رواد منتدى اطفال الجزائر الاعزاء ، في المرة السابقة تكلمنا بايجاز عن مؤسسات التنشئة الاجتماعية للطفل و اليوم سنتكلم عن اهم مؤسسة في التنشئة الاجتماعية الا و هي الاسرة.
مرحلة الطفولة المبكرة وتنشئة الطفل الاجتماعية .
الطفل رجل المستقبل : عندما نقول "طفل" نقول تلقائيا "رجل الغد" ، من هنا يأتي المثل السائد : داخل كل طفل يوجد رجل مستقبل ؛ ومعنى هذا أن الطفولة تقتضي عناية خاصة وحماية قانونية زائدة إن أردنا فعلا أن نكوِّن نساءً ورجالا صالحين ؛ فحسن تكوين وتربية الطفل ليست قضية الطفل المعني فحسب وإنما قضية المجتمع الذي سينصهر فيه ، و قضية الأمة بكاملها.
لذلك فكل الطاقات الفاعلة ملزمة بأن تسهم في توفير الجو الملائم لحسن تربية وتكوين النشء وتهييئه لمواجهة الحياة
والطفولة هي مرحلة مهمة - بلا شك- ؛ إذ إنها المرحلة الأساسية في بناء شخصية الفرد، من فترة الميلاد حتى البلوغ ، وتستخدم أحياناً لتشير إلى الفترة الزمنية المتوسطة ، بين مرحلة المهد ، ومرحلة المراهقة ، والتحديد بالمعنى الثاني يستثني فترة العامين الأولين من حياة الطفل ؛ وهي مرحلة المهد.
ويمكن تقسيم مرحلة الطفولة إلى فترتين متميزتي هما :
مرحلة الطفولة المبكرة : وهي من 2 إلى 5 سنوات ؛ وفيها يكتسب الطفل المهارات الأساسية مثل المشي واللغة بما يحقق قدراً كبيراً من الاعتماد على النفس .
مرحلة الطفولة المتأخرة : وهي من 6 إلى 12 سنة ، وتنتهي إلى بلوغ الطفل ودخوله في مرحلة مختلفة كثيراً عن سابقيها ؛ وهي مرحلة المراهقة.
وتترتب علاقة الطفل داخل أسرته على عوامل كثيرة ، من أهمها : الحاجات البيولوجية في المراحل الأولى من حياته ، وكلما تقدم في السن ظهرت أهمية حاجات أخرى مرتبطة بهذه الحاجات البيولوجية مثل : الاعتماد على النفس ، وأمتلاكه لطريقة التعامل مع الآخرين .
ويتفق جل العلماء – عموماً- على أهمية الأسرة في تنشئة الطفل ، والتي من خلالها يستطيع الحصول على أهم احتياجاته النفسية ؛ وهي الشعور بالحب والأمان ، وأنه مقبول ومرغوب فيه ، كما أهتم المختصون بالطب النفسي حديثاً بالعلاقة بين نوعية رعاية الوالدين بالطفل في سنواته الأولى ، ومستقبل صحته النفسية والعقلية ؛ فمن الضروري لذلك أن يمارس علاقة مستمرة مليئة بالدفء والألفة مع أمه تلك العلاقة التي تتحقق معها السعادة والرضى بين الطرفين بأن لها الأولوية ، أوهي الأساس لتشكيل الشخصية السليمة والعقل الصحيح .
وقد تعقدت الحياة الأسرية كثيراً فى هذه الأيام ، فقد تحدث العديد من المشاكل الأسرية ، والظروف القاسية التى تجعل أفراد الأسرة يعيشون تحت ضغوط كثيرة ، وهناك ايضاَ المشاكل التى تؤثر على الحياة الأساسية وكل هذا يؤثر بالطبع على الأطفال .
وهناك أيضاً الإساءة والإهمال لأطفال والتى قد تحدث مشكلات نفسية ، وعاطفية للأطفال ، وهذه المشكلات تستمر معهم فى حياتهم حتى عندما يكبرون ؛ ولذلك يجب على الأسرة حماية الأطفال من الإساءة .
نمو الضمير لدى الأطفال والتنشئة الاجتماعية :
تبدأ عملية نمو الضمير في السنة الثانية من عمر الطفل ، عندما يكتسب تحريم أفعال معينة (لا تقترب من الكتب) (لاتفتح الدولاب).. إلى آخر ذلك من التحريمات التي يتلقاها الطفل تدريجياً.. ومع تقدم السن لايقتصر الضمير على تلك الأوامر والنواهي البسيطة بل يتسع ليشمل معايير أكثر تعميماً ، ليشمل عما يجب وما لايجب ، فلا يكتفي الطفل بالعزوف عن ضرب أخيه الأصغر ، مثلا ، ولكن يتجاوز ذلك بأن يسلك تجاهه بطريقة (عطوفة) حانية (بشكل عام) وهكذا.....
ويعتمد هذا التعميم بالطبع على نمو القدرات المعرفية للطفل ، بمعنى أنه كلما أصبح الطفل قادراً على الفهم والاستيعاب بدرجة أكبر، فإن معايير سلوكه تصبح أكثر ميلا إلى تجاوز التحريمات البسيطة مثل (لاتضرب أخاك الأصغر) ويصبح الطفل أشد وعيا بالتطبيقات الأعم للمعايير والقيم الخلقية ، مدركاً مثلاً أن (معظم الكائنات الحية تستحق منا أن نعاملها برفق).
العوامل التى تساعد على نمو الضمير لدى الأطفال :
من الواضح إذن أن نمو الضمير عند الطفل يعتمد على معايير الآباء أنفسهم ، كما يعتمد على طبيعة العلاقة بين الطفل وأبويه ، وهنا يمكن أن نضيف بعض العوامل التي تساعد على نمو الضمير عند الطفل :
1 - أن يكون لدى الوالدين ضمير ومعايير خلقية ناضجة ومعقولة ليست متشددة أكثر من اللاز م أو جامدة أو قاسية.
2 - أن يكون تبني الطفل للمعايير (الوالدية) قائما على أساس عملية توحد إيجابية: حباً وليس خوفاً.
وضمن أهم العمليات التي يقوم بها الوالدان لتقويم السلوك الاجتماعي لطفلهما عملية الثواب والعقاب ، إضافة إلى عملية ملاحظة الكبار في سلوكهم تجاه الآخرين، والتي يكتسب من خلالها الطفل ، خلال سنوات تكوينه الأولى ، الملامح الأساسية لسلوكه الاجتماعي، بل ولشخصيته..
نمو شخصية الطفل من خلال التقليد:
يبدأ الطفل في تقليد أفعال الآخرين في نهاية السنة الأولى ، إلا أن التقليد عندئذ لايعتمد على الصور الذهنية بقدر مايعتمد على الملاحظة المباشرة للفعل ، كما يحدث عندما يضع الطفل الغلالة على وجهه ثم يدفعها تقليدا لما تفعله أمه أثناء ملاعبتها له بهذه الغلالة.
ولكن ما إن يصل الطفل إلى سن السنة والنصف أو السنتين، (عندما يكون بإمكانه تكوين صور ذهنية لما يقع حوله، والاحتفاظ بتلك الصور واسترجاعها) ، حتى تتسع دائرة الأفعال التي يمكن أن يقوم بتقليدها إلى أبعد حد ممكن ، فالأطفال في هذه المرحلة يقلدون كل شيء يقع تحت ملاحظتهم حتى جلوس الآباء واستخدامهم السيجار.
تفاعل الطفل مع أفراد الأسرة .
تلعب العلاقة بين الأطفال وأفراد العائلة دوراً كبيراً فى نمو وتطور هؤلاء الأطفال ، وطبيعة العلاقة بين الأخوة ايضاَ لها تأثير كبير على النمو والتطور لأن الأطفال تتعلم الكثير أثناء هذا التفاعل اليومى.
حيث يؤثر الأخوة فى بعضهم البعض بأكثر من طريقة ؛ فهم يلعبون دور أثناء اللعب ، ودور آخر كمدرسين ومعلمين ، ودورالحماة ، وهنا نجد أن علاقة الأخوة بعضهم ببعض تعلم الأطفال نظرية الآخذ والعطاء ، وهذه بعض أمثلة على التفاعل بين الأخوة ، وهى على النحو التالى :
الأخوة أثناء اللعب :
يلعب الأخوة دائماً معاً ، وهم عادتاَ ما يضعوا أهدافَا للعب ، ويتعاونون معاً ، كما أنهم يشيعون حد البهجة فى المنزل ، ودائماً ما يتذكر الأخ والأخت هذه المواقف عندما يكبرون .
الأخوة كمدرسين ومعلمين :
عادة ما يلعب الإخ الأكبر دور المعلم ؛ بينما يلعب الأخ الأصغر دور المتعلم المتحمس. فلأخ الأكبر كالمعلم يشرح ، ويعرف ، ويصغى ، ويعرض ، ويختار الأمثلة ؛ فمعظم الإخوة يظهروا اهتماماً لمحاولات أخواتهم ، فهم أيضاً يساعدوهم فى الوصول إلى هدفهم .
ترتيب ميلاد الطفل ونموه الاجتماعى :
يحدد إلى حد ما ترتيب الأطفال العمري بين أخوتهم ، وأدوارهم العمرية ، كما يحدد أيضاً شخصياتهم ، لكن الحقائق المتعلقة بترتيب ميلاد الأطفال لا يمكن تطبيقها على جميع الأطفال حيث أن ملامح الشخصية تعتمد أيضاً على جنس الأخوات الأصغر والأكبر ، وسلوك الآباء وثقافة العائلة ، كما إن الفجوات (الفترات الطويلة) الواسعة فى العمر بين الأطفال والأخ الأكبر تقلل من تأثير ما يترتب على ترتيب الميلاد .
إن ترتيب الميلاد قد لا يؤثر على نجاح الطفل فيما بعد . وذلك عندما يتجنب الوالدين هذا المأزق من خلال التركيز على الطفل ، وليس على مكانته فى العائلة ، فإن التعليقات التى تشير إلى ترتيب الميلاد لها تأثير سلبى عليه وبالتالى على تكوين شخصيته فى المستقبل الاعتماد على النفس ؛ ومثال على ذلك بعض العبارات التى قد يقولها الوالدين بصفة مستمرة بدون وعى بخطورة تلك ، وهذه العبارات مثل : "إنك مجرد طفلة" ، " أنك لا تستطيع عمل أى شئ " ،" أنت ليس لك أى رأى "، " أنت عليك تنفذ ما أقوله فقط بدون أى معارضة لأنك لاتعرف مصلحتك " ، وهناك تعليقات أخرى قد تسبب ضغط مثل : " أنت الأكبر فأن عليك أن تعرف أكثر وتتصرف أحسن".
يجب على الوالدين معاملة أطفالهم بطريقة عادلة ، وعدم التفرقة فى معاملتهم ، فالمعاملة غير العادلة تتضمن إظهار تفضيل لبعض الأطفال ، ونسيان المدح والثناء على الأطفال الآخرين ، كما أن تدليل الطفل الأصغر وتوقع الكثير من الطفل الأول( أو الطفل الوحيد ) يعد أيضاً معاملة غير عادلة ، كما يجب على الوالدين تشجيع وتحسين الصفات والسلوك الجيد فى أبنائهم ، وعليهم أيضاً مساعدتهم على تخطى الآثار السلبية لترتيب ميلادهم ؛ فإذا عامل الوالدين أطفالهم على أنهم كائن مستقل لديهم ميول ، ولهم أحتياجات ، فسوف يستطيع الأطفال أن يُنَمُوا شخصياتهم بشك مستقل وإيجابى.
أطفال الولادات المتعددة (التواءم) Children of multiple birth
قد يتساءل العديد من الناس ؛ هل يختلف أطفال الولادة المتعددة ( الأطفال التواءم ) عن الوليد المفرد (الأطفال الذين يولدون واحد فى كل مرة ) ؟ .. وبالفعل هم مختلفون فى نواحى عديدة ؛ فالأب والأم يواجهون ضِعف الاحتياجات التى يواجهونها فى حالة المولود الواحد ؛ فهم عادة يواجهون ضِعف أو ثلاث أضعاف من احتياجات ، ومهام ، ووقت ، وتكاليف .....، وغيرها من الأشياء ، لذا نجد الكثير من الأسر قد تشعر بأنها فى حاجة إلى مساعدة إضافية خاصة بعد الولادة مباشرة ، ويتفاع أطفال الولادة المتعددة مع العالم بشكل مختلف عن أطفال الولادة الواحدة ، هذا لأنهم قضوا فترة طويلة جنباً إلى جنب ، وذهبوا إلى نفس المراحل التعليمية فى المدرسة مع بعض ، كما أنهم قد يبدوا متشابهين ؛ ولهذه الأسباب نرى أن أطفال الولادة المتعددة قد يشاركوا فى بعض أقرب العلاقات الإنسانية ، كما أن علاقتهم ببعضهم قد تكون أكثر قرباً من كل واحد منهم وأبويه ، ولكن هؤلاء الأخوات لديهم مشاكل قليلة ، وتكمن مشكلتهم فى تكوين وتطوير هويتهم المنفصلة (أو شعورهم بأنهم شخص متميز) ، وأولئك الذين يعانون من معظم المشاكل هم الأطفال المتماثلون (التواءم) من نفس الجنس ، ولهم نفس الشكل .
وبالتالي ، فإن الأسرة هي بمثابة الوعاء الثقافي الأول الذي يشكل حياة الطفل بما فيها من علاقات ، وأنماط ثقافية تعبِّر عن الثقافة الأم .
في المرة القادمة بحول الله سنتحدث عن المشكلات التي تواجه التنشئة الاجتماعية.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرحلة الطفولة المبكرة وتنشئة الطفل الاجتماعية .
الطفل رجل المستقبل : عندما نقول "طفل" نقول تلقائيا "رجل الغد" ، من هنا يأتي المثل السائد : داخل كل طفل يوجد رجل مستقبل ؛ ومعنى هذا أن الطفولة تقتضي عناية خاصة وحماية قانونية زائدة إن أردنا فعلا أن نكوِّن نساءً ورجالا صالحين ؛ فحسن تكوين وتربية الطفل ليست قضية الطفل المعني فحسب وإنما قضية المجتمع الذي سينصهر فيه ، و قضية الأمة بكاملها.
لذلك فكل الطاقات الفاعلة ملزمة بأن تسهم في توفير الجو الملائم لحسن تربية وتكوين النشء وتهييئه لمواجهة الحياة
والطفولة هي مرحلة مهمة - بلا شك- ؛ إذ إنها المرحلة الأساسية في بناء شخصية الفرد، من فترة الميلاد حتى البلوغ ، وتستخدم أحياناً لتشير إلى الفترة الزمنية المتوسطة ، بين مرحلة المهد ، ومرحلة المراهقة ، والتحديد بالمعنى الثاني يستثني فترة العامين الأولين من حياة الطفل ؛ وهي مرحلة المهد.
ويمكن تقسيم مرحلة الطفولة إلى فترتين متميزتي هما :
مرحلة الطفولة المبكرة : وهي من 2 إلى 5 سنوات ؛ وفيها يكتسب الطفل المهارات الأساسية مثل المشي واللغة بما يحقق قدراً كبيراً من الاعتماد على النفس .
مرحلة الطفولة المتأخرة : وهي من 6 إلى 12 سنة ، وتنتهي إلى بلوغ الطفل ودخوله في مرحلة مختلفة كثيراً عن سابقيها ؛ وهي مرحلة المراهقة.
وتترتب علاقة الطفل داخل أسرته على عوامل كثيرة ، من أهمها : الحاجات البيولوجية في المراحل الأولى من حياته ، وكلما تقدم في السن ظهرت أهمية حاجات أخرى مرتبطة بهذه الحاجات البيولوجية مثل : الاعتماد على النفس ، وأمتلاكه لطريقة التعامل مع الآخرين .
ويتفق جل العلماء – عموماً- على أهمية الأسرة في تنشئة الطفل ، والتي من خلالها يستطيع الحصول على أهم احتياجاته النفسية ؛ وهي الشعور بالحب والأمان ، وأنه مقبول ومرغوب فيه ، كما أهتم المختصون بالطب النفسي حديثاً بالعلاقة بين نوعية رعاية الوالدين بالطفل في سنواته الأولى ، ومستقبل صحته النفسية والعقلية ؛ فمن الضروري لذلك أن يمارس علاقة مستمرة مليئة بالدفء والألفة مع أمه تلك العلاقة التي تتحقق معها السعادة والرضى بين الطرفين بأن لها الأولوية ، أوهي الأساس لتشكيل الشخصية السليمة والعقل الصحيح .
وقد تعقدت الحياة الأسرية كثيراً فى هذه الأيام ، فقد تحدث العديد من المشاكل الأسرية ، والظروف القاسية التى تجعل أفراد الأسرة يعيشون تحت ضغوط كثيرة ، وهناك ايضاَ المشاكل التى تؤثر على الحياة الأساسية وكل هذا يؤثر بالطبع على الأطفال .
وهناك أيضاً الإساءة والإهمال لأطفال والتى قد تحدث مشكلات نفسية ، وعاطفية للأطفال ، وهذه المشكلات تستمر معهم فى حياتهم حتى عندما يكبرون ؛ ولذلك يجب على الأسرة حماية الأطفال من الإساءة .
نمو الضمير لدى الأطفال والتنشئة الاجتماعية :
تبدأ عملية نمو الضمير في السنة الثانية من عمر الطفل ، عندما يكتسب تحريم أفعال معينة (لا تقترب من الكتب) (لاتفتح الدولاب).. إلى آخر ذلك من التحريمات التي يتلقاها الطفل تدريجياً.. ومع تقدم السن لايقتصر الضمير على تلك الأوامر والنواهي البسيطة بل يتسع ليشمل معايير أكثر تعميماً ، ليشمل عما يجب وما لايجب ، فلا يكتفي الطفل بالعزوف عن ضرب أخيه الأصغر ، مثلا ، ولكن يتجاوز ذلك بأن يسلك تجاهه بطريقة (عطوفة) حانية (بشكل عام) وهكذا.....
ويعتمد هذا التعميم بالطبع على نمو القدرات المعرفية للطفل ، بمعنى أنه كلما أصبح الطفل قادراً على الفهم والاستيعاب بدرجة أكبر، فإن معايير سلوكه تصبح أكثر ميلا إلى تجاوز التحريمات البسيطة مثل (لاتضرب أخاك الأصغر) ويصبح الطفل أشد وعيا بالتطبيقات الأعم للمعايير والقيم الخلقية ، مدركاً مثلاً أن (معظم الكائنات الحية تستحق منا أن نعاملها برفق).
العوامل التى تساعد على نمو الضمير لدى الأطفال :
من الواضح إذن أن نمو الضمير عند الطفل يعتمد على معايير الآباء أنفسهم ، كما يعتمد على طبيعة العلاقة بين الطفل وأبويه ، وهنا يمكن أن نضيف بعض العوامل التي تساعد على نمو الضمير عند الطفل :
1 - أن يكون لدى الوالدين ضمير ومعايير خلقية ناضجة ومعقولة ليست متشددة أكثر من اللاز م أو جامدة أو قاسية.
2 - أن يكون تبني الطفل للمعايير (الوالدية) قائما على أساس عملية توحد إيجابية: حباً وليس خوفاً.
وضمن أهم العمليات التي يقوم بها الوالدان لتقويم السلوك الاجتماعي لطفلهما عملية الثواب والعقاب ، إضافة إلى عملية ملاحظة الكبار في سلوكهم تجاه الآخرين، والتي يكتسب من خلالها الطفل ، خلال سنوات تكوينه الأولى ، الملامح الأساسية لسلوكه الاجتماعي، بل ولشخصيته..
نمو شخصية الطفل من خلال التقليد:
يبدأ الطفل في تقليد أفعال الآخرين في نهاية السنة الأولى ، إلا أن التقليد عندئذ لايعتمد على الصور الذهنية بقدر مايعتمد على الملاحظة المباشرة للفعل ، كما يحدث عندما يضع الطفل الغلالة على وجهه ثم يدفعها تقليدا لما تفعله أمه أثناء ملاعبتها له بهذه الغلالة.
ولكن ما إن يصل الطفل إلى سن السنة والنصف أو السنتين، (عندما يكون بإمكانه تكوين صور ذهنية لما يقع حوله، والاحتفاظ بتلك الصور واسترجاعها) ، حتى تتسع دائرة الأفعال التي يمكن أن يقوم بتقليدها إلى أبعد حد ممكن ، فالأطفال في هذه المرحلة يقلدون كل شيء يقع تحت ملاحظتهم حتى جلوس الآباء واستخدامهم السيجار.
تفاعل الطفل مع أفراد الأسرة .
تلعب العلاقة بين الأطفال وأفراد العائلة دوراً كبيراً فى نمو وتطور هؤلاء الأطفال ، وطبيعة العلاقة بين الأخوة ايضاَ لها تأثير كبير على النمو والتطور لأن الأطفال تتعلم الكثير أثناء هذا التفاعل اليومى.
حيث يؤثر الأخوة فى بعضهم البعض بأكثر من طريقة ؛ فهم يلعبون دور أثناء اللعب ، ودور آخر كمدرسين ومعلمين ، ودورالحماة ، وهنا نجد أن علاقة الأخوة بعضهم ببعض تعلم الأطفال نظرية الآخذ والعطاء ، وهذه بعض أمثلة على التفاعل بين الأخوة ، وهى على النحو التالى :
الأخوة أثناء اللعب :
يلعب الأخوة دائماً معاً ، وهم عادتاَ ما يضعوا أهدافَا للعب ، ويتعاونون معاً ، كما أنهم يشيعون حد البهجة فى المنزل ، ودائماً ما يتذكر الأخ والأخت هذه المواقف عندما يكبرون .
الأخوة كمدرسين ومعلمين :
عادة ما يلعب الإخ الأكبر دور المعلم ؛ بينما يلعب الأخ الأصغر دور المتعلم المتحمس. فلأخ الأكبر كالمعلم يشرح ، ويعرف ، ويصغى ، ويعرض ، ويختار الأمثلة ؛ فمعظم الإخوة يظهروا اهتماماً لمحاولات أخواتهم ، فهم أيضاً يساعدوهم فى الوصول إلى هدفهم .
ترتيب ميلاد الطفل ونموه الاجتماعى :
يحدد إلى حد ما ترتيب الأطفال العمري بين أخوتهم ، وأدوارهم العمرية ، كما يحدد أيضاً شخصياتهم ، لكن الحقائق المتعلقة بترتيب ميلاد الأطفال لا يمكن تطبيقها على جميع الأطفال حيث أن ملامح الشخصية تعتمد أيضاً على جنس الأخوات الأصغر والأكبر ، وسلوك الآباء وثقافة العائلة ، كما إن الفجوات (الفترات الطويلة) الواسعة فى العمر بين الأطفال والأخ الأكبر تقلل من تأثير ما يترتب على ترتيب الميلاد .
إن ترتيب الميلاد قد لا يؤثر على نجاح الطفل فيما بعد . وذلك عندما يتجنب الوالدين هذا المأزق من خلال التركيز على الطفل ، وليس على مكانته فى العائلة ، فإن التعليقات التى تشير إلى ترتيب الميلاد لها تأثير سلبى عليه وبالتالى على تكوين شخصيته فى المستقبل الاعتماد على النفس ؛ ومثال على ذلك بعض العبارات التى قد يقولها الوالدين بصفة مستمرة بدون وعى بخطورة تلك ، وهذه العبارات مثل : "إنك مجرد طفلة" ، " أنك لا تستطيع عمل أى شئ " ،" أنت ليس لك أى رأى "، " أنت عليك تنفذ ما أقوله فقط بدون أى معارضة لأنك لاتعرف مصلحتك " ، وهناك تعليقات أخرى قد تسبب ضغط مثل : " أنت الأكبر فأن عليك أن تعرف أكثر وتتصرف أحسن".
يجب على الوالدين معاملة أطفالهم بطريقة عادلة ، وعدم التفرقة فى معاملتهم ، فالمعاملة غير العادلة تتضمن إظهار تفضيل لبعض الأطفال ، ونسيان المدح والثناء على الأطفال الآخرين ، كما أن تدليل الطفل الأصغر وتوقع الكثير من الطفل الأول( أو الطفل الوحيد ) يعد أيضاً معاملة غير عادلة ، كما يجب على الوالدين تشجيع وتحسين الصفات والسلوك الجيد فى أبنائهم ، وعليهم أيضاً مساعدتهم على تخطى الآثار السلبية لترتيب ميلادهم ؛ فإذا عامل الوالدين أطفالهم على أنهم كائن مستقل لديهم ميول ، ولهم أحتياجات ، فسوف يستطيع الأطفال أن يُنَمُوا شخصياتهم بشك مستقل وإيجابى.
أطفال الولادات المتعددة (التواءم) Children of multiple birth
قد يتساءل العديد من الناس ؛ هل يختلف أطفال الولادة المتعددة ( الأطفال التواءم ) عن الوليد المفرد (الأطفال الذين يولدون واحد فى كل مرة ) ؟ .. وبالفعل هم مختلفون فى نواحى عديدة ؛ فالأب والأم يواجهون ضِعف الاحتياجات التى يواجهونها فى حالة المولود الواحد ؛ فهم عادة يواجهون ضِعف أو ثلاث أضعاف من احتياجات ، ومهام ، ووقت ، وتكاليف .....، وغيرها من الأشياء ، لذا نجد الكثير من الأسر قد تشعر بأنها فى حاجة إلى مساعدة إضافية خاصة بعد الولادة مباشرة ، ويتفاع أطفال الولادة المتعددة مع العالم بشكل مختلف عن أطفال الولادة الواحدة ، هذا لأنهم قضوا فترة طويلة جنباً إلى جنب ، وذهبوا إلى نفس المراحل التعليمية فى المدرسة مع بعض ، كما أنهم قد يبدوا متشابهين ؛ ولهذه الأسباب نرى أن أطفال الولادة المتعددة قد يشاركوا فى بعض أقرب العلاقات الإنسانية ، كما أن علاقتهم ببعضهم قد تكون أكثر قرباً من كل واحد منهم وأبويه ، ولكن هؤلاء الأخوات لديهم مشاكل قليلة ، وتكمن مشكلتهم فى تكوين وتطوير هويتهم المنفصلة (أو شعورهم بأنهم شخص متميز) ، وأولئك الذين يعانون من معظم المشاكل هم الأطفال المتماثلون (التواءم) من نفس الجنس ، ولهم نفس الشكل .
وبالتالي ، فإن الأسرة هي بمثابة الوعاء الثقافي الأول الذي يشكل حياة الطفل بما فيها من علاقات ، وأنماط ثقافية تعبِّر عن الثقافة الأم .
في المرة القادمة بحول الله سنتحدث عن المشكلات التي تواجه التنشئة الاجتماعية.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
آخر تعديل: