
-الباسط:
(القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، المانع، المعطي، الضار، النافـــع)
قال رحمه الله تعالى : " القابض الباسط، الخافض الرافع، المعز المذل، المانع المعطي، الضار النافع".
"هذه الأسماء الكريمة من الأسماء المتقابلات التي لا ينبغي أن يُثنى على الله بها إلاّ كلّ واحد مع الآخر لأن الكمال المطلق من اجتماع الوصفين،
فهو القابض للأرزاق والأرواح والنفوس، والباسط للأرزاق، والرحمة، والقلوب،
وهو الرّافع للأقوام القائمين بالعلم والإيمان الخافض لأعدائه،
وهو المعزّ لأهل طاعته، وهذا عزّ حقيقي، فإن المطيع لله عزيز وإن كان فقيراً ليس له أعوان، المذلّ لأهل معصيته، وأعدائه ذلاً في الدنيا والآخرة فالعاصي وإن ظهر بمظاهر العز فقلبه حشوه الذل وإن لم يشعر به لانغماسه في الشّهوات
فإن العزّ كلّ العزّ بطاعة الله، والذلّ بمعصيته {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}(1) {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً}(2) {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}(3)وهو تعالى المانع المعطي فلا معطي لما منع ولا مانع لما أعطى(4) وهو تعالى النافع لمن شاء من عباده بالمنافع الدينية والدنيوية، الضّار لمن فعل الأسباب التي توجب ذلك(5).
وهذه الأمور كلّها تبع لعدله، وحكمته، وحمده، فإن له الحكمة في خفض من يخفضه، ويذلّه، ويحرمه، ولا حجة لأحد على الله، كما له الفضل الخفي على من رفعه وأعطاه ويبسط له الخيرات.
فعلى العبد أن يعترف بحكمة الله، كما عليه أن يعترف بفضله ويشكره بلسانه وجنانه وأركانه.
وكما أنه هو المنفرد بهذه الأمور كلّها جارية تحت أقداره، فإن الله جعل لرفعه وعطائه وإكرامه أسباباً، ولضدّ ذلك أسباباً من قام بها ترتبت عليه مسبباتها،
وكلّ ميسّر لما خلق له
أما أهل السّعادة فييسّرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشّقاوة فييسّرون لعمل أهل الشقاوة،
وهذا يوجب للعبد القيام بتوحيد الله، والاعتماد على ربّه في حصول ما يحبّ، ويجتهد في فعل الأسباب النافعة فإنها محل حكمة الله"(6).
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
1 الحج (18).
2 فاطر (10).
3 المنافقون (8).
4 الحق الواضح المبين (ص89).
5 توضيح الكافية الشافية (ص131).
6 الحق الواضح المبين (ص89 و90).
الباطن(1):
10- بديع السموات والأرض(2):
قال رحمه الله تعالى: "بديع السموات والأرض: أي خالقها على وجه قد أتقنهما، وأحسنهما على غير مثال سبق(3)، ومبدعها في غاية ما يكون من الحسن، والخلق البديع، والنظام العجيب المحكـــــم"(4).
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
(1) سبق الكلام على هذا الاسم مع اسم الله "الأول".
(2) هذا الاسم من أسماء الله المضافة، وقد تقدم في الدراسة أنها لا تدخل ضمن أسماء الله الحسنى.
(3) التفسير (1/130).
(4) التفسير (5/628).
00000000000000000000000000000000000000000
الــــبَرُّ: (البَرُّ ، الوهّاب، الكريم)(1)
قال رحمه الله تعالى: "من أسمائه تعالى: البَرُّ الوهّاب الكريم الذي شمل الكائنات بأسرها ببرّه، وهباته، وكرمه، فهو مولى الجميل، ودائم الإحسان، وواسع المواهب، وصفه البرّ وآثار هذا الوصف جميع النّعم الظّاهرة، والباطنة، فلا يستغني مخلوق عن إحسانه وبرّه طرفة عين، وتدل ّهذه الأسماء على سعة رحمته، ومواهبه التي عمّ بها جميع الوجود بحسب ما تقتضيه حكمته.
وإحسانه عام وخاص:
فالعام المذكور في قوله: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً}(2) و{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء}(3) {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}(4).
وهذا يشترك فيه البرّ ، والفاجر، وأهل السّماء، وأهل الأرض، والمكلّفون، وغيرهم.
والخاص: رحمته ونعمه على المتّقين حيث قال: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} الآية(5).
وقال: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}(6).
وفي دعاء سليمان: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}(7).
وهذه الرّحمة الخاصّة الّتي يطلبها الأنبياء وأتباعهم، تقتضي التّوفيق للإيمان والعلم والعمل وصلاح الأحوال كلّها، والسّعادة الأبدية، والفلاح، والنّجاح، وهي المقصود الأعظم لخواص الخلق(8)
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
(1) ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}(الطور: 28).
وقال تعالى: {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (النمل: 40).
وقال تعالى: { وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (آل عمران: 8).
(2) غافر (7).
(3) الأعراف (156).
(4) النحل (53).
(5) الأعراف (156).
(6) الأعراف (56).
(7) النمل (19).
(8)الحق الواضح المبين (ص82 و 83) والتفسير (5/621).