التهنئة بدخول شهر رمضان
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، والصلاة والسلام على خير الأنام، أما بعد:
إن شهر رمضان شهر عظيم، قد عظمه الله تعالى واختاره لنزول القرآن الكريم، وهو موسم من أعظم مواسم الطاعة. فما حكم تهنئة المسلمين بعضهم ببعض بدخول هذا الشهر الكريم؟.
هناك بحث(1) مختصر حول (حكم التهنئة بدخول شهر رمضان)، حاول فيه صاحبه أن يجمع أطرافه، ويبين هذه المسألة. قال: وفي البداية قبل أن نذكر حكم المسألة لا بد من تأصيل موضوع (التهنئة).
فيقال: التهاني من حيث الأصل من باب العادات، والتي الأصل فيها الإباحة، حتى يأتي دليل يخصها، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر.
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن ابن سعدي-رحمه الله تعالى- في منظومة القواعد:
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، والصلاة والسلام على خير الأنام، أما بعد:
إن شهر رمضان شهر عظيم، قد عظمه الله تعالى واختاره لنزول القرآن الكريم، وهو موسم من أعظم مواسم الطاعة. فما حكم تهنئة المسلمين بعضهم ببعض بدخول هذا الشهر الكريم؟.
هناك بحث(1) مختصر حول (حكم التهنئة بدخول شهر رمضان)، حاول فيه صاحبه أن يجمع أطرافه، ويبين هذه المسألة. قال: وفي البداية قبل أن نذكر حكم المسألة لا بد من تأصيل موضوع (التهنئة).
فيقال: التهاني من حيث الأصل من باب العادات، والتي الأصل فيها الإباحة، حتى يأتي دليل يخصها، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر.
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن ابن سعدي-رحمه الله تعالى- في منظومة القواعد:
والأصلُ في عاداتنا الإبـاحةْ حتـى يجيءَ صارفُ الإباحةْ
وليس مشروعاً من الأمـور غير الذي في شرعنا مذكور (2)
ثم قال -رحمه الله-معلقاً على ذلك: "وهذان الأصلان العظيمان ذكرهما شيخ الإسلام-رحمه الله- في كتبه، وذكر أن الأصل الذي بنى عليه الإمام أحمد مذهبه: أن العادات الأصل فيها الإباحة، فلا يحرم منها إلاّ ما ورد تحريمه... إلى أن قال: فالعادات هي ما اعتاد الناس من المآكل والمشارب، وأصناف الملابس والذهاب والمجيء، وسائر التصرفات المعتادة، فلا يحرم منها إلاّ ما حرّمه الله ورسوله، إما نصّاً صريحاً، أو يدخل في عموم، أو قياسٍ صحيح، وإلاّ فسائر العادات حلال، والدليل على حلها قوله -تعالى-:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}البقرة: 29، فهذا يدل على أنه خلق لنا ما في الأرض جميعه لننتفع به على أيّ وجهٍ من وجوه الانتفاع) (3).
وإذا كانت التهاني من باب العادات، فلا ينكر منها إلاّ ما أنكره الشرع، ولذا مرّر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب، بل رغب في بعضها، وحرّم بعضها، كالسجود للتحية.
حكم التهنئة بدخول الشهر الكريم:
روى ابن خزيمة -رحمه الله-في صحيحه (3/191) عن سلمان (رضي الله عنه) قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر يومٍ من شعبان، فقال:
(أيها الناس، قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة،.... ) الحديث. قال ابن رجب (رحمه الله): (...هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضاً في شهر رمضان)(4) .
وإنما تأخر الاستدلال به على مسألتنا لأنه لم يثبت، بل هو حديث (منكر) كما قال الإمام أبو حاتم الرازي(5)، ولذا: بوّب عليه الإمام ابن خزيمة في صحيحه بقوله: (باب فضائل شهر رمضان، إن صحّ الخبر)(6).
وفي سنده (علي بن زيد بن جُدْعان) وهو (ضعيف)(7).
وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها، وفيها أربع روايات عن الإمام أحمد -رحمه الله-، ذكرها ابن مفلح -رحمه الله-في (الآداب الشرعية)، وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه(8). قال الإمام أحمد -رحمه الله-: ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد: تقبّل الله منا ومنك.
وقال حرب: سئل أحمد عن قول الناس: تقبل الله منا ومنكم ؟ قال: لا بأس، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة، قيل: وواثلة بن الأسقع، قال: نعم، قيل: فلا تكره أن يقال: (هذا يوم العيد)؟ قال: لا.... ) (9).
فيقال: إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسمٌ من أعظم مواسم الطاعات، وتنزل الرحمات، ومضاعفة الحسنات، والتجارة مع الله.. من باب أولى، والله أعلم.
تحقيق بعض العلماء في المسألة:
ومما يُستدَل به على جواز ذلك أيضاً: قصة كعب بن مالك -رضي الله عنه- الثابتة في الصحيحين من البشارة له ولصاحبه بتوبة الله عليهما، وقيام طلحة -رضي الله تعالى عنه- إليه.
قال ابن القيم -رحمه الله-ضمن سياقه لفوائد تلك القصة: "وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية، والقيام إليه إذا أقبل، ومصافحته، فهذه سنة مستحبة، وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية، وأن الأَوْلى أن يقال: يهنك بما أعطاك الله، وما منّ الله به عليك، ونحو هذا الكلام، فإن فيه تولية النعمة ربّها، والدعاء لمن نالها بالتهني بها"(10).
ولا ريب أن بلوغ شهر رمضان وإدراكه نعمةٌ دينية، فهي أولى وأحرى بأن يُهنّأ المسلم على بلوغها، كيف وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله (عز وجل) ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول ؟، ونحن نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر. وقال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: "ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة، أو يندفع من نقمة: بمشروعية سجود الشكر، والتعزية(11)، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك... "(12).
ونقل القليوبي عن ابن حجر أن التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام مندوبة. وقد ذكر الحافظ المنذري أن الحافظ أبي الحسن المقدسي سُئِل عن التهنئة في أوائل الشهور والسنين: أهو بدعة أم لا ؟، فأجاب: بأن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك، قال: والذي أراه أنه مباح، ليس بسنة ولا بدعة(13).
وإذا كانت التهاني من باب العادات، فلا ينكر منها إلاّ ما أنكره الشرع، ولذا مرّر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب، بل رغب في بعضها، وحرّم بعضها، كالسجود للتحية.
حكم التهنئة بدخول الشهر الكريم:
روى ابن خزيمة -رحمه الله-في صحيحه (3/191) عن سلمان (رضي الله عنه) قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر يومٍ من شعبان، فقال:
(أيها الناس، قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة،.... ) الحديث. قال ابن رجب (رحمه الله): (...هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضاً في شهر رمضان)(4) .
وإنما تأخر الاستدلال به على مسألتنا لأنه لم يثبت، بل هو حديث (منكر) كما قال الإمام أبو حاتم الرازي(5)، ولذا: بوّب عليه الإمام ابن خزيمة في صحيحه بقوله: (باب فضائل شهر رمضان، إن صحّ الخبر)(6).
وفي سنده (علي بن زيد بن جُدْعان) وهو (ضعيف)(7).
وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها، وفيها أربع روايات عن الإمام أحمد -رحمه الله-، ذكرها ابن مفلح -رحمه الله-في (الآداب الشرعية)، وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه(8). قال الإمام أحمد -رحمه الله-: ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد: تقبّل الله منا ومنك.
وقال حرب: سئل أحمد عن قول الناس: تقبل الله منا ومنكم ؟ قال: لا بأس، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة، قيل: وواثلة بن الأسقع، قال: نعم، قيل: فلا تكره أن يقال: (هذا يوم العيد)؟ قال: لا.... ) (9).
فيقال: إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسمٌ من أعظم مواسم الطاعات، وتنزل الرحمات، ومضاعفة الحسنات، والتجارة مع الله.. من باب أولى، والله أعلم.
تحقيق بعض العلماء في المسألة:
ومما يُستدَل به على جواز ذلك أيضاً: قصة كعب بن مالك -رضي الله عنه- الثابتة في الصحيحين من البشارة له ولصاحبه بتوبة الله عليهما، وقيام طلحة -رضي الله تعالى عنه- إليه.
قال ابن القيم -رحمه الله-ضمن سياقه لفوائد تلك القصة: "وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية، والقيام إليه إذا أقبل، ومصافحته، فهذه سنة مستحبة، وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية، وأن الأَوْلى أن يقال: يهنك بما أعطاك الله، وما منّ الله به عليك، ونحو هذا الكلام، فإن فيه تولية النعمة ربّها، والدعاء لمن نالها بالتهني بها"(10).
ولا ريب أن بلوغ شهر رمضان وإدراكه نعمةٌ دينية، فهي أولى وأحرى بأن يُهنّأ المسلم على بلوغها، كيف وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله (عز وجل) ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول ؟، ونحن نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر. وقال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: "ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة، أو يندفع من نقمة: بمشروعية سجود الشكر، والتعزية(11)، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك... "(12).
ونقل القليوبي عن ابن حجر أن التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام مندوبة. وقد ذكر الحافظ المنذري أن الحافظ أبي الحسن المقدسي سُئِل عن التهنئة في أوائل الشهور والسنين: أهو بدعة أم لا ؟، فأجاب: بأن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك، قال: والذي أراه أنه مباح، ليس بسنة ولا بدعة(13).
آخر تعديل: