : بيان أن الهجرة كانت في شهر ربيع الأول
ثانيًا : لماذا تم التأريخ بالمحرم
ثالثًا : حكم الاحتفال بالسنة الهجرية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
هناك خطأ كبير منتشر بين الناس ، وهو أنهم يحسبون أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت هجرته في شهر المحرم مع بداية تارخ السنة الهجرية المؤرخ بها حاليًا ، وعند المحرم يحتفل الناس بالهجرة ويحتفلون ببداية السنةالجديدة
والصحيح أنه لا علاقة بين التأريخ بالمحرم كبداية للسنة الهجرية ، وبين الموعد الحقيقي للهجرةالمباركة .
والموضوع بالضبط كما يلي (باختصار) : ونبين فيه ثلاثة أشياء
أولاً : بيان أن الهجرة كانت في شهر ربيع الأول
ثانيًا : لماذا تم التأريخ بالمحرم
ثالثًا : حكم الاحتفال بالسنة الهجرية
;l;l;l
أولاً : هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في ربيع الأول ولم تكن في المحرم :
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين حين اشتد الضحى لاثني عشرة خلت من ربيع الأول .
وفيما يلي ذكر الأحاديث والآثار في ذلك :
في حديث االهجرة للسيدة عائشة رضي الله عنها قالت :
(( وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لِأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمْ السَّرَابُ فَلَمْ يَمْلِكْ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمْ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ فَعَدَلَبِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ))[1]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
(( ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول ، وأنزلت عليه النبوة يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول ، ودخل المدينة يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول ، وقبض صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول »[2]
وعن ابن شهاب قال :
(( كان بين ليلة العقبة وبين مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر ، أو قريبا منها وكانت بيعة الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة في ذي الحجة ، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في شهر ربيع الأول ))[3]
وعن عاصم بن عدي قال :
(( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، فأقام بالمدينة عشر سنين ))[4]
وعن يعلى بن أمية :
(( إن النبي صلى الله عليه وسلم « قدم المدينة في شهر ربيع الأول ))[5]
عن ابن إسحاق قال :
أقام رسول الله بمكة بعد نزول الوحي عليه ثلاث عشرة سنة ، ثم هاجر فقدم المدينة في شهر ربيع الأول ليلة الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت منه [6]
عن عبد الرحمن بن عويم قال :
أخبرني بعض قومي قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول[7]
وعن يعقوب بن سفيان قال :
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة شهر ربيع الأول[8]
قال ابن النحاس :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في شهر ربيع الأول[9]
قال ابن هشام :
حتى هبط بهما (يعني دليلهم في الهجرة) بطن رئم ، ثُمّ قَدِمَ بِهِمَا قُبَاءً ، عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ حِينَ اشْتَدّ الضّحَاءُ وَكَادَتْ الشّمْسُ تَعْتَدِلُ.[10]
وروى ابن سعد:
عن أبي بكر أبي سبرة وغيره قالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربّه أن يريه الجنّة والنّار، فلمّا كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان، قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً . (يعني في شهر ربيع الأول).[11]
قال ابن كثير : روى أحمد : عن عمرو بن دينار قال :
إن أول من ورخ الكتب يعلى بن أمية باليمن، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في ربيع الأول وأن الناس أرخوا لأول السنة. [12]
وقال ابن كثير :
فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين قريباً من الزوال وقد اشتد الضحاء
ورجح ابن إسحاق أنه صلى الله عليه وسلم وصل لدار الهجرة لثنتي عشرة ليلة خلت منه، وهذا هو المشهور الذي عليه الجمهور .[13]
قال ابن سيد الناس : روى ابن شهاب عن عروة بن الزبير :
( .. وسمع المسلمون بالمدينة خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة فانقلبوا يوما بعد ما اطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي ان قال بأعلى صوته يا معاشر العرب هذا جدكم الذى تنتظرون فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بنى عمرو بن عوف وذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتاً ..))[14]
وكان ابن حزم رحمه الله يؤرخ للسيرة في كتابه جوامع السيرة باعتبار شهر ربيع الأول هو بداية السنة الهجرية لأنه هو الشهر الذي هجر فيه صلى الله عليه وسلم .[15]
وقال محمد بن يوسف الصالحي :
كانت هجرته صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الاول سنة ثلاث عشرة من النبوة وذلك يوم الاثنين.[16]
وقال ابن القيم :
فَدَخَلَ غَارَ ثَوْرٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ فَأَقَامَا فِيهِ ثَلَاثًا ثُمّ أَخَذَا عَلَى طَرِيقِ السّاحِلِ فَلَمّا انْتَهَوْا إلَى الْمَدِينَةِ وَذَلِكَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ نَزَلَ بقُبَاء فِي أَعْلَى الْمَدِينَةِ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ .[17]
ثانيًا : بداية التأريخ :
قال محمد بن سيرين:
قام رجل إلى عمر فقال: أرّخوا
فقال عمر: ما أرّخوا ؟
فقال : شيء تفعله الأعاجم في شهر كذا من سنة كذا .
فقال عمر: حسن ، فأرّخوا .
فاتفقوا على الهجرة ... ثم قالوا : من أي الشهور ؟
فقالوا : من رمضان .. ثمّ قالوا : فالمحرم هو منصرف الناس من حجهم وهو شهر حرام ، فأجمعوا عليه. [18]
فالصحابة حين أرخوا اعتمدوا سنة الهجرة كبداية ، ولم يعتمدوا الشهر أو اليوم الذي هاجر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم كما يظن أكثر الناس اليوم .
ثم اختار الصحابة بعد ذلك المحرم كبداية للسنة لأنه بعد انتهاء موسم الحج ، ولم يكن هناك علاقة بين شهر الهجرة وتحديد شهر المحرم كبداية.
قال ابن كثير : وحكى السهيلي وغيره عن الإمام مالك أنه قال :
أول السنة الإسلامية ربيع الأول لأنه الشهر الذي هاجر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد استدل السهيلي على ذلك في موضع آخر بقوله تعالى:
(لمسجد أسس على التقوى من أول يوم)
أي من أول يوم حلول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهو أول يوم من التاريخ كما اتفق الصحابة على أول سني التاريخ عام الهجرة.
ولا شك أن هذا الذي قاله الإمام مالك رحمه الله مناسب، ولكن العمل على خلافه،
وذلك لان أول شهور العرب المحرم فجعلوا السنة الأولى سنة الهجرة.
وجعلوا أولها المحرم كما هو المعروف لئلا يختلط النظام والله أعلم. [19]
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وَقَدْ أَبْدَى بَعْضهمْ لِلْبُدَاءَةِ بِالْهِجْرَةِ مُنَاسَبَة فَقَالَ : كَانَتْ الْقَضَايَا الَّتِي اُتُّفِقَتْ لَهُ وَيُمْكِن أَنْ يُؤَرَّخ بِهَا أَرْبَعَة : مَوْلِده وَمَبْعَثه وَهِجْرَته وَوَفَاته
فَرَجَحَ عِنْدهمْ جَعْلهَا مِنْ الْهِجْرَة لِأَنَّ الْمَوْلِد وَالْمَبْعَث لَا يَخْلُو وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ النِّزَاع فِي تَعْيِين السَّنَة
وَأَمَّا وَقْت الْوَفَاة فَأَعْرَضُوا عَنْهُ لِمَا تُوُقِّعَ بِذِكْرِهِ مِنْ الْأَسَف عَلَيْهِ
فَانْحَصَرَ فِي الْهِجْرَة
وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ مِنْ رَبِيع الْأَوَّل إِلَى الْمُحَرَّم :
لِأَنَّ اِبْتِدَاء الْعَزْم عَلَى الْهِجْرَة كَانَ فِي الْمُحَرَّم , إِذْ الْبَيْعَة وَقَعَتْ فِي أَثْنَاء ذِي الْحِجَّة وَهِيَ مُقَدِّمَة الْهِجْرَة , فَكَانَ أَوَّل هِلَال اِسْتَهَلَّ بَعْد الْبَيْعَة وَالْعَزْم عَلَى الْهِجْرَة هِلَال الْمُحَرَّم فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَل مُبْتَدَأ
وَهَذَا أَقْوَى مَا وَفَقْت عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَة الِابْتِدَاء بِالْمُحَرَّمِ .
وَذَكَرُوا فِي سَبَب عَمَل عُمَر التَّارِيخ أَشْيَاء : مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم الْفَضْل بْن دُكَيْن فِي تَارِيخه وَمِنْ طَرِيقه الْحَاكِم مِنْ طَرِيق الشَّعْبِيّ :
(( أَنَّ أَبَا مُوسَى كَتَبَ إِلَى عُمَر : إِنَّهُ يَأْتِينَا مِنْك كُتُب لَيْسَ لَهَا تَارِيخ , فَجَمَعَ عُمَر النَّاس .
فَقَالَ بَعْضهمْ : أَرِّخْ بِالْمَبْعَثِ , وَبَعْضهمْ أَرِّخْ بِالْهِجْرَةِ
فَقَالَ عُمَر : الْهِجْرَة فَرَّقَتْ بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل فَأَرِّخُوا بِهَا , وَذَلِكَ سَنَة سَبْع عَشْرَة .
فَلَمَّا اِتَّفَقُوا قَالَ بَعْضهمْ : اِبْدَءُوا بِرَمَضَان .
فَقَالَ عُمَر : بَلْ بِالْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ مُنْصَرَف النَّاس مِنْ حَجّهمْ , فَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ ))
وَرَوَى أَحْمَد وَأَبُو عَرُوبَة فِي " الْأَوَائِل " وَالْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب " وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق مَيْمُون بْن مِهْرَانَ قَالَ :
(( رُفِعَ لِعُمَر صَكَّ مَحِلّه شَعْبَان فَقَالَ : أَيّ شَعْبَان ; الْمَاضِي أَوْ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ , أَوْ الْآتِي ؟ ضَعُوا لِلنَّاسِ شَيْئًا يَعْرِفُونَهُ .. فَذَكَرَ نَحْو الْأَوَّل )).
وَرَوَى الْحَاكِم عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب قَالَ :
(( جَمَعَ عُمَر النَّاس فَسَأَلَهُمْ عَنْ أَوَّل يَوْم يَكْتُب التَّارِيخ , فَقَالَ عَلِيّ : مِنْ يَوْم هَاجَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَك أَرْض الشِّرْك , فَفَعَلَهُ عُمَر ))
يعني أرخوا من بداية السنة الهجرية .
وَرَوَى اِبْن أَبِي خَيْمَة مِنْ طَرِيق اِبْن سِيرِينَ قَالَ :
(( قَدِمَ رَجُل مِنْ الْيَمَن فَقَالَ : رَأَيْت بِالْيَمَنِ شَيْئًا يُسَمُّونَهُ التَّارِيخ يَكْتُبُونَهُ مِنْ عَام كَذَا وَشَهْر كَذَا , فَقَالَ عُمَر : هَذَا حَسَن فَأَرِّخُوا , فَلَمَّا جَمَعَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ قَوْم : أَرِّخُوا لِلْمَوْلِدِ , وَقَالَ قَائِل لِلْمَبْعَثِ , وَقَالَ قَائِل مِنْ حِين خَرَجَ مُهَاجِرًا , وَقَالَ قَائِل مِنْ حِين تُوُفِّيَ , فَقَالَ عُمَر : أَرِّخُوا مِنْ خُرُوجه مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة .
ثُمَّ قَالَ : بِأَيِّ شَهْر نَبْدَأ ؟
فَقَالَ قَوْم : مِنْ رَجَب , وَقَالَ قَائِل : مِنْ رَمَضَان
فَقَالَ عُثْمَان : أَرِّخُوا الْمُحَرَّم فَإِنَّهُ شَهْر حَرَام وَهُوَ أَوَّل السَّنَة وَمُنْصَرَف النَّاس مِنْ الْحَجّ))
قَالَ وَكَانَ ذَلِكَ سَنَة سَبْع عَشْرَة - وَقِيلَ : سَنَة سِتّ عَشْرَة - فِي رَبِيع الْأَوَّل " فَاسْتَفَدْنَا مِنْ مَجْمُوع هَذِهِ الْآثَار أَنَّ الَّذِي أَشَارَ بِالْمُحَرَّمِ عُمَر وَعُثْمَان وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ .ا.هـ
أولاً : هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في ربيع الأول ولم تكن في المحرم :
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين حين اشتد الضحى لاثني عشرة خلت من ربيع الأول .
وفيما يلي ذكر الأحاديث والآثار في ذلك :
في حديث االهجرة للسيدة عائشة رضي الله عنها قالت :
(( وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لِأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمْ السَّرَابُ فَلَمْ يَمْلِكْ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمْ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ فَعَدَلَبِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ))[1]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
(( ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول ، وأنزلت عليه النبوة يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول ، ودخل المدينة يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول ، وقبض صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين في أول شهر ربيع الأول »[2]
وعن ابن شهاب قال :
(( كان بين ليلة العقبة وبين مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر ، أو قريبا منها وكانت بيعة الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة في ذي الحجة ، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في شهر ربيع الأول ))[3]
وعن عاصم بن عدي قال :
(( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، فأقام بالمدينة عشر سنين ))[4]
وعن يعلى بن أمية :
(( إن النبي صلى الله عليه وسلم « قدم المدينة في شهر ربيع الأول ))[5]
عن ابن إسحاق قال :
أقام رسول الله بمكة بعد نزول الوحي عليه ثلاث عشرة سنة ، ثم هاجر فقدم المدينة في شهر ربيع الأول ليلة الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت منه [6]
عن عبد الرحمن بن عويم قال :
أخبرني بعض قومي قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول[7]
وعن يعقوب بن سفيان قال :
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة شهر ربيع الأول[8]
قال ابن النحاس :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في شهر ربيع الأول[9]
قال ابن هشام :
حتى هبط بهما (يعني دليلهم في الهجرة) بطن رئم ، ثُمّ قَدِمَ بِهِمَا قُبَاءً ، عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ حِينَ اشْتَدّ الضّحَاءُ وَكَادَتْ الشّمْسُ تَعْتَدِلُ.[10]
وروى ابن سعد:
عن أبي بكر أبي سبرة وغيره قالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربّه أن يريه الجنّة والنّار، فلمّا كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان، قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً . (يعني في شهر ربيع الأول).[11]
قال ابن كثير : روى أحمد : عن عمرو بن دينار قال :
إن أول من ورخ الكتب يعلى بن أمية باليمن، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في ربيع الأول وأن الناس أرخوا لأول السنة. [12]
وقال ابن كثير :
فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين قريباً من الزوال وقد اشتد الضحاء
ورجح ابن إسحاق أنه صلى الله عليه وسلم وصل لدار الهجرة لثنتي عشرة ليلة خلت منه، وهذا هو المشهور الذي عليه الجمهور .[13]
قال ابن سيد الناس : روى ابن شهاب عن عروة بن الزبير :
( .. وسمع المسلمون بالمدينة خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة فانقلبوا يوما بعد ما اطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي ان قال بأعلى صوته يا معاشر العرب هذا جدكم الذى تنتظرون فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بنى عمرو بن عوف وذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتاً ..))[14]
وكان ابن حزم رحمه الله يؤرخ للسيرة في كتابه جوامع السيرة باعتبار شهر ربيع الأول هو بداية السنة الهجرية لأنه هو الشهر الذي هجر فيه صلى الله عليه وسلم .[15]
وقال محمد بن يوسف الصالحي :
كانت هجرته صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الاول سنة ثلاث عشرة من النبوة وذلك يوم الاثنين.[16]
وقال ابن القيم :
فَدَخَلَ غَارَ ثَوْرٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ فَأَقَامَا فِيهِ ثَلَاثًا ثُمّ أَخَذَا عَلَى طَرِيقِ السّاحِلِ فَلَمّا انْتَهَوْا إلَى الْمَدِينَةِ وَذَلِكَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ نَزَلَ بقُبَاء فِي أَعْلَى الْمَدِينَةِ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ .[17]
ثانيًا : بداية التأريخ :
قال محمد بن سيرين:
قام رجل إلى عمر فقال: أرّخوا
فقال عمر: ما أرّخوا ؟
فقال : شيء تفعله الأعاجم في شهر كذا من سنة كذا .
فقال عمر: حسن ، فأرّخوا .
فاتفقوا على الهجرة ... ثم قالوا : من أي الشهور ؟
فقالوا : من رمضان .. ثمّ قالوا : فالمحرم هو منصرف الناس من حجهم وهو شهر حرام ، فأجمعوا عليه. [18]
فالصحابة حين أرخوا اعتمدوا سنة الهجرة كبداية ، ولم يعتمدوا الشهر أو اليوم الذي هاجر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم كما يظن أكثر الناس اليوم .
ثم اختار الصحابة بعد ذلك المحرم كبداية للسنة لأنه بعد انتهاء موسم الحج ، ولم يكن هناك علاقة بين شهر الهجرة وتحديد شهر المحرم كبداية.
قال ابن كثير : وحكى السهيلي وغيره عن الإمام مالك أنه قال :
أول السنة الإسلامية ربيع الأول لأنه الشهر الذي هاجر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد استدل السهيلي على ذلك في موضع آخر بقوله تعالى:
(لمسجد أسس على التقوى من أول يوم)
أي من أول يوم حلول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهو أول يوم من التاريخ كما اتفق الصحابة على أول سني التاريخ عام الهجرة.
ولا شك أن هذا الذي قاله الإمام مالك رحمه الله مناسب، ولكن العمل على خلافه،
وذلك لان أول شهور العرب المحرم فجعلوا السنة الأولى سنة الهجرة.
وجعلوا أولها المحرم كما هو المعروف لئلا يختلط النظام والله أعلم. [19]
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وَقَدْ أَبْدَى بَعْضهمْ لِلْبُدَاءَةِ بِالْهِجْرَةِ مُنَاسَبَة فَقَالَ : كَانَتْ الْقَضَايَا الَّتِي اُتُّفِقَتْ لَهُ وَيُمْكِن أَنْ يُؤَرَّخ بِهَا أَرْبَعَة : مَوْلِده وَمَبْعَثه وَهِجْرَته وَوَفَاته
فَرَجَحَ عِنْدهمْ جَعْلهَا مِنْ الْهِجْرَة لِأَنَّ الْمَوْلِد وَالْمَبْعَث لَا يَخْلُو وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ النِّزَاع فِي تَعْيِين السَّنَة
وَأَمَّا وَقْت الْوَفَاة فَأَعْرَضُوا عَنْهُ لِمَا تُوُقِّعَ بِذِكْرِهِ مِنْ الْأَسَف عَلَيْهِ
فَانْحَصَرَ فِي الْهِجْرَة
وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ مِنْ رَبِيع الْأَوَّل إِلَى الْمُحَرَّم :
لِأَنَّ اِبْتِدَاء الْعَزْم عَلَى الْهِجْرَة كَانَ فِي الْمُحَرَّم , إِذْ الْبَيْعَة وَقَعَتْ فِي أَثْنَاء ذِي الْحِجَّة وَهِيَ مُقَدِّمَة الْهِجْرَة , فَكَانَ أَوَّل هِلَال اِسْتَهَلَّ بَعْد الْبَيْعَة وَالْعَزْم عَلَى الْهِجْرَة هِلَال الْمُحَرَّم فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَل مُبْتَدَأ
وَهَذَا أَقْوَى مَا وَفَقْت عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَة الِابْتِدَاء بِالْمُحَرَّمِ .
وَذَكَرُوا فِي سَبَب عَمَل عُمَر التَّارِيخ أَشْيَاء : مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم الْفَضْل بْن دُكَيْن فِي تَارِيخه وَمِنْ طَرِيقه الْحَاكِم مِنْ طَرِيق الشَّعْبِيّ :
(( أَنَّ أَبَا مُوسَى كَتَبَ إِلَى عُمَر : إِنَّهُ يَأْتِينَا مِنْك كُتُب لَيْسَ لَهَا تَارِيخ , فَجَمَعَ عُمَر النَّاس .
فَقَالَ بَعْضهمْ : أَرِّخْ بِالْمَبْعَثِ , وَبَعْضهمْ أَرِّخْ بِالْهِجْرَةِ
فَقَالَ عُمَر : الْهِجْرَة فَرَّقَتْ بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل فَأَرِّخُوا بِهَا , وَذَلِكَ سَنَة سَبْع عَشْرَة .
فَلَمَّا اِتَّفَقُوا قَالَ بَعْضهمْ : اِبْدَءُوا بِرَمَضَان .
فَقَالَ عُمَر : بَلْ بِالْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ مُنْصَرَف النَّاس مِنْ حَجّهمْ , فَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ ))
وَرَوَى أَحْمَد وَأَبُو عَرُوبَة فِي " الْأَوَائِل " وَالْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب " وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق مَيْمُون بْن مِهْرَانَ قَالَ :
(( رُفِعَ لِعُمَر صَكَّ مَحِلّه شَعْبَان فَقَالَ : أَيّ شَعْبَان ; الْمَاضِي أَوْ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ , أَوْ الْآتِي ؟ ضَعُوا لِلنَّاسِ شَيْئًا يَعْرِفُونَهُ .. فَذَكَرَ نَحْو الْأَوَّل )).
وَرَوَى الْحَاكِم عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب قَالَ :
(( جَمَعَ عُمَر النَّاس فَسَأَلَهُمْ عَنْ أَوَّل يَوْم يَكْتُب التَّارِيخ , فَقَالَ عَلِيّ : مِنْ يَوْم هَاجَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَك أَرْض الشِّرْك , فَفَعَلَهُ عُمَر ))
يعني أرخوا من بداية السنة الهجرية .
وَرَوَى اِبْن أَبِي خَيْمَة مِنْ طَرِيق اِبْن سِيرِينَ قَالَ :
(( قَدِمَ رَجُل مِنْ الْيَمَن فَقَالَ : رَأَيْت بِالْيَمَنِ شَيْئًا يُسَمُّونَهُ التَّارِيخ يَكْتُبُونَهُ مِنْ عَام كَذَا وَشَهْر كَذَا , فَقَالَ عُمَر : هَذَا حَسَن فَأَرِّخُوا , فَلَمَّا جَمَعَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ قَوْم : أَرِّخُوا لِلْمَوْلِدِ , وَقَالَ قَائِل لِلْمَبْعَثِ , وَقَالَ قَائِل مِنْ حِين خَرَجَ مُهَاجِرًا , وَقَالَ قَائِل مِنْ حِين تُوُفِّيَ , فَقَالَ عُمَر : أَرِّخُوا مِنْ خُرُوجه مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة .
ثُمَّ قَالَ : بِأَيِّ شَهْر نَبْدَأ ؟
فَقَالَ قَوْم : مِنْ رَجَب , وَقَالَ قَائِل : مِنْ رَمَضَان
فَقَالَ عُثْمَان : أَرِّخُوا الْمُحَرَّم فَإِنَّهُ شَهْر حَرَام وَهُوَ أَوَّل السَّنَة وَمُنْصَرَف النَّاس مِنْ الْحَجّ))
قَالَ وَكَانَ ذَلِكَ سَنَة سَبْع عَشْرَة - وَقِيلَ : سَنَة سِتّ عَشْرَة - فِي رَبِيع الْأَوَّل " فَاسْتَفَدْنَا مِنْ مَجْمُوع هَذِهِ الْآثَار أَنَّ الَّذِي أَشَارَ بِالْمُحَرَّمِ عُمَر وَعُثْمَان وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ .ا.هـ
[20]
ثالثًا : حكم الاحتفال بالسنة الهجرية :
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- :
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ، أما بعد : فقد اطلعت على ما كتبه الأخ : فريد بن عبد الحفيظ مياجان في صحيفة المدينة الصادرة في 15 \ 2 \ 1415 هـ يؤيد بذلك ما كتبه عبد الله أبو السمح من تحبيذ الاحتفال بالمناسبات الإسلامية .
فرأيت أن من الواجب التنبيه على غلطهما في ذلك ; نصحا لله ولعباده ، وعملا بقوله عز وجل :
(وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
وقوله صلى الله عليه وسلم:
((الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة . قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم وغيره
وقد حرّم الله سبحانه القول عليه بغير علم وحذر منه عباده كما في قوله سبحانه:
(( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ))
وقوله عز وجل (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ))
ولا شك أن الدعوة إلى إقامة الاحتفالات الإسلامية التي لم يحتفل بها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم من البدع المحدثة في الدين ، ومن أسباب الغلو في دين الله ، وشرع عبادات لم يشرعها الله .
وقد يكون بعضها مع كونه بدعة وسيلة للشرك الأكبر ; كالاحتفال بالمولد النبوي ، وموالد الصحابة والعلماء ، وقد قال الله عز وجل:
(( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ))
وقال سبحانه:
(( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
وقال سبحانه :
(( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ))
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))
متفق على صحته
وقال صلى الله عليه وسلم :
((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ))أخرجه مسلم في صحيحه
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه :
(( أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ))، خرجه مسلم في صحيحه . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
فالواجب على علماء المسلمين ، وعلى طلبة العلم ، وعلى كل مسلم أن يتقي الله ، وأن يحذر الدعوة إلى غير ما شرعه من البدع والمحدثات
وأن يرضى بما رضي الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان ، ففي ذلك السعادة والعاقبة الحميدة ، والنجاة في الدنيا والآخرة ، والبعد عن التشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى الذين أحدثوا في دينهم ما لم يأذن به الله ، فضلوا وأضلوا
ومن الواجب على المسلم -بدلا من إحداث البدع والدعوة إليها- التواصي بالحق والتناصح ، والعناية بتدبر القرآن الكريم والإكثار من تلاوته ، والعناية بالسنة الصحيحة والدعوة إلى ذلك قولا وعملا في المساجد والبيوت ، والعناية بحلقات العلم والإكثار منها ، حتى يتعلم الجاهل ، ويتذكر الناسي ، ويكثر الخير ، ويقل الشر ، كما كان السلف الصالح رحمة الله عليهم يقومون بذلك ويتواصون به .
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل به ، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا ، وأن يجعلنا من المتواصين بالحق والداعين إليه على بصيرة ، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا ، ويولي عليهم خيارهم ، ويصلح قادتهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه : فتاوى الشيخ ابن باز (5/328)
والفتاوى في هذا المعنى كثير ، فعلى هذا لا يجوز الاحتفال بعيد رأس السنة الهجري ولا بغير من الأعياد المخترعة ، وقد جعل الله تعالى عيد الفطر وعيد الأضحى أعياد أهل الإسلام.
ثالثًا : حكم الاحتفال بالسنة الهجرية :
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- :
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ، أما بعد : فقد اطلعت على ما كتبه الأخ : فريد بن عبد الحفيظ مياجان في صحيفة المدينة الصادرة في 15 \ 2 \ 1415 هـ يؤيد بذلك ما كتبه عبد الله أبو السمح من تحبيذ الاحتفال بالمناسبات الإسلامية .
فرأيت أن من الواجب التنبيه على غلطهما في ذلك ; نصحا لله ولعباده ، وعملا بقوله عز وجل :
(وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
وقوله صلى الله عليه وسلم:
((الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة . قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم وغيره
وقد حرّم الله سبحانه القول عليه بغير علم وحذر منه عباده كما في قوله سبحانه:
(( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ))
وقوله عز وجل (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ))
ولا شك أن الدعوة إلى إقامة الاحتفالات الإسلامية التي لم يحتفل بها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم من البدع المحدثة في الدين ، ومن أسباب الغلو في دين الله ، وشرع عبادات لم يشرعها الله .
وقد يكون بعضها مع كونه بدعة وسيلة للشرك الأكبر ; كالاحتفال بالمولد النبوي ، وموالد الصحابة والعلماء ، وقد قال الله عز وجل:
(( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ))
وقال سبحانه:
(( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
وقال سبحانه :
(( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ))
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))
متفق على صحته
وقال صلى الله عليه وسلم :
((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ))أخرجه مسلم في صحيحه
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه :
(( أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ))، خرجه مسلم في صحيحه . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
فالواجب على علماء المسلمين ، وعلى طلبة العلم ، وعلى كل مسلم أن يتقي الله ، وأن يحذر الدعوة إلى غير ما شرعه من البدع والمحدثات
وأن يرضى بما رضي الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان ، ففي ذلك السعادة والعاقبة الحميدة ، والنجاة في الدنيا والآخرة ، والبعد عن التشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى الذين أحدثوا في دينهم ما لم يأذن به الله ، فضلوا وأضلوا
ومن الواجب على المسلم -بدلا من إحداث البدع والدعوة إليها- التواصي بالحق والتناصح ، والعناية بتدبر القرآن الكريم والإكثار من تلاوته ، والعناية بالسنة الصحيحة والدعوة إلى ذلك قولا وعملا في المساجد والبيوت ، والعناية بحلقات العلم والإكثار منها ، حتى يتعلم الجاهل ، ويتذكر الناسي ، ويكثر الخير ، ويقل الشر ، كما كان السلف الصالح رحمة الله عليهم يقومون بذلك ويتواصون به .
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل به ، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا ، وأن يجعلنا من المتواصين بالحق والداعين إليه على بصيرة ، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا ، ويولي عليهم خيارهم ، ويصلح قادتهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه : فتاوى الشيخ ابن باز (5/328)
والفتاوى في هذا المعنى كثير ، فعلى هذا لا يجوز الاحتفال بعيد رأس السنة الهجري ولا بغير من الأعياد المخترعة ، وقد جعل الله تعالى عيد الفطر وعيد الأضحى أعياد أهل الإسلام.
تم بحمد الله تعالى
ونسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح والرزق الطيب الواسع
وأن يرزقنا اتباع الحق والثبات عليه .. وآخر دعوان أن الحمد لله رب العالمين وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه .
-------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
[1]رواه البخاري (3616) ، وعبدالرزاق في المصنف عن عروة (5/395) ، والبيهقي في الدلائل (746) و(749) عن ابن إسحاق
[2]أخبار مكة للفاكهي (2232) ، ودلائل النبوة لأبي نعيم (91)
[3]رواه الحاكم في المستدرك (4221) والبيهقي في الدلائل (761)
[4]رواه الحاكم في المستدرك (5801) والبيهقي في الدلائل (760)
[5]رواه الحاكم في المستدرك (5818)
[6]دلائل النبوة للبيهقي (762) و(863)
[7]دلائل النبوة للبيهقي (763)
[8]دلائل النبوة للبيهقي (1290)
[9]الناسخ والمنسوخ (1/27)
[10] سيرة ابن هشام (1/490) والسيرة لابن كثير (2/256) والروض الأنف (2/329)
[11] الطبقات لابن سعد (1/213) وعيون الأثر (1/194)
[12] السيرة النبوية (2/288)
[13] السيرة النبوية (2/290)
[14]عيون الأثر (1/245)
[15]جوامع السيرة لابن حزم (1/6)
[16]سبل الهدى والرشاد (3/253)
[17]زاد المعاد (1/94)
[2]أخبار مكة للفاكهي (2232) ، ودلائل النبوة لأبي نعيم (91)
[3]رواه الحاكم في المستدرك (4221) والبيهقي في الدلائل (761)
[4]رواه الحاكم في المستدرك (5801) والبيهقي في الدلائل (760)
[5]رواه الحاكم في المستدرك (5818)
[6]دلائل النبوة للبيهقي (762) و(863)
[7]دلائل النبوة للبيهقي (763)
[8]دلائل النبوة للبيهقي (1290)
[9]الناسخ والمنسوخ (1/27)
[10] سيرة ابن هشام (1/490) والسيرة لابن كثير (2/256) والروض الأنف (2/329)
[11] الطبقات لابن سعد (1/213) وعيون الأثر (1/194)
[12] السيرة النبوية (2/288)
[13] السيرة النبوية (2/290)
[14]عيون الأثر (1/245)
[15]جوامع السيرة لابن حزم (1/6)
[16]سبل الهدى والرشاد (3/253)
[17]زاد المعاد (1/94)