سلسلة من بدائع القصص النبوي الصحيح - الحلقة 3 -

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,286
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
أصحاب الغار والصخرة :
عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم ، حتى آواهم المبيت إلى غار ، فدخلوه ، فانحدرت صخرة من الجبل ، فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم)
قال رجل منهم : اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت لا أغبق (أقدم) قبلهما أهلاً ولا مالاً ، فنأى بي طلب الشجر يوماً (أبعدت) فلم أرح عليهما (فلم يرجع) حتى ناما ، فحلبت لهما غبوقهما (حصتهما) فوجدتهما نائمين ، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً ، فلبثت – والقدح في يدي – أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر ، والصبية يتضاغون عند قدمي (يصيحون) فاستيقظا فشربا غبوقهما (شرب اللبن) .
(اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة) .
فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منها)
وقال الآخر : اللهم إنه كانت لي إبنة عم كانت أحب الناس الىّ ، فأردتها على نفسها ، فامتنعت مني ، حتى ألمت بها سنة من السنين (أصابها جوع) فجاءتني ، فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخل بيني وبين نفسها ، ففعلت ، حتى إذا قدرت عليها ، قالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه ،( لا تقربني إلا بنكاح شرعي) فتحرجت من الوقوع عليها ، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليّ وتركت الذهب الذي أعطيتها .
(اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه) .
فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها .
وقال الثالث : اللهم استأجرت أجراء ، وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب ، فثمرت (كثرت) أجره حتى كثرت منه الأموال ، فجاءني بعد حين ، فقال : يا عبدالله أد الىّ أجري ، فقلت : كل ما ترى من أجرك ، من الإبل والبقر والغنم والرقيق ، فقال : يا عبد الله لا تستهزئ بي ، فقلت ، إني لا أستهزئ بك ، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئاً .
(اللهم عن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه ) .
فانفرجت الصخرة ، فخرجوا يمشون .


من فوائد القصة :

قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، قال قتادة : تقربوا اليه بطاعته ، والعمل بما يرضيه .

1- الأعمال الصالحة وقت الرخاء يستفيد منها الإنسان وقت الشدة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء ، يعرفك في الشدة) .

2- يجب على المسلم أن يلجأ إلى الله وحده دائماً بالدعاء وخاصة حين نزول الشدائد ، ومن الشرك الأكبر دعاء الأموات الغائبين ، قال الله تعالى : (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ) - الظالمين : المشركين .

3- مشروعية التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة ، وهي نافعة ومفيدة ، ولا سيما عند الشدة ، وعدم مشروعية التوسل بالذوات والجاه .

4- حب الله مقدم على حب ما تهوى النفوس من الشهوات .

5- من ترك الزنى والفجور خوفاً من المولى نجاه الله من البلوى .

6- من حفظ حقوق العمال حفظه الله وقت الشدة ، ونجاه من المحنة .

7- الدعاء إلى الله مع التوسل بالعمل الصالح يفتت الصخور .

8- بر الوالدين وإكرامهما على الزوجة والأولاد .

9- حق الأجير يحفظ له ، ولا يجوز تأخيره ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه) .

10- استحباب تنمية مال الأجير الذي ترك حقه ، وهو عمل جليل ، وهو من حق الأجير .

11- شرع من قبلنا هو شرع لنا إذا أخبر به الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم على طريق المدح ، ولم يثبت نسخه ، وهذه القصة قصها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدح هؤلاء النفر الثلاثة لنقتدي بهم في عملهم .

12- طلب الإخلاص في العمل حيث قال كل واحد ( اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه) .

13- إثبات الوجه لله سبحانه من غير تشبيه ، قال الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) .
 
آخر تعديل:
thanks141%20%2819%29.gif
 
لا شكر على واجب.
وفقك الله الى الهدى و التقوى، وزودك من الايمان و العمل الصالح ما يكون لك ذخرا، و جعلك من السعداء في الدنيا و الأخرى.
 
السلام عليكم

بوركت أخي الفاضل على أطباقك الشهية
اللهم أجعلنا ممن يتذكرك في كل صغيرة وكبيرة

تقبلوا تحياتي
 
رد: سلسلة من بدائع القصص النبوي الصحيح - الحلقة 3 -

جزااك الله خيرا قصة مفيدة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top