حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,287
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
إذا دعونا الله سبحانه وتعالى، وتضرعنا له بالدعاء، وذكرنا في الدعاء أن يستجيب لنا سبحانه وتعالى بجاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك كما فعل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أصاب الجزيرة العربية قحط، فإنه دعا الله بجاه عم محمد صلى الله عليه وسلم العباس أن يفرج عن الأمة، فهل هذا جائز أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله.


التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمشروع، وإنما المشروع التوسل بأسماء الله وصفاته، كما قال الله سبحانه وتعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا[1]، يعني يسأل الله بأسمائه، كأن يقول الإنسان: اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم، بأنك الجواد الكريم، اغفر لي، ارحمني، اهدني سواء السبيل وغير ذلك.

لأن الدعاء عبادة وقربة عظيمة، كما قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[2]، وقال عز وجل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[3].

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك)) قالوا يا رسول الله: إذًا نكثر، قال: ((الله أكثر)).

فالمسلم إذا دعا وتضرع إلى الله سبحانه وتعالى فهو على خير عظيم؛ مأجور ومثاب، وقد تعجل دعوته وقد تؤجل لحكمة بالغة، وقد يصرف عنه من الشر ما هو أعظم من المسألة التي سأل.

لكن لا يتوسل إلى الله إلا بما شرع، من أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، أو بتوحيده سبحانه، كما في الحديث: ((اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد))، أو بأعمالك الصالحة، فتقول: يا ربي أسألك بإيماني بك وإيماني بنبيك محمد عليه الصلاة والسلام، اللهم إني أسألك بحبي لك، أو بحبي لنبيك محمد عليه الصلاة والسلام، أو اللهم إني أسألك ببري بوالدي، أو عفتي عما حرمت عليّ يا رب أو ما أشبه ذلك، فتسأله بأعمالك الصالحة التي يحبها وشرعها سبحانه وتعالى.

ولهذا لما دخل ثلاثة فيمن قبلنا غاراً للمبيت فيه وفي رواية أخرى بسبب المطر؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: إنها انحدرت عليهم صخرة من أعلى جبل سدت عليهم الغار لا يستطيعون دفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لن ينجيكم من هذه المصيبة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فدعوا الله سبحانه وتعالى.

فتوسل أحدهم بأنه كان باراً بوالديه، ودعا ربه أن يفرج عنهم الصخرة بسبب بره بوالديه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء.

ثم قال الثاني: إنه كان له ابنة عم يحبها كثيراً، وإنه أرادها عن نفسها فلم تجب، ولما ألمت بها حاجة شديدة، وجاءت إليه تطلب العون، فقال لها: إلا أن تمكنه من نفسها، فوافقت على ذلك بسبب حاجتها على أن يعطيها مائة وعشرين ديناراً، فلما جلس بين رجليها، قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فخاف من الله وقام وترك الفاحشة، وترك الذهب لها، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، لكن لا يستطيعون الخروج.

ثم توسل الآخر بأداء الأمانة، وأنه كان عنده أمانة لبعض الأجراء فنماها، وثمرها حتى اشترى منها إبلاً وبقراً وغنماً ورقيقاً، وكانت آصعاً من أرز أو من ذرة، ثم جاء الأجير يسأله حقه، فقال له: كل هذا من حقك، كل الذي ترى من حقك من إبل وغنم وبقر ورقيق، فقال له الأجير: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقال: إني لا أسخر بك، هو مالك، فأخذه كله، فقال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فانفرجت عنهم الصخرة وخرجوا. هذا بأسباب إيمانهم بالله وتوسلهم إليه بأعمالهم الصالحة.

فالوسيلة الشرعية: هي التوسل بأسماء الله وصفاته، أو بتوحيده والإخلاص له، أو بالأعمال الصالحات، هذه الوسيلة الشرعية التي جاءت بها النصوص.

أما التوسل بجاه فلان، أو بحق فلان، فهذا لم يأت به الشرع، ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى أنه غير مشروع فالواجب تركه، وأن يتوسل الإنسان بالوسائل الشرعية التي هي أسماء الله وصفاته، أو بتوحيده، أو بالأعمال الصالحات، هذه هي الوسائل الشرعية التي جاءت بها النصوص.

وأما ما فعله عمر رضي الله عنه، فهو لم يتوسل بجاه العباس، وإنما توسل بدعائه، قال رضي الله عنه لما خطب الناس يوم الاستسقاء، لما أصابتهم المجاعة والجدب الشديد والقحط صلى بالناس صلاة الاستسقاء، وخطب الناس، وقال: (اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا)، فيسقون.

وهكذا كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته يقولون: ادع لنا، فيقوم ويدعو لهم، ويخطب الناس يوم الجمعة ويدعو، ويقول: ((اللهم أغثنا اللهم أغثنا))، وهكذا في صلاة الاستسقاء يتوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وسؤاله الغوث.

وهكذا قال للعباس: يا عباس قم فادع ربنا، فقام العباس ودعا ورفع يديه ودعا الناس وأمنوا فسقاهم الله عز وجل على دعائهم فهو توسل بعم النبي صلى الله عليه وسلم؛ بدعائه، واستغاثته ربه عز وجل، وسؤاله سبحانه وتعالى بفضل العباس وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أفضل الصحابة، ومن خير الصحابة رضي الله عن الجميع.

فإذا توسل المسلمون بالصالحين من الحاضرين عندهم، بدعائهم، كأن يقول الإمام أو ولي الأمر: يا فلان قم ادع الله، من العلماء الطيبين، أو الأخيار الصالحين، أو من أهل بيت النبي الطيبين، وقالوا في الاستسقاء: يا فلان قم فادع الله لنا، كما قال عمر للعباس، هذا كله طيب.

أما التوسل بجاه فلان فهذا لا أصل له، ويجب تركه، وهو من البدع المنكرة، والله جل وعلا أعلم.

-----------------------------------------
[1] الأعراف: 180.

[2] غافر: 60.

[3] البقرة: 186.

المفتي : الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى نور على الدرب الجزء الأول
المصدر
 
رد: حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء

قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة – الحديث رقم (22): (توسلوا بجاهي ، فإن جاهي عند الله عظيم) (لا أصل له):
مما لا شك فيه أن جاهه صلى الله عليه وسلم ومقامه عند الله عظيم ، فقد وصف الله تعالى موسى بقوله: (وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً) [الأحزاب: 69] ، ومن المعلوم أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل من موسى ، فهو بلا شك أوجه منه عند ربه سبحانه وتعالى ، ولكن هذا شيء ، والتوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم شيء آخر ، فلا يليق الخلط بينهما كما يفعل بعضهم ، إذ إن التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم يقصد به من يفعله أنه أرجى لقبول دعائه ، وهذا أمر لا يمكن معرفته بالعقل ، إذ إنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للعقل في إدراكها ، فلا بد فيه من النقل الصحيح الذي تقوم به الحجة ، وهذا مما لا سبيل إليه البتة ، فإن الأحاديث الواردة في التوسل به صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى قسمين : صحيح ، وضعيف .
أما الصحيح ، فلا دليل فيه البتة على المدعى ، مثل توسلهم به صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء ، وتوسل الأعمى به صلى الله عليه وسلم فإنه توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم ، لا بجاهه ولا بذاته صلى الله عليه وسلم ، ولما كان التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير ممكن ، كان بالتالي التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته غير ممكن ، وغير جائز .
ومما يدلك على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما استسقوا في زمن عمر ، توسلوا بعمه صلى الله عليه وسلم العباس ، ولم يتوسلوا به صلى الله عليه وسلم ، وما ذلك إلا لأنهم يعلمون معنى التوسل المشروع ، وهو ما ذكرناه من التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم ولذلك توسلوا بعده صلى الله عليه وسلم بدعاء عمه ، لأنه ممكن ومشروع ، وكذلك لم ينقل أن أحداً من العميان توسل بدعاء ذلك الأعمى ، وذلك لأن السر ليس في قول الأعمى : (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة….) ، وإنما السر الأكبر في دعائه صلى الله عليه وسلم له كما يقتضيه وعده صلى الله عليه وسلم إياه بالدعاء له ، ويشعر به قوله في دعائه : (اللهم فشفعه في) ، أي : أقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم ، أي : دعاءه في ، (وشفعني فيه) ، أي : اقبل شفاعتي ، أي : دعائي في قبول دعائه صلى الله عليه وسلم في .
فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء ، كما يتضح للقاريء الكريم بهذا الشرح الموجز ، فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع ، ولهذا أنكره الإمام أبوحنيفة ، فقال : (أكره أن يسأل الله إلا بالله) كما في “الدر المختار” ، وغيره من كتب الحنفية .
وأما قول الكوثري في ” مقالاته ” : (وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكورة في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح) .
فمن مبالغاته ، بل مغالطاته ، فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال : نبأنا علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول : (إني لأتبرك بأني حنيفة ، وأجيء إلى قبره في كل يوم – يعني زائراً – فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين ، وجئت إلى قبره ، وسألت الله تعالى الحاجة عنده ، فما تبعد عني حتى تقتضى) ، فهذه رواية ضعيفة ، بل باطلة.
وقد ذكر شيخ الإسلام في “اقتضاء الصراط المستقيم” معنى هذه الرواية ، ثم أثبت بطلانه فقال : (هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له أدنى معرفة بالنقل فإن الشافعي لما قدم ببغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة بل ولم يكن هذا على عهد االشافعي معروفا وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عند قبر أبي حنيفة ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن ابن زياد وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند قبر أبي حنيفة ولا غيره ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور الصالحين خشية الفتنة بها وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف).
وأما القسم الثاني من أحاديث التوسل ، فهي أحاديث ضعيفة و تدل بظاهرها على التوسل المبتدع ، فيحسن بهذه المناسبة التحذير منها ، والتنبيه عليها فمنها: (الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها،بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين) حديث ضعيف .
ومن الأحاديث الضعيفة في التوسل ، الحديث الآتي مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَخَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنْ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ) حديث ضعيف.
ومن الأحاديث الضعيفة ، بل الموضوعة في التوسل : (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) موضوع. انتهى كلام العلامة الالباني من سلسلة الأحاديث الضعيفة الحديث رقم 22.
 
رد: حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء

يقول سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله- في جوابه على سؤال وجّه إليه في حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، ما نصه:
"التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فيه تفصيل، فإن كان ذلك باتباعه ومحبته وطاعة أوامره وترك نواهية والإخلاص لله في العبادة فهذا هو الإسلام وهو دين الله الذي بعث به أنبياءه، وهو الواجب على كل مكلف.. وهو الوسيلة للسعادة في الدنيا والآخرة، أما التوسل بدعائه والاستغاثة به وطلبه النصر على الأعداء والشفاء للمرضى - فهذا هو الشرك الأكبر وهو دين أبي جهل وأشباهه من عبدة الأوثان، وهكذا فعل ذلك مع غيره من الأنبياء والأولياء أو الجن أو الملائكة أو الأشجار أو الأحجار أو الأصنام. وهناك نوع ثالث يسمى التوسل وهو التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم أو بحقه أو بذاته مثل أن يقول الإنسان: أسألك يا الله بنبيك أو جاه نبيك أو حق نبيك أو جاه الأنبياء أو حق الأنبياء أو جاه الأولياء أو الصالحين وأمثال ذلك فهذا بدعة ومن وسائل الشرك ولا يجوز فعله معه صلى الله عليه وسلم ولا مع غيره؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يشرع ذلك، والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما دل عليه الشرع المطهر، وأما توسل الأعمى به في حياته صلى الله عليه وسلم فهو توسل به صلى الله عليه وسلم ليدعو له ويشفع له إلى الله في إعادة بصره إليه، وليس توسلاً بالذات أو الجاه أو الحق كما يعلم ذلك من سياق الحديث وكما أوضح ذلك علماء السنة في شرح الحديث.
وقد بسط الكلام في ذلك شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في كتبه الكثيرة المفيدة، ومنها كتابه المسمى: (القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة) وهو كتاب مفيد جدير بالاطلاع عليه والاستفادة منه.
وهذا حكم جائز مع غيره صلى الله عليه وسلم من الأحياء كأن تقول لأخيك أو أبيك أو من تظن فيه الخير: ادع الله لي أن يشفيني من مرضي أو يرد عليّ بصري أو يرزقني الذرية الصالحة أو نحو ذلك بإجماع أهل العلم. والله ولي التوفيق".

وقال الشيخ ابن عثيمين في جوابه على سؤال وجّه إليه:
"واعلم أن المقصود بالزيارة أمران:
أحدهما: انتفاع الزائر بتذكر الآخرة والاعتبار والاتعاظ، فإن هؤلاء القوم الذين هم الآن في بطن الأرض، كانوا بالأمس على ظهرها، وسيجري لهذا الزائر ما جرى لهم، فيعتبر ويغتنم الأوقات والفرص، ويعمل لهذا اليوم الذي سيكون في هذا المثوى الذي كان عليه هؤلاء.
وثانيهما: الدعاء لأهل القبور بما كان الرسول، صلى الله عليه وسلم يدعو به من السلام وسؤال الرحمة، وأما أن يسأل الأموات ويتوسل بهم فإن هذا محرم ومن الشرك؛ ولا فرق في هذا بين قبر النبي، صلى الله عليه وسلم وقبر غيره، فإنه لا يجوز أن يتوسل أحد بقبر النبي عليه الصلاة والسلام، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، فإن هذا من الشرك لأنه لو كان هذا حقاً لكان أسبق الناس إليه الصحابة- رضي الله عنهم- ومع ذلك فإنهم لا يتوسلون به بعد موته فقد استسقى عمر- رضي الله عنه- ذات يوم فقال: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا) ثم قام العباس- رضي الله عنه- فدعا -1- ، وهذا دليل على أنه لا يتوسل بالميت مهما كانت درجته ومنزلته عند الله - تعالى- وإنما يتوسل بدعاء الحي الذي ترجى إجابة دعوته؛ لصلاحه واستقامته في دين الله - عزّ وجلّ- فإذا كان الرجل ممن عرف بالدين والاستقامة وتوسل بدعائه، فإن هذا لا بأس به كما فعل أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه-، وأما الأموات فلا يتوسل بهم أبداً، ودعاؤهم شرك أكبر مخرج من الملة، قال الله - تعالى-: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]
وقال أيضاً:
"أما التوسل الممنوع فهو أن يتوسل الإنسان بالمخلوق، فإن هذا لا يجوز، فالتوسل بالمخلوق حرام، يعني لا بدعائه ولكن بذاته، مثل أن تقول (اللهم إني أسألك بمحمد صلى الله عليه وسلم كذا وكذا) فإن هذا لا يجوز، وكذلك لو سألت بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لا يجوز، لأن هذا المسبب لم يجعله الله ورسوله سبباً".
هذا، وقد وجهت إلى اللجنة الدائمة أسئلة في هذا الموضوع ومما أجابت اللجنة عليها:
"التوسل إلى الله في الدعاء بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم أو ذاته أو منزلته غير مشروع لأنه ذريعة إلى الشرك، فكان البحث فيه لبيان ما هو الحق من مباحث العقيدة، وأما التوسل إلى الله بأسمائه جل شأنه وبصفاته وباتباع رسوله والعمل بما جاء به من عقيدة وأحكام فهذا مشروع. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".
"أولاً: التوسل على الله ببركة القرآن مشروع وليس شركاً.
ثانياً: التوسل ببركة بعض المخلوقين مثل النبي صلى الله عليه وسلم من البدع المنكرة، لأن التوسل من العبادات التوقيفية ولم يثبت في الشرع المطهر ما يدل على جوازه في المخلوقين أو حقهم أو جاههم أو بركتهم، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) -2- .

-1- رواه البخاري -1010- من حديث عمر.
-2- رواه مسلم -1718- والبخاري معلقا.
 
رد: حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء

هذا بعض ماقاله العلماء في الرد على من أجاز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وبيان بطلان قولهم وفساد معتقدهم .
 
رد: حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء

السلام عليكم

اللهم يا حي ياقيوم أسالك أن تغني أبو ليث عن السؤال
اللهم يا ذا الفضل أغني ابو ليث بفضلك عن من سواك
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك*آمين*

تقبلوا تحياتي
 
رد: حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء

السلام عليكم

بارك الله فيك اخي أبو ياسر على مشاركتك القييمة
الله أسال لك أن ينير بصيرتك وشيفع فيك نبيك*ص*

تقبلوا تحياتي
 
رد: حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء

و كتنبيه فقط للأخ رابح فيما يخص كتابة حرف الصاد بعد اسم النبي صلى الله عليه وسلم
فهذا بعض كلام أهل العلم رحمهم الله تعالي في كتابة حرف (ص) أو (صلعم) بعد اسم النبي صلى الله عليه وسلم،وقد اختلفوا في ذلك:
أما الشيخ الألباني رحمه الله يرى جواز كتابة (ص) خلافا لكتابة(صلعم):
س/ما حكم كتابة الحرف ( ص ) بعد لفظة النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب.؟
ج/رأى أن هذا من الإختصار و(كلمه غير واضحة ) لا مانع من ذلك،بخلاف ما يفعله بعضهم قديما (صلعم) إختصار أوسع،أكثر حرفا من (ص) لأن ذلك أُوهم أنها كلمة،وبعض العامة والجهلة لا يفقهها،وأما (ص) فأصبحت رمزا للصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم، لذلك أنا ما أرى مانعا من إستعمال هذه اللفظة لأنها لا يُسئ فهمها".إ.ه(سلسلة الهدى والنور رقم الشريط: 165).

وأما الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي يرى بكراهة ذلك
س/ ما حكم كتابة حرف ( ص ) أو ( صلعم ) رمزاً للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .؟
ج/كل هذا حرمان ، يُحرمه العبد، أولاً:إذا كتب صلى الله عليه وسلم فقد كتب دعآء يُكتب له به عشر حسنات،وإذا رمز لم يحصل علي هذا الدعآء،ثم إذا رمز (ص) وجآء إنسان يقرأ ولا يعلم علم المصطلح ماذا يقول؟ يقول:قال النبي (ص) هذا غلط عظيم،أو يقول:قال النبي (صلعم) فيجعل (صلعم) اسما من أسمآء الرسول.
علي كل حال العلمآء كره ذلك،وقالوا:إما أن يكتب صلى الله عليه وسلم أو عليه الصلاة والسلام وإما أن يدعها،والقارئ هو الذي يصلي،وأما أن يكتب رمز (ص) أو (صلعم) فهذا مكروه".ا.ه (سلسلة لقآء الباب المفتوح رقم الشريط:185 الوجه ب).

وأما الشيخ ابن باز رحمه الله تعالي فيقول بعدم جواز وتارة يقول بالكراهة الشديدة وتارة يقول لاينبغي ,
س/ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند كتابة اسمه بحرف الصاد ؟
ج/لا يصح، ما يحط (ص) يكتب اللهم صلى على محمد، أما أن يجعل (ص) لا يصح هذا كسل وعجز". (شرح كتاب الموطأ رقم الشريط:
icon_cool.gif
.


س/ما حكم اختصار اسم الرسول صلى الله عليه وسلم مثل (صلعم) ؟
ما ينبغي هذا لمن كتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم أو نطق به،أن يصلى صلاة كاملة (صلى الله عليه وسلم)ولا(صلعم)ولا(ص)فقط،الكسل لاينبغي بل السنة والمشروع أن يكتب الصلاة صريحة (صلى الله عليه وسلم)أو(عليه الصلاة والسلام)لأن الله قال:"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا "ْ{سورة الأحزب}ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من صلى على واحدة صلى الله عليه بها عشرا"وجآء عنه صلى الله عليه وسلم أن جبرئيل أخبره:"أن من صلى على واحدة صلى الله عليه بها عشر،ومن سلم عليه واحدة،سلم الله عليه بها عشرا".
الحسنة بعشرة أمثالها،لاينبغى للمؤمن أن يكسل ولا للمؤمنة أن تكسل عند الكتابة أو عند النطق باسمه(صلى الله عليه وسلم)،عليه الصلاة والسلام خطا ولفظا،أما الإشارة ب(ص)أو(صلعم)هذا لاينبغى".(نور على الدرب رقم الشريط:9
icon_cool.gif
.


س/هل يجوز عند كتابة الحديث وخاصة عند كلمة الرسول صلى الله عليه وسلم أن نكتب حرف (ص) أو (صلعم) إشارة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهل نحرك الشفتين عند كتابة كلمة صلى الله عليه وسلم؟
ج/الواجب أن يكتب صلى الله عليه وسلم، أما (ص) أو (صلعم) لا يجوز غلط، لكن يكتب بعد اسمه صلى الله عليه وسلم،ويكتبها والأفضل أن ينطق بذلك أيضا يجمع بين الأمرين، صلى الله عليه وسلم".(نور علي الدرب رقم الشريط:92
icon_cool.gif
.


س/ نجد من يكتب بدلاً من صلى الله عليه وسلم الحرف(ص) أو (صلعم) فهل هذا جائز؟
ج/هذا لا ينبغي، قد نبهنا عليه غير مرة ونبه عليه العلماء،فلا ينبغي ذلك،فأقل أحواله الكراهة الشديدة، بل يكتب الصلاة على النبي كاملة يقول: -صلى الله عليه وسلم- فلا يجعل (ص) ولا (صلعم) كل هذا لا ينبغي، ولهذا جاء في الحديث عنه- صلى الله عليه وسلم - قال: (من صلَّى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً) ومن كتبها كتابة يحرم هذا الخير، فينبغي لمن كتب شيئاً من ذلك أن يكتب كاملاً،أن يكتب الصلاة كاملة- صلى الله عليه وسلم -.".(نور علي الدرب رقم الشريط:33
icon_cool.gif
.


وقال أيضا رحمه الله تعالى:"وبما أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مشروعة في الصلوات في التشهد ، ومشروعة في الخطب والأدعية والإستغفار ، وبعد الأذان ، وعند دخول المسجد والخروج منه ، وعند ذكره وفي مواضع أخرى : فهي تتأكد عند كتابة اسمه في كتاب أو مؤلف أو رسالة أو مقال أو نحو ذلك .
والمشروع أن تكتب كاملةً تحقيقًا لما أمرنا الله تعالى به ، وليتذكرها القارئ عند مروره عليها ، ولا ينبغي عند الكتابة الاقتصار في الصلاة على رسول الله على كلمة " ص " أو " صلعم " وما أشبهها من الرموز التي قد يستعملها بعض الكتبة والمؤلفين ، لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) .الأحزاب : 56 .
مع أنه لا يتم بها المقصود وتنعدم الأفضلية الموجودة في كتابة " صلى الله عليه وسلم " كاملة . وقد لا ينتبه لها القارئ أو لا يفهم المراد بها ، علمًا بأن الرمز لها قد كرهه أهل العلم وحذروا منه .
فقد قال ابن الصلاح في كتابه : " علوم الحديث " المعروف بـ : " مقدمة ابن الصلاح " في النوع الخامس والعشرين من كتابه : " في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده " قال ما نصه : ( التاسع : أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذكره ، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته ، ومن أغفل ذلك فقد حرم حظًا عظيمًا . وقد رأينا لأهل ذلك منامات صالحة ، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية . ولا يقتصر فيه على ما في الأصل .
وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه نحو - عز وجل - وتبارك وتعالى ، وما ضاهى ذلك.
إلى أن قال : ( ثم ليتجنب في إثباتها نقصين : أحدهما : أن يكتبها منقوصةً صورةً رامزًا إليها بحرفين أو نحو ذلك ، والثاني : أن يكتبها منقوصةً معنىً بألا يكتب : وسلم .
وروي عن حمزة الكناني - رحمه الله تعالى - أنه كان يقول : ( كنت أكتب الحديث ، وكنت أكتب عند ذكر النبي " صلى الله عليه " ، ولا أكتب " وسلم " ، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال لي : ما لك لا تتم الصلاة عليَّ !؟ قال : فما كتبت بعد ذلك " صلى الله عليه " إلا كتبت : وسلم .
إلى أن قال ابن الصلاح : ( قلت : ويكره - أيضًا - الإقتصار على قوله : " عليه السلام " والله أعلم ) . انتهى المقصود من كلامه - رحمه الله تعالى - ملخصًا .
وقال العلامة السخاوي - رحمه الله تعالى - في كتابه : " فتح المغيث شرح ألفية الحديث للعراقي " ما نصه : ( واجتنب أيها الكاتب الرمز لها - أي : الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطك بأن تقتصر منها على حرفين ونحو ذلك فتكون منقوصة - صورة - كما يفعله الكتاني ، والجهلة من أبناء العجم غالبًا وعوام الطلبة ، فيكتبون بدلاً من صلى الله عليه وسلم " ص " أو " صم " أو " صلعم " ، فذلك لما فيه من نقص الأجر لنقص الكتابة خلاف الأولى .
وقال السيوطي - رحمه الله تعالى - في كتابه : " تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي " : ( ويكره الإقتصار على الصلاة أو التسليم هنا ، وفي كل موضع شرعت فيه الصلاة ؛ كما في شرح مسلم وغيره لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) . [ الأحزاب : 56 ] .
إلى أن قال : ( ويكره الرمز إليهما في الكتابة بحرف أو حرفين كمن يكتب " صلعم " بل يكتبهما بكمالها ) . انتهى المقصود من كلامه - رحمه الله تعالى - ملخصًا .
هذا ووصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب : أن يلتمس الأفضل ، ويبحث عما فيه زيادة أجره وثوابه ، ويبتعد عما يبطله أو ينقصه .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه رضاه ، إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه" .
" مجموع فتاوى ورسائل الإمام بن باز " : (2/397 – 399(.(منقول من شبكة سحاب).

وهذا كلام الشيخ صالح السحيمي حفظه الله تعالي بعد أن أجاب علي سؤال/ هل يُشرع سلامي على النبي صلى الله عليه وسلم كلما مررت بالقبر الشريف؛ خاصة أن هذه الأيام ليس فيها زحام؟ ونبه علي هذا الأمر:"
ج/وأُحذِّركَ من أمرين:
الأمر الأول: الصيغ المبالغ فيها؛ التي اخترعها بعض غلاة المتصوفة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
والأمر الثاني: ضدها، وهي طريقة البخلاء، الذي يكتفون بحرف الصاد، أو بكلمة "صلعم"؛ يعني يبخل حتى أن يكتب كلمة: "صلى الله عليه وسلم".
فاحذر من الطريقتين؛ فكلتاهما مخالفتان لهدي النبي صلى الله عليه وسلم." ( التحذير من نشر الأكاذيب عبر الجوالات).
 
رد: حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء

وكإضافة للموضوع
هذه أبيات من أرجوزة الآداب: عدة الطلب بنظم منهج التلقي والأدب
لناظمه عبد الله بن محمد سفيان الحكمي
يقول فيها :


ودُم على تعظيم ذي الجلال......نطقًا وخطًا سائر الأحوالِ
مثل(تعالى)و(تبارك اسـمه)......و(جل شأنه)و(عز حكمه)
واحذر من الرمز بحرف الصادِ......إذا تلفظت بذكر الــهادي
فالرمز-يابني-من سوء الأدب.....مع الذي توقيره حتمًا وجب
صلى عليه الله ما تالِ تلا........وما تسامى ذكره بين الملا
ثم عن الصحب ترضَّ إن يرد.....ذكر لهم من دون رمز،وابتعد
عن رمز(رض)رضَّ ربي عنقا.....من سبهم ألا فسحقًا سحقًا






 
رد: حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء

السلام عليكم

اللهم صل على سيدنا محمد افضل الصلاة وأزكى التسليم
بارك الله فيك أخي الكريم وسدد خطاك ونصيحتك ثمينة ومحفوظة بإذن الله
وبارك الله في مشايخنا ورحمهم وأحسن الله لهم وحفظ الأحياء منهم

تقبلوا تحياتي
 
رد: حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء

إذا دعونا الله سبحانه وتعالى، وتضرعنا له بالدعاء، وذكرنا في الدعاء أن يستجيب لنا سبحانه وتعالى بجاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك كما فعل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أصاب الجزيرة العربية قحط، فإنه دعا الله بجاه عم محمد صلى الله عليه وسلم العباس أن يفرج عن الأمة، فهل هذا جائز أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله.


التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمشروع، وإنما المشروع التوسل بأسماء الله وصفاته، كما قال الله سبحانه وتعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا[1]، يعني يسأل الله بأسمائه، كأن يقول الإنسان: اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم، بأنك الجواد الكريم، اغفر لي، ارحمني، اهدني سواء السبيل وغير ذلك.

لأن الدعاء عبادة وقربة عظيمة، كما قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[2]، وقال عز وجل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[3].

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك)) قالوا يا رسول الله: إذًا نكثر، قال: ((الله أكثر)).

فالمسلم إذا دعا وتضرع إلى الله سبحانه وتعالى فهو على خير عظيم؛ مأجور ومثاب، وقد تعجل دعوته وقد تؤجل لحكمة بالغة، وقد يصرف عنه من الشر ما هو أعظم من المسألة التي سأل.

لكن لا يتوسل إلى الله إلا بما شرع، من أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، أو بتوحيده سبحانه، كما في الحديث: ((اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد))، أو بأعمالك الصالحة، فتقول: يا ربي أسألك بإيماني بك وإيماني بنبيك محمد عليه الصلاة والسلام، اللهم إني أسألك بحبي لك، أو بحبي لنبيك محمد عليه الصلاة والسلام، أو اللهم إني أسألك ببري بوالدي، أو عفتي عما حرمت عليّ يا رب أو ما أشبه ذلك، فتسأله بأعمالك الصالحة التي يحبها وشرعها سبحانه وتعالى.

ولهذا لما دخل ثلاثة فيمن قبلنا غاراً للمبيت فيه وفي رواية أخرى بسبب المطر؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: إنها انحدرت عليهم صخرة من أعلى جبل سدت عليهم الغار لا يستطيعون دفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لن ينجيكم من هذه المصيبة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فدعوا الله سبحانه وتعالى.

فتوسل أحدهم بأنه كان باراً بوالديه، ودعا ربه أن يفرج عنهم الصخرة بسبب بره بوالديه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء.

ثم قال الثاني: إنه كان له ابنة عم يحبها كثيراً، وإنه أرادها عن نفسها فلم تجب، ولما ألمت بها حاجة شديدة، وجاءت إليه تطلب العون، فقال لها: إلا أن تمكنه من نفسها، فوافقت على ذلك بسبب حاجتها على أن يعطيها مائة وعشرين ديناراً، فلما جلس بين رجليها، قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فخاف من الله وقام وترك الفاحشة، وترك الذهب لها، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، لكن لا يستطيعون الخروج.

ثم توسل الآخر بأداء الأمانة، وأنه كان عنده أمانة لبعض الأجراء فنماها، وثمرها حتى اشترى منها إبلاً وبقراً وغنماً ورقيقاً، وكانت آصعاً من أرز أو من ذرة، ثم جاء الأجير يسأله حقه، فقال له: كل هذا من حقك، كل الذي ترى من حقك من إبل وغنم وبقر ورقيق، فقال له الأجير: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقال: إني لا أسخر بك، هو مالك، فأخذه كله، فقال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فانفرجت عنهم الصخرة وخرجوا. هذا بأسباب إيمانهم بالله وتوسلهم إليه بأعمالهم الصالحة.

فالوسيلة الشرعية: هي التوسل بأسماء الله وصفاته، أو بتوحيده والإخلاص له، أو بالأعمال الصالحات، هذه الوسيلة الشرعية التي جاءت بها النصوص.

أما التوسل بجاه فلان، أو بحق فلان، فهذا لم يأت به الشرع، ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى أنه غير مشروع فالواجب تركه، وأن يتوسل الإنسان بالوسائل الشرعية التي هي أسماء الله وصفاته، أو بتوحيده، أو بالأعمال الصالحات، هذه هي الوسائل الشرعية التي جاءت بها النصوص.

وأما ما فعله عمر رضي الله عنه، فهو لم يتوسل بجاه العباس، وإنما توسل بدعائه، قال رضي الله عنه لما خطب الناس يوم الاستسقاء، لما أصابتهم المجاعة والجدب الشديد والقحط صلى بالناس صلاة الاستسقاء، وخطب الناس، وقال: (اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا)، فيسقون.

وهكذا كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته يقولون: ادع لنا، فيقوم ويدعو لهم، ويخطب الناس يوم الجمعة ويدعو، ويقول: ((اللهم أغثنا اللهم أغثنا))، وهكذا في صلاة الاستسقاء يتوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وسؤاله الغوث.

وهكذا قال للعباس: يا عباس قم فادع ربنا، فقام العباس ودعا ورفع يديه ودعا الناس وأمنوا فسقاهم الله عز وجل على دعائهم فهو توسل بعم النبي صلى الله عليه وسلم؛ بدعائه، واستغاثته ربه عز وجل، وسؤاله سبحانه وتعالى بفضل العباس وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أفضل الصحابة، ومن خير الصحابة رضي الله عن الجميع.

فإذا توسل المسلمون بالصالحين من الحاضرين عندهم، بدعائهم، كأن يقول الإمام أو ولي الأمر: يا فلان قم ادع الله، من العلماء الطيبين، أو الأخيار الصالحين، أو من أهل بيت النبي الطيبين، وقالوا في الاستسقاء: يا فلان قم فادع الله لنا، كما قال عمر للعباس، هذا كله طيب.

أما التوسل بجاه فلان فهذا لا أصل له، ويجب تركه، وهو من البدع المنكرة، والله جل وعلا أعلم.

-----------------------------------------
[1] الأعراف: 180.

[2] غافر: 60.

[3] البقرة: 186.

المفتي : الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى نور على الدرب الجزء الأول
المصدر

بارك الله فيك
 
العودة
Top