ومضات من كتاب تنبيه الغافلين
للإمام نصر بن محمد السمرقندي (1)
وهذا الجزء الثالث من "ومضات من كتاب تنبيه الغافلين للإمام نصر بن محمد السمرقندي " أسأل الله أن ينفع بها ..
١٣- باب الحسد (ص١٣٩)
٩٠- عن الحسن رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :( إن الغل والحسد يأكلان الحسنات كما تأكل النار الحطب ) .
٩١- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : ( لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، وكونوا عباد الله إخواناً ) .
٩٢- قال الفقيه رضي الله عنه : ليس شيء من الشر أضر من الحسد ، لأنه يصل إلى الحاسد خمس عقوبات ، قبل أن يصل إلى المحسود مكروه :
أولها : غم لا ينقطع
والثانيه : مصيبة لا يؤجر عليها
والثالثة : مذمة لا يحمد بها
والرابعة : يسخط عليھ الرب ﷻ
والخامسة : تغلق عليھ أبواب التوفيق
٩٣- وروى عن مالك بن دينار أنه قال : إني أجيز شهادة القراء على جميع الخلق ، ولا أجيز شهادة القراء بعضهم على بعض ، لأني وجدتهم حساداً ، يعني أكثر الحسد في القراء .
٩٤- قال بعض الحكماء : إياكم والحسد ، فإن الحسد أول ذنب عُصي لله تعالى به في السماء ، وأول ذنب عُصي الله تعالى به في الأرض .
٩٥- وروى الأحنف بن قيس أنه قال : لا راحة لحسود ، ولا وفاء لبخيل ، ولا صديق لملول ، ولا مروءة لكذوب ، ولا رأي لخائن ، ولا سؤدد لسيء الخلق .
٩٦- وقال محمد بن سيرين : ماحسدت أحداً قط على شيء من الدنيا ، وإن كان أهل الجنة ، فكيف أحسده وهو صائر إلى الجنة ، وإن كان من أهل النار ، فكيف أحسده وهو صائر إلى النار ؟!
٩٧- قال الفقيه رضي الله عنه : ثلاثة لا تستجاب دعواتهم : آكل الحرام ، ومكثار الغيبة ، ومن كان في قلبه غل أو حسد للمسلمين .
١٤- باب الكبر (ص١٤٥)
٩٨- عن أبي خريرة رضي الله عنه عن الرسول ﷺ أنه قال : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب ، وعائل مستكير ) يعني الفقير .
٩٩- قال ﷺ : ( لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان ) قال رجل يارسول الله : إني ليعجبني نقاء ثوبي ، وشرك نعلي ، وعلاقة سوطي ، أفهذا من الكبر ؟ قال ﷺ : ( إن الله تعالى جميل يحب الجمال ، ويحب إذا أنعم على عبد نعمة يرى أثرها عليه ، ويبغض البؤس والتباؤس ، ولكن الكبر أن يسفه الحق ، ويغمط الخلق ) .
١٠٠- وقال عروة بن الزبير : التواضع أحد مصائد الشرف ، وكل ذي نعمة محسود عليها إلا التواضع .
١٠١- قال بعض الحكماء : ثمرة القناعة الراحة ، وثمرة التواضع المحبة .
١٠٢- روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال : ( ماتواضع رجل لله إلا رفعه لله تعالى ) .
١٠٣- روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال : رأس التواضع أن تبدأ بالسلام على من لقيت من المسلمين ، وأن ترضى بالدون من المجالس ، وأن تكره أن تذكر بالبر والتقوى .
١٠٤- قال ابن مسعود رضي الله عنه : من تواضع تخشُّعًا رفعه الله تعالى يوم القيامة ، ومن تطاول تعظماً وضعه الله تعالى يوم القيامة .
١٠٥- روى عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه بعثه عمر بن الخطاب أميراً على البحرين فدخل البحرين وهو راكب حمار ، وحعل يقول طرقوا للأمير طرقوا للأمير .
١٥- باب الزجر عن الضحك (ص١٥٤)
١٠٦- روى جعفر بن عون ، عن مسعود ، عن عون بن عبدالله قال : كان النبي لا يضحك إلا تبسماً ، ولا يلتفت إلا جميعاً - يعني يلتفت بجميع وحهه - .
١٠٧- قال الحسن البصري رحمه الله : ياعجباً من ضاحك من ورائه النار ، ومن مسرور من ورائه الموت .
١٠٨- ويقال : أكثر الناس ضحكاً في الدنيا أكثرهم بكاء في الآخره ، وأكثرهم بكاء في الدنيا أكثرهم ضحكاً في الجنة .
١٠٩- وروى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : من أذنب وهو يضحك دخل النار وهو يبكي .
١١٠- قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله : أربع خصال لم يبقين للمؤمن ضحكاً ولا فرحاً : همّ المعاد - يعني همّ الآخرة . وشغل المعاش ، وغم الذنوب ، وإلمام المصائب .
١١١- روى يونس عن الحسن البصري إنه قال : المؤمن والله يمسي حزيناً ، ويصبح حزيناً ، وكان الحسن البصري قلما رأيته إلا كرجل أصيب بمصيبة محدثة .
١١٢- قال ثابت البناني رحمه الله : كان يقال : ضحك المؤمن من غفلته ، يعني غفلته عن أمور الآخرة ، ولولا غفلته لما ضحك .
١١٣- روى بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله ﷺ قال : ( ويل لمن يكذب ليضحك به الناس ، ويل له )
ثلاث مرات
١٦- باب كظم الغيظ (ص١٦٠)
١١٤ روى أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال : ( من كظم غيظاً وهو يقدر على أن يمضيه فلم يمضه ملاء الله قلبه يوم القيامة رضاً ) .
١١٥- ذكر عن لقمان الحكيم أنه قال لإبنه : يابني ثلاث لا تعرف إلا بثلاث : لا يعرف الحليم الا عند الغضب ، ولا يعرف الشجاع إلا عند الحرب ، ولا يعرف الأخ إلا عند الحاجة .
١١٦- قال بعض الحكماء : الزهد في الدنيا أربعة :
أولها : الثقة بالله تعالى فما وعد من أمر الدنيا وأمر الآخرة .
والثاني : أن يكون مدح الخلق وذمهم عنده واحداً .
والثالث : الإخلاص في العمل .
والرابع : أن يتجاوز عمن ظلمه ، ولا يغضب على ماملكت يمينه ، ويكون حليماً صبوراً .
١١٧- قال رسول الله ﷺ : ( من كف لسانه عن أعراض المسلمين أقال الله تعالى عثرته يوم القيامة ، ومن كف غضبه أقال الله تعالى غضبه عنه يوم القيامة ) .
١١٨- سئل الأحنف بن قيس رحمه الله ما الإنسانية ؟ قال : التواضع في الدولة ، والعفو عند القدرة ، والعطاء بغير منه .
١١٩- قال الحسن في قوله تعالى : ( وإذا خاطَبَهم الجَاهِلونَ قالوُا سَلامَا ) [الفرقان :٦٣] يعني قالوا : حلماً ، وإن جهل عليهم حلموا .
١٧- باب حفظ اللسان (ص١٦٧)
١٢٠- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : يارسول الله أوصني ، قال : ( عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير ، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية المسلمين -أو قال المسلم- وعليك بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض ، وذكر لك في السماء ، واخزن لسانك إلا من خير فإنك بذلك تغلب الشيطان ) .
١٢١- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي ﷺ قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، وليكرم ضيفه ، وليقل خيراً أو ليسكت ) .
١٢٢- وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) .
١٢٣- ذكر عن لقمان الحكيم أنه قيل له : مابلغ بك مانرى ؟ قال : صدق الحديث ، وآداء الأمانة ، وتركي ما لا يعنيني .
١٢٤- وروى عن الربيع بن خيثم أنه كان إذا أصبح وضع قرطاساً وقلماً ، ولا يتكلم بشيء إلا كتبه وحفظه ، ثم يحاسب نفسه عند المساء .
١٢٥- وروى عن إبراهيم التيمي أنه قال : حدثني من صحب الربيع بن خيثم عشرين ، فما سمع منه كلمة يعاقب عليها .
١٢٦- ذكر عن الأوزاعي أنه قال : المؤمن يقل الكلام ويكثر العمل ، والمنافق يكثر الكلام ويقل العلم .
١٢٧- قال بعض الحكماء : في الصمت سبعة آلاف خير ، وقد اجتمعت ذلك كله في سبع كلمات ، وفي كل كلمة منها الف :
اولها : أن الصمت عبادة من غير عناء
والثانية : زينة من غير حلى
الثالثة : هيبة من غير سلطان
الرابعة : حصن من غير الحائط
الخامسة : الإستغناء عن الإعتذار إلى أحد
السادسة : راحة الكرام الكاتبين
السابعة : ستر لعيوبة
١٨- باب الحرص وطول الأمل (ص١٧٣)
١٢٨- قال الفقيه : الحرص على وجهين : حرص مذموم ، وحرص غير مذموم ، وتركه أفضل .
فأما الحرص الذي هو مذموم فهو أن يشغله عن آداء أوامر الله تعالى ، أو يريد جمع المال للتكاثر والتفاخر .
وأما الذي هو غير مذموم : فهو أن لا يترك شيئاً من أوامر الله تعالى لاجل جمع المال ، ولا يرد به للتفاخر ، فهذا غير مذموم .
١٢٩- وروى عن قتادة ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن رسول الله ﷺ أنه قال : ( يهرم من ابن آدم كل شيء إلا اثنتين : الحرص والأمل ) .
١٣٠- روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إذا أردت أن تلقى صاحبك فارقع قميصك ، واخصف نعليك ، وأقصر أملك ، وكل دون الشبع .
١٣١- وروى عن أبي عثمان النهدي أنه قال : رأيت على عمر قميصاً فيه اثنتا عشرة رقعة ، وهو على المنبر يخطب .
١٣٢- روى عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال : إني لأعرف بالناس من البيطار بالدولاب ، أما خيارهم فالزاهدون ، وأما شرارهم فمن أخذ من الدنيا فوق مايكفيه .
١٣٣- روى كجاهد عن عبدالله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال : ( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل ، وعد نفسك من أهل القبور ) .
١٣٤- قال الحسن البصري رحمه الله : مكتوب في التوراة خمسة أحرف : الغنية في القناعة ، والسلامة في العزلة ، والحرية في رفض الشهوات ، والمحبة في ترك الرغبة ، والتمتع في أيام طويلة بالصبر في أيام قليلة .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
آخر تعديل: