فتاوى فقهية منوعة
( الحلقة الثانية )
لفضيلة الشيخ العلامة
ربيع بن هادي المدخلي
حفظه الله تعالى
السؤال : بعض الجنائز في بلادنا يكون في اتّباعها شيء من البدع كرفع الصوت بالذِّكر وكذا الأذان في القبر عند الدفن بأن يكون القائمون على دفنها من الصوفية وهم قلّة ولكنهم أهل عناد مع قيام النصيحة من أهل السنة للعوام من الناس فما حكم اتّباع مثل هذه الجنائز ؟
الجواب : إذا كنت تستطيع أن تغيِّر المنكر في الجنازة وغيرها فاذهب بقصد تغيير المنكر وتبصير الناس، وإن كنت تذهب فقط من أجل المجاملة وإرضاء الناس فخير لك أن تلزم بيتك .
السؤال : يقول السائل : ما حكم البيع والشراء من الإنترنت ؟
الجواب : البيع والشراء في كل شيء ؛يُشترط في بيع الذهب بالذهب والفضّة بالفضة: التماثل والتقابض فإذا خلت البيعة من هذين الأمرين أو أحدهما وقع المتبايعان في الربا كما قال صلى الله عليه وسلم : (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)(1)
فيُشترط في المتماثلات التماثل والتقابض، ويُشترط في غير المتماثلات التقابض ولا يشترط التماثل .
السؤال : ما حكم الجماعة الثانية في المسجد الذي تقام به الجماعة ؟
الجواب : إن كانت الجماعة الثانية تتعمد ألاّ تصلي وراء هذا الإمام، وتنشئ جماعة ثانية إظهارا للفرقة والفتن، فهذا حرام ولا يجوز، حتى لو كان إمام المسجد مبتدعا، تصلي وراءه مع جماعة المسلمين، ولا تنشئ جماعة أخرى .
أما إذا كنت حريصا على صلاة الجماعة -وفضلها ،والصلاة في الجماعة تعدل سبعة وعشرين صلاة من صلاة الفذّ - حرصت على هذه الفضيلة لكن فاتتك وفرغ الإمام من هذه الصلاة؛ الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، وجاء واحد وواحد وواحد فصلوا جماعة ؛إذا كانت فاتتهم بغير قصد منهم ولا بقصد إنشاء جماعة أخرى فليصلوا ولا مانع في ذلك . وراجعوا في هذا الموضوع تحفة الأحوذي .
والشيخ الألباني يحكي عن الشافعي رحم الله الجميع أنه لا يرى تعدد الجماعات إلا في مسجد على الطريق بعيد عن المدن والقرى، وأما في المدن والقرى فلا يرى تعدد الجماعات، سواء كانوا معذورين أو غير معذورين ! وناقشت الألباني في هذه المسألة وقلت له: يعني الرسول صلى الله عليه وسلم قال في واحد من الصحابة تأخر وفاتته الصلاة : (من يتصدق على هذا ) قال الشيخ الألباني رحمه الله : هذا في حقّ المتنفِّل ؛الثاني متنفل والأول مفترض ! على كل حال هذا رأيه، لكن الصواب أنه إذا ما قصد الفتنة ولم يقصد إنشاء جماعة ثانية وهو حريص على الصلاة مع الجماعة، ثم فاتته وفاتت هذا وهذا فصلوا جماعة فلا مانع .
السؤال : هل يُشترط لكل مسألة سلف ،نرجو التفصيل ؟
الجواب : نعم ،هذا الأصل في أمور الدين؛ أنه لابدّ من سلف ؛في أمور العقيدة وأمور المنهج لابدّ من سلف، وكلام الإمام أحمد رحمه الله في هذا مشهور: ( إيّاك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام ) .
فمسائل الدين فيها اتّباع وليس فيها اختراع ؛كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام .
لما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الفرق الهالكة وذكر الفرقة الناجية قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : ( ما أنا عليه وأصحابي ) (2 ) وقال صلى الله عليه وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ ) . وقال تعالى:{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (الشورى21 )
ومن هذا المنطلق حارب أئمة السلف كل أنواع البدع في العبادات وفي العقائد وفي المناهج .
السؤال : هل يجوز لزوجتي أن تكشف وجهها أمام والدي علما بأنه كافر ؟
الجواب : الكافر قد يكون أمينا وقد يكون داعرا؛ فإذا كان داعرا فاسدا مفسدا ويزني فهذا تحتجب عنه، وإذا كان شريفا عفيفا وكان كافرا فالظاهر أنها لا تحتجب عنه ،فالقرآن أباح للمرأة أن ترى زوجها وأباها وأبا زوجها وإخوانها وبني إخوانها وبني أخواتها ،فأبو زوجها محرم لها فإن كان لا يعتبر زانيا فلا يحول بينه وبينها ويراها .
ولا أذكر نصا أو قولا للعلماء أنه إن كان كافرا لا يجوز أن يراها ؛يعني يُقال في هذا مثلا : إذا كان ولد الزوج لا يؤمن على زوجة أبيه يعني فاسد وكذا فتحتجب منه ؛إذا كان يعني قريبا من محارمها وهو فاسد تحتجب عنه لأن هذا لا يفرق بين الحلال والحرام أما إذا كان مأمونا فلا .
السؤال : إذا جاء رجل يريد الزواج فهل يحكم عليه بالإيمان كما جاء في حديث الجارية ولا نسأله عن الصلاة ؟
الجواب : يعني الذي يتزوج تسأل عنه وتستشير ؛تسأل عن دينه ،عن خلقه حتى تعرف أنه على دين وخُلُق ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ،إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )(3 )
فهذه مسؤولية ؛أنت لما تتعامل في تجارة مع إنسان تهجم هكذا على الإنسان أو لا بد أن تسأل عن أمانته وصدقه ووفائه ؟ فلا بد أن تحتاط لمن أنت مسؤول عنها ( وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) كيف ستعيش إذا كان هذا فاجرا ولا يصلي ؟!! كيف ستعيش معه وهي ملتزمة ؟!! فلابد من السؤال والبحث حتى تعرف ماذا عند هذا الإنسان من أخلاق وما عنده من دين .
السؤال : هل الصلاة في مسجد هذا الحي بمائة ألف صلاة كالمسجد الحرام ؟ وما الدليل على ذلك ؟
الجواب : هذه المسألة فيها خلاف؛ من العلماء من يرجح أن هذه الفضيلة (مائة ألف صلاة) خاصة بمسجد الكعبة ،ومنهم من يرى أن الحرم كله هو المسجد الحرام وأن الصلاة في أي مسجد من المساجد في منطقة الحرم مثل الصلاة في المسجد الحرام وهذا فيه نظر وأنا لي فيه وقفة ؛إذ لو كان الحرم كله مسجدا كيف يباع ويشترى فيه ؟! كيف يباع في أراضيه وعقاراته ؟! كيف تقام فيه الأسواق وهو مسجد ؟! كيف يتم فيه الجماع والجنابة والبول والحيض إلى آخره ؟! فهذا مما يرجح والله أعلم أن هذه الفضيلة خاصة بهذا المسجد .
ناقشت مرة واحدا في هذه المسألة فقلت له : الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ) فلو إنسانا شد الرحال وجاء مكة فصلى في أي مسجد من مساجد مكة ومشى ولم يصلي في المسجد الحرام؛ مسجد الكعبة هل يصدق عليه أنه شد الرحال إلى المسجد الحرام ؟!! طبعا لا يصدق عليه .
فاحرصوا على الصلاة في المسجد الحرام لأنه أحوط وبالاتفاق لا تفوتك إن شاء الله فضيلة الصلاة إن أخلصت لله وأما هذه ماعدا المساجد الثلاث ففيها خلاف والراجح في نظري أن الخصوصية هذه خاصة بمسجد الكعبة .
السؤال : هل من السنة عند القيام من التشهد الأول أن يرفع يديه ويقول : الله أكبر وهو جالس ؟
الجواب : الأمر فيه سهل ؛الذي يترجح لك خذ به ،والحديث ليس فيه نصّ على أنه صلى الله عليه وسلم ما كبر إلا بعد أن استوى قائما ،فإن شئت كبِّر وأنت جالس وإن شئت كبر بعدما تستوي قائما أو عندما تنهض من التشهد .
لكن لا تتجادلوا في هذه الأشياء ؛الإمام أحمد قال لما سئل عن وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع إلى القيام فبعضهم يضع يديه وبعضهم لا يضع، قال : الأمر فيه سعة ،وإن كانت الأحاديث يعني واضحة في أن المراد بالقيام في قول الصحابي (فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ)( 4)
الظاهر لمن تتبع النصوص أنه يريد أنه يستوفي القيام يقوم كما في الرواية الأخرى (فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ) الفقار أين ؟ في الظهر معناه أنه يستوي ويعتدل كما في حديث المسيء صلاته (ثم ارفع حتى تعتدل قائما) فمراد الصحابي : (فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ) أي الفقرات والله أعلم ومراده بذلك الاعتدال ،لا يرفع رأسه من الركوع ثم يهوي ساجدا قبل أن يعتدل ؛هذا الظاهر ،لكن بعض العلماء يفهم من (فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ) يعني كان مكان اليدين ؛اليمين على الشمال هنا على الصدر أو ما حوله فيرى مشروعية وضع اليدين على الصدر في هذه الحال فقال الإمام أحمد رحمه الله : (إن الأمر فيه سعة ) فلا تتجادلوا ولا تختلفوا في مثل هذه الأشياء ولا يبدِّع بعضنا بعضا .
السؤال : ما حكم حج البدل على الغير ؟
الجواب : فيه شيء من الخلاف ؛هناك شيء يتفقون فيه وشيء يختلف فيه العلماء ،فالشيء المتفق عليه أن المرء يحج عن قريبه لأن الأسئلة كلها جاءت : مات أبي ولم يحج ،ماتت أمي ولم تحج ،أبي أدركته فريضة الحج وهو شيخ كبير ...الخ ؛يعني أسئلة عن الآباء والأمهات عن ابن عَبَّاسٍ ( أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : سمع رَجُلًا يقول لَبَّيْكَ عن شُبْرُمَةَ . قال : من شُبْرُمَةُ ؟ قال : أَخٌ لي أو قَرِيبٌ لي . قال : حَجَجْتَ عن نَفْسِكَ ؟ قال لَا . قال : حُجَّ عن نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عن شُبْرُمَةَ)(5 )
وبعضهم يقصر النيابة ويحصرها في أولي القربى ويمنع من الإيجار والإجارة صار ت تجارة عند كثير من الناس ! يأتي أناس يدجلون ويأخذون سبع أو ثماني حجج ! يعني باسم أنه يحج عن فلان ويأخذ من هذا ويأخذ من هذا ... وما أدري هل يحج عن أحد أو لا ؟! فحصل في هذه القضية شيء من التوسع .
شيخ الإسلام له رأي جيد في هذا ؛قال : إن كان هذا الذي يأخذ المال عنده رغبة في الحج لكن ليس عنده مال فله أن يأخذ هذا المال يستعين به على تحقيق قصده وغايته وينفع نفسه وينفع أخاه وإن كان قصده المال ؛ليس همه إلا أن يأخذ المال وليس همه أن يحج فهذا من أكل أموال الناس بالباطل !!
السؤال : رجل دخل مكة وأقام بها إلى الحج وأراد أن يحج فهل يخرج إلى الميقات أم يحرم من بيته ؟
الجواب : مادام جلس في مكة يحرم منها ؛الرسول عليه الصلاة والسلام أقام في مكة والذين تحللوا أمرهم بإنشاء الحج من مكة يوم التروية ،كثير منهم والرسول صلى الله عليه وسلم ألح عليهم حتى حولوا الحج إلى عمرة ؛فسخوا وبعد ذلك لما أهلوا أهلوا من داخل مكة وما خرجوا إلى الخارج لأنهم ليسوا مقيمين ،يعني يومين أو ثلاثة ثم مشوا ،ومع ذلك أهلوا من مكة ،والنبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن عباس : ( وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون منها ) متفق عليه.
السؤال : الذي عليه كفارة يمين هل يجوز له إخراجها قمحا أو أرزا أي طعاما غير مطبوخ وهل يجوز إعطاؤها للأقارب الذين يأكل عندهم أحيانا ؟
الجواب : نعم ؛الذي عليه كفارة له أن يخرجها من الحبوب، وإن شاء جمع لها عددا من الفقراء وأكلوا منها في مناسبة واحدة فله ذلك ،وله أن يعطيها أفرادا .
وأما الأقارب؛ فإن كان ممن ينفق عليهم وممن تلزمه نفقتهم فلا يجوز أن يجعلها فيهم، وإنما يجعلها في الفقراء والمساكين الذين لا تلزمه نفقتهم .
والكفارة بالمناسبة ؛كفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة أو صيام ثلاثة أيام، والصيام يكون في المرحلة الأخيرة إذا عجز عن الثلاثة الأولى التي خُيِّر بينها.
السؤال : أخت سلفية متزوجة مع شخص ليس سلفيا، فيمنعها من لباس الجلباب الشرعي ولا يريد أن يلتزم في منهجه وأن يترك لحيته ويريد العيش في بلاد الكفر ،فما نصيحتكم لهذه الأخت ؟
الجواب : نصيحتي لزوجها أن يتوب إلى الله عزّ وجلّ وأن يلتزم بدين الله الحقّ وأن يُلزم زوجته -بحكم أن له القوامة- يُلزمها بالتزام دين الإسلام الحقّ ،ومن ذلكم العقيدة الصحيحة والالتزام بالحشمة والحياء والحجاب.
وإنّ إلزامها بغير الحجاب يدلّ على خسّة ودناءة !
والإصرار على العيش في بلاد الكفر يعني رضاً بالذلّ والهوان في ديار الكفر !
وأنا أنصح كل المسلمين أن يخرجوا من هذه الذِّلة التي يعيشونها وهم في بلاد الكفر ،فإذا أصرّ هذا الرجل على انحرافه وعلى منعها من الحجاب، فأرى أنها تتركه وتتخلص منه وتعود إلى بلادها إن استطاعت ذلك، فإما أن يتوب فالحمد لله تبقى معه وإذا أصرّ على هذا الانحراف وعلى إجبارها على ترك الحجاب فإن لها الحقّ -في نظري- أن تخالعه وتطلب الخلع منه ولها الحقّ في ذلك .
السؤال : شخص نوى السفر لأداء فريضة الحج وبقي ستة أشهر وهو يقصر في الصلاة ولا يصلي الجمعة ،فهل هناك من الأئمة المتقدمين والمتأخرين من يقول بهذا القول أو الفعل وما هو دليلهم، وهل يجب الإنكار على هذا الشخص بأن يصلي الجمعة ويأتي بالصلاة كاملة أفيدونا جزاكم الله خيرا ؟
الجواب : يعيش في مدينة من مدن المسلمين وبالأخصّ مكة ثم لا يحضر جمعة ولا جماعة هذا لم يسبقه إليه أحد !!
القول بالقصر لمدة طويلة يقول به بعض العلماء وهو مذهب مرجوح؛ فإنّ الراجح من الأقوال أنه إذا أراد أن يقيم في بلد أكثر من ثلاثة أيام فعليه أن يشرع في إتمام الصلاة فهذا هو المذهب الصحيح وله أدلته.
وكان رجل يذهب هذا المذهب وربما أغرب؛ فيرى أن المسافر وإن صلى وراء المقيم فإنه يقصر ؛إذا قام الإمام في الرباعية من الثانية إلى الثالثة فهو يستمر في تشهده ويسلم ! وناقشته في هذا فقلت له : إنّ الوفود كانوا يأتون إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام من أنحاء الجزيرة فلا يقول لهم صلوا أنتم في بيوتكم واقصروا الصلاة لأن هذا واجبكم، وإنما كانوا يصلون في مسجده عليه الصلاة والسلام طوال إقامتهم ويواظبون على الجماعة فإذا أرادوا العودة إلى بلدهم قال لهم : ( ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلِّموهم ومروهم وصلوا كما رأيتموني أصلي )(6 ) فلو كان هذا مشروعا لبين لهم الرسول عليه الصلاة والسلام أنّ حكمهم القصر فقط ،فكونهم يصلون مع الجماعة ولا يبين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا في هذه الحال دليل على أن عليهم أن يصلّوا الجماعة مع المسلمين مع أن الرسول عليه الصلاة ما كان يترك الجماعة في سفر ولا حضر ولا خوف ولا أمن ؛في حالة مواجهة الأعداء يصلي الرسول بأصحابه جماعة ،وعلماء الإسلام يقولون بهذا ؛يصلون صلاة الخوف المعروفة ولها صور مدونة في كتب الحديث وكتب الفقه والسنة.
الشاهد : أن الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي بهم جماعة وفي أسفاره كلها لم يترك الجماعة ،فعلى المسلم يعني حتى في مدة الثلاثة أيام أن يصلي مع الجماعة ولا يتركها ويواظب على الجماعة وإن كان مسافرا ،فإذا غلبه النوم أو حصل له عذر فتخلف عن الجماعة بسبب هذا العذر، فصلى في المدة التي يجوز له القصر فيها ،إذا نوى الإقامة يومين أو ثلاثة أو قال والله لا أدري متى ينتهي غرضي وشغلي، فهذا له أن يقصر في هذا الوقت ،فهو يقول : اليوم أنتهي من عملي ،غدا أسافر ما يحصل اليوم الثاني ،اليوم الثالث ،الرابع ،الخامس ،العاشر ،كل يوم عنده أمل أنه يقضي غرضه ويمشي لكن ما ينتهي فهذا له أن يقصر مع المواظبة على الجماعة فإذا حصل له عذر وهو في هذه الحال يصلي الصلاة الرباعية قصرا ؛الظهر والعصر والعشاء يصليها قصرا حينما لا يستطيع أن يصلي مع جماعة المسلمين ،أما إذا أمكنه فعليه أن يصلي مع جماعة المسلمين .
السؤال : شخص منّ الله عليه بنعمة الاستقامة وهو يمارس كرة القدم وكما لا يخفى عليكم ما فيها من مخالفات شرعية ؟
الجواب : يقع في المخالفات ؟ يعني إذا حان وقت الصلاة لا يصلي ويلبس كما يلبس اليهود والنصارى عند لعبهم بالكرة وما شاكل ذلك ؟! عليه أن يترك هذا اللعب كذلك تقاضي المال على هذا اللعب قد تكون مبالغ هائلة فيأخذها مقابل هذا اللعب وليس مقابل شيء ينفع المسلمين !!
( ومن يتق الله يجعل له مخرجا من حيث لا يحتسب ) ؛إذا كان يلعب معهم لأجل المال يتركه ويرزقه الله من باب آخر .
السؤال : ما حكم الصلاة في مسجد الصوفية مع العلم أننا لو صلينا فيه اغتر بنا العوام وإذا لم نصل فيه سوف نترك صلاة الجماعة لأنه لا يوجد مسجد آخر قريب منا ؟
الجواب : هل في المسجد قبر ؟
إن كان في المسجد قبر فلا يصلي فيه وإن كان ليس فيه قبرا ولم يجد مسجدا لأهل السنة فعليه أن يصلي ويحذِّر العوام الذين قد يُخدعون بصلاته معهم من بدع هؤلاء ؛يعني قل له : صلّ واخرج لا تستمع لبدعهم ،والواجب أن يتعاون أهل السنة مع عوامهم ويبنون لأنفسهم مسجدا يصلون فيه الصلاة على غرار صلاة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ليس فيها بدع لا قبلها ولا بعدها ولا في خلالها ،فإن مساجد الصوفية ؛صلاتهم لا تخلو من البدع حتى في صلاتهم وفي أذانهم وفي إقامتهم ؛يعني توجد بدع ،فعلى أهل السنة أن يحرصوا على نقاء مذهبهم ومنهجهم وعبادتهم فإذا اضطر الإنسان للصلاة معهم فليصل لأن الصلاة تصح وراء البرّ والفاجر ؛مادام ظاهره الإسلام صلّ وراءه ولكن إذا كان هناك مندوحة عن التخلص من فتنهم وبدعهم فيجب أن نتخلص ببناء مساجد لأهل السنة يصلون فيها ويذكرون الله فيها ويتعلمون فيها وينشرون الخير والعلم فيها ،أظن أنهم لا يتمكنون من نشر الدعوة من مساجد الصوفية ،فالمساجد ضرورية لأهل السنة فليتكلفوا وليضحوا في الحفاظ على دينهم وعقيدتهم ومنهجهم .
السؤال : هل يجوز أداء الجماعة في المنزل مع سماع النداء أي في المسجد وحمل صلاة الجماعة في المسجد على الأفضلية لا الوجوب ؟
الجواب : الجماعة في المسجد ؛بعض الأئمة اعتبرها شرطا في صحة الصلاة ولا تصح الصلاة في البيت إلا لمعذور، وبعضهم يرى صلاة الجماعة من فروض الأعيان مع صحة الصلاة في البيت .
إذا كان معذورا يعذره الله إن شاء الله ويكتب له نيته ،وإذا كان غير معذور فعليه أن يؤدي الصلاة في المساجد مع المسلمين .
وحجة الجميع ما رواه أبو هريرة مرفوعا : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال وَالَّذِي نَفْسِي بيده لقد هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لها ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ الناس ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بيده لو يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أو مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ )( 7)
وما قاله ابن مسعود رضي الله عنه : ( .. لقد رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عن الصَّلَاةِ إلا مُنَافِقٌ قد عُلِمَ نِفَاقُهُ أو مَرِيضٌ إن كان الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بين رَجُلَيْنِ حتى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ )( 8) ؛يعني يعرفون نفاق هذا الرجل بتخلفه عن الجماعة عمدا .
صلاة الجماعة شعار من شعائر الإسلام ؛من أعظم شعائر الإسلام ،فلا يجوز للمسلم أن يتخلف عنها إلا لعذر ؛غلبه النوم ،مريض ،فإذا صلى في بيته وهو معذور فالحمد لله ويقبل الله منه ،لكن يتعمد ويصلي جماعة في البيت وهو يسمع النداء فلا ،إذا سمعت النداء فعليك أن تجيب؛ فعن ابن أم مكتوم أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا رسول الله إني رجل ضرير البصر شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ قال : هل تسمع النداء ؟ قال: نعم ،قال :لا أجد لك رخصة ) فالمسألة مهمة جدا .
فحافظوا على الصلاة جماعة في مساجد المسلمين ،لماذا المؤذن ينادي ؛لماذا يقول لك : حي على الصلاة ؟ يقول لك : تعال ،هلم ،أقبل .
السؤال : قال صلى الله عليه وسلم : ( من حافظ على الصلاة أربعين يوما كتبت له براءتان :براءة من النار وبراءة من النفاق ) ؟ أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
الجواب : الحديث هو : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان : براءة من النار وبراءة من النفاق )(9 )
نسأل الله أن يحققّ ذلك فينا جميعا ،وهذا أمر صعب يحتاج إلى مجاهدة للنفس وحرص شديد ،ولا يتأتى لنا ذلك إلا إذا بكّرنا في كل صلاة ؛لا يؤذن إلا وهو حول المسجد أو فيه ؛فهذا يتأتى له هذا إن شاء الله ،واحرصوا على هذا الخير .
السؤال : بعض أهل العلم قال : إن من فقه الخلاف أنه إذا نزل المرء على أهل بلد وهو مخالف لمذهبهم في مسألة من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف أن ينزل على رأيهم منعا للتلبيس على العامة ،فما مدى صحة هذا القول وجزاكم الله خيرا ؟
الجواب : يرى ابن تيمية رحمه الله أنّ من مصلحة الدعوة أنك تتنازل عن سنة ولا تتشدد فيها حتى تتجاوز مرحلة يمكن أن يقبلوا منك تطبيق هذه السنة - رحمه الله - .
وقد يضرب مثلا لهذا : أن الرسول عليه الصلاة والسلام ترك هدم الكعبة لأجل المصلحة ودرء المفسدة عليه الصلاة والسلام ؛هذا أمر مطلوب ومع ذلك لدفع المفاسد التي تترتب على هدمها وبنائها ؛يعني الرسول عليه الصلاة والسلام قال لعائشة : ( يا عَائِشَةُ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ وَجَعَلْتُ لها بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا وَزِدْتُ فيها سِتَّةَ أَذْرُعٍ من الْحِجْرِ فإن قُرَيْشًا اقْتَصَـرَتْهَا حَيْثُ بَنَتْ الْكَعْبَةَ )(10 )
ففقه الحديث أننا إذا رأينا عملا من السنن يترتب عليه مفسدة حتى لو كان واجبا ؛كالأمر بالمعروف ؛الأمر بالمعروف واجب وأصل من أصول الإسلام ؛إذا كان نهيك عن هذا المنكر يؤدي إلى مفسدة أعظم فلا يجوز لك أن تنكر لأنه يؤدي إلى مفسدة أعظم .
الشاهد : أن الدعوة تحتاج إلى حكمة وتحتاج إلى علم : { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ولهذا الله سبحانه وتعالى تدرج بالأمة في التشريع ؛ما حرم الخمر إلا في الأخير وتدرج في تحريمه ،وما حرم الربا إلا في الأخير ،فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية : الداعية إلى الله في بلد فاسد لا مانع أن يتدرج ؛يتدرج في الدعوة ،لا يأتي بالإسلام كله يصبّه على شعب منحرف .
لا تأتي إلى شعب رافضي ،شعب صوفي غال في القبورية ،وتطالبهم بالسنن وهم واقعون في الضلالات والشركيات ! ابدأ بالدعوة إلى التوحيد وإقامة الواجبات ،وإذا عندهم مخالفات في السنن ؛بعدما تقطع هذه المراحل ادخل في تعليمهم السنن .
السؤال : هل يُصلى خلف إمام مسجد يقنت في الفجر ويدعو ويرفع يديه ،وهل يُتابع ،وإذا صلوا صلاة الاستسقاء في المسجد هل نصلي معهم ؟
الجواب : إذا صلى الإمام وقنت فاقنت معه ،مخالفة الإمام للمأموم حتى لو يرى أن صلاة الإمام ليست بصحيحة في مذهبه ؛هي صحيحة في مذهب هذا الإمام ولكنها ليست صحيحة عندك ؛صلّ وراءه ،الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة وراءه وقال : ( يُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَإِنْ أخطؤوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ )( 11) فتصلّ وراءه .
كان السلف ؛يعني جاء الرشيد إلى الحج ونزل في المدينة واحتجم ،وسأل مالكا : احتجمت هل أصلي بدون وضوء ؟ قال :نعم صلّ ،فصلى بالناس ولم يتوضأ من الحجامة .
عند الأحناف الحجامة تنقض الوضوء ،فقيل لأبي يوسف : كيف صليت وراء الرشيد وهو احتجم ولم يتوضأ ؟ قال : سبحان الله ،أمير المؤمنين !
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام :أنك تصلي وراء الإمام إذا كنت تختلف أنت وإياه في قضية ؛ترى أن عنده باطل ،صلاته ليست صحيحة لكن هو عنده أصول وعنده أدلة ؛يرى أن صلاته صحيحة ،فصل ّوراءه ولو كنت لا ترى صحة صلاته فصلّ وراءه ،إلا إذا تأكدت أنه لم يتوضأ ؛قال لك : أنا لا أتوضأ وأصلي بدون وضوء ! فصلاته باطلة عندك وعنده .
السؤال : أنا أعمل في شركة السيارات وهذه الشركة تخص موظفيها بسيارات التقسيط تبيعهم بسعر النقد ،فهل لي أن آخذ سيارة لأعطيها أحد الإخوة المحتاجين من باب أن أنفع أخي ؟
الجواب : إذا سمحت لك الشركة ؛لأنها تعطيك هذه السيارة من أجل أنك أنت في خدمتها ،ما تعطيها لك لتتاجر فيها ،فإذا سمحت لك بالمتاجرة فلا بأس ،لها غرض معين هي؛ أن تشجعك على خدمتها وأنت تذهب تبيع ويمكن ما ترضى ،فإذا رضيت فلا بأس ،هذا الذي يظهر لي في الإجابة على هذا السؤال .
السؤال : ما صحة هذا القول : الصلاة إلى النار بحيث تكون سترة للمصلي لا بأس بها ما لم يصحبها اعتقاد فإنها باطلة، ودليله أن النبي عليه الصلاة والسلام عُرِضت عليه الجنة والنار وهو في صلاته ؟
الجواب : أنا لا أحفظ حديثا ينهى عن الصلاة إلى النار؛ لكن ورد في كلام الفقهاء( 12)
وقد يكون لهم حديث ضعيف ،أما أنا فلا أذكره الآن ،لكن مما أذكره من كلام العلماء أن فيه تشبها بعبدة النار، والرسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن التشبه بالكفار فقال : ( من تشبه بقوم فهو منهم )( 13)
فهذه العلّة جيدة، وإلا من النص فإنها ؛يعني الصلاة إلى النار تدخل في عموم هذا الحديث ،ما أعرف نصا يعني واضحا في هذا إلا إذا كان واحد يذكر هذا فليتفضل بارك الله فيكم . أما البطلان ،فلا نقدر أن نقول ببطلان الصلاة .
السائل : هنا حديث في البخاري رحمه الله؛ قال رحمه الله في صحيحه : ( باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به الله ) ثم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( عرضت علي النار وأنا أصلي ... )
الشيخ : هل يأخذ من هذا الأمر مشروعية جواز الصلاة إلى النار ؟!
الله هو الذي عرضها عليه؛ عرض عليه الجنة والنار ،هل هذا للتشريع وبيان حكم الله في هذه القضية ؟!
كما نعلم أنه إذا تعارض الحاظر والمبيح يقدم الحاظر كما في علم الأصول ،فالصلاة إلى النار تعمدا من غير اضطرار -وأنت تعلم أن هناك من يعبد النار ،الرسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن الصلاة عند طلوع الشمس ؛لماذا ؟ لأن الكفار يسجدون لها في هذا الوقت ،وهي تطلع بين قرني شيطان ،وعند الاستواء وبعد العصر ويشتد النهي عند تهيئها للغروب ؛لماذا ؟ لأن فيه تشبها بالكفار ،هناك تفاصيل كثيرة في النهي بالتشبه بالكفار؛ ( صلوا في نعالكم فإن اليهود لا يصلون في نعالهم ) ( صَلُّوا في نِعَالِكُمْ وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ )(14 )
فلا يُتشبه بهم ،نهانا عن حلق اللحى فلا نتشبه بهم ،يقول ابن تيمية : الدين مبني على مخالفة أعداء الله .
فالبخاري قد يتفقه رحمه الله وكلّ يؤخذ من قوله ويُردّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يصلي باختياره إلى النار .
السؤال : أيهما أقدم طلب العلم أم الزواج مع العلم أني لا أصبر عن الزواج ؟
الجواب : إذا استطعت أن تصبر وتتعلم فاصبر ؛يعني تعلموا قبل أن تسودوا كما قال عمر رضي الله عنه ،بعضهم قد يعوقه الزواج عن العلم؛ فإذا تزوج ترك العلم وراح يكد على نفسه .
إذا كان عنده سعة يجمع بين المصلحتين فطيب ،ما عنده ويرى أنه يذهب يفجر ويزني وكذا -فوالله- أن يتزوج ويصون نفسه ويعفّها أولى .
السؤال : ما حكم الصلاة في مسجد أهل البدع وكيف أصلي إذا ما وجدنا مسجدا لأهل السنة في هذه القرية ،وهل تصح الصلاة إذا صليت مع زوجتي في بيتي ؟
الجواب : لا ؛إذا كان يوجد مسجد صلّ فيه ولو مع أهل البدع،كان ابن عمر رضي الله عنه يصلي وراء نجدة الخارجي واستشهد بذلك البخاري .
والجماعة أمر عظيم لا تُتْرك لمثل هذا، ثم أهل البدع منهم المستور ،فإذا كان مستورا فأنت صلّ وراءه وإذا تبين لك أنه مبتدع بيِّن له الحق وإذا كانت بدعته كفرية وأصرّ عليها فلا تصلّ وراءه لأنه بعد قيام الحجة يكفر ؛يعني عنده بدعة مكفِّرة ،يدعو غير الله ويذبح لغير الله ويستغيث بغير الله ،يعطِّل الصفات ،عنده شيء من البدع المكفرة وناظرته وبينت له الحق من كلام الله وكلام رسوله وكلام السلف فأصر وعاند فحينئذ لا تصلّ وراءه ،أما وهو مستور وليس عنده هذه البدع المكفِّرة والضالة فصل وراءه .
السؤال : ما هو أفضل كتاب لطالب العلم المبتدئ في مادة الفقه ؟
الجواب : ما أقدر أقول: أفضل كتاب من كتب الفقه هو الكتاب الفلاني ،أفضل الكتب هو كتاب الله ويليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما كتب الفقه فما أقدر أقول أفضل كتاب ؛كل مذهب فيه فقه يعتز به ،لكن أستحسن من كتب الفقه مثل العدّة لابن قدامة وشرح العدّة لبهاء الدين المقدسي فإنه يأتي بالمسألة لا سيما الشارح ويأتي بدليلها في الغالب ،والدرر البهية للشوكاني .
السؤال : يقول السائل : مع قرب شهر رمضان المبارك يعيش المسلمون في بلاد الغرب جوا من البلبلة في دخول الشهر؛ وعندنا في فرنسا هيأة تمثل المسلمين أمام الحكومة الكافرة وقد خُوِّل لها إعلان يوم دخول رمضان ؛فهل المسلم ملزم بمتابعة هذه الهيأة أم يصوم مع أول رؤية وبارك الله فيكم ؟
الجواب : هذه المسألة اختلف فيها المسلمون ؛هل أهل كل بلد لهم مطلع خاص ولا يصومون إلا إذا رأوا الهلال ؟ أو لهم أن يتابعوا من سبقهم من المسلمين في البلدان الأخرى إلى رؤية الشهر ؟ فيها خلاف؛ ورد عن ابن عباس رضي الله عنه كما في صحيح مسلم أن أم الفضل ؛أم عبد الله بن عباس أرسلت مولاها كريبا إلى معاوية لحاجة فجاء الشام واستهل رمضان وهو بالشام ؛استهل يوم الجمعة فصام معاوية وأهل الشام برؤية الهلال حينما رأوه ،ثم سافر كريب من الشام إلى المدينة ولما ورد المدينة سأله ابن عباس : متى رأيتم الهلال ؟ قال : ليلة الجمعة ،قال : أما نحن فرأيناه ليلة السبت فلا نفطر حتى نرى الهلال ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته )(15 ) ولم يأخذ برؤية أهل الشام .
قام بجمع هذه المادة وعرضها على الشيخ ربيع -حفظه الله تعالى-
أخوكم فواز الجزائري
-غفر الله له ولوالديه ولسائر المسلمين- .
23/12/1427هـ
--------------------------------------------------------
- الهوامش :
(1) رواه مسلم برقم (1587) من حديث عبادة بن الصامت .
(2) رواه الترمذي برقم (2641) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
(3) رواه الترمذي برقم (1085) وقال : هذا حديث حسن غريب، وحسنه الألباني في الإرواء تحت رقم (1868) .
(4) قطعة من حديث أبي حميد الساعدي في وصف صفة صلاة النبي ؛ أخرجه البخاري برقم (794)
(5) أخرجه أبو داود في سننه برقم (1811) وابن ماجة برقم (2903) وغيرهما وصححه الألباني رحمه الله .
(6) أخرجه البخاري في الآذان حديث (631) وفي الأدب (6008) .
(7) أخرجه البخاري برقم (618) ومسلم (651) .
(8) أخرجه مسلم برقم (654) .
(9) رواه الترمذي وقال : هو موقوف على أنس . وحسنه الألباني بمجموع طرقه .
(10) أخرجه مسلم برقم (1333) .
(11) أخرجه البخاري برقم (662) من حديث أبي هريرة .
(12) قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في (المغني : 2/39 ) : " ويكره أن يصلي إلى نار قال أحمد : إذا كان التنور في قبلته لا يصلي إليه، وكره ابن سيرين ذلك، وقال أحمد في السراج والقنديل يكون في القبلة : أكرهه وأكره كل شيء حتى كانوا يكرهون أن يجعلوا شيئا في القبلة حتى المصحف، وإنما كره ذلك لأن النار تعبد من دون الله فالصلاة إليها تشبه الصلاة لها " .
(13) أخرجه أحمد (2/50) وأبو داود (4031) من حديث عبد الله بن عمر، وصححه الألباني رحمه الله .
(14) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ( 7/290) وصححه الألباني في صحيح الجامع (7238) .
(15) أخرجه البخاري برقم (1810) ومسلم (1081) .
المصدر ..موقع الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله