عاشوراء بين السياسة والدين :

د.سيد آدم

:: عضو مُتميز ::
إنضم
28 مارس 2014
المشاركات
787
نقاط التفاعل
472
النقاط
23

مع بداية شهر المحرم من كل عام يسعى الخطاب الديني الشيعي ... في شقه الأسطوري ، إلى نشر تفسيره غير العقلاني ( = الخرافي ) حول واقعة كربلاء ، مؤكداً لجمهوره أن نتائج التفسير تتعدى الفهم الطبيعي الواقعي ، وتحمل من المعجزات واللامعقولات الكثير مما لا يستطيع العقل البشري أن يدركها ويستدرك نتائجها ومن ثم ، ومن باب أولى ، معانيها ؛ فالخطاب يسعى لإبراز أن الحسين بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وأهل بيته وأصحابه ممن قُتلوا في الواقعة كانوا " فوق بشريين" !!! ، وأن نتائج الواقعة لا تصب في صالح " البشرية " فحسب ، وإنما في صالح " العالَم " و " الكون " بأكمله ، وأن المعركة تعكس توجهاً ربانياً خارقاً لإنقاذ " الوجود " من مختلف المصائب والمشاكل ، وأن مُخرجات هذا التفسير هي السبيل للفوز في الدنيا والآخرة !!! !!! !!! .
الخطاب في تفسيره هذا يطرح الرموز ( = الحسين بن علي ، رضي الله عنه ، وأهل بيته وأنصاره ) وكأنهم ليسوا بشراً خاضوا معركة " بشرية " طبيعية ضد " بشر " آخرين ، ولم يُرد للمعركة أن تكون تاريخاً بشرياً يستفيد منه البشر ، وإنما تاريخ يسرد " المعجزات " كما " الخوارق " لكي يؤسس لحالة لا عقلية عاطفية مثيرة جياشة مدغدغة للعواطف !!! وهي ، بذلك ، تستطيع أن تسُد فراغَ الانهزام الموجود في الواقع الإسلامي القديم والحديث والمعاصر ، ليحل محله انتصار " أسطوري " ( نذكّر بقالة نصر الله عن " النصر الإلهي " رغم تدمير لبنان وإعادته للعصور الوسطى ) !!!!! لا علاقة له بواقع الحياة ومشاكلها ، متعمداً تجاهل الحقيقة البشرية المرتبطة بالمعركة والنتائج الواقعية التي أفرزتها .
التفسير " الأسطوري " لا ينفع البشر في شيء ، ولا يستطيع أن يساهم في تطوير حياتهم الواقعية العملية المعاشة ، إنما يساهم في ابتعادهم خطوات كبيرة عن الواقعية والعقلانية التي تحتاجها الحياة ، لأنه يعتمد على سرد " لامعقول " يتعارض مع " المعقول " البشري .
لكن العاطفة الجياشة المرتبطة بالأسطورة قد تسد فراغاتٍ عدةً يعاني منها الناس ، فهي تشبع فراغهم من خلال ربطهم بخيال غير واقعي ، بحيث لا يلقون بمسؤوليات تأخرهم في الحياة على أنفسهم ، وإنما يربطونها بمدى قربهم من الأساطير وتفسيراتها أو مدى بعدهم عنها ... ( نذكّر بواقعة لقاء الحاكم ، وكان ظالماً ، بالسيدة نفيسة فسألته : لمَ ، فقال لها : كما !!! وسألها الناس عن " لمَ " و " كما " فقالت : قلت له لمَ ظلمت الناس ، فأجاب كما تكونوا يولّ عليكم . وواضح أن تسويق النص كان لتبرير ظلم الحاكم وإلقاء اللوم على المحكومين ) . لقد أراد هذا الخطاب الأسطوري أن يبعد المعركة عن الواقع التاريخي الإنساني، من أجل أن يجعل منها مادة غير إنسانية، مادة " خارقية " ، ليقول إن طريق الوصول إلى تلك الخوارق لا تتم إلا من خلال مفسري هذا الخطاب . فأحد أهداف الخطاب هو تقوية سلطات " رجال " الدين الأسطوريين بين الناس ، لأنهم يملكون ، من خلال الأسطورة ، أسرار النجاة ومفاتيح الإيمان ، ومن ثَمّ باستطاعتهم أن يحددوا سبل العيش في الحياة الدنيا والفوز بالحياة الآخرة ... أما التفاسير الأخرى المقابلة لذلك ، وخاصة التفسير العلمي الاجتماعي الواقعي ... بل وحتى العسكري ، فهي ، بالنسبة إليهم ، تفاسير مضللة ، تقلل من " ربانية " الواقعة وكذا قدر رموزها ، ومن ثَمّ لن تكون وسيلة للنجاة . لكنها في واقع الأمر تقوم بسحب بساط "السيطرة الخرافية " على " العقول المخدرة " من تحت أرجلهم ، وتحرر هذه العقول من أسر اللامعقول ومن وصاية التفسير غير البشري لواقعة بشرية .
واقعة عاشوراء ، من وجهة نظر هذا الخطاب الأسطوري ، لم تكن إلا حركة مخططاً لها ومعروفة النتائج ، لأنها مقدّرة من قِبل الله ، وبالتالي فهي حركة " مقدسة " . وهذا التفسير يعتبر الحسين بن علي ، رضي الله عنه ، شخصية استثنائية تتجاوز التاريخ ، شخصية مقدسة " فوق بشرية " ، شخصية كانت قادرة على طلب العون من الملائكة للمحاربة إلى جانبه في المعركة ، لكن القدر الإلهي أراد أن تنتهي المعركة على هذه الشاكلة . التفسير الأسطوري يشدد على القول ، مثلا ، إن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، تحدث عن الواقعة أثناء ولادة الحسين !!!!!! ، وأن الدماء كانت تسيل من تحت كل صخرة في يوم عاشوراء !!!!!!!!! . والهدف من كل ذلك هو ، برأينا ، وضع المستمع المسلم بوجه عام ، والشيعي بوجه خاص ، في إطار خرافي ؛ فالتفسير الأسطوري لا علاقةَ له بالتحليل العلمي التاريخي الذي يستطيع أن يقدم عللاً تخدم الحياة الراهنة عبر استعادتها أو إعدامها ، لذلك رأينا كيف أن أنصار التفسير الأسطوري يعادون مفاهيمَ ، ونظرياتِ ، العلم الحديث ، لسبب بسيط ، وهو أنها تشكّل مدخلاً لرفض ، عبر نقض ، تفسيرهم غير العلمي ، وبالتالي إضعاف سلطتهم وسيطرتهم في الحياة وتشجيع تمرد جمهورهم عليهم .
نعلم أنه قد أشار باحث إيراني ، منذ أعوام ، إلى أسباب واقعة كربلاء على أنها " تاريخية " قح وليست " أسطورية " بحال ، كما أشار الرجل إلى أن هذه الواقعة تحديداً ذات تعلق / ارتباط بخلافات " القبيلة " و السلطة " بين بني هاشم وبني أُمية قبل ظهور الإسلام ، وأن الأحداث التي جرت بعدُ ، والتي تَمثل جزءٌ منها فيما جرى من مواجهة ، ومواجهات ، وقتل كبار رجالات قريش من الكفار ، وقد كان أغلب هؤلاء من بني أمية ، قد أدت في نهاية المطاف إلى أن " ينتقم " يزيد بن معاوية ، وهو منتمٍ إلى بني أُمية ، من تلك الأحداث بقتل الحسين بن علي في كربلاء !!! . وقد احتج عدد كبير من رجالات الدين الشيعة في إيران ، وهم يقفون بصف التفسير الأسطوري ، على هكذا تفسير حتى لو جاء من رجل هو محسوب ، بالأساس ، عليهم .
إن أنصار الخطاب الأسطوري إنما ينزعجون من أي تفسير يخالف تفسيرهم ، سواء تعلق بواقعة كربلاء ورموزها ، أو بغيرها من الأحداث التاريخية ذات الصبغ الدينية ، ولا يقبلون بالرؤى المغايرة التي تفسر الأحداث التاريخية وفق نظرة تنتقد النهج الأسطوري ، وفي العادة يصفون ناقدي تفسيرهم وطارحي التفاسير المتباينة بأنهم قد تعدّوا الحدود المسموح بها ، بل قد يخرجونهم من الدين !!!!!!!! . لذلك هم يبرزون تفسيرهم ، وشخوصهم ، وكأنهم " أوصياء " على الفهم والتفسير معاً ، ويعتبرون منتقديهم " أعداءً " للدين . وإذا ما ظهر تفسير علمي تاريخي بشأن الواقعة ، يتشدد أنصار الخطاب الأسطوري في إلغاء هذا التفسير ، وينعتون أصحابه بنعوت غير أخلاقية ، ويطرحون المسألة وكأنها مواجهة بين الحق المطلق والباطل المطلق ، فهم يمثلون هذا الحق ، وغيرهم ، المختلِف معهم الناقد لتصورهم الغيبي الأسطوري ، يمثل الباطل ، على الرغم من أن الاثنين لا يعكسان إلا تفسيراً ، وفهماً ، وتحليلاً ، بشرياً ، ونقلاً لروايات " بشرية " حول حادثة " بشرية " تاريخية ، فعلاقة التفسير الأسطوري بعملية التحليل العلمي هي علاقة ضدية ، بل وعدائية في كثير من الأحيان . فناقل الأسطورة لا يسعى إلاّ إلى تركيبها في أذهان المستمعين دون أن يكون لهؤلاء المستمعين الحق في ممارسة النقد أو التشكيك في التاريخ .
إنه على الرغم من أن إدخال نهج المساءلة في أروقة التاريخ الأسطوري المقدس هو خط أحمر يجب على " المؤمن " ألا يقترب منه ، كذلك يعتبر السؤال في هذا الموضوع ليس سوى عبث فكري ومضيعة للوقت !!!!!! ، لأن السائل لا يتعامل مع موضوع عقلي يقبل السؤال ليحصل منه على إجابة ، وإنما يخوض في الغيب والأساطير التي لا مكان للعقل والعقلانية فيهما ، فإن السؤال والتحليل والنبش العلمي الأنثروبولوجي الحافر تحت الجذور في التاريخ هي وسائل بحث وتحليل حديثة لا يمكن أن تدخل في معادلة الأسطورة ، لأنها قد تتوصل إلى نتائج تقلب الكثير من الأمور ، التي أراد البعض تصويرها على أنها مقدسة ، رأساً على عقب وتقلب الطاولة على المفسر الأسطوري ... إذاً ، فالخطاب المعتمد على حرية البحث العلمي هو بمثابة العدو اللدود للخطاب الأسطوري الذي يريد أن يتعامل مع " الزماني " بأدوات " غير الزماني " .
والشيء بالشيء يّذكر ، فقد شن الخطاب الشيعي الأسطوري هجوماً عنيفاً على المفكر الإيراني الراحل الدكتور علي شريعتي ، واعتبره " خارجاً " عن الدين ، وذلك لطرحه تفسيراً " علمياً " غير أسطوري تجاه مختلف الأحداث والقضايا الدينية التاريخية ؛ فقد وضع شريعتي الخطاب الأسطوري أمام تساؤلات ظلت تنتظر إجاباتٍ ، وانتقد التفسير الأسطوري " المقدس " لواقعة كربلاء ، وطرح الحادثة انطلاقاً من " الدور العقلاني " لرمزها الرئيس ... وهو الحسين بن علي رضي الله عنه لا استناداً إلى " أسطوريته " ، بل على أساس من نظرة الحسين السياسية " الثاقبة " في الإطاحة بحكم يزيد بن معاوية لا انطلاقاً من أن الواقعة كانت " مقدّرة " وخاضعة لكمية كبيرة من الغيبيات ، بل من " إدراك " الحسين أنه إن لم يستطع هزيمة جيش يزيد فإنه سيُقتل ، وبالتالي " سيفضح " الطبيعة الظالمة لحكم الأُمويين لا استناداً إلى أن الواقعة هي بوابة لحل مشاكل الناس عن طريق الرؤى الغيبية الأسطورية .
إن هذه الرؤية التحليلية لا تتوافق ، البتة ، مع نهج الأسطوريين . فرموز واقعة كربلاء لدى الأسطوريين لا يمكن أن يكونوا قدوات " بشرية " ، لأنهم فوق البشر ، وهم شخصيات لا تتناسب إلا مع الحياة القديمة التي كانت تستند إلى مبدأ الأسطورة في التعامل مع شؤون الحياة آنذاك . فالحياة الحديثة بالنسبة للأسطوريين ليست سوى حياة الأسباب والوسائل ، وليست حياة الرؤى والمفاهيم الحديثة . هم يرفضون أن تتغلغل تلك الرؤى والمفاهيم في أذهانهم ، لكي لا يواجهوا أزمات فكرية ، وروحية ، تزعزع إيمانهم وتزلزل التاريخ الأسطوري . وإذا ما طرحت حادثة كربلاء استناداً إلى التحليل التاريخي فلن تكون هناك حاجة لممارسات الحزن العنيفة المشوهة لواقعة كربلاء ، والتي هي نتيجة طبيعية للطرح الأسطوري .
 
أستاذى هذا مما لا ينكر على أحد !
وإنما المنكر هو هذه الأعمال الموروثة عن الجاهلية
التي نهى عنها الإسلام ما يحدث عن حادثة كربلاء اليوم عند الشيعة محدث لا أصل له في الإسلام
فالمحدث اسوء من البدعت !
يحبون النبي ؟ أما يكذبون علينا
ونبي الهدى يقول [ليس منا من لطم الحدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية]
على سبيل المثال يعقوب عليه السلام لم يضرب صدرا ولم يخمش وجها ، ولم يسل دما
ولا اتخذ شئ يوم فقدِ يوسف عيدا ولا مأتما وإنما كان يذكر حبيبه وغائبه
فيحزن لذلك ويغتم
وعجباً لهذا الزمن زمن الجهل يعيشون جهل فوق جهل الاخرين
وشكرأ استاذى وأبي .

 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top