بسم الله الرحمن الرحيم
أبي ...
كما تدين تدان
أَتَطْرُدُنِي أُبَيَّ وَأَنْتَ تَدْرِي --- بِأَنَّ القَطْرَ أَلْطَافُ السَّحَابِ
أَتَطْرُدُنِي وَتَحْسَبُ أَنَّ طَرْدِي --- يُزِيلُ الحُكْمَ عَنْ وَجْهِ الكِتَابِ
أَتُرْسِلُنِي إِلَى المَجْهُولِ كَيْمَا --- تُوَارِيَ مَا أَصَابَكَ مِنْ جَنَابِي
أَتُرْسِلُنِي إِلَى السَّفَّاحِ طَوْرًا --- لِيُكْمِلَ مَا تَبَادَرَ مِنْ نِصَابِي
أَلا إِنِّي دَرَيْتُ الجُرْحَ غَوْرًا --- وَقَلْبِيَ إِثْرَ جُرْحِكَ فِي عَذَابِ
وَلَكِنَّ القَضَاءَ مَضَى فَأَمْلَى --- بِأَنِّي مِنْ بُنَيَّاتِ النُّدَابِ
وَمَا يُغْنِي النَّحِيبُ لِبِنْتِ غَدْرٍ --- سِوَى العَبَرَاتِ تَرْوِي لِلتُّرَابِ
أُبَيَّ أَلا سَأَلْتَ النَّفْسَ عَنِّي --- فَيُغْنِيكَ السُّؤَالُ عَنِ الجوَابِ
أَمَا أَبْصَرْتَنِي يَوْمًا وَإِنِّي --- لَبِسْتُ لِنَاظِرِي زَهْوَ الثِّيَابِ
وَعَيْنُكَ كَمْ تَرَاءَتْ صِبْغَ وَجْهٍ --- جَمِيلَ اللَّوْنِ مُكْتَمِلَ الخِضَابِ
وَشَعْرًا قَدْ تَغَافَلَهُ خِمَارِي --- وَبِنْطَالاً تَلَبَّسَ بِالحِجَابِ
أَمَا أَنْكَرْتَ صَوْتِيَ حِينَ أَمْسَى --- دَعِيَّ رَذِيلَةٍ بَيْنَ الشَّبَابِ
وَأُذْنُكَ كَمْ تَلَقَّفَتِ البَلاَيَا --- وَقَدْ فَاضَ الكَلاَمُ عَنِ الرَّوَابِي
وَأَلْحَانًا بِبَيْتِكَ مَا تَغَنَّتْ --- فَأَسْقَتْنَا الخَبِيثَ مِنَ الشَّرَابِ
وَأَنْفُكَ كَمْ أَقَرَّتْ رِيحَ عِطْرٍ --- يُنَادِي الغَافِلِينَ بِلاَ خِطَابِ
وَهَاتِفِيَ الخَبِيثُ أَلاَ تَرَاهُ --- سَفِيرًا لِلشَّقَاوَةِ وَالخَرَابِ
فَلَمْ تَرْفَعْ بِهَذَا الخِزْيِ رَأْسًا --- وَأَبْلَغْتَ التَّأَمُّلَ فِي السَّرَابِ
أَلَمْ تَكُ مَانِحِي بِالأَمْسِ إِذْنًا --- أَدُقُّ لِرَغْبَتِي فِي كُلِّ بَابِ
وَأَخْرُجُ مَا أَرَدْتُ وَمَا بُرُوزِي --- لِوَقْتِ اللَّيْلِ بِالأَمْرِ العُجَابِ
أَمَا أَدْرَكْتَنِي يَوْمًا وَعِنْدِي --- مِنَ الأَمْوَالِ مَا أَرْبَى حِسَابِي
وَكَمْ مِنْ مَرَّةٍ قَدْ بِتُّ لَيْلاً --- بِغَيْرِ الدَّارِ يَا عُلْوَ الجَنَابِ
وَسَافَرْتُ اغْتِرَابًا صَوْبَ فِسْقٍ --- وَبِالتَّعْلِيمِ أَفْتَحُ كُلَّ بَابِ
فَأَيُّ العِلْمِ يَا أَبَتِ تُرَاهُ --- يُحِيلُ العِرْضَ طُعْمًا لِلْغُرَابِ
فَوَاللهِ لَكَانَ الجَهْلُ خَيْرًا --- مِنَ التَّعْلِيمِ فِي يَوْمِ الحِسَابِ
وَإِنْ كُنْتُ المُقِرَّةَ شُؤْمَ ذَنْبِي --- فَذَنْبُكَ يَا أَبِي قَدْر العِتَابِ
فَهَبْنَا كَالخِرَافِ وَقَدْ تَدَاعَتْ --- وَعَادَ العِرْضُ طُعْمًا لِلذِّئَابِ
فَمَا بَالُ الرُّعَاةِ لِمَا تَوَارَوْا؟ --- وَمَا خَطْبُ البَنَادِقِ وَالكِلاَبِ؟
كَمَا أَهْمَلْتَنِي بَابَا فَإِنِّي --- رَدَدْتُ الدَّيْنَ كَيْلاً بِالثَّوَابِ
................
وَلمْ أَسْمَعْ كَلامَ البِنْتِ كَلاَّ --- فَبَعْضُ الصَّمْتِ أَبْلَغُ فِي الجَوَابِ
وَلَمْ أَنْظُرْ لِعَيْنِهَا كَيْفَ فَاضَتْ --- فُوَيْقَ الخَّدِّ أَمْ دُونَ النِّقَابِ
وَلَمْ أُدْرِكْ حَدِيثَ النَّفْسِ يُرْوَى --- وَلاَ الزَّفَرَاتِ فِي صُمِّ الصِّلابِ
وَلا الآهَاتِ فِي الظَّلْمَاءِ تَسْرِى --- وَلا الكَلِمَاتِ تُهْمَسُ بِالشِّعَابِ
وَلَمْ أَلْحَظْ بِسُوءٍ بِنْتَ حَيِّي --- وَلاَ اسْتَأْنَسْتُ بِالبِكْرِ الكَعَابِ
وَلا أَدْرَكْتُ ذِئْبَ الغَابِ يَعْوِي --- وَلا الفُجَّارَ مِنْ بَيْنِ الشَّبَابِ
فَقَرْعُ النَّعْلِ أَفْهَمَ حِينَ مَرَّتْ --- حَصِيفَ الرَّأْيِ ذًو العَقْلِ العُبَابِ
فَبِتُّ بِضِيقَةٍ فِي الصَّدْرِ مِمَّا --- جَنَاهُ الحِبْرُ مِنِّي فِي المُصَابِ
وَجَاءَ الصُّبْحُ بِالأخْبَارِ تَتْرَى --- تُصَدِّقُ مَا رَقَمْتُهُ بِالصَّوَابِ
فَسُبْحَانَ المُهَيِْمِنِ كَيْفَ يُجْرِي --- سَدِيدَ الفَهْمِ مِنْ عِصَمِ اللُّبَابِ
أبي ...
كما تدين تدان
أَتَطْرُدُنِي أُبَيَّ وَأَنْتَ تَدْرِي --- بِأَنَّ القَطْرَ أَلْطَافُ السَّحَابِ
أَتَطْرُدُنِي وَتَحْسَبُ أَنَّ طَرْدِي --- يُزِيلُ الحُكْمَ عَنْ وَجْهِ الكِتَابِ
أَتُرْسِلُنِي إِلَى المَجْهُولِ كَيْمَا --- تُوَارِيَ مَا أَصَابَكَ مِنْ جَنَابِي
أَتُرْسِلُنِي إِلَى السَّفَّاحِ طَوْرًا --- لِيُكْمِلَ مَا تَبَادَرَ مِنْ نِصَابِي
أَلا إِنِّي دَرَيْتُ الجُرْحَ غَوْرًا --- وَقَلْبِيَ إِثْرَ جُرْحِكَ فِي عَذَابِ
وَلَكِنَّ القَضَاءَ مَضَى فَأَمْلَى --- بِأَنِّي مِنْ بُنَيَّاتِ النُّدَابِ
وَمَا يُغْنِي النَّحِيبُ لِبِنْتِ غَدْرٍ --- سِوَى العَبَرَاتِ تَرْوِي لِلتُّرَابِ
أُبَيَّ أَلا سَأَلْتَ النَّفْسَ عَنِّي --- فَيُغْنِيكَ السُّؤَالُ عَنِ الجوَابِ
أَمَا أَبْصَرْتَنِي يَوْمًا وَإِنِّي --- لَبِسْتُ لِنَاظِرِي زَهْوَ الثِّيَابِ
وَعَيْنُكَ كَمْ تَرَاءَتْ صِبْغَ وَجْهٍ --- جَمِيلَ اللَّوْنِ مُكْتَمِلَ الخِضَابِ
وَشَعْرًا قَدْ تَغَافَلَهُ خِمَارِي --- وَبِنْطَالاً تَلَبَّسَ بِالحِجَابِ
أَمَا أَنْكَرْتَ صَوْتِيَ حِينَ أَمْسَى --- دَعِيَّ رَذِيلَةٍ بَيْنَ الشَّبَابِ
وَأُذْنُكَ كَمْ تَلَقَّفَتِ البَلاَيَا --- وَقَدْ فَاضَ الكَلاَمُ عَنِ الرَّوَابِي
وَأَلْحَانًا بِبَيْتِكَ مَا تَغَنَّتْ --- فَأَسْقَتْنَا الخَبِيثَ مِنَ الشَّرَابِ
وَأَنْفُكَ كَمْ أَقَرَّتْ رِيحَ عِطْرٍ --- يُنَادِي الغَافِلِينَ بِلاَ خِطَابِ
وَهَاتِفِيَ الخَبِيثُ أَلاَ تَرَاهُ --- سَفِيرًا لِلشَّقَاوَةِ وَالخَرَابِ
فَلَمْ تَرْفَعْ بِهَذَا الخِزْيِ رَأْسًا --- وَأَبْلَغْتَ التَّأَمُّلَ فِي السَّرَابِ
أَلَمْ تَكُ مَانِحِي بِالأَمْسِ إِذْنًا --- أَدُقُّ لِرَغْبَتِي فِي كُلِّ بَابِ
وَأَخْرُجُ مَا أَرَدْتُ وَمَا بُرُوزِي --- لِوَقْتِ اللَّيْلِ بِالأَمْرِ العُجَابِ
أَمَا أَدْرَكْتَنِي يَوْمًا وَعِنْدِي --- مِنَ الأَمْوَالِ مَا أَرْبَى حِسَابِي
وَكَمْ مِنْ مَرَّةٍ قَدْ بِتُّ لَيْلاً --- بِغَيْرِ الدَّارِ يَا عُلْوَ الجَنَابِ
وَسَافَرْتُ اغْتِرَابًا صَوْبَ فِسْقٍ --- وَبِالتَّعْلِيمِ أَفْتَحُ كُلَّ بَابِ
فَأَيُّ العِلْمِ يَا أَبَتِ تُرَاهُ --- يُحِيلُ العِرْضَ طُعْمًا لِلْغُرَابِ
فَوَاللهِ لَكَانَ الجَهْلُ خَيْرًا --- مِنَ التَّعْلِيمِ فِي يَوْمِ الحِسَابِ
وَإِنْ كُنْتُ المُقِرَّةَ شُؤْمَ ذَنْبِي --- فَذَنْبُكَ يَا أَبِي قَدْر العِتَابِ
فَهَبْنَا كَالخِرَافِ وَقَدْ تَدَاعَتْ --- وَعَادَ العِرْضُ طُعْمًا لِلذِّئَابِ
فَمَا بَالُ الرُّعَاةِ لِمَا تَوَارَوْا؟ --- وَمَا خَطْبُ البَنَادِقِ وَالكِلاَبِ؟
كَمَا أَهْمَلْتَنِي بَابَا فَإِنِّي --- رَدَدْتُ الدَّيْنَ كَيْلاً بِالثَّوَابِ
................
وَلمْ أَسْمَعْ كَلامَ البِنْتِ كَلاَّ --- فَبَعْضُ الصَّمْتِ أَبْلَغُ فِي الجَوَابِ
وَلَمْ أَنْظُرْ لِعَيْنِهَا كَيْفَ فَاضَتْ --- فُوَيْقَ الخَّدِّ أَمْ دُونَ النِّقَابِ
وَلَمْ أُدْرِكْ حَدِيثَ النَّفْسِ يُرْوَى --- وَلاَ الزَّفَرَاتِ فِي صُمِّ الصِّلابِ
وَلا الآهَاتِ فِي الظَّلْمَاءِ تَسْرِى --- وَلا الكَلِمَاتِ تُهْمَسُ بِالشِّعَابِ
وَلَمْ أَلْحَظْ بِسُوءٍ بِنْتَ حَيِّي --- وَلاَ اسْتَأْنَسْتُ بِالبِكْرِ الكَعَابِ
وَلا أَدْرَكْتُ ذِئْبَ الغَابِ يَعْوِي --- وَلا الفُجَّارَ مِنْ بَيْنِ الشَّبَابِ
فَقَرْعُ النَّعْلِ أَفْهَمَ حِينَ مَرَّتْ --- حَصِيفَ الرَّأْيِ ذًو العَقْلِ العُبَابِ
فَبِتُّ بِضِيقَةٍ فِي الصَّدْرِ مِمَّا --- جَنَاهُ الحِبْرُ مِنِّي فِي المُصَابِ
وَجَاءَ الصُّبْحُ بِالأخْبَارِ تَتْرَى --- تُصَدِّقُ مَا رَقَمْتُهُ بِالصَّوَابِ
فَسُبْحَانَ المُهَيِْمِنِ كَيْفَ يُجْرِي --- سَدِيدَ الفَهْمِ مِنْ عِصَمِ اللُّبَابِ