بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد
سبحان الله وبحمده
* * * * * * * * * * *
السؤال:
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) آل عمران/91 . إذاً ماذا سوف يحدث ليأجوج ومأجوج ، حيث إنه مغلق عليهم بالسد من قَبْل الرسول ، ولم يسمعوا عن الإسلام ، لماذا سيكونون من الكافرين ؟ ، ولم يعطوا مهلة ليدرسوا الإسلام ، وكما أعلم أنهم يتناسلون ويتكاثرون ، وماذا عن ذرياتهم الذين لم يعلموا شيئاً عن الإسلام ؟
وأيضا ماذا عن نصارى ويهود الدول الأخرى ، فهناك أناس لا يعلمون ما هو الإسلام ، وكانوا يعتقدون أنه اسم أكلة من المأكولات ، أو نوع منتج من المنتجات ، ماذا عن هؤلاء إذا ماتوا ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن الله جل وعلا : لا يعذب أحداً من خلقه ، إلا بعد قيام الحجة عليه ؛ وذلك من تمام حكمته وكمال عدله سبحانه وتعالى .
قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء / 15 ، وقال تعالى : ( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) النساء / 165 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله " قوله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) ، ظاهر هذه الآية الكريمة أن الله جلَّ وعلا : لا يعذب أحداً من خلقه لا في الدنيا ولا في الآخرة ، حتى يبعث إليه رسولاً ، ينذره ويحذره ، فيعصى ذلك الرسول ، ويستمر على الكفر والمعصية بعد الإنذار والإعذار ، وقد أوضح جلَّ وعلا هذا المعنى في آيات كثيرة ..... " .
انتهى من " أضواء البيان " (3/65) .
وروى مسلم (218) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ : لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) .
قال النووي رحمه الله : " وَفِي مَفْهُومِهِ دَلَالَةٌ : عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ ، فَهُوَ مَعْذُورٌ وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُصُولِ : أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى من " شرح مسلم للنووي " .
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهنا أصل لا بد من بيانه : وهو أنه قد دلت النصوص على أن الله لا يعذب ، إلا من أرسل إليه رسولا تقوم به الحجة عليه ..... – ثم ذكر الأدلة - " انتهى من " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " (2/291) .
ثانياً :
من مات من غير المسلمين ممن لم تبلغه دعوة الإسلام ، فهذا حكمه في الآخرة : أنه يعامل معاملة أهل الفترة ، فيمتحن يوم القيامة ، فمن أطاع دخل الجنة ، ومن عصى دخل النار .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى " (2/145 - 146) : " المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط وهو : أن يكونوا قد بلغهم القرآن ، أو بيان معناه من دعاة الإسلام بلغة المدعوين ؛ لقول الله عز وجل : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) ، وقوله سبحانه : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) ، فمن بلغتهم الدعوة الإسلامية من غير المسلمين ، وأصر على كفره ، فهو من أهل النار ؛ لما تقدم من الآيتين ، ولقول النبي صلى لله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار ) خرجه مسلم في صحيحه ، والأدلة في هذا المعنى من الآيات والأحاديث كثيرة .
أما الذين لم تبلغهم الدعوة على وجه تقوم به الحجة عليهم ، فأمرهم إلى الله عز وجل ، والأصح من أقوال أهل العلم في ذلك : أنهم يمتحنون يوم القيامة ، فمن أطاع الأوامر : دخل الجنة ، ومن عصى : دخل النار ، وقد أوضح هذا المعنى الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره ، لقول الله عز وجل : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) ، والعلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه [ طريق الهجرتين ] في آخره تحت عنوان ( طبقات المكلفين ) ، فنرى لك مراجعة الكتابين لمزيد الفائدة " انتهى .
وللفائدة ينظر في جواب السؤال رقم : (98714) .
ثالثاً :
دلت النصوص الصحيحة الصريحة : على أن يأجوج ومأجوج من الكفار في الدنيا ، وأنهم كذلك من أصحاب النار في الآخرة ، ومن ذلك ما رواه البخاري (3099) ، ومسلم (327) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ ، قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ ، تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ... قالوا : يا رسول الله وَأَيُّنَا ذلك الواحد ؟ ، قال : ( أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا ، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا .... الحديث ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وهذا صريح أن يأجوج ومأجوج من بني آدم ، وأنهم يدخلون النار " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " .
ومما يدل على كفرهم وطغيانهم : إفسادهم في الأرض ، ومحاصرتهم لنبي الله عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين ، واعتقادهم : بغلبة وقهر من في السماء ، فقد روى مسلم (5228) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه - الطويل ، وفيه - : ( ... إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى : إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ ، فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ ، فَيَقُولُونَ : لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ ..... الحديث ) .
وروى الترمذي (3078) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وفيه : ( .... فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ فِي السَّمَاءِ ، فَتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً بِالدِّمَاءِ ، فَيَقُولُونَ : قَهَرْنَا مَنْ فِي الْأَرْضِ ، وَعَلَوْنَا مَنْ فِي السَّمَاءِ قَسْوَةً وَعُلُوًّا ) .
فدل ذلك على أنه قد بلغتهم الرسالة : أن الله في السماء ، وأنهم كفروا بربهم ، وعتوا عليه ، حتى راموا محاربته كفاحا !!
وكل ذلك : مما يدل على أنه بلغتهم رسالة من الله ، إما رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، على وجه لا نعلمه ، وإما رسالة غيره من الأنبياء الذين خلوا في الأمم من قبلنا ، لكنهم كفروا برسالة ربهم إليهم ، وعتوا عليه .
على أن البحث في مثل تلك التفاصيل : لا ينبني عليه عمل ، ولا ينفع الانشغال به في كبير شيء ، ما دام قد تأصل عند المسلم أن الله تعالى لا يعذب أحدا إلا بعد البلاغ المبين ، وقيام الحجة الرسالية ، وأن يأجوج ومأجوج موجودون حقيقة ، وأنهم خارجون في آخر الزمان ، وأنهم كفار بربهم ، وأنهم سيحاربون المؤمنين ، ومثل هذه الجملة كافية في حقهم جدا .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (158190) ، ورقم : (161083) ، ورقم : (3437) .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد
سبحان الله وبحمده
* * * * * * * * * * *
السؤال:
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) آل عمران/91 . إذاً ماذا سوف يحدث ليأجوج ومأجوج ، حيث إنه مغلق عليهم بالسد من قَبْل الرسول ، ولم يسمعوا عن الإسلام ، لماذا سيكونون من الكافرين ؟ ، ولم يعطوا مهلة ليدرسوا الإسلام ، وكما أعلم أنهم يتناسلون ويتكاثرون ، وماذا عن ذرياتهم الذين لم يعلموا شيئاً عن الإسلام ؟
وأيضا ماذا عن نصارى ويهود الدول الأخرى ، فهناك أناس لا يعلمون ما هو الإسلام ، وكانوا يعتقدون أنه اسم أكلة من المأكولات ، أو نوع منتج من المنتجات ، ماذا عن هؤلاء إذا ماتوا ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن الله جل وعلا : لا يعذب أحداً من خلقه ، إلا بعد قيام الحجة عليه ؛ وذلك من تمام حكمته وكمال عدله سبحانه وتعالى .
قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء / 15 ، وقال تعالى : ( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) النساء / 165 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله " قوله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) ، ظاهر هذه الآية الكريمة أن الله جلَّ وعلا : لا يعذب أحداً من خلقه لا في الدنيا ولا في الآخرة ، حتى يبعث إليه رسولاً ، ينذره ويحذره ، فيعصى ذلك الرسول ، ويستمر على الكفر والمعصية بعد الإنذار والإعذار ، وقد أوضح جلَّ وعلا هذا المعنى في آيات كثيرة ..... " .
انتهى من " أضواء البيان " (3/65) .
وروى مسلم (218) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ : لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) .
قال النووي رحمه الله : " وَفِي مَفْهُومِهِ دَلَالَةٌ : عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ ، فَهُوَ مَعْذُورٌ وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُصُولِ : أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى من " شرح مسلم للنووي " .
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهنا أصل لا بد من بيانه : وهو أنه قد دلت النصوص على أن الله لا يعذب ، إلا من أرسل إليه رسولا تقوم به الحجة عليه ..... – ثم ذكر الأدلة - " انتهى من " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " (2/291) .
ثانياً :
من مات من غير المسلمين ممن لم تبلغه دعوة الإسلام ، فهذا حكمه في الآخرة : أنه يعامل معاملة أهل الفترة ، فيمتحن يوم القيامة ، فمن أطاع دخل الجنة ، ومن عصى دخل النار .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى " (2/145 - 146) : " المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط وهو : أن يكونوا قد بلغهم القرآن ، أو بيان معناه من دعاة الإسلام بلغة المدعوين ؛ لقول الله عز وجل : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) ، وقوله سبحانه : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) ، فمن بلغتهم الدعوة الإسلامية من غير المسلمين ، وأصر على كفره ، فهو من أهل النار ؛ لما تقدم من الآيتين ، ولقول النبي صلى لله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار ) خرجه مسلم في صحيحه ، والأدلة في هذا المعنى من الآيات والأحاديث كثيرة .
أما الذين لم تبلغهم الدعوة على وجه تقوم به الحجة عليهم ، فأمرهم إلى الله عز وجل ، والأصح من أقوال أهل العلم في ذلك : أنهم يمتحنون يوم القيامة ، فمن أطاع الأوامر : دخل الجنة ، ومن عصى : دخل النار ، وقد أوضح هذا المعنى الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره ، لقول الله عز وجل : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) ، والعلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه [ طريق الهجرتين ] في آخره تحت عنوان ( طبقات المكلفين ) ، فنرى لك مراجعة الكتابين لمزيد الفائدة " انتهى .
وللفائدة ينظر في جواب السؤال رقم : (98714) .
ثالثاً :
دلت النصوص الصحيحة الصريحة : على أن يأجوج ومأجوج من الكفار في الدنيا ، وأنهم كذلك من أصحاب النار في الآخرة ، ومن ذلك ما رواه البخاري (3099) ، ومسلم (327) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ ، قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ ، تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ... قالوا : يا رسول الله وَأَيُّنَا ذلك الواحد ؟ ، قال : ( أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا ، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا .... الحديث ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وهذا صريح أن يأجوج ومأجوج من بني آدم ، وأنهم يدخلون النار " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " .
ومما يدل على كفرهم وطغيانهم : إفسادهم في الأرض ، ومحاصرتهم لنبي الله عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين ، واعتقادهم : بغلبة وقهر من في السماء ، فقد روى مسلم (5228) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه - الطويل ، وفيه - : ( ... إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى : إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ ، فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ ، فَيَقُولُونَ : لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ ..... الحديث ) .
وروى الترمذي (3078) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وفيه : ( .... فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ فِي السَّمَاءِ ، فَتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً بِالدِّمَاءِ ، فَيَقُولُونَ : قَهَرْنَا مَنْ فِي الْأَرْضِ ، وَعَلَوْنَا مَنْ فِي السَّمَاءِ قَسْوَةً وَعُلُوًّا ) .
فدل ذلك على أنه قد بلغتهم الرسالة : أن الله في السماء ، وأنهم كفروا بربهم ، وعتوا عليه ، حتى راموا محاربته كفاحا !!
وكل ذلك : مما يدل على أنه بلغتهم رسالة من الله ، إما رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، على وجه لا نعلمه ، وإما رسالة غيره من الأنبياء الذين خلوا في الأمم من قبلنا ، لكنهم كفروا برسالة ربهم إليهم ، وعتوا عليه .
على أن البحث في مثل تلك التفاصيل : لا ينبني عليه عمل ، ولا ينفع الانشغال به في كبير شيء ، ما دام قد تأصل عند المسلم أن الله تعالى لا يعذب أحدا إلا بعد البلاغ المبين ، وقيام الحجة الرسالية ، وأن يأجوج ومأجوج موجودون حقيقة ، وأنهم خارجون في آخر الزمان ، وأنهم كفار بربهم ، وأنهم سيحاربون المؤمنين ، ومثل هذه الجملة كافية في حقهم جدا .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (158190) ، ورقم : (161083) ، ورقم : (3437) .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب