الحلقة الثالثة: الاهتمام بالعلم والعلماء
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين هي جمعية تعليميّة تهذيبيّة، لذلك فقد ألزمت نفسها - منذ إنشائها - بتعليم الجزائريِّين - صغارا وكبارا - ونشر العلم في جميع ربوع الوطن، وإعدادِ العلماء الذين يقومون بتوجيه الأمَّة في دينها ودنياها، وحفظ مقوِّماتها من لغة ودين وأدب.
ولقد جاء في قانونها الأساسي عِدَّة موادّ، تدلُّ على اهتماماتها بهذا الباب بدءًا من تعليم القراءة والكتابة والحروف، إلى محاربة الأمِّية، إلى التبحُّر في علوم الكتاب والسنة.
المادة 77: تسعى الجمعية في تكثير عدد المكاتب القرآنية على التدريج في أهمِّ مراكز القطر، ويحتوي برنامجها على تعليم الخطِّ العربي والنحو والصرف وحفظ القرآن مع تفهيم مفرداته، وضروريات الدِّين والأخلاق الإسلامية، وتختار من كتب التعليم أقربَها للإفادة، وتأخذ الأساتذة بتنفيذ ذلك البرنامج على وجه الدِّقَّة.
المادة 80: تحارب الجمعية داء الأمِّية بكل ما تملك من قوَّة. ومن وسائل هذه الغاية أن تُعنى بتعليم ما تستطيع من اليتامى الذين عُدِموا الكافل...
المادة 81: من غايات الجمعية النبيلة تأسيس كلية دينية عربية بمدينة الجزائر، تُدَرَّس فيها علوم الدِّين من وسائل ومقاصد، والغاية الكبرى من هذه الكلية هي تقريب العلوم التي يهاجر أبناء الوطن لتحصيلها في الأقطار الأخرى.
المادة 74: تُعنى الجمعية بترغيب أعضائها العاملين في اقتناء الكتب النافعة كأمَّهات التفسير والحديث وفقهه واللغة والأدب والأخلاق والتصوُّف العملي(1) والتاريخ...(2)
وقد أوْلت الجمعيّة عناية كبيرة لمحو الأمِّية لدى الصغار والكبار. يقول الإبراهيميّ: «إنِّي أظنُّ أنّ أوَّل هيئة اجتماعيّة فكَّرت في محاربة الأمِّية بصورة منظَّمة في هذا الوطن هي جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريِّين» (3)
«أمَّا الصغار؛ فإنّ المصل(4) الواقي لهم من هذه العلَّة هي تلقينهم مبادئ القراءة والكتابة من الصغر...» وأمَّا الكبار؛ فإنّ "أهمَّ ما تعمله الجمعيّة في حقِّ هؤلاء هو الجهود الفرديّة، فيجب أوَّلًا أن تتقدَّم لكلِّ أعضائها العاملين وتأخذ عليهم عهد الله وميثاقه على أن يُعلِّم كلُّ واحد منهم أمِّيًّا أو أكثر من أقاربه مبادئ الكتابة والقراءة والعمليَّات الأربعة في الحساب، ويحفِّظه سُوَرًا من القرآن على صحَّتها.
وتتوسَّل الجمعيّة لهذا، بطبع حروف الهجاء مركَّبة ومفرَدة على صحائفَ من المُقوَّى(5)، وبطبع الأرقام الحسابيّة كذلك، وبطبع سُوَر من القرآن بالحرف الغليظ، وبطبع جُمل تتضمَّن معانيَ مستقلَّة في العبادات والعقائد والفرائض...(6)
ولقد اهتمَّت جمعيّة العلماء بإصلاح التعليم بنوعيه: المسجدي(7) والمكتبي(8)، وتطوير أساليبه.
قال الإبراهيمي: «أمَّا في المسجد فطريقة الجمعيّة في الوعظ والتذكير هي طريقة السلف، تذكِّر بكتاب الله، تشرحه وتستجلي عِبَره، وبالصحيح من سنّة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ، تبيِّنها وتنشرها، وبسيرته العمليّة، تجلوها وتدلُّ الناس على مواضع التأسِّي منها، ثمّ سِيَر الصحابة وهديهم، ثم سِيَر حَمَلة السنّة النبويّة وحملة الهدي المحمَّدي في أقوالهم وأعمالهم كذلك...»(9)
أمَّا التعليم الابتدائيّ فتعتمد الجمعيّة على تلقين التلاميذ قواعد اللغة العربية في أسهل التراكيب وتمكينها بالتمرينات التطبيقية وإصلاح اللهجات التي حرَّفتها العامِّيّة، وكذا تعليم القرآن الكريم والحديث والتفسير من كتب الحديث الصحيحة وأمَّهات التفسير. أمَّا الدروس الأخرى فتختار لها أقرب الكتب للإفادة وأبعدها عن الجمود والتعقيد.(10)
ولقد علِمت الجمعيّة أنّ صلاح الأمَّة بصلاح علمائها، وأنّ تكوين هؤلاء العلماء أساسه إصلاح التعليم.
قال ابن باديس: «لن يصلُح المسلمون حتى يصلُح علماؤهم... ولن يصلح العلماء إلا إذا صلح تعليمهم... ولن يصلح هذا التعليم إلا إذا رجعنا به للتعليم النبويّ في شكله وموضوعه، في مادَّته وصورته، فيما كان يعلم صلى الله عليه وسلم وفي صورة تعليمه...»(11)
وإذا أُطلِق العلم والتعليم فالمراد به العلم الشرعي والتعليم الدِّيني - علم الكتاب والسنة -، وهذا لا يعني إهمال العلوم الدنيوية الأخرى، ولكنّ الأوَّل هو المقصود بالأصالة، وهذا الذي ركَّزت عليه جمعية العلماء جهودها.(12)
إنّ العلوم وإن جلّت محاسنها فتاجها ما به الإيمان قد وجبا هو الكتاب العزيز الله يحفظه وبعد ذلك علمٌ فرّج الكُرَبا فذاك فاعلم حديث المصطفى فَبِهِ نور النبوّة سنّ الشرعَ والأَدبا وبعد هذا علوم لا انتهاء لها فاختر لنفسك يا من آثر الطلبا والعلم كنز تجدْه في معادِنه يا أيّها الطالب ابحث وانظرِ الكُتُبا واتْلُ بفهمٍ كتاب الله فيه أتتْ كل العلوم تدبَّرهُ تَرَ العَجَبا واقرأ هُدِيتَ حديث المصطفى وسَلَن مولاك ما تشتهي يقضي لك الأَرَبا مَن ذاق طعما لعلم الدين سُرَّ بِه إذا تزيّد منه قال واطَرَبا(13)
كما أنشأت الجمعيّة دار الحديث بتلمسان(16) ومعهد ابن باديس بقسنطينة(17) وسَعت لدى الأزهر والزيتونة والقرويِّين لاعتماده وقبول المتخرِّجين منه، فكان لها ذلك.
وكان للجمعيّة اهتمامٌ بأبناء الجالية الجزائريّة بفرنسا، فتمكَّنت - بعون الله - من افتتاح أحد عشر ناديا في نواحي العاصمة باريس وأرسلت إليها عددًا من المعلِّمين لإلقاء دروس الدِّين وتعليم الصبيان.(18)
وجهود أخرى عظيمة يطول المقام بذكرها، كان الهدف منها الحفاظَ على هويّة الشعب الجزائري ودينه ولُغته، وإعداد العلماء العاملين الذين هم من الأمَّة - كما يقول ابن باديس - بمثابة القلب، إذا صلح صلح الجسد كلُّه، وإذا فسد فسد الجسد كلُّه.(19)
يقول العقبي: «العلماء هم حملة هذا الدِّين، وهم المسؤولون عن تبليغه وهم الذابُّون عنه والمدافعون عن حِماه. فمن استمسك بغرزهم واهتدى بهديهم نجا، ومن صدَّ عنهم وأعرض عمَّا جاؤوا به ضلَّ وغوى.»(20)
ويقول الإبراهيمي: «علماء الدِّين - إذا أصلحهم الله - هم حماة الدين حقّا، وهم المؤتَمنون عليه، وهم - إذا عافاهم الله من الجبن والطمع - حفظتُه وأنصاره، وأسماعُه وأبصاره، وهم - إذا سدَّدهم الله - نِباله وقِسِيُّه (21)، وحِباله وعِصِيُّه، وكلُّهم - إذا جمع الله كلِمتهم - غِفارُه ودَوسُه وخَزرجُه وأَوسُه(22)»(23)
وهؤلاء هم أهل العلم الصحيح الداعون إلى التوحيد والسنّة «الذين يستمِدُّون فهومهم من عناصر الدِّين الأوَّلية، التي هي الكتاب والسنّة على مقتضى فهوم الأوَّلين من علماء الإسلام»(24)
وهؤلاء هم بحقٍّ ورثةُ الأنبياء؛ «فمن لا اطِّلاع له على كتب السنّة ولا خبرة له بأقوال علماء السلف لا يصحُّ أن يُعدّ من ورثة الأنبياء؛ لأنّ الإرث إنّما يدخُل فيما كانوا قائمين به»(25)
وهؤلاء هم الذين لا توجد في الإسلام وظيفة أشرف قدرا وأسمى منزلة وأعظم أجرا عند الله من وظيفتهم؛ لأنّهم وارثون لمقام النبوَّة وآخذون بأهمِّ تكاليفها وهو الدعوة إلى الله وتوجيه خَلقه إليه، وتزكيتهم وتعليمهم وترويضهم على الحقّ حتّى يَفهموه ويَقبلوه، ثمّ يعملوا به ويعملوا له.(26)
هؤلاء إذا الواحد منهم فُقِد، حدث في الإسلام ثُلمة لا تُسدّ، وكان ذلك إيذانا بقبض العلم ونقص الأرض من أطرافها.(27) وكان في ذلك ضررٌ على الإسلام وأهله.
قال الميلي: «إنّ الأمَّة إذا فَقدت العالم البصير، والدليل الناصح، والمرشد المهتدي؛ تراكمت على عقولها سحائبُ الجهالات، وران على بصائرها قبائحُ العادات، وسهُل عليها الإيمان بالخيالات، فانقادت لعالِم طمَّاع وجاهل خدَّاع، ومرشِد دجَّال ودليل محتال، وازدادت بهم حَيرتُها واختلَّت سِيرتها، والتبست عليها الطرائق، وانعكست لديها الحقائق، فتتَّهم العقل، وتَقبل المُحال، وتشرُد من الصواب، وتأنس بالسراب... وفي مثل هذه الحالة جاء حديث الصحيحين(28) عن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتّى إذا لم يُبقِ عالِما؛ اتَّخذ الناس رؤوسا جُهَّالا، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلُّوا وأضلُّوا»»(29)
علماء التوحيد والسنّة هم الذين يجب احترامهم وتوقيرهم، ويحرم ثلبهم والطعن فيهم. (30)
قال الميلي: «قال ابن عساكر في «تبيينه» ص (29): «واعلم يا أخي - وفَّقنا الله وإيَّاك لمرضاته، وجعلنا ممَّن يخشاه ويتَّقيه حقَّ تُقاته - أنّ لحوم العلماء - رحمةُ الله عليهم - مسمومة، وعادةُ الله في هتك أستار مُنتقِصِيهم معلومة؛ لأنّ الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمرُه عظيم، والتناولَ لأعراضهم بالزور والافتراء مرتعٌ وخيم، والاختلاقَ على من اختاره الله منهم لنَعش العلم خُلقٌ ذميم، والاقتداءَ بما مدح الله به قول المتَّبعين من الاستغفار لمن سبقهم وصفٌ كريم، إذ قال مُثنِيا عليهم في كتابه - وهو بمكارم الأخلاق وضدِّها عليم -: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم﴾ (31)، والارتكابَ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاغتياب وسبِّ الأموات جسيم ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾ (32)».»(33)
أمَّا علماء السُّوء فلا حقَّ لهم في ميراث النبوَّة، إذ «لا يستحقُّ هذا الميراث إلا من هو أهلٌ لوصفه والحكمِ له بالعلم، لا أولئك الذين سمَّوا أنفسهم علماء، وإن قعدَت بهم موانع الإرث في هذا الباب ممَّن اختار صراط المغضوب عليهم والضالِّين على صراط الذين أُنعم عليهم»(34)
هؤلاء هم الذين تركوا كتاب ربِّهم وسنّة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم وتنكَّبوا صراط سلفهم، فاتَّبعوا أهواءهم، وأحدثوا في دِين الله ما لم يأذن به.
قال ابن باديس: «فالذين أحدثوا في الدِّين ما لم يعرِفه السلف الصالح، لم يَقتدوا بمن قبلهم، فليسوا أهلاً لِأَنْ يقتديَ بهم مَن بعدَهم. فكلُّ من اخترع وابتدع في الدِّين ما لم يعرفه السلف الصالح فهو ساقطٌ عن رُتبة الإمامة فيه»(35) فإيَّاكم وإيَّاهم.
...............................................................................
(1) يعني بها: كتب الزهد والرقائق والسلوك مما قد يسمى – تجوُّزا - تصوفا محمودا. انظر: جريدة الشهاب: (4/243-244) و (9/41). وقال شيخ الإسلام: "وأنت تجد كثيرا من المتفقهة إذا رأى المتصوِّفة والمتعبِّدة لا يراهم شيئا ولا يعدُّهم إلا جُهالا ضُلالا، ولا يعتقد في طريقتهم من العلم والهدى شيئا، وترى كثيرا من المتصوِّفة والمتفقِّرة، لا يرى الشريعة ولا العلم شيئا، بل يرى المتمسِّك بها منقطعا عن الله وأنه ليس عند أهلها مما ينفع عند الله شيئا، وإنما الصواب، أنّ ما جاء به الكتاب والسنة من هذا وهذا حَقٌّ، و ما خالف الكتاب والسنة من هذا وهذا باطل". اقتضاء الصراط المستقيم: (1/91). فلما كان هذا اللفظ مشتملا على حق وباطل وجب قبول ما دل عليه من المعنى الحق ورد ما دل عليه من المعنى الباطل، وأما اللفظ نفسه فيُجتنب، ويستغنى عنه بالألفاظ الشرعية. قال شيخ الإسلام: "وكل لفظ يحتمل حقا وباطلا فلا يطلق إلا مبينّا به المراد الحق دون الباطل... وكثير من نزاع الناس في هذا الباب هو من جهة الألفاظ المجملة التي يَفهم منها هذا معنى يثبته، ويَفهم منها الآخر معنى ينفيه، ثم النفاة يجمعون بين حق وباطل، والمثبتة يجمعون بين حق وباطل". مجموع الفتاوى: (12/552). قال الإبراهيمي"ثمّ ما هذا التصوُّف الذي لا عهد للإسلام الفطريِّ النقيّ به؟ إنّنا لا نُقرُّه مظهرا من مظاهر الدِّين أو مرتبة عليا من مراتبه، ولا نعترف من أسماء هذه المراتب إلا بما في القاموس الدِّيني: النبوَّة، والصِّدِّيقيّة، والصُّحبة، والاتِّباع، ثمّ التقوى التي يتفاضل بها المؤمنون، ثمّ الولاية التي هي أثر التقوى، وإن كُنّا نُقرُّه فلسفة روحانيّة جاءتنا من غير طريق الدِّين، ونُرغمها على الخضوع للتحليل الدِّيني. وهل ضاقت بنا الألفاظ الدينيّة ذات المفهوم الواضح والدقَّة العجيبة في تحديد المعاني حتى نستعير من جرامقة اليونان أو جرامقة الفرس هذه اللفظة المبهمة الغامضة التي يتّسع معناها لكلِّ خير ولكلِّ شرّ.
ويمينًا، لو كان للمسلمين يوم اتَّسعت الفتوحات، وتكوَّنت المعامل الفكريّة ببغداد، ديوانُ تفتيش في العواصم ودروب الروم ومنافذالعراق العجمي؛ لكانت هذه الكلمة من المواد الأوَّليّة المحرَّمة الدخول". آثار الإبراهيمي: (1/175)
(2) آثار الإبراهيمي: (1/87-88).
(3) سجلّ مؤتمر جمعية العلماء: ص (99).
(4) المصل: ما يؤخذ من دم حيوان محصَّن من الإصابة بمرض معيَّن، ثم يحقن به جسم آخر ليكسبه مناعة تقيهِ الإصابة بذلك المرض. المعجم الوسيط: ص (874)، ويعرف باللقاح أو التطعيم.
(5) هو الورق المتين.
(6) انظر التقرير الكامل عن الأمّية في سجل مؤتمر الجمعية: ص (94-103).
(7) يقصد به دروس الوعظ والإرشاد والتفسير.
(8) المراد به التعليم الابتدائي في الكتاتيب.
(9) سجل مؤتمر جمعية العلماء: ص (64).
(10) المصدر السابق: ص (65-67).
(11) آثار ابن باديس: (4/74).
(12) انظر آثارا في فضل العلم وتعلُّمه في مجالس التذكير من حديث البشير النذير: ص (187) و (191-197).
(13) انظر: الشرك ومظاهره: ص (86-87). والأبيات أوردها القرطبي في تفسيره(1/70-71) ولم ينسبها.
(14) آثار ابن باديس: (4/74)
(15) انظر آثار الإبراهيمي (2/234)، وانظر في دور المدارس وأهميتها (2/430).
(16) انظر: آثار الإبراهيمي: (1/305).
(17) انظر أخباره في المصدر السابق: (2/216 و446).
(18) انظر المصدر السابق: (2/442).
(19) آثار ابن باديس: (4/74).
(20) جريدة السنّة: (12/1).
(21) جمع قوس.
(22) غفار ودوس والأوس والخزرج من القبائل العربية المشهورة.
(23) آثار الإبراهيمي: (3/420).
(24) الأعمال الكاملة للعربي التبسي: ص (190).
(25) المصدر السابق: ص (199).
(26) آثار الإبراهيمي: (4/109)، بتصرف يسير.
(27) ذكر ابن جرير في تفسير قوله تعالى: )أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا( [الرعد: ٤١] بإسناده إلى ابن عباس قال: "ذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها"، وبإسناده إلى مجاهد قال: "موت العلماء". تفسير الطبري (13/578-579).
(28) أخرجه البخاري في صحيحه: [كتاب العلم: باب كيف يُقبض العلم، (ح 100)] بلفظ: يَبْق عالمٌ بالبناء للمعلوم، ومسلم في صحيحه [كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه (ح 6737) نووي] بلفظ: يترك عالمًا.
(29) الشرك ومظاهره: ص (161).
(30) قال الطحاوي في عقيدته: "وعلماء السلف من السابقين ومَن بعدهم من التابعين: أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر؛ لا يُذكرون إلا بالجميل، ومَن ذكَرهم بسوءٍ فهو على غير السبيل"
(31) الحشر: 10.
(32) النور: ٦٣.
(33) الشرك ومظاهره: ص (183).
(34) الأعمال الكاملة للعربي التبسي: ص (334).
(35) مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير، لابن باديس: ص (320).
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين هي جمعية تعليميّة تهذيبيّة، لذلك فقد ألزمت نفسها - منذ إنشائها - بتعليم الجزائريِّين - صغارا وكبارا - ونشر العلم في جميع ربوع الوطن، وإعدادِ العلماء الذين يقومون بتوجيه الأمَّة في دينها ودنياها، وحفظ مقوِّماتها من لغة ودين وأدب.
ولقد جاء في قانونها الأساسي عِدَّة موادّ، تدلُّ على اهتماماتها بهذا الباب بدءًا من تعليم القراءة والكتابة والحروف، إلى محاربة الأمِّية، إلى التبحُّر في علوم الكتاب والسنة.
المادة 77: تسعى الجمعية في تكثير عدد المكاتب القرآنية على التدريج في أهمِّ مراكز القطر، ويحتوي برنامجها على تعليم الخطِّ العربي والنحو والصرف وحفظ القرآن مع تفهيم مفرداته، وضروريات الدِّين والأخلاق الإسلامية، وتختار من كتب التعليم أقربَها للإفادة، وتأخذ الأساتذة بتنفيذ ذلك البرنامج على وجه الدِّقَّة.
المادة 80: تحارب الجمعية داء الأمِّية بكل ما تملك من قوَّة. ومن وسائل هذه الغاية أن تُعنى بتعليم ما تستطيع من اليتامى الذين عُدِموا الكافل...
المادة 81: من غايات الجمعية النبيلة تأسيس كلية دينية عربية بمدينة الجزائر، تُدَرَّس فيها علوم الدِّين من وسائل ومقاصد، والغاية الكبرى من هذه الكلية هي تقريب العلوم التي يهاجر أبناء الوطن لتحصيلها في الأقطار الأخرى.
المادة 74: تُعنى الجمعية بترغيب أعضائها العاملين في اقتناء الكتب النافعة كأمَّهات التفسير والحديث وفقهه واللغة والأدب والأخلاق والتصوُّف العملي(1) والتاريخ...(2)
وقد أوْلت الجمعيّة عناية كبيرة لمحو الأمِّية لدى الصغار والكبار. يقول الإبراهيميّ: «إنِّي أظنُّ أنّ أوَّل هيئة اجتماعيّة فكَّرت في محاربة الأمِّية بصورة منظَّمة في هذا الوطن هي جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريِّين» (3)
«أمَّا الصغار؛ فإنّ المصل(4) الواقي لهم من هذه العلَّة هي تلقينهم مبادئ القراءة والكتابة من الصغر...» وأمَّا الكبار؛ فإنّ "أهمَّ ما تعمله الجمعيّة في حقِّ هؤلاء هو الجهود الفرديّة، فيجب أوَّلًا أن تتقدَّم لكلِّ أعضائها العاملين وتأخذ عليهم عهد الله وميثاقه على أن يُعلِّم كلُّ واحد منهم أمِّيًّا أو أكثر من أقاربه مبادئ الكتابة والقراءة والعمليَّات الأربعة في الحساب، ويحفِّظه سُوَرًا من القرآن على صحَّتها.
وتتوسَّل الجمعيّة لهذا، بطبع حروف الهجاء مركَّبة ومفرَدة على صحائفَ من المُقوَّى(5)، وبطبع الأرقام الحسابيّة كذلك، وبطبع سُوَر من القرآن بالحرف الغليظ، وبطبع جُمل تتضمَّن معانيَ مستقلَّة في العبادات والعقائد والفرائض...(6)
ولقد اهتمَّت جمعيّة العلماء بإصلاح التعليم بنوعيه: المسجدي(7) والمكتبي(8)، وتطوير أساليبه.
قال الإبراهيمي: «أمَّا في المسجد فطريقة الجمعيّة في الوعظ والتذكير هي طريقة السلف، تذكِّر بكتاب الله، تشرحه وتستجلي عِبَره، وبالصحيح من سنّة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ، تبيِّنها وتنشرها، وبسيرته العمليّة، تجلوها وتدلُّ الناس على مواضع التأسِّي منها، ثمّ سِيَر الصحابة وهديهم، ثم سِيَر حَمَلة السنّة النبويّة وحملة الهدي المحمَّدي في أقوالهم وأعمالهم كذلك...»(9)
أمَّا التعليم الابتدائيّ فتعتمد الجمعيّة على تلقين التلاميذ قواعد اللغة العربية في أسهل التراكيب وتمكينها بالتمرينات التطبيقية وإصلاح اللهجات التي حرَّفتها العامِّيّة، وكذا تعليم القرآن الكريم والحديث والتفسير من كتب الحديث الصحيحة وأمَّهات التفسير. أمَّا الدروس الأخرى فتختار لها أقرب الكتب للإفادة وأبعدها عن الجمود والتعقيد.(10)
ولقد علِمت الجمعيّة أنّ صلاح الأمَّة بصلاح علمائها، وأنّ تكوين هؤلاء العلماء أساسه إصلاح التعليم.
قال ابن باديس: «لن يصلُح المسلمون حتى يصلُح علماؤهم... ولن يصلح العلماء إلا إذا صلح تعليمهم... ولن يصلح هذا التعليم إلا إذا رجعنا به للتعليم النبويّ في شكله وموضوعه، في مادَّته وصورته، فيما كان يعلم صلى الله عليه وسلم وفي صورة تعليمه...»(11)
وإذا أُطلِق العلم والتعليم فالمراد به العلم الشرعي والتعليم الدِّيني - علم الكتاب والسنة -، وهذا لا يعني إهمال العلوم الدنيوية الأخرى، ولكنّ الأوَّل هو المقصود بالأصالة، وهذا الذي ركَّزت عليه جمعية العلماء جهودها.(12)
إنّ العلوم وإن جلّت محاسنها فتاجها ما به الإيمان قد وجبا هو الكتاب العزيز الله يحفظه وبعد ذلك علمٌ فرّج الكُرَبا فذاك فاعلم حديث المصطفى فَبِهِ نور النبوّة سنّ الشرعَ والأَدبا وبعد هذا علوم لا انتهاء لها فاختر لنفسك يا من آثر الطلبا والعلم كنز تجدْه في معادِنه يا أيّها الطالب ابحث وانظرِ الكُتُبا واتْلُ بفهمٍ كتاب الله فيه أتتْ كل العلوم تدبَّرهُ تَرَ العَجَبا واقرأ هُدِيتَ حديث المصطفى وسَلَن مولاك ما تشتهي يقضي لك الأَرَبا مَن ذاق طعما لعلم الدين سُرَّ بِه إذا تزيّد منه قال واطَرَبا(13)
قال ابن باديس: «ونعني بالتعليم، التعليم الذي يكون به المسلم عالما من علماء الإسلام، يأخذ عنه الناس دِينهم ويقتدون به فيه»(14)
ولذلك فقد شرَعت الجمعيّة منذ تأسيسها في إنشاء المدارس الحرّة وتطوير المكاتب القرآنية، حتى بلغ عدد المدارس في أواخر سنة 1948م مائة وثلاثين مدرسة ابتدائية مجهَّزة بكلِّ ما تحتاجه المدارس، يُلْقي فيها مائتان وخمسون معلِّما دروسَهم على نحو ثلاثين ألف تلميذ.(15)كما أنشأت الجمعيّة دار الحديث بتلمسان(16) ومعهد ابن باديس بقسنطينة(17) وسَعت لدى الأزهر والزيتونة والقرويِّين لاعتماده وقبول المتخرِّجين منه، فكان لها ذلك.
وكان للجمعيّة اهتمامٌ بأبناء الجالية الجزائريّة بفرنسا، فتمكَّنت - بعون الله - من افتتاح أحد عشر ناديا في نواحي العاصمة باريس وأرسلت إليها عددًا من المعلِّمين لإلقاء دروس الدِّين وتعليم الصبيان.(18)
وجهود أخرى عظيمة يطول المقام بذكرها، كان الهدف منها الحفاظَ على هويّة الشعب الجزائري ودينه ولُغته، وإعداد العلماء العاملين الذين هم من الأمَّة - كما يقول ابن باديس - بمثابة القلب، إذا صلح صلح الجسد كلُّه، وإذا فسد فسد الجسد كلُّه.(19)
يقول العقبي: «العلماء هم حملة هذا الدِّين، وهم المسؤولون عن تبليغه وهم الذابُّون عنه والمدافعون عن حِماه. فمن استمسك بغرزهم واهتدى بهديهم نجا، ومن صدَّ عنهم وأعرض عمَّا جاؤوا به ضلَّ وغوى.»(20)
ويقول الإبراهيمي: «علماء الدِّين - إذا أصلحهم الله - هم حماة الدين حقّا، وهم المؤتَمنون عليه، وهم - إذا عافاهم الله من الجبن والطمع - حفظتُه وأنصاره، وأسماعُه وأبصاره، وهم - إذا سدَّدهم الله - نِباله وقِسِيُّه (21)، وحِباله وعِصِيُّه، وكلُّهم - إذا جمع الله كلِمتهم - غِفارُه ودَوسُه وخَزرجُه وأَوسُه(22)»(23)
وهؤلاء هم أهل العلم الصحيح الداعون إلى التوحيد والسنّة «الذين يستمِدُّون فهومهم من عناصر الدِّين الأوَّلية، التي هي الكتاب والسنّة على مقتضى فهوم الأوَّلين من علماء الإسلام»(24)
وهؤلاء هم بحقٍّ ورثةُ الأنبياء؛ «فمن لا اطِّلاع له على كتب السنّة ولا خبرة له بأقوال علماء السلف لا يصحُّ أن يُعدّ من ورثة الأنبياء؛ لأنّ الإرث إنّما يدخُل فيما كانوا قائمين به»(25)
وهؤلاء هم الذين لا توجد في الإسلام وظيفة أشرف قدرا وأسمى منزلة وأعظم أجرا عند الله من وظيفتهم؛ لأنّهم وارثون لمقام النبوَّة وآخذون بأهمِّ تكاليفها وهو الدعوة إلى الله وتوجيه خَلقه إليه، وتزكيتهم وتعليمهم وترويضهم على الحقّ حتّى يَفهموه ويَقبلوه، ثمّ يعملوا به ويعملوا له.(26)
هؤلاء إذا الواحد منهم فُقِد، حدث في الإسلام ثُلمة لا تُسدّ، وكان ذلك إيذانا بقبض العلم ونقص الأرض من أطرافها.(27) وكان في ذلك ضررٌ على الإسلام وأهله.
قال الميلي: «إنّ الأمَّة إذا فَقدت العالم البصير، والدليل الناصح، والمرشد المهتدي؛ تراكمت على عقولها سحائبُ الجهالات، وران على بصائرها قبائحُ العادات، وسهُل عليها الإيمان بالخيالات، فانقادت لعالِم طمَّاع وجاهل خدَّاع، ومرشِد دجَّال ودليل محتال، وازدادت بهم حَيرتُها واختلَّت سِيرتها، والتبست عليها الطرائق، وانعكست لديها الحقائق، فتتَّهم العقل، وتَقبل المُحال، وتشرُد من الصواب، وتأنس بالسراب... وفي مثل هذه الحالة جاء حديث الصحيحين(28) عن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتّى إذا لم يُبقِ عالِما؛ اتَّخذ الناس رؤوسا جُهَّالا، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلُّوا وأضلُّوا»»(29)
علماء التوحيد والسنّة هم الذين يجب احترامهم وتوقيرهم، ويحرم ثلبهم والطعن فيهم. (30)
قال الميلي: «قال ابن عساكر في «تبيينه» ص (29): «واعلم يا أخي - وفَّقنا الله وإيَّاك لمرضاته، وجعلنا ممَّن يخشاه ويتَّقيه حقَّ تُقاته - أنّ لحوم العلماء - رحمةُ الله عليهم - مسمومة، وعادةُ الله في هتك أستار مُنتقِصِيهم معلومة؛ لأنّ الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمرُه عظيم، والتناولَ لأعراضهم بالزور والافتراء مرتعٌ وخيم، والاختلاقَ على من اختاره الله منهم لنَعش العلم خُلقٌ ذميم، والاقتداءَ بما مدح الله به قول المتَّبعين من الاستغفار لمن سبقهم وصفٌ كريم، إذ قال مُثنِيا عليهم في كتابه - وهو بمكارم الأخلاق وضدِّها عليم -: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم﴾ (31)، والارتكابَ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاغتياب وسبِّ الأموات جسيم ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾ (32)».»(33)
أمَّا علماء السُّوء فلا حقَّ لهم في ميراث النبوَّة، إذ «لا يستحقُّ هذا الميراث إلا من هو أهلٌ لوصفه والحكمِ له بالعلم، لا أولئك الذين سمَّوا أنفسهم علماء، وإن قعدَت بهم موانع الإرث في هذا الباب ممَّن اختار صراط المغضوب عليهم والضالِّين على صراط الذين أُنعم عليهم»(34)
هؤلاء هم الذين تركوا كتاب ربِّهم وسنّة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم وتنكَّبوا صراط سلفهم، فاتَّبعوا أهواءهم، وأحدثوا في دِين الله ما لم يأذن به.
قال ابن باديس: «فالذين أحدثوا في الدِّين ما لم يعرِفه السلف الصالح، لم يَقتدوا بمن قبلهم، فليسوا أهلاً لِأَنْ يقتديَ بهم مَن بعدَهم. فكلُّ من اخترع وابتدع في الدِّين ما لم يعرفه السلف الصالح فهو ساقطٌ عن رُتبة الإمامة فيه»(35) فإيَّاكم وإيَّاهم.
...............................................................................
(1) يعني بها: كتب الزهد والرقائق والسلوك مما قد يسمى – تجوُّزا - تصوفا محمودا. انظر: جريدة الشهاب: (4/243-244) و (9/41). وقال شيخ الإسلام: "وأنت تجد كثيرا من المتفقهة إذا رأى المتصوِّفة والمتعبِّدة لا يراهم شيئا ولا يعدُّهم إلا جُهالا ضُلالا، ولا يعتقد في طريقتهم من العلم والهدى شيئا، وترى كثيرا من المتصوِّفة والمتفقِّرة، لا يرى الشريعة ولا العلم شيئا، بل يرى المتمسِّك بها منقطعا عن الله وأنه ليس عند أهلها مما ينفع عند الله شيئا، وإنما الصواب، أنّ ما جاء به الكتاب والسنة من هذا وهذا حَقٌّ، و ما خالف الكتاب والسنة من هذا وهذا باطل". اقتضاء الصراط المستقيم: (1/91). فلما كان هذا اللفظ مشتملا على حق وباطل وجب قبول ما دل عليه من المعنى الحق ورد ما دل عليه من المعنى الباطل، وأما اللفظ نفسه فيُجتنب، ويستغنى عنه بالألفاظ الشرعية. قال شيخ الإسلام: "وكل لفظ يحتمل حقا وباطلا فلا يطلق إلا مبينّا به المراد الحق دون الباطل... وكثير من نزاع الناس في هذا الباب هو من جهة الألفاظ المجملة التي يَفهم منها هذا معنى يثبته، ويَفهم منها الآخر معنى ينفيه، ثم النفاة يجمعون بين حق وباطل، والمثبتة يجمعون بين حق وباطل". مجموع الفتاوى: (12/552). قال الإبراهيمي"ثمّ ما هذا التصوُّف الذي لا عهد للإسلام الفطريِّ النقيّ به؟ إنّنا لا نُقرُّه مظهرا من مظاهر الدِّين أو مرتبة عليا من مراتبه، ولا نعترف من أسماء هذه المراتب إلا بما في القاموس الدِّيني: النبوَّة، والصِّدِّيقيّة، والصُّحبة، والاتِّباع، ثمّ التقوى التي يتفاضل بها المؤمنون، ثمّ الولاية التي هي أثر التقوى، وإن كُنّا نُقرُّه فلسفة روحانيّة جاءتنا من غير طريق الدِّين، ونُرغمها على الخضوع للتحليل الدِّيني. وهل ضاقت بنا الألفاظ الدينيّة ذات المفهوم الواضح والدقَّة العجيبة في تحديد المعاني حتى نستعير من جرامقة اليونان أو جرامقة الفرس هذه اللفظة المبهمة الغامضة التي يتّسع معناها لكلِّ خير ولكلِّ شرّ.
ويمينًا، لو كان للمسلمين يوم اتَّسعت الفتوحات، وتكوَّنت المعامل الفكريّة ببغداد، ديوانُ تفتيش في العواصم ودروب الروم ومنافذالعراق العجمي؛ لكانت هذه الكلمة من المواد الأوَّليّة المحرَّمة الدخول". آثار الإبراهيمي: (1/175)
(2) آثار الإبراهيمي: (1/87-88).
(3) سجلّ مؤتمر جمعية العلماء: ص (99).
(4) المصل: ما يؤخذ من دم حيوان محصَّن من الإصابة بمرض معيَّن، ثم يحقن به جسم آخر ليكسبه مناعة تقيهِ الإصابة بذلك المرض. المعجم الوسيط: ص (874)، ويعرف باللقاح أو التطعيم.
(5) هو الورق المتين.
(6) انظر التقرير الكامل عن الأمّية في سجل مؤتمر الجمعية: ص (94-103).
(7) يقصد به دروس الوعظ والإرشاد والتفسير.
(8) المراد به التعليم الابتدائي في الكتاتيب.
(9) سجل مؤتمر جمعية العلماء: ص (64).
(10) المصدر السابق: ص (65-67).
(11) آثار ابن باديس: (4/74).
(12) انظر آثارا في فضل العلم وتعلُّمه في مجالس التذكير من حديث البشير النذير: ص (187) و (191-197).
(13) انظر: الشرك ومظاهره: ص (86-87). والأبيات أوردها القرطبي في تفسيره(1/70-71) ولم ينسبها.
(14) آثار ابن باديس: (4/74)
(15) انظر آثار الإبراهيمي (2/234)، وانظر في دور المدارس وأهميتها (2/430).
(16) انظر: آثار الإبراهيمي: (1/305).
(17) انظر أخباره في المصدر السابق: (2/216 و446).
(18) انظر المصدر السابق: (2/442).
(19) آثار ابن باديس: (4/74).
(20) جريدة السنّة: (12/1).
(21) جمع قوس.
(22) غفار ودوس والأوس والخزرج من القبائل العربية المشهورة.
(23) آثار الإبراهيمي: (3/420).
(24) الأعمال الكاملة للعربي التبسي: ص (190).
(25) المصدر السابق: ص (199).
(26) آثار الإبراهيمي: (4/109)، بتصرف يسير.
(27) ذكر ابن جرير في تفسير قوله تعالى: )أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا( [الرعد: ٤١] بإسناده إلى ابن عباس قال: "ذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها"، وبإسناده إلى مجاهد قال: "موت العلماء". تفسير الطبري (13/578-579).
(28) أخرجه البخاري في صحيحه: [كتاب العلم: باب كيف يُقبض العلم، (ح 100)] بلفظ: يَبْق عالمٌ بالبناء للمعلوم، ومسلم في صحيحه [كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه (ح 6737) نووي] بلفظ: يترك عالمًا.
(29) الشرك ومظاهره: ص (161).
(30) قال الطحاوي في عقيدته: "وعلماء السلف من السابقين ومَن بعدهم من التابعين: أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر؛ لا يُذكرون إلا بالجميل، ومَن ذكَرهم بسوءٍ فهو على غير السبيل"
(31) الحشر: 10.
(32) النور: ٦٣.
(33) الشرك ومظاهره: ص (183).
(34) الأعمال الكاملة للعربي التبسي: ص (334).
(35) مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير، لابن باديس: ص (320).