نرى أن التاريخ ، والوعي به ، يعد المدخل الأساس للتعلم ، وأمامنا أربعة رجال في أربعة مواقف لقضية واحدة : وهي الإنسان / المجتمع ، فالإنسان هو مدار الكون منذ البدء وحتى المنتهى .
* جمال الدين الأفغاني : إنسان ، رجل ، مسلم ، له مواقف تصب - كلها - لصالح الإنسان ، حتى ما كان له تعلق بالصناعة !!! يقول مخاطباً المساكين / المعذبين في الأرض ، مدافعاً عن " الكرامة " التي تمثل - بحق - خاصةَ الإنسان باعتبار الأجناس الخمسة ! وباعتبار سكوت الآخرين دافعاً للظالم كي يتمادى في ظلمه / غيه :... : " أنت ، أيها الفلاّح المسكين ، تشق بفأسك قلب الأرض لتستنبت منها ما يسد الرمق ، ويقوم بأود العيال ، فلماذا لا تشق بها قلب ظالمك ؟ لماذا لا تشق قلب الذين يأكلون ثمرة تعبك " ؟ .
فهذا نداءٌ ليمسك المظلومون بالأيادي الآثمة ، وأصحابِها ، التي تمتد إلى جيبوهم فتسرق عرقهم . وتمتد إلى عقلوهم فتسرق فهمهم / وعيهم وتتركهم " إمّعاتٍ " يتبعون غيرهم متلذذين إذ يفكر الآخرون لهم ، وتمتد إلى قلوبهم فتسرق الفرح منها وتضع محله المخاتلة و " الضحك على الذقون " ؛ فيكرهون من حيث يجب أن يحبوا ، ويجهلون من حيث يجب أن يعلموا .
* محمد عبده التلميذ الأثير للأفغاني أعلاه : إنسان ، رجل ، عربي ، مسلم ، مصري ، له اجتهاداته الفقهية التي أتعبت معاصريه ، لما أن كانوا أكثر ميلاً للتقليد / الترديد ، لكن الإمام أفلت منه الشيء الكثير لما لم يقفُ خطى الأفغاني فيربط اجتهاده بدنيا الناس وقضاياهم ، خاصة وقت الاحتقانات / الأزمات ، ونخص - تحديداً - أيام الثورة العرابية ، ما يعني الاجتهاد الاجتماعي التفاعلي لا الانتقائي ... يقول ، شاداً الهمم للوراء بينما أعلام عرابي تمهّد للثورة على ظلم الخديوي : " إنه لم يعهد في أمة من أمم الأرض أن الخواص ، والأغنياء ، ورجال الحكومة ، يطلبون مساواةَ أنفسهم بسائر الناس ، وإزالة امتيازاتهم ، واستئثاراتهم بالجاه والوظائف ، بمشاركة الطبقات الدنيا لهم في ذلك . فهل بلغت بكم الفضيلة حداً لم يبلغ إليه أحد من العالمين حتى رضيتم ، واخترتم عن روية وبصيرة ، أن تشاركوا سائر أمتكم في جاهكم ومجدكم ، وتتساووا بالصعاليك حباً بالعدالة والإنسانية ؟ أم أنكم تسيرون إلى حيث لا تدرون ، وتعملون ما تعلمون " ؟ .
فهذا - بحق - نداء للفصل بين الفضيلة النظرية وأختها العملية ، ما كان يجب على الأستاذ الإمام القول به . لكن التقييم - بحسابات اليوم - لا يصح ، بل يجب النظر إلى أيام الثورة العرابية ، تلك التي أراد عبده النأي بنفسه عنها ، حتى مع نقده ، بل نقوده ، للحكومة القائمة وقتها ، حكومة رياض ..بل حتى لتوفيق نفسه .
* محمد رشيد رشا التلميذ الأثير للأستاذ عاليه : إنسان ، رجل ، عربي ، مسلم ، شامي ، أعلن إعجابه بأستاذه ، لكنه كان إعجاباً ما زجه استنكار لقبول الإمام / أستاذه المدنية بتداعياتها الحديثة التي أضرت المجتمع - برأيه - أكثر مما أفادته ... : " إن الحضارة التي نعيشها مادية ، تفتك بها ميكروبات الفساد وأوبئة الهلاك ، فهي عرضة للزوال " . و : " نحن ندعو للولاء المطلق ، والسيادة المطلقة لولي الأمر الذي أمر الله بطاعته " .
فهذا هو بداية لاجترار الماضي - على المستوى الاجتماعي / التاريخي بدعوى التميّز ، كأن من يأخذ بالحضارة سينفلت منه مقوم أو أكثر من مقومات شخصيته الوطنية . وكان على الرجل أن يؤسس دعوة ، أو دعوات ، للمشاركة في الحضارة بدلاً من " الانكفاء / التقوقع " الحضاري ، الذي ينذر بالانقراض الوجودي .
وهذا – أيضاً – يكرّس ، سياسياً ، الظلمَ بمفهومه الواسع .
* حسن البنا التلميذ الأقرب لرضا أعلاه : إنسان ، رجل ، عربي ، مسلم ، مصري ، يمثل الجاذب الأهم لخيط التوقف الإبداعي ؛ فالحضارة التي يعيش عليها العالم اليوم " نصرانية كافرة " ، والعلم الحديث مدارسه " مبتدَعة " إذ يخرج التلاميذ " وقد سممت عقولهم بالآراء الإلحادية ، وشبوا على التقليد والإباحية " . وعلى المستوى التربوي لابد من تقديم البيعة غير المشروطة ، حتى قال له أقرب أتباعه : " إننا لا نستطيع أن ندرك الطريق إلى العمل كما تدرك ، أو نعرف السبيل إلى خدمة الوطن والدين والأمة كما تعرف ، وكل الذي نريده الآن أن نقدم لك ما نملك لنبرأ من التبعة أمام الله ، وتكون أنت المسؤول بين يديه عنا وعما يجب أن نعمل ، فإن لك علينا الطاعة ، على هذا بايعنا وعاهدنا ، ولنا فيك الثقة الكاملة ، وعندك الطمأنينة الشاملة " .
فهذا نص دالٌ على الامّحاء الكامل في شخص / فرد ، ما يعني العودة لزمن أن كانت الشعوب رعايا ترى في " فرد " الكمالَ ... مع أن الكمال ليس إلا لله تعالى .
* جمال الدين الأفغاني : إنسان ، رجل ، مسلم ، له مواقف تصب - كلها - لصالح الإنسان ، حتى ما كان له تعلق بالصناعة !!! يقول مخاطباً المساكين / المعذبين في الأرض ، مدافعاً عن " الكرامة " التي تمثل - بحق - خاصةَ الإنسان باعتبار الأجناس الخمسة ! وباعتبار سكوت الآخرين دافعاً للظالم كي يتمادى في ظلمه / غيه :... : " أنت ، أيها الفلاّح المسكين ، تشق بفأسك قلب الأرض لتستنبت منها ما يسد الرمق ، ويقوم بأود العيال ، فلماذا لا تشق بها قلب ظالمك ؟ لماذا لا تشق قلب الذين يأكلون ثمرة تعبك " ؟ .
فهذا نداءٌ ليمسك المظلومون بالأيادي الآثمة ، وأصحابِها ، التي تمتد إلى جيبوهم فتسرق عرقهم . وتمتد إلى عقلوهم فتسرق فهمهم / وعيهم وتتركهم " إمّعاتٍ " يتبعون غيرهم متلذذين إذ يفكر الآخرون لهم ، وتمتد إلى قلوبهم فتسرق الفرح منها وتضع محله المخاتلة و " الضحك على الذقون " ؛ فيكرهون من حيث يجب أن يحبوا ، ويجهلون من حيث يجب أن يعلموا .
* محمد عبده التلميذ الأثير للأفغاني أعلاه : إنسان ، رجل ، عربي ، مسلم ، مصري ، له اجتهاداته الفقهية التي أتعبت معاصريه ، لما أن كانوا أكثر ميلاً للتقليد / الترديد ، لكن الإمام أفلت منه الشيء الكثير لما لم يقفُ خطى الأفغاني فيربط اجتهاده بدنيا الناس وقضاياهم ، خاصة وقت الاحتقانات / الأزمات ، ونخص - تحديداً - أيام الثورة العرابية ، ما يعني الاجتهاد الاجتماعي التفاعلي لا الانتقائي ... يقول ، شاداً الهمم للوراء بينما أعلام عرابي تمهّد للثورة على ظلم الخديوي : " إنه لم يعهد في أمة من أمم الأرض أن الخواص ، والأغنياء ، ورجال الحكومة ، يطلبون مساواةَ أنفسهم بسائر الناس ، وإزالة امتيازاتهم ، واستئثاراتهم بالجاه والوظائف ، بمشاركة الطبقات الدنيا لهم في ذلك . فهل بلغت بكم الفضيلة حداً لم يبلغ إليه أحد من العالمين حتى رضيتم ، واخترتم عن روية وبصيرة ، أن تشاركوا سائر أمتكم في جاهكم ومجدكم ، وتتساووا بالصعاليك حباً بالعدالة والإنسانية ؟ أم أنكم تسيرون إلى حيث لا تدرون ، وتعملون ما تعلمون " ؟ .
فهذا - بحق - نداء للفصل بين الفضيلة النظرية وأختها العملية ، ما كان يجب على الأستاذ الإمام القول به . لكن التقييم - بحسابات اليوم - لا يصح ، بل يجب النظر إلى أيام الثورة العرابية ، تلك التي أراد عبده النأي بنفسه عنها ، حتى مع نقده ، بل نقوده ، للحكومة القائمة وقتها ، حكومة رياض ..بل حتى لتوفيق نفسه .
* محمد رشيد رشا التلميذ الأثير للأستاذ عاليه : إنسان ، رجل ، عربي ، مسلم ، شامي ، أعلن إعجابه بأستاذه ، لكنه كان إعجاباً ما زجه استنكار لقبول الإمام / أستاذه المدنية بتداعياتها الحديثة التي أضرت المجتمع - برأيه - أكثر مما أفادته ... : " إن الحضارة التي نعيشها مادية ، تفتك بها ميكروبات الفساد وأوبئة الهلاك ، فهي عرضة للزوال " . و : " نحن ندعو للولاء المطلق ، والسيادة المطلقة لولي الأمر الذي أمر الله بطاعته " .
فهذا هو بداية لاجترار الماضي - على المستوى الاجتماعي / التاريخي بدعوى التميّز ، كأن من يأخذ بالحضارة سينفلت منه مقوم أو أكثر من مقومات شخصيته الوطنية . وكان على الرجل أن يؤسس دعوة ، أو دعوات ، للمشاركة في الحضارة بدلاً من " الانكفاء / التقوقع " الحضاري ، الذي ينذر بالانقراض الوجودي .
وهذا – أيضاً – يكرّس ، سياسياً ، الظلمَ بمفهومه الواسع .
* حسن البنا التلميذ الأقرب لرضا أعلاه : إنسان ، رجل ، عربي ، مسلم ، مصري ، يمثل الجاذب الأهم لخيط التوقف الإبداعي ؛ فالحضارة التي يعيش عليها العالم اليوم " نصرانية كافرة " ، والعلم الحديث مدارسه " مبتدَعة " إذ يخرج التلاميذ " وقد سممت عقولهم بالآراء الإلحادية ، وشبوا على التقليد والإباحية " . وعلى المستوى التربوي لابد من تقديم البيعة غير المشروطة ، حتى قال له أقرب أتباعه : " إننا لا نستطيع أن ندرك الطريق إلى العمل كما تدرك ، أو نعرف السبيل إلى خدمة الوطن والدين والأمة كما تعرف ، وكل الذي نريده الآن أن نقدم لك ما نملك لنبرأ من التبعة أمام الله ، وتكون أنت المسؤول بين يديه عنا وعما يجب أن نعمل ، فإن لك علينا الطاعة ، على هذا بايعنا وعاهدنا ، ولنا فيك الثقة الكاملة ، وعندك الطمأنينة الشاملة " .
فهذا نص دالٌ على الامّحاء الكامل في شخص / فرد ، ما يعني العودة لزمن أن كانت الشعوب رعايا ترى في " فرد " الكمالَ ... مع أن الكمال ليس إلا لله تعالى .
آخر تعديل: