(1) :
أعتقد أن الإيمان بالحوار يعد المدخل – وربما الوحيد – لنعود بمجتمعنا / مجتمعاتنا إلى التاريخ ، فننضم – من ثمّ – إلى قافلة البشر بقدر ما نبتعد عن التديّن السطحي ، ونكف عن الانشغال / الاشتغال بقضايا وهمية / شكلية ، ما يولّد – لا محالة ، وبفعل عوامل القهر السياسي والتفكك الاجتماعي – وعياً زائفاً وضميراً مرتبكاً وعقلاً متدهوراً على كل صعد الحياة.
نحن المسلمين نفخر بانتمائنا لهذا الدين العظيم الذي له علينا أن نؤمن بأن الإنسان له " عقل " هو " مناط التكليف " ، والذي هو آلية تقبّل الفكر المتنوع دليلاً على الثقة بهذا العقل الذي هو " أعدل الأشياء قسمةً بين الناس."
وحديثاً لفتَ الانتباهَ أصوليون ثقات ، كـ محمد عبده ومحمد سعاد جلال ومحمود شلتوت ، إلى خطورة التوحيد بين النص وفاهمه / مفسره ؛ فالنص ، قرآناً كان أم سنة ، شيء ، وفاهمه / مفسره شيء آخر ، لأن في هذا التوحيد توسيعاً لدائرة المقدس ، حيث لا قداسة عندنا إلا لما قاله الله تعالى ، أو ما جاء ، صحيحاً ، على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وكم حذّر هؤلاء الأصوليون الكبار من أن التوحيد بين النص وفاهمه / مفسره ، أو مؤله ، سيسحب القداسة التي هي – فقط – للنص إلى الفاهم / المفسر أو المؤل ، فيكون – والحال هذه – كمن يختبيء وراء أصبعه وينتظر من الناس ألا يروه .
وقد ميز هؤلاء بين الدين والتدين ، وميزوا بين الشرع والفقه ، وميزوا بين الحوار والسجال ، تمهيداً للكلام في علاقة العقل بالنقل ، مع التأكيد على قدر صعوبة أن يكتشف المرء أن ما كان يتعاطف معه وجدانياً لم يكن هو الصواب .
فالدين شيء والتدين شيء آخر ؛ حيث هناك فارق جوهري ومهم بين الدين والتدين ، أو بين دين الله تعالى الحق ونوعيات تديّن البشر في أزمنتهم المختلفة ؛ فالله تعالى ينزّل الدين خالصاً ونقياً ليرقى به الناس ، لكن البشر هم الذين يضعون بصماتهم / آراءهم على الدين حين يتدينون ، فتظهر – مِن ثَم – تلك الفجوة بين الدين الحق وبين تديّن البشر ، ويضع البشر صورة قانونية تشريعية للتدين الذي يمارسونه ، ودليل ذلك تأثر مذاهب الفقه بكل ما يتعلق بصاحب المذهب الفقهي من ظروف اجتماعية وسياسية ونفسية ، ما يعود – بشكل أو آخر – على المذهب وأتباعه .
والشريعة شيء والفقه شيء آخر ؛ فالشرع هو ما يؤخذ مباشرة من الله تعالى ، من خلال آيات القرآن الكريم ، أو من الرسول صلى الله عليه وسلم ، من خلال السنة النبوية المطهرة . أما الفقه فهو ما يضعه الفقهاء ، وما يصوغه الشراح ، ويفسره المفسرون . ومن هنا يمكن القول بأنه بينما الشرع – باعتباره منزلاً من عند الله تعالى – مصون لايمكن أن يخطيء ، فإن الفقه – باعتباره عملاً من أعمال البشر – غير مصون ولا محصن ضد الخطأ ولامقدس ولا معصوم ، لأنه رأي بشر قال أو عمل به ، تبعاً لفهمه هو ، ونتيجة لازمة لظروف بيئية معينة لابسته وعايشته . لهذا نستطيع القول بأن الشريعة – في الجوهر – منهاج يسعى إلى الكمال ، ولذا فلا تعارض بينها وبين العقل ، والشريعة – بمعنى أدق – تجمع العوائد ، ولهذا فقد صدق من قال إن الفقه ليس هو الشرع بالضرورة ، تأسيساً على أن كل ما تأتي به الشريعة يكون تابعاً للعوائد ، وهو – لهذا – يتغير حكمه إذا ما تغيرت عادة قديمة إلى عادة جديدة ، لأن الفقه – في مجمله – اجتهاد لاستنباط الأحكام يقوم على أساس العقل والرأي ، وهو – بهذا الوصف – غير ملزم إلا حين يُفضي إلى مصالح ملموسة واقعاً في أرض الناس ، وهذا معناه – أيضاً – أن الفقه ليس الكتاب ولا السنة ، لأنهما – وحدهما – المصدران الإلهيان ، أما هو – الفقه – فعمل من أعمال هذا الفقيه أو ذاك ، ومن هنا فقد جاء " إن الشريعة الإسلامية – إذاً – ثابتة لا تتغير ، لأنها ترسم إطاراً واسعاً شاملاً يتسع لكل تطور ، أما الفقه الإسلامي فمتغير ، لأنه يتعلق بتطبيقات قانونية لتلك المباديء العامة في القضايا والأوضاع المتجددة التي تنشأ من تطور الحياة وتغير العلاقات وتجدد الحاجات " . ونزيد – سعياً وراء ثقافة معرفية فقهية – أنه لما كانت الأصول الشرعية الدالة تنحصر – في المقام الأول – في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، فإن استنباط الأحكام منها استلزم توليد الإجماع والقياس ، وهذا استلزم – بدوره – اختلافاً أدّى - أخيراً – إلى ظهور مذاهب فقهية عديدة أشهرها المذاهب الفقهية الأربعة المعروفة والمعتمدة ... وهي : المذهب الحنفي ... نسبةً إلى أبي حنيفة النعمان " 80 : 150هـ " وهذا المذهب يعد أول المذاهب الفقهية الأربعة وأكثرها أخذاً بمبدأ القياس . ثم المالكي ... نسبةً إلى مالك بن أنس " 95 : 179 هـ " الذي يمكن اعتباره أول من فتح باباً فقهياً جديداً هو عمل أهل المدينة . ثم الشافعي ... نسبةً إلى محمد بن إدريس الشافعي " 150 : 204 هـ " الذي يمكن القول بأنه يعد أول واضع لعلم أصول الفقه . ثم الحنبلي ... نسبة إلى أحمد بن حنبل " 164 : 241 هـ " الذي – ربما – تكون مشكلة خلق القرآن قد جعلت منه أسطورة في نظر جمهور عريض من المسلمين . علاوةً على مذاهب فقهية أخرى أقل اشتهاراً عن تلك الأربعة ... وهي : مذهب الشيعة ... الذي أقيم – في الأساس – على تناول بعض الصحابة رضي الله عنهم بالقدح ، وعلى القول بعصمة الأولياء الشيعة ورفع الخلاف عن أقوالهم . ومذهب الظاهرية ... صاحب التشدد المعروف في ضرورة الأخذ بحرفية النص الدال ، ورفض – بل وتبديع – الرأي . ومذهب كل من الأوزاعي وسفيان الثوري والليث بن سعد وسفيان بن عيينة والطبري .
والحوار شيء والسجال شيء آخر ، حيث يعني الأول ( = الحوار ) الاستعدادَ المعرفي المعلن والمقبول من كل طرف بقبول حجة / برهان الطرف المخالف / الآخر ، إذا أصاب الحق / الصواب ، ما يعني استعداد هذا الطرف أو ذاك قبول تعديل الموقف / المواقف التي كان عليها قبل بدء الحوار إلى موقف / مواقف أخرى ثبت بالحوار صدقها .
أما السجال فهو يمثل حرباً إن لم تكن باللكمات فبالكلمات والصرخات والتشنجات المعرفية التي تمثل نوعاً مقيتاً من دعوى امتلاك الحقيقة المطلقة والصواب الأخير . غاية الحوار بناء / اتخاذ موقف جديد يمثل التقدم والنضج الفكري / العقلاني ، بينما غاية السجال هدم أفكار الطرف الآخر / المقابل ، بحسب مفردات " من ليس معي فهو عليّ " وكأنه لا يوجد في دنيا الأفكار إلا الأبيض والأسود ، بينما كان متقدمونا يتمنون ، وبنصوصهم ، أن يُظهر الله الحقَّ ولو على ألسنة خصومهم .
فهذا مالك يقول " كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا المقام " .
وهذا أبو حنيفة يقول " رأينا هذا أفضل ما قدرنا عليه ، فمن جاءنا بأفضل منه تبعناه " .
وهذا الشافعي يقول " رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " .
ومثل هذا كثير مما لا يحتمله المقام ، أشار إليه ابن المقفع بكلامه عن العدل والمصلحة كأسس للتشريع ، وأشار إليه الطوفي بكلامه عن المصلحة مدخلاً للتشريع مستقلاً ، وأشار إليه محمد عبده ، وغير هؤلاء كثير .
أما العقل والنقل فهما مكملان لا متعارضان ، لكن لأهل النقل آفات وكذلك لأهل العقل ، إلا أن أهل العقل لم يخرجوا خصومهم من الدنيا ، فضلاً عن الآخرة !!! بينما ينظر بعض أهل النقل إلى العقل ، وأهله ، نظرة شبهة ، لأنهم يرون العقل قاصراً حتى عن تفهم المصلحة الاحتماعية فضلاً عن نيلها ، ما يوجد – ضرورةً – وصاية لأهل النقل – بحسب تاويلاتهم للنص لا بحسب النص نفسه – على مصالح العباد والبلاد ، ثم على مقدراتهم بدعوى أنهم الأعلم بـ " مقاصد / مرادات " السماء .
يُتْبع ...
أعتقد أن الإيمان بالحوار يعد المدخل – وربما الوحيد – لنعود بمجتمعنا / مجتمعاتنا إلى التاريخ ، فننضم – من ثمّ – إلى قافلة البشر بقدر ما نبتعد عن التديّن السطحي ، ونكف عن الانشغال / الاشتغال بقضايا وهمية / شكلية ، ما يولّد – لا محالة ، وبفعل عوامل القهر السياسي والتفكك الاجتماعي – وعياً زائفاً وضميراً مرتبكاً وعقلاً متدهوراً على كل صعد الحياة.
نحن المسلمين نفخر بانتمائنا لهذا الدين العظيم الذي له علينا أن نؤمن بأن الإنسان له " عقل " هو " مناط التكليف " ، والذي هو آلية تقبّل الفكر المتنوع دليلاً على الثقة بهذا العقل الذي هو " أعدل الأشياء قسمةً بين الناس."
وحديثاً لفتَ الانتباهَ أصوليون ثقات ، كـ محمد عبده ومحمد سعاد جلال ومحمود شلتوت ، إلى خطورة التوحيد بين النص وفاهمه / مفسره ؛ فالنص ، قرآناً كان أم سنة ، شيء ، وفاهمه / مفسره شيء آخر ، لأن في هذا التوحيد توسيعاً لدائرة المقدس ، حيث لا قداسة عندنا إلا لما قاله الله تعالى ، أو ما جاء ، صحيحاً ، على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وكم حذّر هؤلاء الأصوليون الكبار من أن التوحيد بين النص وفاهمه / مفسره ، أو مؤله ، سيسحب القداسة التي هي – فقط – للنص إلى الفاهم / المفسر أو المؤل ، فيكون – والحال هذه – كمن يختبيء وراء أصبعه وينتظر من الناس ألا يروه .
وقد ميز هؤلاء بين الدين والتدين ، وميزوا بين الشرع والفقه ، وميزوا بين الحوار والسجال ، تمهيداً للكلام في علاقة العقل بالنقل ، مع التأكيد على قدر صعوبة أن يكتشف المرء أن ما كان يتعاطف معه وجدانياً لم يكن هو الصواب .
فالدين شيء والتدين شيء آخر ؛ حيث هناك فارق جوهري ومهم بين الدين والتدين ، أو بين دين الله تعالى الحق ونوعيات تديّن البشر في أزمنتهم المختلفة ؛ فالله تعالى ينزّل الدين خالصاً ونقياً ليرقى به الناس ، لكن البشر هم الذين يضعون بصماتهم / آراءهم على الدين حين يتدينون ، فتظهر – مِن ثَم – تلك الفجوة بين الدين الحق وبين تديّن البشر ، ويضع البشر صورة قانونية تشريعية للتدين الذي يمارسونه ، ودليل ذلك تأثر مذاهب الفقه بكل ما يتعلق بصاحب المذهب الفقهي من ظروف اجتماعية وسياسية ونفسية ، ما يعود – بشكل أو آخر – على المذهب وأتباعه .
والشريعة شيء والفقه شيء آخر ؛ فالشرع هو ما يؤخذ مباشرة من الله تعالى ، من خلال آيات القرآن الكريم ، أو من الرسول صلى الله عليه وسلم ، من خلال السنة النبوية المطهرة . أما الفقه فهو ما يضعه الفقهاء ، وما يصوغه الشراح ، ويفسره المفسرون . ومن هنا يمكن القول بأنه بينما الشرع – باعتباره منزلاً من عند الله تعالى – مصون لايمكن أن يخطيء ، فإن الفقه – باعتباره عملاً من أعمال البشر – غير مصون ولا محصن ضد الخطأ ولامقدس ولا معصوم ، لأنه رأي بشر قال أو عمل به ، تبعاً لفهمه هو ، ونتيجة لازمة لظروف بيئية معينة لابسته وعايشته . لهذا نستطيع القول بأن الشريعة – في الجوهر – منهاج يسعى إلى الكمال ، ولذا فلا تعارض بينها وبين العقل ، والشريعة – بمعنى أدق – تجمع العوائد ، ولهذا فقد صدق من قال إن الفقه ليس هو الشرع بالضرورة ، تأسيساً على أن كل ما تأتي به الشريعة يكون تابعاً للعوائد ، وهو – لهذا – يتغير حكمه إذا ما تغيرت عادة قديمة إلى عادة جديدة ، لأن الفقه – في مجمله – اجتهاد لاستنباط الأحكام يقوم على أساس العقل والرأي ، وهو – بهذا الوصف – غير ملزم إلا حين يُفضي إلى مصالح ملموسة واقعاً في أرض الناس ، وهذا معناه – أيضاً – أن الفقه ليس الكتاب ولا السنة ، لأنهما – وحدهما – المصدران الإلهيان ، أما هو – الفقه – فعمل من أعمال هذا الفقيه أو ذاك ، ومن هنا فقد جاء " إن الشريعة الإسلامية – إذاً – ثابتة لا تتغير ، لأنها ترسم إطاراً واسعاً شاملاً يتسع لكل تطور ، أما الفقه الإسلامي فمتغير ، لأنه يتعلق بتطبيقات قانونية لتلك المباديء العامة في القضايا والأوضاع المتجددة التي تنشأ من تطور الحياة وتغير العلاقات وتجدد الحاجات " . ونزيد – سعياً وراء ثقافة معرفية فقهية – أنه لما كانت الأصول الشرعية الدالة تنحصر – في المقام الأول – في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، فإن استنباط الأحكام منها استلزم توليد الإجماع والقياس ، وهذا استلزم – بدوره – اختلافاً أدّى - أخيراً – إلى ظهور مذاهب فقهية عديدة أشهرها المذاهب الفقهية الأربعة المعروفة والمعتمدة ... وهي : المذهب الحنفي ... نسبةً إلى أبي حنيفة النعمان " 80 : 150هـ " وهذا المذهب يعد أول المذاهب الفقهية الأربعة وأكثرها أخذاً بمبدأ القياس . ثم المالكي ... نسبةً إلى مالك بن أنس " 95 : 179 هـ " الذي يمكن اعتباره أول من فتح باباً فقهياً جديداً هو عمل أهل المدينة . ثم الشافعي ... نسبةً إلى محمد بن إدريس الشافعي " 150 : 204 هـ " الذي يمكن القول بأنه يعد أول واضع لعلم أصول الفقه . ثم الحنبلي ... نسبة إلى أحمد بن حنبل " 164 : 241 هـ " الذي – ربما – تكون مشكلة خلق القرآن قد جعلت منه أسطورة في نظر جمهور عريض من المسلمين . علاوةً على مذاهب فقهية أخرى أقل اشتهاراً عن تلك الأربعة ... وهي : مذهب الشيعة ... الذي أقيم – في الأساس – على تناول بعض الصحابة رضي الله عنهم بالقدح ، وعلى القول بعصمة الأولياء الشيعة ورفع الخلاف عن أقوالهم . ومذهب الظاهرية ... صاحب التشدد المعروف في ضرورة الأخذ بحرفية النص الدال ، ورفض – بل وتبديع – الرأي . ومذهب كل من الأوزاعي وسفيان الثوري والليث بن سعد وسفيان بن عيينة والطبري .
والحوار شيء والسجال شيء آخر ، حيث يعني الأول ( = الحوار ) الاستعدادَ المعرفي المعلن والمقبول من كل طرف بقبول حجة / برهان الطرف المخالف / الآخر ، إذا أصاب الحق / الصواب ، ما يعني استعداد هذا الطرف أو ذاك قبول تعديل الموقف / المواقف التي كان عليها قبل بدء الحوار إلى موقف / مواقف أخرى ثبت بالحوار صدقها .
أما السجال فهو يمثل حرباً إن لم تكن باللكمات فبالكلمات والصرخات والتشنجات المعرفية التي تمثل نوعاً مقيتاً من دعوى امتلاك الحقيقة المطلقة والصواب الأخير . غاية الحوار بناء / اتخاذ موقف جديد يمثل التقدم والنضج الفكري / العقلاني ، بينما غاية السجال هدم أفكار الطرف الآخر / المقابل ، بحسب مفردات " من ليس معي فهو عليّ " وكأنه لا يوجد في دنيا الأفكار إلا الأبيض والأسود ، بينما كان متقدمونا يتمنون ، وبنصوصهم ، أن يُظهر الله الحقَّ ولو على ألسنة خصومهم .
فهذا مالك يقول " كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا المقام " .
وهذا أبو حنيفة يقول " رأينا هذا أفضل ما قدرنا عليه ، فمن جاءنا بأفضل منه تبعناه " .
وهذا الشافعي يقول " رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " .
ومثل هذا كثير مما لا يحتمله المقام ، أشار إليه ابن المقفع بكلامه عن العدل والمصلحة كأسس للتشريع ، وأشار إليه الطوفي بكلامه عن المصلحة مدخلاً للتشريع مستقلاً ، وأشار إليه محمد عبده ، وغير هؤلاء كثير .
أما العقل والنقل فهما مكملان لا متعارضان ، لكن لأهل النقل آفات وكذلك لأهل العقل ، إلا أن أهل العقل لم يخرجوا خصومهم من الدنيا ، فضلاً عن الآخرة !!! بينما ينظر بعض أهل النقل إلى العقل ، وأهله ، نظرة شبهة ، لأنهم يرون العقل قاصراً حتى عن تفهم المصلحة الاحتماعية فضلاً عن نيلها ، ما يوجد – ضرورةً – وصاية لأهل النقل – بحسب تاويلاتهم للنص لا بحسب النص نفسه – على مصالح العباد والبلاد ، ثم على مقدراتهم بدعوى أنهم الأعلم بـ " مقاصد / مرادات " السماء .
يُتْبع ...