الحمد الذي بنعمته تتم الصالحات.
جزى الله كل خير أختنا المثابرة و الدءوبة في نصيحة إخوانها، و لا شك أن هذا ينمو عن حرص في الإصلاح و التغير من الأسوأ إلى الأحسن، عسى ذلك أن يكون سبيلا لإرضاء المولى عز و جل و ابتغاء ما عنده من مغفرته و هدايته و توفيقه، فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما أنفسهم، سنة قضاها الله لا تتغير و لا تتبدل.
ثم رسالة أوجهها إلى جميع إخواني الكرام و كذلك لا أستثني منها شقائق الرجال من النساء فهم سواء بسواء في الأحكام إلا ما استثناه الدليل فأقول:
إنه لا يليق بكل مسلم و مسلمة (يدينان لله بالتوحيد و تمام التسليم له و الانقياد) الاجتراء على حدوده و تعدي حرماته، فيضع أي منهما صورة تتنافى و حقيقة العبودية و الذل للعلي الأعلى الذي يعلم السر و أخفى، مثال ذلك صور النساء المتبرجات من كل كاسية عارية مائلة مميلة عن سواء السبيل، و كذلك شعارات الكفار و أوسمة أنديتهم الرياضية، نهيك عن عبارات العشق و الغرام و الهيام في الحرام و الذي يبلغ أحيانا مبالغ الضلال الذي إذا اعتقد صاحبه معناه وضعا له كتوقيع، صيَّره ممن أقام بناءه على شفى جرف هار، فيا أمة سلفها سطر أجمل الأمثلة في الالتزام و التضحية في نصرة الإسلام، أين مقامك من دينك و ما محلك من تدينك، أيليق بحفيد أبي بكر الصديق و عمر الفاروق و عثمان الحيي ذي النورين و عَليُ الأسد الصهور الذي أفزع الأبطال و شق صفوف جحافل الكفار، أيليق بمن كان هؤلاء و غيرهم سلفه أن يُسلم العنان للنفس و الهوى و الشيطان، ثم هل يليق بك أنت أيتها المسلمة الموحدة التي لطالما علقنا بك الأمل لتكوني أخت صالحة و زوجة طيبة و أم ناصحة أو ابنة وفية لا تغشى الخيانة و لا تبغي الخداع، أيليق بك يا حفيدة عائشة و حفصة و أم عمارة و الخنساء أن تعصي الله و رسوله و تخوني أماناتك وأنت تعلمين.
ولعلي قمت قومة تذكير و استنفار كبير ذلك لأن الأمر لا يتوقف عند مجرد الصور حتى ينتهي إلى ما هو إلى أشنع و أفظع، و هل بداية النار إلا من مستصغر الشرر، و كذلك الأمر هنا، يبدأ بصورة و توقيع مشينان يجلبان الشر و يؤديان مؤدى الطغيان، يزفان رسالة تعارف فرسائل تعلق، فرقم هاتف فتعلق عاصف، فموعد فلقاء فحرام ففضيحة و عار، و لطلما كنت أطالع تواقيع يشيب لها رأس الولدان، فمن قائلة أريد من يفهمني لأفضفض و أقر له عن ما بداخلي( نسيت المسكينة ربها و لجئت بحاجتها إلى مخلوق ضعيف مثلها ليكشر لها عن أنيابه متى تمكن منها)، إلى مسمية نفسها بأسماء تُعلق بها كل قلب ضعيف ، إلى واضعة صورة حسناء تحسبها هيْ هيَ من في الصورة، كما لا أنسى إخواني الذكور فلهم نصيب من كلامي خاصتا في المسميات، فمن صائد الحب إلى عازف الغرام إلى....، ماذا تريدون بعد هذا ، أتريدون عفة وطهارة، تريدون زكاء ونماء، تريدون هداية و صلاح، أنّ لكم ذلك و قد ركبتم و سلكتم سبل الشيطان و طغت النفس و فاض الشعور فصار هو القائد المطاع و الأمير الذي دانت له الجوراح فلا تمضي إلا حيث يرى و يبغي، فعلنا نراجع أنفسنا و نتوب إلى ربنا و بارينا، قبل حلول الأجل و انقطاع الأمل و ذهاب العمل، و يبدأ حينها الحساب، فاليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل، و ها هو الموضوع بين أيديكم ليرى الله مني و منكم خيرا، لا تخذلوا دينكم و أخلاقكم فتخذلوا أنفسكم و تخسروا حين يربح الناس و تحزنوا حين يفرح الناس، و يشهد الله أن النصح أردت و التذكير قصدت و كلي ذنوب و أخطاء لا تعفني من أن أقول ما قلت، عسى الله يأذن في توباتنا فنتوب و يغفر ما كان من سالف الذنوب.
أخوكم أضعف الخلق و أحوجهم إلى مولاه، أبو ليث ابن محمد الجزائري( كان الله له و لجميع إخوانه بمنه و كرمه).