تيارت ولاية جزائرية، كانت تسمى في القديم باللغة البربرية تيهرت اي اللبؤة وكان لها عدة تسميات تاهرت ,تأقدمت، تاغزوت ,تنقارتيا... تقع تيارت في الشمال الغربي تسمى بعاصمة الهضاب للغرب. كما ينعتها المولعون بالخيل ب جنة الحصان الأصيل التي تترامى أطرافها بحظيرة "شاوشاوة" العملاقة الواقعة ب "عاصمة الرستميين" قديما، ولاية تيارت حاليا، التي تبعد عن الجزائر العاصمة حوالي
290 كلم إلى الشمال الغربي، حيث المغارة التي كتب فيها "عبد الرحمن بن خلدون" رائد علم الاجتماع الحديث جزءا من رائعته في فلسفة التاريخ "المقدمة" بقرية بني سلامة العتيقة.
كما توجد بها آثار عديدة بينها منطقة الأجدار التي تشبه لحد ما أهرامات مصر القديمة، غير أنها إلى الآن لا تحظى بالأهمية التي تستحقها، ولا العناية التي من شأنها ن تجعلها قبلة للسواح من كل مكان، كما يتمسك أهل تيارت بالتقاليد المتاصلة فيهم، من حيث اللباس (القشابية، العمامة والسروال العربي) خاصة عند المسنين منهم .
غير بعيد عن بلدية فرندة (30 كلم جنوب غرب تيارت) وعلى قمم جبال متوسطة العلو تحيط بها سهول خضراء على مد البصر تقبع القبور الملكية البربرية "الأجدار" شامخة ومزهوة بعبق التاريخ تصارع الزمن والطبيعة والإنسان الذي أهملها.
يعود تشييدها للقرون الأولى بعد الميلاد سيجد صعوبة في الوصول إليها لانعدام الإشارات وعزلة المكان ووعورة الطريق ورغم وجود 13 ضريحا إلا أن ثلاثة منها فقط بقيت محافظة على شكل الضريح فيما أن الأخرى فقد تهدمت ولم يبق منها إلا الحجارة المتجمعة فوق بعضها والجدران المنهارة ومن شكلها هذا سميت ب"الأجدار".
فبين "الأجدار" الثلاثة هذه مدفن ما يسمى ب"الكسكاس
وتتضارب المعلومات حول تاريخ بناء هذه المدافن وأصحابها ولكن أستاذ علم الآثار بجامعة ابن خلدون بتيارت يؤكد أنها تعود ل"ملوك المملكة المورية" التي كانت سائدة في ما بين القرنين ال5 وال7 ميلادي في منطقة الونشريس والتي امتدت حدودها إلى المغرب الأقصى وكانت في صراع مع الرومان.
ويبدو واضحا أن بناء الأضرحة تم وفق استراتيجية عسكرية توفرالمراقبة من مواقعها العالية وهي وإن بنيت ب"حجارة رومانية" إلا أن طريقة تشييدها تمت "وفق منظور بربري محلي يحمل تقليدا للنوميديين" يقول لبيب الذي يضيف أن هندستها هي "النموذج الحي والوحيد للعمارة المورية في كل شمال إفريقيا".
ولهذه المدافن أبواب في أعلاها أوفي جوانبها ولكن يصعب الدخول لها نظرا للعتمة الشديدة وعدم وجود الكهرباء وهذا ما يجبر الجميع على استعمال الهاتف النقال الذي يمكن أن يفوت على الزائرين الكثير من أسرارها. وكما في حالة "الكسكاس" الذي قاعدته مربعة وسقفه مخروطي فإن على الزائر تسلقه والدخول من باب له في الأعلى وهذا سيمكنه لمح مدفن ثاني في أعلى جبل مقابل مازال السكان المحليون يتخذونه وغيره من الأضرحة كنقاط استدلال.
تحتضن ولاية تيارت أو ما كانت تُعرف قديما ب»عاصمة الرستميين»، أكبر مركز لتربية الخيول في إفريقيا والوطن العربي، وهي حظيرة «شاوشاوى» العملاقة التي يحلو للمولوعين بها تلقيبها ب»جنة الحصان الأصيل»، وتعدّ تيارت أول منطقة عربية تزاوج بين تربية الخيول العربية الأصيلة والبربرية الأصيلة.
اشتهر قدماء السكان في عاصمة الرستميين بفروسيتهم، وهي موهبة تعمقت مع وصول العرب إليها واحتكاك الجزائريين بالفرس العربي، وظل السكان يتوارثونها أبا عن جد حتى يومنا هذا، حيث صارت الفروسية وركوب الخيل من مظاهر التباهي بشيم الفارس، ويظهر التفاخر والتباهي بقيمة الفروسية خاصة في الحفلات والأعراس،
وامتازت منطقة تيارت تحديدا بكونها «مهد الفروسية»، حيث شكلّت بخصوبة أراضيها موقعا ممتازا لتربية الخيول العربية الأصيلة والبربرية أيضا، ما دفع بأوائل المحتلين الفرنسيين لتأسيس حظيرة شاوشاوى في 23 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1877، ومنذ نشأتها قبل 132 عام وطواقمها تتفانى في بذل قصارى جهدها قصد تطوير سائر سلالات الخيول وحفظها من الانقراض.
وتملك حظيرة شاوشاوى قيمة تاريخية كبيرة، ما جعل السلطات تصنّفها ضمن المواقع الأثرية الجزائرية العام 1995، حينما قضى مرسوم تنفيذي لوزارة الحرب الفرنسية بإنشاء مركز لتربية الجياد أيام الاحتلال الفرنسي للجزائر (1830 – 1962)، ولعبت تلك الحظيرة بحسب الرواة والباحثين دورا مفصليا في الاعتناء بالجياد العربية الأصيلة وكذا البربرية، وشهد القرن ونيف من وجود الحظيرة، إحرازات وتجليات بالجملة.