سلسلة تفسير أسماء الله الحسنى-28-( تفسير اسم المُقيت،المهيمن،المؤمن، النور، الهادي ، الواسع، الوكيل)

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,286
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
المُقيت(1):

قال رحمه الله تعالى: "المُقيت الذي أوصل إلى كلّ موجود مابه يقتات وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء بحكمه وحمده"(2).

المهيمن(3):

قال رحمه الله: "المهيمن: المطّلع على خفايا الأمور، وخبايا الصّدور الذي أحاط بكلّ شيء علما"(4).

المؤمن(5):

قال رحمه الله تعالى: "المؤمن الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال، وبكمال الجلال والجمال، الذي أرسل رسله وأنزل كتبه بالآيات، والبراهين وصدق رسله بكل آية وبرهان، يدلّ على صدقهم وصحّة ماجاؤا به"(6).



7_180.gif



النُّور(7):

قال رحمه الله تعالى: "ومن أسمائه الحسنى النّور

فالنّور وصفه العظيم، وأسماؤه حسنى، وصفاته أكمل الصّفات له تعالى رحمة، وحمد، وحكمة، وهو نور السّماوات والأرض(8) الذي نوّر قلوب العارفين بمعرفته، والإيمان به ونوّر أفئدتهم بهدايته، وهو الذي أنار السّماوات والأرض بالأنوار التي وضعها.

وحجابه النّور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ماانتهى إليه بصره من خلقه(9). وبنوره استنارت جنّات النّعيم.

والنّور الذي هو وصفه من جملة نعوته العظيمة .

وأما النّور المخلوق فهو نوعان:

نور حسي كنور الشمس، والقمر، والكواكب، وسائر المخلوقات المدرك نورها بالأبصار.

والثاني نور معنوي، وهو نور المعرفة، والإيمان، والطّاعة فإنّ لها نورا في قلوب المؤمنين بحسب ما قام في قلوبهم من حقائق المعرفة مواجيد الإيمان، وحلاوة الطاعة، وسرور المحبة.

وهذا النّور هو الذي يمنع صاحبه من المعاصي ويجذبه إلى الخير ويدعوه إلى كمال الإخلاص لله، ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللّهمّ اجعل في قلبي نوراً وفي سمعي نوراً وفي بصري نوراً ومن بين يدي نوراً ومن خلفي نوراً وفوقي نوراً وتحتي نوراً اللّهمّ اعطني نورا وزدني نورا"(10).

وهذا النّور الذي يعطيه الله عبده أعظم منّة منها عليه وأصل الخير.

وهذا النّور مهما قوي فإنّه مخلوق، فإيّاك أن تضعف بصيرتك ويقلّ تمييزك وعلمك فتظنّ هذا النور نور العيان ومشاهدة القلب لنور الذات المقدسة، وإنّما هو نور المعرفة- والإيمان،

ويبتلى بهذا بعض الصّوفية الّذين ترد عليهم الواردة القويّة فيقع منهم من الشّطح، والخطل ما ينافي العلم، والإيمان كما أنّ كثيف الطبع جافي القلب قد تراكمت عليه الظّلمات، وتوالت عليه الغفلات فلم يكن له من هذا النّور حظ، ولا نصيب بل ربّما ازدرى من سفاهة عقله وقلّة وجده هذه الأحوال وزهد فيها،

فمتى منَّ الله على العبد بمعرفة صحيحة متلقاة من الكتاب، والسُّنّة، وتفقّه في أسماء الله، وصفاته، وتعبّد لله بها، واجتهد أن يحقّق مقام الإحسان فيعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه ولهج بذكر الله تعالى استنار قلبه، وحصل له من لذة المعرفة، ومواجيد الإيمان أعظم اللّذّات، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم(11).

والمؤمن إذا كمل إيمانه أنار الله قلبه فانكشفت له حقائق الأشياء، وحصل له فرقان يفرق به بين الحق، والباطل، وصار هذا النّور هو مادة حياة العبد، وقوّته على الخير علماً، وعملاً، وانكشفت عنه الشُّبهات القادمة في العلم واليقين، والشّهوات النّاشئة عن الغفلة والظلمة وكان قلبه نورا وكلامه نورا وعمله نورا والنور محيط به من جهاته.

والكافر أو المنافق أو المعارض أو المعرض الغافل كلّ هؤلاء يتخبّطون في الظّلمات كلّ له من الظلمة بحسب ما معه من موادها وأسبابها والله الموفّق وحده(12).



7_180.gif




الهادي(13):

قال رحمه الله تعالى: "الهادي أي الذي يهدي ويرشد عباده إلى جميع المنافع وإلى دفع المضار، ويعلمهم ما لا يعلمون ويهديهم بهداية التّوفيق والتّسديد ويلهمهم التّقوى ويجعل قلوبهم منيبة إليه منقادة لأمره"(14).


الواسع(15):

قال رحمه الله: "الواسع الصفات والنعوت ومتعلقاتها بحيث لا يحصى أحد ثناء عليه، بل هو كما اثنى على نفسه، واسع العظمة، والسّلطان، والملك، واسع الفضل، والإحسان عظيم الجود والكرم"(16).


الودود(17):

قال رحمه الله تعالى: "الودود هو المحبّ المحبوب بمعنى واد ومودود(18) فهو الّذي يحبّ أنبياءه ورسله وأتباعهم ويحبّونه فهو أحبّ إليهم من كلّ شيء قد امتلئت قلوبهم من محبّته، ولهجت ألسنتهم بالثّناء عليه، وانجذبت أفئدتهم إليه وداً واخلاصاً وإنابة من جميع الوجوه(19).

ولا تعادل محبّة الله من أصفيائه محبة أخرى، لا في أصلها ولا في كيفيتها ولا في متعلقاتها وهذا هو الفرض

والواجب أن تكون محبة الله في قلب العبد سابقة لكلّ محبة غالبة كلّ محبة ويتعيّن أن تكون بقية المحاب تبعاً لها.

ومحبّة الله هي روح الأعمال، وجميع العبودية الظّاهرة، والباطنة ناشئة عن محبة الله،

ومحبة العبد لربّه فضل من الله وإحسان، ليست بحول العبد، ولا قوّته فهو تعالى الذي أحبّ عبده فجعل المحبّة في قلبه ثمّ لمّا أحبّه العبد بتوفيقه جازاه الله بحبّ آخر، فهذا هو الإحسان المحض على الحقيقة، إذ منه السّبب ومنه المسبّب ليس المقصود منها المعارضة وإنّما ذلك محبّة منه تعالى للشّاكرين من عباده ولشكرهم،

فالمصلحة كلّها عائدة إلى العبد، فتبارك الذي جعل وأودع المحبّة في قلوب المؤمنين، ثم لم يزل ينمّيها ويقوّيها حتّى وصلت في قلوب الأصفياء إلى حالة تتضاءل عندها جميع المحاب، وتسلّيهم عن الأحباب وتهون عليهم المصائب وتلذذ لهم مشقّة الطّاعة، وتثمر لهم ما يشاءون من أصناف الكرامات التي أعلاها محبّة الله والفوز برضاه والأُنس بقربه،

فمحبّة العبد لربّه محفوفة بمحبّتين من ربّه:

محبّة قبلها صار بها محبًّا لربّه،

محبّة بعدها شكراً من الله على محبّة صار بها من أصفيائه المخلصين،

وأعظم سبب يكتسب به العبد محبّة ربّه التي هي أعظم المطالب، الإكثار من ذكره والثناء عليه وكثرة الإنابة إليه، وقوّة التوكيل عليه، والتّقرّب إليه بالفرائض والنّوافل، وتحقيق الإخلاص له في الأقوال والأفعال، ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}(20)"(21).


7_180.gif





الوكيل(22):

قال رحمه الله تعالى:"الوكيل: المتولّي لتدبير خلقه بعلمه وكمال قدرته وشمول حكمته والّذي تولّى أولياءه فيسّرهم لليسرى وجنّبهم العسرى وكفاهم الأمور.

فمن اتّخذه وكيلاً كفاه. {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}(23)"(24).

------


(1) ودليل هذا الاسم قال تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً} (النساء: 126).

(2) التفسير (5/625).

(3) ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ} (الحشر: 23).

(4) التفسير (5/624).

(5) ودليل هذا الاسم قال الله تعالى {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (الحشر: 23).

(6) التفسير (5/624).

(7) ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} (النور: 35).

(8) توضيح الكافية الشافية (ص125).

(9) التفسير (5/628).

(10) أخرجه مسلم (1/529) كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الدعاء في الصلاة وهو جزء =من حديث ابن عباس.

(11) توضيح الكافية الشافية (ص129- 130).

(12) الحق الواضح المبين (ص94-95).

(13) لم أقف على دليل يدل على اسميته لله تعالى وإنما ورد بلفظ الصفة كما قال تعالى:{وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} (الفرقان: 31).

(14) التفسير (5/631).

(15) ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 268).

(16) التفسير (5/631).

(17) ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} (البروج: 14).


(18) الحق الواضح المبين (ص69).

(19) التفسير (5/626).


(20) آل عمران (31).

(21) الحق الواضح المبين (69-70) وانظر: توضيح الكافية الشافية (ص124-125).


(22) ودليل هذا الاسم قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (الزمر: 62).

(23) البقرة (257).

(24) التفسير (5/626).

 
رد: سلسلة تفسير أسماء الله الحسنى-28-( تفسير اسم المُقيت،المهيمن،المؤمن، النور، الهادي ، الواسع، الو

بـــــــــــ الله فيك ـــــــارك جميل جدااا
 
رد: سلسلة تفسير أسماء الله الحسنى-28-( تفسير اسم المُقيت،المهيمن،المؤمن، النور، الهادي ، الواسع، الو

و فيك بارك الله أبا عبيدة.
 
رد: سلسلة تفسير أسماء الله الحسنى-28-( تفسير اسم المُقيت،المهيمن،المؤمن، النور، الهادي ، الواسع، الو

بارك الله فيك سيدى الفاضل
و جعل ماتقوم به فى ميزان حسانتك و جزاك الله الجنة
 
رد: سلسلة تفسير أسماء الله الحسنى-28-( تفسير اسم المُقيت،المهيمن،المؤمن، النور، الهادي ، الواسع، الو

و فيك بارك الله.
أحسن الله اليكم.
 
رد: سلسلة تفسير أسماء الله الحسنى-28-( تفسير اسم المُقيت،المهيمن،المؤمن، النور، الهادي ، الواسع، الو

بارك الله فيك اخي
مضوع فائدة واستفادة
 
رد: سلسلة تفسير أسماء الله الحسنى-28-( تفسير اسم المُقيت،المهيمن،المؤمن، النور، الهادي ، الواسع، الو

جعله الله في ميزان حسناتك
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top