بسم الله الرحمن الرحيم
زهير بن أبي سُلمى المزني (? - 13. هـ / 502 - 609 م) أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء في الجاهلية
هو: زهير بن أبي سُلمى ربيعة بن رياح بن قرط بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، المزني أو المزيني
ولد في بلاد غطفان بنواحي المدينة المنورة وكان يقيم في الحاجر (من ديار نجد) وهو من قبيلة مزينة وكان بنو عبد الله بن غطفان جيرانهم وكذلك بنوة مرة من غطفان. ومن غطفان تزوّج مرّتين. في الأولى تزوّج أم أوفى التي يذكرها في مطلع معلقته:
أمِن أمّ أَوفى دمنةٌ لمْ تكلّم*** بحوْمانَةِ الدرّاج فالمتثلّم
بعد طلاقه أم أوفى بسبب موت أولاده منها، اقترن زهير بكبشة بنت عمّار الغطفانية ورزق منها بولديه الشاعرين كعب وهو الصحابى الذى نظم قصيدة البردة الشهيرة التى القاها فى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وبجير.هو كذلك من اوائل من دخل الاسلام ولعلّ البارز في سيرة زهير وأخباره تأصّله في الشاعرية: فقد ورث الشعر عن أبيه وخاله وزوج أمه أوس بن حجر. ولزهير أختان هما الخنساء وسلمى وكانتا أيضاً شاعرتين. وأورث زهير شاعريته لابنيه كعب وبجير، والعديد من أحفاده وأبناء حفدته. فمن أحفاده وحفيده عقبة المضرب بن كعب بن زهير وسعيد الشاعران، ومن أبناء الحفدة الشعراء عمرو بن سعيد والعوّام ابنا عقبة المضرّب.
قيل كان ينظم القصيدة في شهر, ويهذبها في سنة، فكانت قصائده تسمى الحوليات.
كان عمر بن الخطاب شديد الإعجاب بزهير، أكد هذا ابن عباس إذ قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في أول غزوة غزاها فقال لي: أنشدني لشاعر الشعراء، قلت: "ومن هو يا أمير المؤمنين؟" قال: ابن أبي سُلمى، قلت: وبم صار كذلك؟ قال: لا يتبع حوشي الكلام ولا يعاظل في المنطق، ولا يقول إلا ما يعرف ولا يمتدح أحداً إلا بما فيه". وأيّد هذا الرأي كثرة بينهم عثمان بن عفان، وعبد الملك بن مروان، وآخرون .
واتفقوا على أنّ زهيراً صاحب "أمدح بيت، وأصدق بيت، وأبين بيت".
فالأمدح قوله:
تراهُ إذا ما جئْتَه مُتَهَلِّلا*** كأنَّك تُعطيه الذي أنتَ سائلُهْ
والأصدق قوله:
ومهما تكنْ عند امرئٍ من خليقةٍ**** وإنْ خَالَها تَخْفي على الناس تُعْلَمِ
وأما ما هو أبين فقوله يرسم حدود الحق:
فإنّ الحقّ مقطعُه ثلاثٌ ***يمينٌ أو نفارُ أو جلاءُ
لزهير ديوان شعر عني الأقدمون والمحدثون بشرحه. وأبرز الشّراح الأقدمين الأعلم الشنتمري. وفي طليعة من حقّق ديوان زهير حديثاً المستشرق لندبرغ في ليدن سنة 1881م. ويدور شعر الديوان في مجمله حول المدح والفخر ودور زهير في ظروف حرب السباق، وتتوّج الحكمة هذا الشعر بهالة من الوقار تعكس شخصية الشاعر الحكيم.
وقد اهتم المستشرقون الغربيون بشعراء المعلقات وأولوا اهتماماً خاصاً بالتعرف على حياتهم، فقد قالت ليدي آن بلنت وقال فلفريد شافن بلنت عن زهير بن أبي سلمى في كتاب لهما عن المعلقات السبع صدر في بداية القرن العشرين: شخصية زهير نقيض لإمرئ القيس وطرفة. كان امرؤ القيس وطرفة رجلين طائشين وحياتهما غير منضبطة، وماتا ميتة عنيفة في عز شبابهما. بينما عاش زهير حياة طويلة ونال احترام الجميع لحكمته وأخلاقه العالية ولم يكن بحاجة للآخرين.
والمتعارف عليه من أمر سيرته صدق طويته، وحسن معشره، ودماثة خلقه، وترفعه عن الصغائر، وأنه كان عفيف النفس، مؤمناً بيوم الحساب، يخاف لذلك عواقب الشرّ. ولعلّ هذه الأخلاق السامية هي التي طبعت شعره بطابع الحكمة والرصانة، فهو أحد الشعراء الذين نتلمس سريرتهم في شعرهم، ونرى في شعرهم ما انطوت عليه ذواتهم وحناياهم من السجايا والطبائع. وأكثر الباحثين يستمدّ من خبر زهير في مدح هرم بن سنان المري الغطفاني البيّنة التي تبرز بجلاء هذه الشخصية التي شرفتها السماحة والأنفة وزيّنها حبّ الحق والسّداد فقد درج زهير على مدح هرم بن سنان المري الغطفاني و الحارث بن عوف الذبياني الغطفاني لمأثرتهما في السعي إلى إصلاح ذات البين بين عبس وذبيان بعدحرب داحس والغبراء التي استمرّت طويلاً بينهما.
وكان هذان السيّدان من أشراف بني ذبيان قد أديا من مالهما الخاص ديّات القتلى من الفريقين، وقد بلغت بتقدير بعضهم ثلاثة آلاف بعير. قيل إن هرماً حلف بعد أن مدحه زهير أن لا يكف عن عطائه، فكان إذا سأله أعطاه، وإذا سلّم عليه أعطاه. وداخل زهير الاستحياء، وأبت نفسه أن يمعن في قبول هبات ممدوحه، فبات حين يراه في جمع من القوم يقول "عموا صباحاً غير هرم، وخيركم استثنيت".
ذكر أن ابن الخطاب قال لواحد من أولاد هرم: "أنشدني بعض مدح زهير أباك"، فأنشده، فقال الخليفة: "إنه كان ليحسن فيكم القول"، فقال: "ونحن والله كنّا نحسن له العطاء"، فقال عمر بن الخطاب: "قد ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم". حيث خلد هرم بن سنان بفضل مديح زهير الصادق ومنه قوله:
منْ يلقَ يوماً على عِلاّته هرماً ***يلقَ السماحةَ منه والنّدى خلقَا
نظم زهير معلقته لما آلت إليه حرب داحس والغبراء، وذلك في مديح الحارث بن عوف الذبياني الغطفاني وهرم بن سنان المري الغطفاني صانعي السلام.
بلغ نحوا من مئة عام. فقد استنتج المؤرخون من شعره الذي قاله في ظروف حرب داحس والغبراء أنه ولد في نحو السنة 530م[محل شك]. أما سنة وفاته فتراوحت بين سنة 611 [محل شك]و 627م [محل شك] أي قبل بعثة النبيّ بقليل من الزمن،
ومن قصائده
ألا ليت شعري: هل يرى الناسُ ما أرى*** من الأمْرِ أوْ يَبدو لهمْ ما بَدا لِيَا؟
بَدا ليَ أنَ النّاسَ تَفنى نُفُوسُهُمْ *** وأموالهمْ، ولا أرَى الدهرَ فانيا
وإنِّي متى أهبطْ من الأرضِ تلعة *** ً أجدْ أثراً قبلي جديداً وعافيا
أراني، إذا ما بتُّ بتُّ على هوًى*** فثمَّ إذا أصبحتُ أصبحتُ غاديا
إلى حُفْرَة ٍ أُهْدَى إليْها مُقِيمَة *** ٍ يَحُثّ إليها سائِقٌ من وَرَائِيا
كأني، وقد خلفتُ تسعينَ حجة *** ً، خلعتُ بها، عن منكبيَّ، ردائيا
بَدا ليَ أنّ اللَّهَ حَقٌّ فَزادَني *** إلى الحَقّ تَقوَى اللَّهِ ما كانَ بادِيَا
بدا ليَ أني لَستُ مُدْرِكَ مامَضَى *** ولا سابِقاً شَيْئاً إذا كان جائِيَا
وما إن أرى نفسي تقيها كريمتي *** وما إن تقي نفسي كريمة َ ماليا
ألا لا أرى على الحَوَادثِ باقِياً *** ولا خالِداً إلاّ الجِبالَ الرّواسِ
وقال ايضا
ولا تكثرُ على ذي الضغنِ عتباً *** وَلا ذِكْرَ التّجَرّم للذّنُوبِ
وَلا تَسْألْهُ عَمّا سَوْفَ يُبدي *** وَلا عَنْ عَيْبِهِ لكَ بالمَغيبِ
مَتى تَكُ في صَديقٍ أوْ عَدُوٍّ *** تُخَبّرْكَ الوُجُوهُ عنِ القلوبِ
وقال ايضا
سئمت تكاليف الحياة ومن يعـــــــــــش
ثمانين حولاً، لا أبالك، يســــــــــــــأم !
واعلم ما في اليوم، والأمس قبلـــــــــه
ولكنني عن علم ما في غد عمــــــــي !
رأيت المنايا خبط عشواء من تصـــــب
تمته، ومن تخطئ يعمِّر فيهــــــــــــرم !
ومن لا يصانع في أمور كثيــــــــــــــرة
يضرِّس بأنياب، ويوطأ بمنســــــــــــــم
ومن يجعل المعروف من دون عرضــــه
يفره، ومن لا يتق الشتم يشتــــــــــــــم
ومن يك ذا فضل، فيبخل بفضلــــــــــــه
على قومه، يستغن عنه ويذمــــــــــــــم
ومن يوف لا يذمم، ومن يهد قلبـــــــــه
إلى مطمئن البر لا يتجمجـــــــــــــــــــم
ومن ساب أسباب المنايا ينلنـــــــــــــه
وإن يرق أسباب السماء بسلــــــــــــــم
ومن يجعل المعروف في غير أهلــــــــه
يكن حمده ذماً عليه، وينــــــــــــــــــدم
ومن يعص أطراف الزجاج، فإنـــــــــــه
يطيع العوالي ركبت كل لهـــــــــــــــــدم
ومن لا يذد عن حوضه بســــلاحـــــــه
يهدم، ومن لا يظلم الناس يظلـــــــــــــم
ومن يغترب يحسب عدواً صديقــــــــــه
ومن لا يكرم نفسه لا يكـــــــــــــــــــرّم
ومهما تكن عند امرئ من خليقـــــــــــة
وإن خالها تخفي على الناس تعلــــــــــم
وكائن ترى من صامت لك معجـــــــــب
زيادته أو نقصه في التكلــــــــــــــــــــ م
لسان الفتى نصف ونصف فــــــــــؤاده
فلم يبقى إلا صورة اللحم والــــــــــــدم
زهير بن أبي سُلمى المزني (? - 13. هـ / 502 - 609 م) أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء في الجاهلية
هو: زهير بن أبي سُلمى ربيعة بن رياح بن قرط بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، المزني أو المزيني
ولد في بلاد غطفان بنواحي المدينة المنورة وكان يقيم في الحاجر (من ديار نجد) وهو من قبيلة مزينة وكان بنو عبد الله بن غطفان جيرانهم وكذلك بنوة مرة من غطفان. ومن غطفان تزوّج مرّتين. في الأولى تزوّج أم أوفى التي يذكرها في مطلع معلقته:
أمِن أمّ أَوفى دمنةٌ لمْ تكلّم*** بحوْمانَةِ الدرّاج فالمتثلّم
بعد طلاقه أم أوفى بسبب موت أولاده منها، اقترن زهير بكبشة بنت عمّار الغطفانية ورزق منها بولديه الشاعرين كعب وهو الصحابى الذى نظم قصيدة البردة الشهيرة التى القاها فى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وبجير.هو كذلك من اوائل من دخل الاسلام ولعلّ البارز في سيرة زهير وأخباره تأصّله في الشاعرية: فقد ورث الشعر عن أبيه وخاله وزوج أمه أوس بن حجر. ولزهير أختان هما الخنساء وسلمى وكانتا أيضاً شاعرتين. وأورث زهير شاعريته لابنيه كعب وبجير، والعديد من أحفاده وأبناء حفدته. فمن أحفاده وحفيده عقبة المضرب بن كعب بن زهير وسعيد الشاعران، ومن أبناء الحفدة الشعراء عمرو بن سعيد والعوّام ابنا عقبة المضرّب.
قيل كان ينظم القصيدة في شهر, ويهذبها في سنة، فكانت قصائده تسمى الحوليات.
كان عمر بن الخطاب شديد الإعجاب بزهير، أكد هذا ابن عباس إذ قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في أول غزوة غزاها فقال لي: أنشدني لشاعر الشعراء، قلت: "ومن هو يا أمير المؤمنين؟" قال: ابن أبي سُلمى، قلت: وبم صار كذلك؟ قال: لا يتبع حوشي الكلام ولا يعاظل في المنطق، ولا يقول إلا ما يعرف ولا يمتدح أحداً إلا بما فيه". وأيّد هذا الرأي كثرة بينهم عثمان بن عفان، وعبد الملك بن مروان، وآخرون .
واتفقوا على أنّ زهيراً صاحب "أمدح بيت، وأصدق بيت، وأبين بيت".
فالأمدح قوله:
تراهُ إذا ما جئْتَه مُتَهَلِّلا*** كأنَّك تُعطيه الذي أنتَ سائلُهْ
والأصدق قوله:
ومهما تكنْ عند امرئٍ من خليقةٍ**** وإنْ خَالَها تَخْفي على الناس تُعْلَمِ
وأما ما هو أبين فقوله يرسم حدود الحق:
فإنّ الحقّ مقطعُه ثلاثٌ ***يمينٌ أو نفارُ أو جلاءُ
لزهير ديوان شعر عني الأقدمون والمحدثون بشرحه. وأبرز الشّراح الأقدمين الأعلم الشنتمري. وفي طليعة من حقّق ديوان زهير حديثاً المستشرق لندبرغ في ليدن سنة 1881م. ويدور شعر الديوان في مجمله حول المدح والفخر ودور زهير في ظروف حرب السباق، وتتوّج الحكمة هذا الشعر بهالة من الوقار تعكس شخصية الشاعر الحكيم.
وقد اهتم المستشرقون الغربيون بشعراء المعلقات وأولوا اهتماماً خاصاً بالتعرف على حياتهم، فقد قالت ليدي آن بلنت وقال فلفريد شافن بلنت عن زهير بن أبي سلمى في كتاب لهما عن المعلقات السبع صدر في بداية القرن العشرين: شخصية زهير نقيض لإمرئ القيس وطرفة. كان امرؤ القيس وطرفة رجلين طائشين وحياتهما غير منضبطة، وماتا ميتة عنيفة في عز شبابهما. بينما عاش زهير حياة طويلة ونال احترام الجميع لحكمته وأخلاقه العالية ولم يكن بحاجة للآخرين.
والمتعارف عليه من أمر سيرته صدق طويته، وحسن معشره، ودماثة خلقه، وترفعه عن الصغائر، وأنه كان عفيف النفس، مؤمناً بيوم الحساب، يخاف لذلك عواقب الشرّ. ولعلّ هذه الأخلاق السامية هي التي طبعت شعره بطابع الحكمة والرصانة، فهو أحد الشعراء الذين نتلمس سريرتهم في شعرهم، ونرى في شعرهم ما انطوت عليه ذواتهم وحناياهم من السجايا والطبائع. وأكثر الباحثين يستمدّ من خبر زهير في مدح هرم بن سنان المري الغطفاني البيّنة التي تبرز بجلاء هذه الشخصية التي شرفتها السماحة والأنفة وزيّنها حبّ الحق والسّداد فقد درج زهير على مدح هرم بن سنان المري الغطفاني و الحارث بن عوف الذبياني الغطفاني لمأثرتهما في السعي إلى إصلاح ذات البين بين عبس وذبيان بعدحرب داحس والغبراء التي استمرّت طويلاً بينهما.
وكان هذان السيّدان من أشراف بني ذبيان قد أديا من مالهما الخاص ديّات القتلى من الفريقين، وقد بلغت بتقدير بعضهم ثلاثة آلاف بعير. قيل إن هرماً حلف بعد أن مدحه زهير أن لا يكف عن عطائه، فكان إذا سأله أعطاه، وإذا سلّم عليه أعطاه. وداخل زهير الاستحياء، وأبت نفسه أن يمعن في قبول هبات ممدوحه، فبات حين يراه في جمع من القوم يقول "عموا صباحاً غير هرم، وخيركم استثنيت".
ذكر أن ابن الخطاب قال لواحد من أولاد هرم: "أنشدني بعض مدح زهير أباك"، فأنشده، فقال الخليفة: "إنه كان ليحسن فيكم القول"، فقال: "ونحن والله كنّا نحسن له العطاء"، فقال عمر بن الخطاب: "قد ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم". حيث خلد هرم بن سنان بفضل مديح زهير الصادق ومنه قوله:
منْ يلقَ يوماً على عِلاّته هرماً ***يلقَ السماحةَ منه والنّدى خلقَا
نظم زهير معلقته لما آلت إليه حرب داحس والغبراء، وذلك في مديح الحارث بن عوف الذبياني الغطفاني وهرم بن سنان المري الغطفاني صانعي السلام.
بلغ نحوا من مئة عام. فقد استنتج المؤرخون من شعره الذي قاله في ظروف حرب داحس والغبراء أنه ولد في نحو السنة 530م[محل شك]. أما سنة وفاته فتراوحت بين سنة 611 [محل شك]و 627م [محل شك] أي قبل بعثة النبيّ بقليل من الزمن،
ومن قصائده
ألا ليت شعري: هل يرى الناسُ ما أرى*** من الأمْرِ أوْ يَبدو لهمْ ما بَدا لِيَا؟
بَدا ليَ أنَ النّاسَ تَفنى نُفُوسُهُمْ *** وأموالهمْ، ولا أرَى الدهرَ فانيا
وإنِّي متى أهبطْ من الأرضِ تلعة *** ً أجدْ أثراً قبلي جديداً وعافيا
أراني، إذا ما بتُّ بتُّ على هوًى*** فثمَّ إذا أصبحتُ أصبحتُ غاديا
إلى حُفْرَة ٍ أُهْدَى إليْها مُقِيمَة *** ٍ يَحُثّ إليها سائِقٌ من وَرَائِيا
كأني، وقد خلفتُ تسعينَ حجة *** ً، خلعتُ بها، عن منكبيَّ، ردائيا
بَدا ليَ أنّ اللَّهَ حَقٌّ فَزادَني *** إلى الحَقّ تَقوَى اللَّهِ ما كانَ بادِيَا
بدا ليَ أني لَستُ مُدْرِكَ مامَضَى *** ولا سابِقاً شَيْئاً إذا كان جائِيَا
وما إن أرى نفسي تقيها كريمتي *** وما إن تقي نفسي كريمة َ ماليا
ألا لا أرى على الحَوَادثِ باقِياً *** ولا خالِداً إلاّ الجِبالَ الرّواسِ
وقال ايضا
ولا تكثرُ على ذي الضغنِ عتباً *** وَلا ذِكْرَ التّجَرّم للذّنُوبِ
وَلا تَسْألْهُ عَمّا سَوْفَ يُبدي *** وَلا عَنْ عَيْبِهِ لكَ بالمَغيبِ
مَتى تَكُ في صَديقٍ أوْ عَدُوٍّ *** تُخَبّرْكَ الوُجُوهُ عنِ القلوبِ
وقال ايضا
سئمت تكاليف الحياة ومن يعـــــــــــش
ثمانين حولاً، لا أبالك، يســــــــــــــأم !
واعلم ما في اليوم، والأمس قبلـــــــــه
ولكنني عن علم ما في غد عمــــــــي !
رأيت المنايا خبط عشواء من تصـــــب
تمته، ومن تخطئ يعمِّر فيهــــــــــــرم !
ومن لا يصانع في أمور كثيــــــــــــــرة
يضرِّس بأنياب، ويوطأ بمنســــــــــــــم
ومن يجعل المعروف من دون عرضــــه
يفره، ومن لا يتق الشتم يشتــــــــــــــم
ومن يك ذا فضل، فيبخل بفضلــــــــــــه
على قومه، يستغن عنه ويذمــــــــــــــم
ومن يوف لا يذمم، ومن يهد قلبـــــــــه
إلى مطمئن البر لا يتجمجـــــــــــــــــــم
ومن ساب أسباب المنايا ينلنـــــــــــــه
وإن يرق أسباب السماء بسلــــــــــــــم
ومن يجعل المعروف في غير أهلــــــــه
يكن حمده ذماً عليه، وينــــــــــــــــــدم
ومن يعص أطراف الزجاج، فإنـــــــــــه
يطيع العوالي ركبت كل لهـــــــــــــــــدم
ومن لا يذد عن حوضه بســــلاحـــــــه
يهدم، ومن لا يظلم الناس يظلـــــــــــــم
ومن يغترب يحسب عدواً صديقــــــــــه
ومن لا يكرم نفسه لا يكـــــــــــــــــــرّم
ومهما تكن عند امرئ من خليقـــــــــــة
وإن خالها تخفي على الناس تعلــــــــــم
وكائن ترى من صامت لك معجـــــــــب
زيادته أو نقصه في التكلــــــــــــــــــــ م
لسان الفتى نصف ونصف فــــــــــؤاده
فلم يبقى إلا صورة اللحم والــــــــــــدم